← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22
هذا المزمور هو أحد مزامير التوبة لداود، مملوء أحزانًا وشكوى، فالخطية تأتي معها بثمارها من الآلام والأحزان، بل يبدو أيضًا أن بعض الأمراض قد أصابته. والله يسمح بهذه الآلام للخاطئ ليتواضع وينسحق أمامه. ومن الآلام التي أوجعته جدًا هجر أصحابه له واضطهاد أعداؤه له. لقد تلذذ بالخطية لحظات وجنى ثمارها المرة سنوات. كل هذه الآلام مع إحساسه بالندم على خطيته كان ممكنًا أن يدفعه لليأس، ولكننا نراه يلجأ إلى الله بالصلاة لينال عونًا.
عنوان المزمور للتذكير= ليذكر خطيته وتكون أمامه كل حين، ويذكر تأديب الرب فلا يعود لها. وفي السبعينية تذكر لأجل السبت = والسبت هو الراحة. وفي اعترافنا وتوبتنا نجد راحة.
آية (1): "يَا رَبُّ، لاَ تُوَبِّخْنِي بِسَخَطِكَ، وَلاَ تُؤَدِّبْنِي بِغَيْظِكَ،"
هي نفسها (مز1:6). هو لا يرفض التوبيخ، لكنه يرفض غضب الله عليه.
آية (2): "لأَنَّ سِهَامَكَ قَدِ انْتَشَبَتْ فِيَّ، وَنَزَلَتْ عَلَيَّ يَدُكَ."
سهام الله هي تأديباته. وقبل أن تجرحنا سهام تأديباته، تجرح ضميرنا سهام كلماته فإن لم نتحرك ونتوب من توبيخ الضمير تأتي علينا السهام الخارجية.
الآيات (3-8): "لَيْسَتْ فِي جَسَدِي صِحَّةٌ مِنْ جِهَةِ غَضَبِكَ. لَيْسَتْ فِي عِظَامِي سَلاَمَةٌ مِنْ جِهَةِ خَطِيَّتِي. لأَنَّ آثامِي قَدْ طَمَتْ فَوْقَ رَأْسِي. كَحِمْل ثَقِيل أَثْقَلَ مِمَّا أَحْتَمِلُ. قَدْ أَنْتَنَتْ، قَاحَتْ حُبُرُ ضَرْبِي مِنْ جِهَةِ حَمَاقَتِي. لَوِيتُ. انْحَنَيْتُ إِلَى الْغَايَةِ. الْيَوْمَ كُلَّهُ ذَهَبْتُ حَزِينًا. لأَنَّ خَاصِرَتَيَّ قَدِ امْتَلأَتَا احْتِرَاقًا، وَلَيْسَتْ فِي جَسَدِي صِحَّةٌ. خَدِرْتُ وَانْسَحَقْتُ إِلَى الْغَايَةِ. كُنْتُ أَئِنُّ مِنْ زَفِيرِ قَلْبِي."
داود الذي لم ينحني أمام جليات ولا الأسد والدب، داود الجبار نجده بسبب الخطية متألمًا، مريضًا منحنيًا تحت ثقل الخطية. أَنْتَنَتْ، قَاحَتْ.. ضَرْبِي (قَاحَتْ جِرَاحَاتِي) = هذه للتعبير عن نتانة الخطية ورائحتها النتنة. والمرنم يعتبر الخاطئ جاهلًا أحمق= من جهة حماقتي والعكس نسمع: رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ (مز 111: 10؛ أم 7:1؛ سي 1: 16). والعجيب أن المسيح ليشفينا قَبِل أن يحمل هو ثقل خطايانا وينحني تحت الصليب ليرفع رأسي المنحني. وعلى كل منا أن ينسحق أمام الله، خافضًا رأسه معترفًا بخطاياه ليحملها هو عنه= انسحقت إلى الغاية.
الآيات (9-15): "يَا رَبُّ، أَمَامَكَ كُلُّ تَأَوُّهِي، وَتَنَهُّدِي لَيْسَ بِمَسْتُورٍ عَنْكَ. قَلْبِي خَافِقٌ. قُوَّتِي فَارَقَتْنِي، وَنُورُ عَيْنِي أَيْضًا لَيْسَ مَعِي. أَحِبَّائِي وَأَصْحَابِي يَقِفُونَ تُجَاهَ ضَرْبَتِي، وَأَقَارِبِي وَقَفُوا بَعِيدًا. وَطَالِبُو نَفْسِي نَصَبُوا شَرَكًا، وَالْمُلْتَمِسُونَ لِيَ الشَّرَّ تَكَلَّمُوا بِالْمَفَاسِدِ، وَالْيَوْمَ كُلَّهُ يَلْهَجُونَ بِالْغِشِّ. وَأَمَّا أَنَا فَكَأَصَمَّ لاَ أَسْمَعُ. وَكَأَبْكَمَ لاَ يَفْتَحُ فَاهُ. وَأَكُونُ مِثْلَ إِنْسَانٍ لاَ يَسْمَعُ، وَلَيْسَ فِي فَمِهِ حُجَّةٌ. لأَنِّي لَكَ يَا رَبُّ صَبَرْتُ، أَنْتَ تَسْتَجِيبُ يَا رَبُّ إِلهِي."
