← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30
يُسَمَّى هذا الإصحاح نشيد الكرم، وهو توبيخ لأهل أورشليم ويهوذا على خطاياهم واستخدم التشبيه مثل كرم وَفَّرَ الله له كل أسباب النمو والخصب فجاء بثمر رديء. ثم بين الله ما سينزله عليهم من عقاب. والثمر الذي ينتظره الرب هو الحياة المقدسة وذبائح الشكر والتسبيح، وأن نكون نور للعالم فنأتي لله بثمر كثير. الله يريدنا أن نحيا حياة مقدسة شاكرين متهللين ونكون نور للعالم، ليرانا الناس فيؤمنوا ويتمجد الله.
هناك 3 شجرات يمثلون شعب الله في القديم وأيضاً يمثلوا الكنيسة:-
1) التينة:- بها بذور كثيرة داخل غلاف واحد وطعمها حلو. الله يفرح بشعبه المجتمع في محبة. 2) الزيتونة:- يؤخذ منها الزيت الذي يُعمل به دهن المسحة، وبه ينسكب الروح القدس على الملوك ورؤساء الكهنة. 3) الكرمة:- ومنها يصنع الخمر، والخمر رمز للفرح.
وإشعياء يشبه الشعب هنا بالذات بالكرمة لأن الله كان يريد أن يفرح بشعبه.
ماذا يرى الناس في كنيسة تمثلها الثلاث شجرات؟ 1) التينة:- يرون المحبة تجمع بين كل المسيحيين. 2) الزيتونة:- يرى الناس ثمار الروح القدس (غل23،22:5). 3) الكرمة:- يرى الناس الفرح على وجوه المؤمنين بالرغم من الضيق الذي يحيط بالناس.
آية (1):- "لأُنْشِدَنَّ عَنْ حَبِيبِي نَشِيدَ مُحِبِّي لِكَرْمِهِ: كَانَ لِحَبِيبِي كَرْمٌ عَلَى أَكَمَةٍ خَصِبَةٍ،"
لأُنْشِدَنَّ عَنْ حَبِيبِي = أي أن النبي ينشد بالنيابة عن الله أو ينشد على لسان الله حبيبه هذا النشيد وهو يستخدم المثل للشرح ليجعل كلامه مقبولًا لدى الناس فهو سيتكلم كلامًا صعبًا، وسيقول أن الله سيرفضهم. ولنلاحظ أن هذا المثل موجه لكل خاطئ في كل زمان. نشيد محبي = نشيد أقدمه لمن أحبه بالحق. كَرْمٌ = هو الشعب اليهودي شعب الله والكنيسة تُسَمَّى أيضًا "كرم". كَرْمٌ عَلَى أَكَمَةٍ = الأكمة مكان مرتفع وأورشليم مرتفعة فالرب رفع شعبه وحملهم عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ (خر 19: 4) والكنيسة سماوية مرتفعه . خَصِبَةٍ = الكنيسة مخصبة ومثمرة. هكذا يجب أن تكون.. الله رفع كنيسته ووضعها على أكمة (تل مرتفع) ليراها كل الناس، ويروا أعمالها الحسنة وأنها تمجد الله فيؤمنوا بالله "فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ ٱلنَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ ٱلْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ" (مت16:5).
آية (2):- "فَنَقَبَهُ وَنَقَّى حِجَارَتَهُ وَغَرَسَهُ كَرْمَ سَوْرَقَ، وَبَنَى بُرْجًا فِي وَسَطِهِ، وَنَقَرَ فِيهِ أَيْضًا مِعْصَرَةً، فَانْتَظَرَ أَنْ يَصْنَعَ عِنَبًا فَصَنَعَ عِنَبًا رَدِيئًا."
