← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33
هم يلجأون لمصر لحمايتهم، وهي غير قادرة على ذلك، بل ستؤذيهم كالحيات (آية 6) في هذا الإصحاح وما بعده شرح للخلاص الذي يأتي بطريقة معجزيه وتهديد بالويل لمن يتكل على مصر التي سبق وأذلتهم.
آية (1):- "«وَيْلٌ لِلْبَنِينَ الْمُتَمَرِّدِينَ، يَقُولُ الرَّبُّ، حَتَّى أَنَّهُمْ يُجْرُونَ رَأْيًا وَلَيْسَ مِنِّي، وَيَسْكُبُونَ سَكِيبًا وَلَيْسَ بِرُوحِي، لِيَزِيدُوا خَطِيئَةً عَلَى خَطِيئَةٍ."
الله يبين محبته لليهود ويسميهم بنين بالرغم من خطاياهم وتمردهم وطلبهم التحالف مع مصر. ويسكبون سكيبًا = من عادات الوثنيين أنهم يسكبون أمام الآلهة سكيبة من خمر وزيت لتصديق العهد. واليهود فعلوا هذا أمام آلهة المصريين في تحالفهم معهم. وهذا كله ليس بحسب إرادة الله ولا بإرشاد روحه = ليس بروحي.
آيات (2، 3):- "الَّذِينَ يَذْهَبُونَ لِيَنْزِلُوا إِلَى مِصْرَ وَلَمْ يَسْأَلُوا فَمِي، لِيَلْتَجِئُوا إِلَى حِصْنِ فِرْعَوْنَ وَيَحْتَمُوا بِظِلِّ مِصْرَ. فَيَصِيرُ لَكُمْ حِصْنُ فِرْعَوْنَ خَجَلًا، وَالاحْتِمَاءُ بِظِلِّ مِصْرَ خِزْيًا."
لِيَنْزِلُوا إِلَى مِصْرَ
= فالاتكال على مصر أو أي أحد غير الله هو نزول بينما أن الاتكال على الله هو صعود للسماويات. وكان سؤال الرب عن طريق رئيس الكهنة (الأوريم والتميم) أو الأنبياء، وفي أيامنا بالصلاة وقراءة الكتاب المقدس وسؤال الكنيسة والروح يرشد، فالله "لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح" (2تي 1: 7).
آيات (4، 5):- "لأَنَّ رُؤَسَاءَهُ صَارُوا فِي صُوعَنَ، وَبَلَغَ رُسُلُهُ إِلَى حَانِيسَ. قَدْ خَجِلَ الْجَمِيعُ مِنْ شَعْبٍ لاَ يَنْفَعُهُمْ. لَيْسَ لِلْمَعُونَةِ وَلاَ لِلْمَنْفَعَةِ، بَلْ لِلْخَجَلِ وَلِلْخِزْيِ»."
صوعن = هي صالحجر على نهر النيل (تانيس) كما دعاها اليونانيين. حانيس = أهناسيا. رُؤَسَاءَهُ = رؤساء يهوذا أي المرسلون لعقد التحالف مع مصر وكان خجلهم فيما بعد حين تخلى عنهم المصريون وقت الحاجة.
آيات (6، 7):- "وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بَهَائِمِ الْجَنُوبِ: فِي أَرْضِ شِدَّةٍ وَضِيقَةٍ، مِنْهَا اللَّبْوَةُ وَالأَسَدُ، الأَفْعَى وَالثُّعْبَانُ السَّامُّ الطَّيَّارُ، يَحْمِلُونَ عَلَى أَكْتَافِ الْحَمِيرِ ثَرْوَتَهُمْ، وَعَلَى أَسْنِمَةِ الْجِمَالِ كُنُوزَهُمْ، إِلَى شَعْبٍ لاَ يَنْفَعُ. فَإِنَّ مِصْرَ تُعِينُ بَاطِلًا وَعَبَثًا، لِذلِكَ دَعَوْتُهَا «رَهَبَ الْجُلُوسِ»."
