← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23
المزمور الرَّابِعُ والسبعون
قصيدة لآساف
"لماذا رفضتنا يا الله إلى الأبد" (ع1)
1. كاتبه
:أ- آساف وهو قائد المرنمين، أي كل فرق الترنيم أيام داود (1 أي 16: 5).
ب- داود وأعطاه لآساف حتى يرنمه.
2. متى كتب ؟ في أيام داود، ولكنه نبوة عن:
1- تخريب وحرق الهيكل بيد نبوخذنصر في أيام السبي البابلي (2 مل25: 1-17).
2- أو أيام انطيوخس الملك (اليوناني) عندما خرب ونهب الهيكل في زمن المكابين (1 مك1: 20-28).
ج- أو تخريب الهيكل بيد تيطس القائد الروماني عام 70 م.
3. هذا المزمور يناسب كل إنسان يقابل ضيقة عظيمة، وأثنائها قد يشعر بتأخر الله في التدخل لحل المشكلة. ويناسب الكنيسة كلها عندما تقابلها ضيقة عظيمة.
4. يوجد تشابه بين هذا المزمور ومزمور 79 وكلاهما لكاتب واحد هو آساف كما يذكر عنوانهما. وهما يتكلمان عن نفس الموضوع، وهو الضيقة التي تحل بأولاد الله.
5. كتب هذا المزمور بصيغة الماضى تأكيدًا لحتمية حدوث هذه النبوة، التي تمت حرفيًا عندما دنس العدو الهيكل بدخول الأمم إلى هيكل الله، سواء أيام نبوخذنصر، أو أنطيوخس أو الرومان.
6. هذا المزمور يرمز إلى تدمير الشيطان للإنسان بإسقاطه في الخطية، ولكن بفداء المسيح أعاده للحياه معه.
7. يعتبر هذا المزمور مرثاة للكنيسة، أو شعب الله، أو النفس البشرية، فهي متأثرة بمفارقة الله لها، هي لا تشك فيه، ولكن بحزن تظهر مدى تعبها لفقدانها الله.
8. هذا المزمور لا يوجد في صلاة الأجبية.
(1) سكوت الله على قسوة الأشرار (ع1-9)
(2) استدعاء الله العظيم (ع10-17)
(3) استغاثة لله المنقذ (ع18-23)
ع1: لِمَاذَا رَفَضْتَنَا يَا اَللهُ إِلَى الأَبَدِ؟ لِمَاذَا يُدَخِّنُ غَضَبُكَ عَلَى غَنَمِ مَرْعَاكَ؟
يعاتب كاتب المزمور الله، لأنه سمح بضيقة شديدة لشعبه، وبهذا يظهر أنه رفض شعبه، وعندما طالت التجربة قال الكاتب - بحزن- أنه يشعر باستمرار الضيقة وامتدادها كأنها إلى الأبد. والله لا يرفض شعبه إلا بسبب خطاياهم، فهو يسمح بالضيقة لتأديبهم حتى يتوبوا، فإن تابوا يسامحهم، ويرفع عنهم الضيقة.
ويتساءل الكاتب بحزن، ليقول لله لماذا تعلن غضبك على شعبك، الذي هو الغنم الذي ترعاه؟ وغضب الله هو نار آكله يخرج منها دخان أسود يغطى شعب الله، إنذارًا لهم حتى يتوبوا، وإلا فستأكلهم النار ويهلكون، ولكن الجميل أن يقول غنم مرعاك، أي أنك أنت المسئول عنا، واثقًا من محبة الله التي لا تهمل أولاده.
ع2: اذْكُرْ جَمَاعَتَكَ الَّتِي اقْتَنَيْتَهَا مُنْذُ الْقِدَمِ، وَفَدَيْتَهَا سِبْطَ مِيرَاثِكَ، جَبَلَ صِهْيَوْنَ هذَا الَّذِي سَكَنْتَ فِيهِ.
