← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29
هذا الإصحاح نبوة بسقوط السامرة وإنذار لأورشليم بسبب أنهم خُدِعوا بالخيرات الزمنية فظنوها باقية فسكروا بالخمر وذهبوا لعبادة الأوثان.
آية (1):- "وَيْلٌ لإِكْلِيلِ فَخْرِ سُكَارَى أَفْرَايِمَ، وَلِلزَّهْرِ الذَّابِلِ، جَمَالِ بَهَائِهِ الَّذِي عَلَى رَأْسِ وَادِي سَمَائِنِ، الْمَضْرُوبِينَ بِالْخَمْرِ."
أفرايم = إشارة لمملكة إسرائيل فإفرايم أكبر وأغنَى الأسباط، كان بها وفرة من الخيرات. إكليل فخر = كان سكان إسرائيل يفتخرون بعاصمتهم الجميلة السامرة. سكارى إفرايم = كان سكانها سكارى. على رأس وادي = فهي مرتفعة وعوضًا عن أن تكون نورًا شاهدًا لبركات الله سقطت في رذائلها. وعقوبتها لأنها أساءت استعمال خيرات الله، أن الله سيأخذ ما بين أيديها فيتحول سمانها إلى هزال = للزهر الذابل جمال بهائه = لسقوطها (هذا ما فعلته أشور بهم) سماها زهر ذابل. وكان السكارى قديمًا يلبسون إكليل زهر معتقدين أن رائحته تخفف من أثار السكر فكان الإكليل علامة الخلاعة. إذًا الزهر هو استعارة من شكل السكارى. وإضفاء هذا الشكل على السامرة الجميلة كلها وكما سيخرب السكارى هكذا ستخرب السامرة كلها. كما يذبل الزهر على أعناق هؤلاء السكارى هكذا سيذبل من يلبسه، وستذبل السامرة أيضًا.
آيات (2-4):- "هُوَذَا شَدِيدٌ وَقَوِيٌّ لِلسَّيِّدِ كَانْهِيَالِ الْبَرَدِ، كَنَوْءٍ مُهْلِكٍ، كَسَيْلِ مِيَاهٍ غَزِيرَةٍ جَارِفَةٍ، قَدْ أَلْقَاهُ إِلَى الأَرْضِ بِشِدَّةٍ. بِالأَرْجُلِ يُدَاسُ إِكْلِيلُ فَخْرِ سُكَارَى أَفْرَايِمَ. وَيَكُونُ الزَّهْرُ الذَّابِلُ، جَمَالُ بَهَائِهِ الَّذِي عَلَى رَأْسِ وَادِي السَّمَائِنِ كَبَاكُورَةِ التِّينِ قَبْلَ الصَّيْفِ، الَّتِي يَرَاهَا النَّاظِرُ فَيَبْلَعُهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ."
شَدِيدٌ وَقَوِيٌّ = الشديد والقوي هو ملك أشور الذي جاء كرجل واحد. وانهيال البرد هو هجوم أشور الذي بلا شفقة. باكورة التين = إذا وجد شخص تين مثمر كباكورة يلتهمه في الطريق حتى قبل أن يصل لبيته من لذته، وهذا إشارة لطمع ملك أشور. الزهر الذابل = هم السامرة وشعبها إذ فقدوا بهاءهم بعد أن تخلى الرب عنهم.
آيات (5، 6):- "فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ رَبُّ الْجُنُودِ إِكْلِيلَ جَمَال وَتَاجَ بَهَاءٍ لِبَقِيَّةِ شَعْبِهِ، وَرُوحَ الْقَضَاءِ لِلْجَالِسِ لِلْقَضَاءِ، وَبَأْسًا لِلَّذِينَ يَرُدُّونَ الْحَرْبَ إِلَى الْبَابِ."
