← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7
هذا المزمور هو مديح لصهيون كرمز للكنيسة. بل ما ذُكِرَ في هذا المزمور لا ينطبق بالكامل إلا على كنيسة المسيح. ونجد في المزمور أن صهيون مفضلة عن باقي أرض إسرائيل. لأن الهيكل مؤسس هناك، وهناك العبادة لله.
يرى البعض أن المزمور كُتِبَ في فترة ازدهار أورشليم، أيام داود أو سليمان. ويقول أصحاب هذا الرأي أنه كُتِبَ أثناء نقل التابوت من بيت عوبيد أدوم إلى صهيون، أو أثناء تدشين هيكل سليمان. وهناك من قال أنه كُتِبَ بعد السبي أثناء خراب أورشليم لتشجيع المسبيين على العودة إلى أورشليم لتعميرها، بناءً على الوعود التي قيلت عنها ومحبة الله لها. فبالرغم من أن أورشليم خربة ولا أحد يهتم بها، لكن الله قال عنها أشياء مجيدة. وهذا ينطبق على كنيسة المسيح التي صار لها الأمجاد تحت راية المسيح. (سواء الكنيسة على الأرض أو في السماء).
آية (1): "أَسَاسُهُ فِي الْجِبَالِ الْمُقَدَّسَةِ."
أساسه= يتكلم المرتل هنا عن هيكل تأسس على الجبال المقدسة. وهو مؤسس بقوة وهذا ما تشير إليه كلمة الجبال المقدسة. ولأن الهيكل مؤسس على الجبال فهو ثابت، عكس المسكونة المؤسسة على البحار، إذًا هي متقلبة (مز2:24). والهيكل قد يكون هيكل سليمان، أو الكنيسة هيكل المسيح (يو21:2). والكنيسة مؤسسة على الرسل والأنبياء والمسيح هو حجر الزاوية (اف20:2). والهيكل كان مبنيًا على جبل المريا في صهيون. وطالما الكنيسة مؤسسة على المسيح (جبل بيت الرب) الثابت في رأس الجبال (الرسل والأنبياء) (أش2:2) فهي لن تسقط أبدًا، وهي عالية شامخة. وهي جبال مقدسة، فالقداسة هي التي أعطت قوة للبناء.
آية (2): "الرَّبُّ أَحَبَّ أَبْوَابَ صِهْيَوْنَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَسَاكِنِ يَعْقُوبَ."
صهيون= هي أورشليم عاصمة إسرائيل، وهناك كان الهيكل لذلك تعظمت على باقي مدن إسرائيل= مساكن يعقوب. خصوصًا بعد انفصال العشرة أسباط عن يهوذا وعبادتهم للبعل. وصهيون كلمة عبرية معناها حصن. وكان هذا الحصن قائمًا على جبل اسمه صهيون. وأورشليم ضمت هذا الجبل مع الجبال المحيطة وهم ثلاثة آخرين (المريا واكرا والبيزيتا). وكانت أورشليم عاصمة أعظم ملوك إسرائيل وهم داود وسليمان. وكان الهيكل فيها، وفي الهيكل تابوت العهد. بل كان ملكي صادق رمز المسيح الكاهن والملك حاكمًا على أورشليم. وعلى جبل المريا قدم إبراهيم ابنه اسحق ذبيحة وعاد حيًا رمزًا لما حدث مع المسيح. الرب أحب أبواب صهيون= الله أحَّب صهيون ففيها الهيكل والعبادة وفيها كرسي داود الذي أحبه الله. والله أحب أبواب صهيون لأن من هذه الأبواب يدخل المؤمنين ليعبدوا في الهيكل. وبالنسبة للكنيسة فأبوابها الآن هي الإيمان المُسَلَّم مرة للقديسين (يه3) والمعمودية والتوبة.
آية (3): "قَدْ قِيلَ بِكِ أَمْجَادٌ يَا مَدِينَةَ اللهِ: سِلاَهْ."
هناك أَمْجَادٌ كثيرة ونبوات مجيدة عن أورشليم لأن الله ساكن فيها "رَنِّمُوا لِلرَّبِّ ٱلسَّاكِنِ فِي صِهْيَوْنَ" ، "كَانَتْ فِي سَالِيمَ مِظَلَّتُهُ، وَمَسْكَنُهُ فِي صِهْيَوْنَ" ، "لِأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدِ ٱخْتَارَ صِهْيَوْنَ. ٱشْتَهَاهَا مَسْكَنًا لَهُ" (مز11:9 + مز76: 2 + مز132: 13).
