← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47 - 48
المزمور المئة والسادس
"هللويا. احمدوا الرب لأنه صالح لأن إلى الأبد رحمته.
من يتكلم بجبروت الرب.." (ع1، 2)
كاتبه
متى كتب؟
يوجد تشابه بين هذا المزمور والمزمور السابق له (مز105)، فالأول يحدثنا عن رعاية الله لشعبه، أما هذا المزمور فيحدثنا عن أمانة الله مع شعبه رغم عصيانه.
يوجد بعض التشابه بين هذا المزمور و(1 أى16) والذي يذكر فيه إرجاع تابوت عهد الله.
يوجد تشابه بين هذا المزمور وصلوات عزرا (عز9)، ونحميا (نح9)، ودانيال (دا9)، وباروخ (با2) في كل هذه يذكر الكاتب تمرد وأخطاء شعب الله، ومن ناحية أخرى أمانة الله ومحبته وإحسانه.
يظهر في هذا المزمور شناعة خطايانا أمام إحسانات الله؛ لذا نسبحه. ومعنى هذا أن سقوطى في الخطية يدعونى إلى التوبة، ولا يعطلنى عن الصلاة والتسبيح.
لا يوجد هذا المزمور في صلوات الأجبية.
هذا المزمور ضمن المزامير التي تبدأ وتنتهي بهللويا، وهي ثمانية مزامير هي بخلاف هذا المزمور (مز 111، 113، 135، 146، 148، 149، 150).
(1) الأبرار يسبحون الله (ع1-5)
(2) التمرد في مصر وبرية سيناء (ع6-33)
(3) التمرد في أرض كنعان (ع34-39)
(4) عقاب الله وإنقاذه لشعبه (ع40-48)
ع1: هَلِّلُويَا. اِحْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّهُ صَالِحٌ، لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ.
يبدأ هذا المزمور بتسبيح الله لأنه صالح ورحوم إلى الأبد؛ لأن طبيعته هي الرحمة والصلاح. ولذا يفرح القلب بهذا فيبدأ بالتهليل؛ لأن الإنسان خاطئ ومحتاج لغفران الله ورحمته، كما سيظهر من تفاصيل هذا المزمور. وهذه الخطايا تدعو الإنسان للاتضاع، والتغنى بمراحم الله.
2- مَنْ يَتَكَلَّمُ بِجَبَرُوتِ الرَّبِّ؟ مَنْ يُخْبِرُ بِكُلِّ تَسَابِيحِهِ؟ 3- طُوبَى لِلْحَافِظِينَ الْحَقَّ وَلِلصَّانِعِ الْبِرَّ فِي كُلِّ حِينٍ.
يتساءل كاتب المزمور وسط جماعة المؤمنين عمن يتكلم عن قوة الله العظيمة، ويخبر بتسابيح الله؟ ويجيب في (ع3) بأن الذي يستطيع أن يسبح الله ويخبر بقوته هو الحافظ الحق، والصانع البر دائمًا. وهو من يطيع الحق؛ أي يحفظ وصاياه.
"الصانع البر كل حين" هذه نبوة واضحة عن المسيح، وينضم إليه المؤمنون به، الذين يتمتعون بعشرته؛ أي القديسون، فيستطيعوا أن يسبحوا الله من كل قلوبهم. وكل من يسعى في طريق البر، وحفظ الوصايا يتقدم في طريق التسبيح، أي أن التسبيح ليس كلمات يرددها الفم، بل حياة يحياها الإنسان، فيحدث بعظمة الله، ويمجده.
4- اذْكُرْنِي يَا رَبُّ بِرِضَا شَعْبِكَ. تَعَهَّدْنِي بِخَلاَصِكَ، 5- لأَرَى خَيْرَ مُخْتَارِيكَ. لأَفْرَحَ بِفَرَحِ أُمَّتِكَ. لأَفْتَخِرَ مَعَ مِيرَاثِكَ.
