St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   27-Sefr-Asheia
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

إشعياء 14 - تفسير سفر أشعياء

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب أشعيا:
تفسير سفر إشعياء: مقدمة سفر إشعياء | إشعياء 1 | إشعياء 2 | إشعياء 3 | إشعياء 4 | إشعياء 5 | إشعياء 6 | إشعياء 7 | إشعياء 8 | إشعياء 9 | إشعياء 10 | إشعياء 11 | إشعياء 12 | إشعياء 13 | إشعياء 14 | إشعياء 15 | إشعياء 16 | إشعياء 17 | إشعياء 18 | إشعياء 19 | إشعياء 20 | إشعياء 21 | إشعياء 22 | إشعياء 23 | إشعياء 24 | إشعياء 25 | إشعياء 26 | إشعياء 27 | إشعياء 28 | إشعياء 29 | إشعياء 30 | إشعياء 31 | إشعياء 32 | إشعياء 33 | إشعياء 34 | إشعياء 35 | إشعياء 36 | إشعياء 37 | إشعياء 38 | إشعياء 39 | إشعياء 40 | إشعياء 41 | إشعياء 42 | إشعياء 43 | إشعياء 44 | إشعياء 45 | إشعياء 46 | إشعياء 47 | إشعياء 48 | إشعياء 49 | إشعياء 50 | إشعياء 51 | إشعياء 52 | إشعياء 53 | إشعياء 54 | إشعياء 55 | إشعياء 56 | إشعياء 57 | إشعياء 58 | إشعياء 59 | إشعياء 60 | إشعياء 61 | إشعياء 62 | إشعياء 63 | إشعياء 64 | إشعياء 65 | إشعياء 66

نص سفر إشعياء: إشعياء 1 | إشعياء 2 | إشعياء 3 | إشعياء 4 | إشعياء 5 | إشعياء 6 | إشعياء 7 | إشعياء 8 | إشعياء 9 | إشعياء 10 | إشعياء 11 | إشعياء 12 | إشعياء 13 | إشعياء 14 | إشعياء 15 | إشعياء 16 | إشعياء 17 | إشعياء 18 | إشعياء 19 | إشعياء 20 | إشعياء 21 | إشعياء 22 | إشعياء 23 | إشعياء 24 | إشعياء 25 | إشعياء 26 | إشعياء 27 | إشعياء 28 | إشعياء 29 | إشعياء 30 | إشعياء 31 | إشعياء 32 | إشعياء 33 | إشعياء 34 | إشعياء 35 | إشعياء 36 | إشعياء 37 | إشعياء 38 | إشعياء 39 | إشعياء 40 | إشعياء 41 | إشعياء 42 | إشعياء 43 | إشعياء 44 | إشعياء 45 | إشعياء 46 | إشعياء 47 | إشعياء 48 | إشعياء 49 | إشعياء 50 | إشعياء 51 | إشعياء 52 | إشعياء 53 | إشعياء 54 | إشعياء 55 | إشعياء 56 | إشعياء 57 | إشعياء 58 | إشعياء 59 | إشعياء 60 | إشعياء 61 | إشعياء 62 | إشعياء 63 | إشعياء 64 | إشعياء 65 | إشعياء 66 | إشعياء كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نجد هنا الفرحة بسقوط ملك بابل الذي أعطاه الله الغنَى والمجد فأساء استعمالهما وهكذا الشيطان ولأن ملك بابل يرمز للشيطان في:-

1- إساءة استعمال الغنَى والمجد والجمال. وهنا نجد بابل ترمز للشيطان في أنها قوة رهيبة مدمرة لشعب وهيكل الله.

2- ميل كلاهما للتخريب فبينما يبني الملوك المدن يخرب ملك بابل المدن والشيطان يفرح بخراب الإنسان لذلك يقوده للخطية، والخطية تخرب.

3- الكبرياء ولذلك سقط كليهما.

ولأن ملك بابل يرمز للشيطان نرى هنا في هذا الإصحاح آيات صريحة على الشيطان وسقوطه قيلت خلال الآيات التي تتكلم عن سقوط ملك بابل.