نرى هنا الرجوع إلى الله. والمرنم يلجأ لله الذي يسمع تنهدات قلبه وأنينه وهو القادر أن يشفيه ويرفع عنه ألامه الداخلية والخارجية. وهو يصف حالته بصدق أمام الله
قَلْبِي خَافِقٌ = أي مضطرب. قُوَّتِي فَارَقَتْنِي (وفَارَقَتْه قُوَّتِه)، فهو في حالة خوف، وفقد إستنارته وأصدقاؤه رأوا ألامه ووقفوا بعيدًا كمن لا يهمهم أمره. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولم يساندوه في ضيقته ويواسوه، ولم يقفوا معه ضد أعدائه الخارجيين الذين يهينونه (ألم يتحمل المسيح عنا كل ذلك) أَمَّا أَنَا فَكَأَصَمَّ لاَ أَسْمَعُ وَكَأَبْكَمَ..= داود قرَّر أن لا يجيب على شاتميه الذين يهينونه تاركًا الأمر كله لله، فطالما أن التأديب من الله، فهو يترك له تدبير كل شيء ورد حقه منهم. ولكن هذه الآية تنطق بما فعله المسيح، إذا وقف صامتًا أمام كل من حاكموه ولم يدافع عن نفسه.
الآيات (16-22): "لأَنِّي قُلْتُ: «لِئَلاَّ يَشْمَتُوا بِي». عِنْدَمَا زَلَّتْ قَدَمِي تَعَظَّمُوا عَلَيَّ. لأَنِّي مُوشِكٌ أَنْ أَظْلَعَ، وَوَجَعِي مُقَابِلِي دَائِمًا. لأَنَّنِي أُخْبِرُ بِإِثْمِي، وَأَغْتَمُّ مِنْ خَطِيَّتِي. وَأَمَّا أَعْدَائِي فَأَحْيَاءٌ. عَظُمُوا. وَالَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي ظُلْمًا كَثُرُوا. وَالْمُجَازُونَ عَنِ الْخَيْرِ بِشَرّ، يُقَاوِمُونَنِي لأَجْلِ اتِّبَاعِي الصَّلاَحَ. لاَ تَتْرُكْنِي يَا رَبُّ. يَا إِلهِي، لاَ تَبْعُدْ عَنِّي. أَسْرِعْ إِلَى مَعُونَتِي يَا رَبُّ يَا خَلاَصِي."
هو سكت أمام أعدائه، لكنه لم يسكت أمام الله، بل كان يصرخ إليه في ثقة أنه
سيستجيب. فلا يشمت به أعداءه (16) ويتهللون لسقوطه. لأني موشك أن أظلع=
أي أعرج. وترجمت في السبعينية "أما أنا للسياط فمستعد" أي المرنم مستعد
للآلام التي يسمح بها الرب حتى إن وصلت لأن يعرج. ولكن جاءت السبعينية
لتتنبأ في روعة عن آلام المسيح. وفي (18) نرى ضرورة الاعتراف بالخطية. وفي
(19) نرى قوة الأعداء ولذلك لا نلجأ سوى لله الأقوى منهم. وفي (20) نرى
صورة لتخلي الجميع عن الرب يسوع وصورة لما يحدث لكل خاطئ، والمسيح صار خطية
لأجلنا وتحمل كل هذه الآلام كحامل خطية. وهو الذي عظموا عليه اتهاماتهم=
عظموا. ومن الذي فعل هذا؟ أصدقاؤه وأقاربه بالجسد وهو لم يفتح فاه.
وينهي المزمور بصراخه لله لكي لا يبعد عنه، ويعينه.
وتفهم عظموا أن الذين ظلموه انتفخوا وكبروا وهم
المخطئين. ولكن نلاحظ أن الأعداء قاموا عليه وتقووا عليه بعد أن أخطأ،
وكان هذا تأديبا له من الله الذي يحبه ليكره الخطية ويستعيد نقاوة قلبه. وهذا
ما سمح به الله ضد سليمان إذ أخطأ فأقام عليه عدة أعداء يقاومونه.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 39 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير مزمور 37 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/a5sjf2n