يشعر كاتب المزمور بضعفه؛ لأنه لا يصنع البر في كل حين؛ لذا يطلب من الله أن يذكره برضا شعبه؛ أي يرضى عليه؛ لأن الله رحيم، ويحب شعبه. ويطلب أيضًا معونة الله، فيطلب منه أن يتعهده بخلاصه، أي يهتم به، ويسانده؛ حتى يحفظ الحق، ويصنع البر. فيدخل إلى تذوق عشرة الله التي يتمتع بها المختارون؛ ليس فقط على الأرض، بل بالأحرى في السماء، وحينئذ يفرح فرحًا عظيمًا ويفتخر برحمة الله وإحساناته مع كل المؤمنين، الذين نالوا الميراث الأبدي.
إن كاتب المزمور يرى بعين النبوة الرسل، ومؤمنى العهد الجديد، الذين يتمتعون برؤية المسيح، وعمل الروح القدس في الكنيسة، حيث توجد خيرات روحية كثيرة تفرح القلب، ويفتخر بها كل من ينالها. فهو يشتاق إلى تجسد المسيح، ورؤية العهد الجديد، وميلاد الكنيسة.
†
ليتك يا أخى تهتم بحفظ وصايا الله، وتطبيقها في حياتك، لتشبع، وينطلق لسانك بتسبيحه في الكنيسة، وفى مخدعك، بل وفى كل مكان.
6- أَخْطَأْنَا مَعَ آبَائِنَا. أَسَأْنَا وَأَذْنَبْنَا.7- آبَاؤُنَا فِي مِصْرَ لَمْ يَفْهَمُوا عَجَائِبَكَ. لَمْ يَذْكُرُوا كَثْرَةَ مَرَاحِمِكَ، فَتَمَرَّدُوا عِنْدَ الْبَحْرِ، عِنْدَ بَحْرِ سُوفٍ.
بحر سوف
: البحر الأحمر.بمشاعر التوبة والندم يعلن كاتب المزمور نيابة عن شعب الله أنهم تمردوا على الله مرات كثيرة، وأساءوا إليه من خلال تمرد الآباء. وأول تمرد كان بعد خروجهم من أرض مصر ووصولهم إلى بحر سوف، عندما رأوا فرعون بجيشه مقبلًا عليهم. فتذمروا على موسى قائلين: هل لا توجد قبور في مصر حتى أخرجتنا لنموت في البرية أمام بحر سوف؟ ألم نقل لك: اتركنا لنعيش في برية مصر أفضل من أن نموت في البرية (خر14: 11، 12).
هذا التذمر من بني إسرائيل تم بعد أن رأوا عجائب الله في الضربات العشر التي ضرب بها المصريين، وفى نفس الوقت رحمته على شعبه التي حفظتهم من هذه الضربات. أنهم رأوا العجائب لكنهم لم يفهموها وهذا ما يحدث معنا حتى اليوم، فنرى أعمال الله معنا ولكننا لا نفهم، فنضطرب ونقلق ونتذمر.
8- فَخَلَّصَهُمْ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ، لِيُعَرِّفَ بِجَبَرُوتِهِ.9- وَانْتَهَرَ بَحْرَ سُوفٍ فَيَبِسَ، وَسَيَّرَهُمْ فِي اللُّجَجِ كَالْبَرِّيَّةِ.10- وَخَلَّصَهُمْ مِنْ يَدِ الْمُبْغِضِ، وَفَدَاهُمْ مِنْ يَدِ الْعَدُوِّ.11- وَغَطَّتِ الْمِيَاهُ مُضَايِقِيهِمْ. وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَبْقَ.12- فَآمَنُوا بِكَلاَمِهِ. غَنَّوْا بِتَسْبِيحِهِ.
اللجج
: المياه الكثيرة ويقصد بها أعماق البحر.أمام تمرد الشعب لم نر غضب الله، ولكن على العكس قوته في تخليصهم من فرعون وجيشه، إذ انتهر البحر عن طريق ضرب موسى البحر بعصاه، فانشق وانكشفت أعماق البحر، فصارت ارضًا يابسة مثل البرية، فعبر فيها شعب الله إلى البر الثاني. أما فرعون وجيشه الذين تجاسروا، وسعوا وراء بني إسرائيل، ولم يخافوا إلههم الذي ضربهم بالضربات العشر، فعندما ضرب موسى البحر مرة ثانية عاد كما كان وغرق فرعون وكل جيشه، وماتوا جميعًا، وكان أقوى جيش في العالم وقتذاك؛ لأن مصر كانت الإمبراطورية الأولى في العالم، فكانت تسيطر على من حولها. ففرح بنو إسرائيل وغنوا لله بالشكر وآمنوا به.