وكما سكن الله في أورشليم سكن في بطن العذراء مريم. وكما كوَّن الروح القدس جسد المسيح يسوع من بطن العذراء مريم، هكذا كون الروح القدس الكنيسة يوم الخمسين، وكان ذلك في أورشليم مدينة الله. لذلك ترتل الكنيسة هذه الآية، وآيات أخرى من هذا المزمور عشية عيد ميلاد السيدة العذراء، كما سيتضح فيما يلي.
فالمزمور يشيد بصهيون الأم والذي ولد فيها هو الإنسان يسوع المسيح، وهو نفسه العلي الذي أسسها. وأورشليم أيضًا هي الكنيسة جسد المسيح (سواء على الأرض أو في السماء) (عب22:12 + رؤ2:21-4).
وما هي الأشياء المجيدة التي قيلت عن كنيسة المسيح؟ أنها عروس المسيح وأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها وأنه إشتراها بدمه وأنها كنيسة ملوك وكهنة.
مزمور عشية عيد العذراء (تُقْرَأ الآيات 7,5,3 من المزمور):-
" 3- قد قيل بك امجاد يا مدينة الله سلاه. 5 - ولصهيون يقال هذا الانسان وهذا الانسان ولد فيها وهي العلي يثبتها. 7 - ومغنون كعازفين كل السكان فيك"
أعمال مجيدة قد قيلت لأجلك يا مدينة الله (سبعينية) = في طبعة بيروت "قد قيل بكِ أمجادٌ يا مدينة الله" فهناك أمجاد ونبوات مجيدة عن أورشليم لأن الله ساكن فيها. فالله قال عنها "كالاعراء تسكن أورشليم من كثرة الناس والبهائم فيها. وانا يقول الرب أكون لها سور نار من حولها واكون مجدا في وسطها" (زك2: 4، 5). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وما أجمل هذا الوعد، أن الله يحيط بكنيسته ليحميها كسور من نار، ويسكن بمجده في وسطها. وبنفس المعنى قيل عن الكنيسة "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت18: 20) فالمسيح وسط كنيسته يحميها ويكون مجدا لها.
والكنيسة جسد المسيح، وُلِدت في أورشليم لذلك يكرر الوحي كلمة الإنسان = ولصهيون يقال هذا الانسان (المسيح يسوع) وهذا الانسان (الكنيسة) ولد فيها. فالكنيسة هي "أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ" (أف5: 30). ولد فيها = ولم يقل وُلِدوا فيها، فالكنيسة هي واحدة وحيدة، هي جسد المسيح.
وكما سكن الله في أورشليم سكن في بطن العذراء مريم. أما الترجمة السبعينية تقول أعمال والمعاني متكاملة، فالأعمال التي قيلت هي عن تجسد المسيح من بطن العذراء "ها العذراء تحبل وتلد إبنًا". ومع أن المسيح تجسد من بطن العذراء إلاّ أنه هو خالقها.
ثم يتسع المعنى إلى الكنيسة كلها= لأن سكنى الفرحين جميعهم فيك (سبعينية) = وفي طبعة بيروت يقول مغنون كعازفين كل السكان فيك فكل الموجودين في كنيسة المسيح يسبحون فرحين لأجل هذه الأعمال وهذه الأمجاد التي قيلت عن الكنيسة وعن العذراء أمنا. وهو العلي يثبتها = هو أسس أورشليم وهو أسس الكنيسة، وهو الذي يثبتها إلى الأبد.
آية (4): "«أَذْكُرُ رَهَبَ وَبَابِلَ عَارِفَتَيَّ. هُوَذَا فَلَسْطِينُ وَصُورُ مَعَ كُوشَ. هذَا وُلِدَ هُنَاكَ»."
= هي مصر ومعنى الكلمة كبرياء. بَابِلَ= مركز عبادة الأصنام. صُور= حيث الغنَى والمال والخطايا البشعة. كُوشَ = اللون الأسود رمز الخطية (إر23:13). واللون الأسود يشير لظلام النفس والقلب. هؤلاء كانوا عابدي أوثان مع فلسطين. وبعد مجيء المسيح دخل الأمم للإيمان. أَذْكُرُ رَهَبَ وَبَابِلَ عَارِفَتَيَّ = فالله لم ينسى الأمم فهم خلقته ويحبهم ويذكر أنه سيضمهم له، فكما قال سليمان في سفر الحكمة " فإنك لو أبغضت شيئًا لم تكونه " (إصحاح 11) . ولكن الله اختار اليهود أولًا ليأتي منهم المسيح في ملء الزمان، والذي فيه يدخل ملء الأمم. لذلك قيل عن مصر وَبَابِلَ عَارِفَتَيَّ وبعد أن كانت مصر رمز للكبرياء صارت بعد المسيح من المؤمنين وقيل عنها "مبارك شعبي مصر" (إش25:19). هذَا وُلِدَ هُنَاكَ = "هؤلاء ولدوا هناك" (سبعينية) فهذه الشعوب بالمعمودية ولدت هناك، أي في صهيون أي الكنيسة . وبحسب ترجمة بيروت هذا ولد هناك فيكون المقصود هو المسيح، وكل الأمم ولدوا في المسيح.