بَهَائِمِ الْجَنُوبِ
= الجنوب هي مصر، ورسل اليهود المرسلين إلى مصر مشبهين بالبهائم، إذ هم لا يفهمون أن الله هو القادر على حمايتهم فيلجأوا لغير الله. اللَّبْوَةُ وَالأَسَدُ.. وَالثُّعْبَانُ = لَّبْوَة وَأَسَد وَثُّعْبَان = فهذا تصوير لمصر أنها أرض وحوش كاسرة تستعد للإفتراس، ومع هذا أرسل لهم الشعب هداياهم. والله هنا يصور مصر بإسم شعري رَهَبَ الْجُلُوسِ ورهب تعني كبرياء وتعظم، والجلوس أي كالتماثيل التي يصنعها المصريين ، فهي لا تنفع شيئًا ولن تتحرك لتحميهم.
آيات (9،8):- "تَعَالَ الآنَ اكْتُبْ هذَا عِنْدَهُمْ عَلَى لَوْحٍ وَارْسُمْهُ فِي سِفْرٍ، لِيَكُونَ لِزَمَنٍ آتٍ لِلأَبَدِ إِلَى الدُّهُورِ. لأَنَّهُ شَعْبٌ مُتَمَرِّدٌ، أَوْلاَدٌ كَذَبَةٌ، أَوْلاَدٌ لَمْ يَشَاءُوا أَنْ يَسْمَعُوا شَرِيعَةَ الرَّبِّ."
الله يطلب من النبي لا أن يكتفي بالكلام بل يكتب على لوح ليراه كل إنسان وليصبح هذا شاهدًا عليهم.
آيات (10-12):- "الَّذِينَ يَقُولُونَ لِلرَّائِينَ: «لاَ تَرَوْا»، وَلِلنَّاظِرِينَ: «لاَ تَنْظُرُوا لَنَا مُسْتَقِيمَاتٍ. كَلِّمُونَا بِالنَّاعِمَاتِ. انْظُرُوا مُخَادِعَاتٍ. حِيدُوا عَنِ الطَّرِيقِ. مِيلُوا عَنِ السَّبِيلِ. اعْزِلُوا مِنْ أَمَامِنَا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ». لِذلِكَ هكَذَا يَقُولُ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: «لأَنَّكُمْ رَفَضْتُمْ هذَا الْقَوْلَ وَتَوَكَّلْتُمْ عَلَى الظُّلْمِ وَالاعْوِجَاجِ وَاسْتَنَدْتُمْ عَلَيْهِمَا،"
هنا نرى الشعب يرفض الوعظ الذي يكشف خطاياه ويطلب كلامًا ناعمًا ونبوات كاذبة تتفق مع مشيئته. وقارن مع سفر الرؤيا حين يفرح الناس بقتل النبيين ويرسلوا هدايا
لبعضهم (رؤ 11) هؤلاء يرفضون قدوس إسرائيل.
هذه تشبه "أَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ" أي يريدون أن يسمعوا ما يحبونه ويرفضوا سماع كلام الله (2تي 4: 3).
آيات (13، 14):- "لِذلِكَ يَكُونُ لَكُمْ هذَا الإِثْمُ كَصَدْعٍ مُنْقَضٍّ نَاتِئٍ فِي جِدَارٍ مُرْتَفِعٍ، يَأْتِي هدُّهُ بَغْتَةً فِي لَحْظَةٍ. وَيُكْسَرُ كَكَسْرِ إِنَاءِ الْخَزَّافِينَ، مَسْحُوقًا بِلاَ شَفَقَةٍ، حَتَّى لاَ يُوجَدُ فِي مَسْحُوقِهِ شَقَفَةٌ لأَخْذِ نَارٍ مِنَ الْمَوْقَدَةِ، أَوْ لِغَرْفِ مَاءٍ مِنَ الْجُبِّ»."
كَصَدْعٍ مُنْقَضٍّ نَاتِئٍ فِي جِدَارٍ مُرْتَفِع = يعني ثغرة مفتوحة ومنتفخة أي ظاهرة، ولم يهتم أحد بإصلاحها.
