← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10
يرى بعض المفسرين أن داود رتل هذا المزمور عند إصعاد تابوت العهد من بيت عوبيد أدوم إلى جبل صهيون (2صم12:6-17). والتابوت يمثل الحضرة الإلهية في موكب يرتفع إلى مدينة الله المقدسة على قمم الجبال العالية. ويقول يوسيفوس أن 7 فرق مرتلين وموسيقيين كانوا يتقدمون التابوت مرتلين هذا المزمور في هذه المناسبة.
وبروح النبوة رأى داود السيد المسيح صاعدًا إلى مقدسه السماوي.
والمسيح في صعوده أعطى للإنسان أن يصعد معه إلى السماء التي فتحها هو، ولكن المرتل هنا يذكر أن من سيصعد مع المسيح له مواصفات معينة، أي من له أعمال صالحة.
(مز22) حدثنا عن المسيح المصلوب و(مز23) حدثنا عن الراعي الصالح الذي بصليبه يقودنا إلى مراعي خضراء و(مز24) نرى فيه موكب مقدس غالب داخلا من خلال أبواب السماء المفتوحة، والملك الممجد وسط شعبه يصعد بهم إلى أمجاده السماوية. ولذلك تنشد الكنيسة هذا المزمور في عيدي القيامة والصعود. فهذا المزمور نقوله في تمثيلية القيامة. فالسيد المسيح نزل إلى عالمنا ليملك علينا بصليبه، وهو يقدس حياتنا ليهبنا الاستحقاق لندخل لموضع قدسه. ونسمع هنا عن ألقاب المسيح "ملك المجد - الرب الجبار في الحروب - رب الجنود" لأن دخولنا إلى السماء احتاج أن يهزم هو الشيطان أولًا وما زال يحاربه ويغلب فينا حتى الآن، فالمعركة لم تنتهي.
ونرتل هذا المزمور في الساعة الثالثة فهو مزمور الصعود. والصعود أعقبه حلول الروح القدس.
الآيات (1، 2): "لِلرَّبِّ الأَرْضُ وَمِلْؤُهَا. الْمَسْكُونَةُ، وَكُلُّ السَّاكِنِينَ فِيهَا. لأَنَّهُ عَلَى الْبِحَارِ أَسَّسَهَا، وَعَلَى الأَنْهَارِ ثَبَّتَهَا."
الرب خلق الأرض كلها. ونرى في خلقة الأرض قدرة الله. ولكن قبل المسيح لم يعرف الرب سوى اليهود. وبعد المسيح عرفته المسكونة كلها وآمنت به، إذ ملك بالحُب على كل المسكونة. في فرح داود بصعود التابوت والشعب يُسَبِّح (2 صم 6: 15)، رأى بروح النبوة المسكونة كلها ممثلة في كنيسة العهد الجديد مسبحة لملكها المسيح وهو في وسطها، بل رأى هذه الكنيسة صاعدة للسموات مع عريسها.
عَلَى الْبِحَارِ أَسَّسَهَا
= في بداية الخليقة كان روح الله يرف على وجه المياه ليخلق ويُبدع من أجل الإنسان محبوبه، فيتمتع الإنسان بالأرض. والعالم الذي نعيش فيه يشار له بالْبِحَرِ (الْبِحَارِ) لتقلباته ومائه المالح الذي لا يروي. كان الماء يغطي الأرض كلها وأخرج الله الأرض من تحت المياه. وثبت الأرض على المياه ليحيا الإنسان عليها "ثبَّت لي الأرض لأمشي عليها" (القداس الغريغوري). أما الأَنْهَارِ فلم يكن للإنسان أن يحيا على مياه البحر المالحة، فأعطانا الله مياه الأنهار الحلوة مصادر الخيرات، لنحيا ونثبت ولا نموت، وتستمر حياة الإنسان على الأرض. ثبت الله الأرض على مياه البحار المتقلبة والغير الثابتة، كما ثبت كنيسته وسط هذا العالم المتقلب والمضطرب. وكيف يثبت الله الكنيسة؟ كان ذلك بأن أرسل الروح القدس يسكن في الكنيسة وفى كل فرد في الكنيسة. والروح القدس يشار إليه بالأنهار (يو7: 37-39). والأَنْهَار تشير للروح القدس الذي أرسله المسيح بعد الفداء ليقود المؤمنين كخليقة جديدة في المسيح ويثبت هذه الخليقة الجديدة في المسيح وسط آلام هذا العالم المتقلب ويعزيهم = على الأنهار ثبتها.الله خلق الأرض وثبتها ليحيا عليها الإنسان، ولكن حياتنا على الأرض هي لفترة محدودة نصعد بعدها للسماء. وفى الآيات (3-6) نرى شروط من يصعد للسماء. وفى الآيات (7-10) نرى سقوط الإنسان وذهابه إلى الجحيم نتيجة الخطية. ولكن أتى المسيح ليفتح أبواب الجحيم الدهرية (ما كان لأحد أن يخرج منها إلا بصليب المسيح) ويخرج نفوس الذين ماتوا على الرجاء. ويفتح أبواب الفردوس الدهرية ليدخل ومعه نفوس هؤلاء القديسين.