في احتياج كاتب المزمور لله لم يطالبه باحتياجاته، ولكنه ذكره بمحبته لشعبه، وأشار لأمور هامة في علاقة الله بشعبه:
شعب الله هو جماعته المنتسبة إليه، وليس لآخر.
الله هو الذي اقتنى شعبه، ودعى اسمه عليه.
علاقة الله بشعبه قديمة جدًا من أيام ابراهيم واسحق ويعقوب.
الله فدى شعبه عندما أخرجه من أرض مصر، فقتل أبكار مصر، ولكن عندما نظر إلى الدم الملطخ على الأبواب، عبر الملاك، ولم يقتل أبكار اسرائيل، أي أنه فداهم بدم الخروف، الذي هو إشارة إلى دم المسيح.
إسرائيل يشمل إثنى عشر سبطا، يجمعها هنا الكاتب بقوله "سبط ميراثك" أي أنهم كلهم ميراث الله في الأرض، إذ أنهم الشعب الوحيد الذي يؤمن بالله وقتذاك.
سكن الله بنفسه وسط شعبه في أورشليم، أي صهيون، وبارك هذا الشعب .
بكل هذه التذكارات يحنن الكاتب قلب الله على شعبه لينجيهم من التجارب التي يمرون بها.
ع3: ارْفَعْ خَطَوَاتِكَ إِلَى الْخِرَبِ الأَبَدِيَّةِ. الْكُلَّ قَدْ حَطَّمَ الْعَدُوُّ فِي الْمَقْدِسِ.
ارفع خطواتك: أسرع.
ينادي كاتب المزمور الله؛ ليتدخل سريعًا من أجل هيكله الذي تم تخريبه، ومن فظاعة التخريب يصفه بأنه خرب أبدية، أي أنه تخرب تخريبًا شديدًا، أي أنه لن يبنى إلى الأبد، ولكن بالطبع الله قادر أن يعيد بناءه. ويصف ما فعله الأعداء بأنه تخريب للكل، أي تخريب شامل وذلك بقوله " الكل قد حطم العدو"، فالحاجة شديدة لتدخل الله. كل هذا نبوة عن خراب الهيكل، كما ذكرنا في المقدمة أيام بابل، أو اليونان، أو الرومان.
العدو هو الشيطان الذي يخرب النفس البشرية، ولذا ينادى المزمور الله ليسرع إلى نجدة الإنسان، وهذا ما تم في ملء الزمان بتجسد المسيح، ليعيد الإنسان هيكلًا للروح القدس بعد أن خربه الشيطان.
ع4-6: قَدْ زَمْجَرَ مُقَاوِمُوكَ فِي وَسَطِ مَعْهَدِكَ، جَعَلُوا آيَاتِهِمْ آيَاتٍ. يَبَانُ كَأَنَّهُ رَافِعُ فُؤُوسٍ عَلَى الأَشْجَارِ الْمُشْتَبِكَةِ. وَالآنَ مَنْقُوشَاتِهِ مَعًا بِالْفُؤُوسِ وَالْمَعَاوِلِ يَكْسِرُونَ.
معهدك: مسكنك، أي خيمة الاجتماع
معاول: جمع معول وهي آلة حديدية متينة يكسر بها الصخر، أو يحفر بها الأرض، أو يحطم بها.
يشبه كاتب المزمور أصوات الأعداء الذين سيهاجمون الهيكل بأنهم كالأسود وأصواتهم هي زمجرة الأسود، أي أن أصواتهم عالية، يعلنون نصرتهم على شعبك، كأنهم صنعوا آيات عظيمة؛ لأنهم نسوا أن الله القدير يطيل آناته، ولكنه إن كان يؤدب شعبه بتخريب الهيكل، ولكنه سينتقم من الأعداء، ويعيد بناء الهيكل.
يصف قسوتهم في تحطيم وتخريب الهيكل كأنهم يحملون فئوسًا، ويقطعون الأشجار المتشابكة؛ لأنهم كسروا كل الأخشاب المنقوشة التي تزين الهيكل (2 مل 25: 8-17؛ إر 52: 12-23).