كَصَدْعٍ = الصَدْعٍ يكون قبل الهدم (هدم الجِدَار). ويكون فيه ويزداد رويدًا رويدًا، غير أن هدم الجدار يكون دفعة واحدة بغتة، وهكذا سيكون سقوط يهوذا ولكن من أسباب قديمة داخلية (وسيكسر حتى لا يصلح سوى للمزبلة وكسر الإناء هذه نراها بالتفصيل في (أر 19). وهذا نراه في البيوت التي تنهار فجأة إلى الأرض، أن البداية كانت من فترة بشروخ في أحد الأعمدة أو ميل في المبنى والناس لا تهتم. ولكن فجأة ينهار البيت كله تماما. وهكذا كان حال يهوذا، لقد ظهرت فيهم الوثنية منذ مدة ولم يهتم أحد بالإصلاح، وفجأة يحدث الإنهيار التام ولاحظ أن أشور أحرقت 46 مدينة ووصلت حتى أسوار أورشليم. ويا ليتهم كانوا قد أصلحوا الصدع وتابوا عن وثنيتهم، إلا أنهم لم يهتموا وهنا حدث الإنهيار التام عند سبي بابل إذ أحرقت بابل أورشليم وهدمت الهيكل وذهب الشعب إلى بابل كسبايا. ويا ليت كل إنسان يضع هذا أمام عينيه ويصلح أي صدع في حياته (أي خطية) ويتوب قبل أن يحدث الانهيار الكامل له.
آية (15):- "لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: «بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ». فَلَمْ تَشَاءُوا."
هم لم يقبلوا الخلاص بطريقة الله التي كلها هدوء وطمأنينة وسلام بدل المخاوف. ولكن هذا السلام يتطلب الرجوع لله بالتوبة والهدوء بثقة
بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ = أي بالرجوع عن خطاياهم خصوصًا الإتكال على مصر ، أو الإتكال على ذراع بشر أو أي شيء آخر، وهكذا قال الرب "ما أعسر دخول المتكلين على الأموال" (مر10: 24).والمعنى أن رأيهم كان أن يستعينوا بمصر لتساعدهم في الحرب ضد أشور، لذلك ذهب رسلهم إلى مصر للدخول مع مصر في حلف. ولكن لو كانوا قد طلبوا الله، لكان الله قد أبعد عنهم أشور في هدوء دون أي حرب أو حصار = بِالرُّجُوعِ (إليَّ) وَالسُّكُونِ (دون حرب) تَخْلُصُونَ، وما كانوا قد إحتاجوا إلى مصر أو غيرها.
آيات (16، 17):- "وَقُلْتُمْ: «لاَ بَلْ عَلَى خَيْل نَهْرُبُ». لِذلِكَ تَهْرُبُونَ. «وَعَلَى خَيْل سَرِيعَةٍ نَرْكَبُ». لِذلِكَ يُسْرُعُ طَارِدُوكُمْ. يَهْرُبُ أَلْفٌ مِنْ زَجْرَةِ وَاحِدٍ. مِنْ زَجْرَةِ خَمْسَةٍ تَهْرُبُونَ، حَتَّى أَنَّكُمْ تَبْقُونَ كَسَارِيَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَل، وَكَرَايَةٍ عَلَى أَكَمَةٍ."
كان الله يمكن أن يُبعد عنهم أشور في سلام وهدوء. لكنهم فضلوا أن يحاربوا ويستعينوا بمصر وخيول مصر = على خيل سريعة نركب. وعلى خيل نهرب = نهرب هنا تعني نتفادَى قوة جيش أشور والحرب ضد هذا الجيش عن طريق جيش مصر الذين لديهم خيول.
اشتهرت مصر قديما بالخيل والملك سليمان أخذ خيل من مصر والمعنى إصرارهم على الاتكال على مصر وقوتها الحربية. وهم رفضوا دعوة الله في آية (15)
وقالوا لا بل على خيل نهرب إلى مصر، ظانين أنها قادرة أن تنقذهم، فإذا بالعدو يطاردهم بل يهربون من لا شيء، وهذا ناشئ عن رعبهم. الله هنا ينذرهم بأن إتكالهم على مصر سيكون سببًا في تشتتهم. كَسَارِيَةٍ = شجرة وحيدة باقية بعد قطع كل الأشجار. وَكَرَايَةٍ عَلَى أَكَمَةٍ = هي راية في مكان ظاهر تبقى بعد تشتت الجنود عبرة للجميع. هنا نرى أيضًا صورة البقية.
آيات (18-26) صورة جميلة للشعب بعد انتهاء الحصار، وهذا وعد من الله لهم أنهم لو تركوا الاعتماد على مصر ورجعوا إليه يرحمهم. هذه البركات هي للبقية سواء بعد فك حصار أشور أو الرجوع من السبي (من بابل) أو للمؤمنين بالمسيح.
