← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14
المزمور المئة والثامن والأربعون
"هللويا سبحوا الرب من السموات سبحوه في الأعالى" ع1
كاتبه:
هذا المزمور يبدأ وينتهى بكلمة هللويا، فهو من مزامير الهليل الخمسة (مز146-150).
هذا المزمور ليتورجى عند اليهود، وكان يصلى في العبادة الجماعية.
هذا المزمور من المزامير الليتورجية الهامة في الكنيسة. فهو الجزء الأول من الهوس الرابع؛ أي التسبيح الرابع الذي يصلى قبل صلاة عشية، أو في أواخر تسبحة نصف الليل.
يعتبر هذا المزمور من أعظم مزامير التسبيح؛ لأنه يضم الخليقة كلها في تسبيح واحد لله.
يناسب هذا المزمور كل مصلى يحب الله، ويريد التعبير عن مشاعره له، وكقائد للخليقة في تسبيح الله.
لا يوجد هذا المزمور بالأجبية.
(1) السموات (ع1-6)
(2) الأرض (ع7-10)
(3) البشر (ع11-14)
هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا الرَّبَّ مِنَ السَّمَاوَاتِ. سَبِّحُوهُ فِي الأَعَالِي. سَبِّحُوهُ يَا جَمِيعَ مَلاَئِكَتِهِ. سَبِّحُوهُ يَا كُلَّ جُنُودِهِ.
يدعو كاتب المزمور السموات أولًا لتسبيح الله. فالسموات تمثل ما يسمو عن الأرض وسكانها. وفى السموات عرش الله لسموه العظيم.
أول مجموعة يدعوها لتسبيح الله هم الملائكة، وجنود الله هم رتب الملائكة المختلفة. ويبدأ بالملائكة التي تسبح في السموات، وفى الأعالى؛ لأن عملهم الأساسى هو التسبيح، فهم أقدر المخلوقات على تسبيح الله، ولأنهم أرواح بلا أجساد، وينظرون الله في كل حين. ورغم أن كاتب المزمور يعلم أن الملائكة يسبحون الله دائمًا، لكنه يدعوهم للتسبيح، إذ اشتعل بالحب الإلهي، واشتاق للتسبيح فأول مجموعة خطرت على باله هم الملائكة المسبحين في كل حين.
قدر ما يحيا الإنسان سماويًا يصير مثل الملائكة، فيتذوق حلاوة أكبر في التسبيح إذ يتعلم من الملائكة كيف يكون التسبيح، ويرتفع عن الشهوات المادية، ويكتسب فضائل روحية كثيرة.
ع3، 4: سَبِّحِيهِ يَا أَيَّتُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. سَبِّحِيهِ يَا جَمِيعَ كَوَاكِبِ النُّورِ. سَبِّحِيهِ يَا سَمَاءَ السَّمَاوَاتِ، وَيَا أَيَّتُهَا الْمِيَاهُ الَّتِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ.
بعد أن دعى كاتب المزمور الملائكة لتسبح الله، وهم يمثلون المجموعة الأولى من المسبحين، أي الخورس الأول، يدعو المجموعة الثانية، أي الخورس الثاني في التسبيح، وهو الأجرام السماوية، فيدعو الشمس والقمر وكواكب النور. وينادى أيضًا على سماء السموات، ونفهم من هذا أن هناك عدد من السموات يناديها كلها لتسبيح الله، والمعروف عندنا ثلاث سموات؛ هي سماء الطيور، ثم سماء الفراغ الكونى، أي الأجرام السماوية، وبعد ذلك سماء الملائكة وتسمى السماء الثالثة التي ارتفع إليها بولس. وينادى أيضًا على المياه التي فوق السموات، وهي التي تبخرت من الأرض، وارتفعت إلى السماء، ثم تعود فتنزل على الأرض بشكل أمطار. وتسبيح هذه الكائنات لله يكون بسير هذه الكواكب بالنظام الذي وضعه الله لها. كما يمجد الإنسان الله ليس فقط بكلامه، بل أيضًا بأعماله. والسموات أيضًا تعمل أعمالًا مفيدة للإنسان، مثل الإنارة والأمطار. كل هذه أعمال تسبح الله.
السموات ترمز للإنسان الروحي الذي بسلوكه الحسن ينير لمن حوله، مثل الشمس، والقمر والكواكب، ويفيض على غيره بمحبة وخدمات مثل الأمطار؛ كل هذه تسابيح مقدمة لله من خلال أعمال الناس الروحيين.
ع5، 6: لِتُسَبِّحِ اسْمَ الرَّبِّ لأَنَّهُ أَمَرَ فَخُلِقَتْ، وَثَبَّتَهَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ، وَضَعَ لَهَا حَدًّا فَلَنْ تَتَعَدَّاهُ.
الله يفرح بخليقته التي تسبحه، وهي تسبحه لأجل ثلاثة أمور:
"لأنه أمر فخلقت": لأنه خلق السموات بأمره وكلمته، والتي نحاول الآن بالدراسات والأبحاث أن نفهم شيئًا عنها وعن نظامها؛ كل هذا تم في الحال بأمر الله.
