← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19
هنا استعارة مأخوذة من الشرق، حين كان أهل الشرق يجمعون العنب ويطرحونه في معصرة عظيمة، ثم يخلع الشبان ثيابهم ونعولهم ويلبسون ثيابًا بيض ويدخلون إلى أرض المعصرة حُفَاة الأقدام، فيدوسون العنب فتتلطخ ثيابهم بدم العنب الأحمر، وكان ذلك وقت بهجة عارمة وكان موسم فرح عند العبرانيين، وكان الشباب يخرجون من المعاصر وثيابهم ملطخة وحمراء.
وقد ذُكِرَت معصرة العنب هذه في (رؤ 14: 18-20) حين قُطِفَت عَنَاقِيدَ كَرْمِ الأَرْضِ، لأَنَّ عِنَبَهَا (الأشرار) قَدْ نَضِجَ. فًأٌلْقِيَ هذا العنب إلى مَعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعَظِيمَةِ، وَدِيسَتِ هذِهِ الْمَعْصَرَةُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ دَمٌ مِنَ الْمَعْصَرَةِ حَتَّى إِلَى لُجُمِ الْخَيْلِ. وهنا عصير العنب إشارة للدم (حروب عظيمة).
لكن هنا في الآيات القادمة نتقابل مع شاب يلبس لباسًا أحمر هو المسيح الفادي الذي غطى دمه
جسده على الصليب، وهنا غطى ثيابه إشارة للكنيسة التي غطاها بدمه وهذه هي الكفارة. وهذا الشاب داس المعصرة إشارة لأنه داس أعداءه وأعداء شعبه (الشياطين) والفرحة (فرحة عصير العنب) إشارة لفرحة الكنيسة بخلاصها من أعدائها.يجب أن نميز بين الثياب الحُمْر (ثِيَابٍ حُمْرٍ) (آية 1)، والعصير الذي لطَّخ ثيابه (فَرُشَّ عَصِيرُهُمْ عَلَى ثِيَابِي) (آية 3)، والعصير الذي جرى على الأرض (أَجْرَيْتُ عَلَى الأَرْضِ عَصِيرَهُمْ) (آية 6) الناتج عن دوس لابس الثياب الحمر على أعدائه.
ثِيَابٍ حُمْرٍ = الثياب الحمر هي جسد المسيح الذي هو كنيسته المغطى بدمه، دم الفداء والكفارة (COVER) عن شعبه. هذه الدماء للخلاص، وهي دماء المسيح ولكنها للفرح، لذلك يقول ثيابك كدائس المعصرة = فدوس معصرة العنب يوم فرح، فرح الله وفرح شعبه بالخلاص العظيم والبر (آيات1، 2). الدم في هذه الآيات هو دم المسيح.
فَرُشَّ عَصِيرُهُمْ عَلَى ثِيَابِي = العصير الأحمر الذي لطخ ثيابه = الدم هنا هو دم أعدائه وأعداء كنيسته أي الشياطين، وهذا إشارة لدوس المسيح على الشيطان يوم الصليب وسيكمل الانتقام في نهاية الأيام. وبعد الصليب أعطى المسيح السلطان لكنيسته أن تكمل دوس هذا العدو (لو10: 19). وهنا دوس بغضب وغيظ (بِغَضَبِي.. وَ.. بِغَيْظِي) فهو ضد عدو الله الذي أفسد الكثيرين (آيات3 - 5).
أَجْرَيْتُ عَلَى الأَرْضِ عَصِيرَهُمْ = العصير الذي جرى على الأرض هو دم ناتج عن دوس المسيح على أعدائه وأعداء كنيسته المحيطين بها أيام النهاية في حروب الأيام الأخيرة ( حز 38؛ 39؛ زك14؛ رؤ 14؛ 16). وأيضًا إشارة لإلقاء الشيطان وأتباعه في بحيرة النار والكبريت (رؤ19، 20) ونجد هذا في (آية6).
