← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28
انتهينا في الإصحاح السابق بأن الشعب عاند الله، فقبل الله الأمم = يعقوب الحقيقي = إسرائيل الله أي الكنيسة (غل 6: 16). ومن قبل الإيمان من اليهود كانوا هم البقية التي خلصت، ودخل للإيمان الأمم الذين فداهم المسيح.
آية (1):- "وَالآنَ هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ، خَالِقُكَ يَا يَعْقُوبُ وَجَابِلُكَ يَا إِسْرَائِيلُ: «لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ. دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي."
وَالآنَ = هذه تعني فلنترك ما تكلمنا فيه سابقًا عن سقوطكم وآلامكم بسببها، ولنفرح برجوعكم لي كأبناء عن طريق عملي الفدائي على الصليب = لأني فديتك.
فديتك = الله فدى الشعب اليهودي سابقًا بخروف الفصح (فداء الأبكار) وفدى الكنيسة بالمسيح فصحنا (1 كو 5: 7). ولاحظ قوله لأَنِّي فَدَيْتُكَ = لأني أنا فديتك. وهذا إشارة لأن المسيح هو الفادي وليس خروف الفصح. وبينما أن الكلام موجه في العهد القديم، يتكلم الوحي عن خلاص المسيح لشعب العهد القديم، فالمسيح قدم فداءه عن العهدين. ويشير هذا لرجوع الشمس أيام حزقيا + (رو26،25:3).
دعوتك باسمك = فهي دعوة خصوصية من المسيح لكنيسته، وما يعزي في هذه الآية أن المسيح يعرفني باسمي ويدعوني للدخول معه في علاقة حب. أنت لي = الرب يحبنا ويعتني بنا للأبد وبصورة جزئية فهذه الآية تعني خلاص اليهود من سبي بابل.
حين يذكر الوحي يعقوب وإسرائيل فهذا يعتبر إشارة لليهود (يعقوب) والأمم (إسرائيل). وذلك بسبب انحراف إسرائيل المملكة الشمالية للوثنية واختلاطها بالأمم بعد سبي أشور سنة 722 ق.م.
آية (2):- "إِذَا اجْتَزْتَ فِي الْمِيَاهِ فَأَنَا مَعَكَ، وَفِي الأَنْهَارِ فَلاَ تَغْمُرُكَ. إِذَا مَشَيْتَ فِي النَّارِ فَلاَ تُلْذَعُ، وَاللَّهِيبُ لاَ يُحْرِقُكَ."
طريقة الرب لا أن يخرجنا من نار التجارب، أو من ماء الضيقات الذي يغرقنا بل يأتي ويكون معنا خلال هذه الضيقات فلا تستطيع أن تؤذينا. كما فعل مع الثلاثة فتية في أتون النار. وكتأمل روحي في هذه الآية فلا مياه محبة العالم ولا نار الشهوات قادرة أن تهلك أولاد الله.
آيات (3-4):- "لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ، مُخَلِّصُكَ. جَعَلْتُ مِصْرَ فِدْيَتَكَ، كُوشَ وَسَبَا عِوَضَكَ. إِذْ صِرْتَ عَزِيزًا فِي عَيْنَيَّ مُكَرَّمًا، وَأَنَا قَدْ أَحْبَبْتُكَ. أُعْطِي أُنَاسًا عِوَضَكَ وَشُعُوبًا عِوَضَ نَفْسِكَ."
أنا الرب.. مُخَلِّصُكَ = تكررت هذه العبارة كثيرًا في هذا الجزء من السفر وهذا الاسم مخلص هو اسم المسيح يسوع وموضوع نبوة إشعياء. جعلت مصر فديتك = هذا تفسيره بالنسبة للشعب اليهودي:
1- هذا ما حدث مع جيش فرعون وأبكار المصريين.
2- الله سيدفع مصر وكوش وسبا ليد كورش عوض إطلاقه لليهود من بابل.