كما خلص الله شعبه بني إسرائيل من عبودية المصريين بعبورهم البحر الأحمر وغرق فرعون وجنوده؛ هكذا أيضًا يخلص أولاده في العهد الجديد من عبودية الشيطان بعبورهم في ماء المعمودية، فينالوا الطبيعة الجديدة وحرية أولاد الله.
13- أَسْرَعُوا فَنَسُوا أَعْمَالَهُ. لَمْ يَنْتَظِرُوا مَشُورَتَهُ.14- بَلِ اشْتَهَوْا شَهْوَةً فِي الْبَرِّيَّةِ، وَجَرَّبُوا اللهَ فِي الْقَفْرِ.15- فَأَعْطَاهُمْ سُؤْلَهُمْ، وَأَرْسَلَ هُزَالًا فِي أَنْفُسِهِمْ.
لم تمض ثلاثة أيام على عبورهم البحر الأحمر، وغرق فرعون، إلا وتذمروا لعطشهم عندما وصلوا منطقة إيليم، فلم يطلبوا مشورة الله بالصلاة والتضرع لأن المياه كانت مرة. ولكن موسى صلى، فأرشده الله ليلقى شجرة في الماء، فتحول إلى ماء عذب (خر15: 22-24). وتذمروا أيضًا بعد هذا طالبين لحمًا، فأعطاهم السلوى فشبعوا منها، إذ أكلوا بشراهة، ولكن ضربهم الله بالحيات وصارت أجسادهم ونفوسهم في هزال. وإذ صرخوا لله عمل موسى الحية النحاسية، وأنقذهم من الموت عندما نظروا إليه (عد11).
الشجرة ترمز للصليب الذي يحول المرارة إلى حلاوة، والحية النحاسية ترمز للمسيح المصلوب الذي ينقذنا من موت الخطية والشهوة.
16- وَحَسَدُوا مُوسَى فِي الْمَحَلَّةِ، وَهارُونَ قُدُّوسَ الرَّبِّ.17- فَتَحَتِ الأَرْضُ وَابْتَلَعَتْ دَاثَانَ، وَطَبَقَتْ عَلَى جَمَاعَةِ أَبِيرَامَ،18- وَاشْتَعَلَتْ نَارٌ فِي جَمَاعَتِهِمْ. اللَّهِيبُ أَحْرَقَ الأَشْرَارَ.
حسد قورح وداثان وأبيرام ومئتان وخمسون رجلًا تبعوهم وتذمروا على موسى وهارون لانفرادهم بالكهنوت والتحدث مع الله، فغضب الله عليهم، وانشقت الأرض وابتلعتهم وأحرقتهم أيضًا النار؛ ليظهر الله عظمة أولاده وليهاب كل الشعب الكهنوت.
كان موسى يرمز للمسيح كقائد لشعبه، وهارون أيضًا يرمز للمسيح رئيس كهنتنا الأعظم. وانشقاق الأرض، وابتلاع الأشرار يظهر عناية الله الذي ثبت الأرض لأجل أولاده لكنها تهتز، وتنشق وتبتلع الأشرار. والنار تظهر غضب الله لأن إلهنا نار آكلة، وترمز للنار الأبدية.
19- صَنَعُوا عِجْلًا فِي حُورِيبَ، وَسَجَدُوا لِتِمْثَال مَسْبُوكٍ،20- وَأَبْدَلُوا مَجْدَهُمْ بِمِثَالِ ثَوْرٍ آكِلِ عُشْبٍ.
حوريب
: جبل في سيناء.رغم أن شعب الله في سيناء طلب أن يرى الله، فظهر لهم الله على الجبل بمنظر عظيم، وخافوا جدًا، وقالوا لموسى أصعد أنت، وتكلم مع الله، وقل لنا. وبعدما صعد وغاب أربعين يومًا مع الله، ظنوا أنه مات، أو حدث له أى أمر غريب، فرجعوا عن عبادة الله، وطلبوا إلهًا آخر. فعمل لهم هارون عجلًا ذهبيًا ليعبدوه. وبدلًا من عبادة الله ساكن السماء انحطوا وصنعوا تمثالًا لحيوان يأكل الشعب؛ أي العجل. فهو تمرد وانحطاط في الفكر غريب جدًا، وشابهوا الأمم المحيطة بهم في عبادة الأوثان؛ مثل مصر.
