محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
سفر رويا يوحنا الإنجيلي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19
نسمع هنا في آية 7 ولأول مرة عن الوحش الصاعد من الهاوية، ثم نعود ونسمع عنه في إصحاحات 17،13 بالتفصيل. وهذا الوحش هو ما نسميه "ضد المسيح"، وأسماه بولس الرسول إنسان الخطية (2تس3:2). ويسميه الناس خطأً "المسيح الدجال". فهو سوف يدَّعي أنه هو المسيح، ولكن صفاته هي ضد صفات وعلى نقيض صفات المسيح تمامًا. فالمسيح كان قدوسًا طاهرًا وديعًا متواضعًا ، أما هذا فسيكون وحشًا دمويًا نجسًا متكبرًا.
وهذا الوحش سيقاوم الله، بل يجلس في هيكل الله كإله مظهرًا نفسه أنه إله (2تس4:2) وهذا سيبطله المسيح بمجيئه ويبيده (2تس8:2) وهذا الوحش سيكون مكان عمله أورشليم، وسيخدع الناس ويضطهد الكنيسة اضطهادًا مرا. ولكن الله لن يترك نفسه بلا شاهد، بل سيرسل شاهدين هما غالبًا إيليا وأخنوخ ليشهدا لله وسيكون مكان خدمتهما في أورشليم نفسها مركز عمل الوحش.
هنا نجد يوحنا قد بدأ كما أوصاه السيد المسيح يتنبأ على شعوب وأمم وألسنة وملوك كما سمعنا في (رؤ11:10) هنا بدأ يوحنا يكشف ما سمعه وتذوقه من السفر الصغير.
كان الاسم الأول لمدينة أورشليم (وأورشليم تعني نور السلام) هو يبوس وتعني يدوس (1 أى4:11). وكان هذا وقت أن كانت في أيدي الأمم (اليبوسيين) سكان الأرض، قبل أن يأتي داود ويأخذها منهم. وصارت بعد داود مدينة أورشليم التي ظهر فيها السيد المسيح وأتم فداءه للبشرية فظهر منها نور السلام.
لكن للأسف ستصبح ثانية مدوسة من الأمم أي ضد المسيح وأتباعه، ويتخذها ضد المسيح مركزًا لبث أفكاره الشيطانية. وغالبًا فاليهود ذوي الأفكار الضيقة الذين يريدون أن يبنوا لهم هيكلا يقدمون فيه ذبائح حيوانية انتهى عهدها بمجيء المسيح الذبيحة الحقيقية هؤلاء اليهود هم الذين سيقبلون ضد المسيح على أنه المسيح، فهم ما زالوا حتى الآن ينتظرون مجيء المسيح. فإذا أتى هذا بخداعاته الشيطانية سيقبلونه. وهذا ما قاله لهم المسيح بنفسه "إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه" (يو43:5). وقد يبني اليهود لهم هيكلا في أورشليم يقولون أنه باسم الرب، ويكون مركزا للوحش ولكن الله لن يقبل بعد فداء ابنه عبادة تقدم فيها ذبائح دموية. ولن ينخدع وراءه اليهود فقط بل كل المسيحيين الذين يجهلون الكتاب المقدس (مت23:24) "حينئذ إن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا" ولكن المسيحيين الحقيقيين لن ينخدعوا بهذا الوحش ولا بخداعاته، حقا سيعانون من الاضطهادات، ولكن الله لن يتركهم بدون معونة، بل سيرسل لهم الشاهدين ليثبتوا إيمانهم ويشددونهم.
آية 1 "ثُمَّ أُعْطِيتُ قَصَبَةً شِبْهَ عَصًا، وَوَقَفَ الْمَلاَكُ قَائِلًا لِي: «قُمْ وَقِسْ هَيْكَلَ اللهِ وَالْمَذْبَحَ وَالسَّاجِدِينَ فِيهِ."
