St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   27-Sefr-Asheia
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

إشعياء 25 - تفسير سفر أشعياء

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب أشعيا:
تفسير سفر إشعياء: مقدمة سفر إشعياء | إشعياء 1 | إشعياء 2 | إشعياء 3 | إشعياء 4 | إشعياء 5 | إشعياء 6 | إشعياء 7 | إشعياء 8 | إشعياء 9 | إشعياء 10 | إشعياء 11 | إشعياء 12 | إشعياء 13 | إشعياء 14 | إشعياء 15 | إشعياء 16 | إشعياء 17 | إشعياء 18 | إشعياء 19 | إشعياء 20 | إشعياء 21 | إشعياء 22 | إشعياء 23 | إشعياء 24 | إشعياء 25 | إشعياء 26 | إشعياء 27 | إشعياء 28 | إشعياء 29 | إشعياء 30 | إشعياء 31 | إشعياء 32 | إشعياء 33 | إشعياء 34 | إشعياء 35 | إشعياء 36 | إشعياء 37 | إشعياء 38 | إشعياء 39 | إشعياء 40 | إشعياء 41 | إشعياء 42 | إشعياء 43 | إشعياء 44 | إشعياء 45 | إشعياء 46 | إشعياء 47 | إشعياء 48 | إشعياء 49 | إشعياء 50 | إشعياء 51 | إشعياء 52 | إشعياء 53 | إشعياء 54 | إشعياء 55 | إشعياء 56 | إشعياء 57 | إشعياء 58 | إشعياء 59 | إشعياء 60 | إشعياء 61 | إشعياء 62 | إشعياء 63 | إشعياء 64 | إشعياء 65 | إشعياء 66

نص سفر إشعياء: إشعياء 1 | إشعياء 2 | إشعياء 3 | إشعياء 4 | إشعياء 5 | إشعياء 6 | إشعياء 7 | إشعياء 8 | إشعياء 9 | إشعياء 10 | إشعياء 11 | إشعياء 12 | إشعياء 13 | إشعياء 14 | إشعياء 15 | إشعياء 16 | إشعياء 17 | إشعياء 18 | إشعياء 19 | إشعياء 20 | إشعياء 21 | إشعياء 22 | إشعياء 23 | إشعياء 24 | إشعياء 25 | إشعياء 26 | إشعياء 27 | إشعياء 28 | إشعياء 29 | إشعياء 30 | إشعياء 31 | إشعياء 32 | إشعياء 33 | إشعياء 34 | إشعياء 35 | إشعياء 36 | إشعياء 37 | إشعياء 38 | إشعياء 39 | إشعياء 40 | إشعياء 41 | إشعياء 42 | إشعياء 43 | إشعياء 44 | إشعياء 45 | إشعياء 46 | إشعياء 47 | إشعياء 48 | إشعياء 49 | إشعياء 50 | إشعياء 51 | إشعياء 52 | إشعياء 53 | إشعياء 54 | إشعياء 55 | إشعياء 56 | إشعياء 57 | إشعياء 58 | إشعياء 59 | إشعياء 60 | إشعياء 61 | إشعياء 62 | إشعياء 63 | إشعياء 64 | إشعياء 65 | إشعياء 66 | إشعياء كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

في (إش 24: 16) سمع إشعياء في الإصحاح السابق ترنيمة من الأمم أي العالم كله... مجدًا للبار. وهي تسبحة شكر على عمل الله يقدمها النبي باسم الكنيسة على خلاص المسيح. ما قيل في الإصحاح السابق كان لمحة شعر بها قلة من البشر أن هناك خلاص قادم لكن لم يفهم أحد ماهية هذا الخلاص، وهذا حالنا الآن ندرك أن هناك مجداً وفرحًا ينتظرنا ولا ندرك ما هو. وإبتداء من هذا الإصحاح نجد أن النور يزداد إشراقاً بل نجد في (الآيات 6-8) صورة واضحة للصليب تكلمنا عنها في الإصحاح السابق. ونلاحظ أن نعمة الله ظهرت جزئيًا في خلاص اليهود من السبي وكليًا في عمل المسيح. وسوف يسبح الأمم المسيح على الخلاص بينما إسرائيل معزول في أحزانه. ولكن بعد أن يدخل ملء الأمم: "يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ" (رو 11: 25) يجمع الله متفرقي إسرائيل وتخلص البقية (رو 9: 27)، فترفع صهيون صوتها بذات التسبيح. وسبب الفرح خراب وسقوط قرية الخراب (إش 24: 10) أي مملكة المخرب حيث ضد المسيح الذي كان يقاوم المدينة ذات الأساسات.

