← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9
نظم داود هذا المزمور عند حربه مع بني عمون وأرام الذين جاءوا بعدد عظيم من الخيل والمركبات لمحاربته (2صم6:10، 8 + 1أي7:19). ولقد نصر الله داود، ودائمًا ينصر الله عبيده الأمناء فهذا حدث مع حزقيا عند حصار أشور لأورشليم. فمن يتكل على الله لا يكون لفرسان الأعداء وقوتهم أي قدرة على إلحاق الأذى به.
ويرى عدد من آباء اليهود أن هذا المزمور خاص بالمسيا. وهكذا رأى عدد من أباء الكنيسة (أثناسيوس وأغسطينوس) أنه نبوة عن آلام المسيح وانتصاره وانتصار الكنيسة فيه.
بل كل مؤمن يرتل هذا المزمور على أنه الملك الذي سينصره الله "جعلنا ملوكًا وكهنة" (رؤ6:1) فمَن يختار المسيح يختار الطريق الضيق، طريق الشدة ولكن الله ينصره ويستجيب له.
آية (1): "لِيَسْتَجِبْ لَكَ الرَّبُّ فِي يَوْمِ الضِّيقِ. لِيَرْفَعْكَ اسْمُ إِلهِ يَعْقُوبَ."
الله استجاب لداود في يوم شدته، وهكذا يستجيب لكل من يصرخ إليه. ولنفهم أن حياتنا على الأرض هي حرب متصلة، أعدائنا محيطين بنا (الشياطين) (أف12:6)، ولكن الله معنا. ويوم الضيق بالنسبة لنا هو حياتنا في هذا العالم، في كل تجربة وكل شدة. ويوم الضيق بالنسبة للمسيح كان يوم الصليب. ونحن في حياتنا الآن نشترك مع المسيح في صليبه. وذكره ليعقوب فهو أبو الشعب كله والذي صارع مع الله. والله استجاب ليعقوب يوم شدته. وبذلك نذكر أهمية الجهاد مع الله. . بل عمل معجزات وعجائب مع نسل يعقوب حتى أصبحوا دولة وأمة عظيمة، بعد أن كانوا 70 شخصًا في مصر، بل كانوا في عبودية = فمن رفع شعب إسرائيل من بعد العبودية قادر أن يرفع كل من يصرخ لله ويجاهد = لِيَرْفَعْكَ اسْمُ إِلهِ يَعْقُوبَ. اسْمُ إِلهِ يَعْقُوبَ = الاسم عند العبرانيين يعني قدرات وقوة الشخص. واسم إله يعقوب هو يهوه (خر15:3) أي "أنا هو" و"أنا هو" أي المسيح (يو28،24:8). والمسيح هو "قوة الله وحكمة الله"، وهو الذي به كان كل شيء: "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ"، وهو "حَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ" (1كو24:1 + يو3:1 + عب3:1).
آية (2): "لِيُرْسِلْ لَكَ عَوْنًا مِنْ قُدْسِهِ، وَمِنْ صِهْيَوْنَ لِيَعْضُدْكَ."
من قُدسهِ = تابوت العهد أو الخيمة في العهد القديم. والآن فالمسيح جالس عن يمين الآب ليعين كنيسته، بل هو ساكن فينا ونحن هيكله، يستجيب كل من يدعوه. وهو ساكن في كنيسته = صهيون= وهنا نرى أهمية صلاة الكنيسة عن الفرد، الكنيسة صلاتها فعالة (أع5:12).
آية (3): "لِيَذْكُرْ كُلَّ تَقْدِمَاتِكَ، وَيَسْتَسْمِنْ مُحْرَقَاتِكَ. سِلاَهْ."
لِيَذْكُرْ كُلَّ تَقْدِمَاتِكَ = ذبائحك (سبعينية). المرتل يقصد بالمعنى المباشر، الذبائح التي كانت تقدم قبل المعركة لينصرهم الله. فالمصالحة مع الله غير ممكنة بدون دم. وذبيحتنا المقبولة التي يذكرها الله دائمًا فنصير مقبولين هي ذبيحة المسيح. وَيَسْتَسْمِنْ مُحْرَقَاتِكَ = فالله قبل ذبيحة المسيح.