آيات (1- 6):- "مَنْ ذَا الآتِي مِنْ أَدُومَ، بِثِيَابٍ حُمْرٍ مِنْ بُصْرَةَ؟ هذَا الْبَهِيُّ بِمَلاَبِسِهِ، الْمُتَعَظِّمُ بِكَثْرَةِ قُوَّتِهِ. «أَنَا الْمُتَكَلِّمُ بِالْبِرِّ، الْعَظِيمُ لِلْخَلاَصِ». مَا بَالُ لِبَاسِكَ مُحَمَّرٌ، وَثِيَابُكَ كَدَائِسِ الْمِعْصَرَةِ؟ «قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ. فَدُسْتُهُمْ بِغَضَبِي، وَوَطِئْتُهُمْ بِغَيْظِي. فَرُشَّ عَصِيرُهُمْ عَلَى ثِيَابِي، فَلَطَخْتُ كُلَّ مَلاَبِسِي. لأَنَّ يَوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي، وَسَنَةَ مَفْدِيِّيَّ قَدْ أَتَتْ. فَنَظَرْتُ وَلَمْ يَكُنْ مُعِينٌ، وَتَحَيَّرْتُ إِذْ لَمْ يَكُنْ عَاضِدٌ، فَخَلَّصَتْ لِي ذِرَاعِي، وَغَيْظِي عَضَدَنِي. فَدُسْتُ شُعُوبًا بِغَضَبِي وَأَسْكَرْتُهُمْ بِغَيْظِي، وَأَجْرَيْتُ عَلَى الأَرْضِ عَصِيرَهُمْ»."
هنا أدوم تشير لأعداء الله وأعداء شعب الله الروحيين أي قوات الشر الروحية، فهي عداوة تقليدية بين أدوم (عيسو) وبين يعقوب أي شعب الله، هي عداوة من البطن، كما بين الشيطان والبشر. وهناك حروب دائمة بين يعقوب وعيسو، دامت في أولادهم. وكانت هزيمة داود لأدوم (2صم 8: 13، 14) رمزًا لهزيمة المسيح لإبليس. وخطايا أدوم هي الكبرياء (عو 3) والبغضة (حز 35: 5) والحسد (حز 35: 11) والظلم لشعب الله (يؤ 3: 19) وهذه الخطايا هي خطايا قوات الشر الروحية من الشياطين الذين يبغضون شعب الله، وهم كأسد زائر يجول يلتمس من يبتلعه. وهم المتكبرين وهم الذين يحسدون شعب الله على ما حصل عليه من بركات العهد الجديد
ومحارباتهم لنا هي ظلم. ولقد بدأ انتقام الرب يوم الصليب. ولكن مازالت هناك حروب ضد شعب الله وهناك يوم للانتقام، وهو يوم محدد للخلاص النهائي يوم تداس فيه قوات الشر الروحية في معصرة غضب الله. حين تقطع عناقيد كرم الأرض أي أشرار الأرض ويداسون في الأرض في معركة عظيمة قد تكون حول أورشليم وبعدها يكون المجيء الثاني بوقت قليل، وفيه يطرح عدو الخير ومن يتبعه في البحيرة المتقدة بالنار. وهذا هو يوم نقمة الله = لأَنَّ يَوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي. وفي هذا اليوم سيَرُشَّ دمهم عَلَى ثِيَابِه فَلَطَخَتْ كُلَّ مَلاَبِسه (فَرُشَّ عَصِيرُهُمْ عَلَى ثِيَابِي، فَلَطَخْتُ كُلَّ مَلاَبِسِي) = إشارة لأنه غلب العدو وداسه (أي إبليس ومن تبعه) وهذه الدماء كانت خارجة من معصرة الغضب.