وهكذا أيضًا يأمر الله فيهب الإنسان مواهب الروح القدس لسد احتياجات الكنيسة، مثل الوعظ والتعليم، وثمار الروح القدس، أي الفضائل لبنيان الإنسان الروحي.
"ثبتها إلى الدهر": فالله وضع لها نظامًا ثابتًا تسير عليه، مستمرًا طوال الحياة.
وهكذا أيضًا وضع الله نظامًا في الكنيسة للعبادة تسمى الطقوس؛ ليساعد الإنسان في علاقته مع الله. وعندما يثبت الإنسان الروحي في الكنيسة، يساعده الله فيثبت إلى الأبد في ملكوته السماوى.
"وضع لها حدًا فلن تتعداه" : لم يكتف الله أن يضع لها نظامًا، بل أيضًا حدودًا لا تتعداها؛ حتى لا تصطدم الكواكب مع بعضها، فتحدث كوارث في الكون. وأيضًا وضع الشمس بعيدة عن الأرض بمقدار لا يحرق البشر، وأيضًا الله يضع حدودًا للبشر حتى لا يسيئوا لغيرهم فوق الطاقة، ويسمح ببعض العجز؛ حتى لا يتمادى الإنسان في شره.
† السماوات وما فيها تمثل حضرة الله، وخضوعها له يدعوك يا أخى أن تحيا بوصايا الله، وتكون أمينًا في أعمالك فتمجد الله، وتسبحه مثل مخلوقاته السماوية.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
ع7:
سَبِّحِي الرَّبَّ مِنَ الأَرْضِ، يَا أَيَّتُهَا التَّنَانِينُ وَكُلَّ اللُّجَجِ.ينتقل كاتب المزمور إلى مجموعة جديدة، هي مجموعة ثالثة تسبح الله، وهي الأرض وما عليها، وكذا البحار وما فيها. ويذكر في هذه الآية التنانين وهي جمع تنين، الذي هو حيوان ضخم قوى؛ يعيش إما على الأرض مثل الثعبان الضخم، أو في اللجج وهي أعماق المياه، أو على شواطئها، مثل الحيتان والتماسيح. وقد اختار هذه الحيوانات المفترسة والضخمة؛ ليعلن أن كل الحيوانات؛ حتى المفترسة منها تسبح الله بسيرها في نظامها الذي حدده الله.
التنانين تمثل الحيوانات الضخمة والمفترسة وترمز للغضب. وإذ يرى الإنسان - مهما كانت قوته، أو مركزه - هذه التنانين تسير في نظامها، يخضع الإنسان لله، ويضبط غضبه، ويسعى للصلاة والتسبيح ومحبة الآخرين. واللجج أيضًا ترمز للأعماق، فينبغى أن يسبح الإنسان الله في أعماقه، أي بكل مشاعره.
ع8: النَّارُ وَالْبَرَدُ، الثَّلْجُ وَالضَّبَابُ، الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ الصَّانِعَةُ كَلِمَتَهُ.
يذكر مجموعة من الظواهر الطبيعية التي تؤثر في الأرض، مثل النار والبرد والثلج والضباب والريح العاصفة؛ كل هذه تسير في النظام الذي وضعه الله لها. ولا تخرج عن طبيعتها إلا بأمر الله، مثل النار التي لم تضر الثلاث فتية.
هذه الظواهر الطبيعية تمثل التجارب في حياة الإنسان، والله عندما يسمح بهذه التجارب يكون لخير الإنسان، إذ أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله. وإذ يقبلها الإنسان ويستمر في صلواته وتسبيحه، يعطيه الله بركات كثيرة من أجل احتماله. خاصة وأن كل هذه الظواهر تصنع كلمة الله، أي تنفذ أوامره، وهي كلها لفائدة الإنسان الذي لا يفهم معناها لأول وهلة، ولكن بخضوعه لمشيئة الله يفهم مع الوقت قصد الله وينال بركته.
ع9:
الْجِبَالُ وَكُلُّ الآكَامِ، الشَّجَرُ الْمُثْمِرُ وَكُلُّ الأَرْزِ.الجبال والآكام
الأشجار المثمرة، أو غير المثمرة
ع10:
الْوُحُوشُ وَكُلُّ الْبَهَائِمِ، الدَّبَّابَاتُ وَالطُّيُورُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ.الوحوش
وكل البهائم الدبابات
الطيور ذوات الأجنحة
† تأمل يا أخى الكائنات المحيطة على الأرض؛ لتتعلم من سلوكها شيئًا لمنفعتك، فتفرح قلب الله وتشكره، وتسبحه.