يوم سقوط السامرة يكون الله إكليل جمال ليهوذا. ويوم سقوط أورشليم يكون الله إكليل جمال لشعبه (البقية). ويوم الصليب يوم سقوط إبليس، اليوم الذي حمل فيه الرب عارنا يكون هو إكليل لشعبه. ويوم سقوط أورشليم على أيدي الرومان يكون الله إكليل جمال على الذين آمنوا بالمسيح. وفي الأيام الأخيرة يكون الله إكليل لمن لم يتبعوا ضد المسيح. عمومًا فيوم دينونة الخطية هو يوم يظهر فيه مجد الله الذي دان الشر وحفظ بقية شعبه الذين رفضوا الشر، فدينونة الشر مجدًا لله بل يكون الله هو
رُوحَ الْقَضَاءِ لِلْجَالِسِ لِلْقَضَاءِ= الله يعطي للجالسين على كرسي القضاء روح عدل، وهو الذي أعطى شعبه الروح واعدًا "رُوحُ أَبِيكُمُ.. يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ" (مت 10: 20)، وهو الذي أعطى تلاميذه وكنيسته سلطان الحِل والربط. بل يكون أيضًا = بَأْسًا لِلَّذِينَ يَرُدُّونَ الْحَرْبَ إِلَى الْبَابِ = الله يعطي قوة للمحاربين من شعبه أن يطردوا المهاجمين إلى خارج المدينة أي إلى باب المدينة. وروحياً إذا فهمنا أن المسيح هو الباب، فمن تأتي عليه حرب شيطانية عليه أن يلجأ للمسيح الباب فستأتي له المعونة والبأس. فهو كل شيء لشعبه، والمحاربين (لِلَّذِينَ يَرُدُّونَ الْحَرْبَ) هم شعب الله اليهود ضد أعدائهم، والأهم هم المجاهدين ضد الشيطان في حروبهم الروحية والتي كانت حروب العهد القديم رمزا لها.
آيات (7، 8):- "وَلكِنَّ هؤُلاَءِ أَيْضًا ضَلُّوا بِالْخَمْرِ وَتَاهُوا بِالْمُسْكِرِ. الْكَاهِنُ وَالنَّبِيُّ تَرَنَّحَا بِالْمُسْكِرِ. ابْتَلَعَتْهُمَا الْخَمْرُ. تَاهَا مِنَ الْمُسْكِرِ، ضَلاَّ فِي الرُّؤْيَا، قَلِقَا فِي الْقَضَاءِ. فَإِنَّ جَمِيعَ الْمَوَائِدِ امْتَلأَتْ قَيْئًا وَقَذَرًا. لَيْسَ مَكَانٌ."
هذه عن يهوذا فالجميع زاغوا وفسدوا. وبسبب الخطية ضلوا في الرؤيا والقضاء. النبي = هم الأنبياء الكذبة. قلقا في القضاء = لم تعد لهم رؤيا صحيحة للأحداث ففقدوا العدل. ليس مكان = كان الكهنة يسكرون في كل مكان فلم يوجد مكان نظيف، لا يوجد مكان يستريح فيه الله ولا مكان يستريح فيه إنسان.
آيات (9، 10):- "«لِمَنْ يُعَلِّمُ مَعْرِفَةً، وَلِمَنْ يُفْهِمُ تَعْلِيمًا؟ أَلِلْمَفْطُومِينَ عَنِ اللَّبَنِ، لِلْمَفْصُولِينَ عَنِ الثُّدِيِّ؟ لأَنَّهُ أَمْرٌ عَلَى أَمْرٍ. أَمْرٌ عَلَى أَمْرٍ. فَرْضٌ عَلَى فَرْضٍ. فَرْضٌ عَلَى فَرْضٍ. هُنَا قَلِيلٌ هُنَاكَ قَلِيلٌ»."
لم يقبل الشعب تعاليم النبي لكبريائهم وقالوا لمن يعلم معرفة هل نحن مفطومين أي أطفال. لأنه أمر على أمر... أي يكرر تعاليمه كما لأطفال صغار، لقد أكثر من أوامره، وضجروا من تعاليمه، فهم في نظر أنفسهم علماء في الدين لا يحتاجون لأي تعليم. ويبدو أن هؤلاء السكارى أخذوا كلام النبي وحولوه لأغنية على سبيل المزاح فكرر النبي هنا أغنيتهم وكلامهم بل هم اعتبروا ما يقوله النبي تافه هنا قليل وهناك قليل = أي ما يقوله أشعياء أشياء بسيطة لا يصح أن يعلمنا إياها.
