← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13
هو مزمور نبوي يتحدث فيه داود عن مقاومة الأشرار للسيد المسيح وآلامه ونصرته ولقد أشار له السيد المسيح بكونه نبوة عن خيانة يهوذا له (يو18:13 + أع16:1) ولذلك تصلي الكنيسة هذا المزمور في صلوات الساعة الثالثة.
نفهم المزمور بطريقتين:
1. تعليمية فنرى فيه مكافأة من يهتم بأخوة الرب.
2. نبوية.
الآيات (1-3): "طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمِسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ. يَغْتَبِطُ فِي الأَرْضِ، وَلاَ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَرَامِ أَعْدَائِهِ. الرَّبُّ يَعْضُدُهُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ. مَهَّدْتَ مَضْجَعَهُ كُلَّهُ فِي مَرَضِهِ."
الْمَسْكِينِ
هو المحتاج ماديًا، المريض، الخاطئ الذي لا يعرف طريق الله.. إلخ. والله يعطينا أن نهتم بكل من لا معين له بشرط أن تكون لنا هذه الرغبة أن نخدمهم، فنخدم ربنا يسوع فيهم، فهم إخوته الأصاغر (مت40:25). والسيد المسيح إعتبر الفقراء والمحتاجين إخوته فمن يكون رحيما معهم ويعطيهم فهو يعطي الرب نفسه (لو33،32:12). ومن يقدم خدمة روحية (2كو10:6) فالله هو الذي يعطيه ليعطي لمن ليس له. وإن لم تكن لنا هذه الرغبة علينا ان نغصب أنفسنا فملكوت السماوات يغصب (مت11: 12) وهذا ما نسميه الجهاد. ومع الجهاد سنختبر فرحة اللقاء مع الرب يسوع. والمسيح في تواضع عجيب يقول أنا محتاج لخدماتكم كما قال للسامرية "إعطيني لأشرب"، ويقول "أنا عطشان" فهو عطشان لكل نفس لتخلص. ومن ينظر لكل محتاج ويقدم له خدمة ينقذه الله في يوم الشر.ولكن المسكين هنا هو إشارة ونبوة عن المسيح، الذي إفتقر ليغنينا وصُلِب في ضعف لتكون لنا نحن الضعفاء قوة (2كو9:8). على الصليب تخلى عنه الجميع إما عن خوف كالتلاميذ، أو بخيانة كيهوذا أو كراهية وحسد كرؤساء الكهنة (آيات 6-9 من هذا المزمور)، بل تعرض لنيران الغضب الإلهي كحامل لخطايا البشر: صار خطية لأجلنا: "جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا" (2كو21:5). ولكن طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمَسْكِينِ = هذا المسكين المصلوب صار تحقيقًا لرمز الحية النحاسية "فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٱصْنَعْ لَكَ حَيَّةً مُحْرِقَةً وَضَعْهَا عَلَى رَايَةٍ، فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا يَحْيَا" (عد21: 4-9). هذه الحية النحاسية كان من ينظر إليها يُشفى ويحيا ولا يموت. وينظر هنا تعني يؤمن بالمسيح، ويلجأ إليه في ضيقاته. وهكذا قال رب المجد "وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى ٱلْحَيَّةَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ، لِكَيْ لَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ" (يو15،14:3). ومن ينظر إليه أي يؤمن به وفى ضيقته ينظر إليه طالبا المعونة، يستجيب له ويستمد منه المعونة وينجيه
ويَوْمِ الشَّرِّ هو اليوم الذي يهاجمنا فيه إبليس (1بط8:5) . وهجوم إبليس يشير لسقوطنا في خطية أو تجربة مؤلمة. وفي يوم الشر هذا يرحم الله من رحم إخوته (مت7:5 + يع13:2). ويَوْمِ الشَّرِّ أيضًا يشير إلى يوم الدينونة، فيه يرحم الله من رحم إخوته، ولا يسلمه ليد أعدائه الشياطين. والرب يعضد الرحيم في هذه الحياة وفي الدهر الآتي (1تي8:4). وفي هذه الأرض يحول له الرب الأرض سماء = يجعله فِي الأَرْضِ مغبوطًا (يَغْتَبِطُ فِي الأَرْضِ). ويقيم داخله ملكوته كملكوت تسبيح وتهليل وشكر على غنى نعمة الله المجانية. بل يهب الله له الصحة = الرب يعضده وهو على فراش الضعف= يعينه على سرير وجعه (سبعينية) وقد لا يتم الشفاء النهائي ولكن يشعر المريض بأن الله معه يقويه ويسنده وأنه ليس وحيدًا كما كان المسيح مع الفتية الثلاثة في الأتون. وربما يشير السرير لفراش المرض الروحي والفتور، وهنا نجد المسيح المعين الذي ينتشلنا من هذا الفتور. ومن سرير الشهوة الزمنية ويعطينا حرية من العدو الشرير.
آية (4): "أَنَا قُلْتُ: «يَا رَبُّ ارْحَمْنِي. اشْفِ نَفْسِي لأَنِّي قَدْ أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ»."
ما أعذب أن يعترف الخاطئ بخطيته ويرجع إلى الله فيرجع الله إليه، فكثير من أمراضنا الروحية بل والجسدية سببها الخطية. والله قد يؤدب بالأمراض (عب6:12). والمرتل ذكر سابقًا أن الله يعين من على سرير وجعه إن كان رحيمًا، لذلك يعترف بتقصيره ويطلب الرحمة.