ع7-8: أَطْلَقُوا النَّارَ فِي مَقْدِسِكَ. دنَّسُوا لِلأَرْضِ مَسْكَنَ اسْمِكَ. قَالُوا فِي قُلُوبِهِمْ: «لِنُفْنِينَّهُمْ مَعًا!». أَحْرَقُوا كُلَّ مَعَاهِدِ اللهِ فِي الأَرْضِ.
معاهد الله : المجامع اليهودية التي أقامها اليهود منذ القرن الثاني قبل الميلاد في البلاد المختلفة ليقرأوا فيها الأسفار المقدسة ويفسروها ويصلوا. واستمرت حتى أيام المسيح، وفى العصر الرسولى. أما الذبائح فكانت تقدم في الهيكل فقط في أورشليم.
دخل الأعداء إلى هيكل الله، ونجسوه بأقدامهم؛ لأنه ليس مسموحًا للوثنيين أن يدخلوا الهيكل، وامتدت يدهم الأثيمة لحرق الهيكل بالنار، وحاولوا قتل اليهود. هذا ما حدث على يد نبوخذنصر عند سبى بابل عام 587 ق.م، وتكرر على يد انطيوخوس الكبير في القرن الثاني قبل الميلاد، الذي أحرق أبواب الهيكل، أما عام 70 م فقد دمر تيطس الروماني الهيكل تمامًا.
امتدت يد الأعداء لتحطيم المجامع اليهودية المنتشرة في الأرض كلها. كل هذا يبين قسوة الأعداء مع شعب الله، والله صمت على كل مافعلوه؛ لأنه كان يقصد تأديب شعبه؛ ليتوبوا.
ع9: آيَاتِنَا لاَ نَرَى. لاَ نَبِيَّ بَعْدُ، وَلاَ بَيْنَنَا مَنْ يَعْرِفُ حَتَّى مَتَى.
صار اليهود في ظلام الخطية وابتعدوا عن الله، وأتت عليهم التأديبات السابق ذكرها في الآيات الماضية، إلى جانب أنهم لم يروا آيات الله، ولا أنبياء يعلنون صوت الله لهم، مع أنه كان هناك أنبياء وآيات، ولكن اليهود لم يفهموها، ولم يطيعوا الأنبياء، بل اعتبروهم أشرارًا، وقاموا عليهم وقتلوهم، مثل أشعياء الذي نشروه، وارميا الذي رجموه، وحزقيال الذي قتلوه.
قد تكون هذه الآية نبوة عما سيحدث بعد صلب المسيح وفدائه، فلم يرَ اليهود منذ هذا الحين، وحتى الآن آيات، ولا أنبياء. ومازالوا ينتظرون المسيا، ولا يعرفون متى؛ لأنهم رفضوا المسيا المنتظر عندما تجسد ومات ليفديهم.
† إذا رأيت ضيقات تمر بك، فراجع نفسك بدلًا من التذمر، أو اليأس فقد تكون خطاياك هي السبب، وأسرع إلى التوبة فتنال بركات الله ومراحمه؛ لأنه يحبك.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
ع10، 11: حَتَّى مَتَى يَا اَللهُ يُعَيِّرُ الْمُقَاوِمُ؟ وَيُهِينُ الْعَدُوُّ اسْمَكَ إِلَى الْغَايَةِ؟ لِمَاذَا تَرُدُّ يَدَكَ وَيَمِينَكَ؟ أَخْرِجْهَا مِنْ وَسَطِ حِضْنِكَ. أَفْنِ.
يسأل كاتب المزمور الله، ويقول له ألا ترى المقاومين، والأعداء يهينون اسمك، ويعيروننا، لأننا شعبك! لماذا تصمت، وتطيل أناتك؟ وإلى متى تخفى يدك ويمينك، أو قوتك؟ فأنا أومن أنك قادر أن تفنى كل قوة الأعداء. وأنت غيور لا ترضى بهذا التعيير وهذه الإهانة. وواضح أن كاتب المزمور يستدر مراحم الله؛ ليتحنن على شعبه، ويتدخل، فيقبل توبتهم، وينقذهم.