آيات (11-13):- "إِنَّهُ بِشَفَةٍ لَكْنَاءَ وَبِلِسَانٍ آخَرَ يُكَلِّمُ هذَا الشَّعْبَ، الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ: «هذِهِ هِيَ الرَّاحَةُ. أَرِيحُوا الرَّازِحَ، وَهذَا هُوَ السُّكُونُ». وَلكِنْ لَمْ يَشَاءُوا أَنْ يَسْمَعُوا. فَكَانَ لَهُمْ قَوْلُ الرَّبِّ: أَمْرًا عَلَى أَمْرٍ. أَمْرًا عَلَى أَمْرٍ. فَرْضًا عَلَى فَرْضٍ. فَرْضًا عَلَى فَرْضٍ. هُنَا قَلِيلًا هُنَاكَ قَلِيلًا، لِكَيْ يَذْهَبُوا وَيَسْقُطُوا إِلَى الْوَرَاءِ وَيَنْكَسِرُوا وَيُصَادُوا فَيُؤْخَذُوا."
بشفة لكناء = هنا إنذار لهم: [ما لم تقبلوه من النبي بإنذاره اللطيف سيعلمه لكم ملك أشور بلغة العنف والحرب والسبي]، والشفة اللكناء واللسان الأخر (بِشَفَةٍ لَكْنَاءَ وَبِلِسَانٍ آخَرَ). نبوة عن ملك أشور الأجنبي. وآية (12) حاول النبي إشعياء أن يعلمهم الراحة الحقيقية وأنها ليست في الخمر بل أن يريحوا المتألمين = الرازح وفي هذا راحة لله ولهم وللمتألم الرازح، لكنهم لم يسمعوا، واهتم الكهنة وغيرهم في الممارسات الخارجية الشكلية دون أعمال محبة. فكان لهم قول الرب أمرًا على أمر... = أي ما لم تقبلوه من النبي وحولتموه لسخرية سوف تنفذونه بالعنف.
آية (14):- "لِذلِكَ اسْمَعُوا كَلاَمَ الرَّبِّ يَا رِجَالَ الْهُزْءِ، وُلاَةَ هذَا الشَّعْبِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ."
آية (15):- "لأَنَّكُمْ قُلْتُمْ: «قَدْ عَقَدْنَا عَهْدًا مَعَ الْمَوْتِ، وَصَنَعْنَا مِيثَاقًا مَعَ الْهَاوِيَةِ. السَّوْطُ الْجَارِفُ إِذَا عَبَرَ لاَ يَأْتِينَا، لأَنَّنَا جَعَلْنَا الْكَذِبَ مَلْجَأَنَا، وَبِالْغِشِّ اسْتَتَرْنَا»."
إذا كانوا قد قالوا هذا الكلام فهم قد قالوه كتحد للنبي. وغالبًا هم لم يقولوا هذا الكلام بالحرف ولكن هذا لسان حالهم أو أفعالهم. فمخالفتهم المتكررة لوصايا الله هي عقد عهد مع الموت (عَقَدْنَا عَهْدًا مَعَ الْمَوْتِ). وعقدهم محالفات مع مصر ضد أشور هي صنع ميثاق مع الهاوية (مِيثَاقًا مَعَ الْهَاوِيَةِ). والسوط الجارف = أشور. فهم تصوروا أن تحالفاتهم وغشهم (تحالفهم مع أشور مرة ومع مصر مرة) سيحميهم من غزو ملك أشور.
ولكن هذه الآيات تفهم أيضًا بأننا قد
عقدنا عهدا مع الموت أن لا يأتي علينا فلا نذهب للهاوية، والسوط الجارف (الأمة التي تهاجمنا) إذا عبر لا يأتينا (فنحن عقدنا تحالفات مع غيرها)، فنحن نعقد تحالفات ونغش فيها ونستعمل المكر لحماية أنفسنا بالمكر. فهم واثقين في مكرهم وذكائهم فلا داعي أن يلجأوا لله.
آية (16):- "لِذلِكَ هكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هأَنَذَا أُؤَسِّسُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرًا، حَجَرَ امْتِحَانٍ، حَجَرَ زَاوِيَةٍ كَرِيمًا، أَسَاسًا مُؤَسَّسًا: مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ."