3- وإذا فهمناها عن الخلاص في العهد الجديد فإن مصر ترمز لفساد الشياطين، فمصر من أيام موسى وعناد فرعون ترمز للعناد. وكوش ترمز لسواد الخطية (أر 13: 23) "هل يغير الكوشي جلده". وسبا يظن أنها شمال بلاد الأحباش وهي مناطق غنية ترمز لغنى هذا العالم ومجد هذا العالم، ورئيس هذا العالم هو الشيطان. وبالتالي تكون مصر وكوش وسبا رمزًا لإبليس المعاند رئيس هذا العالم الغارق في شروره. وجعلتهم فدية وعوض. فديتك... عوضك = أي أن الإنسان كان نصيبه الهلاك بسبب خطيته والله فداه بأن اشتراه المسيح بدمه، وأهلك إبليس بدلًا منه. وفي تطبيق تاريخي هناك ممالك، كالدولة الرومانية مثلًا، ذهبت من أمام الكنيسة وبقيت الكنيسة. ولماذا يفعل الله هذا؟ لحبه للكنيسة (آية 4).
آيات (5، 6):- "لاَ تَخَفْ فَإِنِّي مَعَكَ. مِنَ الْمَشْرِقِ آتِي بِنَسْلِكَ، وَمِنَ الْمَغْرِبِ أَجْمَعُكَ. أَقُولُ لِلشَّمَالِ: أَعْطِ، وَلِلْجَنُوبِ: لاَ تَمْنَعْ. اِيتِ بِبَنِيَّ مِنْ بَعِيدٍ، وَبِبَنَاتِي مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ."
نبوة عن أنه بعد السبي يجمع الله إسرائيل مرة أخرى من الشتات وهي نبوة بدخول الأمم من كل مكان للإيمان.
آية (7):- "بِكُلِّ مَنْ دُعِيَ بِاسْمِي وَلِمَجْدِي خَلَقْتُهُ وَجَبَلْتُهُ وَصَنَعْتُهُ."
الله يتمجد في كل أعماله. الله تمجد في إرسال شعبه يهوذا للسبي، فهو قدوس ولا يقبل الخطية، وهو أرسلهم لينقيهم. وهو يتمجد في عودتهم، وبهذا يظهر قوته في حماية أولاده الذين تم تنقيتهم من وثنيتهم. فالكل يخضع لإرادته. هو أخضع الخليقة كلها للباطل (للبُطْل) (رو20:8) وذلك ليؤدب الإنسان فيستحق دخول المجد، وبهذا يتمجد. وكان أنه أسلم الخليقة للباطل (للبُطْل)، ولكن كان ذلك على رجاء. وكان الرجاء هو أن يأتي المسيح المخلص ويقدم الفداء وبهذا أيضًا يتمجد الله (يو17: 1-5).
الله اختار من شعوب العالم من يمجده، لكنه يختار من سبق فعرفهم أنهم سيتجاوبون مع عمل نعمته (رو 8: 29، 30).
والله في مجده خلق الإنسان ليمجده وهذا بأن ينعكس مجده عليه فيظهر مجد الله في الإنسان، والله في محبته إذ أحب الإنسان خلقه في جنة جميلة ليفرح (عَدْنْ = فرح)، والله حينما يخلق، يخلق حياة ولا يخلق موتًا. إذًا الله خلق الإنسان من محبته ليحيا أبديًّا وليفرح أمامه ويظهر مجده فيه، ومن فرح الإنسان يسبح الله كتعبير عن فرحته. بل ليعلن الله عن خيريته (أي أنه إله صانع خيرات) كانت أول آية في الكتاب المقدس "في البدء خلق الله السموات والأرض". لمجدي = لإعلان طبيعتي ومحبتي وقدراتي. وهذا ما عمله الملائكة إذ هتفوا عندما رأوا أعمال الله في الخليقة (أي 38: 7).الله يريدنا أن نعرفه وأن نجعله معروفا للعالم. ولكن كيف؟ هذا ما أجاب عنه الرب يسوع بقوله [لكي يرى الناس أعمالكم الصالحة فيمجدوا أباكم الذي في السموات]: "لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (مت 5: 16). هذا بالإضافة لتعريف الناس بالله وبمحبته، كيف؟ علينا أن نحيا حياة مسيحية أو بالأحرى أن نجعل قلوبنا نقية فيظهر للناس المسيح الذي فينا كما قال بولس الرسول "يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ.. إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ) " (غل4: 19).