 

آية (1):- "لأَنَّ الرَّبَّ سَيَرْحَمُ يَعْقُوبَ وَيَخْتَارُ أَيْضًا إِسْرَائِيلَ، وَيُرِيحُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ، فَتَقْتَرِنُ بِهِمِ الْغُرَبَاءُ وَيَنْضَمُّونَ إِلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ."

في إصحاح 11 نرى تجسد المسيح وأنه سيأتي ليؤسس كنيسته لتحيا في محبة وسلام.

وفي إصحاح 12 كلمنا عن خلاص المسيح لكنيسته وتسبيح الكنيسة لمخلصها المسيح.

والإصحاح السابق حدثنا عن خراب بابل رمزًا للحكم على الشيطان. وهذا الإصحاح يكلمنا عن الفرحة بسقوطه، وعن أن سبب سقوط الشيطان هو كبرياءه. الشيطان بعد سقوطه أذل الإنسان إذ أخطأ. والله هنا يحدثنا عن نهاية هذا الشيطان. ولكن قبل أن يحدثنا عن نهايته نجد الله يعطي وعدا بأنه سيخلص البشر من عدوهم الشيطان. فخلاص البشر كان مقررًا أزليًّا.

الرب يبيد بابل ليخلص شعبه ويحرره من العبودية. وَيُرِيحُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ = هم خسروا أرضهم بسبب الخطية وبتوبتهم يعيدها الله ثانية لهم، بل دخل معهم الْغُرَبَاءُ = الأمم. وقوله وَيُرِيحُهُمْ فِي أَرْضِهِمْ يشير للراحة الأبدية للكنيسة في أورشليم السمائية.

هنا نرى الكنيسة التي تجمع اليهود والأمم بعد كسر إبليس عدوها.

حين يذكر الوحي يعقوب وإسرائيل نفهم أن المقصود اليهود والأمم. فإسرائيل بعد سقوطها في الوثنية، وبعد سبي أشور. شتت ملك أشور شعب إسرائيل عبر مملكته، وأسكن قبائل أممية مكانهم سنة 722 ق.م. هذا جعل إسرائيل ترمز للأمم.

 

آية (2):- "وَيَأْخُذُهُمْ شُعُوبٌ وَيَأْتُونَ بِهِمْ إِلَى مَوْضِعِهِمْ، وَيَمْتَلِكُهُمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ فِي أَرْضِ الرَّبِّ عَبِيدًا وَإِمَاءً، وَيَسْبُونَ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ وَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى ظَالِمِيهِمْ."

وَيَأْخُذُهُمْ شُعُوبٌ = الأمم ستساعدهم في الرجوع إلى وطنهم. وَيَمْتَلِكُهُمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ = الكنيسة سترتفع على أعدائها. ومن سبق وإستعبدوها، ستستعبدهم هي. صار سلطان لبني الملكوت بعد أن كانوا مسبيين لمملكة الظلمة. وكون أن الكنيسة تمتلك الناس أي طاقات هؤلاء الناس صارت تعمل لخدمة وبناء الكنيسة. ألم يحفظ أثناسيوس الرسولي عقيدة الكنيسة في طبيعة المسيح، وأثناسيوس كان وثنيًا.

وَيَسْبُونَ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ = قيل أن السيد المسيح سَبَى سَبْيًا (أف 4: 8) = أخذ المؤمنين من يد الشيطان الذي كان يستعبدهم وحررهم، وذلك بموته وبقيامته . والكنيسة تسبي الذين سبوها أي يدخلون الإيمان، وتاريخيًا فكورش سخر البابليين لخدمة اليهود. عبيدا وإماء للرب ولكن بحريتهم (يع1: 1 + يه1). ويتسلطون على ظالميهم = أعطيتكم سلطانا أن تدوسوا على الحيات والعقارب: "هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ" (لو 10: 19)، فالشيطان هو من ظلم البشر.