 

آية (1):- "يَا رَبُّ، أَنْتَ إِلهِي أُعَظِّمُكَ. أَحْمَدُ اسْمَكَ لأَنَّكَ صَنَعْتَ عَجَبًا. مَقَاصِدُكَ مُنْذُ الْقَدِيمِ أَمَانَةٌ وَصِدْقٌ."

من آية (1) إلى (5) إعلان لمقاصد الله الخيرة، حتى ولو بدت قاسية لكنها لازمة للخلاص = مَقَاصِدُكَ مُنْذُ الْقَدِيمِ أَمَانَةٌ وَصِدْقٌ. فنلاحظ أن الله ترك شعبه في عبودية سبي بابل 70 سنة ليتخلصوا من الوثنية، وهكذا أخضع الخليقة كلها للباطل لتتأدب حتى جاء المسيح وحررها (رو20:8). وكما تحرر شعب الله من عبودية بابل على يد كورش، تحرر شعب الله في العالم كله يهوداً وأمم من الشيطان بواسطة المسيح. وفي هذه الآية يسبحون كتسبحة موسى. هنا البقية الأمينة تسبح بعد أن إعترفت بالمسيح.

البقية هم الذين آمنوا بالمسيح من اليهود من بداية الكنيسة وحتى نهاية الزمان. ثم هم البقية من شعب اليهود في نهاية الأيام الذين عاشوا في ذل منذ قالوا ليس لنا ملك إلا قيصر، ثم آمنوا بعد طول إنكار.

وهذا التسبيح عمومًا هو تسبيح كل نفس أدركت عمل المسيح الذي خلقها للمجد والفرح ولما خسرته بالخطية قدم لها الفداء، وما زال يعمله فيها للآن ليعينها على الخلاص.

 

آيات (2، 3):- "لأَنَّكَ جَعَلْتَ مَدِينَةً رُجْمَةً. قَرْيَةً حَصِينَةً رَدْمًا. قَصْرَ أَعَاجِمَ أَنْ لاَ تَكُونَ مَدِينَةً. لاَ يُبْنَى إِلَى الأَبَدِ. لِذلِكَ يُكْرِمُكَ شَعْبٌ قَوِيٌّ، وَتَخَافُ مِنْكَ قَرْيَةُ أُمَمٍ عُتَاةٍ."

هذا الإصحاح يُفَسَّر على خراب بابل على يد الفرس، والبابليين هنا يسمون أعاجم أي لهم لغة غير لغة اليهود. وأورشليم مدينة الله كانت قصرًا يسكنه الله، فصاروا بعد أن إحتلته بابل قَصْرَ أَعَاجِمَ. والله سيحطم بابل التي سبت شعب الله = جَعَلْتَ مَدِينَةً رُجْمَةً.

لذلك يمكن تفسير الإصحاح بصورة أعم وأشمل بخلاص العالم كله من مملكة الشيطان، التي تتكلم لغة غير لغة الله (لغة الله هي المحبة والقداسة) فهم أي إبليس وجنوده هم الـ:أعاجم فهم يحتلون النفس كغرباء وأعاجم يملكون ما ليس لهم. كانت النفس قصراً لله لكن إحتلها الأعاجم ودمروها. وهذه القوي جميعها سيتم تدميرها في نهاية الضيقة العظيمة. كانت النفس قصراً لله لكن إحتلها الأعاجم ودمروها.

قَرْيَةً حَصِينَةً رَدْمًا = هذه عن البشر، فكان الخلاص هو 1) تحطيم مملكة الشيطان، وتقييد الشيطان.   2) وأيضاً أن الله يهدم ما فينا من إنسان عتيق ليقيم إنساناً جديداً (2كو16:4). الله سيعيد خلقتنا خلقة جديدة.

وفي نهاية الأيام ستنتهي تماماً هذه القوى الشيطانية التي تحارب البشر وتصير خراباً. وربما في قوله مَدِينَةً / قَرْيَةً / قَصْر= إشارة لسيطرة إبليس على كل مستوى، الجماعة كلها / الأسرة / الفرد. فهو يعمل على كل المستويات ليملك على البشر.  يُكْرِمُكَ شَعْبٌ قَوِيٌّ = هم إما الفرس أو أي شعب قوي ينفذ إرادة الله. ولكنها تشير بالأولى للكنيسة القوية المرهبة بالمسيح الذي فيها والقديسين الذين يخربون ويهدمون مملكة إبليس.