الشمس تخرج أشعة ولكن إذا وجدت هذه الأشعة شيء تنعكس عليه حينئذٍ تظهر الإضاءة. وهذا يحدث داخل الغلاف الجوي. أما في حالة الخروج من الغلاف الجوي كما يحدث مع مركبات الفضاء، فإنهم يشاهدون قرص الشمس متوهجا لكن الظلام مخيم تمامًا لأنه لا يوجد ما تنعكس عليه الأشعة.
والله خلق كل الموجودات لنرى فيها جمال خلقته وإمكانياته، كما هتفت الملائكة حينما رأوا عمل الله في الخلقة (أي 38: 4 - 7). وخلق الله الإنسان أيضا ليظهر عمل الله أمام العالم فيعرف الناس الله. ومن هنا ندرك تقصيرنا كأولاد لله، إذا عشنا كما يعيش كل الناس في العالم، ولم نعد نعكس صورة مجد الله بأن نحيا في قداسة، كأولاد لله، رافضين خطايا العالم. ولنرى كيف يطبق بولس الرسول هذا المفهوم "غير أنهم كانوا يسمعون: أن الذي كان يضطهدنا قبلا، يبشر الآن بالإيمان الذي كان قبلا يتلفه، فكانوا يمجدون الله فيَّ" (غل1: 23 ، 24). فالناس مجدوا الله حين رأوا عمل الله القوي مع شاول الطرسوسي وكيف جعل منه بولس الرسول الكارز العظيم.
أما في الأبدية سنوجد في حضرة الله ونعكس مجده فيصير لنا أجسادا ممجدة، ونعكس نوره فيصير لنا أجسادًا نورانية.
آية (8):- "أَخْرِجِ الشَّعْبَ الأَعْمَى وَلَهُ عُيُونٌ، وَالأَصَمَّ وَلَهُ آذَانٌ."
الشعب الأعمى هم إما (1) إسرائيل لعنادهم ورفضهم للمسيح.
(2) الوثنيين وهم لعبادتهم للأوثان صاروا عمي مثل أوثانهم لا يسمعون ولا يرون مثلهم. والعَمَى هنا عَمَى روحي لكلاهما. هؤلاء وأولئك سيخرج منهم مؤمنين = أخرج.
آية (9):- "«اِجْتَمِعُوا يَا كُلَّ الأُمَمِ مَعًا وَلْتَلْتَئِمِ الْقَبَائِلُ. مَنْ مِنْهُمْ يُخْبِرُ بِهذَا وَيُعْلِمُنَا بِالأَوَّلِيَّاتِ؟ لِيُقَدِّمُوا شُهُودَهُمْ وَيَتَبَرَّرُوا. أَوْ لِيَسْمَعُوا فَيَقُولُوا: صِدْقٌ."
تحدي للشعوب، إما يثبتوا أنهم قادرين أن يخبروا بالمستقبل أو تكون لهم نبوات قد تحققت = الأوليات. أو يعلنوا إيمانهم بالله الذي يفعل ذلك.
آية (10):- "أَنْتُمْ شُهُودِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَعَبْدِي الَّذِي اخْتَرْتُهُ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا بِي وَتَفْهَمُوا أَنِّي أَنَا هُوَ. قَبْلِي لَمْ يُصَوَّرْ إِلهٌ وَبَعْدِي لاَ يَكُونُ."
الشعب اليهودي هم شهود لله لأن عندهم نبوات الله التي تحققت والتي ستتحقق. ونحن الذين انفتحت أعيننا وعرفنا الله لا بُد أن نشهد له بحياتنا، ونشهد لصدق النبوات التي تحققت إعلانًا لصدقه وألوهيته.
وَعَبْدِي الَّذِي اخْتَرْتُهُ = عبدي هنا:-
1) قد تعني شعب إسرائيل الذي إختاره الله ليخرج منه المسيح. وعلى شعب الله أن يشهد لله بأعماله التي تمجد الله.