1) قوله
سَنَةَ مَفْدِيِّيَّ قبل أن يتم الفداء إشارة لأن كلمة الله لا تسقط، فهو قرر وسيعمل بالتأكيد. هي السنة التي تم فيها الفداء على الصليب. يوم داس المسيح عدوه الشيطان بغيظ وغضب. ولاحظ قوله فَلَطَخْتُ كُلَّ مَلاَبِسِي = هو لطخها، لم يلطخها أحد، وهذا يعني أنه لم يجبره أحد على الصليب، بل هو ذهب بكامل إرادته، لم يميته أحد بل هو [له السلطان أن يضعها]: "لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا" (يو10: 18)، وهو الذي أسلم روحه وقت أن أراد أن يفعل.2)
لأَنَّ يَوْمَ النَّقْمَةِ فِي قَلْبِي = ومعنى هذا أن الله إنتظر بصبر عجيب حتى يأتي يوم الفداء ليخلص أولاده، ولكنه لا يعمل إلا في الوقت المناسب، ملء الزمان، كما خلص الشعب من مصر ومن بابل في الوقت المحدد منه.وهنا في هذه الآيات
رأى النبي هذا الإنسان البهي بملابسه وهو المسيح بَثِيَابُ حَمَّر = إشارة للفداء، وقد أتى من أدوم (فالمعركة كانت بين الفادي وبين الشيطان ورمزه هنا أدوم). وبُصْرَةَ = هي أكبر مدن أدوم. ورآه بَهِيُّ في مَلاَبِسِهِ (الْبَهِيُّ بِمَلاَبِسِهِ) = فهو الذي رآه يوحنا وقد "خرج غالبًا ولكي يغلب". ملابسه هي كنيسته وعروسه التي بررها وفداها فصارت لها جماله "أنا سوداء وجميلة" (نش1: 5) . مُتَعَظِّمُ بِكَثْرَةِ قُوَّتِهِ = فكان انتصاره على الصليب بقوة عجيبة غلب فيها الشيطان وداسه وأعطانا نحن شعبه هذا السلطان، وبموته داس الموت وأعطانا حياته الأبدية، ولذلك كانت مذابح الهيكل (المحرقة والبخور) في العهد القديم لها قرون علامة القوة. وشعب المسيح حينما أدرك عمل المسيح له عَظَّمه ومَجَّده.وهو
الْمُتَكَلِّمُ بِالْبِرِّ = فهو المسيح الكلمة الذي برر شعبه. لِلْخَلاَصِ = فمعنى اسم يسوع هو يخلص شعبه فسأله النبي ما بال لِبَاسِكَ مُحَمَّرٌ = الفداء على الصليب. وَثِيَابُكَ كَدَائِسِ الْمِعْصَرَةِ = كان الشباب يخرجون من المعصرة في فرح، وهنا فرح المسيح بأنه خلص شعبه وبررهم بدمه. ويرد المسيح قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي = فلا يوجد شريك للمسيح في عمل الخلاص. وهو أيضًا الذي سينتقم من أعدائه في سنة الفداء = السنة المحددة لبدء الحياة الأبدية فنحن نبدأ الحياة الأبدية وتكتب أسماءنا في سفر الحياة الأبدية يوم المعمودية التي فيها نموت مع المسيح ونقوم ثابتين فيه، متحدين معه ولنا حياته الأبدية. وفي عمل الخلاص لا يوجد مُعِينٌ (لَمْ يَكُنْ مُعِينٌ) = فالتلاميذ تركوه وهربوا، بل أن حتى كل إنسان إنشغل عن خلاص نفسه بغواية الشيطان. وَتَحَيَّرْتُ إِذْ لَمْ يَكُنْ عَاضِدٌ = الله لا يتحير ولكن المعنى يشير لأن الوضع قبل الصليب كان وضعًا ميئوسًا منه، وهلاك البشر محتوم وعدو الخير كان كأنه قد انتصر. بل بعد أن قدم المسيح الفداء كان المنتظر أن يهتم كل إنسان بخلاصه ويتجه بقلبه للمسيح ولكن ما يدفع إلى الحيرة (وهذه بلغة البشر) أن الإنسان لم يفعل ما هو منتظر منه. فَخَلَّصَتْ لِي ذِرَاعِي = الذراع تشير لقوة الله أي المسيح فهو قوة الله وحكمته. مدفوعًا بغيظه = وَغَيْظِي عَضَدَنِي = هنا لا يتكلم عن الفداء بل يوم الانتقام يوم المعصرة يوم أن يصير الدم حتى لجم الخيل (رؤ14: 20)، ويوم يُلقَى عدو الخير في بحيرة النار. أي غيرتي ومحبتي لشعبي جعلتني أنتقم من أعدائهم بغيظ.