St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   10-Resalet-Afasos
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

الرسالة إلى أهل أفسس 2 - تفسير رسالة أفسس

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس:
تفسير رسالة أفسس: مقدمة رسالة أفسس | الرسالة إلى أهل أفسس 1 | الرسالة إلى أهل أفسس 2 | الرسالة إلى أهل أفسس 3 | الرسالة إلى أهل أفسس 4 | الرسالة إلى أهل أفسس 5 | الرسالة إلى أهل أفسس 6

نص رسالة أفسس: الرسالة إلى أهل أفسس 1 | الرسالة إلى أهل أفسس 2 | الرسالة إلى أهل أفسس 3 | الرسالة إلى أهل أفسس 4 | الرسالة إلى أهل أفسس 5 | الرسالة إلى أهل أفسس 6 | الرسالة إلى أهل أفسس كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نرى في هذا الإصحاح كيف أن المسيح بصليبه وَحَّدَ السمائيين والأرضيين وصار رأسًا لكليهما (أف10:1) نرى الصلح الذي تم بين السماء والأرض بالصليب، ونرى الصلح الذي تم بين اليهود والأمم، وكيف جعلهما المسيح واحدًا. راجع آيات 16،14. إذًا تم الصلح بين الله والناس وبين الناس والناس.

نرى في هذا الإصحاح الصليب بخشبتيه الرأسية والأفقية:

الرأسية تشير لوحدتنا مع المسيح، نقوم معه ونجلس معه في السماويات آية 6.

والأفقية تشير لوحدتنا مع إخوتنا وكيف يصير الاثنين واحدًا آية 14.

الرأسية نرى فيها مصالحتنا مع الله آية 16.

والأفقية نرى فيها مصالحتنا مع إخوتنا (اليهود والأمم كمثال) في المسيح آيات 16،15 هذه الوحدة مع المسيح وهذا التصالح الذي تم بالصليب، أدى لأن يملأ المسيح الكل في الكل (أف 23:1).

 

آية 1: وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا.

هنا يصور الأمم في خطاياهم، أنهم في حالة موت، موت روحي بسبب الخطية أي منفصل عن حياة الله (كالابن الضال كان ميتًا وهو منفصل عن أبيه) (لو32:15). وفي (آيات 5،3) يضع اليهود ونفسه أيضًا تحت الحكم، فالكل أغلق عليه في الموت في انتظار المسيح الذي سيحيي الجميع. وهذه الآية نجد الرد عليها في (آية 5) "أحيانا مع المسيح" وكانت حالة الموت هذه حالة عبودية كاملة للشيطان وفساد كامل لجسدنا، إذ كنا نتمم شهواتنا. وقبل المسيح كان الكل في حالة موت، بل لا يعرفون معنى الحياة في الله وعلامتها الأعمال الحية (فالأعمال الحية الصالحة علامة الحياة مع الله).

وبعد المسيح، حقًا نحن نموت ولكن ليس بمعنى الانفصال عن الله، ولكن كنوم أو رقاد، وهذا ما قاله السيد المسيح "لعازر.. نام"، " الفتاة نائمة" (يو11:11) + (مت24:9). والنوم يعقبه استيقاظ، لذلك نسمي الموت حاليًا "رقاد"، فهناك قيامة.

الخطية: هي حالة الطبيعة البشرية الساقطة للكل، يهودًا وأممًا، هي حالة عداوة مع الله، هذه الطبيعة الخاطئة ورثناها من آدم. الذنوب = هي حالة التعدي والسقوط بالإرادة نتيجة الطبيعة الساقطة. والمسيح مات ليشفيني من كليهما:

1. طبيعتي الفاسدة الساقطة.

2. لغفران خطاياي التي أسقط فيها الآن.

 

آية 2: الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلًا حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ.

من لا يسلك بحسب الله منقادًا لنعمته فهو حتمًا سالك تحت تسلط القوى الشريرة المضادة لله ويقسمها بولس هنا إلى:

1. العالم.

2. رئيس سلطان الهواء.

3. روح العصيان الذي في الناس.

سلكتم فيها قبلًا: شعب أفسس تسلطت عليه هذه القوى الشريرة فسلك في الخطايا والذنوب قبل أن يؤمنوا بالمسيح. ولكن بعد إيمانهم بالمسيح تغيرت أحوالهم، فالنعمة تعطي سلطانًا على الخطية، فلا تعود تستعبد المؤمن (رو14:6) وللأسف فما زال بعض المؤمنين مستعبدين للخطية وفي حالة فساد وموت.

