← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12
المزمور الثَّانِي والستون
لإمام المغنين على يدوثون. مزمور لداود
"إنما لله انتظرت نفسي.." (ع1)
كاتبه
متى كتب؟
كتب داود هذا المزمور، وأعطاه لقائد مغنين اسمه يدوثون، وهو غالبًا ايثان الأزراحى، أحد رؤساء المغنين الثلاثة أيام داود؛ إذ كان مع آساف، وهيمان الأزراحى (1 أى15: 17). ويوجد أيضًا إسم يدوثون في عنوان مزامير (39، 77).
يظهر هذا المزمور شجاعة داود، وثقته ورجاءه في الله، فهو مزمور مشجع، ومساند لكل من يمر في ضيقة.
هذا المزمور أيضًا يعلم الصبر الذي يضبط الغضب، والكبرياء.
لا يوجد هذا المزمور بالأجبية.
(1) الله مخلصي (ع1-4)
(2) الله رجائي (ع5-8)
(3) الله متكلي (ع9-12)
ع1: إِنَّمَا للهِ انْتَظَرَتْ نَفْسِي. مِنْ قِبَلِهِ خَلاَصِي.
رغم شدة الضيقة التي يعانى منها داود؛ إذ كان مطرودًا من وجه أبشالوم، ومهددًا بالموت، لكن إيمانه لم يهتز في الله مخلصه، ورفع عينيه نحوه منتظرًا خلاصه، بل انتظر الله وحده، كما تعنى الآية في الأصل العبري.
داود يتنبأ هنا عن المسيح المخلص وحده لكل البشرية، ولا خلاص بدونه، وذلك بقوله "من قبله خلاصى".
ع2:
إِنَّمَا هُوَ صَخْرَتِي وَخَلاَصِي، مَلْجَإِي، لاَ أَتَزَعْزَعُ كَثِيرًا.يشعر داود أن الله ملجأه، ويشبهه بالصخرة الثابتة القوية، وبالتالي إذ تمسك داود بالله الصخرة تثبت في إيمانه. وإن كان في البداية قد اضطرب قليلًا، ولكن رجاءه كان في العودة إلى مكانه في أورشليم. فمهما كانت قوة الإنسان فهو ضعيف، ومعرض للاضطراب. والجميل أن نرى تمسك داود بالله، فلم يدم اضطرابه، وشعر بالله مخلصه معه.
ع3: إِلَى مَتَى تَهْجِمُونَ عَلَى الإِنْسَانِ؟ تَهْدِمُونَهُ كُلُّكُمْ كَحَائِطٍ مُنْقَضٍّ، كَجِدَارٍ وَاقِعٍ!
منقض
: منهدم.يخاطب داود أعداءه ويقول لهم إلى متى تهاجمون الإنسان، وتحاولون تحطيمه كجدار، أو حائط متكسر، أو منهدم. والمقصود بالإنسان هنا هو داود، وهذا يبين مدى معاناة داود حتى أنه تزعزع قليلًا (ع2)، وفى نفس الوقت يظهر مدى إيمانه بالله الذي يثبته، فلا يقوى عليه جميع أعدائه.
الإنسان أيضًا المقصود به هو المسيح، الذي قام عليه الكل، الرومان واليهود، الرؤساء والشعب، ولكنه احتمل كل هذا لأجلنا، ومات على الصليب، لكن بقوة لاهوته قام من الأموات.
إن الأعداء هنا يرمزون للشياطين، الذين يهاجمون الإنسان الروحي، ويحاولون هدمه، فيعانى ضيقات في حياته، وقد يسقط في بعض الخطايا، ولكن بالتوبة الله يقيمه منها.
ع4: إِنَّمَا يَتَآمَرُونَ لِيَدْفَعُوهُ عَنْ شَرَفِهِ. يَرْضَوْنَ بِالْكَذِبِ. بِأَفْوَاهِهِمْ يُبَارِكُونَ وَبِقُلُوبِهِمْ يَلْعَنُونَ. سِلاَهْ.