2) وقد تشير لإبن الله المتجسد (يسوع) الذي إختاره الله ليخلص شعبه، وهذا الإختيار تم داخل المشورة الثالوثية كما ذكر الوحي "تقدموا إلي، إسمعوا هذا. لم أتكلم من البدء في الخفاء. منذ وجوده أنا هناك والآن السيد الرب أرسلني وروحه" (إش48: 16). والمسيح أتى ليشهد لله الذي لم يراه أحد، فأتى المسيح ليخبر به ويشهد لمحبته للبشر.
آية (11):- "أَنَا أَنَا الرَّبُّ، وَلَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ."
ليس الدليل الوحيد على الألوهية هو التنبؤ بالمستقبل، بل أيضًا تنفيذ المقاصد. والرب يخبر شعبه بنبوة مفرحة أنه سيخلصهم، هو سيكون المخلص وقد ظهر كمال هذا القول وهذه النبوة في شخص المسيح.
أَنَا أَنَا الرَّبُّ، وَلَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ = المتكلم هنا هو يهوه، والخلاص هو عمل المسيح "تدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (مت1 : 21). فالمسيح هو يهوه.
آيات (12، 13):- "أَنَا أَخْبَرْتُ وَخَلَّصْتُ وَأَعْلَمْتُ وَلَيْسَ بَيْنَكُمْ غَرِيبٌ. وَأَنْتُمْ شُهُودِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَنَا اللهُ. أَيْضًا مِنَ الْيَوْمِ أَنَا هُوَ، وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِي. أَفْعَلُ، وَمَنْ يَرُدُّ؟»"
وليس بينكم غريب = أي ليس بينكم إله غريب (وهكذا جاءت في الترجمات الإنجليزية And there was no foreign god among you).
هذه الآية تذكرنا أنه بعد خروج يهوذا ليلة العشاء الرباني، فتح المسيح قلبه بأحلى الكلمات (يو 13-17). وهنا يتكلم الرب يهوه ويفتح قلبه ويتكلم عن أنه المخلص إذ أخرجوا الأوثان وكل ما هو غَرِيبٌ من بينهم. وأيضاً تشير الآية أن الله هو الله وليس الأصنام وهو يقدم دليلين على ذلك:
1) معرفته التي لا تسقط أبدًا فهو قد أخبر بخلاص لليهود من السبي، لا يعودون بعده لعبادة آلهة غريبة. وهذا حدث حرفيًا فلم يعد اليهود للوثنية بعد السبي.
2) قوته التي لا يردها أحد، فهو يضرب ويؤدب ولا أحد يستطيع أن يرد قضائه من هذه الأوثان الهزيلة ولا الشياطين التي وراءها.
من اليوم أنا هو
= أنا هو تعني يهوه المخلص. وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِي = سيدين الشيطان.وهذا هو نفس ما قاله المسيح عن نفسه لليهود "لأنكم إن لم تؤمنوا إني
أنا هو تموتون في خطاياكم" (يو8: 24) + "متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذ تفهمون إني أنا هو" (يو8: 28). فيهوه في (إش43: 13) يقول أنا هو ، والمسيح يقول أنا هو، فنفهم أن المسيح هو يهوه.يَقُولُ الرَّبُّ، وَأَنَا اللهُ = الرب تعني يهوه، وهنا يقول الرب، وأنا الله. فالمسيح هو الله.
وَأَنْتُمْ شُهُودِي = هذا عمل كل من يعرف الله ويؤمن به، أن يبشر بالخلاص الذي عمله المسيح.
آية (14):- "هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ فَادِيكُمْ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ: «لأَجْلِكُمْ أَرْسَلْتُ إِلَى بَابِلَ وَأَلْقَيْتُ الْمَغَالِيقَ كُلَّهَا وَالْكَلْدَانِيِّينَ فِي سُفُنِ تَرَنُّمِهِمْ."