حسب دهر هذا العالم: الأصل يعني سلسلة من أجيال الزمن، فيها كل جيل يتلو جيل آخر، أي هذه القصة تتكرر من أيام آدم للآن، أي على مر الدهور، إن الفساد الذي في العالم كان يفرض سلطته على البشر. وما الذي في العالم؟ قوانين العالم قد ترغم الناس على إنكار المسيح كما حدث أيام اضطهاد الدولة الرومانية للمسيحيين. والضغوط الاقتصادية قد تدفع الإنسان للسرقة، والإباحية التي في العالم قد تدعو الإنسان للخطية، والمبادئ الفلسفية الإلحادية قد تدعو لإنكار الله.. إلخ. لكن من هو ثابت في المسيح لا يمكن أن تسود عليه هذه الضغوط، ولن يسقط ولن يفسد. أمَّا مَنْ انفصل عن المسيح بإرادته وصار ليس ثابتًا في المسيح فسيسقط ويفسد، كعضو من جسد الإنسان تم قطعه (إصبع مثلًا) فهو لا بُد وسيفسد خلال ساعات فالدم لا يسري فيه.

رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ: تعبير عن الشيطان وجنوده الذي بعد أن كان في السماء كالملائكة هبط إلى الأرض. وقوله إنه رئيس سلطان الهواء قد يعني أن الشيطان تأثيره كالهواء، يلمس كل إنسان تأثيره ولكن لا يراه أحد، ولا يدرى مصدره أحد. هو قوة تتخلل الوجود وتنتشر فيه وتؤثر فيه وهي غير مرئية، ولكن يعمل ويؤثر في أبناء المعصية. وقد تعني كما كان اليهود يتصورون أن الهواء هو مسكن للشياطين. وإبليس وجنوده في الهواء المحيط بنا يحاولون منعنا من الوصول لله (ولكن نحن بالصلاة باسم يسوع المسيح وبالإيمان نغلب قوات الشر فلا تستطيع أن تعوقنا عن الوصول لله). واليهود فهموا هذا من (تك6:1-8). إذ حين تَكَوَّنَ الهواء في اليوم الثاني للخليقة، كان هذا اليوم هو اليوم الوحيد الذي لم يُذكر فيه هذه العبارة المتكررة "ورأى الله.. أنه حسن" كما تكررت في بقية الأيام، فقالوا إن الشيطان اتخذ الهواء مسكنًا له، بعد أن سقط من السماء. وبقول بولس هذا اعتمد فكرة اليهود. وكان اليهود يقولون إن الشيطان يوجد في 3 أماكن:

1. الهواء حيث تنطلق نفس الإنسان بعد موته.

2. المياه حيث يخاف الإنسان الغرق.

3. البرية القاحلة حيث يهلك الإنسان لعدم وجود ماء.

ولكي يؤكد الله كمال نصرة المسيح على الشيطان فلقد:

1. صُلِبَ في الهواء معلقًا على الصليب ليهزمه في عرينه، وقيل إننا سنخطف جميعًا في السحب لملاقاة الرب في الهواء (1تس17:4). وبهذا ما عاد للشيطان سلطان على النفس المنتقلة، فالمسيح بصليبه طَهَّرَ الهواء كما يقول القديس أثناسيوس.

2. لم يَعُدْ الماء الآن مخيفًا بل نحن نولد من الماء والروح في المعمودية.

3. أمّا بالنسبة للبرية فقد هزم المسيح إبليس في البرية، وأصبحت البرية أماكن الرهبان القديسين كبرية شيهيت.

الْمَعْصِيَةِ: المعصية هي خطية الشيطان نفسه وما زال يعمل فيمن يتبعه بأن يجعله عاصيًا مثله. روح إبليس المتمردة ما زالت تعمل في بعض الناس. وكل من لا يؤمن بالمسيح حتى الآن فهو خاضع لسلطان الشر وابنًا للمعصية وميت روحيًا. وإبليس يجد مكانًا في أبناء المعصية أمَّا أبناء الطاعة فلا يقدر عليهم. وطبيعة المعصية هذه نرثها من آدم "بالخطية ولدتني أمي". والمعصية هي أن أعمل ما أريده أنا وليس ما يريده الله. ولكن في المعمودية تموت الطبيعة القديمة ويولد إنسانًا جديدًا.