يواصل داود وصف ما يفعله الأشرار بالبار، فيحاولون أن يبعدوه عن الأمانة، وعن عبادة الله. هذا هو الشرف، ويفعلون هذا لأنهم أولاد إبليس، فيحبون الشر، ويكرهون الخير؛ لذلك يحاولون ابعاد داود البار عن بره.
بالإضافة إلى هذا يرمى الأشرار البار باتهامات كاذبة، ويرضون بهذا لأنهم كذابون، وأيضًا مرائون. فيباركون البار بكلمات طيبة، ولكن في قلوبهم يلعنونه، ويشتمونه. هكذا فعل أبشالوم، وشمعى بن جيرا مع داود.
البار أيضًا هو المسيح، الذي حاول اليهود اصطياده بكلمة، وإيقاعه في الخطأ، واتهامه باتهامات باطلة. وكانوا يظهرون له الود وقلوبهم تريد قتله، كما فعل معه يهوذا الاسخريوطى، الذي سلمه بقبلة.
تنتهي هذه الآية بكلمة "سلاه"، وهي وقفة موسيقية للتأمل في بشاعة الشر حتى يبتعد عنه الإنسان.
† اسلك في الخير، واعمل الفضيلة، متمسكًا بوصايا الله، فهذا دليل بنوتك له. وابتعد عن الشر حتى لا تكون ابنًا لإبليس. وكلما أحببت البر، وسعيت نحوه يمتلئ قلبك سلامًا، وتنتظرك سعادة لا يعبر عنها في الملكوت.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
ع5:
إِنَّمَا للهِ انْتَظِرِي يَا نَفْسِي، لأَنَّ مِنْ قِبَلِهِ رَجَائِي.ردًا على كل مؤامرات الأشرار ضد داود نجده لا يتكلم معهم، ولكن يحدث نفسه، ويناديها أن تخضع لله، وتحتمل هذه الآلام من الأشرار، وتنتظر الرب رجاءها. وهذا يعنى أمرين:
تسليم داود نفسه لله، واتكاله عليه، وقبول جميع الآلام لأجله.
إيمانه ورجاؤه بالله، الذي حتمًا سيتدخل وينقذه من أيدي أعدائه، وهذا ما حدث فعلًا؛ إذ أعاد الله داود إلى عرشه.
إِنَّمَا هُوَ صَخْرَتِي وَخَلاَصِي، مَلْجَإِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ. عَلَى اللهِ خَلاَصِي وَمَجْدِي، صَخْرَةُ قُوَّتِي مُحْتَمَايَ فِي اللهِ.
يصف داود الله بأنه:
أ - صخرتى: فيعتمد عليه؛ لأن الصخرة ثابتة وقوية.
ب - خلاصى: فليس له منقذ من كل أعدائه، وضيقاته إلا الله القادر على كل شيء.
ج - ملجأى: فيحتمى فيه، ويتحصن من كل مؤامرات، وهجوم الأشرار.
د - مجدى: فالله لا يحمينى فقط، ولكنه أيضًا يهبنى أمجادًا أتذوقها جزئيًا على الأرض، ثم بالتمام في الأبدية.
أعلن داود في بداية المزمور أنه لا يتزعزع إلا قليلًا (ع2)، ولكن بعد أن اتكل على الله، ووضع رجاءه فيه، وشعر أنه صخرته، أصبح ثابتًا لا يتزعزع أبدًا.
ع8: تَوَكَّلُوا عَلَيْهِ فِي كُلِّ حِينٍ يَا قَوْمُ. اسْكُبُوا قُدَّامَهُ قُلُوبَكُمْ. اَللهُ مَلْجَأٌ لَنَا. سِلاَهْ.
يلخص داود نصائحه لأولاد الله المؤمنين به في ثلاثة أمور هي:
أ - توكلوا على الله: فهو السند الوحيد في الحياة، والاتكال عليه لا يكون فقط في وقت الضيقة، بل في كل حين، فيحيا الإنسان مطمئنًا من هجمات العدو المباشرة والخفية.
ب - اسكبوا قلوبكم: أي الصلاة بانسحاق وتضرع إلى الله؛ ليتدخل في الحياة. والسكب يعنى أيضًا تفريغ القلب من كل خطية، واهتمام عالمى أي التوبة، فيصبح القلب نقيًا مستعدًا للامتلاء بالله.
