← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48 - 49 - 50
هذا المزمور هو متطابق تقريبًا مع (2صم22). هي قصيدة انتصار، فيها يسبح داود الرب على كل أعمال مراحمه معه كل حياته بعد أن استراح من كل أعدائه. والفروق بين هذا المزمور وبين (2صم22) هي في بعض كلمات ليصير المزمور نشيدًا يستخدم في تسبيح الشعب لله ويكون من ضمن تسابيح الهيكل.
يمكن رؤية المزمور على أنه نبوة عن خلاص المسيح وهلاك إبليس (ورمزه شاول وجنوده) فالمسيح أتَى وحارب وغلب، وهو يقيم ملكوته خلال عالم متمرد بأسلحة الحب والإيمان ويحول مؤمنيه إلى ملوك روحيين (رؤ6:1). ونرى في المزمور مقاومة وهيجان الأعداء ثم الاستعانة بالله ونزول المسيح ليخلصنا ثم صعوده. ونرى الله ينقذ الإنسان ويقبل الأمم.
حين نسبح بكلمات هذا المزمور نسبح الله الذي خلصنا بصليبه ويعيننا في حروبنا الروحية في رحلة حياتنا ويخلصنا من كل ضيقة في هذا العالم، هو مزمور القوة والرجاء الذي لا يخزَى ونسمع في عنوان المزمور أن داود كلم الرب بكلام هذا النشيد. ففي يوم خلاصنا وفرحنا لا نذهب سوى لله نقدم له الشكر والتسبيح.
يُرجى الرجوع لتفسير الإصحاح 22 من سفر صموئيل الثاني فبه تفاصيل أكثر.
الآيات (1-6): "أُحِبُّكَ يَا رَبُّ، يَا قُوَّتِي. الرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي. إِلهِي صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي وَمَلْجَإِي. أَدْعُو الرَّبَّ الْحَمِيدَ، فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي. اِكْتَنَفَتْنِي حِبَالُ الْمَوْتِ، وَسُيُولُ الْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي. حِبَالُ الْهَاوِيَةِ حَاقَتْ بِي. أَشْرَاكُ الْمَوْتِ انْتَشَبَتْ بِي. فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ، وَإِلَى إِلهِي صَرَخْتُ، فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي، وَصُرَاخِي قُدَّامَهُ دَخَلَ أُذُنَيْهِ."
المرنم يبدأ بأن يذكر بأنه يحب الله لأنه قوته وأن الله هو الذي يسنده. لذلك هو في ضيقته لا يلجأ سوى لله. ولذلك نلاحظ تغير صفة الأفعال المستخدمة بين الماضي والحاضر، فالله الذي خلَّص هو الذي يخلص وسوف يخلص "يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد". اكتنفتني حبال الموت = الحبال تستخدم لتقسيم الأرض للميراث. فجميع من ماتوا قبل مجيء المسيح ذهبوا للجحيم، فالموت كان نصيب كل بني آدم= حبال الهاوية حاقت بي. وبهذا نجد أن أعدائنا هم إبليس والموت والجحيم. ولكن إلهنا قوي وقد خلصنا= قرن خلاصي= فالقرن علامة القوة. ولاحظ أنه يقول الله خلاصي ولم يقل خلصني، فالله خلاصه دائم وفي كل وقت. وكان نزول المسيح وصلبه وقيامته وصعوده هو خلاصنا من الموت والشيطان والخطية فنحن أعضاء جسده. فسمع من هيكله= الهيكل قد يكون خيمة الاجتماع أو السماء نفسها فالهيكل الأرضي رمز للهيكل السماوي. وقد يشير الهيكل لتجسد المسيح (يو21:2). وقد تأتي الاستجابة من هيكل الله أي من مسكنه داخل قلبي. فنحن هياكل لله والروح القدس يسكن فينا.
آية (7): "فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ، أُسُسُ الْجِبَالِ ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ لأَنَّهُ غَضِبَ."
