← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23
المزمور الخَامِسُ والخمسون
لإمام المغنين على ذوات الأوتار. قصيدة لداود
"اصغ يا الله إلى صلاتي ولا تتغاضى عن تضرعي.." (ع1)
كاتبه
متى كتب؟
كان هذا المزمور –كما يُشار في العنوان– يُرَنَّم بمصاحبة ذوات الأوتار، وهي آلات موسيقية وترية، كل منها له وتر واحد.
يتشابه هذا المزمور مع المزمور (41) في أن كليهما يتحدثا عن خيانة الصديق.
لأن هذا المزمور يتحدث عن خيانة الصديق، فهو نبوة عن إرميا، وخيانة أهله ومحبيه له (إر12: 6)، وكذلك نبوة عن خيانة يهوذا الإسخريوطى للمسيح (مت26: 14).
لا يوجد هذا المزمور في صلوات الأجبية.
(1) خوف واستغاثة (ع1-8)
(2) عداوة الخائنين (ع9-15)
(3) الله يخلصني من الخونة (ع16-21)
(4) الاتكال على الله (ع22، 23)
ع1: اِصْغَ يَا اَللهُ إِلَى صَلاَتِي، وَلاَ تَتَغَاضَ عَنْ تَضَرُّعِي.
تتغاضى
: تتغافل وتتجاهل.أحس داود أنه في ضيقة، فطلب من الله أن ينصت باهتمام إلى صلاته، ولا يهمل تضرعاته، التي هي صلوات بتذلل وانسحاق أمام الله. كل هذا يبين مدى إحساس داود باحتياجه لله؛ لأنه في ضيقة كبيرة.
ع2: اسْتَمِعْ لِي وَاسْتَجِبْ لِي. أَتَحَيَّرُ فِي كُرْبَتِي وَأَضْطَرِبُ،
كربتى
: ضيقتى الشديدة.واجه داود ضيقة شديدة؛ حتى أن قلبه اضطرب ولم يعرف ماذا يفعل، فأسرع إلى الله، ورفع صلواته، وطلب منه أمرين:
أ - أن يتنازل ويسمعه، أي يتنازل الله عن عظمته، ويسمع الإنسان الحقير، وهذا يبين اتضاع داود.
ب - أن يستجيب له؛ لأنه ليس له منقذ إلا الله، وهذا يبين إيمان داود، وحاجته لله.
داود هنا يرمز للمسيح، وهو مقبل على الصليب، عندما كان في بستان جثسيماني، وطلب أن تعبر عنه كأس الآلام. فقد كان في حيرة بين قداسته وبره، ومن ناحية أخرى ضرورة حمل كل خطايا العالم على رأسه.
ع3: مِنْ صَوْتِ الْعَدُوِّ، مِنْ قِبَلِ ظُلْمِ الشِّرِّيرِ. لأَنَّهُمْ يُحِيلُونَ عَلَيَّ إِثْمًا، وَبِغَضَبٍ يَضْطَهِدُونَنِي.
يميلون علىَّ إثمًا
: يلقون علىَّ اتهامات باطلة وإساءات.يوضح داود أن أصوات أعدائه علت عليه باتهامات باطلة، وثارت عليه بغضب، فظلموه وهو برئ سواء من ابنه ابشالوم، أو صديقه ومشيره أخيتوفل، بالإضافة إلى شعبه الذي رعاه داود، وأحبه، ودافع عنه سنينًا طويلة. وهكذا قاموا عليه جميعًا، وطردوه، وخلعوه عن عرشه.
داود هنا رمز للمسيح، الذي قام عليه الكهنة ورؤساء الكهنة، وكذلك الكتبة والفريسيون، وتقدم تلميذه الخائن يهوذا، وسلمه للكهنة، الذين حاكموه في محاكمات ظالمة، ودفعوا بيلاطس أن يحكم عليه بالصلب.
ع4: يَمْخَضُ قَلْبِي فِي دَاخِلِي، وَأَهْوَالُ الْمَوْتِ سَقَطَتْ عَلَيَّ.
أظهر داود مدى معاناته للألم، فصور أن قلبه كامرأة تتألم بآلام الولادة، التي تدعى المخاض. وكما أن المرأة تتوقع مولودها، يتوقع هو الموت الفظيع له، ولمن حوله، ويعبر عن هذه الفظائع بأهوال الموت. أي أن مشاعره كانت في ألم شديد، وتوقع لأتعاب مفاجئة؛ لأن بعد انقلاب ابنه عليه ماذا بقى له؟ لا يوجد إلا الله، ملجأ وحيد له.