يتكلم بفعل الماضي قبل الحادثة بعشرات السنين، لأن الأمر قد صدر من الله بأن يرسل كورش ليزيل مغاليق بابل الحصينة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). سفن ترنمهم = يقال أنه كان للبابليين عادة الترنيم، وكان لهم ألاف السفن في أنهارهم يرنمون فيها. والبابليين يرمزون للشياطين الذين كانوا في فرح وغناء بهلاك البشر.
آية (15):- "أَنَا الرَّبُّ قُدُّوسُكُمْ، خَالِقُ إِسْرَائِيلَ، مَلِكُكُمْ."
تأكيدًا لوعده يذكر صفاته كَمُعْطِي لهذه الوعود.
آيات (16، 17):- "هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ الْجَاعِلُ فِي الْبَحْرِ طَرِيقًا وَفِي الْمِيَاهِ الْقَوِيَّةِ مَسْلَكًا. الْمُخْرِجُ الْمَرْكَبَةَ وَالْفَرَسَ، الْجَيْشَ وَالْعِزَّ. يَضْطَجِعُونَ مَعًا لاَ يَقُومُونَ. قَدْ خَمِدُوا. كَفَتِيلَةٍ انْطَفَأُوا."
الرب يذكرهم بما فعله معهم في البحر الأحمر الذي شقه ونهر الأردن الذي أوقفه أمام يشوع. وجعل لشعبه طريقًا في كليهما، وأهلك جيش مصر أمامهم. وها هو سينقذهم من يد ملك بابل بأن يجفف نهر الفرات أمام كورش =
الْجَاعِلُ فِي الْبَحْرِ طَرِيقًا علامة على خلاص المسيح وخلاص كل خاطئ يريد. الْمُخْرِجُ الْمَرْكَبَةَ وَالْفَرَسَ = الله أخرج بابل وجيشها لتأديب شعبه. وبعد أن ينتهي التأديب = يَضْطَجِعُونَ مَعًا لاَ يَقُومُونَ.
آية (18):- "«لاَ تَذْكُرُوا الأَوَّلِيَّاتِ، وَالْقَدِيمَاتُ لاَ تَتَأَمَّلُوا بِهَا."
يقول لهم الرب أنه من عظمة الخلاص الجديد بيد كورش لن يذكروا كل ما مر لعدم أهميته بالمقارنة بالخلاص الجديد. ولكن بكل المقاييس كان الخلاص على يد موسى ويشوع (600000 رجل مع شق بحر وغيره) أروع بكثير مما حدث أيام كورش (من عاد كانوا 43000
وبدون شق بحر أو نهر)، لذلك يؤخذ هنا خلاص كورش على أنه رمز لخلاص المسيح. خلاص المسيح هو الخلاص الذي تتضاءل أمامه كل الأحداث السابقة.
آية (19):- "هأَنَذَا صَانِعٌ أَمْرًا جَدِيدًا. الآنَ يَنْبُتُ. أَلاَ تَعْرِفُونَهُ؟ أَجْعَلُ فِي الْبَرِّيَّةِ طَرِيقًا، فِي الْقَفْرِ أَنْهَارًا."
من شق لهم طريقًا وسط البحر سيشق لهم طريقًا في البرية (سيناء) ومن شق طريق سيناء سيشق لهم طريقًا في خلال عودتهم من بابل إلى أورشليم. ومن صنع هذا كله سيشق للكنيسة طريق للخلاص (فهو الطريق وسط برية هذا العالم وحتى السماء).
أَجْعَلُ فِي الْبَرِّيَّةِ طَرِيقًا = مع اليهود سهل لهم طريق العودة إلى أورشليم عبر البرية. أما في العهد الجديد فالمسيح هو الطريق. وبالفداء، المسيح يرسل الروح = فِي الْقَفْرِ أَنْهَارًا.
والروح القدس يحول الوحوش لمؤمنين يسبحون الله (الآية القادمة). الله مستعد أن يجعل طريق التوبة لمن يريد أن يرجع ويعود لحضن الله وأمامنا مثال الإبن الضال.