هم وضعوا أساسًا كاذبًا من المعاهدات
لينجوا من الموت ولكن لو نجوا من الموت مرة لكنهم سيموتوا يومًا مثل كل البشر ، ولكن الله هنا يريهم الأساس الحقيقي (المسيح) وأنه الملجأ الحقيقي. هنا نرى الحاجة إلى مخلص حقيقي لينقذنا ويحمينا من الموت الأبدي.حَجَرَ أمْتِحَانٍ
= 1) حاربه الشيطان وإمتحنه وبنصرته أعطانا أن ننتصر، 2) وهو حجر إمتحان لكل إنسان، من يقترب منه ويطلبه في ضيقه لن يخزيه. من يختبره يجده حجر أو صخرة يحتمي بها من أي شدة. فمن يطلب الله حقيقة سيعرف المسيح ويؤمن به يختبر قوته ومحبته فيحيا متكلا عليه واثقا فيه وهو لن يخزيه (ترجمة سبعينية).حَجَرَ زَاوِيَةٍ = جمع الاثنين في واحد (اف 2: 15، 16). مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ = من آمن بالمسيح حجر الزاوية لا يهرب = أصل كلمة يهرب = يسرع أو هو في عجلة من أمره متلهفا، نتيجة إثارة، أو ليستمتع بشيء. وقد ترجمتها السبعينية "كل من يؤمن به لا يخزى" وهكذا إستعملها بولس الرسول (رو10: 11). ومما سبق نفهم المعنى المقصود. فمن يؤمن بالمسيح لا يهرب من ضيقة، فالمسيح لن يخزيه. ومن لا يندفع وراء ملذات العالم طالبا المسيح، لن يخزيه المسيح الذي يعوض من يترك شيئا من أجله مئة ضعف. ومن يؤمن بالمسيح لن يخزيه المسيح أو يتخلى عنه في أي حرب شيطانية سواء إضطهاد أو إغراءات عالمية. وحينما يقال هذا الكلام بعد نبوات عن هجوم أشور يكون المعنى كما يفهمه اليهود أن من يؤمن بالله لا يهرب خوفا من أشور بسبب ما قيل هنا في هذه النبوات، والله لن يخزيه. ونرى تطبيقا لهذا أن إرمياء النبي تنبأ ضد أورشليم والملك، ولم يهرب، وكان أن تدخل الله لحمايته ولم يخزه. بينما أن نبيا آخر بعد أن تنبأ ضد الملك خاف وهرب إلى مصر. وسمع يهوياقيم ملك يهوذا فأرسل أناسا إلى مصر وأتوا بهذا النبي إلى يهوياقيم فضربه بالسيف (إر26).
ولكن أيضا من يترك خطاياه وملذاته (الخمر التي أدمنوها... وراجع آيات 1 ، 7 ، 8) لن يخزيه الله. بل الله قادر أن يعوضه أضعافا بفرح حقيقي. ولكن بولس الرسول أدرك معنى النبوة وأنها على المسيح. بل أن من اليهود من فهم أن حجر الزاوية هو نبوة عن المسيا المنتظر.
آية (17):- "وَأَجْعَلُ الْحَقَّ خَيْطًا وَالْعَدْلَ مِطْمَارًا، فَيَخْطَفُ الْبَرَدُ مَلْجَأَ الْكَذِبِ، وَيَجْرُفُ الْمَاءُ السِّتَارَةَ."
بعد أن صار المسيح حجر الزاوية للبناء يقوم الروح القدس بإكمال البناء. خَيْطًا.. مِطْمَارًا = بالخيط والمطمار اللذين بهما يصبح البناء مستقيمًا. وهو أيضًا سيبين ويبيد روح الكذب. البَرَدْ السائل ينزل على شكل مياه (إشارة لعمل الروح القدس الآتي من فوق) وهذه المياه تطفو فتجرف الستارة (يَجْرُفُ الْمَاءُ السِّتَارَةَ) (الغش الذي كانوا يختفون فيه) وقد يكون البرد والمياه إشارة للتجارب التي يسمح بها الله للتنقية.
والتفسير الثاني أدق فالبَرَدْ في الكتاب المقدس يشير للضربات التي يوجهها الله للخطاة (خر9: 13 - 18 + رؤ11: 19 + رؤ16: 21). وفي هذه الآية نجد أن البَرَدْ كان للتأديب، وضربات الله التي هي البرد أتت بثمارها فإمتنعوا عن الكذب الذي كانوا يلجأون إليه = فَيَخْطَفُ الْبَرَدُ مَلْجَأَ الْكَذِبِ. ثم نجد أن الماء يجرف الستارة (يَجْرُفُ الْمَاءُ السِّتَارَةَ) والستارة تشير لقولهم وَبِالْغِشِّ اسْتَتَرْنَا (آية 15). فمن آمن بالمسيح سيحتمي بالمسيح ولن يحتاج للغش فـ"مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ" (آية 16). والماء يشير للروح القدس الذي يملأ المؤمن سلاما، فيضع كل ثقته في المسيح ولا يعود يلجأ من خوفه للحيل البشرية. والمسيح لن يخزيه.