ع5: خَوْفٌ وَرَعْدَةٌ أَتَيَا عَلَيَّ، وَغَشِيَنِي رُعْبٌ.
غشينى
: غطانى.يستكمل داود وصف مشاعره في ضيقته عندما سمع بانقلاب أبشالوم عليه، فقال أن الخوف غطاه، وأحاط به من كل جانب وأيضًا الرعدة؛ أى الخوف الشديد، والرعب، أي الاضطراب العنيف. في كل هذا يبين قسوة التجربة، ولكن وسط هذا الألم الشديد تظهر قوة الله المخلصة لداود.
ع6: فَقُلْتُ: «لَيْتَ لِي جَنَاحًا كَالْحَمَامَةِ، فَأَطِيرَ وَأَسْتَرِيحَ!
عندما أحاط الشر داود من كل جانب تمنى أن ينقذه الله منه، وتخيل أن الحل أن يعطيه الله جناحى حمامة؛ ليطير ويبتعد عن هذا الشر، ويستريح. واختار الحمامة بالتحديد؛ لأنها ترمز للبراءة، والبساطة، والتسامح، فحتى لو تشاجر الحمام مع بعضهم البعض، وتضاربوا بمناقيرهم، يعودون بعد قليل، ويأكلون معًا في محبة واحدة.
لعل داود بروح النبوة رأى الروح القدس، الذي يظهر بشكل حمامة، فتمنى لو يعطيه الله جناحى الروح القدس ليسمو فوق الضيقات المحيطة به، فحتى لو لم يبتعد بجسده، ولكن روحه يحفظها الله بسلام وسط الضيقة الشديدة، وينشغل بمحبة الله، ويملأ قلبه سلامًا.
ع7، 8: هأَنَذَا كُنْتُ أَبْعُدُ هَارِبًا، وَأَبِيتُ فِي الْبَرِّيَّةِ. سِلاَهْ. كُنْتُ أُسْرِعُ فِي نَجَاتِي مِنَ الرِّيحِ الْعَاصِفَةِ، وَمِنَ النَّوْءِ».
النوء
: ريح شديدة تحدث اضطرابات في البحر.أمام هجوم أبشالوم برجال كثيرين؛ لطرد، وقتل داود - وهم في هذا يمثلون الريح العاصف والنوء - اضطر داود أن يهرب إلى البرية، ويبيت هناك، فالبرية الجرداء أكثر أمانًا من المدينة المحصنة أورشليم، المملوءة شرًا بسبب أبشالوم، ولكن في البرية وهدوئها يرى الله، ويستريح بين يديه.
استخدم داود كلمة يبيت في البرية، التي تعنى النوم وقت الظلام؛ ليعبر عن ضيقته الشديدة، وسواد حياته في تعرضه للهلاك بيد ابنه، وخيانة صديقه، ولكن رجاءه، وحصنه هو الله.
اضطراب العالم وتياراته العنيفة يهرب منها الإنسان الروحي إلى البرية؛ ليختلى مع الله، ويستعيد سلامه، ويشعر بقوة الله المساندة، ويشبع بحبه.
يضع كلمة سلاه في نهاية الآية السابعة، وهي وقفة موسيقية؛ ليتأمل فيها الإنسان أهمية الابتعاد عن الشر، والاختلاء بالله.
كان المسيح يخرج إلى البرية؛ ليصلى ويختلى، وهكذا ترك الرهبان العالم على مر الأجيال، وتفرغوا للصلاة في البرارى، فسندوا الكنيسة بصلواتهم، ومحبتهم وعلمهم.
† لا تحرم نفسك من التمتع بالخلوة مع الله، التي فيها تتأمل محبته، فتسبحه وتشكره، وفى نفس الوقت ترى خطاياك في ضوء محبته، عندما تحاسب نفسك، فتندم بانسحاق، فيسامحك الله، وينقى قلبك.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
ع9: أَهْلِكْ يَا رَبُّ، فَرِّقْ أَلْسِنَتَهُمْ، لأَنِّي قَدْ رَأَيْتُ ظُلْمًا وَخِصَامًا فِي الْمَدِينَةِ.
أهلك
: بدد مشورة، أو اجعلهم يرتبكون.شعر داود بخيانة أبشالوم الذي أخذ يستميل الشعب إليه ضد أبيه داود بكلام كذب. فتأثر داود، وطلب معونة الله ليفرق أراءهم، ويبدد مشورتهم. ويقصد أخيتوفل، الذي كان مشيرًا، وصديقًا لداود، ثم انقلب عليه، وصار مع أبشالوم.