آية (5): "أَعْدَائِي يَتَقَاوَلُونَ عَلَيَّ بِشَرّ: «مَتَى يَمُوتُ وَيَبِيدُ اسْمُهُ؟»"
في آية (4) سبق واعترف بخطيته وهنا يشتكي المقاومين الذي يطلبون إبادته. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والشيطان يود لو أباد كل أولاد الله وكنيسته. ولكن هذه الآية هي صوت المسيح الذي اتهمه أعداؤه زورًا ورتبوا في هذه الساعة حكم الموت ضده حتى يباد اسمه (أع18:4). ولكن المسيح مات ولم يباد اسمه ولا باد اسم كنيسته.
الآيات (6-9): "وَإِنْ دَخَلَ لِيَرَانِي يَتَكَلَّمُ بِالْكَذِبِ. قَلْبُهُ يَجْمَعُ لِنَفْسِهِ إِثْمًا. يَخْرُجُ. فِي الْخَارِجِ يَتَكَلَّمُ. كُلُّ مُبْغِضِيَّ يَتَنَاجَوْنَ مَعًا عَلَيَّ. عَلَيَّ تَفَكَّرُوا بِأَذِيَّتِي. يَقُولُونَ: «أَمْرٌ رَدِيءٌ قَدِ انْسَكَبَ عَلَيْهِ. حَيْثُ اضْطَجَعَ لاَ يَعُودُ يَقُومُ». أَيْضًا رَجُلُ سَلاَمَتِي، الَّذِي وَثِقْتُ بِهِ، آكِلُ خُبْزِي، رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ!"
هذا ما حدث من أخيتوفل ضد داود الذي صار رمزًا ليهوذا. وهنا نرى مؤامرات تحاك ضد المسيح من الأشرار. ومن الشيطان ضد الكنيسة. هذه الآيات تنطق بما حدث للمسيح حين اجتمع اليهود برؤساء كهنتهم، وكهنتهم والفريسيين والناموسيين بل وبيلاطس وهيرودس بل الشعب كله ضده، وتشاوروا عليه ليصلبوه ظنًا منهم أنه إن مات لا يعود يقوم = حيث اضطجع لا يعود يقوم. كانت مؤامراتهم كلها تلفيق أكاذيب = يتكلم بالكذب. وكل أكاذيبهم هي شرور تملأ قلوبهم سيحاسبهم الله عليها = قَلْبُهُ يَجْمَعُ لِنَفْسِهِ إِثْمًا. فكل فكر شرير في القلب وكل كذب يلفقه الشرير هو مخزون أمام الله والله سيعاقب عليه كما يقول القديس بولس الرسول "وَلَكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ ٱلتَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ ٱلْغَضَبِ وَٱسْتِعْلَانِ دَيْنُونَةِ ٱللهِ ٱلْعَادِلَةِ. ٱلَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ" (رو6،5:2). والعجيب أنهم صدقوا أنفسهم في أكاذيبهم ونشروها بين الناس = يَخْرُجُ. فِي الْخَارِجِ يَتَكَلَّمُ.
كُلُّ مُبْغِضِيَّ يَتَنَاجَوْنَ مَعًا عَلَيَّ = يتهامسون عليَّ ويدبرون مؤامرات.
رَجُلُ سَلاَمَتِي (إنسان سلامتي) = يهوذا الذي كان تلميذًا للرب من رجاله الذين وثق بهم، وأكل معه (يو6:13).
الآيات (10-13): "أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَارْحَمْنِي وَأَقِمْنِي، فَأُجَازِيَهُمْ. بِهذَا عَلِمْتُ أَنَّكَ سُرِرْتَ بِي، أَنَّهُ لَمْ يَهْتِفْ عَلَيَّ عَدُوِّي. أَمَّا أَنَا فَبِكَمَالِي دَعَمْتَنِي، وَأَقَمْتَنِي قُدَّامَكَ إِلَى الأَبَدِ. مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. آمِينَ فَآمِينَ."
المسيح مات ودفن وهنا كأنه يصرخ أَقِمْنِي= وهو قام وصار له سلطانًا ليدين كل الأشرار. وفيه صرنا محل رضا الآب. سُرِرْتَ بِي ، لقد سُرَّ الآب بطاعته وأقامه من الموت (في 2: 8-10)، وسرور الآب أيضا أننا فيه نُحسب كاملين وبالتالي طائعين (كو1: 28). وفيه سُرَّ بنا إذ بدمه تبررنا. فهنا نرى نبوة عن القيامة، قيامته، وقيامة الكنيسة وتبريرها. وأن المسيح سيدين العالم (يو22:5). والكنيسة موضع سرور الآب لأن المسيح يشفع فيها للأبد أمام الآب= سُرِرْتَ بِي... أَقَمْتَنِي قُدَّامَكَ إِلَى الأَبَدِ.... فهل قام داود أمام الله للأبد؟
أَنَّهُ لَمْ يَهْتِفْ عَلَيَّ عَدُوِّي = أي لم يحتفلوا بانتصارهم عليَّ إذ أنني قمت من الأموات.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 42 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير مزمور 40 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/v5x3zq3