آية (20):- "يُمَجِّدُنِي حَيَوَانُ الصَّحْرَاءِ، الذِّئَابُ وَبَنَاتُ النَّعَامِ، لأَنِّي جَعَلْتُ فِي الْبَرِّيَّةِ مَاءً، أَنْهَارًا فِي الْقَفْرِ، لأَسْقِيَ شَعْبِي مُخْتَارِي."
من روى شعبه بماء من الصخرة هكذا سيروي شعبه في العهد الجديد بماء الروح القدس فيتحول حيوان الصحراء لمؤمنين يمجدون إسمه. وقد قال بولس الرسول "حاربت وحوشًا في أفسس" هؤلاء الوحوش ذئاب وبنات النعام هم الوثنيين قبل الإيمان. فالذئاب متوحشة. والنعام معروف عنه الحماقة (أي 39: 13-17) وذلك لعبادتهم للأوثان فتشبهوا بها، وهي حيوانات البرية، فالبرية هي قفر شديد وخراب وهذا هو وضع الوثنيين. وبالإيمان تمتع هؤلاء بماء الروح القدس فتغيرت طبيعتهم = يُمَجِّدُنِي حَيَوَانُ الصَّحْرَاءِ ... لأَنِّي جَعَلْتُ فِي الْبَرِّيَّةِ مَاءً، أَنْهَارًا فِي الْقَفْرِ. فما الذي غيَّر طبيعة هؤلاء الوحوش فمجدوا الله؟ هو الروح القدس المرموز له هنا بالأنهار (أَنْهَارًا).
آية (21):- "هذَا الشَّعْبُ جَبَلْتُهُ لِنَفْسِي. يُحَدِّثُ بِتَسْبِيحِي."
هذا الشعب اقتناه بدمه. بِتَسْبِيحِي = هذا عمل المؤمنين.
هذه تساوي بكُلِّ مَنْ دُعِيَ بِاسْمِي وَلِمَجْدِي خَلَقْتُهُ وراجع تفسير الآية (7) من هذا الإصحاح.
آيات (22-28):- "«وَأَنْتَ لَمْ تَدْعُنِي يَا يَعْقُوبُ، حَتَّى تَتْعَبَ مِنْ أَجْلِي يَا إِسْرَائِيلُ. لَمْ تُحْضِرْ لِي شَاةَ مُحْرَقَتِكَ، وَبِذَبَائِحِكَ لَمْ تُكْرِمْنِي. لَمْ أَسْتَخْدِمْكَ بِتَقْدِمَةٍ وَلاَ أَتْعَبْتُكَ بِلُبَانٍ. لَمْ تَشْتَرِ لِي بِفِضَّةٍ قَصَبًا، وَبِشَحْمِ ذَبَائِحِكَ لَمْ تُرْوِنِي. لكِنِ اسْتَخْدَمْتَنِي بِخَطَايَاكَ وَأَتْعَبْتَنِي بِآثَامِكَ. أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي، وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا». «ذَكِّرْنِي فَنَتَحَاكَمَ مَعًا. حَدِّثْ لِكَيْ تَتَبَرَّرَ. أَبُوكَ الأَوَّلُ أَخْطَأَ، وَوُسَطَاؤُكَ عَصَوْا عَلَيَّ. فَدَنَّسْتُ رُؤَسَاءَ الْقُدْسِ، وَدَفَعْتُ يَعْقُوبَ إِلَى اللَّعْنِ، وَإِسْرَائِيلَ إِلَى الشَّتَائِمِ."