 

آية 3: الَّذِينَ نَحْنُ أَيْضًا جَمِيعًا تَصَرَّفْنَا قَبْلًا بَيْنَهُمْ فِي شَهَوَاتِ جَسَدِنَا، عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَارِ، وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضًا.

هنا يضع الرسول اليهود ومنهم هو نفسه مع الأمم تحت قائمة الخطاة المحتاجين لعمل المسيح. أبناء غضب: حركنا غضب الله بتصرفاتنا. في شهوات جسدنا الذي كان بالطبيعة ساقط وعاصي وشهواني ولم يستطع حتى الناموس أن يسيطر على هذه الشهوات.

نحن.. كنا: يقصد نفسه ومعه اليهود.

وإبليس يذكّرنا فقط بلذة الخطية ولا يذكّرنا بتبعاتها من حزن وكآبة وألم وفقدان البركة نتيجة غضب الله.

عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَارِ: نرى هنا بولس الرسول يشرح أن الإنسان كان في منتهى التسيب، فكل ما يطرأ على فكره يتحرك له جسده خاضعًا. وهنا نرى أن الفكر أصلًا هو سبب الخطية، لأن الشيطان قوة عقلية شديدة التزييف "كذاب وأبو الكذاب" (يو44:8). وهو يزين للإنسان الخطية التي تتفق مع رغبات ومشيئات الجسد الضعيف. والإنسان إمّا ينفذ = عَامِلِينَ. أو يرفض. ولذلك أعطى الله الروح القدس للإنسان وهو روح الحكمة والفهم والمشورة والحق، لا كناصح فقط بل شريك حياة له القدرة، وهو يعطي قوة تعين على تطهير الحياة (النعمة) فلا يعود للشيطان مدخل في الإنسان، وإن دخل خلسة لا يجد استجابة ولا راحة فيهرب مهزومًا. ولكن من يظل يستجيب لصوت الشيطان رافضًا صوت الروح القدس يحزن الروح القدس ويطفئه.

بالطبيعة: أي الحال الذي وُجدنا فيه "بالخطية ولدتني أمي"، خاضعين لشهواتنا. لذلك كنا أبناء غضب. كان هذا حال الإنسان بدون نعمة المسيح. فبخطية آدم ضعفت كل قوى الإنسان، إرادته وعقله وقوة إدراكه، ولكن ظلت الطبيعة البشرية محتفظة ببعض النور الإلهي الذي يدفعها للإيمان، ومن يؤمن ويعتمد يخرج من طبيعته ويلبس الإنسان الجديد. ونلاحظ أن الجسد ليس شرًا ولكن الشر أن يخضع الجسد للشهوات والأفكار المقاومة، ومن يخضع لشهوات طبيعته يصبح ابنها (يو44:8) + (1يو10،8:3). أمَا من يقاوم من أولاد الله ويحسب نفسه ميتًا عن الشهوة يجد قوة النعمة تعين بل يصبح خليقة جديدة.

 

آيات 5،4: اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ ­بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ­.

الله المملوء رحمة ينقذ الإنسان الغارق في شقاوته وفي الموت يعيش. ومن محبته يقول "أحيانا/ أقامنا / أجلسنا معه في السماويات".

بالنعمة أنتم مخلصون: النعمة هي عطية مجانية، فالله من محبته أعطانا الخلاص والحياة مجانًا، فالمسيح مات عنا ونحن بعد خطاة أي دون أي استحقاق منَّا أي مجانًا. وهكذا حل الروح القدس علينا مجانًا، فمن كان يستحق هذا، وأي عمل عملناه به نستحق أن يحل علينا الروح القدس. كان كل ما أخذناه ليس في مقابل أعمال صالحة عملناها، ولكن أعطى الله ما أعطاه لنا من محبته. ولو كان الله قد أعطى ما أعطاه في مقابل أعمال صالحة فما هي الأعمال الصالحة التي عملها الأمم حتى يعطيهم الله الخلاص. ولكن: بعد أن ندخل الإيمان يجب أن نعمل أعمالًا صالحة حتى تستمر النعمة منسكبة علينا، أمَا من يحيا في استهتار فهو غير مستحق للنعمة.