رأى داود الظلم قد انتشر في المدينة، أي أنهم ظلموا داود، وهو برئ باتهامات باطلة قالها أبشالوم، مثل أن أبيه داود يعطل الحكم في القضايا (2 صم15: 2-4) ورأى أيضًا خصامًا في المدينة، إذ أن كثيرون انقلبوا على داود وآخرون دافعوا عنه، فطلب من الله أن يهدئ المدينة، ويبعد الظلم والشر.
هكذا أيضًا أيام المسيح عندما أثار الكهنة الشعب ضد المسيح وظل البعض يمدحه؛ لأنه صنع بينهم معجزات، فامتلأت أورشليم من الخصام والظلم للمسيح.
ع10، 11: نَهَارًا وَلَيْلًا يُحِيطُونَ بِهَا عَلَى أَسْوَارِهَا، وَإِثْمٌ وَمَشَقَّةٌ فِي وَسَطِهَا. مَفَاسِدُ فِي وَسَطِهَا، وَلاَ يَبْرَحُ مِنْ سَاحَتِهَا ظُلْمٌ وَغِشٌّ.
امتلأت مدينة أورشليم من الافتراءات على داود، وانتشرت في كل مكان، فأحاطت بكل الشعب، وسقط في هذه المكيدة كثير من رؤساء المدينة، وتبعوا أبشالوم، وانتشر الفساد في المدينة، وحتى في ساحاتها التي يجتمع فيها القضاة، ويظهرون العدل؛ ضاع كل هذا، وأصبحت الساحات مكانًا لإثارة الشعب ضد داود بالأكاذيب.
ع12-14: لأَنَّهُ لَيْسَ عَدُوٌّ يُعَيِّرُنِي فَأَحْتَمِلَ. لَيْسَ مُبْغِضِي تَعَظَّمَ عَلَيَّ فَأَخْتَبِئَ مِنْهُ. بَلْ أَنْتَ إِنْسَانٌ عَدِيلِي، إِلْفِي وَصَدِيقِي، الَّذِي مَعَهُ كَانَتْ تَحْلُو لَنَا الْعِشْرَةُ. إِلَى بَيْتِ اللهِ كُنَّا نَذْهَبُ فِي الْجُمْهُورِ.
يوضح داود مدى الضيق الذي حل به؛ لأن الخيانة والإساءة صدرت ليس من عدو معروف بعداوته لداود، بل من صديق وأليف أحب داود، وهو مشيره أخيتوفل، الذي كان داود يعامله كأخ، وليس ملك مع أحد عبيده، بل كان يتمتع داود بالجلوس معه، وكذلك الممارسات الروحية، سواء الزيارات العادية لهيكل الله، أو في الأعياد والمناسبات. فكيف تصدر الخيانة، والانقلاب، والكذب من هذا الصديق الحميم؟ إنه شيء في غاية الصعوبة أن تأتى الإساءات للإنسان من حيث لا يدرى، ولا يتوقع.
قال داود هذا الكلام بروح النبوة عن المسيح، الذي اتخذ يهوذا الإسخريوطى تلميذًا له، بل صديقًا وأليفًا، إذ ائتمنه على الصندوق، وعلى ترتيب كل احتياجاته، هو والتلاميذ، أي أعطاه مكانة أكبر بين التلاميذ، فخانه وسلمه لليهود؛ ليقتلوه، فصلبوه.
ع15: لِيَبْغَتْهُمُ الْمَوْتُ. لِيَنْحَدِرُوا إِلَى الْهَاوِيَةِ أَحْيَاءً، لأَنَّ فِي مَسَاكِنِهِمْ، فِي وَسْطِهِمْ شُرُورًا.
يبغتهم
: يفاجئهم.هذه نبوة من داود عما سيحدث لأخيتوفل، إذ رأى بروح النبوة أن الموت سيفاجئه، وينزل إلى الهاوية، حيث العذاب الدائم، ولعله كان متأثرًا بانفتاح الأرض لابتلاع قورح وداثان وأبيرام، ومن معهم (عد16: 32)، ولأن أخيتوفل أصر على الشر، وخان الله وسيده الملك داود بلا سبب. وقد حدث هذا فعلًا، فبعد هروب داود، واستيلاء أبشالوم على العرش، ومعه أخيتوفل، اختار أبشالوم مشورة حوشاى وترك مشورة أخيتوفل، وتضايق أخيتوفل جدًا، وفى يأس شنق نفسه (2 صم17: 23).
