← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13
هذا المزمور يكلمنا عن عودة الشعب من السبي. ولأن عودة الشعب من سبي بابل هي رمز لعودة الإنسان من سبي إبليس بعد أن حرره المسيح بصليبه نصلي هذا المزمور في صلاة الساعة السادسة. وفي الساعة السادسة صُلِب المسيح على الصليب. وعلى الصليب تحققت هذه الآية "الرحمة والحق إلتقيا" وبالصليب رَضَى الله عن شعبه وغفر إثمهم، وتكلم عنهم بالسلام.
آية (1): "رَضِيتَ يَا رَبُّ عَلَى أَرْضِكَ. أَرْجَعْتَ سَبْيَ يَعْقُوبَ."
الله بسبب أثام اليهود غضب عليهم وعلى أرض مسكنهم (هو1:4-3). ولقد خربت أرضهم وحُرِق الهيكل ودُمِّرَ تمامًا، وذهب الشعب للسبي. ولما رجعوا سبحوا الله. وكل خاطئ يعرض نفسه للخراب وحينما يتوب يرضى الله عنه فتثمر أرضه (جسده).
آية (2): "غَفَرْتَ إِثْمَ شَعْبِكَ. سَتَرْتَ كُلَّ خَطِيَّتِهِمْ. سِلاَهْ."
هذه الآية لم تتحقق إلا بشفاعة المسيح الكفارية (1يو8:1). وغفران الخطية (سَتَرْتَ كُلَّ خَطِيَّتِهِمْ) = لم يحدث للشعب حين خرجوا من مصر فلقد ماتوا في البرية، ولم يحدث في رجوعهم من بابل.
آية (3): "حَجَزْتَ كُلَّ رِجْزِكَ. رَجَعْتَ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِكَ."
حين غفرت خطايانا بدم المسيح سكن غضب الله.
الآيات (4-7): "أَرْجِعْنَا يَا إِلهَ خَلاَصِنَا، وَانْفِ غَضَبَكَ عَنَّا. هَلْ إِلَى الدَّهْرِ تَسْخَطُ عَلَيْنَا؟ هَلْ تُطِيلُ غَضَبَكَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ؟ أَلاَ تَعُودُ أَنْتَ فَتُحْيِينَا، فَيَفْرَحُ بِكَ شَعْبُكَ؟ أَرِنَا يَا رَبُّ رَحْمَتَكَ، وَأَعْطِنَا خَلاَصَكَ."
قد تكون هذه الآيات طلب مزيد من الرحمة، لأننا نجد في هذه الآيات أنها تتغير من صيغة الماضي (رضيت/ أرجعت..) إلى صيغة الرجاء ليعطيه الله له في المستقبل (ارجعنا/ أنفِ غضبك..) ويكون المرتل بهذا كأنه يطلب من شعبه ألا يكفوا عن التضرعات. فأورشليم ما زالت مهدومة والهيكل مهدوم والأعداء ما زالوا محيطين بأورشليم (راجع نحميا). وكل من عاد بالتوبة إلى الله عليه حتى وإن شعر بأن الله قد رضى عنه، ألا يكف عن التضرع أن تستمر مراحم الله، فالأعداء (إبليس والجسد والذات والموت..) ما زالوا موجودين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والمسيح بصليبه سكَّن غضب الآب ولكننا ما زال علينا أن لا نكف عن التضرع فهؤلاء الأعداء ما زالوا محيطين بنا. إلا أن الآباء رأوا أن المرتل كتب هذا بروح النبوة إذ رأى أن هذا الصلح وهذا الرضا من الله على كل العالم تم بواسطة شر اليهود الذي اكتمل في الصليب فصرخ إلى الله أن يقبل اليهود ولا يرذلهم للأبد فهم شعبه. أي يطلب إيمانهم بالمسيح.
آية (8): "إِنِّي أَسْمَعُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ اللهُ الرَّبُّ، لأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ بِالسَّلاَمِ لِشَعْبِهِ وَلأَتْقِيَائِهِ، فَلاَ يَرْجِعُنَّ إِلَى الْحَمَاقَةِ."
هكذا قال المسيح "سلامي أترك لكم.." فهو ملك السلام. أتَى بالسلام بين الله والإنسان وبين الإنسان والإنسان وبين الإنسان ونفسه. وهذا السلام مشروط بأن لا يرجع الإنسان إلى الحماقة (الخطية). إني أسمع= الله أخبره بخطته للخلاص. بل كل إنسان على علاقة وثيقة بالله يعرف إرادته وخططه مع الأبرار والأشرار. ويعرف أن الله يؤدب الشرير ليقوده للتوبة (الابن الضال). فمن يدرس الكتاب المقدس بعمق يستطيع أن يعرف خطة الله ويسمعها.