وَتَخَافُ مِنْكَ قَرْيَةُ.. عُتَاةٍ = هم إما البابليون أو كل مدينة تقاوم الله حين يرون يد الله في سقوطهم. وهكذا جزعت الشياطين حين شعروا بقوة المسيح: "كَانَ فِي مَجْمَعِهِمْ رَجُلٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ، فَصَرَخَ قَائِلًا:  آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ ٱلنَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ ٱلله. فَٱنْتَهَرَهُ يَسُوعُ قَائِلًا: «ٱخْرَسْ! وَٱخْرُجْ مِنْهُ" (مر1: 23-25). بل صارت الشياطين تخاف من قوة علامة الصليب، بل ومن قديسي الله.

 

آيات (4، 5):- "لأَنَّكَ كُنْتَ حِصْنًا لِلْمِسْكِينِ، حِصْنًا لِلْبَائِسِ فِي ضِيقِهِ، مَلْجَأً مِنَ السَّيْلِ، ظِّلًا مِنَ الْحَرِّ، إِذْ كَانَتْ نَفْخَةُ الْعُتَاةِ كَسَيْل عَلَى حَائِطٍ. كَحَرّ فِي يَبَسٍ تَخْفِضُ ضَجِيجَ الأَعَاجِمِ. كَحَرّ بِظِلِّ غَيْمٍ يُذَلُّ غِنَاءُ الْعُتَاةِ."

لِلْمِسْكِينِ.. لِلْبَائِسِ = المسكين والبائس هما شعب الله المُضايَق والله لشعبه حصن وملجأ من السيول، وظل من الحر، حائط يرد السيل، والله يلجأ إليه كل مسكين وبائس فيقبله، فالله لا يرفض أحدا عبر العصور ولنلاحظ المفارقة: المدينة الحصينة قصر الأعاجم يجعله ردمًا (آية 2) = الله يذل المتكبرين. بينما يكون حصنًا للبائس فهو يرفع المتضعين ويحمي من يلجأ إليه.

والتصوير هنا يعني أن هجوم العتاة على شعب الله كان كسيل ولكن الله يرد هذا السيل ويكون لنا كحائط وكسور يحمينا. وحينما يغنون لانتصارهم علينا، إذ ضايقوا شعب الله كحر في يبس. كان الله ظل غيم يظلل على شعبه ولنفهم أننا ما دمنا على الأرض فهناك مضايقات من عدو الخير لكن الله لا يترك شعبه بل يكون لهم حاميًا، بل هو قادر أن يحول هذه المضايقات لخير أولاده.

حقًا لقد أخضع الله الخليقة للباطل ولكن:-

1. كان هذا على رجاء – سيأتي مخلص ويحررنا (رو20:8).

2. حقاً نجد أن الله أسلم الخليقة للباطل، ولكنه لم يترك خليقته ليتحكم فيها هذا الشيطان بحريته. وحقاً سمح الله للشيطان أن يضرب أيوب ولكن كان الله يُقَيِّد حركته. بل هو كان مع خليقته يسندها ويظلل عليها. فإن كان الشيطان حَرَاً شديداً على خليقته يكون الله غيماً مظللاً عليها (إش4:18). ويتضح هذا في قول الله ليعقوب حينما قال له الله أن ينزل إلى مصر أرض العبودية "أَنَا ٱللهُ، إِلَهُ أَبِيكَ. لَا تَخَفْ مِنَ ٱلنُّزُولِ إِلَى مِصْرَ، لِأَنِّي أَجْعَلُكَ أُمَّةً عَظِيمَةً هُنَاك . أَنَا أَنْزِلُ مَعَكَ إِلَى مِصْرَ، وَأَنَا أُصْعِدُكَ أَيْضًا" (تك46: 3-4).

3. كان هذا الشيطان الباطل يصيب الإنسان بتجارب شديدة مشبهة هنا بسيل وحر وضجيج أعاجم ونفخة.. عُتاة، وكل ذلك كان لتأديبنا (أيوب كمثال). وفي كل هذا لم يتركنا الله، إذ كان لحبيبه الإنسان حصنًا وملجأ وظل غيم في الحر (إش4:18؛ 25: 4).