العظيم للخلاص = = جاءت الترجمة في الإنجليزية to save mighty والمقصود بها القوي والقدير، القادر على أن يخلص، فالمسيح القوي جاء بخلاص قوي لا يقدر عليه سواه. وهذا ما كان يعنيه - وضع قرون على مذبح المحرقة (الذي يرمز للصليب) ومذبح البخور (وهذا يرمز لشفاعة المسيح القوية وبها تغفر خطايانا ويكون لنا نصيب في المجد). فالقرون ترمز للقوة في المجتمعات الرعوية.
قرون مذبح المحرقة = تشير للقوة التي حارب بها المسيح الشيطان والخطية والموت وإنتصر. وقرون مذبح البخور = تشير لشفاعة المسيح القوية الكفارية عن كنيسته.
آية (7):- "إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَذْكُرُ، تَسَابِيحَ الرَّبِّ، حَسَبَ كُلِّ مَا كَافَأَنَا بِهِ الرَّبُّ، وَالْخَيْرَ الْعَظِيمَ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي كَافَأَهُمْ بِهِ حَسَبَ مَرَاحِمِهِ، وَحَسَبَ كَثْرَةِ إِحْسَانَاتِهِ."
تسبحة شكر لله على هذا الخلاص العظيم.
آية (8):- "وَقَدْ قَالَ حَقًّا: «إِنَّهُمْ شَعْبِي، بَنُونَ لاَ يَخُونُونَ». فَصَارَ لَهُمْ مُخَلِّصًا."
هذا ما كان الرب يتمناه أنهم بنون لا يخونون.
آية (9):- "فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ."
فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ
= شفقة ورحمة ومحبة الله تنطق في هذه الكلمات . وهو الذي بكى على قبر لعازر وهو عالم أنه سيقيمه، وهو بكى تأثرًا بما حوله من جو حزن، وبكى حزنًا على الإنسان الذي جلب على نفسه قضية الموت. ومعنى الآية أن الله يسمح بالضيقة لتأديبنا فنخلص، والذي يخلصنا دم المسيح = ملاك حضرته ، ولكن الضيقة هي لتعديل مسار نفوسنا المتمردة فنعود للمسيح الذي يخلص كما عاد الابن الضال. ولكن الله في حنانه وهو يرانا نتألم في ضيقتنا يتألم ويتضايق معنا. وجاءت خلصهم في الماضي فالخلاص تم على الصليب، وتكون الضيقة هي لإعادة النفس المتمردة التي تنحرف عن مسار الخلاص إلى طريق الخلاص مرة أخرى حتى لا تهلك، وهذا معنى ما قاله القديس بولس الرسول عن زاني كورنثوس "أسلمته للشيطان... لهلاك الجسد أي بضيقات كثيرة... فتخلص الروح في يوم الرب" (1كو5). وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ = فعناية الله بشعبه حتى قبل المسيح، فخلاص الرب هو في كل الأزمنة.بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ
= المسيح بمحبته قدَّم لنا الفداء وإشترانا بدمه، ففكنا بعد عبودية وحررنا (الفك يعني تحرير عبد أو فك رهن بدفع فدية) لذلك قال المسيح "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارا" (يو8: 36).