نقبه = حرثه ونزع الشوك والأعشاب الرديئة منه. كرم سورق = سورق اسم وادي فيه أفضل الكروم، فهم شعب مختار. نَقَّى حِجَارَتَهُ طرد من أمامهم الكنعانيين ونقاهم من العبادة الوثنية. والله بالمعمودية ينتزع منا قلب الحجر ليكون لنا قلب لحم (سفر حزقيال 11: 19). بنَى برجًا = البرج يكون للمراقبة، لاكتشاف الأعداء، والله أعطاهم خيمة وهيكل وشريعة وناموس وكهنة ويسيج حولهم وكان لهم سورًا، وأحاطهم برعايته وعنايته حتى أن ثيابهم ونعالهم لم تبلى (تث8: 4 + 29: 5)، وأباد أعداءهم من أمامهم. والبرج الآن هو الإتحاد مع الرب يسوع ووجود قيادات روحية وكنسية. معصرة = لعصر العنب وعمل خمر الحب الذي يقدم للفرح الروحي. لذلك ظن الناس أن التلاميذ سكارى حين حل عليهم الروح القدس. فَانْتَظَرَ.. عِنَبًا = المقصود أن الله ينتظر منا الثمر، حبنا له مقابل حبه لنا وتوبتنا مقابل غفرانه لخطايانا.
آية (3):- "«وَالآنَ يَا سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ وَرِجَالَ يَهُوذَا، احْكُمُوا بَيْنِي وَبَيْنَ كَرْمِي."
هذه هي طريقة الرب أن يكتشف كل واحد خطأه.
آية (4):- "مَاذَا يُصْنَعُ أَيْضًا لِكَرْمِي وَأَنَا لَمْ أَصْنَعْهُ لَهُ؟ لِمَاذَا إِذِ انْتَظَرْتُ أَنْ يَصْنَعَ عِنَبًا، صَنَعَ عِنَبًا رَدِيئًا؟"
هنا يترك لهم الحكم ليفكروا ويحكموا على أنفسهم ويدينوا أنفسهم.
آية (5):- "فَالآنَ أُعَرِّفُكُمْ مَاذَا أَصْنَعُ بِكَرْمِي: أَنْزِعُ سِيَاجَهُ فَيَصِيرُ لِلرَّعْيِ. أَهْدِمُ جُدْرَانَهُ فَيَصِيرُ لِلدَّوْسِ."
الرب هو سور أورشليم الحقيقي. أنزع سياجه = يمتنع الله عن حمايتها وحينئذ يضر بها الأعداء ويدوسونها. ولو نزع الله حمايته عن إنسان تدخل حيوانات الشهوة لتدوس قلبه. والله ينزع حمايته ليدركوا ضعفهم فيلجأوا إليه تائبين، وإذ اقتربوا إليه يقترب إليهم.
الآيات (6، 7):- "وَأَجْعَلُهُ خَرَابًا لاَ يُقْضَبُ وَلاَ يُنْقَبُ، فَيَطْلَعُ شَوْكٌ وَحَسَكٌ. وَأُوصِي الْغَيْمَ أَنْ لاَ يُمْطِرَ عَلَيْهِ مَطَرًا». إِنَّ كَرْمَ رَبِّ الْجُنُودِ هُوَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ، وَغَرْسَ لَذَّتِهِ رِجَالُ يَهُوذَا. فَانْتَظَرَ حَقًّا فَإِذَا سَفْكُ دَمٍ، وَعَدْلًا فَإِذَا صُرَاخٌ."
وَغَرْسَ لَذَّتِهِ رِجَالُ يَهُوذَا هذه مثل "وَلَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ" (أم31:8). الله خلق الإنسان ليفرح به ويتلذذ بعشرته وصداقته، ولكن لننظر ماذا فعلت الخطية؟ فالله لا يطيق الخطية.
أجعله خرابًا = قال السيد المسيح لليهود "هوذا بيتكم يترك لكم خرابًا".
لا
يقضب = ("القضْب": تقليم الأشجار) بمعنى قص ورق الشجر فيصير لها شكل جميل وتزداد العصارة لباقي الفروع فيتحسن الثمر ويزداد، وهذا يشير للتجارب التي بها يُصلح بها الله حال الإنسان. وهذا يعني أنه ما عاد هناك أمل في إصلاحها لذلك سيخربها الله.لا ينقب = التنقيب هو حرث الأرض وهذا يشير للتوبة وفحص النفس وهذا عمل الروح القدس [توبني يا رب فأتوب] (إر 31: 18). والمعنى أن الروح القدس لا يعود يعمل. فحين يتوقف الطبيب عن العلاج يكون حال المريض ميئوسا منه تمامًا.