 

آيات (3- 8):- "وَيَكُونُ فِي يَوْمٍ يُرِيحُكَ الرَّبُّ مِنْ تَعَبِكَ وَمِنِ انْزِعَاجِكَ، وَمِنَ الْعُبُودِيَّةِ الْقَاسِيَةِ الَّتِي اسْتُعْبِدْتَ بِهَا، أَنَّكَ تَنْطِقُ بِهذَا الْهَجْوِ عَلَى مَلِكِ بَابِلَ وَتَقُولُ: «كَيْفَ بَادَ الظَّالِمُ، بَادَتِ الْمُغَطْرِسَةُ؟ قَدْ كَسَّرَ الرَّبُّ عَصَا الأَشْرَارِ، قَضِيبَ الْمُتَسَلِّطِينَ. الضَّارِبُ الشُّعُوبَ بِسَخَطٍ، ضَرْبَةً بِلاَ فُتُورٍ. الْمُتَسَلِّطُ بِغَضَبٍ عَلَى الأُمَمِ، بِاضْطِهَادٍ بِلاَ إمْسَاكٍ. اِسْتَرَاحَتِ، اطْمَأَنَّتْ كُلُّ الأَرْضِ. هَتَفُوا تَرَنُّمًا. حَتَّى السَّرْوُ يَفْرَحُ عَلَيْكَ، وَأَرْزُ لُبْنَانَ قَائِلًا: مُنْذُ اضْطَجَعْتَ لَمْ يَصْعَدْ عَلَيْنَا قَاطِعٌ."

التسبيح نتيجة الخلاص. فهناك في أرضك يوم تتحرر وتعود لأرضك (الكنيسة حاليًا، ثم السماء بعد ذلك تفرح وتسبح على الحرية من الشيطان) تفرح بخلاصك من جبروت وقسوة ملك بابل. ومن يتحرر يصف عتو ملك بابل وسقوطه وافتخارهم عليه وفرحهم بسقوطه. لأن ملك بابل كان ثقلًا رهيبًا لم ينج أحد من بطشه. وبسقوطه تفرح كل الأرض، حتى الأشجار استراحت فكان ملوك بابل يقطعونها أما ملوك فارس فلم يعتادوا ذلك. والسرو والأرز إشارة لفرح باقي الملوك بسقوط ملك بابل الطاغية، وهي فرحة شعب الله بسقوط الشيطان. ونلاحظ أن قطع ملك بابل للأشجار إشارة لحبه في الأذية.

الضارب الشعوب بسخط = هو يُضْرَب الآن بعد ما كان يضرب الشعوب بسخط، تطبيقًا لقول عوبديا النبي آية (15) ما فعلته يفعل بك، عملك يرتد على رأسك. وهذا الهجو ينطق به على الشيطان كل من تذوق حرية مجد أولاد الله.

 

St-Takla.org Image: The fallen Angels, Lucifer and His Angels, by Gustave Dore, illustration from the Paradise Lost by Milton صورة في موقع الأنبا تكلا: لوسيفر الملاك الساقط مع ملائكته، سقوط الملائكة، الفنان جوستاف دوريه، من كتاب الفردوس المفقود، ميلتون

St-Takla.org Image: The fallen Angels, Lucifer and His Angels, by Gustave Dore, illustration from the Paradise Lost by Milton.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوسيفر الملاك الساقط مع ملائكته، سقوط الملائكة، الفنان جوستاف دوريه، من كتاب الفردوس المفقود، ميلتون.

آيات (9- 16):- "اَلْهَاوِيَةُ مِنْ أَسْفَلُ مُهْتَزَّةٌ لَكَ، لاسْتِقْبَالِ قُدُومِكَ، مُنْهِضَةٌ لَكَ الأَخْيِلَةَ، جَمِيعَ عُظَمَاءِ الأَرْضِ. أَقَامَتْ كُلَّ مُلُوكِ الأُمَمِ عَنْ كَرَاسِيِّهِمْ. كُلُّهُمْ يُجِيبُونَ وَيَقُولُونَ لَكَ: أَأَنْتَ أَيْضًا قَدْ ضَعُفْتَ نَظِيرَنَا وَصِرْتَ مِثْلَنَا؟ أُهْبِطَ إِلَى الْهَاوِيَةِ فَخْرُكَ، رَنَّةُ أَعْوَادِكَ. تَحْتَكَ تُفْرَشُ الرِّمَّةُ، وَغِطَاؤُكَ الدُّودُ. كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشَّمَالِ. أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. لكِنَّكَ انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ. اَلَّذِينَ يَرَوْنَكَ يَتَطَلَّعُونَ إِلَيْكَ، يَتَأَمَّلُونَ فِيكَ. أَهذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي زَلْزَلَ الأَرْضَ وَزَعْزَعَ الْمَمَالِكَ،"