آيات (18، 19):- "وَيُمْحَى عَهْدُكُمْ مَعَ الْمَوْتِ، وَلاَ يَثْبُتُ مِيثَاقُكُمْ مَعَ الْهَاوِيَةِ. السَّوْطُ الْجَارِفُ إِذَا عَبَرَ تَكُونُونَ لَهُ لِلدَّوْسِ. كُلَّمَا عَبَرَ يَأْخُذُكُمْ، فَإِنَّهُ كُلَّ صَبَاحٍ يَعْبُرُ، فِي النَّهَارِ وَفِي اللَّيْلِ، وَيَكُونُ فَهْمُ الْخَبَرِ فَقَطِ انْزِعَاجًا»."
وَيُمْحَى عَهْدُكُمْ مَعَ الْمَوْتِ،وَلاَ يَثْبُتُ مِيثَاقُكُمْ مَعَ الْهَاوِيَةِ = لقد عقدتم تحالفات مع مصر مرة ومع أشور مرة، وكانت النية أنكم تغشون في هذه التحالفات. وتصورتم أنكم بهذا عقدتم عهدا مع الموت أن لا يأتي عليكم، أي تنجون منه إذا أتى. ولكن إذا أتى جيش أشور عليكم فستكونون للدوس وتكونون للموت. وستكتشفون أن كل معاهداتكم كانت غاشة وخادعة وبلا قيمة. وأنه لا وسيلة للنجاة إلا بالرجوع لإلهكم.
وهذا هو الإمتحان (آية 16). لأن من لا يؤمن بالمسيح لن يضع كل إتكاله عليه بل سيظل يعتمد على البشر، والبشر لا قدرة لهم على حماية أحد وفي هذه الحالة تكون المصائب كالسوط الجارف (السَّوْطُ الْجَارِفُ). وَيَكُونُ فَهْمُ الْخَبَرِ فَقَطِ انْزِعَاجًا = فبدون سلام الله الذي يعطيه الله للمؤمنين، يكون أي خبر هو مصدر قلق وانزعاج.
المصائب القادمة من أشور تكون كالسوط الجارف (السَّوْطُ الْجَارِفُ). وتكونون له للدوس عبرت جيوش أشور في أرض إسرائيل 8 مرات على الأقل، وكل مرة فيها خراب لهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). كل صباح = أي تكون المصائب متوالية. ولكن هذه المصائب لتأديبهم علي خطاياهم وغشهم في تحالفاتهم وثقتهم في ذكائهم ورفضهم الرجوع لله، هذه المصائب كانت لتقودهم لله.
آية (20):- "لأَنَّ الْفِرَاشَ قَدْ قَصَرَ عَنِ التَّمَدُّدِ، وَالْغِطَاءَ ضَاقَ عَنِ الالْتِحَافِ."
تظهر الآية ضيقهم الناتج من الاستعداد الخاطئ (فراش قصير) أي اعتمادهم على النبوات الكاذبة ومعاهداتهم والأحلاف التي يحتمون بها.
آية (21):- "لأَنَّهُ كَمَا فِي جَبَلِ فَرَاصِيمَ يَقُومُ الرَّبُّ، وَكَمَا فِي الْوَطَاءِ عِنْدَ جِبْعُونَ يَسْخَطُ لِيَفْعَلَ فَعْلَهُ، فَعْلَهُ الْغَرِيبَ، وَلِيَعْمَلَ عَمَلَهُ، عَمَلَهُ الْغَرِيبَ."
سبق الله وساند اليهود ضد الفلسطينيين في جبل فراصيم والوطاء عند جبعون، (2صم 5: 20، 25؛ 1أي 16،11:14) والآن الله سيعمل هذا العمل ضد اليهود وسيساند الأمم الوثنية وهذا هو الفعل الغريب فكما شابه اليهود الوثنيين في أعمالهم سيشابهونهم في ضرباتهم فالله الرحيم هو أيضًا عادل.
يَسْخَطُ لِيَفْعَلَ فَعْلَهُ، فَعْلَهُ الْغَرِيبَ، وَلِيَعْمَلَ عَمَلَهُ، عَمَلَهُ الْغَرِيبَ = تكرار كلمة فعله وكلمة عمله، كأن الله لا يريد أن يعمل هذا لكنه مضطر ليؤدب شعبه.