داود صرخ بسبب مشكلة البشر وأن نهايتهم هي الموت. والله الذي يتضايق في كل ضيقتنا، وبكَى على قبر لعازر تألم بسبب آلامنا. وبسبب آلامنا كانت آلامه في تجسده وصليبه. ويوم الصليب كانت استجابة الرب لصراخ داود، وكل الأبرار الذين صرخوا مثل داود، فكان الموت يحجز كل من يموت قبل المسيح، وبعد الصلب تزلزلت الأرض وتفتحت القبور وخرجت أجساد بعض الموتى علامة على الانتصار النهائي وقيامة الموتى في نهاية الأيام. وكل من دخل في شركة مع الله تتزلزل أرضه (جسده) ويقوم من موت الخطية. ونلاحظ فصراخ داود كان من ظلم أعدائه، والأرض ترتج من غضب الله على الظلم الذي يقع على أولاده، ولكن الله يغضب أيضًا من الخطية ومن إبليس ومن يتبعه ومن أفعالهم. وكم هو مخيف الوقوع في يد الله الحي حينما يغضب.
آية (8): "صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ، وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ. جَمْرٌ اشْتَعَلَتْ مِنْهُ."
هذه الآية إشارة لغضب الله مما تسبب فيه خداع إبليس لآدم وحواء. وكان الصليب لدينونة إبليس والخطية. وكلمة الله أيضًا نار تأكل الخطية داخل قلوبنا وتلهب قلوبنا بنار الحب الإلهي. ولذلك حل الروح القدس على هيئة ألسنة نارية. جَمْرٌ اشْتَعَلَتْ مِنْهُ = من امتلأ بالروح صار كجمر مشتعل. وهنا أيضًا نرى صورة مخيفة لغضب الله = نار من فمه أكلت، إلهنا نار آكلة، لكنه لشعبه "سُورَ" من "نَارٍ" تحرق مَنْ يأتي على شعبه (زك2: 5) وألسنة نار تحل على شعبه فتلهبهم حبا لله وتحرق خطاياهم. ولكنه لأعداء شعبه هو نار تحرقهم كما حدث مع الجنود الخمسين الذين أتوا للقبض على إيليا (حدثت مرتين). ولكن شكرًا لله الذي في غضبه كان الفداء الذي أتى لنا بالسماء على الأرض بل حوَّلنا إلى سماء كما نرى في الآية القادمة، لذلك نصلي كما في السماء كذلك على الأرض. لقد أكمل الله كل بر بصليبه، لكن إذا استمر الإنسان غير خائف من الله يقع عليه كل هذا الغضب.
آية (9): "طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ، وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ."
هذه عن التجسد، فالمسيح تواضع. وطأطأ السموات ليلصقها بالأرض (أف6:2). وكان نزوله مخفيًا في تجسده كالضباب. طأطأ = أحنى. فالمسيح أتى بالسماء على الأرض ليعطينا إمكانية أن نحيا على الأرض حياة سماوية.
وكيف قارب بينهما؟ كان ذلك بأن نزل المسيح السماوي إلى الأرض، وهو أيضًا بعد تجسده ظل بيننا وإلى انقضاء الأيام (مت 28: 20) بل حياته صارت فينا، وأينما يوجد المسيح، فالمكان الذي فيه يتحول إلى سماء. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والضباب يشير لأنه أخفى بهاء لاهوته. وقد حدث شيء من هذا في ظهوره لموسى على الجبل ليخلص شعبه.
آية (10): "رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ، وَهَفَّ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيَاحِ."
كَرُوبٍ
= (تك24:3 + خر18:25-20 + مز4:68، 33 + 3:104 + حز1:10) كلمة "كاروب" تعني "ملء المعرفة". فحين نقول أن الله يجلس على الكاروبيم أي أنه يجد راحته فيهم لأنهم يعرفونه، وبالتالي يحبونه. وَطَار= هذه تشير لصعوده للسماء ولأن الله حينما يرتاح في أحد يحمله للسماء فيحيا حياة سماوية وهو بعد على الأرض. وَهَفَّ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيَاحِ = [حتى لا نكرر راجع التفسير في (2صم22: 10-11)]
آية (11): "جَعَلَ الظُّلْمَةَ سِتْرَهُ. حَوْلَهُ مِظَلَّتَهُ ضَبَابَ الْمِيَاهِ وَظَلاَمَ الْغَمَامِ."
لا نراه الآن بالعيان، فلقد حجبته سحابة عن أعين تلاميذه بعد صعوده للسماء، فالإنسان لا يستطيع أن يرى الله في مجده. ولذلك فدائما نجد أن السحاب يصاحب ظهور مجد الله.