هيكل الله والمذبح والساجدين فيه = هو ليس هيكل اليهود أو هيكل سليمان في أورشليم، ففي وقت رؤيا يوحنا، كان هذا الهيكل قد تم تخريبه فتيطس هدم هذا الهيكل سنة 70 م. ورؤيا يوحنا كانت حوالي سنة 95 م. إذًا الهيكل المشار إليه هنا في هذه الآية له مفهوم روحي أو هو كيان روحي. وكلمة هيكل هنا لا تشير للهيكل كله بل لما يقال له البيت أي الجزء المقدس من الهيكل وهذا إشارة للمؤمنين الحقيقيين، فبولس أطلق اسم هيكل الله على المؤمنين (1كو16:3) وكذلك بطرس (1بط5:2) ولا ننسى أن الكنيسة هي هيكل جسد المسيح (يو2: 21) فنفهم أن هيكل الله هم من كانو ثابتين في المسيح (يو15: 4). والمذبح هو رمز للصليب الذي قبله المؤمنون بالمسيح، هؤلاء الذين صلبوا أهوائهم مع شهواتهم وقبلوا الاضطهاد لأجل المسيح. وَالسَّاجِدِينَ فِيهِ = هؤلاء المؤمنون الحقيقيون قال عنهم السيد المسيح أنهم الساجدون بالروح والحق (يو23:4).
قس = القياس معناه الحيازة والامتلاك والميراث، فهؤلاء المؤمنون هم شعب المسيح، هم جسده ولن يتركهم بل يحميهم إذ هم في يده (يو12،11:17) + (رؤ16:1) + (أش16:49) والقياس معناه أن الله يعرف المؤمنين واحدًا واحدا بأسمائهم ويحفظهم. ويعرف نوعية سجودهم وعبادتهم وهل هي من القلب أم لا.
شبه عصا = أي قصبة قوية وثابتة، والقياس غير مهتز، فالذين يقيسهم يوحنا معروفون لدى الله (عددهم معروف رمزيًا هم 153 سمكة). هم مؤمنين عابدين لا يطلبون ماديات هذا العالم. والله قادر أن يحميهم من ضلالات ضد المسيح.
والقياس عمومًا يستخدم في تقسيم الأرض للميراث. وفي هذا قال المرنم "الرب هو نصيب ميراثي. حبال المساحة وقعت لي في أرض عزيزة، وإن ميراثي لثابت لي" (مزمور 6،5:16). بحسب ترجمة الأجبية أي الترجمة السبعينية " والمرنم يقصد أنه في التقسيم بالحبال للقياس (والعصا أثبت من الحبل)، كان الله نصيبه.
ومن هنا نفهم أن قول الله ليوحنا قس هيكل الله أن هؤلاء المؤمنين هم ميراث الله، الذين يفرح بهم الله. وهذا ما قاله بولس الرسول "لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين" (أف18:1) هؤلاء هم نصيب الرب.
آية 2 "وَأَمَّا الدَّارُ الَّتِي هِيَ خَارِجَ الْهَيْكَلِ، فَاطْرَحْهَا خَارِجًا وَلاَ تَقِسْهَا، لأَنَّهَا قَدْ أُعْطِيَتْ لِلأُمَمِ، وَسَيَدُوسُونَ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا."
الدار التي هي خارج الهيكل = هذه ترمز لمن ساروا وراء الوحش طالبين ملذات هذا العالم وشهواته. هؤلاء هم الخارجون عن الكنيسة.
لا تقسها = هذه مثل " اذهبوا عني لا أعرفكم" (مت23:7) فهم حين رفضوا المسيح الحقيقي لن يعرفهم الرب كأبناء أخصاء له.
فاطرحها خارجا = هذه تعني رفض السماء لهم.
لأنها قد أعطيت للأمم = كما أطلق الوحي لفظ الهيكل على المؤمنين أطلق لفظ الأمم على المرفوضين. فالأمم قبل المسيحية كانوا مرفوضين من الله لنجاساتهم ووثنيتهم وهؤلاء سيكون لضد المسيح سلطان عليهم ويضللهم بضلالاته، وهم سيتبعونه.
سيدوسون المدينة المقدسة = هذه متفقة مع نبوة المسيح (لو24:21) وهذه تعني مدة سيادة ضد المسيح على أورشليم وعلى الأمم، ولكنها سيادة مؤقتة محددة بمدة اثنين وأربعين شهرا = أي 3,5 سنة. وهذه نفس المدة التي عبر عنها دانيال بقوله زمان وزمانين ونصف زمان. والمقصود بـ3,5 سنة أنها نصف (رقم 7). ورقم 7 هو رقم كامل، أي أن وضع الدجال أو الوحش وسيادته هو لمدة مؤقتة، وانتصاره مؤقت (دا7:12) وهذه المدة الـ42 شهرًا هي نفس فترة هروب المرأة للبرية كما سيأتي في (رؤ6:12).