21- نَسُوا اللهَ مُخَلِّصَهُمُ، الصَّانِعَ عَظَائِمَ فِي مِصْرَ،22- وَعَجَائِبَ فِي أَرْضِ حَامٍ، وَمَخَاوِفَ عَلَى بَحْرِ سُوفٍ،23- فَقَالَ بِإِهْلاَكِهِمْ. لَوْلاَ مُوسَى مُخْتَارُهُ وَقَفَ فِي الثَّغْرِ قُدَّامَهُ لِيَصْرِفَ غَضَبَهُ عَنْ إِتْلاَفِهِمْ.
أرض حام
: سكن حام ابن نوح في مصر وما حولها من بلاد في أفريقيا، والمقصود هنا أرض مصر.وقف في الثغر: تشفع وصلى.
إن تمرد شعب الله في سيناء بعبادة العجل الذهبى هو نسيان لكل أعمال الله العظيمة التي عملها معهم؛ ليخرجهم من أرض مصر، سواء الضربات العشر، أو شق البحر الأحمر، وعبورهم وغرق فرعون. فهو تمرد شنيع يستحق أن يعاقبهم الله بشدة، ويهلكهم لولا أن موسى وقف يصلى ويشفع في شعبه، فسامحهم الله (تث9: 25-29) وهذا يبين إيمان موسى ودالته عند الله، إذ وقف يصلى من أجل شعب عنيد، وقف أمام الله الغاضب على شعبه. فظهرت محبة الله وطول أناته، وتقديره الشديد للشفاعة، فسامح الشعب.
ع24-26: 24- وَرَذَلُوا الأَرْضَ الشَّهِيَّةَ. لَمْ يُؤْمِنُوا بِكَلِمَتِهِ.25- بَلْ تَمَرْمَرُوا فِي خِيَامِهِمْ. لَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ الرَّبِّ،26- فَرَفَعَ يَدَهُ عَلَيْهِمْ لِيُسْقِطَهُمْ فِي الْبَرِّيَّةِ،
تمرمروا
: تذمروا وتمردوا وصرخوا.عندما خرج بنو إسرائيل من مصر أرسل موسى اثنى عشر رجلًا ليتجسسوا أرض كنعان، فأعلنوا أن الأرض خصبة وشهية، ولكن سكانها جبابرة لا يمكن التغلب عليهم، أي لم يؤمنوا بالله، فرفضوا دخول أرض كنعان الشهية. ولم يشذ عن هؤلاء الجواسيس الأشرار إلا اثنين هما يشوع بن نون، وكالب بن يفنة، فتأثر الشعب بكلام التشكيك لعدم إيمانهم بالله، ورفضوا دخول أرض كنعان. فأقسم الله (رفع يده) أن كل الذين تمردوا لن يسمح لهم بدخول وامتلاك أرض كنعان، بل لابد أن يهلكوا في برية سيناء (عد14: 21-23). وأتاههم أربعين سنة في البرية حتى مات كل الذين تمردوا، ودخل فقط أبناؤهم الذين كانوا أطفالًا وقت هذا التمرد.
ع27: وَلِيُسْقِطَ نَسْلَهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ، وَلِيُبَدِّدَهُمْ فِي الأَرَاضِي.
ولكن عندما تمرد هذا النسل الذي دخل أرض كنعان أمر الله أن يذهبوا للسبى الآشورى، ثم البابلي، فبددهم وشتتهم بعيدًا عن بلادهم في أنحاء المملكة الأشورية، ثم البابلية؛ حتى تابوا ثم أرجعهم إلى أرضهم.
28- وَتَعَلَّقُوا بِبَعْلِ فَغُورَ، وَأَكَلُوا ذَبَائِحَ الْمَوْتَى.29- وَأَغَاظُوهُ بِأَعْمَالِهِمْ فَاقْتَحَمَهُمُ الْوَبَأُ.30- فَوَقَفَ فِينَحَاسُ وَدَانَ، فَامْتَنَعَ الْوَبَأُ.31- فَحُسِبَ لَهُ ذلِكَ بِرًّا إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ، إِلَى الأَبَدِ.