آيات (10، 11):- "وَلكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ، فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوًّا، وَهُوَ حَارَبَهُمْ. ثُمَّ ذَكَرَ الأَيَّامَ الْقَدِيمَةَ، مُوسَى وَشَعْبَهُ: «أَيْنَ الَّذِي أَصْعَدَهُمْ مِنَ الْبَحْرِ مَعَ رَاعِي غَنَمِهِ؟ أَيْنَ الَّذِي جَعَلَ فِي وَسَطِهِمْ رُوحَ قُدْسِهِ،"
الله يخلص ولكن ما هو موقف البشر؟ ولكنهم تمردوا. وماذا صنع الله؟ وهو حاربهم = ليس المعنى الانتقام من شعبه، بل تطهير شعبه من خطاياهم فسمح لشعب إسرائيل أن يقع في يد بابل مدة من الزمان للتطهير. وقال هنا عن تسليم شعبه ليد البابليين فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوًّا، وَهُوَ حَارَبَهُمْ. وبعد أن إنتهى التأديب ذكر الأيام القديمة = الله لم ينسى حتى يذكر، بل نحن الذين ننسى إحساناته والمعنى أنه حين انتهى التطهير ومن أجل وعوده لآبائهم أطلقهم من بابل وهنا تحير النبي فتساءل أَيْنَ الَّذِي أَصْعَدَهُمْ مِنَ الْبَحْرِ مَعَ رَاعِي غَنَمِهِ موسى = كان يجب أن يكونوا تابعين لله ولكن للأسف أين هم؟
ونفس الكلام يقال عن وقوع البشر في قبضة الشيطان بسبب خطية آدم. ولكن كان هذا لتأديب البشر. ولما أتى ملء الزمان أتى المسيح وخلصنا وحررنا منه.
آيات (12-14):- "الَّذِي سَيَّرَ لِيَمِينِ مُوسَى ذِرَاعَ مَجْدِهِ، الَّذِي شَقَّ الْمِيَاهَ قُدَّامَهُمْ لِيَصْنَعَ لِنَفْسِهِ اسْمًا أَبَدِيًّا، الَّذِي سَيَّرَهُمْ فِي اللُّجَجِ، كَفَرَسٍ فِي الْبَرِّيَّةِ فَلَمْ يَعْثُرُوا؟ كَبَهَائِمَ تَنْزِلُ إِلَى وَطَاءٍ، رُوحُ الرَّبِّ أَرَاحَهُمْ». هكَذَا قُدْتَ شَعْبَكَ لِتَصْنَعَ لِنَفْسِكَ اسْمَ مَجْدٍ."
الله يذكرهم بأعماله العظيمة معهم أي بالرغم أنهم أحزنوا روحه القدوس إلا أنه معهم.
سَيَّرَ لِيَمِينِ مُوسَى ذِرَاعَ مَجْدِهِ
= = ذراع الله هو الابن قوة الله له كل المجد، وقوة الله أي ذراع الله أعطى لموسى قوة تسانده . ليمين موسى = اليمين هو القوة ، فقوة موسى كانت هي القوة التي أعطاها ذراع الله له. وقوله سيَّر تعني أن هذه القوة رافقت موسى طوال الرحلة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وقوة الله التي رافقت موسى هي التي شقت أمامه المياه وَسَيَّرَهُمْ.. [وسط] اللُّجَجِ = وسط البحر كَفَرَسٍ = لا يعثر لأن الله هو الذي يقودهم. وحين يعطشوا يقودهم كَبَهَائِمَ تَنْزِلُ إِلَى وَطَاءٍ = لتشرب من الوادي مياهًا حلوة بعنايته. وَرُوحُ الرَّبِّ أَرَاحَهُمْ = فهو الْمُعَزِّي دائمًا أبدًا لأولاده. وكان الله في كل هذا يصْنَعَ لِنَفْسِه إسما واسْمَ مَجْدٍ (تَصْنَعَ لِنَفْسِكَ اسْمَ مَجْدٍ).= ليتمجد الله وسط شعبه وأمام الأمم ليؤمنوا.