يطلع شوك = هذه ثمار الانفصال عن الله، أن يفقد الإنسان سلامه. أوصي الغيم = أي لا تنزل أمطار النعمة الإلهية عليه. [وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله لذهن مرفوض] (رو 1: 28). والمطر يشير للروح القدس ومن يحرم من عطية الروح يحرم من عمل النعمة الإلهية. وآية (7) تشير للمسيح الذي جاء ليهوذا وانتظر حقًا فصلبوه وسفكوا دمه قائلين اصلبه اصلبه.
آية (8):- "وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَصِلُونَ بَيْتًا بِبَيْتٍ، وَيَقْرِنُونَ حَقْلًا بِحَقْل، حَتَّى لَمْ يَبْقَ مَوْضِعٌ. فَصِرْتُمْ تَسْكُنُونَ وَحْدَكُمْ فِي وَسَطِ الأَرْضِ."
يصلون بيتًا ببيت = الغني يأخذ بالقوة بيت جاره الفقير كما فعل أخاب بنابوت اليزرعيلي. وهذا يدل على انشغال شعب الله بالملك الزمني وأن كل همهم أن لا يكون موضع لسواهم ليسكن فيه. عيب هؤلاء أنهم لا يقتنعون بشيء فصاروا كالإسكندر الأكبر الذي بعدما قهر العالم المعروف في ذلك الوقت بكَى لأنه لا يجد أرضًا أخرى يستولي عليها. حتى لم يبق موضع = هم انهمكوا في الشراء ولم يصبح مكان للناس أن يشتروه. لم يترك الواحد موضعًا لأخيه خاصة الفقير وهذا يدل على الجشع.
الآيات (9، 10):- "فِي أُذُنَيَّ قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: «أَلاَ إِنَّ بُيُوتًا كَثِيرَةً تَصِيرُ خَرَابًا. بُيُوتًا كَبِيرَةً وَحَسَنَةً بِلاَ سَاكِنٍ. لأَنَّ عَشْرَةَ فَدَادِينِ كَرْمٍ تَصْنَعُ بَثًّا وَاحِدًا، وَحُومَرَ بِذَارٍ يَصْنَعُ إِيفَةً»."
العقاب لهؤلاء هو الخراب للبيوت وللحقول وإنعدام البركة في حياتهم، بَثًّا = البث هو مكيال للسوائل يسع 27,5 كجم تقريبًا، والعشرة فدادين يجب أن تنتج 500 بث لا بث واحد. والحومر مكيال للحبوب يسع 282 كجم تقريبًا والإيفة عُشْر الحومر. والمعنى أن الحاصل من الأرض يكون عُشْر الحبوب التي بذرت فيها. فالعقاب من جنس الخطية. لأن من لم يستعمل خيرات الله كوكيل أمين فالذي عنده يؤخذ منه.
آية (11):- "وَيْلٌ لِلْمُبَكِّرِينَ صَبَاحًا يَتْبَعُونَ الْمُسْكِرَ، لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْعَتَمَةِ تُلْهِبُهُمُ الْخَمْرُ."
من يسكر صباحًا هم أشر السكارى وهذه عكس "يا.. إلهي.. إليك أبكر" (مز 63: 1)، وليس فقط يسكرون صباحًا بل يظلوا في الشرب والسكر حتى تأتي العتمة ويشتعلون من الخمر. هؤلاء يحاولون أن يحصلوا على الفرح بعيدًا عن الروحيات.
العقاب مناظر للخطية في آية (12) أي الجوع والعطش في مقابل الأكل والشرب
والملاهي ونسوا الله في حياتهم = وَإِلَى فَعْلِ الرَّبِّ لاَ يَنْظُرُونَ.وهدف الله من تجربة الجوع أن يرجعوا إليه فلا يسبيهم الشيطان ويذلهم (الابن الضال).
سُبِيَ شَعْبِي
= قد يكون سبي الجسد أو سبي النفس للشياطين وهذا أقسى من سبي الجسد.
آية (14):- "لِذلِكَ وَسَّعَتِ الْهَاوِيَةُ نَفْسَهَا، وَفَغَرَتْ فَاهَا بِلاَ حَدٍّ، فَيَنْزِلُ بَهَاؤُهَا وَجُمْهُورُهَا وَضَجِيجُهَا وَالْمُبْتَهِجُ فِيهَا!"