ج - التجئوا إليه: فهو الحصن الحصين الذي يطمئن داخله الإنسان، ويظل فيه دائمًا؛ ليحيا مطمئنًا.
تنتهي هذه الآية بكلمة "سلاه"، وهي وقفة موسيقية تدعونا للتفكير في الله رجائنا الذي نتكل عليه.
†
ليتك تعود نفسك على الصلاة كل يوم حينئذ تتحرك مشاعرك نحو الله، وتتكل عليه؛ إذ تشعر بقوته معك، فيفرح قلبك، ويمتلئ بنعمته التي تفيض عليك.
ع9:
إِنَّمَا بَاطِلٌ بَنُو آدَمَ. كَذِبٌ بَنُو الْبَشَرِ. فِي الْمَوَازِينِ هُمْ إِلَى فَوْقُ. هُمْ مِنْ بَاطِل أَجْمَعُونَ.يصف داود قوة البشر بأنها باطلة، إذ هي لا شيء أمام قوة الله. ومقاييس البشر أيضًا باطلة؛ لأن المقياس الحقيقي هو الله، وليس المال، أو الصحة، أو العلاقات الاجتماعية، وبالتالي لا يخاف داود ممن يعادونه؛ لأن قوتهم باطلة، وهو واثق في إلهه القادر أن يحميه، بل يعيده إلى عرشه بقوة.
ع10:
لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الظُّلْمِ وَلاَ تَصِيرُوا بَاطِلًا فِي الْخَطْفِ. إِنْ زَادَ الْغِنَى فَلاَ تَضَعُوا عَلَيْهِ قَلْبًا.ينصح داود شعبه بأمرين هما:
أ - عدم التعلق بمحبة المال، والغنى لأنه باطل، ولا يساند الإنسان، بل القوة من الله.
ب - عدم اللجوء إلى الظلم؛ لأنه وسيلة للطمع في ممتلكات الآخرين، والخطف منهم، فالظلم وسيلة للغنى الغير مشروع، فهذا يزيد غضب الله على الإنسان.
غضب اليهود على المسيح؛ لأنه طرد الباعة من الهيكل، فمنع تجارتهم، ووسائل غناهم؛ لأنهم أحبوا المال أكثر من الصلاة، حتى أنهم دنسوا هيكل الله بتجارتهم.
ع11، 12: مَرَّةً وَاحِدَةً تَكَلَّمَ الرَّبُّ، وَهَاتَيْنِ الاثْنَتَيْنِ سَمِعْتُ: أَنَّ الْعِزَّةَ للهِ، وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ، لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ.
يقول داود أن الله تكلم مرة واحدة، ويعنى أن كلامه واحد لا يتغير. وقد سمعه داود مرتين؛ لأن الله يكرر كلامه مرات كثيرة، حتى لا ينسى الإنسان وينتبه، ولكن محتوى الكلام واحد.
يتصف الله بصفتين أساسيتين يلزم وجودهما في الديان، وهما:
أ - العزة: أي السلطان، والقدرة، والقوة.
ب - الرحمة: أي الإشفاق، والرأفة على الكل.
من أجل هذا إذ يحمل الله هاتين الصفتين بالكمال فيه؛ لذا فهو وحده ديان الأرض كلها، وسيجازى كل إنسان بحسب أعماله في يوم الدينونة، فيكافئ الأبرار في الملكوت، ويعاقب الأشرار في العذاب الأبدي. ولا يمكن إهمال إحدى الصفتين في الله، أي الاعتماد على رحمته دون مخافته، فنتهاون مع الخطية، أو نخشى سلطانه، وننسى رحمته فنقع في اليأس.
†
تذكر دائمًا مخافة الله لترفض الخطية، أو تقوم منها سريعًا إن سقطت. وتذكر أيضًا رحمته؛ لتتشجع مهما حاربك إبليس، وظهر ضعفك أمامه، فإلهك يحبك ويرحمك، وفى نفس الوقت يحميك بمخافته من كل خطية.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 63 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير مزمور 61 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/psalms/chapter-062.html
تقصير الرابط:
tak.la/wy9zfpq