آيات 4،3 "وَسَأُعْطِي لِشَاهِدَيَّ، فَيَتَنَبَّآنِ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا، لاَبِسَيْنِ مُسُوحًا». هذَانِ هُمَا الزَّيْتُونَتَانِ وَالْمَنَارَتَانِ الْقَائِمَتَانِ أَمَامَ رَبِّ الأَرْضِ."
الله لا يترك نفسه بلا شاهد (أع17:14) لذلك فالله لن يترك الوحش دون مقاومة، بل سيرسل له في عقر داره شاهدين، فبحسب الشريعة أن الشهادة تكون بفم اثنين والشاهدين هما غالبًا إيليا وأخنوخ. فإيليا وأخنوخ لم يموتا بعد بل اختطفا حَيَّيْنِ إلى السماء. ونحن نعلم من نبوة ملاخي أن إيليا سيأتي قبل أن يأتي المسيح (ملا5:4).
والشاهدين يتنبآن = أي يعظان عن المسيح الحقيقي، ويكلمان المؤمنين وغير المؤمنين عما سيأتي من أحداث ويكشفا كذب الوحش.
ألفا ومئتين وستين يومًا = ونلاحظ أن مدة الـ42 شهرًا هي 1278 أو 1279 يومًا. وبهذا الفارق بين موت الشاهدين ونهاية الأيام 18 أو 19 يومًا.
لابسين مسوحًا = كما كان إيليا والأنبياء يفعلون، والمعنى أنهما لن يطلبا أمجاد هذا العالم، بل سيكونا زاهدين في أمور هذه الدنيا، ليقاوما ذاك الذي ينصب نفسه ملكا متمتعا بما في هذا العالم من رفاهية وملذات حسية. ومُعطيًا من يتبعه سهولة الحياة وملذات الدنيا الحسية لمن لهم سمته على يده كما سنرى في الإصحاح13 وبهذه السمة يبيعون ويشترون فتصير حياتهم سهلة. أما هذين الشاهدين فسيتميزون برفض كل هذه الإغراءات والحياة السهلة = وهذا معنى لاَبِسَيْنِ مُسُوحًا. وهكذا سيدعوان كل أولاد الله أن يكتشفوا خداع هذا الوحش ويفعلون مثلهم رافضين كل إغراءات الوحش ورافضين الحياة السهلة.
الزيتونتان = راجع (زك11:4-14) حيث نقرأ عن الزيتونتان وهما زربابل ويشوع اللذان قاما ببناء هيكل الرب، وهنا نسمع عن زيتونتان أخريان عملهما الحفاظ على هيكل الرب (رد النفوس الضالة وتثبيت النفوس المؤمنة). وشجرة الزيتون نحصل منها على الزيت رمز الروح القدس، فهذين الشاهدين مملوءين من الروح القدس، وكل كلمة ينطقان بها هي بإرشاد منه، وكذلك كل قوتهما مستمدة منه. كما قيل في (زك6:4). "لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود". والشاهدين سيدعوان العالم ليعرف المسيح تاركا الوحش ومن يستجيب يؤمن بالمسيح ملك السلام سينعم بالسلام الداخلي.
المنارتان = بوعظهما وتعليمهما وحياتهما والنعمة التي فيهما سيكونان نورًا للعالم، يشهدان لله. وهما يستمدان نورهما من زيت النعمة الذي يملأهما، أليسا هما زيتونتان أي مملوءان من زيت النعمة (كانت الإضاءة في ذلك الوقت تتم عن طريق منارة مملوءة زيتا ولها فتيل يتم إشعاله).
آية 5 "وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، تَخْرُجُ نَارٌ مِنْ فَمِهِمَا وَتَأْكُلُ أَعْدَاءَهُمَا. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يُؤْذِيَهُمَا، فَهكَذَا لاَ بُدَّ أَنَّهُ يُقْتَلُ."
هذا ما فعله إيليا قبل ذلك. والمعنى أن الشاهدين سيكون لهما قوة جبارة.
آية 6 "هذَانِ لَهُمَا السُّلْطَانُ أَنْ يُغْلِقَا السَّمَاءَ حَتَّى لاَ تُمْطِرَ مَطَرًا فِي أَيَّامِ نُبُوَّتِهِمَا، وَلَهُمَا سُلْطَانٌ عَلَى الْمِيَاهِ أَنْ يُحَوِّلاَهَا إِلَى دَمٍ، وَأَنْ يَضْرِبَا الأَرْضَ بِكُلِّ ضَرْبَةٍ كُلَّمَا أَرَادَا."