الهاوية = هي القبر أو مكان أرواح الأموات فمن يقضي عمره في اللهو والأكل والشرب ماذا يفعل حين تنتهي حياته فجأة وهو غير مستعد.
الآيات (15، 16):- "وَيُذَلُّ الإِنْسَانُ وَيُحَطُّ الرَّجُلُ، وَعُيُونُ الْمُسْتَعْلِينَ تُوضَعُ. وَيَتَعَالَى رَبُّ الْجُنُودِ بِالْعَدْلِ، وَيَتَقَدَّسُ الإِلهُ الْقُدُّوسُ بِالْبِرِّ."
أصل الخطية الكبرياء، هي خطية الشيطان التي أسقطته. وكيف يعالج الله كبرياء البشر؟ يسمح الله بتدميرهم أي ذلهم وانحطاطهم على يد أمة قوية قادرة مثل أشور وبابل. وَيَتَقَدَّسُ = ويتعالَى الرب بإظهار عدله، إذ يعاقب هؤلاء المتكبرين الطغاة الذين سحقوا البائسين وإغتصبوا بيوتهم وأراضيهم. هنا نرى أن التجربة التي سمح بها الله أتت بنتائج إيجابية، فكبريائهم إنخفضت. ومن يتواضع أمام الله يرجع إليه الله (إش15:57 + زك3:1). والله يسمح بالتجارب ليداوي الإنسان من الكبرياء، ومن الخطية عموما، ولكن الله لا يحاول مع الشيطان، فالشيطان عنيد ولا يغير رأيه.
آية (17):- "وَتَرْعَى الْخِرْفَانُ حَيْثُمَا تُسَاقُ، وَخِرَبُ السِّمَانِ تَأْكُلُهَا الْغُرَبَاءُ."
ترعى الخرفان = هم مساكين الأرض فنبوخذ نصر بعد السبي أخذ كل الشباب الأقوياء كسبايا وترك مساكين الأرض. ودائمًا الله يرعى البقية ولا يتركهم بل يعطيهم أن يأكلوا في هدوء. وخَرِب السمان = Fat Ones فالبابليين أو أي شعب مستعمر سيستولي على الخرائب التي تركها الأغنياء.
آية (18):- "وَيْلٌ لِلْجَاذِبِينَ الإِثْمَ بِحِبَالِ الْبُطْلِ، وَالْخَطِيَّةَ كَأَنَّهُ بِرُبُطِ الْعَجَلَةِ،"
معناها أن الشعب ظل مرتبطًا أو رابطًا نفسه بالخطية كما بحبال. لكنها حبال الباطل كحيوان مربوط إلى
عجلة على منحدر، فالعجلة تدفعه وهو ساقط تحت نيرها مغلوبًا على أمره. هو يظن أنه هو المسيطر على العجلة (الخطية) ولكنها هي تدفعه. والعربة هي الخطية الثقيلة. وما يجرونه هو نتائج وعقوبات الخطية وكل سقوط يؤدي إلى سقوط آخر. فالخطاة عادة ما يتدحرجون كما على منحدر من خطية إلى خطية ومن مصيبة إلى مصيبة.
آية (19):- "الْقَائِلِينَ: «لِيُسْرِعْ، لِيُعَجِّلْ عَمَلَهُ لِكَيْ نَرَى، وَلْيَقْرُبْ وَيَأْتِ مَقْصَدُ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ لِنَعْلَمَ»."
فيها استخفاف بالله وهذا من نتائج الانغماس في الخطية "قال الجاهل في قلبه ليس إله". ليعجل عمله = هي سخرية معناها أن الله لم ولن يفعل شيئًا. وهم يقولون قدوس إسرائيل كسخرية حينما سمعوها من إشعياء كثيرًا. (2بط4:3 + حز22:12).
آية (20):- "وَيْلٌ لِلْقَائِلِينَ لِلشَّرِّ خَيْرًا وَلِلْخَيْرِ شَرًّا، الْجَاعِلِينَ الظَّلاَمَ نُورًا وَالنُّورَ ظَلاَمًا، الْجَاعِلِينَ الْمُرَّ حُلْوًا وَالْحُلْوَ مُرًّا."