حَوْلَهُ مِظَلَّتَهُ = كان الابن في تجسده مُخفيًا لاهوته في ناسوته (والجسد الإنساني يُشار له بالخيمة 2كو5: 1) وكما كان جسد المسيح = مظلته حول لاهوته، كانت كنيسته تحيط به، وكما كان تابوت العهد وسط شعبه في خيمة الاجتماع أو في الهيكل هكذا فالمسيح الآن في وسط كنيسته (رؤ 2: 1) يسكن فيها ولكنه غير مرئي بالنسبة للعالم. وكل من يقترب من المسيح يرتفع بأفكاره وإشتياقاته للسماء ويكون هذا غير مرئيًا لمن هم في العالم. هذا الغموض يشير لأننا مازلنا نحيا في عربون السماويات، فهناك سنراه كما هو (1يو2:3).
آية (12): "مِنَ الشُّعَاعِ قُدَّامَهُ عَبَرَتْ سُحُبُهُ. بَرَدٌ وَجَمْرُ نَارٍ."
أرسل الله روحه القدوس على شكل ألسنة نار. والسحب تشير للأنبياء والقديسين (عب1:12). وخرج من الأنبياء نبوات عن المسيح أضاءت المسكونة كالبرق الخارج من السحب. ولمن يقبل تكون هذه نورًا له، أما من يرفض الله، فالله له وسائله ليؤدبه، بل تكون كلماته هذه سبب تأديب، والتأديب يكون كما ببَرَد ونار (خر24:9، 25 + يش11:10). أما للقديسين فالبَرَدْ لتأديب وعقوبة أعدائهم والنار لتحرقهم (وهذا معنى آية 14 أيضًا) والبَرَد = ليس هو البَرْد cool إنما هو hail وهو كرات ثلجية تنهمر من السماء. بل وفي إنهمارها تتصادم فيخرج منها ألسنة لهيب حارقة (خر9: 24). مِنَ الشُّعَاعِ = المسيح نور من نور. كما أن الشعاع يولد من الشمس هكذا الابن مولود من الآب، وجاء لنا كنور يضيء لنا، ومن قَبِلَ المسيح وآمن به رأى هذا النور صار المسيح له مُخَلِّصا وتحول إلى القداسة = قُدَّامَهُ عَبَرَتْ سُحُبُ فالسحاب يشير للقديسين الذين صاروا في المسيح يعبرون من الموت للحياة، أما لمن رفض المسيح يكون له المسيح ديانا = قُدَّامَهُ.. بَرَدٌ وَجَمْرُ نَارٍ.
الآيات (13، 14): "أَرْعَدَ الرَّبُّ مِنَ السَّمَاوَاتِ، وَالْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ، بَرَدًا وَجَمْرَ نَارٍ. أَرْسَلَ سِهَامَهُ فَشَتَّتَهُمْ، وَبُرُوقًا كَثِيرَةً فَأَزْعَجَهُمْ،"
الله فعل كل شيء لنصير قديسين ويكون نصيبنا السماء. لكن الذي يرفض فهذه الآيات هي إعلان عن غضب الله على الشيطان ومن يترك المسيح تابعًا مشورات الشيطان. وغضب الله هنا يمثل على أنه رعد وبَرَدْ ونار وسهام لتشتت أعداء الله. أما من يسير مع الله فهو يسمع الرعد (صوت إنذارات ووعيد الله للخطاة) فيقدم توبة، هذا تكون له وعود الله = البروق (بُرُوقًا) التي تشير لوعود الله للتائب
فالبرق يعقبه مطر، والمطر يعتبر خير عظيم.
آية (15): "فَظَهَرَتْ أَعْمَاقُ الْمِيَاهِ، وَانْكَشَفَتْ أُسُسُ الْمَسْكُونَةِ مِنْ زَجْرِكَ يَا رَبُّ، مِنْ نَسْمَةِ رِيحِ أَنْفِكَ."