هاتان الآيتان نبوة عن حرق الهيكل والسبي البابلي، أو اعتداء انطيوخوس، أو مقاومة اليهود للمسيح. فيطلب كاتب المزمور من الله أن يعيد بناء هيكله، ويعلن الحق، ويتمجد الابن الوحيد كما حدث في القيامة.
كل نفس بشرية تعانى من حروب إبليس تنادى بهاتين الآيتين الله؛ ليتدخل وينقذها، ويرفعها من ضعفاتها.
ع12: وَاللهُ مَلِكِي مُنْذُ الْقِدَمِ، فَاعِلُ الْخَلاَصِ فِي وَسَطِ الأَرْضِ.
يعتمد كاتب المزمور على علاقته بالله أنه ملكه طوال حياته، فهو يتكل عليه دائمًا، وهو الذي يحميه ويسنده، وليس فقط في حياته، بل أيضًا منذ القدم مع آبائه وجدوده؛ إذ أن الله يرعى شعبه من أيام الأباء إبراهيم واسحق ويعقوب، وهو وحده القادر أن يخلصه هو وشعبه من الضيقات الصعبة التي يمر بها. فهو يتكلم مع الله بدالة ليرحمه، وينقذه كما فعل منذ القدم مع شعبه، مثل إخراجهم من مصر بالضربات العشر، ثم شق البحر الأحمر، وعبور شعبه، وغرق المصريين.
لعل كاتب المزمور يتكلم بروح النبوة عن خلاص المسيح في ملء الزمان، الذي سيصنعه في أورشليم، في وسط الأرض.
ع13، 14: أَنْتَ شَقَقْتَ الْبَحْرَ بِقُوَّتِكَ. كَسَرْتَ رُؤُوسَ التَّنَانِينِ عَلَى الْمِيَاهِ. أَنْتَ رَضَضْتَ رُؤُوسَ لِوِيَاثَانَ. جَعَلْتَهُ طَعَامًا لِلشَّعْبِ، لأَهْلِ الْبَرِّيَّةِ.
التنانين: وحوش بحرية قديمة انقرضت، وكانت تهاجم السفن وركابها.
رضضت: كسَّرت
لوياثان: وحش بحرى له رؤوس، وهو شديد الافتراس، وقد انقرض، ويقول البعض لعله التمساح الموجود عند منابع النيل.
يذكر كاتب المزمور الله بأعماله السابقة مع شعبه، فهو الذي شق البحر الأحمر؛ ليعبر شعبه على اليابسة في وسط البحر، وكسر رؤوس التنانين ويقصد بهم الجنود العظماء والأبطال في جيش فرعون. وقد غرق فرعون وكل جبابرته، ورضض رؤوس لوياثان، ويقصد فرعون، فغرق، وصعدت جثث جيشه على شاطئ برية سيناء، وبدلًا أن يأكل شعب الله أكله الشعب، أي انتصر عليه، وصار مأكلًا لأهل البرية وهم وحوش البرية.
إن التنانين ولوياثان هم أيضًا الشياطين التي يكسرها المسيح في ماء المعمودية، ويجردها من سلطانها على أولاده، فيتخلص المعمدون من الطبيعة المائلة للشر، ويولدون بالطبيعة الجديدة التي تميل للحياة مع الله. فالمسيح المخلص بفدائه شق المياه، وكسر قوة الشياطين، وأعطى أولاده النصرة والسلطان على الحيات والعقارب، وكل قوة العدو.
ع15: أَنْتَ فَجَّرْتَ عَيْنًا وَسَيْلًا. أَنْتَ يَبَّسْتَ أَنْهَارًا دَائِمَةَ الْجَرَيَانِ.
