← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14
المزمور الثَّامِنُ وَالأَرْبَعُونَ
تسبحة . مزمور . لبنى قورح
"عظيم هو الرب وحميد جدًا ..." (ع1)
كاتب هذا المزمور
يتكلم عن مدينة الله، أي صهيون والتي ترمز لكنيسة العهد الجديد، فيتأمل جمالها وصفاتها العظيمة.
لعل هذا المزمور نبوة عن هزيمة سنحاريب أمام أسوار أورشليم التي حماها الله (ع4-6).
لعل هذا المزمور نبوة أيضًا عن انتصار يهوشافاط على ثلاثة ملوك هم بنو عمون وموآب وأدوم الذين ارتاعوا أمام مدينة الله، أما شعب الله فكان يسبح ويمجد الله (2 أى20: 1-30).
هو مزمور لتسبيح وحمد لله مثل المزمورين السابقين له، فمزمور 46 يحدثنا عن الله الملجأ، ومزمور47 يحدثنا عن الله الملك وهذا المزمور يحدثنا عن الله في مدينته العظيمة.
هذا المزمور غير موجود بصلاة الأجبية.
(1) مدينة الله عظيمة (ع1-3)
(2) مدينة الله مخوفة (ع4-8)
(3) مدينة الله مفرحة (ع9-11)
(4) مدينة الله حصينة (ع12-14)
ع1: عَظِيمٌ هُوَ الرَّبُّ وَحَمِيدٌ جِدًّا فِي مَدِينَةِ إِلهِنَا، جَبَلِ قُدْسِهِ.
يمجد الكاتب بانى المدينة أولًا وهو الله، ويصفه بأنه عظيم، ويستحق الحمد، والشكر لأجل عنايته ورعايته لأولاده، ومن أجل كل أعماله العظيمة والصالحة.
يصف أورشليم ويلقبها بأنها جبل قدس الله، إذ هي مقامة على خمسة جبال، وفيها هيكله المقدس. ويصفها أيضًا بأنها مدينة إلهنا التي يسكن فيها ويباركها، وهذا يعنى العلاقة الخاصة مع الله، فهو إلهنا، ويظهر جمال الله في عظمة مدينته وفى هيكله. وجبل قدس الله -بروح النبوة- هو الكنيسة، ونفس كل مؤمن.
ع2: جَمِيلُ الارْتِفَاعِ، فَرَحُ كُلِّ الأَرْضِ، جَبَلُ صِهْيَوْنَ. فَرَحُ أَقَاصِي الشِّمَالِ، مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ.
يتكلم الكاتب عن صفات مدينة الله، فيصفها بما يلي:
جميل الارتفاع
فرح كل الأرض
جبل صهيون
فرح أقاصى الشمال
مدينة الملك العظيم
هذه الصفات الخمسة تتمتع بها كل نفس آمنت بالمسيح وسكن فيها، فهي سامية، ومفرحة، وثابتة وقلبها مفتوح للكل وتتمتع بسكنى المسيح فيها.
ع3: اَللهُ فِي قُصُورِهَا يُعْرَفُ مَلْجَأً.
قصور مدينة الله هي مبانيها العظيمة التي يباركها الله، فتصير ملجأ لسكانها، يحتمون فيها لأن الله معهم. وهذا ما حدث لأورشليم طالما هي ثابتة في إيمانها، ولكن عندما تركت الله، وعبدت الأوثان دمرها البابليون.
إن القصور هي نفوس المؤمنين التي يسكن فيها الله، فتصير ملجأ يلتجئ إليه كل البشر؛ ليأخذوا من سلامها وفرحها، ويتعلمون منها كيف يحيون مع الله. فهي ملجأ لهم وسط برية العالم.
† إن الله يريد أن يجمل نفسك، فيرفعها فوق العالم؛ لكي تكون نور لكل إنسان فاخضع له، وتمسك بوصاياه؛ ليسكن فيك ويشبعك ويفرحك ويعمل بك.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
ع4-7: لأَنَّهُ هُوَذَا الْمُلُوكُ اجْتَمَعُوا. مَضَوْا جَمِيعًا. لَمَّا رَأَوْا بُهِتُوا، ارْتَاعُوا، فَرُّوا. أَخَذَتْهُمُ الرِّعْدَةُ هُنَاكَ، وَالْمَخَاضُ كَوَالِدَةٍ. بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ تَكْسِرُ سُفُنَ تَرْشِيشَ.
ترشيش: مدينة تجارية شهيرة في العالم القديم وهي تقع جنوب أسبانيا.
يحدثنا كاتب المزمور عن اجتماع ملوك لمهاجمة مدينة الله أورشليم، ولكن الغريب أن بعد اجتماعهم انصرفوا، ولم يستطيعوا الإساءة إلى المدينة. يا ترى لماذا؟!