ما الملائكة الأشرار إلا ولاة هذا العالم، عالم هذا الظلام (أف 12:6) وقد يسيطرون على قلوب بعض الحكام ليتصرفوا ضد مشيئة الله. وملك بابل كما قلنا يرمز للشيطان لذلك يتداخل الكلام عن الشيطان وملك بابل في هذه الآيات، وفيها نَرَى الهاوية تقوم مهتزة لإستقبال ملك بابل (إشارة لموته وهلاكه، والهاوية ستكون نصيب إبليس أيضًا) والتصوير هنا يعني أن الهاوية كانت تنتظر وصول إبليس، ومن أسقطهم الشيطان في خطايا أتت بهم إلى الهاوية هم أيضًا في انتظاره ليتذوق نفس الآلام التي هم فيها الآن. والأَخْيِلَةَ = الأموات وهنا نرى دليل على أن الأموات لا يتلاشون بعد الموت، بل يعرفون بعضهم (كما عرف الغني لعازر وعرف إبراهيم). وتبدو في هذه الآيات صورة السخرية من ملك بابل (أو إبليس) لأنه أصبح مثلهم أسير الهاوية للأبد. بلا قوة بلا سلطان... فأين هي قوته التي كان يرعب بها الناس؟!! ولاحظ سخرية الملوك الذين ظنوا أنهم إمتلكوا العالم فإنتفخوا، وكانت كبرياء هؤلاء الملوك بإيحاء من إبليس، فها هم في الهاوية بلا كراسي ولا إنتفاخ وقد جاء إليهم ملك بابل (إبليس) وهو أيضاً بلا كرسي ولا أي قوة أَقَامَتْ كُلَّ مُلُوكِ الأُمَمِ عَنْ كَرَاسِيِّهِمْ. كُلُّهُمْ يُجِيبُونَ وَيَقُولُونَ لَكَ: أَأَنْتَ أَيْضًا قَدْ ضَعُفْتَ نَظِيرَنَا وَصِرْتَ مِثْلَنَا؟! ويتضح أيضًا من هذه الآيات أن الأموات يشعرون بحالتهم. وفي آية (11) الهاوية فخرك = فكان الشيطان يفتخر بالعدد الذين أسقطهم، فهلكوا وصار مكانهم الهاوية. فعوض الفرح يكون مصيره النتانة الرِّمَّةُ وَ.. الدُّودُ يغطيانه من فوقه ومن تحته، فهذه كانت أعماله. إذ خدع الإنسان فمات جسده وأكله الدود وتحول جسد البشر إلى رِمَّة. والله يقول له هنا الرِّمَّةُ وَ.. الدُّودُ كانت نتيجة أفعالك ونتيجة أفعالك تتبعك (رؤ13:14). رَنَّةُ أَعْوَادِكَ = صوت الآلات الوترية التي طالما تَغَنَّى بها، أي أين صوت أفراحك وأفراح انتصاراتك السابقة على البشر الذين هلكوا بسببك. زُهَرَةُ بِنْتَ الصُّبْحِ = كوكب الصبح الجميل وهذا لا ينطبق على إنسان بل هو جمال الكاروب (إبليس) الذي قال الله عنه أنه كان "كامل الجمال" (حز28: 12)، ولكن الذي أسقطه كبرياؤه = أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ. "قَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أم 16: 18)، و"كُلَّ مَنْ يَرْفَعُ نَفْسَهُ يَتَّضِعُ وَمَنْ يَضَعُ نَفْسَهُ يَرْتَفِعُ" (لو 14: 11؛ 18: 14) وهكذا سيكون ضد المسيح (2تي 2: 3 ، 4) فهو سيدعي أنه إله. وهذا المتكبر لم ينتفخ فقط على الملائكة كواكب الله بل أراد أن يتساوَى بالله. هنا يريد أن يصبح مِثْلَ الْعَلِيِّ. أما المسيح فجاء قائلًا "تعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29). وبنفس الأسلوب أسقط الشيطان آدم وحواء حين قال لهم "تكونان كالله" (تك3: 5).