آيات (18، 19):- "وَلِذلِكَ يَنْتَظِرُ الرَّبُّ لِيَتَرَاءَفَ عَلَيْكُمْ. وَلِذلِكَ يَقُومُ لِيَرْحَمَكُمْ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهُ حَقّ. طُوبَى لِجَمِيعِ مُنْتَظِرِيهِ. لأَنَّ الشَّعْبَ فِي صِهْيَوْنَ يَسْكُنُ فِي أُورُشَلِيمَ. لاَ تَبْكِي بُكَاءً. يَتَرَاءَفُ عَلَيْكَ عِنْدَ صَوْتِ صُرَاخِكَ. حِينَمَا يَسْمَعُ يَسْتَجِيبُ لَكَ."
لاَ تَبْكِي
= الله المحب الذي لا يحتمل بكائنا بل يعطينا فرحًا داخليا. وعِنْدَ صَوْتِ صُرَاخِنا = يسمع ويستجب. هنا نرى الله ينتظر عودتهم ورجوعهم له. وهنا يسكنهم الرب في أورشليم في هدوء وسلام. وهذه إشارة لسكنى المؤمنين في الكنيسة في سلام. وهذه تذكرنا بقول الرب لإيليا عن أخاب "هل رأيت كيف إتضع أخاب أمامي.. لا أجلب الشر في أيامه" (1مل21: 29) هذا بعد أن كان الله قد أرسل إيليا لأخاب وهدده، وتذكرنا بقول العريس "حولي عني عينيك فإنهما قد غلبتاني" (نش6: 5).وَلِذلِكَ يَنْتَظِرُ الرَّبُّ
= هذه آيات عجيبة نرى فيها الله كأب حنون متلهف على عودة ابنه الضال. فما قبل الآية 18 نجد تأديبات الله لشعبه المعاند، ولكنها ضربات هدفها أن تنفتح عينا الابن على مصيره التعس لو استمر في انحرافه (هي قصة الابن الضال لو15). وتأتي آية 18 لنرى صورة الله كأب محب حنون جالس ينتظر عودة ابنه الضال في إشتياق لعودته، وقد أعد له بركات كثيرة حينما يعود. حقا إن "الذي يحبه الرب يؤدبه" (عب12: 6).
آيات (20-21):- "وَيُعْطِيكُمُ السَّيِّدُ خُبْزًا فِي الضِّيقِ وَمَاءً فِي الشِّدَّةِ. لاَ يَخْتَبِئُ مُعَلِّمُوكَ بَعْدُ، بَلْ تَكُونُ عَيْنَاكَ تَرَيَانِ مُعَلِّمِيكَ، وَأُذُنَاكَ تَسْمَعَانِ كَلِمَةً خَلْفَكَ قَائِلَةً: «هذِهِ هِيَ الطَّرِيقُ. اسْلُكُوا فِيهَا». حِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَمِينِ وَحِينَمَا تَمِيلُونَ إِلَى الْيَسَارِ."
حتى لو تضايقوا في السبي، أو لو عادوا من السبي وسكنوا في أورشليم وأتت عليهم أيَّة ضيقة (وهذه تنطبق علينا الآن ونحن في الكنيسة معرضين لتجارب) فالرب لا يتركهم ولا يقطع عنهم القوت الروحي أي نعمته اليومية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والقوت الروحي يرسله لهم الله عن طريق الروح القدس الذي يعلم ويذكر ويهب روح التعليم للمعلمين الذين يرسلهم الرب لنا وللشعب. والله لم يترك شعبه في السبي دون أنبياء بل أرسل لهم حزقيال ودانيال. كلمة خلفك = كتائهين عن الطريق يسمعون صوت دليلهم (صوت الروح القدس) من ورائهم يقول لهم ارجعوا.
آية (22):- "وَتُنَجِّسُونَ صَفَائِحَ تَمَاثِيلِ فِضَّتِكُمُ الْمَنْحُوتَةِ، وَغِشَاءَ تِمْثَالِ ذَهَبِكُمُ الْمَسْبُوكِ. تَطْرَحُهَا مِثْلَ فِرْصَةِ حَائِضٍ. تَقُولُ لَهَا: «اخْرُجِي»."