يعلن السبب وهو أن هؤلاء الملوك رأوا شيئًا أدهشهم، فتعجبوا جدًا، ثم خافوا خوفًا عظيمًا، فهربوا سريعًا.وشعروا برعب شديد، بل تألموا من خوفهم، كما تتألم المرأة وهي تلد، إذ يأتي عليها آلام المخاض فجأة، هكذا تألموا بشدة، وهربوا بعيدًا. ويشبه فزع هؤلاء الأعداء الشديد المفاجئ بما يحدث عند هبوب ريح شرقية قوية على سفن ترشيش العظيمة، فتكسرها وتخربها.
حدث هذا فعلًا أكثر من مرة مع مدينة أورشليم، إذ اجتمع ملوك موآب وأدوم وبنو عموان لمهاجمة أورشليم أيام يهوشافاط الملك، الذي صلى إلى الله فطمأنه، وخرج يهوشافاط بجيشه وفى مقدمته فرق المسبحين، الذين لما رأتهم الجيوش المتحالفة للأعداء بهتوا، وتعجبوا جدًا لهذا التسبيح، ولكنهم خافوا بشدة عندما قامت عليهم مجموعة من الجنود كانوا مختبئين في أكمنة، وغطاهم الذعر فهربوا. ولعل هذه الأكمنة كانت جنودًا ملائكية (2 أى20: 22). وحدث أيضًا عندما اجتمع رؤساء جيوش الأشوريين، وحاصروا أورشليم بقيادة سنحاريب أيام حزقيا ملك يهوذا، الذي صلى إلى الله، فطمأنه أشعياء النبي. وفى الليل ظهر ملاك الرب بسيفه المسلول لجيوش الأشوريين، فبهتوا، ثم خافوا جدًا، خاصة عندما بدأ سيف الملاك يعمل في رقابهم، فسقط 185.000 جنديًا من جيوش الأعداء، وهرب الباقون (2 مل19: 35).
هذه الآيات تُظهر أنه مهما كانت قوة الأعداء وكبرياؤهم وعظمتهم، مثل سفن ترشيش، فإن الله - إذ يراهم يرغبون في الإساءة إلى مدينته أورشليم - يخيفهم، فينزعجون، ويتألمون، ويهربون. والريح الشرقية ترمز للروح القدس، الذي يحطم قوة غيرالمؤمنين المهاجمين لمدينة الله، بل يحول بعضهم إلى الإيمان، والباقون يهربون في خوف شديد.
ع8: كَمَا سَمِعْنَا هكَذَا رَأَيْنَا في مَدِينَةِ رَبِّ الْجُنُودِ، فِي مَدِينَةِ إِلهِنَا. اللهُ يُثَبِّتُهَا إِلَى الأَبَدِ. سِلاَهْ.
يعلن الكاتب أن حماية الله لمدينته تحققت أيام الآباء، وسمعنا عنها منهم، مثل الضربات العشر في مصر، وعبور البحر الأحمر، وكذلك انشقاق الأردن، وعبور شعب الله، وسقوط أسوار أريحا، وكل انتصارات الله في أرض كنعان. وبالإضافة إلى هذا يقول الكاتب قد رأينا بأعيننا أعمال الله، وحمايته لأولاده في جيلنا، فأعمال الله متجددة كل يوم، فهو "هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد" (عب13: 8). وهو رب الجنود السماوية الذي لا يقهر، ويحمى مدينته، ويثبتها إلى الأبد. والمقصود بالثبات إلى الأبد هي أورشليم السماوية، حيث يملك أولاد الله إلى الأبد معه؛ لأن أورشليم الأرضية تخربت أكثر من مرة، ولكن التي تثبت إلى الأبد هي أورشليم السماوية.
توجد في نهاية الآية كلمة سلاه، وهي وقفة موسيقية للتأمل في عظمة مدينة الله، وعمله القوى فيها حتى نمجده، ونسبحه.
† آمن بالله وتمسك بوصاياه مهما أحاطت بك الضيقات، أو التهديدات، فهي لا تستطيع أن تؤذيك، والله يحفظك، ويثبت إيمانك، حتى ينقلك إلى السماء، ويمتعك معه في ملكوته.
ع9، 10: ذَكَرْنَا يَا اَللهُ رَحْمَتَكَ فِي وَسَطِ هَيْكَلِكَ. نَظِيرُ اسْمِكَ يَا اَللهُ تَسْبِيحُكَ إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. يَمِينُكَ مَلآنَةٌ بِرًّا.
بعد أن سمعنا ورأينا عظمة الله في (ع8) الآن نذكر ونحدث بأعماله العظيمة في هذه الآية.