نلاحظ أن الشيطان بدأ بالانتفاخ على باقي الملائكة، وتزايد معه هذا الفكر فأراد أن يتساوَى بالله. فالكبرياء فكر يتزايد مع الوقت، يبدأ المتكبر بالانتفاخ على من حوله من البشر، ثم يؤله نفسه. والأسوأ أن يصل الإنسان لأن ينسب الخطأ لله في تدابيره، فهل نحن أحكم منه؟!

 

آية (17):- "الَّذِي جَعَلَ الْعَالَمَ كَقَفْرٍ، وَهَدَمَ مُدُنَهُ، الَّذِي لَمْ يُطْلِقْ أَسْرَاهُ إِلَى بُيُوتِهِمْ؟"

الَّذِي لَمْ يُطْلِقْ أَسْرَاهُ = ملك بابل لم يطلق يهوياكين ملك يهوذا، بل ظل في السجن 36 سنة وشعب اليهود أقام 70 سنة في السبي. ومن مات قبل المسيح حبسوا في الجحيم. والشيطان بخداعه لآدم وحواء تسبب في أن الأرض لُعِنَتْ فصارت الأرض كالقفر. وبعد الخطية إستعبد الشيطان البشر = لم يُطلق أسراه ، إلى أن حررهم المسيح.

جَعَلَ الْعَالَمَ كَقَفْرٍ، وَهَدَمَ مُدُنَهُ = كما هدم وأحرق أورشليم هدم مدنا كثيرة من البلاد التي إستعمرها إذا قاومته. وفي هذا إشارة لتدمير الشيطان للبشر، فضاع من الإنسان صورة الله التي خُلِق عليها، وفقد فرحه وسلامه وطُرِد من الجنة التي وضعه الله فيها. إلا أن نبوخذ نصر كملك قيل عنه البَنَّاء العظيم فهو إشتهر بالبناء، وبنى مدنًا كثيرة ليخلد إسمه. وهو الذي بَنَى الحدائق المعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع.

 

آيات (18، 19):- "كُلُّ مُلُوكِ الأُمَمِ بِأَجْمَعِهِمِ اضْطَجَعُوا بِالْكَرَامَةِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَيْتِهِ. وَأَمَّا أَنْتَ فَقَدْ طُرِحْتَ مِنْ قَبْرِكَ كَغُصْنٍ أَشْنَعَ، كَلِبَاسِ الْقَتْلَى الْمَضْرُوبِينَ بِالسَّيْفِ، الْهَابِطِينَ إِلَى حِجَارَةِ الْجُبِّ، كَجُثَّةٍ مَدُوسَةٍ."

الملوك يدفنون بكرامة (الأهرام كمثال). وأما أنت = إشارة لبيلشاصر آخِر ملوك بابل الذي قتله كورش ليلة فتح فارس لبابل، فهو قُتِل ولم ينشغل أحد بجثته وسط الخراب الذي حل بالمدينة. بل حتى الملوك الذين هزمتهم يا ملك بابل دفنهم شعبهم بكرامة وحنطوا أجسادهم. غصن أشنع = غصن متعفن. كلباس القتلى = ماذا يصنع بلباس قتيل ضُرِبَ بسيف سوى أن يُلْقَى بإهمال. نرى هنا صورة كراهية عامة وإحتقار من البشر للشيطان.

 

آية (20):- "لاَ تَتَّحِدُ بِهِمْ فِي الْقَبْرِ لأَنَّكَ أَخْرَبْتَ أَرْضَكَ، قَتَلْتَ شَعْبَكَ. لاَ يُسَمَّى إِلَى الأَبَدِ نَسْلُ فَاعِلِي الشَّرِّ."

لا تتحد بهم في القبر = هم سيدفنهم شعوبهم بكرامة أما أنت فسيلقون جثتك بإهمال.

أخربت أرضك = بالظلم والإسراف على شهواتهم فجلبوا على أنفسهم دينونة الله. لا يسمى للأبد = ينقطع نسله من على كرسيه، بل بموت بيلشاصر (دا5) إنتهت دولة بابل.