هنا نرى بركات التجربة. وأنهم رفضوا أوثانهم بكراهية شديدة.
الآيات (23-26):- "ثُمَّ يُعْطِي مَطَرَ زَرْعِكَ الَّذِي تَزْرَعُ الأَرْضَ بِهِ، وَخُبْزَ غَلَّةِ الأَرْضِ، فَيَكُونُ دَسَمًا وَسَمِينًا، وَتَرْعَى مَاشِيَتُكَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ فِي مَرْعًى وَاسِعٍ. وَالأَبْقَارُ وَالْحَمِيرُ الَّتِي تَعْمَلُ الأَرْضَ تَأْكُلُ عَلَفًا مُمَلَّحًا مُذَرَّى بِالْمِنْسَفِ وَالْمِذْرَاةِ. وَيَكُونُ عَلَى كُلِّ جَبَل عَال وَعَلَى كُلِّ أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ سَوَاق وَمَجَارِي مِيَاهٍ فِي يَوْمِ الْمَقْتَلَةِ الْعَظِيمَةِ، حِينَمَا تَسْقُطُ الأَبْرَاجُ. وَيَكُونُ نُورُ الْقَمَرِ كَنُورِ الشَّمْسِ، وَنُورُ الشَّمْسِ يَكُونُ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ كَنُورِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، فِي يَوْمٍ يَجْبُرُ الرَّبُّ كَسْرَ شَعْبِهِ وَيَشْفِي رَضَّ ضَرْبِهِ."
نبوءة بأحسن البركات للكنيسة.
خُبْزَ غَلَّةِ = هنا نرى الجهاد والنعمة، فالمؤمن يزرع والرب يبارك في الثمار. وروحيًا فكلمة الله هي طعام القلب لمن يتأمل فيها. مَطَرَ زَرْعِكَ + سَوَاق وَمَجَارِي مِيَاهٍ = هذه عطايا الروح القدس . وفي (24) الأَبْقَارُ وَالْحَمِيرُ إشارة للأجساد، وهنا يعد الله بأنها تأكل أحسن طعام علفًا مملحًا نقيًا من التبن والأتربة علامة الاهتمام بالجسد الذي تقدس لحساب المسيح . وفي (25) نعمة الله ستفيض على العظماء (الجبال) وعلى البسطاء (الآكام) وهؤلاء مرتفعين بحياتهم السماوية، أما المتكبرين (الأبراج) فسيسقطون يَوْمِ الْمَقْتَلَةِ الْعَظِيمَةِ = هو يوم هلاك جيش أشور، يوم الـ185000 أو هو يوم نهاية بابل، أو هو يوم الصليب، يوم صراع المسيح مع الشيطان على الصليب. والذي من بعده قامت الكنيسة منتصرة، أو هو في الأيام الأخيرة بعد المعركة العظيمة ومجيء المسيح. ويوم الصليب فِي يَوْمٍ يَجْبُرُ الرَّبُّ كَسْرَ شَعْبِهِ وَيَشْفِي رَضَّ ضَرْبِهِ سقطت الأبراج (جزئيًا) أي الشياطين المتكبرين. وفي مجيئه الثاني تكون نهايتهم ونهاية كبريائهم.وفي (26)
بعد مجيء المسيح الأول يصبح نُورُ الْقَمَرِ كنور الشمس = أي نور الكنيسة كنور المسيح، فالمسيح قال لنا أنا هو النور.. وقال أنتم نور.. وبعد المجيء الثاني فالكنيسة تتمجد وتظهر صورة المسيح إذ نرى الله في كمال مجده [فيغير صورة جَسَدِ تَوَاضُعِنَا إلى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ] + و"نَكُونُ مِثْلَهُ" (في 3: 21 + 1يو3: 2)، وَنُورُ الشَّمْسِ يَكُونُ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ = وَيَكُونُ نُورُ الشَّمْسِ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ أي نور كامل لأننا سنرى الله وجهًا لوجه، نراه في كمال مجده، وليس في لغز أو كما في مرآة، هذا في السماء.أما على الأرض فمن رَأَى المسيح هو كَمَنْ رأى الآب. والروح القدس الساكن فينا يعطينا رؤية واضحة لله.