الوجود في هيكل الله يشعرنا بحضرته، ويجعلنا نتذكره، ونذكر رحمته وأعماله العظيمة. فكما أن اسمه قدوس، كذلك أعماله كلها مقدسة، وعظيمة، وخيرة. وأسمى صورة لرحمة الله تظهر في تنازله ليعطينا جسده ودمه على المذبح كل يوم غفرانًا، وعزاءً، وشبعًا لأولاده.
طبيعة الله أن يصنع البر، ويمينه، أى قوته تظهر في كثرة بره. وأعظم صورة ليمينه هي تجسد ابنه الوحيد يسوع المسيح ليفدى البشرية، ويملأ الدنيا برأ بأعماله الصالحة. هذا كله يجعل المؤمنون بالله يسبحونه على الدوام.
ع11: يَفْرَحُ جَبَلُ صِهْيَوْنَ، تَبْتَهِجُ بَنَاتُ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ أَحْكَامِكَ.
إن الله الذي يحكم العالم بحكمته خلق كل الأشياء، ووضع لها نواميس تسير عليها، بالإضافة إلى وصاياه وأحكامه، التي أعطاها لأولاده ليحيوا بها، فتقودهم إلى الملكوت. كل هذا تفرح به مدينته صهيون، أي أورشليم الثابتة بقوته مثل الجبل، وهي ترمز لكنيسة العهد الجديد الثابتة، ولأورشليم السماوية الثابتة إلى الأبد، وتفرح كذلك بنات يهوذا اللاتي يعبدن الله في أورشليم، وهي ترمز لنفوس المؤمنين بالله، فإنهم يفرحون بوجوده في وسطهم، وبأحكامه ووصاياه التي ترشدهم في طريقهم.
† الله يدعوك للفرح إذا تأملت في وصاياه، وكلامه، فتشبع من الكتاب المقدس كل يوم، وتسبح اسمه القدوس، ويمتلئ قلبك سلامًا.
ع12، 13: طُوفُوا بِصِهْيَوْنَ، وَدُورُوا حَوْلَهَا. عُدُّوا أَبْرَاجَهَا. ضَعُوا قُلُوبَكُمْ عَلَى مَتَارِسِهَا. تَأَمَّلُوا قُصُورَهَا لِكَيْ تُحَدِّثُوا بِهَا جِيلًا آخَرَ.
صهيون هو أهم الجبال المبنية عليها مدينة أورشليم، فيدعو الكاتب المؤمنين أن يطوفوا، ويدوروا حول المدينة؛ ليتأملوا جمالها، ويروا ثباتها. وكانت هذه عادة يقوم بها القدماء بعد انتهاء الحرب؛ ليتأكدوا من سلامة أسوار المدينة وأبراجها، وبهذا الطواف يكتشفون قوة الله، وحمايته فيمجدوه، كما يحتاج الإنسان أن يطوف بحياته، ويتأملها بعد كل حرب روحية، أي يحاسب نفسه؛ ليطمئن على سلامته من أي شر، ويمجد الله الذي اجتاز به التجربة.
إن الأبراج هي أماكن المراقبة أثناء الحرب لحماية المدينة من الأعداء، والمتاريس هي الحوائط المبنية ليحتمى خلفها السكان، والقصور هي أعظم المباني داخل المدينة. والأبراج ترمز للقديسين، والمتاريس ترمز لوسائط النعمة، والقصور ترمز للفضائل التي تتزين بها الكنيسة وكل مؤمن. ولذا ينبغى أن يفحص كل إنسان نفسه، ومدى تمسكه بالقداسة، ووسائط النعمة، وسعيه لاقتناء الفضائل، ويشكر الله على كل بركاته، ويحدث بها أولاده؛ ليثبتوا في الإيمان، ويتمتعوا بعمل الله في الكنيسة.
ع14: لأَنَّ اللهَ هذَا هُوَ إِلهُنَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ. هُوَ يَهْدِينَا حَتَّى إِلَى الْمَوْتِ.
في ختام المزمور يعلن الكاتب حقيقة هامة، وهي أن الله الذي أسس، وحفظ هذه المدينة وهيكلها هو إلهنا الذي نعبده بكل قلوبنا، خاصة وأنه يسير معنا في طريق الحياة، ويهدينا إلى الملكوت طوال العمر حتى الموت، بل ويمتد معنا في الملكوت إلى الأبد؛ ليمتعنا بعشرته.
† ليتك تحاسب نفسك كل يوم، لتعرف كم أسقطك العدو في الخطية، وكيف حفظك الله من شرور كثيرة، وتراجع مدى نشاطك في السعى نحو الفضيلة؛ لتتحصن فيها. وإذ يرى الله اهتمامك يساندك، ويباركك، ويثبتك.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 49 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير مزمور 47 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/psalms/chapter-048.html
تقصير الرابط:
tak.la/pravn75