 

آية (21):- "هَيِّئُوا لِبَنِيهِ قَتْلًا بِإِثْمِ آبَائِهِمْ، فَلاَ يَقُومُوا وَلاَ يَرِثُوا الأَرْضَ وَلاَ يَمْلأُوا وَجْهَ الْعَالَمِ مُدُنًا»."

قتل ملك فارس بَنِيهِ (أولاد ملك بابل) حتى لا يقوموا بثورة ضده، ولا يملئوا وجه العالم مدنًا = اشتهرت بابل ببناء المدن، ولكن بسبب إنتهاء ذرية ملوك بابل، فلن تبني بابل مدنا ثانيًا. ملك بابل كان يهدم المدن التي يفتحها لأنها قاومته كما هدم وخرَّب أورشليم، لكنه كان يبني مدنًا في بابل ليخلد إسمه.

 

آيات (22، 23):- "«فَأَقُومُ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. وَأَقْطَعُ مِنْ بَابِلَ اسْمًا وَبَقِيَّةً وَنَسْلًا وَذُرِّيَّةً، يَقُولُ الرَّبُّ. وَأَجْعَلُهَا مِيرَاثًا لِلْقُنْفُذِ، وَآجَامَ مِيَاهٍ، وَأُكَنِّسُهَا بِمِكْنَسَةِ الْهَلاَكِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ»."

ذكر اسم الرب 3 مرات هنا لأن الأمر مقرر من الرب. آجام مياه = برك وحل طينية (إشارة لشناعة الخطية). وهذا القرار بهلاك بابل هو موجه لمملكة الشيطان. وهذه الآية تشير لأن بابل ستخرب خرابًا نهائيًّا لا تقوم بعده، وهذا هو مصير الشيطان.

في هذا الإصحاح رأينا نبوة واضحة عن نهاية الشيطان المتكبر والذي خدع البشر فسقطوا وماتوا. وفيما يلي سنرى إيضاحات لما سببه الشيطان للإنسان وذلك من خلال النبوات على بعض الأمم التي في عداء مستمر مع شعب الله. وسنرى فيها ما فعله الشيطان في الإنسان. وسنرى عقاب الشيطان من خلال النبوات الخاصة بعقاب هذه الأمم التي كانت في عداء مستمر مع شعب الله. فهذه الأمم صارت رمزاً للشيطان بسبب عباداتهم الوثنية. ونلاحظ أن الله ليس ضد هذه الشعوب بدليل قوله في (إش 19) عن مصر وأشور "مبارك شعبي مصر وعمل يدي أشور". لكن الله ضد ما ترمز له هذه الشعوب، وضد عباداتها النجسة للشيطان (عبادة الأوثان وراءها الشيطان).

والبداية بالنبوة ضد فلسطين التي في عداء مستمر مع شعب الله، وهكذا الشيطان.

 

آيات (24-27):- "قَدْ حَلَفَ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلًا: «إِنَّهُ كَمَا قَصَدْتُ يَصِيرُ، وَكَمَا نَوَيْتُ يَثْبُتُ: أَنْ أُحَطِّمَ أَشُّورَ فِي أَرْضِي وَأَدُوسَهُ عَلَى جِبَالِي، فَيَزُولَ عَنْهُمْ نِيرُهُ، وَيَزُولَ عَنْ كَتِفِهِمْ حِمْلُهُ». هذَا هُوَ القَضَاءُ الْمَقْضِيُّ بِهِ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَهذِهِ هِيَ الْيَدُ الْمَمْدُودَةُ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. فَإِنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ قَضَى، فَمَنْ يُبَطِّلُ؟ وَيَدُهُ هِيَ الْمَمْدُودَةُ، فَمَنْ يَرُدُّهَا؟"

هذه النبوة عن أشور. وقد ذكرت هنا لأن خراب بابل بعيد جدًا. فبابل لم تكن قد قامت بعد. فإذا خربت أشور الذي كان خرابها قريبا كان ذلك برهانًا على صدق النبوة بخراب بابل (التي ستخرب بعد 200 سنة).