ظَهَرَتْ أَعْمَاقُ الْمِيَاهِ = ظهرت قوة الولادة الثانية من الماء والروح في المعمودية بعد حلول الروح على الكنيسة يوم الخمسين. وتشير الآية لما حدث مع موسى عند شق البحر فلقد ظهرت الأرض اليابسة بعد أن إنشق البحر [وكان عبور الشعب في البحر رمزًا للمعمودية (1 كو 10: 1، 2)]. وهكذا في كل ضيقة، الله قادر أن يشقها كما فعل مع موسى فعلًا بشق البحر أو مع داود حين شق تجاربه وأنهاها. وأكبر ضيقة تواجه البشر هي الموت، والبحار بمياهها تشير للموت، فنحن غير قادرين أن نحيا وسط المياه، فالله لكي ينقذ أولاده مستعد أن يشق المياه والأرض لتنكشف أساسات المسكونة، ويشق بحر الموت ليخرج حياة من الموت. وإذا فهمنا أن الكنيسة مبنية على أساس الكرازة بواسطة الرسل، فنفهم أن خلاصنا كان بكرازة الرسل وكانت كلماتهم هي الأساسات التي بنيت عليها الكنيسة. فهم أعلنوا لنا أسس وأسرار المسيح (أف20:2)، ومن الأسرار التي أعلنها المسيح، ثم أعلنها الرسل أن الله لم يخلقنا لنموت بل لنحيا حياة أبدية. الله كشف أن الأساس الذي تأسست عليه المسكونة هو عمق محبته للبشر الذين من أجلهم خلق المسكونة.
الآيات (16-18): "أَرْسَلَ مِنَ الْعُلَى فَأَخَذَنِي. نَشَلَنِي مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. أَنْقَذَنِي مِنْ عَدُوِّي الْقَوِيِّ، وَمِنْ مُبْغِضِيَّ لأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنِّي. أَصَابُونِي فِي يَوْمِ بَلِيَّتِي، وَكَانَ الرَّبُّ سَنَدِي."
المياه كادت أن تبتلعه (أعداؤه ومؤامراتهم). ولكن الله جاء وانتشله هذا ما قاله يونان وهو في جوف الحوت. (يون3:2-6). ومياه العالم التي ينتشلنا منها الله هي ضلالاته وأثامه وأفكاره. والعدو القوي هو إبليس الذي أصابنا في يوم بليتنا (18). ويوم بليتنا هو يوم سقطنا بسبب خداع إبليس فمتنا. نَشَلَنِي مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ = أنقذني من الموت.
الآيات (19-24): "أَخْرَجَنِي إِلَى الرُّحْبِ. خَلَّصَنِي لأَنَّهُ سُرَّ بِي. يُكَافِئُنِي الرَّبُّ حَسَبَ بِرِّي. حَسَبَ طَهَارَةِ يَدَيَّ يَرُدُّ لِي. لأَنِّي حَفِظْتُ طُرُقَ الرَّبِّ، وَلَمْ أَعْصِ إِلهِي. لأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ أَمَامِي، وَفَرَائِضَهُ لَمْ أُبْعِدْهَا عَنْ نَفْسِي. وَأَكُونُ كَامِلًا مَعَهُ وَأَتَحَفَّظُ مِنْ إِثْمِي. فَيَرُدُّ الرَّبُّ لِي كَبِرِّي، وَكَطَهَارَةِ يَدَيَّ أَمَامَ عَيْنَيْهِ."
أَخْرَجَنِي إِلَى الرُّحْبِ
خلصني من الضيقة التي كنت فيها. خَلَّصَنِي لأَنَّهُ سُرَّ بِي = قالوا هذا عن المسيح، ولم ينزله الله عن الصليب ليخلصنا فهو سُرَّ بنا وأحبنا. يُكَافِئُنِي الرَّبُّ حَسَبَ بِرِّي = برنا الحقيقي هو المسيح. ولكن علينا نحن أن نسلك بحسب وصاياه فيكافئنا. ومن ناحية داود خلصه الله فعلًا ونجاه، ذلك لأن داود سلك بحسب وصايا الله. وبالنسبة لداود كان كماله وبره نسبيًا، أما الكامل حقًا فهو المسيح وحده وفيه نوجد نحن كاملين إن ثبتنا فيه.
الآيات (25، 26): "مَعَ الرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيمًا. مَعَ الرَّجُلِ الْكَامِلِ تَكُونُ كَامِلًا. مَعَ الطَّاهِرِ تَكُونُ طَاهِرًا، وَمَعَ الأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِيًا."
الرَّحِيمِ
ينعم برحمة الله، أما القاسي فيُتْرَك لتصرفاته ويحرم نفسه من لطف الله (مثال لذلك... فرعون). وعوبديا النبي لخص هذه الآية بقوله: ما فعلته يفعل بك: "كَمَا فَعَلْتَ يُفْعَلُ بِكَ" (عو 15).ملتويا
= تعني أن الله يجعل طريق الأعوج كلها مسدودة ومعوجة ولا بركة فيها. والله من محبته لأولاده يجعل طريقهم ملتوية إذا هم إنحرفوا ليردهم إليه فيخلصوا (الإبن الضال ويونان كأمثلة). فالإلتواء هنا راجع للطريق وليس لله.