آية (22):- "فَالآنَ لاَ تَكُونُوا مُتَهَكِّمِينَ لِئَلاَّ تُشَدَّدَ رُبُطُكُمْ، لأَنِّي سَمِعْتُ فَنَاءً قُضِيَ بِهِ مِنْ قِبَلِ السَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ."
كان اليهود مربوطين بالتهديدات المستمرة فعاشوا في قلق وانزعاج. والمقصود لا تزيدوا خطاياكم فتتحول ربط الجزية إلى ربط حرب حقيقية.
فَالآنَ لاَ تَكُونُوا مُتَهَكِّمِينَ لِئَلاَّ تُشَدَّدَ رُبُطُكُمْ = الله يبدأ التأديب بضربات بسيطة، فإن عاندنا وإستمرينا في الخطأ يأتي ما هو أسوأ. وإذا لم يصلح التأديب فالله يبيد أرض الشر = لأَنِّي سَمِعْتُ فَنَاءً قُضِيَ بِهِ وهذا ما حدث مع سدوم وعمورة مثلاً.
وليس من حق أحد أن يعترض على أحكام الله. الله في محبته لشعبه يريدهم أحياء مثمرين. الله لا يريد هلاكهم بل حياتهم وأن يثمروا وهو يعرف نوع التأديب الذي يسمح به لينقي شعبه من خطاياهم ويعيدهم أحياء مثمرين. لذلك يضرب لهم الله المثل الآتي.
آيات (23-29):- "اُصْغُوا وَاسْمَعُوا صَوْتِي. انْصُتُوا وَاسْمَعُوا قَوْلِي: هَلْ يَحْرُثُ الْحَارِثُ كُلَّ يَوْمٍ لِيَزْرَعَ، وَيَشُقُّ أَرْضَهُ وَيُمَهِّدُهَا؟ أَلَيْسَ أَنَّهُ إِذَا سَوَّى وَجْهَهَا يَبْذُرُ الشُّونِيزَ وَيُذَرِّي الْكَمُّونَ، وَيَضَعُ الْحِنْطَةَ فِي أَتْلاَمٍ، وَالشَّعِيرَ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ، وَالْقَطَانِيَّ فِي حُدُودِهَا؟ فَيُرْشِدُهُ. بِالْحَقِّ يُعَلِّمُهُ إِلهُهُ. إِنَّ الشُّونِيزَ لاَ يُدْرَسُ بِالنَّوْرَجِ، وَلاَ تُدَارُ بَكَرَةُ الْعَجَلَةِ عَلَى الْكَمُّونِ، بَلْ بِالْقَضِيبِ يُخْبَطُ الشُّونِيزُ، وَالْكَمُّونُ بِالْعَصَا. يُدَقُّ الْقَمْحُ لأَنَّهُ لاَ يَدْرُسُهُ إِلَى الأَبَدِ، فَيَسُوقُ بَكَرَةَ عَجَلَتِهِ وَخَيْلَهُ. لاَ يَسْحَقُهُ. هذَا أَيْضًا خَرَجَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْجُنُودِ. عَجِيبِ الرَّأْيِ عَظِيمِ الْفَهْمِ."
الشونيز = بذره تُسَمَّى حبة البركة وهو لا يدرس بل يُخْبَط بالعصا. هذه تشبه أمثال السيد المسيح، وهي عن فلاح يعرف كيف يعمل أرضه بصبر وقواعد، يحرث ويروي كل يوم وله رجاء في الثمار، وهو يعرف أي أرض يزرع فيها كل نوع من الحبوب ويرسل خدامه ليروي أرضه. وهناك قضيب (أي تجارب) لكل نوع. وهو مصمم لكي نتحرر من العالم وتفصل بيننا وبين العصافة. إذا أدَّى القضيب عمله لا يلجأ لما هو أقسى أي بكرة عجلته (بَكَرَةُ الْعَجَلَةِ) التي تستخدم في طحن الدقيق الذي لم ينظف قشه.. إذًا الهدف من التأديب هو كالحارث الذي يحرث، والله يحرث بحكمة ويميز بين متطلبات كل صنف. وكل عمل الله الذي يعمله بحكمة، هو زارع يطلب الثمار ولا يريد سحق المحصول.
← تفاسير أصحاحات إشعياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إشعياء 29 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري (اقرأ إصحاح 28 من سفر أشعياء) |
تفسير إشعياء 27 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/pyg6w37