← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14
آية (1):- "أَرْسِلُوا خِرْفَانَ حَاكِمِ الأَرْضِ مِنْ سَالِعَ نَحْوَ الْبَرِّيَّةِ إِلَى جَبَلِ ابْنَةِ صِهْيَوْنَ."
كان الموآبيون رعاة خرفان. وكانوا يدفعون الجزية ليهوذا من هذه الخرفان. وكانوا حينما يتمردون يمتنعون عن إرسالها. وهنا مشورة من النبي لهم بإرسال الجزية، فهم سيحتاجون ليهوذا في هروبهم.
حَاكِمِ الأَرْضِ = هو ملك يهوذا. وسَالِعَ = هي مدينة أدومية تحت تسلط موآب. وسالع تعني صخرة وهي عاصمة أدوم وتشير لأدوم. قال عنها إرمياء النبي "محاجئ الصخر" في "قد غرك تخويفك كبرياء قلبك يا ساكن في محاجئ الصخر الماسك مرتفع الاكمة. وإن رفعت كنسر عشك فمن هناك أحدرك يقول الرب" (إر49: 16). وهي موقع إستراتيجي وحصن منيع يصعب على العدو أن يصل لمن يحتمي به. وحاليا هي البتراء ولاحظ أن الكلمة مأخوذة من الكلمة اليونانية بترا أي صخرة.
آية (2):- "وَيَحْدُثُ أَنَّهُ كَطَائِرٍ تَائِهٍ، كَفِرَاخٍ مُنَفَّرَةٍ تَكُونُ بَنَاتُ مُوآبَ فِي مَعَابِرِ أَرْنُونَ."
في هروبهم من موآب إلى يهوذا سيكونون كَطَائِرٍ تَائِهٍ = يهربون بسرعة ولا يدرون إلى أين الهرب . أَرْنُونَ = تعني السيل المندفع أو الزئير. ووادي أرنون كان في موآب على حدود موآب الشمالية وجنوب بني عمون. وطالما سيهربون إلى يهوذا فعليهم من الآن أن يقدموا خرافهم لملك يهوذا. ونحن سنهرب إلى الله أو سنذهب إلى الله في نهاية أيامنا فلنقدم له أنفسنا كخراف مذبوحة حية (رو 12:1) عوضًا عن كبريائنا (كما كانت موآب متكبرة: آية 6). وهذا ما يعطينا سلام هنا وحياة أبدية هنا وهناك.
آية (3):- "هَاتِي مَشُورَةً، اصْنَعِي إِنْصَافًا، اجْعَلِي ظِلَّكِ كَاللَّيْلِ فِي وَسَطِ الظَّهِيرَةِ، اسْتُرِي الْمَطْرُودِينَ، لاَ تُظْهِرِي الْهَارِبِينَ."
على يهوذا أن تحمي ولا تظهر الموآبيون الذين إحتموا بها. وهذا هو عمل الكنيسة، أن تقبل أولادها التائبين الذين يعودون إلى الله تائبين، وتعمل على تثبيتهم في جسد المسيح، فيحميهم المسيح من هجمات الشياطين. الرحمة والمحبة والصفح هذا هو التعليم الإلهي، الذي يعلِّمه الله لشعبه. فبالرغم من العداء القديم بين شعب الله وموآب، إلا أننا نجد الله هنا يطلب من شعبه أن يرحم شعب موآب وقت بليتهم. ويؤوي الموآبيين الهاربين من وجه عدوهم. وهذا عكس ما فعله الأدوميون مع شعب الله وقت بليتهم وهروبهم من وجه نبوخذنصر عدوهم. فلقد كان الأدوميون يقتلون الهاربين من شعب الله ويسلمونهم لجيش نبوخذنصر ويبيعونهم كعبيد (عوبديا 11-16). لذلك نفهم أن أدوم ترمز للشيطان عدو الله وشعب الله.
آية (4):- "لِيَتَغَرَّبْ عِنْدَكِ مَطْرُودُو مُوآبَ. كُونِي سِتْرًا لَهُمْ مِنْ وَجْهِ الْمُخَرِّبِ، لأَنَّ الظَّالِمَ يَبِيدُ، وَيَنْتَهِي الْخَرَابُ، وَيَفْنَى عَنِ الأَرْضِ الدَّائِسُونَ."