هذه نبوة أيضًا عن يهوذا الأسخريوطى، الذي بعدما سلم المسيح للكهنة شعر بخطيته، ولكن بيأس، فشنق نفسه (مت27: 5).
† الخيانة أمر صعب جدًا، ولو حدثت معك ستنزعج، فلا تخون الله بخطيتك، وتغيظه، وتتحداه. فكيف يصدر الشر منك نحو الله؟ أي من الابن نحو أبيه، ومن الصديق نحو صديقه؟ ولكن هناك رجاء ارجع، وتب سريعًا، فهو حنون وسيسامحك، وكأنك لم تفعل شيئًا.
ع16، 17: أَمَّا أَنَا فَإِلَى اللهِ أَصْرُخُ، وَالرَّبُّ يُخَلِّصُنِي. مَسَاءً وَصَبَاحًا وَظُهْرًا أَشْكُو وَأَنُوحُ، فَيَسْمَعُ صَوْتِي.
بعد أن أظهر داود ضيقه من الخيانة المرة، والظلم، والفساد الذي ملأ مدينة أورشليم بفعل أبشالوم، وأخيتوفل، اتجه الاتجاه الصحيح، أى اتجه إلى الله بالصلاة. ولأن وجع قلبه شديد صرخ. وتظهر عظمة إيمان داود في قوله إن الرب يخلصنى، فهو يثق أن صراخه يصل إلى الله، والله حتمًا سيخلصه، مع أن الخلاص لم يكن قد تم بعد، ولم يعد داود إلى عرشه.
هذا الصراخ بدأ في نهاية اليوم عندما اختلى داود مع الله في صلاة طويلة، قد تكون امتدت لساعات أثناء الليل، وبعد أن نام قليلًا، قام ليواصل صلواته صباحًا، وظهرًا، أي طوال النهار. فهو يصلى صلاة دائمة في الليل والنهار، ويخرج كل مشاعره في شكوى، وبكاء، واستغاثة بالله، الذي لا يمكن أن يرد أولاده، وطالبيه.
هذه نبوة عن المسيح الذي في عمق آلامه في بستان جثسيماني صرخ إلى الآب لتعبر عنه هذه الكأس. وكان واثقًا أنه سيخلصه. وقد تم هذا، فرغم احتماله كل الآلام عن البشرية، وموته قام في اليوم الثالث. فداود رمز المسيح احتمل جزئيًا الآلام من أحبائه، أما المسيح فاحتمل كل الآلام، ومات فعلًا، وقام؛ ليقيمنا فيه.
ع18، 19: فَدَى بِسَلاَمٍ نَفْسِي مِنْ قِتَال عَلَيَّ، لأَنَّهُمْ بِكَثْرَةٍ كَانُوا حَوْلِي. يَسْمَعُ اللهُ فَيُذِلُّهُمْ، وَالْجَالِسُ مُنْذُ الْقِدَمِ. سِلاَهْ. الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ تَغَيُّرٌ، وَلاَ يَخَافُونَ اللهَ.
هجم أبشالوم بجيش جبار جمعه من جميع أسباط إسرائيل، أي بعدد كبير جدًا، ولكن داود المتكل على الله يتدخل إلهه ويفديه، وينقذه من يد أبشالوم، ويموت أبشالوم بدلًا منه؛ لأن الله سمع صراخ، وصلوات داود، فأذل القائمين على داود، وانهزموا أمام رجال داود. وذلك لأن من قاموا على داود -أي أبشالوم وأخيتوفل- لا يخافون الله، ولا يقبلون التوبة والتغيير، فهم مصرون على الشر، ولذلك هلك الإثنان؛ أخيتوفل شنق نفسه، وأبشالوم قتل في الحرب.
كلمة سلاه وقفة موسيقية في (ع19)؛ ليتأمل الإنسان قدرة الله، الذي يحمى أولاده، فيبتعد عن الشر، ويتوب عن خطاياه.
لقد قام اليهود بإثارة الكهنة وطلبوا من بيلاطس أن يصلب المسيح، ولكن الآب سمع صراخ المسيح، ونجاه من الموت بقيامته من الأموات.
ع20: أَلْقَى يَدَيْهِ عَلَى مُسَالِمِيهِ. نَقَضَ عَهْدَهُ.
تحدث هنا داود عن الخائن أخيتوفل، الذي ألقى بالشر الذي امتلأت به يداه على داود، وكل من معه، الذين سالموه، ونقض عهد الحب، والصداقة، وواجبه كمشير، وخادم لسيده الملك داود، وكذلك ينطبق هذا الكلام على أبشالوم، الذي قام على أبيه الذي أحبه، وسالمه، ونقض عهد البنوة، وأراد إهلاك أبيه.