الله يُذكِّر اليهود بخطاياهم ليعرفوا سبب السبي الذي هم فيه ولتظهر مراحمه. ولنرى كيف كانت بداية الانحراف بعيداً عن الله؟ الله أعطاهم الكثير جداً، وإنتظر منهم أن يعودوا له ليس فقط بالشكر والتسبيح بل بأن تكون لهم علاقة صلاة معه. هو كان يتمنى أن يأتوا له كأبناء يرتمون في حضن أبيهم. الله كان يريد أن يشعروا بمحبته الأبوية. ويذكرهم بأنهم أبناء يعقوب رجل الصلاة "وَأَنْتَ لَمْ تَدْعُنِي يَا يَعْقُوبُ" ويذكرهم أنه بسبب صلاة يعقوب حاز على إسم إسرائيل. وحينما قلت صلواتهم ضاع منهم شعورهم بلذة الصلاة بل صارت الصلاة تعباً ومللاً فإمتنعوا عنها = حَتَّى تَتْعَبَ مِنْ أَجْلِي يَا إِسْرَائِيلُ. لقد جفت علاقتهم بالله. ووصل الأمر أنهم إستكثروا أموالهم التي ينفقونها على الذبائح التي يقدمونها لله. والله قطعاً لا يريد شيئاً، ولن يستفيد شيئاً من لحم ذبائحهم، بل هو كان يريد قلوبهم المتحدة مع ذبائحهم = لَمْ تُحْضِرْ لِي شَاةَ مُحْرَقَتِكَ.
ولكن هذه الآيات لنا أيضًا، فَمَنْ هو في ضيقة وتجارب شديدة عليه أن يسأل نفسه فبماذا أحزنتك يا رب وكنت مثل هؤلاء.
هذه آيات عتاب وتذكير بعمل الله معهم وخيانتهم له. لَمْ تَشْتَرِ لِي بِفِضَّةٍ قَصَبًا = هو قصب الذريرة وهو من مكونات عطور زيت المسحة (خر30: 23).
آية (22):- "«وَأَنْتَ لَمْ تَدْعُنِي يَا يَعْقُوبُ، حَتَّى تَتْعَبَ مِنْ أَجْلِي يَا إِسْرَائِيلُ."
هذا الشعب لم يدع الله ولم يسبحه ورفض أن يتعب لأجله هنا الدعاء يشير للصلاة، والصلاة هي سر تمتعنا بعمل الله، واستخدام إسم يعقوب هنا ليذكرهم به كرجل صلاة، إذ هم كفوا عن الصلاة ومن يهمل الصلاة يتضايق من خدمة الله ويعتبرها واجبات = حتى تتعب من أجلي.
آيات (23، 24):- "لَمْ تُحْضِرْ لِي شَاةَ مُحْرَقَتِكَ، وَبِذَبَائِحِكَ لَمْ تُكْرِمْنِي. لَمْ أَسْتَخْدِمْكَ بِتَقْدِمَةٍ وَلاَ أَتْعَبْتُكَ بِلُبَانٍ. لَمْ تَشْتَرِ لِي بِفِضَّةٍ قَصَبًا، وَبِشَحْمِ ذَبَائِحِكَ لَمْ تُرْوِنِي. لكِنِ اسْتَخْدَمْتَنِي بِخَطَايَاكَ وَأَتْعَبْتَنِي بِآثَامِكَ."
الله لا يحتاج إلى ذبائح ومحرقات، فماذا يفعل الله بها أو ماذا يستفيد بها؟! ولكن طلبه للذبائح كان لأسباب روحية لتوجد علاقة صلة بينه وبين شعبه (راجع سفر اللاويين).
1) الله طلب القلب أولًا.
2) وطلب محرقات (لا1)، لكن حين يقدم الشخص المحرقة، والمحرقة كانت تشير للطاعة الكاملة لله، كان الشخص يرفع قلبه ويقول لله احسبني طائعًا لك مثل هذه الذبيحة التي أطاعت حتى الموت. وحين يُحرق شحم الذبيحة على المذبح كان مقدم الذبيحة يصلي ويقول لله سأقدم لك كل طاقاتي لخدمتك يا رب. حينئذٍ يفرح الله بالذبيحة وبمن قدمها.
3) وطلب الرب ذبائح خطية وذبائح إثم (لا5،4)، وكان مقدم الذبيحة يفهم أنه هو المخطئ وليس الحيوان البريء. ويشكر الله على هذا الفداء الذي به غفرت خطيته. ويفرح الله حينئذٍ بمن قدم الذبيحة وذهب شاكرا الله.