أشور الظالمة ستبيد وتفنَى من على وجه أرض موآب، أي شعب الموآبيين.
آية (5):- "فَيُثَبَّتُ الْكُرْسِيُّ بِالرَّحْمَةِ، وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ بِالأَمَانَةِ فِي خَيْمَةِ دَاوُدَ قَاضٍ، وَيَطْلُبُ الْحَقَّ وَيُبَادِرُ بِالْعَدْلِ."
قارن مع الآية السابق وَيَفْنَى عَنِ الأَرْضِ الدَّائِسُونَ = يفنى أشور الذي داس موآب بل كل العالم. وهذا رمز للمسيح الذي حررنا من الشيطان الذي داس على البشر فترة.
سيثبت كرسي ملك يهوذا بالرحمة التي سيظهرها لموآب. ولكن طبيعة الكلمات تشير للمسيح الجالس على كرسي يهوذا في خيمة داود أي الكنيسة جسده وهو يحكم على يهوذا والأمم (موآب) ويحمي كل من يلتجئ إليه. وهو ملك على قلوب شعبه وكنيسته برحمته التي ظهرت في صليبه. وتثبت ملكه على شعبه الذي لمس محبته ورحمته بعد أن حرَّرَنا من إبليس الذي داس علينا فترة.
آية (6):- "قَدْ سَمِعْنَا بِكِبْرِيَاءِ مُوآبَ الْمُتَكَبِّرَةِ جِدًّا عَظَمَتِهَا وَكِبْرِيَائِهَا وَصَلَفِهَا بُطْلِ افْتِخَارِهَا."
نبوة بأن موآب لن تقبل النصيحة فيخربون لكبريائهم (ولاحظ التشديد وتكرار كلمات
الكبرياء وهذه خطية الشيطان الأساسية). والنبي هنا يكشف سبب الجرح. والكبرياء يمنع صاحبه من سماع المشورة الصالحة. وفعلًا موآب لم تقبل النصيحة ولم ترسل الجزية.
آية (7):- "لِذلِكَ تُوَلْوِلُ مُوآبُ. عَلَى مُوآبَ كُلُّهَا يُوَلْوِلُ. تَئِنُّونَ عَلَى أُسُسِ قِيرَ حَارِسَةَ، إِنَّمَا هِيَ مَضْرُوبَةٌ."
موآب المخدوعين من إبليس وفي كبريائهم رفضوا دفع الجزية لإسرائيل. وبالتالي عليهم أن يولولوا لأن رجاءهم بيهوذا إنقطع. والنتيجة الكل في بكاء وعويل وحزن.
ومن ينجذب بخداع الشيطان، ولا يقدم جسده ذبيحة حية، يصير بلا حماية المسيح الذي يحمي كل من إلتجأ لكنيسته تائبا = تَئِنُّونَ عَلَى أُسُسِ قِيرَ حَارِسَةَ،
قِيرَ حَارِسَةَ = هي قير موآب التي لم يبق منها غير أسسها التي يئنون عليها فبيوتها هدمت. تُوَلْوِلُ مُوآبُ . عَلَى مُوآبَ = لا يوجد سبب يشجع به أحد الآخرين بل الكل يولول.
آية (8):- "لأَنَّ حُقُولَ حَشْبُونَ ذَبُلَتْ. كَرْمَةُ سِبْمَةَ كَسَّرَ أُمَرَاءُ الأُمَمِ أَفْضَلَهَا. وَصَلَتْ إِلَى يَعْزِيرَ. تَاهَتْ فِي الْبَرِّيَّةِ، امْتَدَّتْ أَغْصَانُهَا، عَبَرَتِ الْبَحْرَ."
كَرْمَةُ سِبْمَةَ = سبمة اسم عبري معناه بلسم وهي مدينة رعي. وأخذتها موآب من إسرائيل، وهي من أمنع المواقع. مشهورة بخمرها وكسرها الأشوريون المغرمون بتكسير كل شيء حتى لو لم يكن فيه فائدة لهم. وَصَلَتْ إِلَى يَعْزِير = يعزير تعني يعين أو يساعد وتقع المدينة شرقي نهر الأردن، شمالي سبمة على بعد 15 ميلًا، وقد أخذتها موآب من إسرائيل. وهذا يدل على إتساع الكرم. تَاهَتْ فِي الْبَرِّيَّةِ = أي الكروم وصلت للبرية شرقًا.