وعلى كل منا أن يقدم ذبائح ليقبلها الله (العبادة والتسبيح والنفس المنسحقة،..). ومن هو في المسيح يكون كل ما يقدمه مقبولا عند الله ويبارك الله فيه ويقبله. فإن صلَّى يبارك الله في صلاته ويعلمه كيف تكون صلاته مقبولة ثم يقبل ما سيقدمه وتكون صلاته كأنها محرقة ذات رائحة
لذيذة يفرح بها الله كأنها ذبيحة كبيرة = يستسمن . ويعطيه الله قلبًا نقيًا يطلب طلبات نقية ثم يستجيب الله ويعطيه حسب قلبه النقي.
آية (4): "لِيُعْطِكَ حَسَبَ قَلْبِكَ، وَيُتَمِّمْ كُلَّ رَأْيِكَ."
ليعطِك حسب قلبك= شهوة قلب المسيح كانت خلاص البشر. وكانت إرادة قلب داود أن ينتصر وأعطاه الله سؤل قلبه، فإن كان طلب كل منا الخلاص بقلبه لنلناه. وكل من يسلك حسب إرادة الله يعطيه الله طلبة قلبه. ويستسمن محرقاته.
أما ذوو القلب الشرير سيعطيهم الله أيضًا حسب قلوبهم، ولما اشتهى بنو إسرائيل أن يكون لهم ملكًا يفتخرون به أمام الأمم أعطاهم الله شاول أطول وأعرض من في الشعب. وفي نهاية الأيام سيسمح الله بظهور ضد المسيح فهذا سيكون بحسب قلب البشر.
آية (5): "نَتَرَنَّمُ بِخَلاَصِكَ، وَبِاسْمِ إِلهِنَا نَرْفَعُ رَايَتَنَا. لِيُكَمِّلِ الرَّبُّ كُلَّ سُؤْلِكَ."
نترنم = المرنم يسبح الله على معونته التي بها خلَّصه. هنا اعتراف بخلاص الله لأنه خلَّص مسيحه داود وأقام المسيح ليقيمنا ويستجيب دائمًا لطلباتنا. فمن يسير وراء المسيح دائمًا يسبحه إذ يرى أعمال خلاصه، حقًا الطريق ضيق لكنه مفرح لذلك فعبيد الله يسبحونه على كل الفرح الذي يعطيه لهم. ومن يثبت نظره على الله لن ينشغل بعطاياه بل ينشغل به هو فيسبحه ويعترف بعمله العجيب.
بِاسْمِ إِلهِنَا نَرْفَعُ رَايَتَنَا = "ننمو" (سبعينية). وهذا لأن نرفع رايتنا تقود لنفس مفهوم ننمو، لأن الرايات هي رايات النصرة بالمسيح الغالب، على عدو الخير. الله يسمح لإبليس أن يجرب أولاده، والمسيح فينا يغلبه، فالمسيح خرج غالباً ولكي يغلب (رؤ2:6). وحينما نغلب بالمسيح الذي فينا ننمو ونمتلئ بالروح. وهكذا قيل عن المسيح بعد أن إنتصر في التجربة "وَرَجَعَ يَسُوعُ بِقُوَّةِ ٱلرُّوحِ إِلَى ٱلْجَلِيلِ" (لو14:4). ومن يقدم توبة يقوم من موت الخطية، والقيامة يتبعها صعود (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والصعود هو نمو مستمر في الحياة السماوية "أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" (أف6:2). فالمسيحي في طريق خلاصه يمارس التوبة وينمو كل يوم، نمواً في محبة الله ومحبة الآخرين والقداسة والصلاة.. كل هذا باسم الله.
لِيُكَمِّلِ الرَّبُّ كُلَّ سُؤْلِكَ = هنا نرى أنه حينما عاد داود بالشكر لله على انتصاره = نترنم .. نرفع رايتنا، يزيده الله نعمة بأن يستجيب لبقية طلباته. وكتطبيق لهذا راجع قصة العشرة البرص (لو17: 12)، وكيف أن من عاد بالشكر على شفائه الجسدي زاده الله نعمة الخلاص الروحي.