الآيات (27، 28): "لأَنَّكَ أَنْتَ تُخَلِّصُ الشَّعْبَ الْبَائِسَ، وَالأَعْيُنُ الْمُرْتَفِعَةُ تَضَعُهَا. لأَنَّكَ أَنْتَ تُضِيءُ سِرَاجِي. الرَّبُّ إِلهِي يُنِيرُ ظُلْمَتِي."
تُضِيءُ سِرَاجِي
= من يتضع يختبر الله كمعين له ينير له الطريق فلا يضل طريقه، وهذا بإرشاد الروح القدس "رُوحَ.. النُّصْحِ" (2تى1: 7). وهذا عكس الآية السابقة إذ رأينا أن الله يعوج طريق الأشرار. أما المتكبر يجعله الله ينخفض = وَالأَعْيُنُ الْمُرْتَفِعَةُ تَضَعُهَا.ونحن كسراج (مصباح) لا نضئ من ذواتنا. بل نحتاج لزيت النعمة الإلهية أي عمل الروح القدس، بل نحن ظلمة بسبب خطيتنا ولكن الله يضيء ظلمتنا.
الآيات (29-40): "لأَنِّي بِكَ اقْتَحَمْتُ جَيْشًا، وَبِإِلهِي تَسَوَّرْتُ أَسْوَارًا. اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلهٌ غَيْرُ الرَّبِّ؟ وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلهِنَا؟ الإِلهُ الَّذِي يُمَنْطِقُنِي بِالْقُوَّةِ وَيُصَيِّرُ طَرِيقِي كَامِلًا. الَّذِي يَجْعَلُ رِجْلَيَّ كَالإِيَّلِ، وَعَلَى مُرْتَفِعَاتِي يُقِيمُنِي. الَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ الْقِتَالَ، فَتُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ. وَتَجْعَلُ لِي تُرْسَ خَلاَصِكَ وَيَمِينُكَ تَعْضُدُنِي، وَلُطْفُكَ يُعَظِّمُنِي. تُوَسِّعُ خُطُوَاتِي تَحْتِي، فَلَمْ تَتَقَلْقَلْ عَقِبَايَ. أَتْبَعُ أَعْدَائِي فَأُدْرِكُهُمْ، وَلاَ أَرْجعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ. أَسْحَقُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ الْقِيَامَ. يَسْقُطُونَ تَحْتَ رِجْلَيَّ. تُمَنْطِقُنِي بِقُوَّةٍ لِلْقِتَالِ. تَصْرَعُ تَحْتِي الْقَائِمِينَ عَلَيَّ. وَتُعْطِينِي أَقْفِيَةَ أَعْدَائِي، وَمُبْغِضِيَّ أُفْنِيهِمْ."
المؤمن ضعيف بذاته، ولكن بقوة الله ومعونته يقدر أن يثب على أي أسوار يضعها إبليس في طريقه إلى أورشليم السماوية، هو يرفعنا فنتخطى هذه الأسوار (2كو 3: 5-10). وحينما يذكر المرنم القوة التي يعطيها الله لأولاده يسبحه "
مَنْ هو إله غير الرب". فالله يحوِّل العاجز غير القادر على الحرب إلى إِيَّلِ= سريع الحركة يهرب من أعدائه في الوقت المناسب، ومقاتل مدهش في أوقات أخرى، فَـ:الإِيَّلِ يستخدم قدميه في دوس الحيات المعادية. واليدان المرتعشتان يعلمها الله القتال. هذه هي الأيادي التي ترتفع في الصلاة. وفي حرب المؤمن ضد إبليس يعطيه الله شجاعة= تُوَسِّعُ خُطُوَاتِي وهو لا يحارب وينتصر ضد خطية واحدة، بل يريد أن يهزم كل الخطايا = لاَ أَرْجعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ وهذا لم يتحقق بداود بل في المسيح. ونلاحظ قوة الأسلحة = تُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ= والمعنى المباشر أنه يستطيع أن يحني ذراعه ليحمل قوس نحاس في الحرب. والله أعطانا أسلحة روحية في أيدينا قوية جدًا (أف11:6-18). لاحظ هنا ان داود يفتخر بالرب "من إفتخر فليفتخر بالرب" (1 كو 1: 31) فالله هو الذي أعطاه هذه القوة، مثلا أن يحني بيديه قوس من نحاس أو يكون سريع الحركة كالأيل. وعلينا نحن أن نفتخر بالرب الذي يعطينا أي موهبة، لا أن ندخل في كبرياء بسببها، عالمين أن كل ما عندنا من مواهب هو وزنات سنحاسب عليها إن لم نأتي منها بثمار تفرح وتمجد الله، وتكون وسيلة لبنيان جسده. . ولكن هذه الحرب هي صورة للحروب الروحية فبعد أن فتح الله عيوننا نرى أن إبليس يحاربنا فنقوم ونحاربه ومن المؤكد ستكون لنا النصرة فالله قوتنا. وأحسن شرح لهذه الآيات وعد المسيح للكنيسة أن "عَلَى هَذِهِ ٱلصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ ٱلْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا" (مت16: 18). فالكنيسة كنيسة محاربة هجومية بصلواتها وقداساتها وتسابيحها قادرة أن تهدم حصون مملكة الشيطان.