بعل
: إسم إله وثني مشهور في أمم كثيرة في الشرق.فغور: جبل في موآب والمقصود ببعل فغور: البعل الموجودة عبادته في جبل فغور ويعبده الموآبيون.
ذبائح الموتى: الذبائح المقدمة للأصنام الميتة.
دان: أي أدان وقضى وتدخل ليعاقب الفاجرين؛ الرجل اليهودي والمرأة المديانية.
حاول بالاق ملك موآب -بواسطة بلعام النبي ابن بعور- أن يلعن شعب الله فرفض الله وباركهم. فأشار بلعام على بالاق أن يلقى فتيات موآبيات إلى بني إسرائيل ليزنوا معهن، فيغضب الله عليهم، ويتخلى عنهم، فيسهل على بالاق أن ينتصر على بني إسرائيل. وحدث هذا فعلًا، فزنى بنو إسرائيل مع الموآبيات، وسجدوا لإلههن الوثني بعل فغور، وأكلوا من الذبائح المقدمة له. فضربهم الرب بالوبأ، وقتل منهم أربعة وعشرين ألفًا. وأسرع موسى وشيوخ إسرائيل إلى باب خيمة الاجتماع بالصلاة والتضرع وبكاء كثير، ولكن كان هناك بعض اليهود منغمسين في الزنا، حتى أن رجل إسرائيلى يدعى زمرى أخذ إمرأة وثنية مديانية أمام كل الشعب ودخل الخيمة ليزنى معها. فغار فينحاس الكاهن غيرة الله ضد الشر، وأخذ رمحًا وقتل به الزانيين، فهدأ غضب الله من أجل صلوات موسى ومن معه وغيرة فينحاس وأوقف الوبأ، وبارك الله فينحاس الكاهن ونسله (عد25). ويظهر من هذا بغض الله للشر وعقابه له، ومن ناحية أخرى قوة الصلاة وغيرة الأبرار وخاصة المسئولين.
32- وَأَسْخَطُوهُ عَلَى مَاءِ مَرِيبَةَ حَتَّى تَأَذَّى مُوسَى بِسَبَبِهِمْ.33- لأَنَّهُمْ أَمَرُّوا رُوحَهُ حَتَّى فَرَطَ بِشَفَتَيْهِ.
مريبة
: مكان يوجد به صخرة بجوار مدينة قادش برنيع التي تقع شمال خليج العقبة وجنوب البحر الميت وبئر سبع؛ أي جنوب أرض كنعان.أسخطوه: أغضبوه بشدة.
فرط بشفتيه: تكلم بعدم حكمة.
كان شعب بني إسرائيل كثير التذمر والتمرد؛ حتى أغضبوا موسى جدًا عندما وصلوا إلى منطقة جنوب قادش برنيع. فتضايق موسى ونطق بكلمات فيها شيء من التردد والشك إذ قال "أمن هذه الصخرة يخرج ماء". ثم ضرب الصخرة مرتين بدلًا من مرة واحدة (عد20: 10). فتضايق الله منه بمنعه - هو وهارون الذي اشترك معه في هذا الفعل - من دخول أرض كنعان، فمات الإثنان قبل دخول كنعان، ودخل يشوع بالشعب كما أمره الله.
ذكر المزمور هنا مجموعة من تمردات بني إسرائيل على الله وهي:
أ - تمردهم عند ملاحقة فرعون لهم قبل عبورهم البحر الأحمر (ع7).
ب - تمردهم لعدم وجود لحم في برية سيناء (ع14).
جـ- تمردهم على موسى وهارون لأجل اختصاصهم بالكهنوت (ع16).
د - عبادة العجل الذهبى (ع19).
هـ- رفضهم دخول أرض كنعان بسبب كلام الجواسيس (ع24).
و - الزنا وعبادة الأوثان (بعل فغور) (ع28).
ز - التذمر لعدم وجود ماء في مريبة (ع32).