نصفها الأول فعله إيليا من قبل والنصف الثاني فعله موسى في مصر. ولكن بسبب أن في سلطانهما أن يحولا الماء إلى دم كما فعل موسى، قال البعض أن الشاهدين هما إيليا وموسى وهذا لا يُعْقَل، فموسى مات والكتاب يشهد على موته، فما معنى أن يقوم ليموت ثانية، وبولس الرسول يقول "وضع للناس أن يموتوا مرة" (عب27:9). إذًا لا معنى أن يموت موسى مرتين. الأكثر منطقا أن يكون الشاهدين هما إيليا وأخنوخ اللذان لم يموتا حتى الآن، لأنهما متى تمما خدمتهما سيموتا (آية 7). ونلاحظ أن الشاهدين سيكون لهما قوة غير عادية وسيقوما بعمل معجزات غير عادية، فهما أمام قوة شيطانية جبارة، ولا بُد لمقاومتها من قوة غير عادية يعطيها الله لهما.
فأولا: الله لا يبقي نفسه بلا شاهد.
وثانيا: كما يقول بولس الرسول "حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا" (رو20:5).
وقد تكون النار التي تخرج من فمهما نارا حقيقية وقد تكون قوة إقناع بفساد الوحش ومن يتبعه. هما سيكون لهما سلطان عظيم في عقوبة الأشرار حتى يمكن أن يقنعوا البسطاء الجهال. وقد يكون تحويل الماء لدم حقيقي ليعطش الناس فيعودوا لله.
آية 7 "وَمَتَى تَمَّمَا شَهَادَتَهُمَا، فَالْوَحْشُ الصَّاعِدُ مِنَ الْهَاوِيَةِ سَيَصْنَعُ مَعَهُمَا حَرْبًا وَيَغْلِبُهُمَا وَيَقْتُلُهُمَا."
الوحش الصاعد من الهاوية = أي بقوة الشيطان الذي من الهاوية بعد أن تم حله (رؤ3:2). يغلبهما = أي يتمكن من قتلهما بعد أن كانوا هم لهم الغلبة عليه ونلاحظ أن الله سيحفظهما كما حفظ المسيح حتى تمم عمله. وبعد أن تمم المسيح عمله أُسْلِمَ للصلب، هكذا هذين النبيين سيسلمان للموت بعد أن ينهيا عملهما. وموتهما لا يعني ضعف الله، وإنما الله بموتهما وقيامتهما أمام الجميع سيعلن قوته بالأكثر ويدين من قتلهما، وهذا ما حدث في قصة إقامة لعازر، فالمسيح لم يشفه حتى يقيمه من الموت، وتصير قصة إقامته من الموت فيها إعلان عن ألوهية المسيح.
آية 8 "وَتَكُونُ جُثَّتَاهُمَا عَلَى شَارِعِ الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تُدْعَى رُوحِيًّا سَدُومَ وَمِصْرَ، حَيْثُ صُلِبَ رَبُّنَا أَيْضًا."
من وحشية الوحش وأتباعه أنهم سيتركون جثتيّ الشاهدين في الشارع ليراهما الجميع، ففي هذا إعلان عن قوة الوحش وسيادته وانتصاره.
على شارع المدينة العظيمة.. حيث صلب ربنا أيضًا = إذًا هي أورشليم جغرافيًا.
التي تدعى روحيا سدوم = سدوم ليس اسمها الحقيقي، بل إن الخطية السائدة فيها هي خطية سدوم أي الشذوذ الجنسي. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومن المعروف أن خطية الشذوذ الآن هي خطية منتشرة جدًا. ونفهم من (دا37:11) أن ضد المسيح سيكون غالبًا من الشواذ جنسيا إذ قيل عنه أنه "لن يبالي بشهوة النساء".
ومصر = خطايا مصر:
1. الكبرياء.
2. اضطهاد شعب الله وإذلاله.
3. العناد في كبرياء مع ازدياد الضربات. فمع كثرة ضربات الله ضدها بيد موسى لم تتب. وخطايا الوحش وأتباعه هي هي نفسها فقد قيل عنه ذلك في (رؤ 21،20:9) وهذا يعني عدم الاستفادة من الضربات وهو سيضطهد شعب الله في كبرياء.
