← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13
المزمور المائة والأربعون
لإمام المغنين. لداود. مزمور
"انقذنى يا رب من أهل الشر من رجل الظلم احفظنى" (ع1)
كاتبه:
متى كتب
يناسب هذا المزمور كل متألم من الأشرار، ويطلب إنقاذ الله له.
يوجد تشابه بين هذا المزمور، والثلاثة مزامير التالية، وكلها تظهر معاناة البار، وطلبه الخلاص من الله، وتتشابه أيضًا مع المزامير 58، 64.
لا يوجد هذا المزمور بالأجبية.
(1) إنقاذ من الشر (ع1-5)
(2) مخلص المساكين (ع6-13)
أَنْقِذْنِي يَا رَبُّ مِنْ أَهْلِ الشَّرِّ. مِنْ رَجُلِ الظُّلْمِ احْفَظْنِي. الَّذِينَ يَتَفَكَّرُونَ بِشُرُورٍ فِي قُلُوبِهِمْ. الْيَوْمَ كُلَّهُ يَجْتَمِعُونَ لِلْقِتَالِ.
يطلب داود من الله أن ينقذه من الأشرار، والظالمين، خاصة، وأنهم قد لا يظهرون شرهم في البداية، أو يكونوا منافقين، ويظهرون عكس ما بداخلهم، ولكنهم بالتأكيد يفكرون بالشر في قلوبهم. ويظهر هذا الشر في الإساءة إلى الآخرين ومقاتلتهم، لذا يطلب داود قبل أن يحدث الشر أن ينقذه الله. وهذا يبين احتياج داود واتضاعه، بالإضافة إلى الشر المحيط به، وحاجته إلى نجدة من الله، ويبين بالتأكيد إيمانه القوى بقوة الله.
إن الأشرار هم الشياطين وكل من يتبعهم من البشر. هؤلاء أنانيون يفكرون فقط في أنفسهم، ويظلمون الآخرين، ولكنهم يتحدون فقط في الشر، فيجتمعون لمقاتلة الأبرار وظلمهم، لكن قوة الله قادرة أن تنقذ الأبرار، حتى لو اجتمع عليهم جميع الشياطين.
ع3: سَنُّوا أَلْسِنَتَهُمْ كَحَيَّةٍ. حُمَةُ الأُفْعُوَانِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ. سِلاَهْ.
الأفعوان : ذكر الثعبان السام.
حمة : سم الثعبان أو العقرب.
يشبه داود هؤلاء الأشرار في خبثهم وشرهم بالحية، التي تحتفظ بالسم، فيحتفظون بالسم تحت ألسنتهم وشفاههم، أي أن هؤلاء الأشرار ألسنتهم قاسية وحادة وتريد قتل من يقابلها. وقد كرر بولس الرسول هذه الآية؛ ليظهر شر الأشرار (رو3: 13).
هؤلاء الأشرار الذين ألسنتهم تقتل الآخرين هم الهراطقة، والخدام المغرضين الذين ينادون بأى تعاليم غريبة عن فكر الله والكنيسة.
تختتم هذه الآية بكلمة سلاه وهي وقفة موسيقية؛ ليفكر المرنم في هذا المزمور ويحترس من الأشرار، ويطلب معونة الله. وقد تكررت كلمة سلاه ثلاث مرات في هذا المزمور. وظهرت كثيرًا في الجزء الأول من المزامير، ولكن في الجزء الأخير الذي نحن فيه فهذه أول مرة.
احْفَظْنِي يَا رَبُّ مِنْ يَدَيِ الشِّرِّيرِ. مِنْ رَجُلِ الظُّلْمِ أَنْقِذْنِي. الَّذِينَ تَفَكَّرُوا فِي تَعْثِيرِ خُطُوَاتِي. أَخْفَى لِي الْمُسْتَكْبِرُونَ فَخًّا وَحِبَالًا. مَدُّوا شَبَكَةً بِجَانِبِ الطَّرِيقِ. وَضَعُوا لِي أَشْرَاكًا. سِلاَهْ.