 

آيات (6-8):- "وَيَصْنَعُ رَبُّ الْجُنُودِ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ فِي هذَا الْجَبَلِ وَلِيمَةَ سَمَائِنَ، وَلِيمَةَ خَمْرٍ عَلَى دَرْدِيّ، سَمَائِنَ مُمِخَّةٍ، دَرْدِيّ مُصَفًّى. وَيُفْنِي فِي هذَا الْجَبَلِ وَجْهَ النِّقَابِ. النِّقَابِ الَّذِي عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ، وَالْغِطَاءَ الْمُغَطَّى بِهِ عَلَى كُلِّ الأُمَمِ. يَبْلَعُ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ، وَيَمْسَحُ السَّيِّدُ الرَّبُّ الدُّمُوعَ عَنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، وَيَنْزِعُ عَارَ شَعْبِهِ عَنْ كُلِّ الأَرْضِ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ."

هنا رسم واضح لأيقونة الصليب. فالمسيح هو الوليمة العظيمة المدعو لها جميع الشعوب وهي ذبيحة على الصليب ولكنها وليمة للأكل والشرب، هي ذبيحة الصليب التي قدمها الرب يوم الصليب على جبل صهيون = الرب قدمها لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ فِي هذَا الْجَبَلِ. وقدم الرب على الجبل وَلِيمَةَ سَمَائِنَ.. وَوَلِيمَةَ خَمْرٍ.. مُصَفًّى. المسيح يقدم ذاته لكل نفس بصفته المشبع لكل احتياجاتها فتقول النفس "الرب راعيَّ فلا يعوزني شيءً". والوحي يتكلم عن الصليب على أنه الإفخارستيا، فالإفخارستيا هي إمتداد لذبيحة الصليب. الصليب لم يكن حدث تم يوما وإنتهى، بل المسيح قدم نفسه على الصليب ذبيحة مستمرة دائمة بدأت بالصليب. وذبيحة الصليب هذه مستمرة يومياً على المذبح المسيحي على شكل خبز وخمر، يحولهم الروح القدس إلى جسد المسيح ودمه في القداس الإلهي. لذلك رأى القديس يوحنا اللاهوتي المسيح في سفر الرؤيا وأنه ذبيحة حية كـ"خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ" (رؤ6:5). يقول داود النبي في نفس المزمور عن مائدة الإفخارستيا "تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ" (مز5:23) فالتناول يُعطى لمغفرة الخطايا، فلو إشتكانا الشيطان بسبب خطيتنا التي قدمنا عنها توبة لخجل إذ سيجد الله قد غفرها في سر التوبة والإعتراف وسر الإفخارستيا.

ذبيحة الصليب وهي نفسها ذبيحة الإفخارستيا قال عنها:

وَلِيمَةَ سَمَائِنَ.. وَوَلِيمَةَ خَمْرٍ.. مُصَفًّى

وقال عنها في الإصحاح السابق:

قدام شيوخه مجد.

وَيُفْنِي فِي هذَا الْجَبَلِ وجه النقاب = عندما صلب المسيح إنشق حجاب الهيكل بسبب الصلح وإنزاح البرقع عن أعيننا فأصبحنا ننظر مجد الله [لكن كما في لغز، كما في مرآة]: "فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ" (1 كو 13: 12) بلا حجاب كما كان يحدث في العهد القديم، ولكننا الآن في عصر التجلي، لقد عرفنا كل خطط الله لتمجيد الإنسان عمومًا يهوداً وأمم. عرفنا محبته وفداءه، رأينا صورة الآب في وجه المسيح،عرفنا خطة الله لنرث الحياة والمجد الأبدي. وكرمز لذلك في طقس القداس يبدأ الكاهن برفع لفافة الختم ثم الإبروسفارين procverin وأخيرًا اللفافة التي تغطي الصينية (راجع طقس القداس في موضوع الأسرار الكنسية في نهاية تفسير العهد الجديد). فوضع اللفائف كان إشارة لأن هناك أسرارا مخفية ورفع اللفائف يشير لإنكشاف هذه الأسرار.