آيات 10،9 "وَيَنْظُرُ أُنَاسٌ مِنَ الشُّعُوبِ وَالْقَبَائِلِ وَالأَلْسِنَةِ وَالأُمَمِ جُثَّتَيْهِمَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَنِصْفًا، وَلاَ يَدَعُونَ جُثَّتَيْهِمَا تُوضَعَانِ فِي قُبُورٍ. وَيَشْمَتُ بِهِمَا السَّاكِنُونَ عَلَى الأَرْضِ وَيَتَهَلَّلُونَ، وَيُرْسِلُونَ هَدَايَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لأَنَّ هذَيْنِ النَّبِيَّيْنِ كَانَا قَدْ عَذَّبَا السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ."
الإنسان الخاطئ لا يطيق من ينبهه إلى أخطائه، وهذان النبيان كانا في شهادتها للحق، يشهدان ضد الخطاة، فكان الخطاة بهذا يتعذبون بعذاب الضمير = عذبا الساكنين على الأرض. لذلك تركوا جثتيهما ليشمت بهما الناس. وعدم دفن الجثث هو نوع من التحقير لهما والشماتة بهما. ولقد قيل عن يهوياقيم ملك يهوذا الشرير أنه يدفن دفن حمار إذ لن يجد من يدفنه (أر19:22).
من الشعوب والقبائل والألسنة والأمم = هذا كان لا يمكن فهمه قبل ظهور التليفزيون والأقمار الصناعية، وهذه تنقل الصورة من أي مكان في العالم لكل مكان في العالم. ونلاحظ أن أتباع الوحش سيكونون في كل مكان في العالم. وأتباع الوحش سيرتاحون راحة مؤقتة لمدة 3,5 يوم.
(ومرة ثانية نصادف رقم 3,5 رمزًا لأن الراحة مؤقتة). وهذه الراحة إلى حين. ونلاحظ أن مقتل النبيين سيكون في أورشليم فالسيد المسيح سبق وقال "لا يمكن أن يهلك نبي خارجا عن أورشليم" (لو33:13).
يرسلون هدايا = فهم استراحوا ممن عذبهم بأخبار الدينونة المزمع أن تقع عليهم إذا آمنوا بالوحش.
آيات 12،11 "ثُمَّ بَعْدَ الثَّلاَثَةِ الأَيَّامِ وَالنِّصْفِ، دَخَلَ فِيهِمَا رُوحُ حَيَاةٍ مِنَ اللهِ، فَوَقَفَا عَلَى أَرْجُلِهِمَا. وَوَقَعَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا يَنْظُرُونَهُمَا. وَسَمِعُوا صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لَهُمَا: «اصْعَدَا إِلَى ههُنَا». فَصَعِدَا إِلَى السَّمَاءِ فِي السَّحَابَةِ، وَنَظَرَهُمَا أَعْدَاؤُهُمَا."
حتى لا تكون قيامتهما محل شك أو أنها بفعل شيطاني، سمح الله بصعودهما إلى السماء أمام الجميع. وبقيامتهما وصعودهما للسماء انتهت راحة الأشرار المؤقتة بل دخلهم رعب، وتشدد إيمان المؤمنين الذين خارت قواهم إذ رأوا مقتل النبيين. وستكون هذه الأحداث معلنة للجميع = ونظرهما أعداؤهما إذا لن يستطيع أحد الإنكار. 3,5 يومًا = وضع مؤقت فلن يظلوا أموات هكذا.
آية 13 "وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ حَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ، فَسَقَطَ عُشْرُ الْمَدِينَةِ، وَقُتِلَ بِالزَّلْزَلَةِ أَسْمَاءٌ مِنَ النَّاسِ: سَبْعَةُ آلاَفٍ. وَصَارَ الْبَاقُونَ فِي رَعْبَةٍ، وَأَعْطَوْا مَجْدًا لإِلهِ السَّمَاءِ."
هنا نرى عقوبة فورية للأشرار بزلزلة وموت كثيرين لعل من سار وراء الوحش (ضد المسيح) يفهم حقيقة الأمور ويقدم توبة. ولكن يبدو أن هذا لن يحدث فهم صاروا في رعبة...
وأعطوا مجدا لإله السماء = أي أنهم نسبوا لإله السماء قوة فيما صنع دون أن يؤمنوا به كإله لهم ينتسبون إليه. هم صاروا يرهبونه لكنهم لا يحبونه. وفهم البعض أن من أعطى مجدا لإله السماء هم بقية اليهود الذين يؤمنون بالمسيح الحقيقي في نهاية الأيام.
