في (1 كو 5)(1) يتعرَّض القديس بولس الرسول لِمَا سمعه عن كورنثوس بوجود زِنى حولهم (1 كو 5: 1)، وخاصة أحد الأشخاص الخطاة الذي ارتبط بعلاقة آثمة مع امرأة أبيه. ولم نسمع لومًا من بولس الرسول لامرأة الأب هذه، وهذا يجعلنا نظن أنها في الأغلب كانت غير مؤمنة(2). يظهر أيضًا من الكلام أن هذا الخاطئ كان ذا مرتبة مرتفعة أو ذا بلاغة في الكلام، لدرجة جعلت مَنْ حوله يتغاضون عن الأمر، ولم يعترضوا عليه (1 كو 5: 2)! ويحذر الرسول من أن "خَمِيرَةً صَغِيرَةً تُخَمِّرُ الْعَجِينَ كُلَّهُ" (1 كو 5: 6)، أي أن الفساد قد يتفشَّى عندما يُترك الأمر بلا تنبيه أو أخذ أي إجراءات حاسمة.
وهنا ينبِّه الرسول المؤمنين بخطورة هذه الخطية وغيرها، وعدم مُخالطة الخطاة المستهترين الذين يستمرون بدون توبة في حياتهم (1 كو 5: 9، 11، 13).
ويأتي القرار بالحِرمان (الفَرْز): "أَنْ يُسَلَّمَ مِثْلُ هذَا لِلشَّيْطَانِ لِهَلاَكِ الْجَسَدِ، لِكَيْ تَخْلُصَ الرُّوحُ فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ" (1 كو 5: 5). وهذا يعني أنه بعدما يتم البُعد عنه وَعَزلهُ من شركة الكنيسة (جماعة المؤمنين) والتوقف عن الحضور في الصلوات الجماعية والتناول من الأسرار المقدسة، يقع هذا في حالة اكتئاب ومرارة نفس تتسبَّب في ضعف جسده، ويبدأ في التوبة والعودة إلى الله، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. وعندما يَقِف الإنسان أمام نفسه بدون تشتيتات مَنْ حوله، ويبدأ في النظر إلى حقيقة ما وصل إليه، هنا ينهار عندما يرى بشاعة الخطية وما آلت إليه. وقد يقع فريسة لضربات إبليس بسبب بُعده عن الله، ومنها الضربات الجسدية من أمراض ووهن وغيره.
ونرى هنا أهمية عدم التهاون مع الاستهتار في الخطية، فالذي يقع في خطأ ويحاول التوبة والعودة إلى الله هو مقبول من الجميع.. ولكن الذي يستهتر بالأمر، بل ويتفاخَر به، ليس له مكان وسط الجماعة، لأنه قد يؤثِّر على الآخرين بفساده. ويجب قطعه من الجماعة إلى أن يتوب.
وبعد هذه الأحداث بفترة (2 كو 2: 5-11) نرى كيف تأثَّر هذا الخاطئ كثيرًا ووقع في حزن شديد بسبب عِظَم خطيته، وهنا عندما لاحَظ الرسول بولس بدء التغيير في حياته، والتوبة والتوقف عن خطيته، سرعان ما تدخَّل مرة أخرى في الأمر "لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ مِثْلُ هذَا مِنَ الْحُزْنِ الْمُفْرِطِ" (2 كو 2: 7). فهذا الحُزن الرديء بدون أمل قد يوقِع الشخص في اليأس مثلما حدث مع يهوذا وانتحر. ويوصي الرسول الآخرين أن يُسَامِحُونَهُ بِالْحَرِيِّ وَيُعَزُّونَهُ ويُمَكِّنُوا لَهُ الْمَحَبَّةَ (2 كو 2: 7، 8).
تُظْهِر هذه القصة عدة أمور: الشجاعة في مواجهة الخطأ - سلطان الكنيسة (سلطان الحِل والربط) - عدم التهاون مع أي شخص مُخْطِئ حتى إن كان ذا مرتبة عُليا - تنبيه الآخرين وتحذيرهم - عدم التشبُّث بالاستمرار في العقاب بعدما يتوب الشخص - المناداة بالتوبة - عمل التوبة المُفْرِح - الرجاء - الخلاص.
_____
(1) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت www.st-takla.org (م. غ.) - مراجعة لغوية: سامي فانوس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/phqrn2t