الآيات (3-6): "مَنْ يَصْعَدُ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ؟ وَمَنْ يَقُومُ فِي مَوْضِعِ قُدْسِهِ؟ اَلطَّاهِرُ الْيَدَيْنِ، وَالنَّقِيُّ الْقَلْبِ، الَّذِي لَمْ يَحْمِلْ نَفْسَهُ إِلَى الْبَاطِلِ، وَلاَ حَلَفَ كَذِبًا. يَحْمِلُ بَرَكَةً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، وَبِرًّا مِنْ إِلهِ خَلاَصِهِ. هذَا هُوَ الْجِيلُ الطَّالِبُهُ، الْمُلْتَمِسُونَ وَجْهَكَ يَا يَعْقُوبُ. سِلاَهْ."
من يصعد مع المسيح؟ ونلاحظ أن جبل الرب هو موضع قدسه وهو أورشليم السمائية. وهنا نرى أهمية الأعمال مثل نقاوة القلب وطهارة اليد والجهاد عمومًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهذا هو منهج الكنيسة الأرثوذكسية. ومن يجاهد لكي ينقي قلبه يعاين الله (مت8:5). ومن يسهر على نقاوة قلبه يصير قلبه سماء مقدسة يسكن فيها الله. ونلاحظ أن حياة المؤمن هي صعود مستمر ونمو مستمر، فمن يتغذى ويرتوي بمياه الأنهار (الروح القدس) ينمو ويكون له ثمار. الذي لم يحمل نفسه إلى الباطل= أي لم ينشغل بتفاهة هذا العالم وملذاته. ومن يصنع هذا ينال بركة من الرب. هؤلاء الذين يبتغون وجه إله يعقوب (الْمُلْتَمِسُونَ وَجْهَكَ يَا يَعْقُوبُ) وليس العالم.
جاءت ترجمة الآية6 في طبعة بيروت هكذا الْمُلْتَمِسُونَ وَجْهَكَ يَا يَعْقُوبُ. وجاءت الترجمة في السبعينية يبتغون وَجْهَ إله يَعْقُوبُ وترجمة السبعينية توضح المعنى مباشرة، بينما أن ترجمة بيروت تحتاج شرح لتوضيح المعنى. فالمرنم يقصد أن من يصعد جبل الرب هو من يلتمس وجه إله يعقوب بجهاده في الصلاة والسعي بالسلوك بالبر كما فعل يعقوب في جهاده مع الله فنال البركة (تك32: 24 - 29). فقول طبعة بيروت الملتمسون وجهك يا يعقوب المقصود بها من يفعل مثلك يا يعقوب. وصراع يعقوب هذا حتى الفجر مع الملاك هو جهاد في الصلاة وطلبه الرحمة كما شرحها هوشع النبي (هو12: 4).
الآيات (7-10): "اِرْفَعْنَ أَيَّتُهَا الأَرْتَاجُ رُؤُوسَكُنَّ، وَارْتَفِعْنَ أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّاتُ، فَيَدْخُلَ مَلِكُ الْمَجْدِ. مَنْ هُوَ هذَا مَلِكُ الْمَجْدِ؟ الرَّبُّ الْقَدِيرُ الْجَبَّارُ، الرَّبُّ الْجَبَّارُ فِي الْقِتَالِ. ارْفَعْنَ أَيَّتُهَا الأَرْتَاجُ رُؤُوسَكُنَّ، وَارْفَعْنَهَا أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّاتُ، فَيَدْخُلَ مَلِكُ الْمَجْدِ. مَنْ هُوَ هذَا مَلِكُ الْمَجْدِ؟ رَبُّ الْجُنُودِ هُوَ مَلِكُ الْمَجْدِ. سِلاَهْ."
في الآيات (1، 2) رأينا الله الملك الخالق
، الخلقة الأول (آدم) والخلقة الثانية في المسيح (أف2: 10) . وفي الآيات (3-6) نرى الله الملك الذي يقدس شعبه. وهنا نرى صورة الملك الغالب، المسيح الذي صار إنسانًا ثم صعد بجسد بشريتنا إلى السماء. وكما أصعد شعبه من مصر ها هو يصعد شعبه من العالم للسماء. (رؤ2:6) نرى فيه صورة الغلبة. فهو جاء ليدخل عالمنا كمحارب، يحارب بإسمنا ولحسابنا. وهنا نرى الملائكة في موكب المسيح الصاعد ينادون على الملائكة حراس أبواب السماء ليفتحوا الأبواب لملك المجد. ليفتحوا أبواب السماء= الأَبْوَابُ الدَّهْرِية. وكلمة دهرية لا تشير لأبواب الخيمة أو حتى أبواب الهيكل. لقد عبر داود بفكره من الرموز إلى الحقائق، ومن صعود تابوت العهد إلى جبل صهيون إلى صعود المسيح بجسد بشريتنا للسماء. وما كان ممكنًا أن تغلق أبواب السماء أمام رب السماء. ولكن الغريب بالنسبة للملائكة أن تجد رب السماء له جسد بشري، وكأن الملائكة تتساءل: مَنْ هذا الإنسان الذي يُفْتَح له أبواب السماء؟ فالإنسان بسبب خطيته أُغْلِقَت أمامه أبواب السماء، أبواب العدالة الدهرية. وها هو رَبُّ الْجُنُودِ يفتحها له، وهذا ما سَبَّب ذهول الملائكة فتساءلت. بل نزل الرب أولًا إلى الجحيم وفتح أبوابه الدهرية التي كانت قد أُغْلِقَت على الإنسان لمدى الدهر وهنا..
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 25 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير مزمور 23 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/gxbrh9n