4) وطلب الله ذبيحة سلامة (لا3)، جزء يوضع على المذبح وجزء يأكله الكاهن والباقي لمقدم الذبيحة وأصدقائه والفقراء. هنا الله يقبل بل يريد أن يكون في شركة مع مقدم الذبيحة وكل من يأكل منها في محبة. والله يفرح بأولاده الذين دخلوا في شركة معه.
5) لكن الله لا يفرح بذبائح تذبح بلا فهم. وما السبب في عدم الفهم؟ البند الأول يجيب على هذا السؤال - وهو عدم الصلاة، أي لا توجد لهم علاقة مع الله.
6) فإن لم توجد هذه العلاقة الحلوة مع الله، الطاعة دليل الثقة في الله، والشكر علامة المحبة، فالله لا يُريد لحم هذه الذبائح ولا دمائها.
هذا الشعب رفض الصلاة (كما في آية 22) فإنحطوا عن آبائهم درجات كثيرة. وقد بدأوا يضيقون بدينهم وطقوسهم، وهذا نتيجة طبيعية لترك العبادة ونتيجة ضيقهم
كانوا يشعرون بالتعب من ممارساتهم الدينية وهم إستكثروا النفقات التي يدفعونها في شراء المحرقات واللبان... إلخ. وكأنهم يودون لو إعتذروا عن شرائها. وهذه ما زالت مشكلتنا فنحن نعطي نقودنا وأوقاتنا لكل شيء ما عدا الله، فنحن مازلنا نُتعِب الله.وربما انتقوا الهزيل وغير الصالح للتقدمة وكأن الله يقول أنا لم أطلب منك كل هذا، أي لا أريد منك هذه المعاملة، لأن تقدماتك لا تكرمني بها فكأن تقدماتك التي تقدمها كأنك لم تقدم. لم تحضر لي شاة = الله لا يريد شاة بل يريد القلب أولاً.
اسْتَخْدَمْتَنِي بِخَطَايَاكَ وَأَتْعَبْتَنِي بِآثَامِكَ = هم بخطاياهم ذهبوا إلى بابل ثم وضعوا عليه حمل إنقاذهم من عبودية بابل. وبالنسبة لنا فإن هذه تفهم أننا بخطايانا إستُعبِدنا، ووضعنا على الله حمل إنقاذنا من هذه العبودية. وكان ذلك بتجسد إبن الله وفدائه الذي قدمه على الصليب. لذلك تجيء الآية القادمة.
آية (25):- "أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي، وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا»."
الله يمحي الذنوب لا عن استحقاق فيهم ولا فينا بل من أجل نفسه، وهذا يعني:-
1. من أجل محبته لنا يغفر.
2. من أجل دم المسيح وشفاعته الكفارية.
3. حتى لا يشمت الشيطان وأتباعه فينا ويقولون لقد أهلكنا أولاد الله.
آية (26):- "«ذَكِّرْنِي فَنَتَحَاكَمَ مَعًا. حَدِّثْ لِكَيْ تَتَبَرَّرَ."
ذكرني = الله لا ينسى لنذكره، ولكنه يعاتبهم ويدعوهم ليذكروا هم إن كانوا قد قدموا لله أي أعمال صالحة وفي هذه رد على الفريسي الذي ظن أنه بأعماله يتبرر.
آيات (27، 28):- "أَبُوكَ الأَوَّلُ أَخْطَأَ، وَوُسَطَاؤُكَ عَصَوْا عَلَيَّ. فَدَنَّسْتُ رُؤَسَاءَ الْقُدْسِ، وَدَفَعْتُ يَعْقُوبَ إِلَى اللَّعْنِ، وَإِسْرَائِيلَ إِلَى الشَّتَائِمِ."
أبوك الأول = هو أبونا آدم، وآبائهم الذين عصوا الله. ووسطاؤك = الكهنة الذين أخطأوا (حز 8: 8-12) والأنبياء الكذبة. فدنست رؤساء القدس = أي أنا الله أسلمتهم للسبي فذهبوا للأوثان في بابل بدلا من خدمة هيكلي المقدس.
← تفاسير أصحاحات إشعياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إشعياء 44 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إشعياء 42 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ys98kx8