هذا الكلام نبوة أيضًا عن يهوذا الإسخريوطى، الذي ألقى بشره على أهم شخص أحبه، واحتضنه، وتلمذه، وهو المسيح، والذي عاش في سلام معه أكثر من ثلاثة سنوات، ونقض عهد الحب، والخضوع لمعلمه. وهذه نبوة أيضًا عن اليهود الذين شهدوا للمسيح أنه معلم صالح، وطلبوا منه كمخلص أن يملك على قلوبهم عندما استقبلوه وهو داخل أورشليم، إذ قاموا عليه، ونقضوا عهد الحب، وطلبوا صلبه.
ع21: أَنْعَمُ مِنَ الزُّبْدَةِ فَمُهُ، وَقَلْبُهُ قِتَالٌ. أَلْيَنُ مِنَ الزَّيْتِ كَلِمَاتُهُ، وَهِيَ سُيُوفٌ مَسْلُولَةٌ.
يصف داود هنا رياء أخيتوفل ونفاقه، هو وأبشالوم، فكان أخيتوفل يظهر الحب كمشير وصديق لداود، وقلبه يضمر له شرًا، ويود إهلاكه. شبهت الآية فمه بالزبد اللين، ولكن حقيقته أنه قتال، أي مهلك للآخرين، وشبهه أيضًا بالزيت اللين مع أن حقيقته سيوف مسلولة.
هذا الكلام نبوة عن يهوذا الإسخريوطى الذي تظاهر بأنه يحب الفقراء، واعترض على سكب الطيب على رأس المسيح، مع أنه كان يقصد سرقة الصندوق الذي يوضع فيه التبرعات المقدمة للمسيح ( يو12: 6). وعندما ذهب للمسيح في بستان جثسيماني قبله، فصارت القبلة التي هي علامة المحبة وسيلة وإشارة أعطاها يهوذا لليهود؛ ليقبضوا على المسيح.
†
لا تظهر محبة لمن حولك وقلبك يضمر لهم شرًا. وإن لاحظت أفكارًا ردية في داخلك من نحو أي إنسان، فأسرع إلى التوبة ليخلصك الله منها.
ع22: أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ.
إن كان البشر معرضين للسقوط في الخيانة، فلن تجد ابنًا، أو صديقًا تعتمد عليه، ولن يبقى لك إلا الله الذي تتكل عليه، وتلقى عليه همومك، وهو مضمون أن يسندك، ويدبر احتياجاتك، ويحفظك.
إن كان الله يسمح ببعض الضيقات لأولاده الأبرار، أو إن كانوا يسقطون أحيانًا في خطايا صعبة ويتوبون، فالله لن يتركهم، بل يرفع الضيقات عنهم، كما رفع داود، وأعاده إلى عرشه. وإن كانوا قد أخطأوا مثل بطرس وأنكروا المسيح، فالمسيح يعاتبهم، ويسامحهم، ويعيدهم إلى مكانتهم الأولى.
ع23: وَأَنْتَ يَا اَللهُ تُحَدِّرُهُمْ إِلَى جُبِّ الْهَلاَكِ. رِجَالُ الدِّمَاءِ وَالْغِشِّ لاَ يَنْصُفُونَ أَيَّامَهُمْ. أَمَّا أَنَا فَأَتَّكِلُ عَلَيْكَ.
كل من يسلك في الشر، ولا يحيا مع الله يتعرض لأمرين هما:
أ - لا ينصف أيامه، أي لا يتمتع بحياته على الأرض في سلام، وفرح مع الله، أي أنه أساء إلى حياته الأرضية، وملأها تعاسة واكتئاب، حتى لو انغمس في الشهوات المادية.
ب - نهايته هي العذاب الأبدي، وبهذا يخسر حياته الأرضية والأبدية، لأنه سلك في الشر، وتمسك به طوال حياته.
يؤكد داود أنه قد اختار الطريق الأفضل لنفسه، وهو الاتكال على الله، والتمتع بعشرته، فيحيا مطمئنًا، وسعيدًا.
† تذكر المسيح مع بداية كل يوم، وأمام أي موضوع تدخل إليه؛ لتطلبه وتلقى أمورك عليه، فتتمتع برعايته، ويدفعك هذا إلى تسبيحه كل حين.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 56 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير مزمور 54 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/psalms/chapter-055.html
تقصير الرابط:
tak.la/27td57a