تعثير : يسقطونى في عثرة، أي يسقطوننى في خطية ويبعدوننى عن الله.
أشراك : جمع شرك وهو المصيدة، أو الفخ.
يؤكد هنا على الله في صلاة متضرعة إليه أن ينقذه من الشرير والظالم اللذين يفكران في إسقاطه، مستخدمين كل المكر والخبث، الذي يشبهه بمكر الصياد الذي يستخدم الفخاخ والحبال والشباك والأشراك. فهذا يبين تنوع حروب إبليس والأشرار الذين يحيطون بداود، إذ حاول شاول محاولات متنوعة في القبض على داود وإهلاكه، ولكن الله نجاه من يده.
الشباك والفخاخ توضع بجوار الطريق، فإن سار البار في طريق الله لا يعثره شيء، ولكن إن انحرف عن الطريق يقع في يد الشيطان.
الطريق هو المسيح كما قال عن نفسه (يو14: 6) وهو متضع ويريد أن أولاده يتضعون مثله. أما الشياطين فهم المستكبرون، فإن سلك الأبرار باتضاع في طريق الله تعجز الشياطين عن محاربتهم.
تختم هذه الآية بكلمة سلاه، وهي وقفة موسيقية للتأمل في أهمية الصلاة التي تنقذنا من كل فخاخ الشياطين.
† تمسك بوصايا الله، واثبت في الكنيسة وأسرارها باتضاع، فيعجز الشيطان عن محاربتك.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
ع6، 7: قُلْتُ لِلرَّبِّ: «أَنْتَ إِلهِي». أَصْغِ يَا رَبُّ إِلَى صَوْتِ تَضَرُّعَاتِي. يَا رَبُّ السَّيِّدُ، قُوَّةَ خَلاَصِي، ظَلَّلْتَ رَأْسِي فِي يَوْمِ الْقِتَالِ.
أمام فخاخ الشياطين المتنوعة لم ينزعج داود، بل نظر إلى الله، وشعر بدالته عنده فقال له أنت إلهى. وتضرع إليه، أى طلبه باتضاع، بل ونسب إليه القوة، فقال له قوة خلاصى. كل هذا جعله يطمئن، ويتشجع ويزداد تمسكًا بالله.
شكر الله الذي ظلل عليه في يوم القتال. والظل هنا هو حماية رأسه من سهام الأعداء، أي صار الله له كخوذة يحميه من حروب الأشرار، وبالتالي تقدم داود وانتصر على الأعداء؛ لأن الله يحميه، أي أن داود استعاد خبرته مع الله بشكره إياه، فاطمأن وصار قويًا. وخوذة الخلاص يؤكدها لنا بولس الرسول (1 تس5: 8). والله ظلل على شعبه في برية سيناء بعمود السحاب، أي حماهم من الشمس الحارقة في البرية، كما يحمينا الآن من تجارب إبليس.
ع8: لاَ تُعْطِ يَا رَبُّ شَهَوَاتِ الشِّرِّيرِ. لاَ تُنَجِّحْ مَقَاصِدَهُ. يَتَرَفَّعُونَ. سِلاَهْ.
يطلب داود من الله أن لا يعطى الشرير شهوته، أي إهلاك داود، بل يبطل مقاصده الشريرة بالإساءة إلى الأبرار، ويظهر بطلان كبريائه وترفعه، وكراهيته للأبرار، بهذا يعطى فرصة للشرير ليراجع نفسه ويتوب، وفى نفس الوقت يثبت إيمان الأبرار بالله.
تنتهي هذه الآية بكلمة سلاه، وهي وقفة موسيقية للتأمل في بطلان الشر، وقوة الله التي تبطله شره وذلك عن طريق الصلاة.
ع9: أَمَّا رُؤُوسُ الْمُحِيطِينَ بِي فَشَقَاءُ شِفَاهِهِمْ يُغَطِّيهِمْ.