ذكَّر كاتب المزمور الله أيضًا بأعماله القديمة عندما فجر عين الماء، وسالت المياه من الصخرة عندما ضربها موسى. وتكرر هذا الأمر مرات كثيرة في برية سيناء. وذكَّر الله أيضًا بأنه يبس نهر الأردن عندما دخل الكهنة أيام يشوع بن نون بتابوت العهد، فيبست المياه تحت أقدامهم، وعبر شعب الله، ودخلوا أرض كنعان. فالله القادر أن يفجر المياه، وييبس الأنهار يستطيع بالطبع أن ينقذ شعبه من أعدائه.
ترمز المياه المتفجرة والسيول إلى نفوس الأمم الذين آمنوا بالمسيح، وفاضت منهم مواهب، وأعمال بسبب الروح القدس الذي فيهم. وفى نفس الوقت يبس الله الأنهار الجارية التي ترمز لليهود الذين رفضوا الإيمان بالمسيح، فيبست أعمال الله فيهم لقساوة قلوبهم.
ع16، 17: لَكَ النَّهَارُ، وَلَكَ أَيْضًا اللَّيْلُ. أَنْتَ هَيَّأْتَ النُّورَ وَالشَّمْسَ. أَنْتَ نَصَبْتَ كُلَّ تُخُومِ الأَرْضِ. الصَّيْفَ وَالشِّتَاءَ أَنْتَ خَلَقْتَهُمَا.
تخوم: حدود
يخاطب كاتب المزمور الله، ويذكره بأنه هو خالق النهار والليل، والشمس، وكل الكواكب، ومنظم تعاقب النهار والليل، وكذا تعاقب الصيف والشتاء، وكل فصول السنة، وهو واضع حدود الطبيعة في حركة البحر، والأرض كلها، وجميع الكواكب. فالله يضع حدودًا ونظامًا لكل خلائقه؛ وبالتالي فإن قدرته عظيمة، وقادر على إنقاذ شعبه؛ لأن بيده كل شيء.
يرمز النهار والنور إلى الأبرار وخائفى الله، والليل يرمز إلى البعيدين عن الله، المنشغلين بالخطية التي يناسبها الظلمة. ولكن الشمس ترمز إلى شمس البر، أي المسيح الذي يشرق على كل المسكونة، فيضئ الأماكن التي كانت مظلمة، ويجعلها نورًا، أي أن الله يعمل في الكل، القريبين منه والبعيدين، ليؤمن الكل، ويتوب البعيدون، ويحيون معه، فيخلصون.
† تأمل كل يوم في قوة الله الذي بيده سلطان كل الخليقة؛ حتى يطمئن قلبك، وحتى تخافه، فتبتعد عن الخطية، وحينئذ يكشف لك الله جماله، فتتمتع بعشرته.
ع18: اُذْكُرْ هذَا: أَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ عَيَّرَ الرَّبَّ، وَشَعْبًا جَاهِلًا قَدْ أَهَانَ اسْمَكَ.
عيَّر: أظهر عيوبه ونسب له القبح والنقص.
ينادي كاتب المزمور الله مظهرًا بجاحة الأعداء الذين يعيرون شعبه، وينسبون الضعف لإلههم، بل يهينون اسم الله القدوس، وبالتالي يطلب منه التدخل السريع؛ ليدافع عن اسمه العظيم، ويخلص شعبه من أيدي أعدائهم، فقد كان الأعداء منذ القديم يتفاخرون بآلهتهم الوثنية، ويتطاولون على اسم إله إسرائيل.
تنطبق هذه الآية أيضًا على ما حدث مع المسيح، الذي أهانه اليهود، وتطاول عليه رؤساؤهم، واتهموه اتهامات شريرة، بأنه يتعامل مع رئيس الشياطين، وأنه مجدف وفاعل شر، وأكول وشريب خمر، محب للعشارين والزوانى.
ع19: لاَ تُسَلِّمْ لِلْوَحْشِ نَفْسَ يَمَامَتِكَ. قَطِيعَ بَائِسِيكَ لاَ تَنْسَ إِلَى الأَبَدِ.