†
لا تتسرع بالتذمر على الله إذا لم تجد ما تريد، ولكن اصبر، وثابر في صلواتك، فيعطيك الرب في الوقت المناسب احتياجاتك، بل يفيض عليك بأكثر مما تطلب، أو تفتكر.← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
34- لَمْ يَسْتَأْصِلُوا الأُمَمَ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ الرَّبُّ عَنْهُمْ،35- بَلِ اخْتَلَطُوا بِالأُمَمِ وَتَعَلَّمُوا أَعْمَالَهُمْ.36- وَعَبَدُوا أَصْنَامَهُمْ، فَصَارَتْ لَهُمْ شَرَكًا.
شركًا
: فخًا ومصيدة.أمر الله شعبه بعدما أدخلهم أرض كنعان أن يستاصلوا الوثنيين سكان الأرض؛ لأجل شرورهم (خر23: 32، 33). إذ أن الله أطال آناته كثيرًا عليهم ولم يرجعوا عن شرورهم. ولكن بني إسرائيل تهاونوا ولم يطيعوا الله، فحدث فيهم ما أنذرهم الله به، إذ اختلطوا بهؤلاء الوثنيين، وتعلموا أعمالهم الشريرة، أي خطاياهم، واشتركوا معهم في عبادة الأوثان. فصارت خلطتهم بهؤلاء الوثنيين فخًا لهم أبعدهم عن الله. فهم متمردون على الله، لا يطيعون وصاياه، بل أهواءهم وشهواتهم.
37- وَذَبَحُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ لِلأَوْثَانِ.38- وَأَهْرَقُوا دَمًا زَكِيًّا، دَمَ بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمِ الَّذِينَ ذَبَحُوهُمْ لأَصْنَامِ كَنْعَانَ، وَتَدَنَّسَتِ الأَرْضُ بِالدِّمَاءِ.39- وَتَنَجَّسُوا بِأَعْمَالِهِمْ وَزَنَوْا بِأَفْعَالِهِمْ.
أهرقوا
: أسالوا؛ أي جعلوا دماء بنيهم تسيل على الأرض.دمًا زكيًا: دمًا بريئًا، أي دم أبرياء وليس أشرار.
اختلاط شعب الله بالوثنيين جعلهم يقلدونهم في أفظع الأعمال، حتى أنهم ذبحوا بنيهم الذين لم يفعلوا شرًا. فرغم أن القتل خطية كبيرة جدًا، وقتل الشرير أسهل من قتل البرئ إلا أنهم يقتلون أبرياء، وأيضًا أبناءهم المحبوبين إرضاءً لأفكار الشيطان من خلال الآلهة الوثنية؛ هكذا تركوا الله ووصاياه، والتصقوا بالأشرار؛ أي سقطوا في الزنا الروحي، وصاروا نجسين. هذا هو نتيجة التمرد على الله.
†
لا تهمل يا أخى وصايا الله بأى فكر يأتيك، وتظن أنه من عقلك فهو ما دام فكرًا هدامًا ومزعجًا، فثق أنه من الشيطان؛ لأن أفكار الله ووصاياه تعطى سلامًا، وتبنى حياتك. لا تندفع في الشر فهذا زنا روحي، بل التصق بالله فتتمتع بمحبته ورعايته، وسلامه.
40- فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى شَعْبِهِ، وَكَرِهَ مِيرَاثَهُ.41- وَأَسْلَمَهُمْ لِيَدِ الأُمَمِ، وَتَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ مُبْغِضُوهُمْ.42- وَضَغَطَهُمْ أَعْدَاؤُهُمْ، فَذَلُّوا تَحْتَ يَدِهِمْ.
لما تمادى شعب الله في الشر نتيجة اختلاطهم بالوثنيين، غضب الله عليهم لتأديبهم حتى يتوبوا، فتخلى عنهم، ورفع حمايته لهم. وهنا تسلط عليهم أعداؤهم الذين اختلطوا بهم، واشتركوا معهم في الشر وأذلوهم، وسمح الله بهذا؛ حتى أنه بهذا العقاب ينتبهوا إلى خطورة الشر فيتوبوا.
