← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9
هو مزمور تسبيح لله على كل أعماله التي تنطق بمجده. ويلخص داود أعمال الله في:-
1. مجد الله ظاهر في السموات فهي عمل يديه.. القمر والنجوم وكل ما فوقنا.
2. التسبيح الذي يخرج من فم الأطفال. فالطفل بصعوبة يتعلم ولكنه بسهولة يسبح الله ويحبه.
3. الله الديان بعدل تظهر قداسته في دينونته، وفي دينونته يسكت العدو والمنتقم.
4. خلقة الله للإنسان، وكون الإنسان ينقص قليلًا عن الملائكة، وأن الله يعطي سلطانًا للإنسان.
5. قد ينشأ في داخل الإنسان شعور بتفاهته وأنه لا يساوي شيء (هذا شعور هام من الناحية الروحية لاكتساب فضيلة التواضع).. ولكننا نرى الجانب الآخر ليكون مفهوم التواضع صحيحًا أن الله يحب الإنسان وأعطاه سلطانًا ومن أجله تجسد وافتدى الإنسان. إذًا فالإنسان مهم جدًا عند الله. وأن الله أعد مجدًا للإنسان.
وهذا المزمور اتخذ رمزًا ونبوة صريحة عن المسيح في العهد الجديد ولنراجع:-
1. (مت16:21) فتسبيح الأطفال حدث فعلًا في دخول المسيح إلى أورشليم. وكلما عدنا لمرحلة الطفولة وبساطتها يسهل أن نسبح الله: إن لم ترجعوا وتصيروا مثل هؤلاء الأطفال..: "إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ" (مت3:18).
2. (عب6:2-8) ونقارنه مع الآيات (4-6) من المزمور. فبولس الرسول رأى في هذا نبوة عن المسيح الذي أنقص عن الملائكة بكونه صار إنسانًا ومات. ولكنه تكلل بالمجد والكرامة في قيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب.
3. (1كو27:15) ونقارنها مع آية (6) تسلطه على أعمال يديك، جعلت كل شيء تحت قدميه ونرى هنا خضوع الخليقة كلها للمسيح. فالله خلق آدم وأعطاه سلطانًا على جميع المخلوقات وفقده بالخطية، وخسر كل المجد الذي كان فيه. ولكن المسيح جاء ليعيد للإنسان المجد الذي خسره "بمجد وبهاء تكلله"، فأي مجد صار لنا بالخلاص الذي قدمه المسيح. لقد صار لنا مجد أولاد الله لأننا سنصير مثله تمامًا. (في21:3 + 1يو1:3، 2).
فهذا المزمور الذي يتحدث عن مجد الله في خلقته للطبيعة وللإنسان، يتحدث أيضًا عن عمل المسيح ليعيد المجد للإنسان بعد أن فقده بخطيته. فنرى في هذا المزمور محبة الله للإنسان وعنايته به، والمجد الذي أعد لنا وشركة الحياة الأبدية مع الرب يسوع.
على الجتية= ربما هي آلة موسيقية، أو لحن موسيقي مشهور في جت (مدينة فلسطينية وكان لداود علاقة وثيقة بها، وكان حرسه الخاص من جت. وفي العبرية كلمة جت تعني معصرة لذلك ترجمتها السبعينية على المعاصر. ولنقارن مع عنوان المزمور التاسع "على موت الابن" لنرى الارتباط، فالابن يسوع حين مات داس المعصرة وحده بصليبه (أش3:63)
آية (1): "أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا، مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ! حَيْثُ جَعَلْتَ جَلاَلَكَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ."
أَمْجَدَ اسْمَكَ = حينما سأل موسى الله عن إسمه؟ قال الله أنه يهوه (خر15:3). ويهوه تعني "أنا هو". والمسيح قال عن نفسه أنه "أنا هو" (يو28،24:8) الرب الذي تجسد وصار يسوع المسيح. فاسمه يُدْعَى عجيباً، فمن كان يتصور عمله الفدائي العجيب = الله يتجسد ويموت ويقوم ليخلص الإنسان (إش6:9). "لِذَلِكَ رَفَّعَهُ ٱللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ ٱسْمًا فَوْقَ كُلِّ ٱسْمٍ" (فى9:2). "لِكَيْ تَجْثُوَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَمَنْ عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَمَنْ تَحْتَ ٱلْأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ، لِمَجْدِ ٱللهِ ٱلْآبِ" (فى11،10:2). وصار لإسم يسوع قوة لانهائية =
"باسم يسوع الناصري قم وإمش" (أع6:3 + أع12:4). (تدريب= الالتزام بصلاة يسوع) "يا ربي يسوع المسيح إرحمني أنا الخاطئ" جَعَلْتَ جَلاَلَكَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ = فالملائكة في السموات عملها تسبيح الله. والنفس التي تسبح الله تكون في السموات وتشترك مع الملائكة في تسابيحها. ومجد الله أعلى من مجد كل السمائيين. والسمائيين يعرفون قدر الله ويمجدونه. ولكن قوله جعلت يشير لشيء جديد، إذاً فهذا يخص المسيح يسوع الذي تمجد بالجسد وصار له نفس مجد لاهوته (يو17: 1-5). وفي السبعينية جاءت هكذا "لأنه قد إرتفع عظم جلالك فوق السموات". وقوله السموات يشمل كل المخلوقات السماوية.