آية (9): "لأَنَّ خَلاَصَهُ قَرِيبٌ مِنْ خَائِفِيهِ، لِيَسْكُنَ الْمَجْدُ فِي أَرْضِنَا."
خَلاَصَهُ قَرِيبٌ
= لقد عَرَّفه الله بأن المسيح سيأتي قريبًا للعالم. لِيَسْكُنَ الْمَجْدُ فِي أَرْضِنَا = المسيح أتى وسكن في إسرائيل. وهو يسكن الآن فينا وفي كنيستنا. وهذا هو مجد الكنيسة ومجد كل منا، وإن لم يكن هذا المجد معلن الآن (رو8: 18).
آية (10): "الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا."
الله عادل ويحكم بالحق. والحكم الحق هو الموت على الخاطئ. والله رحيم لذلك جاء المسيح ليصلب بدلًا منَّا. لذلك الرحمة والحق إلتقيا على الصليب. البر والسلام تلاثما = البر يعني العدل. وكيف يتلاقى العدل أو البر (وهذا يطلب الموت للخاطئ) مع السلام (وهل من هو محكوم عليه بالموت يكون له سلام؟! هذا لم يحدث إلا بالصليب. وكل من يريد أن يحيا في سلام فليحيا في بر وحق.
آية (11): "الْحَقُّ مِنَ الأَرْضِ يَنْبُتُ، وَالْبِرُّ مِنَ السَّمَاءِ يَطَّلِعُ."
الْحَقُّ مِنَ الأَرْضِ يَنْبُتُ
= هذا هو جسد المسيح الذي أخذ جسدنا من العذراء مريم. ويسميه هنا الحق فالمسيح هو الحق (يو14: 6) وجاء ليشهد للحق (يو18: 37)، فكل نسل المرأة كان باطلًا فنحن بالخطية نولد، إلا المسيح فهو لم يكن من زرع بشر بل هو الْبِرُّ مِنَ السَّمَاءِ يَطَّلِعُ= فهو البر والعدل الذي "طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ" (2 صم 22: 10؛ مز 18: 9) ليأخذ جسدًا بشريًا وليأتي لنا بالسماء على الأرض. "أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" (يو17:1).
آية (12): "أَيْضًا الرَّبُّ يُعْطِي الْخَيْرَ، وَأَرْضُنَا تُعْطِي غَلَّتَهَا."
المسيح هو حبة الحنطة التي دفنت في الأرض (يو24:12) فأعطت الأرض غلتها أي خرجت الكنيسة كلها من ذلك الجنب المطعون الذي أخرج دم وماء.
يُعْطِي الْخَيْرَ = جاءت في (السبعينية) الخيرات. وقارن "فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ ٱلْآبُ ٱلَّذِي مِنَ ٱلسَّمَاءِ، يُعْطِي ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَه" (لو13:11) مع "كَمْ بِٱلْحَرِيِّ أَبُوكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَه" (مت11:7). فنفهم أن الخيرات التي وعد الله شعبه بها هو الروح القدس. يعطي الخير = المسيح يرسل الروح القدس (يو26:15)، فتولد الكنيسة من الماء والروح. والكنيسة هي (الغلة التي تعطيها أرضنا): أَرْضُنَا تُعْطِي غَلَّتَهَا. والروح القدس يقود الكنيسة من يوم المعمودية إلى آن تصل للسماء. الروح القدس يقودنا في طريق البر كما قادت السحابة شعب الله في سيناء. الروح القدس يجدد طبيعتنا، يبكتنا ويعيننا لنثبت في المسيح، في طريق البر.
آية (13): "الْبِرُّ قُدَّامَهُ يَسْلُكُ، وَيَطَأُ فِي طَرِيقِ خَطَوَاتِهِ."
المسيح شمس برنا سيقودنا، وهو يقودنا للآب، ويضعنا على الطريق إلى الآب
وَيَطَأُ فِي طَرِيقِ خَطَوَاتِهِ = "يضع في الطريق خطواته" (سبعينية) هو يقودنا في طريق البر = البر قدامه يسلك = المسيح أعطانا حياته ويستخدم أعضاءنا كألات بر (رو13:6)، هذا لِمَن يقبل. ووضع لنا وصايا نسير عليها وجعل حياته وسلوكه كنموذج نسير عليه. فنسير في طريق خطواته، نحتمل آلام العالم، يثبتنا فيه فنكون أبرار أمام الآب ويكون لنا ميراثًا معه.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 86 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير مزمور 84 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7n3ya6t