هذه الكرمة الضخمة تشير للفرح الكبير الذي أراده الله للإنسان (الله خلق انسان في جنة عَدْنْ أي فرح فالكرمة ترمز للفرح فمنها نحصل على الخمر رمز الفرح) ودمره الشيطان. ولاحظ كم المدن التي إستولت عليها موآب من إسرائيل. إذًا نفهم أن الفرح يضيع ممن إستسلم للشيطان (أشور أو بابل كرمز للشيطان المخرب) وموآب رمزا للشيطان الذي يخدع الإنسان فيستعبده؟؟ وبالتالي يخربه. فيضيع فرحه.
آيات (9، 10):- "لِذلِكَ أَبْكِي بُكَاءَ يَعْزِيرَ عَلَى كَرْمَةِ سِبْمَةَ. أُرْوِيكُمَا بِدُمُوعِي يَا حَشْبُونُ وَأَلْعَالَةُ، لأَنَّهُ عَلَى قِطَافِكِ وَعَلَى حَصَادِكِ قَدْ وَقَعَتْ جَلَبَةٌ. وَانْتُزِعَ الْفَرَحُ وَالابْتِهَاجُ مِنَ الْبُسْتَانِ، وَلاَ يُغَنَّى فِي الْكُرُومِ وَلاَ يُتَرَنَّمُ، وَلاَ يَدُوسُ دَائِسٌ خَمْرًا فِي الْمَعَاصِرِ. أَبْطَلْتُ الْهُتَافَ."
أبكي بُكَاءَ يَعْزِيرَ عَلَى كَرْمَةِ سِبْمَةَ = هنا نرى النبي بمشاعره الرقيقة يبكي خراب موآب ومصائبها. بل هو يبكي على كرمة سبمة، كما يبكي عليها أهلها سكان يعزير. هذه تساوي بكاء المسيح على قبر لعازر إذ رأى حالة الحزن والبكاء والموت الذي وصل إليه البشر.
جَلَبَةٌ = صوت قِتال بدل الفرح. أَبْطَلْتُ الْهُتَافَ = هذا إذن عمل الرب نفسه.
آية (11):- "لِذلِكَ تَرِنُّ أَحْشَائِي كَعُودٍ مِنْ أَجْلِ مُوآبَ وَبَطْنِي مِنْ أَجْلِ قِيرَ حَارِسَ."
هذه مشاعر النبي الذي ما زال يئن.
آية (12):- "وَيَكُونُ إِذَا ظَهَرَتْ، إِذَا تَعِبَتْ مُوآبُ عَلَى الْمُرْتَفَعَةِ وَدَخَلَتْ إِلَى مَقْدِسِهَا تُصَلِّي، أَنَّهَا لاَ تَفُوزُ."
حينما يدخلون لهياكل آلهتهم ويظهرون فيها لا ينجحون، لأن ليس اسم آخر تحت السماء أُعْطِيَ بين الناس به ينبغي أن نخلص إلا اسم يسوع المسيح (أع12:4). ويخزي جميع المتكلين على صنعة الأيدي أما طالبو الرب فلا يعوزهم شيء من الخيرات.
آيات (13، 14):- "هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ مُوآبَ مُنْذُ زَمَانٍ. وَالآنَ تَكَلَّمَ الرَّبُّ قَائِلًا: «فِي ثَلاَثِ سِنِينَ كَسِنِي الأَجِيرِ يُهَانُ مَجْدُ مُوآبَ بِكُلِّ الْجُمْهُورِ الْعَظِيمِ، وَتَكُونُ الْبَقِيَّةُ قَلِيلَةً صَغِيرَةً لاَ كَبِيرَةً»."
هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ مُوآبَ مُنْذُ زَمَانٍ = إذًا إشعياء كان مكلفًا بأن تصل النبوة إلى شعب موآب ولا يبقيها عنده، لعلهم يقدمون توبة.
يظهر أن إشعياء يحدد هذا الخراب أنه سيأتي بعد نبوته هذه بمدة 3 سنوات. وهي كَسِنِي الأَجِيرِ أي محسوبة بكل دقة لا يزاد عليها فإن الأجير يستثقل مهمته وخدمته ويطلب سرعة كمالها. وهذا الخراب الذي تنبأ عنه إشعياء كان بيد ملك أشور ولكن خرابًا أشد كان ينتظرها على يد ملك بابل تنبأ عنه إرميا (ص 48). ولكن دائما هناك بقية قليلة 7000 ركبة تخلص.