آية (2): "مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ أَسَّسْتَ حَمْدًا بِسَبَبِ أَضْدَادِكَ، لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ."
مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ أَسَّسْتَ حَمْدًا = المسيح الذي صار مجده أعلى من السموات، بينما كان على الأرض هاج ضده الكهنة ورؤساء الكهنة والربيين والفريسيين وأهانوه، ولكننا نجد الأطفال الصغار قد إنفتحت عيونهم وصاروا يسبحونه عند دخوله أورشليم. وهكذا كل من إنفتحت عينه يعرفه من هو ويسبحه. الأطفال = هم (المولودين جديداً في المعمودية) وهم مَنْ بالتوبة عادوا من خطيتهم ليشبهوا الأطفال في بساطتهم وطهارتهم. هؤلاء تنفتح عيونهم فيعرفونه ويسبحونه. وَالرُّضَّعِ هم من يرضعون تعاليم الكتاب المقدس (1كو2،1:3). بِسَبَبِ أَضْدَادِكَ لِتَسْكِيتِ عَدُوٍّ وَمُنْتَقِمٍ = "اختار الله جهال العالم ليخزي الحكماء، وإختار ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء".. (1كو29،27:1). فهؤلاء الأطفال الروحيين يهزمون جبابرة العالم (2كو5،4:10). قصة التجسد والفداء لن يفهمها سوى البسطاء المتضعين، فهؤلاء يسكن فيهم الروح القدس (إش15:57) فيفتح عيونهم.
يسهل على الأطفال أن يقودهم الروح القدس فيعرفوا المسيح، لأنهم لا يقاومون بعقولهم صوت الروح القدس. أما الكبار فهم بعقولهم يشككون في كل شيء. ولكن من يُخْضِع عقله لقيادة الروح القدس، سيفتح الروح القدس عينه ويعرف المسيح ويسبحه.
آية (3): "إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ، الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا،"
القمر يشير للكنيسة والنجوم يشيرون للقديسين. ما جعلهم نورًا هكذا هو عمل الروح القدس = أصابعك. وقارن مع المسيح خلق كل شيء، الذي "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ" (يو3:1).
آية (4): "فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذكُرَهُ؟ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟"
من هو الإنسان حتى تذكره وابن آدم حتى تفتقده= الإنسان عزيز جدًا في عيني الله وهنا المرتل يتعجب لهذه المحبة التي بسببها افتقدنا الله بفدائه.
آية (5): "وَتَنْقُصَهُ قَلِيلًا عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ."
الآية السابقة تشير للإنسان الضعيف وهو أقل من الملائكة بسبب جسده الضعيف. والعجيب أن يهوه الإله العظيم يتجسد ليشبه الإنسان تماما ومن ثم يفتديه ويعيد له المجد.
وهذه الآية تنطبق على المسيح الذي بتجسده صار أنْقُصَ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ: وَتَنْقُصَهُ قَلِيلًا عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، لأنه أخذ جسدنا ومات ثم تمجد في قيامته (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والإنسان بوضع عام أقل من الملائكة بسبب جسده. والمسيح بتجسده شابه الإنسان تماماً، وذلك ليعيد للإنسان مجده (يو17: 1-5، 24،22) = بِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ هذه تقال عن المسيح بعد صعوده، وتقال للإنسان الذي آمن وثبت في المسيح فصار وارثاً للمجد.
الآيات (6-8): "تُسَلِّطُهُ عَلَى أَعْمَالِ يَدَيْكَ. جَعَلْتَ كُلَّ شَيْءٍ تَحْتَ قَدَمَيْهِ: الْغَنَمَ وَالْبَقَرَ جَمِيعًا، وَبَهَائِمَ الْبَرِّ أَيْضًا، وَطُيُورَ السَّمَاءِ، وَسَمَكَ الْبَحْرِ السَّالِكَ فِي سُبُلِ الْمِيَاهِ."
هذا السلطان كان للإنسان قبل سقوطه (تك28:1). وفقد الإنسان هذا السلطان بعد السقوط كما فقد صورة المجد إذ لم يعد موجوداً في حضرته يراه فيعكس مجده. ونرى صورة للسلطان الذي عاد للإنسان على الخليقة بعد الفداء في قصة مثل الأنبا برسوم العريان والثعبان. وهذا السلطان الذي عاد للقديسين كان عربونا لعودة المجد للإنسان. ولاحظ أن الإنسان له سلطان، ولكنه سلطان محدود وليس على كل الخليقة، بل على الحيوانات والطيور والأسماك فقط (تك1 : 28) وراجع تفسير (تك1: 26).
الآية (9): "أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا، مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ!"
لا يختم المرتل تأملاته في المزمور بسلطان الإنسان بل بمجد الله وهو نفس ما قاله في آية (1) فالمجد في البداية والنهاية هو لله، ومجد الإنسان عطية منه. وهنا يسبح المرنم الله الذي قدم الفداء للإنسان ليعيده لصورة المجد.
نصلي هذا المزمور في باكر، فبعد ما صلينا (مز6) مزمور التوبة نرى هنا أمجاد التوبة. ونرى المسيح الذي توج بالمجد والكرامة بعد أن قام وصعد للسموات.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 9 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير مزمور 7 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/6wdbjjr