سَبْعَةِ أَيَّامٍ = رقم 7 رقم كامل والمعنى سنعرف هذه المعرفة طوال حياتنا في المسيح وفي الأبدية سنكون في هذا المجد للأبد، بلا نهاية.
آيات (27- 33) هنا تتداخل آيات البركة والدينونة.
آية (27):- "هُوَذَا اسْمُ الرَّبِّ يَأْتِي مِنْ بَعِيدٍ. غَضَبُهُ مُشْتَعِلٌ وَالْحَرِيقُ عَظِيمٌ. شَفَتَاهُ مُمْتَلِئَتَانِ سَخَطًا، وَلِسَانُهُ كَنَارٍ آكِلَةٍ،"
اسْمُ الرَّبِّ
= الاسم هو ما يعرف به المُسَمَّى، ومعنى الكلام أن الرب سيظهر نفسه وقدراته الغير محدودة بأعمال مخيفة ليعرف كل الناس قوة غضبه. يَأْتِي مِنْ بَعِيدٍ. غَضَبُهُ = وغَضَبُهُ يَأْتِي مِنْ بَعِيدٍ = ضربات الله تأتي من حيث لا نتوقع. وهو إنتظر طويلًا وأطال أناته لعل شعبه يقدم توبة. ويقال هذا أيضا عن أشور أو كل إنسان شرير، أن الله يطيل أناته لعل الشرير يتراجع عن كبريائه وشروره. وهو من بعيد لأن الأشرار يظنونه بعيدًا وعقابه بعيد، بل ربما ظنوا أنه لن يأتي. وشَفَتَاهُ = شفتا الرب تقطران دسمًا لأولاده وسَخَطًا للعصاة. لِسَانُهُ = لسان الله يدعو الكل لخيراته السماوية ويكون كنار آكلة للمضادين (رؤ16:2). الْحَرِيقُ عَظِيمٌ= هلاك أشور أو هلاك الأيام الأخيرة.. وتصوير غضب الله هنا أنه كغيمة تأتي مِنْ بَعِيدٍ وسريعًا ما تمتلئ السماء غيومًا وتسود السماء ويأتي المطر والريح. ومن البروق يشتعل حريق عظيم. هو مطر يسبب فيضانًا مهلكًا بالإضافة لحريق عظيم.
آية (28):- "وَنَفْخَتُهُ كَنَهْرٍ غَامِرٍ يَبْلُغُ إِلَى الرَّقَبَةِ. لِغَرْبَلَةِ الأُمَمِ بِغُرْبَالِ السُّوءِ، وَعَلَى فُكُوكِ الشُّعُوبِ رَسَنٌ مُضِلٌّ."
نَفْخَتُهُ كَنَهْرٍ
= الله ينفخ في الريح فتعطي مطرًا بفيضان يَبْلُغُ إِلَى الرَّقَبَةِ = هذه تفهم أن ملك أشور وصل حتى أورشليم (الرقبة) لكنه لم يغرقها فهو لم يدخلها. وتفهم على ملك أشور نفسه أن غضب الله وصل إلى رقبته فقد هلك جيشه أما الملك نفسه فلم يهلك بل عاد لبلاده. ولاحظ في الآية (25) أن الماء كان يرمز لفيض الروح القدس على الكنيسة. فنفخة الله لكنيسته فيها كل ملء البركة ونفخته ضد أعدائه فيضان يهلكهم. غُرْبَالِ السُّوءِ= هو الذي لا يبقى فيه سوى الهشيم وهذا مصيره الحريق. والغربال في يد الله يوم الحصاد هو لغربلة الأمم = فمن يؤمن يخلص ومن يقاوم ويرفض يهلك = لم يترك في هذا الغربال سوى القش (الأمم المقاومة / إبليس / الأشرار) بعد أن إنتقى أولاده وما تبقى في غربال السوء هو للحريق. ثم شبه الأمم المقاومة أو جيش أشور بحصان جامح على فكه رَسَنٌ مُضِلٌّ = أي على فكه لجام يقود للضلال، فهو قد سمع عن خبر (إش 37: 7) عن خروج المصريين عليه وخدعه هذا الخبر.
