مزمور 134 (133 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3

هذا المزمور هو آخر مزامير المصاعد. وما هي آخر درجة لإنسان امتلأ من الروح فملأه الروح محبة لله ولإخوته؟ لا يوجد سوى أن هذا الإنسان يحيا مسبحًا مباركًا الرب كل أيام حياته. ونصلي هذا المزمور في صلاة النوم ونقول باركوا الرب.. بالليالي. فنذكر أن هذا هو عملنا الروحي. فبالنهار نعمل لحاجة الجسد والليالي هي لله لنسبحه ونخلو معه في هدوء الليل. المزمور السابق حدثنا عن امتلاء شعب الله من الروح القدس. وعلامة الامتلاء من الروح هو التسبيح وهذا ما نراه في هذا المزمور الذي يأتي بعد (مز133) مباشرة. وهذا رأيناه مع زكريا وأليصابات فهما سبحا الله حينما امتلأ كلاهما من الروح (لو1). والتسبيح ناشئ عن الفرح الداخلي. والفرح الداخلي من ثمار الروح (غل22:5) ومن هو في حالة فرح روحي بالله نجده يسبح الله العمر كله.

آية (1): "هُوَذَا بَارِكُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ عَبِيدِ الرَّبِّ، الْوَاقِفِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ بِاللَّيَالِي."

عبيد الرب= أي خدامه الحقيقيين، الذين يعبدونه بأمانه، وملكوا الرب عليهم.

آية (2): "ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ نَحْوَ الْقُدْسِ، وَبَارِكُوا الرَّبَّ."

ارفعوا أيديكم= كما فعل موسى في أثناء حرب يشوع مع عماليق، ورفع أيدينا يجعلنا في هيئة الصليب فترتاع الشياطين من علامة الصليب التي كسرت شوكتهم. هنا وصل المسافر إلى أعلى درجات المصاعد الخمسة عشرة ووقف أمام القدس. وهذا يمثل من ظل يجاهد في حياته ليختبر الحياة السماوية بكل أفراحها التي أتى بها لنا السيد المسيح إلى الأرض، فماذا يفعل أمام ما إكتشفه من عذوبة حلاوتها فبدأ يبارك الرب = وَبَارِكُوا الرَّبَّ. وهذه التسابيح هي تعبير عن الفرح الداخلي الذي إختبره، وهي شكر لله الذي أعانه فإنتصر على كل المعوقات التي كانت في طريقه.

ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ = هذا تعبير عن رفع العين والقلب لله شكراً على هذه الحياة السماوية، ورفضاً لتفاهة الأرضيات. الله موجود في كل مكان ولكن رفع الأيادي والرأس والعينين إلى فوق وقت الصلاة هو تعبير عن تفاهة الأرضيات في نظر من إكتشف السماويات.

آية (3): "يُبَارِكُكَ الرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ، الصَّانِعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ."

صهيون= هي السماء حيث صعد المسيح، وهي الكنيسة بيت المسيح على الأرض. هذا الإنسان الذي وصل للقدس في نهاية رحلة صعوده الـ15 درجة وبدأ التسبيح، هو أيضاً بدأ يعبر عن إشتياقه لبيته السماوي. فيسمع في قلبه صوت الله الصَّانِعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ = يباركه إلهنا السماوي ويطمئنه أنه هو من صنع السموات والأرض، وهو يملأ كل مكان في السماء والأرض. وهو قادر أن يباركه في كل مكان وفي أي مكان.