هنا يجب أن نفرق بين استعمالين لكلمة النعمة:

(1) فداء المسيح وإرساله للروح القدس كان نعمة مجانية ليس في مقابل أعمال.

(2) تغيير طبيعتي من طبيعة الإنسان العتيق الفاسد إلى الإنسان الجديد هذا يكون بعمل النعمة، وهذه النعمة تستوجب أن نجاهد لأجلها.

بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ:

1. كيف نخلص؟ نحن لنا خلقتين: الأولى كأولاد لآدم، والثانية هي الخليقة الجديدة في المسيح. بالأولى نموت، وبالثانية نخلص كقول الرسول "لأنه في المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئًا ولا الغرلة بل الخليقة الجديدة" (غل15:6). إذًا الخلاص هو بالخليقة الجديدة.

2. كيف نحصل على الخليقة الجديدة؟ في المسيح يسوع كقول الرسول: "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو17:5).

3. كيف نصير في المسيح يسوع؟ ذلك بأن نتحد بالمسيح وذلك كقول الرسول "كل مَنْ اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته. فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضًا في جدة الحياة. لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضًا بقيامته" (رو3:6-5) إذًا بالمعمودية نتحد بالمسيح. ومن هنا نفهم أن هناك نعمة مجانية يعطيها الله لنا، لكن هناك ما يُسَمَّى "استحقاق النعمة". فهناك شرط لنستفيد من دم المسيح ألا وهو المعمودية مثلا، وبالإفخارستيا يستمر الثبات. وبالجهاد حتى لا نُرفض ثانية (1كو9: 27). لذلك قال أباء الكنيسة أن النعمة هي عطية مجانية ولكنها لا تُعْطَى إلا لمن يستحقها.

4. هل يظل المُعمَّد متحدًا بالمسيح مهما فعل؟ قطعًا لا.. وإلاّ ما كان السيد المسيح يوصينا "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم". فما يفصلنا عن المسيح هو الخطية كقول الرسول "أية خلطة للبر والإثم، وأية شركة للنور مع الظلمة، وأي اتفاق للمسيح مع بليعال" (2كو15،14:6).

5. وهل لو أخطأ المؤمن تنتهي علاقته مع المسيح؟ قطعًا لا، فكما يقول الرسول: " دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية.. إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم" (1يو7:1-9). فالمقصود أن يحيا المؤمن بسلوك جديد يتناسب مع الحياة الجديدة التي نالها في المسيح يسوع (رو4:6). "وإن أخطأ فالتوبة والاعتراف يمحوان خطيته"، أي على المؤمن أن يحيا حياة التوبة وأن يجاهد عمره كله.

6. ما معنى الجهاد؟ هناك نوعان:

(أ‌) جهاد سلبي: يقول عنه الرسول "احسبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطية" (رو11:6)+ "أميتوا أعضاءكم التي على الأرض الزنا.." (كو5:3).

(ب‌) جهاد إيجابي: كالصوم والصلاة التي قال عنها الرسول "صلوا بلا انقطاع" (1تس17:5). والسيد يوصي "إلى الآن لم تطلبوا شيئًا باسمي. اطلبوا تأخذوا" (يو24:16). ويقول السيد "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئًا" (يو5:15). إذًا فالسيد يعلمنا أن نصلي وأن نطلب.

7. ماذا نطلب في الصلاة؟ أهم ما نطلبه هو الروح القدس (لو13:11).

وما أهمية أن نطلب الروح القدس؟ هو الذي يعيننا (رو26:8) + "إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون" (رو13:8). الله مصدر لا نهائي للنعمة والبركة وبالصلاة أستمد المعونة من هذا المصدر اللانهائي.

8. وما هو نصيب المؤمن الذي لا يجاهد ويرتد؟ فلنسمع قول بولس الرسول عن مثل هذا المرتد "ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر" (2تى10:4) ومصير المرتدين هو الهلاك كما يقول الرسول "لأن كثيرون يسيرون ممن كنت أذكرهم لكم مرارًا والآن أذكرهم أيضًا باكيًا وهم أعداء صليب المسيح الذين نهايتهم الهلاك الذين إلههم بطنهم.. الذين يفتكرون في الأرضيات" (فى19،18:3).

9. أما المؤمن فجهاده أن تكون سيرته في السموات أي حياته سماوية (فى20:3).

10. وهذا معنى قول السيد المسيح "من وجد حياته يضيعها ومن أضاع حياته من أجلي يجدها" (مت39:10).