يَبْلَعُ الْمَوْتَ إِلَى الأَبَدِ = المسيح الإله الحي إذ مات بجسده على الصليب إبتلع الموت بحياته، لذلك ترنم الكنيسة قائلة "بموته داس الموت". وأعطانا جسده نأكله قائلاً من يأكلني يحيا بي، فهو أعطانا حياته نحيا بها للأبد. يَنْزِعُ عَارَ شَعْبِهِ عار الشعوب الخطية وهذه قد حملها المسيح على الصليب، والإفخارستيا إمتداد الصليب تُعطى لغفران الخطايا ولحياة أبدية لمن يتناول منها، لذلك قال عنها داود النبي "تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ".

وَلِيمَةَ سَمَائِنَ = مائدة التناول من جسد المسيح هي مائدة مشبعة، فالتناول من جسد الرب ودمه يفتح الأعين (تلميذيّ عمواس عرفوا المسيح بعد كسر الخبز) ومن تنفتح عيناه يرى المسيح ويعرفه فيشبع به (= لا يحتاج لسواه). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). دَرْدِيّ = أفضل أنواع الخمر وهي التي ترسب في أسفلها، لكنها حينما تُنَقَّى وَتُصَفَّى تصبح أفضل الأنواع . والخمر تشير للفرح الروحي، والله يعطي لأولاده أحسن أنواع الفرح (يو 16: 22).

سَمَائِنَ مُمِخَّةٍ = أي بها نخاع. لذلك نحن في القداس نكون كمن في السماء. وهذا النخاع دسم ومشبع جداً، وهذا الشبع يشير إلى الشبع بالمسيح قال عنه المرنم "مَنْ لِي فِي ٱلسَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لَا أُرِيدُ شَيْئًا فِي ٱلْأَرْضِ" (مز25:73). والمعنى أن من يؤمن أن المسيح معه يشعر بالإكتفاء تمامًا، وأنه لا يحتاج لمخلوق. وشعور الشبع هذا لا يحدث إلا لو إنفتحت العين وعرف الإنسان حقيقة المسيح وحقيقة محبته اللانهائية. وهذا ما يعمله الروح القدس لمن هو ثابت في المسيح. والثبات في المسيح يكون 1) بالتناول من جسد الرب ودمه "منْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ" (يو56:6). 2) مع تحاشي كل ما يُغْضِب الله "لَا تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خُلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَٱلْإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ ٱلظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ ٱتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟!" (2كو15،14:6).

 

آيات (9-12):- "وَيُقَالُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: «هُوَذَا هذَا إِلهُنَا. انْتَظَرْنَاهُ فَخَلَّصَنَا. هذَا هُوَ الرَّبُّ انْتَظَرْنَاهُ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِخَلاَصِهِ». لأَنَّ يَدَ الرَّبِّ تَسْتَقِرُّ عَلَى هذَا الْجَبَلِ، وَيُدَاسُ مُوآبُ فِي مَكَانِهِ كَمَا يُدَاسُ التِّبْنُ فِي مَاءِ الْمَزْبَلَةِ. فَيَبْسِطُ يَدَيْهِ فِيهِ كَمَا يَبْسِطُ السَّابحُ لِيَسْبَحَ، فَيَضَعُ كِبْرِيَاءَهُ مَعَ مَكَايِدِ يَدَيْهِ. وَصَرْحَ ارْتِفَاعِ أَسْوَارِكِ يَخْفِضُهُ، يَضَعُهُ، يُلْصِقُهُ بِالأَرْضِ إِلَى التُّرَابِ."

هذه ترنيمة الخلاص والانتقام من الأعداء وهذه الترنيمة تقال مرتين، الأولى حين جاء المسيح أول مرة وقدم الخلاص على الصليب والمرة الثانية حينما يأتي في المجيء الثاني. في المرة الأولى ربط المسيح الشيطان وقيده وأعطانا سلطانا عليه. وفي المرة الثانية يُلقيه في البحيرة المتقدة بالنار، وندخل نحن لأورشليم السمائية وهذه "َلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلَا مَا يَصْنَعُ رَجِسًا وَكَذِبًا" (رؤ27:21). وبالتالي نستريح منه للأبد.

هذه الترنيمة تعبر عن فرحتنا بخلاصنا من أعدائنا أي إبليس وجنوده، فلقد أعطانا السيد سلطانًا أن ندوس الحيات والعقارب وحول عبوديتنا حرية وجوعنا إلى شبع وعارنا إلى مجد وحزننا إلى فرح. ولنعود للآيات (6-8) لنرى صورة الصليب والخلاص الذي قدمه المسيح.