ملخص الإصحاح حتى الآن:
الآيات 1-6 :- إشعياء النبي الإنجيلي الذي قيل عن سفره أنه الإنجيل الخامس أو إنجيل الخلاص، بل أن معنى إسمه الرب يخلص. يقدم لنا في ختام سفره تصويرًا رائعًا لمعنى شفاعة المسيح الكفارية. ففي هذه الآيات نرى المسيح وقد غطى كنيسته بدمه وهذه هي الكفارة. وقد ضرب الشيطان وأعداء كنيسته بصليبه.
الآية7 :- النبي يذكر عمل المسيح بالشكر.
الآية8 :- الله من محبته لشعبه قدم لنا الخلاص وكان يتمنى أن لا نخونه ثانية.
الآية9 :- الخلاص قد تم ولكننا ما زلنا على الأرض بأجسادنا التي تسكن فيها الخطية (رو7: 14-23)، فنجد الله يسمح لنا ببعض الضيقات حتى نتأدب فنعود لأحضان الله ثانية ولا نهلك. وعجيب هو الله في محبته فهو يتضايق إذ نتألم في ضيقاتنا، ولكن هذه الضيقات كانت بسماح منه لنخلص.
الآيات 10-14 :- صورة مؤلمة لعدم أمانة البشر تجاه الله الذي قدم لهم الخلاص. والنبي يذكرهم بأعمال محبة الله معهم كل الزمان ليتوبوا ويرجعوا لله.
الآيات 15-19 :- النبي يرفع صلاة تضرع لله تمتد حتى الإصحاح64 حتى يرفع الله غضبه عن شعبه ويرحمهم.
آيات (15- 19):- "تَطَلَّعْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَانْظُرْ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِكَ وَمَجْدِكَ: أَيْنَ غَيْرَتُكَ وَجَبَرُوتُكَ؟ زَفِيرُ أَحْشَائِكَ وَمَرَاحِمُكَ نَحْوِي امْتَنَعَتْ. فَإِنَّكَ أَنْتَ أَبُونَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْنَا إِبْرَاهِيمُ، وَإِنْ لَمْ يَدْرِنَا إِسْرَائِيلُ. أَنْتَ يَا رَبُّ أَبُونَا، وَلِيُّنَا مُنْذُ الأَبَدِ اسْمُكَ. لِمَاذَا أَضْلَلْتَنَا يَا رَبُّ عَنْ طُرُقِكَ، قَسَّيْتَ قُلُوبَنَا عَنْ مَخَافَتِكَ؟ ارْجعْ مِنْ أَجْلِ عَبِيدِكَ، أَسْبَاطِ مِيرَاثِكَ. إِلَى قَلِيل امْتَلَكَ شَعْبُ قُدْسِكَ. مُضَايِقُونَا دَاسُوا مَقْدِسَكَ. قَدْ كُنَّا مُنْذُ زَمَانٍ كَالَّذِينَ لَمْ تَحْكُمْ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُدْعَ عَلَيْهِمْ بِاسْمِكَ."