هم يخلطون الحق بالباطل، والخير بالشر والنور بالظلمة، ويعطون الخطية مسحة الفضيلة. وغايتهم في التحريف محبتهم للخطية.
آية (21):- "وَيْلٌ لِلْحُكَمَاءِ فِي أَعْيُنِ أَنْفُسِهِمْ، وَالْفُهَمَاءِ عِنْدَ ذَوَاتِهِمْ."
الذي انشغل بذاته لا يشاور الآخرين (أم 26:12).
آيات (22، 23):- "وَيْلٌ لِلأَبْطَالِ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ، وَلِذَوِي الْقُدْرَةِ عَلَى مَزْجِ الْمُسْكِرِ. الَّذِينَ يُبَرِّرُونَ الشِّرِّيرَ مِنْ أَجْلِ الرُّشْوَةِ، وَأَمَّا حَقُّ الصِّدِّيقِينَ فَيَنْزِعُونَهُ مِنْهُمْ."
سماهم النبي هنا أبطالًا كسخرية (لِلأَبْطَالِ). وهنا يتكلم عن القضاة ويتهكم عليهم بأنهم ذوي قدرة في مزج المسكر، فهذا ليس عملهم بل عملهم إعطاء الحق وإنصاف المظلوم، لكنهم تركوا هذا لأجل الرشوة.
آية (24):- "لِذلِكَ كَمَا يَأْكُلُ لَهِيبُ النَّارِ الْقَشَّ، وَيَهْبِطُ الْحَشِيشُ الْمُلْتَهِبُ، يَكُونُ أَصْلُهُمْ كَالْعُفُونَةِ، وَيَصْعَدُ زَهْرُهُمْ كَالْغُبَارِ، لأَنَّهُمْ رَذَلُوا شَرِيعَةَ رَبِّ الْجُنُودِ، وَاسْتَهَانُوا بِكَلاَمِ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ."
الله شبههم بكرمة (الآية7) أعطاها كل الإمكانيات لتعطي أجود الثمر، ونراهم هنا في أسفل درجات الانحراف رَذَلُوا شَرِيعَةَ رَبِّ الْجُنُودِ، وَاسْتَهَانُوا بِكَلاَمِ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ. والله هدد بأنه سيترك هذه الكرمة للخراب (الآية6). في كبريائهم ظنوا أنفسهم شيئاً عظيماً ولكن نراهم هنا هم مجرد قش يأكله لهيب نار غضب الله (كَمَا يَأْكُلُ لَهِيبُ النَّارِ الْقَشَّ):-
يَكُونُ أَصْلُهُمْ كَالْعُفُونَةِ = الله سيجفف جذور هذه الكرمة فتموت وتتعفن. والجذور تأتي بالماء من عمق التربة، وروحيًّا هذا يعني حرمان هؤلاء من عمل الروح القدس فيهم. فالماء يشير للروح القدس. وحين لا يعمل فيهم الروح القدس يصير أصلهم كالعفونة.
وَيَصْعَدُ زَهْرُهُمْ كَالْغُبَارِ = حين تموت جذور الكرمة لا يصل للكرمة غذاءها فتجف ويحمل الريح زهرها الذي جف كالغبار. وهذا يشير إلى شكل هؤلاء الرؤساء أمام الناس وقد ضاعت كرامتهم وهيبتهم. في الآية السابقة كان يتكلم عن قضاة، كان لهم إحترامهم وهيبتهم أمام الناس. وبسبب شرورهم فقدوا كل شيء.
أصبحوا بسبب خطيتهم ذوي عفونة من الداخل، واحترقوا من الخارج بنار الأشوريين وغيرهم فالهلاك كان من الداخل ومن الخارج، لأن العفونة التي في الداخل أيضًا سببت الشقاق والفساد داخلهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهم هنا مشبهون بالقش والحشيش في الخسة والضعف ولذلك يقعون في يد الله ويحترقون ويصير مجدهم أي زهرهم كغبار.