آية (5): "وَلِصِهْيَوْنَ يُقَالُ: «هذَا الإِنْسَانُ، وَهذَا الإِنْسَانُ وُلِدَ فِيهَا، وَهِيَ الْعَلِيُّ يُثَبِّتُهَا»."
هذَا الإِنْسَانُ (المسيح) وَهذَا الإِنْسَانُ (الكنيسة المولودة في المسيح، والكنيسة هي إنسان واحد، عروس واحدة وحيدة للمسيح) وُلِدَ فِيهَا في صهيون. الإنسان الذي ولد في صهيون هو المسيح الذي بصليبه صار لنا ولادة ثانية بالمعمودية، والتي بها نتحد به ونصير فيه، فتصير صهيون الكنيسة أمنا حينما نولد من الماء والروح. وهي العلي يثبتها = المسيح المولود في صهيون هو العليُّ الذي يثبت كنيسته.
آية (6): "الرَّبُّ يَعُدُّ فِي كِتَابَةِ الشُّعُوبِ: «أَنَّ هذَا وُلِدَ هُنَاكَ». سِلاَهْ."
لقد صار المسيح بولادته معدودا من شعوب البشر [بل هو ولِد في بيت لحم بسبب التعداد الذي أمر به قيصر (لو1:2) = الرَّبُّ يَعُدُّ فِي كِتَابَةِ الشُّعُوبِ]. وكل مَنْ ولد بالمعمودية يعده الله من المكتوبين في السماوات (لو20:10).
آية (7): "وَمُغَنُّونَ كَعَازِفِينَ: «كُلُّ السُّكَّانِ فِيكِ»."
هذا حال المؤمنين في الكنيسة، التسبيح والفرح بسبب ما هم فيه من سلام.
والكنيسة تصلي هذا المزمور طوال الصوم الأربعيني المقدس بعد أن يفرغ الكاهن من انتقاء الحمل ووضعه في الصينية وبعد أن يصب الخمر في الكأس، إشارة للكنيسة التي تأسست بذبيحة المسيح (التي يقدمها على المذبح)، والكنيسة التي صار يسوع المسيح ساكنًا فيها، وهو معنا على المذبح، فبعد أن سكن في بطن العذراء، هو الآن ساكن وسط كنيسته يثبتها. كنيسته المولودة في المعمودية. ونصلي بالمزمور في أثناء فترة الأربعين المقدسة لأنها تنتهي بأسبوع الآلام الذي فيه صُلِب رب المجد ومات وقام، هذه الأمور التي قامت عليها الكنيسة الجديدة.
ونصلي بهذا المزمور في الساعة السادسة، ففي هذه الساعة صُلِب رب المجد ليجمع كل الشعوب المتفرقة إلى واحد. ولن يكتب في سفر الحياة إلا الذين وُلِدوا في الكنيسة المقدسة، هؤلاء هم الفرحون الذين يسكنون فيها إلى الأبد.
كيف يولد الأمم في أورشليم؟ أورشليم كما قلنا ترمز للكنيسة التي نولد فيها كلنا بالمعمودية. ولكن المعمودية هي موت مع المسيح الذي صُلِب ومات فيها ليعطي قوة لمياه المعمودية ليموت فيه إنساننا العتيق ويقوم فيها الجديد متحدا بالمسيح الذي قام في أورشليم أيضًا. وصعد للسماء من أورشليم ليصعدنا معه. وأرسل الروح القدس على التلاميذ في أورشليم يوم الخمسين، ليبدأ تأسيس الكنيسة من أورشليم. وكل هذه الأمجاد تنبأ عنها الأنبياء = قَدْ قِيلَ بِكِ أَمْجَادٌ يَا مَدِينَةَ اللهِ.
فالكنيسة التي نولد فيها ولدت في أورشليم. حقا المسيح ولد في بيت لحم القريبة جدًا من أورشليم، لكن الكنيسة ولدت في أورشليم. فولادة الكنيسة تعني موت الخليقة العتيقة وقيام الخليقة الجديدة وعمل الروح القدس في تجديد هذه الخليقة. وكل هذا تم في أورشليم.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 88 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير مزمور 86 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7qds6fm