إن كانت بابل وأشور يشيرون للشيطان المخرب، فموآب تشير للشيطان بخداعه للإنسان. ونرى في (إش25: 10 - 12) نهاية مزرية لموآب كرمز للشيطان الذي طالما خدع الإنسان وأذله. ونلاحظ أن هناك مدن كثيرة كانت لإسرائيل شعب الله وسقطت في يد موآب. ومدن إسرائيل التي كانت في يد موآب وسقطت في يد موآب تشير لمن كانوا أولاد الله وإنجذبوا لإغراءات الحية ففقدوا فرحهم. ومن ينخدع وينجذب لشهوته بخداع الشيطان يخرب الشيطان حياته فيضيع فرحه. ولكن هناك بقية تخلص كما يقول القديس بولس الرسول "وإشعياء يصرخ من جهة إسرائيل: وان كان عدد بني إسرائيل كرمل البحر، فالبقية ستخلص" (رو9: 27).
· لاحظ كَمّ المدن التي كانت في يد إسرائيل وإستولت عليها موآب. وهذا يشير للعدد الضخم ممن كانوا من شعب الله وأسقطهم إبليس.
· قير موآب أو قير حارسة :- أولاد الله كانوا في حصانة كمدينة مسورة طالما هم في طاعة لله. وفقدوا هذه الحماية بغواية إبليس فإستولى عليهم الشيطان وأذلهم "أيها الرب الهنا قد استولى علينا سادة سواك" (إش26: 13).
· كرمة سبمة :- خلق الله الإنسان ليفرح في جنة عدْنْ (أي فرح) ويشير لهذا إتساع كرمة سبمة. ولكنها خربت.
· نبو :- كان لهم رؤية للأبدية ورجاء كما رأى موسى أرض الميعاد من على جبل نبو. وبعد أن خدعتهم شهواتهم ضاعت هذه الرؤية.
· إلى البيت وديبون :- في حزنهم وضيقهم بعد السقوط لجأوا لغير الله فصار لهم حالة من الهزال والإنحلال الروحي والنفسي.
· ميدبا :- أي ماء هادئ رمز لسلام الله الذي يفوق كل عقل، وهذا لأولاد الله. إنما لمن ترك الله يضيع هذا السلام.
· وتَصْرُخُ حَشْبُونُ وَأَلْعَالَةُ. يُسْمَعُ صَوْتُهُمَا إِلَى يَاهَصَ = الله لا يترك أولاده دون إنذار، فنجد أولاد الله الذين يمجدون اسم الله (ألعالة) وينعمون بتدبير الله لحياتهم (حشبون) يصرخون محذرين من داسته أقدام الشيطان (ياهص).
· صوغر :- طلب الملاك من لوط أن يهرب إلى الجبل (تك19: 15) أي الحياة السماوية. ورفض لوط، وأراد الذهاب إلى صوغر. وهؤلاء الساقطين أمام شهواتهم بغواية إبليس نجدهم رافضين للهروب إلى الجبل أي السماويات، مفضلين السعي وراء أشياء أخرى وواضعين كل جهادهم لأجلها (عَقَبَةِ اللُّوحِيثِ.. وحُورُونَايِمَ) وهذه تشير لأشياء أخرى تكون هدفا للإنسان غير الحياة مع الله في السماويات. وهذه هي نفس نصيحة رب المجد لنا في أيام الضيقة العظيمة، فلِيَهْرُب "الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ" (مت24).
· الثروة التي إكتسبوها وذَخَائِرُهُمْ يَحْمِلُونَهَا إِلَى عَبْرِ وَادِي الصَّفْصَافِ = هم ظلوا يجاهدوا طوال العمر وصنعوا ثروات وها هم يحملونها بالدموع. فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه.
· مِيَاهَ نِمْرِيمَ تَصِيرُ خَرِبَةً.. والْعُشْبَ يَبِسَ = أي لا حياة، يصيرون أمواتا أمام الله = ومِيَاهَ دِيمُونَ تَمْتَلِئُ دَمًا. فالماء والخضرة رمز الحياة.
← تفاسير أصحاحات إشعياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إشعياء 17 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إشعياء 15 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/54qtpvn