آيات (29-31):- "تَكُونُ لَكُمْ أُغْنِيَّةٌ كَلَيْلَةِ تَقْدِيسِ عِيدٍ، وَفَرَحُ قَلْبٍ كَالسَّائِرِ بِالنَّايِ، لِيَأْتِيَ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ، إِلَى صَخْرِ إِسْرَائِيلَ. وَيُسَمِّعُ الرَّبُّ جَلاَلَ صَوْتِهِ، وَيُرِي نُزُولَ ذِرَاعِهِ بِهَيَجَانِ غَضَبٍ وَلَهِيبِ نَارٍ آكِلَةٍ، نَوْءٍ وَسَيْل وَحِجَارَةِ بَرَدٍ. لأَنَّهُ مِنْ صَوْتِ الرَّبِّ يَرْتَاعُ أَشُّورُ. بِالْقَضِيبِ يَضْرِبُ."
الصورة هنا في هذه الآيات ليوم الدينونة فنجد القديسين وقد وصلوا للسماء = جَبَلِ الرَّبِّ . وفي يوم الدينونة أيضًا يظهر عدل الله في عقوبة الأشرار.
ففي آية (29) الصورة هنا للقديسين الذين يفرحون بالله في السماء. وفي (30، 31) نرى الله يظهر لقديسيه عدله ضد أعدائهم.ويكون لهم ذلك كليلة عيد فهم سيأتون لله بلا عائق متهللين ويسبحون (رؤ 14: 2). وفرحة القديسين بدينونة الأشرار ستكون لأن هؤلاء أهانوا الله جدًا وأحزنوا قلبه.
ماذا سيحدث في الأيام الأخيرة؟ فرح القديسين بالرب أُغْنِيَّةٌ كَلَيْلَةِ تَقْدِيسِ عِيدٍ. والجيوش التي تجمعت ضد الكنيسة والجيوش التي تجمعت ضد أورشليم سيبيدها الرب بنفخة فمه، وكرمز لهذا ما حدث لجيش أشور يوم الـ185000 لذلك يقول هنا لأَنَّهُ مِنْ صَوْتِ الرَّبِّ يَرْتَاعُ أَشُّورُ. بِالْقَضِيبِ يَضْرِبُ. وتفاصيل هذه الضربة في (حز39،38 + زك14 + رؤ19،16،14).
آية (32):- "وَيَكُونُ كُلُّ مُرُورِ عَصَا الْقَضَاءِ الَّتِي يُنْزِلُهَا الرَّبُّ عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ وَالْعِيدَانِ. وَبِحُرُوبٍ ثَائِرَةٍ يُحَارِبُهُ."
مرور عصا القضاء = الضربات التي وقعت على أشور (إبليس) والقضاء الذي تم فيها فيه فرح بالدفوف لأبناء الله.
آية (33):- "لأَنَّ «تُفْتَةَ» مُرَتَّبَةٌ مُنْذُ الأَمْسِ، مُهَيَّأَةٌ هِيَ أَيْضًا لِلْمَلِكِ، عَمِيقَةٌ وَاسِعَةٌ، كُومَتُهَا نَارٌ وَحَطَبٌ بِكَثْرَةٍ. نَفْخَةُ الرَّبِّ كَنَهْرِ كِبْرِيتٍ تُوقِدُهَا."
تُفْتَةَ
= كانت مكانًا لمولك إله بني عمون حيث يوقدون في تمثال نحاسي له ويلقون أولادهم عليه كمحرقات. ولقد أزال يوشيا هذه العبادة وجعل هذا المكان الذي في وادي ابن هنوم مزبلة. وفيها تُرْمَى الجثث، تُوقِدُهَا = وموقدة = مشتعلة فيها النيران دائمًا للتنقية ليتنجس المكان بالجثث والقاذورات فلا يستخدمون المكان مرة أخرى للعبادة الوثنية. مُرَتَّبَةٌ مُنْذُ أَمْسِ = في مقاصد الله الأزلية، فنار جهنم معدة لإبليس وجنوده " ثم يقول أيضًا للذين عن اليسار إذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (مت25: 41). لِلْمَلِكِ = الْمَلِك هو ملك أشور أو إبليس. وهذه الصورة هي نفسها في (رؤ 20: 10).
← تفاسير أصحاحات إشعياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إشعياء 31 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إشعياء 29 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z78yhwk