تكلم الأشرار بشفاه غاشة وخداع ليهلكوا البار، ولكن الله تدخل، وقلب شرورهم على رؤوسهم. فانقلب عليهم الشقاء الذي تمنوه بشفاههم للبار وأساء إليهم. وهكذا فإن السم الذي تحت شفاههم المذكور في (ع3) ظهر على رؤوسهم، أي أن الله أظهر خبثهم وشرهم علنًا أمام الناس. هذا ماحدث مع شاول الذي يطارد داود، إذ سقط مرتين تحت يد داود، ولكن داود سامحه، وإخوة يوسف باعوه عبدًا، فصاروا عبيدًا له، وأبشالوم حاول قتل أبيه داود، وقام عليه بجيش عظيم، فمات أبشالوم ميتة شنيعة.
هذه الآية نبوة عن المسيح الذي قام عليه الشيطان، وسُمر على الصليب فمات، وبموته أوفى الدين عنا وقيد الشيطان.
ع10، 11: لِيَسْقُطْ عَلَيْهِمْ جَمْرٌ. لِيُسْقَطُوا فِي النَّارِ، وَفِي غَمَرَاتٍ فَلاَ يَقُومُوا. رَجُلُ لِسَانٍ لاَ يَثْبُتُ فِي الأَرْضِ. رَجُلُ الظُّلْمِ يَصِيدُهُ الشَّرُّ إِلَى هَلاَكِهِ.
غمرات : مياه كثيرة وعميقة.
يواصل داود شرحه لما سيحدث للأشرار، فيقول أنه سيسقط من السماء عليهم نار فيهلكوا، كما حدث مع أهل سدوم وعمورة، وكذا مع المتذمرين الذين تبعوا قورح وداثان وأبيرام (عد16: 32) وهذه النار التي تحرقهم تقودهم إلى النار الأبدية. ويصف ما يحدث لهم بأنهم يغرقون في الماء ويهلكون، كما حدث مع فرعون وجيشه في البحر الأحمر، وكما حدث للأشرار في الطوفان. كل هذا يحدث للشرير ذى اللسان القاسى والظالم، الذي يقوده ظلمه ويسقطه في الهلاك.
ع12، 13: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الرَّبَّ يُجْرِي حُكْمًا لِلْمَسَاكِينِ وَحَقًّا لِلْبَائِسِينَ. إِنَّمَا الصِّدِّيقُونَ يَحْمَدُونَ اسْمَكَ. الْمُسْتَقِيمُونَ يَجْلِسُونَ فِي حَضْرَتِكَ.
إن كان الأشرار -كما ظهر في الآيات السابقة- سيعانون من آلام نتجت عن شرورهم، فيتعذبون كما بالنار والمياه المغرقة، فعلى العكس الله ضابط الكل يهتم بالمساكين والبائسين، أي المتضعين الذين اتكلوا عليه، فيعطيهم أحكامًا عادلة، أي يكافئهم بالسلام في قلوبهم، فيحمدون الله، ويجلسون في حضرته، أي يتمتعون بعشرته ويفرحون؛ كل هذا على الأرض.
إن كانت نهاية الأشرار هي العذاب الأبدي، فالله الديان العادل يجرى حكمًا عادلًا للمساكين والبائسين، ويكافئهم بملكوت السموات، حيث يواصلون حمدهم وشكرهم لله إلى الأبد، ويتمتعون بالجلوس بين يديه في ملكوته.
† انظر إلى الأمجاد التي أعدها الله لك حتى تحتمل آلام الأرض، ولا تنبهر بالنجاح المؤقت للأشرار، فسيأتى على رؤوسهم. فقط تمسك بإيمانك واعلم أن الله يساندك، ولن يتركك أبدًا.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 141 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير مزمور 139 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/psalms/chapter-140.html
تقصير الرابط:
tak.la/atgymh3