آية 14 "الْوَيْلُ الثَّانِي مَضَى وَهُوَذَا الْوَيْلُ الثَّالِثُ يَأْتِي سَرِيعًا."
الْوَيْلُ الثَّالِثُ هو البوق السابع (آية 15). وهو إعلان عن نهاية الأيام ونهاية دولة الشر. ودولة الوحش، ونهاية تمرد الأشرار على الله وبدء الدينونة. لذلك هذا الويل الثالث هو ويل أبدي. وبهذا نفهم أن الوحش سيكون ميعاد ظهوره بين البوق السادس والبوق السابع أي في نهايات الحرب العالمية المشار إليها في البوق السادس.
آية 15 "ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ السَّابِعُ، فَحَدَثَتْ أَصْوَاتٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ قَائِلَةً: «قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ»."
البوق السابع = يعلن عن الأحداث الأخيرة الخاصة بمجيء الرب يسوع على السحاب ومجد القديسين معه. ونرى أنه بعد ارتفاع إيليا وأخنوخ للسماء سادت السماء أناشيد الفرح لأن الكل قد خضع للمسيح، إذ كان في السابق ما زال البعض ليس خاضعا له (عب 8:2) بل متمردا عليه مضطهدا لقديسيه.
الآن وضع الأشرار في بحيرة النار التي يستحقونها وتمجد الأبرار.
آية 16 "وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا الْجَالِسُونَ أَمَامَ اللهِ عَلَى عُرُوشِهِمْ، خَرُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لله،"
والأربعة والعشرون شيخا = وصحة الترجمة الأربعة والعشرون قسيسا. هؤلاء يسجدون لله شاكرين إحسانه وأنه قد حقق رجاءهم.
آية 17 "قَائِلِينَ: «نَشْكُرُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي، لأَنَّكَ أَخَذْتَ قُدْرَتَكَ الْعَظِيمَةَ وَمَلَكْتَ."
القادر على كل شيء = هو الضابط الكل الذي أخضع كل أعداءه تحت قدميه.
الكائن = كائن بذاته، لم يوجده أحد، كائن دائما. هو خالق الكل لم يخلقه أحد.
الذي كان = هو الأزلي الذي كان موجودا منذ الأزل وقبل كل خليقة.
والذي يأتي = أي الأبدي وتعني أنه سيأتي ليدين العالم. وقد نفهم قوله الذي كان = أي الأزلي. والذي يأتي = أي يأتي متجسدًا إلى العالم وقد أخلى ذاته، ثم يصعد ليجلس عن يمين أبيه، ثم يأتي للدينونة.
لأنك أخذت قدرتك العظيمة وملكت = هذه تساوي جلس عن يمين الآب.
آية 18 "وَغَضِبَتِ الأُمَمُ، فَأَتَى غَضَبُكَ وَزَمَانُ الأَمْوَاتِ لِيُدَانُوا، وَلِتُعْطَى الأُجْرَةُ لِعَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ وَالْقِدِّيسِينَ وَالْخَائِفِينَ اسْمَكَ، الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ، وَلِيُهْلَكَ الَّذِينَ كَانُوا يُهْلِكُونَ الأَرْضَ»."
وغضبت الأمم = لطالما تمردت الأمم على الله ورفضوا طاعة وصاياه. قال أحد الفلاسفة "إن الله يجلس في برج عاجي في السماء لَيُعْطي وصايا افعل ولا تفعل" ولم يفهم هذا الفيلسوف أن الوصايا هي لسعادته وفرحه إن التزم بها، فقداسة الإنسان لن تزيد من قداسة الله وشر الإنسان لن ينجس الله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ووصل غضب الأمم وجهلهم أن قال أحد الفلاسفة " إن كان هناك إله حقا فكيف أطيق أن لا أكون إلها". لقد غضب الأمم على الله ورفضوه، ("أمم" كناية عن مَنْ يحيوا في نجاسة وتمرد على الله لذلك تقال أيضًا عن الشياطين). وكان هذا لدينونتهم وخزيهم، يوم يغضب الله = فَأَتَى غَضَبُكَ وَزَمَانُ الأَمْوَاتِ = هم أموات بالخطية، وأتى الله ليجازي كل واحد بحسب عمله، فالقديسين لهم أجرة = وَلِتُعْطَى الأُجْرَةُ لِعَبِيدِكَ الأَنْبِيَاءِ وَالْقِدِّيسِينَ وَالْخَائِفِينَ اسْمَكَ.