43- مَرَّاتٍ كَثِيرَةً أَنْقَذَهُمْ، أَمَّا هُمْ فَعَصَوْهُ بِمَشُورَتِهِمْ وَانْحَطُّوا بِإِثْمِهِمْ.44- فَنَظَرَ إِلَى ضِيقِهِمْ إِذْ سَمِعَ صُرَاخَهُمْ.45- وَذَكَرَ لَهُمْ عَهْدَهُ، وَنَدِمَ حَسَبَ كَثْرَةِ رَحْمَتِهِ.46- وَأَعْطَاهُمْ نِعْمَةً قُدَّامَ كُلِّ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ.
إنحطوا
: هبطوا من مرتبتهم كأولاد لله وصاروا مثل الأشرار.ندم: كف عن تأديبهم.
لم يستمر الله في معاقبة أولاده، ولكن تأديبه كان مؤقتًا ليتوبوا، إذ نظر الله بأبوته ومحبته لشعبه وسمع صلواتهم وصراخهم إليه عندما أذلهم أعداؤهم، فأنقذهم بقوته؛ لأنهم أولاده الذين قطع معهم عهدًا أن يحميهم. فإن كانوا قد كسروا العهد ولكن بتوبتهم عادوا إلى الله، فرحمهم، بل أعطاهم نعمة أمام الذين أذلوهم، فارتفعوا واستراحوا بنعمة الله. كما حدث في السبي البابلي، إذ عندما تابوا وصرخوا إلى الله حنن قلب كورش ملك مادي وفارس فأعادهم إلى بلادهم، وبنوا هيكل الله. وكما حدث مع دانيال والثلاثة فتية، إذ رفعهم نبوخذنصر ليصيروا رؤساء للمملكة. وكذلك عندما رفع فرعون يوسف من السجن ليصير رئيسًا على مصر.
ع47، 48: 47- خَلِّصْنَا أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا، وَاجْمَعْنَا مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ، لِنَحْمَدَ اسْمَ قُدْسِكَ، وَنَتَفَاخَرَ بِتَسْبِيحِكَ.48- مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. وَيَقُولُ كُلُّ الشَّعْبِ: «آمِينَ». هَلِّلُويَا.
في ختام المزمور يصرخ شعب الله إليه رافضين كل تمرد، ومعلنين حاجتهم إليه بقولهم خلصنا من كل شر وذل أسقطنا أنفسنا فيه. وهذه نبوة أيضًا عن طلب شعب الله المسبى منه أن يخلصه ويجمعه من بين الأمم. وهدف الخلاص ليس فقط التحرر من ذل العبودية، بل بالأكثر الحياة مع الله، وشكره على إنقاذه لهم، ثم تسبيحه، بل والتفاخر ببنوتهم لله وسط العالم الشرير، ويظلوا يباركونه طوال حياتهم، بل إلى الأبد.
هاتان الآيتان تعلنان رغبة أبناء الله في العهد القديم المشتاقين لخلاص المسيح والحياة معه في كنيسة العهد الجديد. وهي أيضًا مشاعر الكنيسة في العهد الجديد المشتاقة للخلاص من سجن الجسد، والارتفاع إلى أمجاد الملكوت، حيث التسبيح الدائم.
هذا المزمور هو نهاية الكتاب الرابع من كتب المزامير الخمسة بحسب التقسيم اليهودي. والقسم الرابع يبدأ من المزمور التسعين حتى المزمور المئة والسادس. ونلاحظ ختام هذا القسم بـ(ع48) والذي يتكرر في نهاية كل قسم من الأقسام الأربعة. أما القسم الخامس فلا يكتب في نهايته هذه الجملة؛ لأنها نهاية كل المزامير.
†
عجيبة هي طول أناتك يا الله؛ لأنك تعطينى فرصًا متوالية للتوبة، وتحتمل عصيانى لوصاياك، وانغماسى في الخطايا. لكن رجائى هو رحمتك يا رب، فليس لى مخلص سواك، فارحمنى؛ لأنى محتاج إلى أبوتك، بل أنا أطمع أن أحيا لك، واسبحك وأتمتع بعشرتك فهذه هي الحياة الحقيقية، وليس شهوات العالم الشريرة.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 107 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير مزمور 105 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/psalms/chapter-106.html
تقصير الرابط:
tak.la/wcpv29f