آية (41): "يَصْرُخُونَ وَلاَ مُخَلِّصَ. إِلَى الرَّبِّ فَلاَ يَسْتَجِيبُ لَهُمْ."
وهل يستجيب الله لصراخ أعداء شعبه؟! وهذه الآية اتخذت نبوة عن رفض اليهود بعد صلبهم للمسيح واضطهاد كنيسته ورفضهم للمسيح حتى الآن.
آية (42): "فَأَسْحَقُهُمْ كَالْغُبَارِ قُدَّامَ الرِّيحِ. مِثْلَ طِينِ الأَسْوَاقِ أَطْرَحُهُمْ."
كل من يقف في وجه المسيح وكنيسته يتحول لهباء تذريه الريح (دا 35:2 + 2تس8:2).
الآيات (43-45): "تُنْقِذُنِي مِنْ مُخَاصَمَاتِ الشَّعْبِ. تَجْعَلُنِي رَأْسًا لِلأُمَمِ. شَعْبٌ لَمْ أَعْرِفْهُ يَتَعَبَّدُ لِي. مِنْ سَمَاعِ الأُذُنِ يَسْمَعُونَ لِي. بَنُو الْغُرَبَاءِ يَتَذَلَّلُونَ لِي. بَنُو الْغُرَبَاءِ يَبْلَوْنَ وَيَزْحَفُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ."
هذه الآيات لا يمكن أن تتحقق سوى في المسيح ملك الملوك الذي نزل من السماء وأتى إلى الأرض لتتعبد له كل الأمم. وهؤلاء بدون أن يروا المسيح آمنوا به لسماعهم كلمات الكرازة= من سماع الأذن يسمعون لي. بنو الغرباء يبلون= أي يذبلون ويتلاشون. ويزحفون من حصونهم= يخرجون من حصونهم في خوف. وهذه تشير لليهود الذين طردوا من بلادهم التي ظنوها حصنًا منيعًا لهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وسماهم المرنم هنا الغرباء إذ أصبحوا برفضهم المسيح غرباء عن رعوية الله. وجاءت الآية في الترجمة السبعينية "تعرجوا في سبلهم" والأعرج يسير على قدم واحدة، وهم قبلوا العهد القديم فقط.
الآيات (46-50): "حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَمُبَارَكٌ صَخْرَتِي، وَمُرْتَفِعٌ إِلهُ خَلاَصِي، الإِلهُ الْمُنْتَقِمُ لِي، وَالَّذِي يُخْضِعُ الشُّعُوبَ تَحْتِي. مُنَجِّيَّ مِنْ أَعْدَائِي. رَافِعِي أَيْضًا فَوْقَ الْقَائِمِينَ عَلَيَّ. مِنَ الرَّجُلِ الظَّالِمِ تُنْقِذُنِي. لِذلِكَ أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ فِي الأُمَمِ، وَأُرَنِّمُ لاسْمِكَ. بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ، وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ، لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ."
تسبحة شكر لله الذي أمسك بيدنا لينصرنا في حروبنا، وأعطانا أسلحة روحية بها نحارب. وبعد الانتصار تتحول الحياة إلى فرح وتهليل كثمرة للانتصار الروحي. برج خلاص لملكه= الملك هو داود الذي أنقذه الله من يد أعدائه. والملك هو كل مؤمن يحيا المسيح فيه (فنحن ملوك وكهنة) و"اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع".
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 19 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير مزمور 17 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ckfb34z