آية 19 "وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ، وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ."
في خيمة الاجتماع أو هيكل سليمان كان قدس الأقداس لا يحتوي سوى تابوت العهد الذي يظلله كاروبان رمزًا للعرش الإلهي في السماء. وكان مجد الله يظهر بين الكاروبين (ويسمى الشكينة وبالعربية السكينة فمن يرى هذا المجد الذي يقال أنه كان كنور فوسفوري كان يمتلئ سكينة وسلام). وكان من يصرح له بدخول قدس الأقداس هو رئيس الكهنة ولمرة واحدة في السنة رمزا لأن المسيح دخل السماء أي الأقداس مرة واحدة بجسده كسابق لنا وليعد لنا مكانا أبديًّا. والآن فالأبرار صار لهم أن يروا الشكينة أي مجد الله. ولملاحظ أن كلمة هيكل هنا وردت بمعنى قدس الأقداس. إذًا لقد صار للإنسان أن يرى الله في مجده ويعيش للأبد، بعد أن كان يقال "لا يراني الإنسان ويعيش" (خر20:33) وذلك لأن القديسين صار لهم جسد ممجد يرون به الله. أما الجسد القديم فقد قيل عنه "لحمًا ودمًا لا يقدران أن يرثا ملكوت الله" (1كو50:15) لقد دخلت الكنيسة إلى بيت الزيجة "إلى العُرْس الأبدي والفرح الأبدي" (2كو18:3) + (1كو12:13) + (1يو2:3).
انفتح هيكل الله في السماء وظهر تابوت عهده = هذه تعني:-
1. صار للإنسان أن يعاين مجد الله (الشكينة) للأبد ويحيا ولا يموت ثانية.
2. هذا يحدث لنا بالجسد الممجد وليس بالجسد الحالي.
3. تابوت العهد في قدس الأقداس يشير بأبعاده وطريقة عمل التابوت من خشب مغلف بالذهب أننا دخلنا للسماء، قدس الأقداس، في المسيح عريسنا. هو إشارة لشركة العروسة (الكنيسة) مع عريسها المسيح، شركة أبدية في أمجاد السماء.
4. بعد سبى بابل سنة 586ق.م. خبأ إرمياء النبي التابوت والمسكن ومذبح البخور في الجبل الذي رأى منه موسى أرض الميعاد (2مك2: 1- 8). وقال إرمياء النبي أن هذه الأشياء لن تظهر ثانية ويبدو مجد الرب إلا بعد أن يجمع الله شمل الشعب ويرحمهم. وعبارة يجمع الله شمل الشعب ويرحمهم تعني إيمان اليهود في نهاية الأيام (رو11: 15 + مت23: 37-39). لذلك قد تعني هذه العبارة وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ = أن تابوت العهد سيظهر في نهاية الأيام. وهذا لا يتعارض مع المعنى الأول (نقاط 1 ، 2 ، 3) ظهور مجد الله لأولاده.
ويُرْجَى مراجعة تفسير خيمة الاجتماع في سفر الخروج.
وحدثت بروق وأصوات ورعود وزلزلة وبرد عظيم = وهذه الآية متفقة مع قول السيد المسيح "تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو29،28:5). فالآن أصبح هناك مكانين، مكان للأبرار ومكان للأشرار. والأبرار سيكون... لهم بروق = وعود بأمجاد أكثر وأفراح أكثر. وهم سيكون لهم استجابة على هذا... بأصوات = تسابيح وفرح بما حصلوا عليه. أما الأشرار ففي رعبهم سيكون لهم... زلزلة = هذا سيكون شعور قلوبهم من الرعب ومن غضب الرب قيل أنهم سيسمعون... رعود = أي ويلات. وتم التعبير عن غضب الرب بقوله... برد = تعبيرا عن الضربات التي سينالونها. وفي هذا الإصحاح سمعنا بإيجاز عن دور الوحش، وفيما يلي سنسمع عن الوحش بأكثر تفصيل، سنرى قصة الكنيسة وصراع الشيطان معها منذ ولادتها وأن الوحش هو آخر فصول اضطهاد الشيطان للكنيسة، كنيسة المسيح، التي ستخرج منها منتصرة وللأبد.
← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرؤيا 12 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الرؤيا 10 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/4g9mp5r