موضوع هذه الآيات والإصحاح الذي بعده، صلاة من الشعب قد يكون إشعياء هو الذي صلاها بدافع من الروح القدس. فيها يطلب الشعب من الرب أن يرحمهم ويعترف بأنهم شعبه ويخلصهم من خطاياهم وأعدائهم. تَطَلَّعْ مِنَ السَّمَاوَاتِ =
تَطَلَّعْ مِنَ السَّمَاء = كأن الله في غضبه قد ترك الأرض وجلس في السماء غير مهتم بشعبه المسحوق تحت أعدائه بسبب خطاياهم. وهنا يصلي له الشعب تَطَلَّعْ = انظر إلينا في ضيقاتنا أي تحنن علينا. زَفِيرُ أَحْشَائِكَ = شفقتك وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْنَا إِبْرَاهِيمُ = هم قالوا قبلها لأنك أنت أبونا، ويكون المعنى أنه وحتى إن لم نكن أولاد إبراهيم فبنوتنا لله أهم من بنوتنا لإبراهيم بالرغم من إعتزاز اليهود ببنوتهم لإبراهيم. ولا توجد صلاة أخرى في العهد القديم فيها يخاطب الشعب الله قائلا أبونا سوى هذه الصلاة. وهذا مما يدل أن الروح القدس أوحى لإشعياء أن يصلي بروح العهد الجديد " أبانا الذي في السموات ". أَضْلَلْتَنَا = الله لا يضل أحد ولكن هم بحريتهم ضلوا بعيدًا عنه والله سمح بضلالهم ليتأدبوا، وربما تشير للسبي الذي يحكم به الله. وقد تشير أن الله تركهم وتخلى عنهم بسبب خطاياهم فضلوا. إِلَى قَلِيل أمْتَلَكَ شَعْبُ قُدْسِكَ = أي المدة منذ بناء الهيكل حتى السبي وهي حوالي 400 سنه ولكن الشعب إعتبرها مدة قليلة. قَدْ كُنَّا مُنْذُ زَمَان = مدة الضيقات الحاضرة تظهر أنها طويلة (مع أنها 70 سنة) كَالَّذِينَ لَمْ تَحْكُمْ عَلَيْهِمْ = هذه شهوة قلوبهم أن يعود ويحكم عليهم ولا يحكمهم الأمم، وهذا ما نصليه يوميًا "ليأت ملكوتك". ولكن لاحظ قوله كَالَّذِينَ لَمْ تَحْكُمْ عَلَيْهِمْ = المعنى المباشر أن اليهود في السبي كانوا تحت حكم البابليين وليس الله. ولكن فلنفهم أن الله ضابط الكل هو يحكم ويضبط كل الخليقة، فهو يحكم البابليين واليهود. الظاهر أنهم تحت حكم البابليين، والحقيقة أنهم هم والبابليين تحت حكم الله. لذلك يقول كَالَّذِينَ فحرف الـ ك يعنى أنه يبدو في الظاهر أننا لسنا تحت حكمك بل تحت حكم البابليين، لكنك تحكم الجميع. فنحن والبابليين تحت حكمك. وأنت يا رب الذي وضعتنا تحت حكم البابليين للتأديب.
ملحوظة:-
ذراع الرب هو الله ظهر في الجسد = هو ابن الله المتجسد
راجع الآيات الآتية:
حقًا أنت إله محتجب يا إله إسرائيل (اش 45: 15).
هل قصرت يدي عن الفداء (اش50: 2).
إياي ترجو الجزائر وتنتظر ذراعي (اش51: 5).
استيقظي استيقظي البسي قوة يا ذراع الرب (اش51: 9).
والملخص حتى الآن أن المسيح قد تجسد وفي وسط اليهود الذين صلبوه.
ها إن يد الرب لم تقصر عن أن تخلص (إش 59: 1).
فرأى أنه ليس إنسان وتحير من أنه ليس شفيع فخلصت ذراعه لنفسه (إش 59: 16).
إذا لقد نجح عمل المسيح الفدائي حلف الرب بيمينه وبذراع عزته (إش 62: 8).
وبهذا نفهم أن المسيح مساو للآب تمامًا فنجد الله هنا يحلف بذراعه.
ونحن نعلم أن الله لا يحلف سوى بنفسه إذ ليس أعظم منه يحلف به (عب 6:13).
فخلصت لي ذراعي (إش 63 :5).
في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم (إش 63: 9).
فلنشكر الله الذي في كل ضيقنا يتضايق ولكنه إله قدير يخلص.
← تفاسير أصحاحات إشعياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إشعياء 64 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إشعياء 62 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/wnj8n23