آية (6): "اَلآنَ عَرَفْتُ أَنَّ الرَّبَّ مُخَلِّصُ مَسِيحِهِ، يَسْتَجِيبُهُ مِنْ سَمَاءِ قُدْسِهِ، بِجَبَرُوتِ خَلاَصِ يَمِينِهِ."
الرَّبَّ مُخَلِّصُ مَسِيحِهِ = هذه تُفْهَم كالتالي:-
داود هو مسيح الرب إذ مسحه صموئيل (1صم13:16). وحينما نصره الله يعترف هنا بأن النصرة كانت من عند الله ولذلك يسبحه.
المسيح إبن الله كان خلاصه بقيامته من الموت "فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ ٱللهُ" (أع32:2) وهذا يعني أن المسيح بقوة لاهوته المتحد بناسوته قام من الأموات = الرَّبَّ مُخَلِّصُ مَسِيحِهِ. وقال داود عن ذلك "لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي ٱلْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَادًا" (مز10:16).
وتشير أيضاً لخلاصنا، فخلاصنا: هو أ) بقيامة المسيح ليعطينا حياته الأبدية (في 21:1). ب) وتوبتنا المستمرة لنثبت فيه فنظل أحياء بحياته. ج) نصرخ لله وهو يَسْتَجِيبُ مِنْ سَمَاءِ قُدْسِهِ. ولاحظ قول القديس بولس الرسول "وَمَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ ٱلْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ ٱلْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ، ٱلَّذِي عَمِلَهُ فِي ٱلْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ، وَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ فِي ٱلسَّمَاوِيَّاتِ" (أف20،19:1). فنفهم من قول بولس الرسول أن القوة التي أقامت المسيح من الموت هي هي نفسها موجهة تجاهنا لتقيمنا من موت الخطية. وهذه القوة هي قوة جبارة، هي قوة المسيح التي أقامته من الموت = بِجَبَرُوتِ خَلاَصِ يَمِينِهِ. ويمين الرب هو المسيح ذراع الرب (إش9:51). ولكن قوله يمين إشارة للجبروت وقوة القيامة. وندرك قوة القيامة في حياتنا، إذ نرى، بل يرى الناس التغيير الذي يحدث في حياتنا بالتوبة والرجوع لله.
الآيات (7-9): "هؤُلاَءِ بِالْمَرْكَبَاتِ وَهؤُلاَءِ بِالْخَيْلِ، أَمَّا نَحْنُ فَاسْمَ الرَّبِّ إِلهِنَا نَذْكُرُ. هُمْ جَثَوْا وَسَقَطُوا، أَمَّا نَحْنُ فَقُمْنَا وَانْتَصَبْنَا. يَا رَبُّ خَلِّصْ! لِيَسْتَجِبْ لَنَا الْمَلِكُ فِي يَوْمِ دُعَائِنَا!"
سلاح الأعداء قوي ولكن الله هو سلاحنا به نغلب ولا نسقط أبدًا. وهنا نرى خلاص الكنيسة كلها ونصرتها في مسيحها المنتصر. وقارن آية 7 مع قول داود لجليات "أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَ.. رُمْحٍ..، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ" (1صم17: 45). فنرى أن هذا هو فكر داود ولم يتغير. أَمَّا نَحْنُ فَاسْمَ الرَّبِّ إِلهِنَا نَذْكُرُ = حين يأتي علينا الأعداء أو تصبنا تجربة لا نذكر ولا نلجأ سوى للرب إلهنا (فلنردد دائًما صلاة يسوع).
والله يفرح حين يلجأ له أولاده في ضيقتهم ولا يتكلون على قوتهم الشخصية أو على أحد من البشر "لا يُسَرُّ بِقُوَّةِ ٱلْخَيْلِ. لَا يَرْضَى بِسَاقَيِ ٱلرَّجُل . يَرْضَى ٱلرَّبُّ بِأَتْقِيَائِهِ، بِٱلرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ" (مز11،10:147) + (مز118: 5-14).
وهذا المزمور نصليه في الساعة الثالثة فالمسيح كان في ضيقته قد تخلى عنه الجميع ولكنه انتصر.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 21 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير مزمور 19 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9whzp4z