مُلُوكُ الأَرْضِ وَكُلُّ الشُّعُوبِ، الرُّؤَسَاءُ وَكُلُّ قُضَاةِ الأَرْضِ، الأَحْدَاثُ وَالْعَذَارَى أَيْضًا، الشُّيُوخُ مَعَ الْفِتْيَانِ، لِيُسَبِّحُوا اسْمَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ قَدْ تَعَالَى اسْمُهُ وَحْدَهُ. مَجْدُهُ فَوْقَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ.
إن كان المزمور تكلم أولًا عن الملائكة المسبحين لله في كل حين في السموات، فهو يختم المزمور بالتكلم عن تسبيح البشر، الذين ينبغى أن يتشبهوا بالملائكة في التسبيح، وإن كانت أجسادهم تعطلهم جزئيًا، ولكن هدفهم الذي ينبغى أن يكون أمامهم دائمًا هو تسبيح الله.
إن كانت الخليقة الجامدة المذكورة في (ع7-10) تسبح الله بخضوعها للنظام الذي خلقها الله عليه، فإن الإنسان يسمو عنها، إذ له عقل واختيار، فتظهر محبته لله عندما يسبحه، ولا يتعلق بماديات الأرض الزائلة.
يدعو المزمور كل فئات الشعب لتسبيح الله؛ سواء الملوك، أو الرؤساء، أو القضاة، وعلى الجانب الآخر المرؤوسين، أو المحكومين، الذين تحت قيادة هؤلاء السابق ذكرهم، فالكل يشكر الله على ما رتبه ووهبه له. فالشعوب في كل مكان تسبح الله الذي نظم لها دولًا، ورؤساء، وملوك، وقضاة يحكمون حياتهم بقوانين منظمة. وكذلك كل من له مكان قيادى يسبح الله على نعمة القيادة والحكم.
يدعو أيضًا المزمور الشعب بأعماره المختلفة؛ سواء الشباب ذكورًا وإناثًا فهؤلاء ينبغى أن يسبحوا الله أولًا، لإمتلائهم بالحيوية والنشاط، وكذلك أيضًا الشيوخ ذوى الخبرة مع الله، والفتيان الذين لم يبلغوا سن الشباب ولكنهم يدركون عظمة الله، فيسبحوا مع الشباب والشيوخ؛ إذ أن الإنسان ينبغى أن يسبح الله في كل مراحل حياته؛ لأنه يتمتع في كل مرحلة برعاية الله.
إن الله وحده هو الذي يستحق التسبيح من كل البشر؛ لأنه أعلى من كل ما يدعى إله، وفوق كل ما على السماء والأرض؛ لأنه هو خالقها ومدبرها كلها. فالخلائق العظيمة كلها تعلن أن خالقها أعظم بالطبع منها.
ع14:
وَيَنْصِبُ قَرْنًا لِشَعْبِهِ، فَخْرًا لِجَمِيعِ أَتْقِيَائِهِ، لِبَنِي إِسْرَائِيلَ الشَّعْبِ الْقَرِيبِ إِلَيْهِ. هَلِّلُويَا.ينصب : يقيم.
يختتم المزمور بدعوة شعب الله لتسبيحه، وذلك لما يلي:
أ - يهبهم قوة عظيمة تميزهم عن باقى الشعوب، والتي يرمز إليها بالقرن الذي يظهر للحيوان عندما يبلغ. فالله يعطى شعبه قوة بين جميع الشعوب؛ إذ يحميهم ويدافع عنهم، بل بقوته يهزموا أعداءهم الشياطين.
ب - يعطيهم الله مجدًا يفتخرون به، ويشكرون الله عليه. فيتمجد في كلامهم، وأفعالهم. ويخص بالمجد شعبه لأنهم يتقونه، أي يخافونه، فيحيوا في توبة، ويبتعدوا عن الشر، فيتمتعوا بالطهارة.
جـ- يمنحهم الله نعمة الاقتراب إليه، فيتمتعوا ليس فقط بحمايته، ومساندته لهم في كل حياتهم، بل فوق هذا يتلذذوا بعشرته، ويفرحوا ليس فقط على الأرض، بل يأخذهم معه إلى السماء؛ ليفرحوا معه إلى الأبد في ملكوته.
إن القوة والمجد والعشرة القريبة من الله قد ظهرت واضحة بتجسد المسيح، ونعم الروح القدس في الكنيسة، والتي تكمل لأولاد الله في الحياة الأبدية.
ينتهى المزمور كله بكلمة هللويا، أى دعوة لكل الخلائق أن تتهلل أمام الله، وتفرح وتسبحه؛ لأن التسبيح يملأ القلب فرحًا.
† تأمل بركات الله التي وهبها لك في العهد الجديد في كنيسته، وفى حياتك الشخصية، حتى تحرك قلبك، وتدفعك لتسبيحه، ليس فقط في الكنيسة مع باقي المؤمنين، بل أيضًا في مخدعك، وبعد هذا تمتد لتكون معك في كل خطواتك، أي تحيا حياة التسبيح على الدوام.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 149 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير مزمور 147 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/psalms/chapter-148.html
تقصير الرابط:
tak.la/3tkvh3d