يَدَ الرَّبِّ تَسْتَقِرُّ عَلَى هذَا الْجَبَلِ = الجبل هو الكنيسة جسد المسيح. فكان للمسيح قبل مجيئه ظهورات وهذه غير التجسد، أما في مجيئه متجسدًا ومتأنسًا فهو إستقر وسكن في طبيعتنا وما عاد يتخلى عن طبيعته الناسوتية، ولن ينفصل لاهوته عن ناسوته. ويتوازى مع هذا انهيار الشيطان الذي يمثله هنا موآب (الموآبيون كانوا يشمتون في مصائب شعب الله) والرب انتصر على الشيطان حيثما يوجَد = يداس موآب في مكانه.

1) جبل التجربة (البرية القفر): فالمسيح حاربه في البرية حيث لا ماء وهذا مكان الشياطين (مت43:12).

2) النفوس التي سيطر عليها وإستعبدها فحررها المسيح. وأخرج الشياطين منها، كما عمل مع مجنون كورة الجدريين وكان في القبور (لو8: 26-39) وكان بالرجل شياطين كثيرة.

3) الجحيم حين فك المسيح أسر السبايا.

4) الهواء حين صلب المسيح في الهواء، فالشيطان رئيس سلطان الهواء (راجع تفسير أف2:2).

5) يقول داود النبي "هيَّأت قدامي مائدة تجاه مضايقيَّ" (مز23) هي مائدة الإفخارستيا التي تكلم عنها في (الآيات 6-8). فالشيطان حين ينجح ويسقطنا، يذهب ليشتكي طالبًا موتنا وهلاكنا، ولكن مائدة الإفخارستيا فيها غفران للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منها. فيرجع الشيطان في خزي.

* المسيح إنتصر على إبليس بل أعطانا سلطانًا عليه: أعطيتكم "سلطانًا أن تدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو" (لو19:10). المسيح خرج غالبًا ولكي يغلب فينا (رؤ2:6).

كَمَا يُدَاسُ التِّبْنُ = التبن يداس لعمل الطوب. والدوس إشارة لضعف إبليس الذي يَبْسِطُ يَدَيْهِ = هو كغريق كاد أن يغرق ويبسط يديه محاولًا السباحة لينجو، وخلال محاولاته هذه يبذل أقصى وسعه لجذب كل من يمكنه أن يجذبهم ليغرقوا معه ويهلكوا. وَصَرْحَ ارْتِفَاعِ أَسْوَارِكِ يَخْفِضُهُ = هو كان يظن أنه محصن ولكن الله خفض وأذل كبريائه. كانت عقوبة الشيطان مرتبطة بأن يخلص الإنسان. وظن الشيطان أنه لا وسيلة لخلاص الإنسان، فهو قد خدعه فأخطأ وسقط ومات. والله قال للإنسان: لو أكلت من الشجرة موتًا تموت: "يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ" (تك 2: 17) وها هو قد مات. وظن الشيطان أنه في حصن له سورٌ عالٍ، إذ أن الله لن يرجع عن قراره في موت الإنسان. وهو تصور إستحالة خلاص الإنسان، وبالتالي فهو محصن.

لأَنَّ يَدَ الرَّبِّ تَسْتَقِرُّ عَلَى هذَا الْجَبَلِ، وَيُدَاسُ موآب = يد الرب هو المسيح ، وحينما قيل أن الرب قد شمَّر عن ذراعه (إش52: 10) فهذا يشير لظهور الابن متجسدا وفدائه ليصير رأسا للكنيسة. الكنيسة بإيمانها وحياتها السماوية هي جبل ، والمسيح يد الرب إستقرت على جبل الكنيسة، والكنيسة كأفراد هم أيضًا جبال والمسيح هو "جبل بيت الرب يكون ثابتا في رأس الجبال" (إش2: 2). وحينما يكون المسيح ابن الله ثابتا في كنيسته يكون لها السلطان أن تدوس الشيطان ورمزه هنا موآب.

إنتظرناه فخلصنا = "قَرِيبٌ بِرِّي. قَدْ بَرَزَ خَلاَصِي، وَذِرَاعَايَ يَقْضِيَانِ لِلشُّعُوبِ. إِيَّايَ تَرْجُو الْجَزَائِرُ وَتَنْتَظِرُ ذِرَاعِي" (إش51: 5).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات إشعياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66

 

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/27-Sefr-Asheia/Tafseer-Sefr-Ash3eia2__01-Chapter-25.html

تقصير الرابط:
tak.la/n4razp5