هناك مرحلتين لخراب الشيطان الأولى رُمِز لها بخراب أشور والثانية رمز لها بخراب بابل. الأولى هي رمز لضربة الشيطان بالصليب والثانية رمز لخرابه النهائي ومصيره الأبدي في بحيرة النار.

 

آيات (28-32):- "فِي سَنَةِ وَفَاةِ الْمَلِكِ آحَازَ كَانَ هذَا الْوَحْيُ: لاَ تَفْرَحِي يَا جَمِيعَ فِلِسْطِينَ، لأَنَّ الْقَضِيبَ الضَّارِبَكِ انْكَسَرَ، فَإِنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْحَيَّةِ يَخْرُجُ أُفْعُوانٌ، وَثَمَرَتُهُ تَكُونُ ثُعْبَانًا مُسِمًّا طَيَّارًا. وَتَرْعَى أَبْكَارُ الْمَسَاكِينِ، وَيَرْبِضُ الْبَائِسُونَ بِالأَمَانِ، وَأُمِيتُ أَصْلَكِ بِالْجُوعِ، فَيَقْتُلُ بَقِيَّتَكِ. وَلْوِلْ أَيُّهَا الْبَابُ. اصْرُخِي أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ. قَدْ ذَابَ جَمِيعُكِ يَا فِلِسْطِينُ، لأَنَّهُ مِنَ الشَّمَالِ يَأْتِي دُخَانٌ، وَلَيْسَ شَاذٌّ فِي جُيُوشِهِ. فَبِمَاذَا يُجَابُ رُسُلُ الأُمَمِ؟ إِنَّ الرَّبَّ أَسَّسَ صِهْيَوْنَ، وَبِهَا يَحْتَمِي بَائِسُو شَعْبِهِ."

هي وحي من جهة فلسطين.

 

آيات (28-29): "فِي سَنَةِ وَفَاةِ الْمَلِكِ آحَازَ كَانَ هذَا الْوَحْيُ: لاَ تَفْرَحِي يَا جَمِيعَ فِلِسْطِينَ، لأَنَّ الْقَضِيبَ الضَّارِبَكِ انْكَسَرَ، فَإِنَّهُ مِنْ أَصْلِ الْحَيَّةِ يَخْرُجُ أُفْعُوانٌ، وَثَمَرَتُهُ تَكُونُ ثُعْبَانًا مُسِمًّا طَيَّارًا."

 كان الملك عزيا قد ضرب الفلسطينيين ضربات مؤثرة ثقيلة ولكنهم أخذوا بالثأر أيام أحاز ففرحوا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ثم غزا بلادهم تغلث فلاسر ملك أشور وإذ مات تغلث فلاسر فرح الفلسطينيون بموته إذ ظنوا أنهم تخلصوا من عبوديتهم لأشور ولكن النبي هنا يقول لهم، أنه وإن مات تغلث فلاسر (الحية) يأتي من نسله أي ابنه (أفعوانًا) أشر منه. ونبوة إشعياء بخراب فلسطين كما كانت نبوته بخراب أشور (آيات 24-27) وكلاهما سيحدث قريبًا دليلًا على صدق نبوته بخراب بابل وقد يكون في هذه الآيات تحذيرًا ليهوذا من الانضمام لفلسطين في ثورتهم ضد أشور إذ مات ملك أشور تغلث فلاسر.

يا جميع فلسطين = لأن فلسطين كانت مكونة من إمارات مختلفة. القضيب الضاربك هو تغلث فلاسر ملك أشور الذي استولى على بعض مدنها وبعد موته جاء أولاده وهم أشد منه وأشر منه.

إلاأن بعض المفسرين فسر هذه الآيات أن القضيب الضارب هو عزيا وأن نسله الأشد منه هو حزقيا الذي سيضرب فلسطين ضربة قاتلة. ولكن المقصود أن أعداء شعب الله لن يجدوا راحة فضربة ستأتي وراءها ضربة أخرى.