يستمر كاتب المزمور في استدرار مراحم الله وعطفه، فيشبه شعب الله- أو كنيسته في العهد الجديد- باليمامة التي لا تستطيع الدفاع عن نفسها، وهي محبة للهدوء والسلام، ويشبه الشيطان وكل الأشرار بالوحش الذي يهاجم أولاد الله.
ويشبه أيضًا شعب الله بقطيع البائسين، أي جماعة كلها من الفقراء والضعفاء العاجزة عن الدفاع عن نفسها. ولكن الجميل في الأمر أنه يدعوهم بائسيك، أي أنهم منسوبون لله، والله لا يمكن أن ينسى من اتكل عليه، فيدافع عنه ويخلصه من أعدائه.
ع20: انْظُرْ إِلَى الْعَهْدِ، لأَنَّ مُظْلِمَاتِ الأَرْضِ امْتَلأَتْ مِنْ مَسَاكِنِ الظُّلْمِ.
مظلمات : الأماكن المظلمة.
يذكر الله أيضًا بعهده مع شعبه الذي قطعه مع الأباء قديمًا، والذي ختمه بالدم أيام موسى؛ أن يكون إلهًا لشعبه، وهم يطيعون وصاياه. أي أنه المسئول عن الدفاع عن شعبه ورعايتهم. وفى نفس الوقت يبين لله أن الأرض قد امتلأت ظلمًا، وعُمل الكثير من الظلم في الظلام، ويقصد هنا كل ظلم وقع على شعب الله؛ لذا فيلزم تدخل الله السريع لرفع هذا الظلم عن شعبه.
ع21: لاَ يَرْجِعَنَّ الْمُنْسَحِقُ خَازِيًا. الْفَقِيرُ وَالْبَائِسُ لِيُسَبِّحَا اسْمَكَ.
نتيجة تدخل الله، وانقاذه لشعبه يسبحه أولاده، ويمجدوه، لأنه نصرهم على أعدائهم، وداسوا الخزي. ولنوال مراحم الله يلزم الانسحاق- أي الاتضاع- والشعور بالاحتياج كما يشعر الفقير والبائس. فهذه هي أقصر الطرق إلى قلب الله؛ لنوال مراحمه.
ع22، 23: قُمْ يَا اَللهُ. أَقِمْ دَعْوَاكَ. اذْكُرْ تَعْيِيرَ الْجَاهِلِ إِيَّاكَ الْيَوْمَ كُلَّهُ. لاَ تَنْسَ صَوْتَ أَضْدَادِكَ، ضَجِيجَ مُقَاوِمِيكَ الصَّاعِدَ دَائِمًا.
اضدادك : جمع ضدك، والضد هو المقاوم، والمعارض.
ضجيج: صوت مرتفع ومزعج.
يختم المزمور بطلب قيام الله بعد سكوته فترة، ليقيم دعواه، ويقصد دعوى وتظلم شعبه أمامه؛ لينصفهم. وقد قال دعواك؛ لأن شعب الله منسوب إليه، فدعواهم هي دعواه. فهو القاضي والمدافع في نفس الوقت عن شعبه.
مما يدعو الله للتدخل السريع هو استمرار الأعداء في تعيير اسمه القدوس، وإظهار هذا ببجاحة، وقسوة، وعنف، الذي يعبر عنها بالضجيج. فهؤلاء الأعداء يستحقون العقاب لما يلي:
أ- أنهم جهلاء، أي وثنيون، رافضون معرفة الله.
ب- أنهم مقاومون لله (أضدادك).
ج- يتكلمون بعنف وكبرياء، فيرفعون أصواتهم بالضجيج.
وكاتب المزمور لا يقصد الانتقام من الأعداء، ولكن يطلب باتضاع تمجيد اسم الله الذي أهانه الأعداء.
† عندما تتكلم مع الآخر أظهر اهتمامك به، وليس بنفسك، فتكسب محبته وتعاطفه، ويكون مستعداَ للإحساس بك، ومساعدتك.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 75 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير مزمور 73 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/psalms/chapter-074.html
تقصير الرابط:
tak.la/7jwgwsr