آية (25):- "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ حَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى شَعْبِهِ، وَمَدَّ يَدَهُ عَلَيْهِ وَضَرَبَهُ، حَتَّى ارْتَعَدَتِ الْجِبَالُ وَصَارَتْ جُثَثُهُمْ كَالزِّبْلِ فِي الأَزِقَّةِ. مَعَ كُلِّ هذَا لَمْ يَرْتَدَّ غَضَبُهُ، بَلْ يَدُهُ مَمْدُودَةٌ بَعْدُ."
الله هو الذي يجازي، والحروب والمجاعات وقيام الممالك وسقوطها هي من عند الله. حَتَّى ارْتَعَدَتِ الْجِبَالُ = هؤلاء المتكبرين الذين هم من الحكام والقضاة والأغنياء، حينما تأتي الضربات سيرتعبوا. ممدودة بعد = أي أن هناك مزيد من الخراب سيأتي.
الآيات (26- 30):- "فَيَرْفَعُ رَايَةً لِلأُمَمِ مِنْ بَعِيدٍ، وَيَصْفِرُ لَهُمْ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ، فَإِذَا هُمْ بِالْعَجَلَةِ يَأْتُونَ سَرِيعًا. لَيْسَ فِيهِمْ رَازِحٌ وَلاَ عَاثِرٌ. لاَ يَنْعَسُونَ وَلاَ يَنَامُونَ، وَلاَ تَنْحَلُّ حُزُمُ أَحْقَائِهِمْ، وَلاَ تَنْقَطِعُ سُيُورُ أَحْذِيَتِهِم. الَّذِينَ سِهَامُهُمْ مَسْنُونَةٌ، وَجَمِيعُ قِسِيِّهِمْ مَمْدُودَةٌ. حَوَافِرُ خَيْلِهِمْ تُحْسَبُ كَالصَّوَّانِ، وَبَكَرَاتُهُمْ كَالزَّوْبَعَةِ. لَهُمْ زَمْجَرَةٌ كَاللَّبْوَةِ، وَيُزَمْجِرُونَ كَالشِّبْلِ، وَيَهِرُّونَ وَيُمْسِكُونَ الْفَرِيسَةَ وَيَسْتَخْلِصُونَهَا وَلاَ مُنْقِذَ. يَهِرُّونَ عَلَيْهِمْ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ كَهَدِيرِ الْبَحْرِ. فَإِنْ نُظِرَ إِلَى الأَرْضِ فَهُوَذَا ظَلاَمُ الضِّيقِ، وَالنُّورُ قَدْ أَظْلَمَ بِسُحُبِهَا."
هذا وصف للغزو الأشوري وهو رمز لغزو إبليس للنفس الخاطئة (قارن مع قول السيد المسيح عن الروح الشرير أنه إذا ترك مكانًا وعاد ووجده مكنوسًا مزينًا يعود ومعه 7 شياطين آخر أشر منه).
يرفع راية = أي يدعو الجيش للحرب. يصفر = ليجمعهم. يأتون سريعًا = للسلب والظلام = ظلام الضيق الذي يصيب النفس في داخلها. وقد سبا جيش أشور فعلًا من يهوذا حوالي 200000 رازح = متعب. فلا متعب في جيش أشور بالرغم من طول المسافة فهم في منتهَى النشاط طمعًا في الغنيمة ولاحظ كسل أولاد الله مع أن لهم وعود بغنائم سماوية ولهم أسلحة روحية. ولاحظ أن قوة جيش أشور ليست راجعة لمملكة أو ملك أشور، بل لأن أشور هي أداة تأديب للشعب اليهودي، والله أعدها جيدًا.
فَيَرْفَعُ رَايَةً لِلأُمَمِ مِنْ بَعِيدٍ، وَيَصْفِرُ لَهُمْ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ = لاحظ أن جيش أشور لا يتحرك من نفسه بل الله هو الذي يأمره = يَصْفِر لهم = الله هو الذي أصدر الأمر لجيش أشور وليس ملك أشور، وذلك لقتال شعبه، وذلك لتأديب شعبه لأن [مَنْ يحبه الرب يؤدبه] (عب6:12). إذًا الله هو ضابط الكل، نحن في يد الله وليس في يد إنسان، صديق كان أم عدو.
← تفاسير أصحاحات إشعياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إشعياء 6 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إشعياء 4 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hcz5wp9