فالله لن يدعهم يهاجمون شعبه أو كنيسته بصفة مستمرة، بل يرسل لهم ضربة وراء ضربة حتى ينقذ أولاده منهم كما في الآية القادمة. كما قال المرنم: [الله لا يترك عصا الأشرار تستقر على نصيب الصديقين لكيلا يمد الصديقون أيديهم إلى الإثم]: "لاَ تَسْتَقِرُّ عَصَا الأَشْرَارِ عَلَى نَصِيبِ الصِّدِّيقِينَ، لِكَيْلاَ يَمُدَّ الصِّدِّيقُونَ أَيْدِيَهُمْ إِلَى الإِثْمِ" (مز125: 3). الله يسمح بتأديب أولاده عن طريق ضربات الأشرار، ولكنه يحميهم من الشعور باليأس حتى لا يفشلوا. وعندما يؤتي التأديب ثِماره تتوقف التجربة كما حدث مع أيوب. وقد شرح الوحي هذا تمامًا في (زك1: 18 - 21).

 

آية (30):- "وَتَرْعَى أَبْكَارُ الْمَسَاكِينِ، وَيَرْبِضُ الْبَائِسُونَ بِالأَمَانِ، وَأُمِيتُ أَصْلَكِ بِالْجُوعِ، فَيَقْتُلُ بَقِيَّتَكِ."

أَبْكَارُ الْمَسَاكِينِ = أي الأشد فقرًا بالإضافة للبائسين الذين هم مَسَاكِينِ شعب الرب وهؤلاء قام الفلسطينيون بأذيتهم، وعقاب الفلسطينيين على ذلك هو ضربهم بالجوع ثم سيف أشور الذي سيقتل البقية.

 

آية (31):- "وَلْوِلْ أَيُّهَا الْبَابُ. اصْرُخِي أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ. قَدْ ذَابَ جَمِيعُكِ يَا فِلِسْطِينُ، لأَنَّهُ مِنَ الشَّمَالِ يَأْتِي دُخَانٌ، وَلَيْسَ شَاذٌّ فِي جُيُوشِهِ."

دخان = حرائق المدن الفلسطينية. ليس شاذ = كل جيش أشور أقوياء.

فلسطين العدو التقليدي لشعب الله في العهد القديم، تمثل الشيطان العدو التقليدي للكنيسة. وهذه الآية وَلْوِلْ أَيُّهَا الْبَابُ. اصْرُخِي أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ تساوي تمامًا قول رب المجد عن الكنيسة "أبواب الجحيم لن تقوى عليها" (مت16: 18). فالكنيسة بصلواتها وأصوامها وتسابيحها إنما هي تهاجم الشيطان الذي لا يحتمل هذه الحرب.

 

آية (32):- "فَبِمَاذَا يُجَابُ رُسُلُ الأُمَمِ؟ إِنَّ الرَّبَّ أَسَّسَ صِهْيَوْنَ، وَبِهَا يَحْتَمِي بَائِسُو شَعْبِهِ."

رسل الأمم = قد يكونون رسل من فلسطين أو أيَّة أمة أخرى تطلب إقامة حلف ضد أشور. ويجب الرد عليهم بأن الرب يحمي بائسي شعبه (بِهَا يَحْتَمِي بَائِسُو شَعْبِهِ).

والرب يسوع أسس الكنيسة جسده وهو قادر على حمايتها من أي عدو لها. إن أجمل شرح لهذه الآية رد البابا القبطي على سفير روسيا قديمًا(1)، حينما قال له السفير إن ملك روسيا يعرض عليك أن يعلن أنه سيحمي الكنيسة القبطية. وكان رد البابا القبطي: ملك روسيا يموت، أما الرب يسوع ملكنا حيٌ لا يموت، وهو الذي يحمي الكنيسة.

ولاحظ أن هذا التهديد الموجه لفلسطين العدو التقليدي لشعب الله في العهد القديم هو موجه للشيطان، أن كل شعب الله قوي وسيوجه الضربات وراء الضربات لعدوه التقليدي الشيطان. الله يعطي لكنيسته قوة تهاجم بها مملكة الشيطان وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. فبعد خلاص المسيح "ليقل الضعيف بطل أنا" (يؤ3: 10).

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(1) إضافة من الموقع: القصة حدثت مع قداسة البابا بطرس السابع.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات إشعياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66

 

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/27-Sefr-Asheia/Tafseer-Sefr-Ash3eia2__01-Chapter-14.html

تقصير الرابط:
tak.la/xsm4zf4