 

آية 6: وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.

قارن هذه الآية بما قاله في 20:1 فنرى أن ما حدث للمسيح هو ما سوف يحدث لنا، فهو قام وجلس عن يمين الآب لحساب البشر. كل ما عمله المسيح كان لحسابنا.

أقامنا معهُ: لقد متنا مع المسيح وقمنا معهُ (كو12:2+1:3) + (رو3:6-5) بعد أن أكمل العقوبة عنا. والمسيح هو الذي قام بالجسد وجلس في السماء. وكعربون لهذا القيام والجلوس نقوم نحن الآن من موت الخطية ونتذوق عربون الحياة السماوية، هذه هي قيامة النفس، وتتم بالإيمان بالسيد المسيح وخضوع إرادتنا لإرادة الله. ونلاحظ أن هناك قيامتان. الأولى: قيامة من موت الخطية (يو25:5). والقيامة الثانية: هي القيامة من الأموات (يو29،28:5). ومن يقوم القيامة الأولى يكون له نصيب في القيامة الثانية، لأن من يقوم من موت الخطية هو في نظر الله حي، صار يحيا بحياة المسيح الذي اتحد به في المعمودية "المسيح يحيا فيَّ" (غل20:2). وهذا سر الخلاص، "أننا نخلص بحياته" (رو10:5). فبالمعمودية نحصل على حياة المسيح لكنها تظل مستترة فينا (كو3:3). تظهر حين نموت وندفن ثم نقوم بجسد ممجد، مثل بذرة حيَّة حين تدفن في التراب تُخرج شجرة حية، أمَا من يرتد فيكون بذرة أكلها السوس إذا دفنت لا تُخرج شجرة. والخاطئ يكون ميتًا، أما لو قدم توبة يعود للحياة (الابن الضال لو32:15).

أجلسنا معه: نحن لم نجلس في السماويات حتى الآن، بل المسيح وحده الذي جلس في السماويات عن يمين الآب، في مجد لا يوصف. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولكن حين نقول إنه أجلسنا، فالجلوس معناه الراحة مؤقتًا في التعزيات التي يسكبها علينا، فما نحصل عليه الآن هو عربون ما سنحصل عليه في السماء من فرح، فهناك الفرح والمجد الكاملين والمسيح كان باكورة وكان سابق، ونحن سنلحقه بعد القيامة. هو دخل السماء وجلس عن يمين الآب بجسدنا، وهذا معنى أنه ذهب ليعد لنا مكانًا (يو3،2:14). لقد صار لنا ممثل بالجسد في السماء، ولكن هذه الآية لا تعني أننا في السماء الآن أي في عرش المسيح، بل نحن يمكننا أن نحيا في السماويات، فالمسيح أتى لنا بالسماء على الأرض "إذ طأطأ السموات ونزل" (مز18: 9). ولكن حتى نقوم مع المسيح بالقيامة الأولى من موت الخطية، ونجلس في السماويات ونتذوق أفراحها يلزمنا أن نموت معهُ، أي نحسب أنفسنا أمواتًا، ونقدم أنفسنا ذبائح حيَّة "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل20:2)، وبهذا نحيا حياة سماوية في تعفف عن الأرضيات نتذوق فيها عربون الحياة في الدهر الآتي. أما جلوسنا في السماويات في الدهر الآتي فتم التعبير عنه بجلوسنا في عرشه (رؤ21:3). وأجلسنا بمعنى الدهر الآتي جاءت بصورة الفعل الماضي، كما كان يفعل الأنبياء حين يتكلمون بصيغة الماضي عن أشياء ستحدث في المستقبل، وذلك كتأكيد، أي أن ما يقولونه محقق كأنه حدث. فكلام الله لا يسقط أبدًا، والمسيح أتم كل العمل.

ولكن بالنسبة لحياتنا في السماويات ونحن على الأرض فهي بحسب جهادنا. وفيها نرتقي يومًا بعد يوم بحسب جهادنا وطلبنا للسماويات وبعدنا وزهدنا في الأرضيات.

 

آية 7: لِيُظْهِرَ فِي الدُّهُورِ الآتِيَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ، بِاللُّطْفِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.

حين نحصل على الجسد المُمجد، على صورة جسد مجد المسيح (فى21:3 + 1يو2:3).

ليُظْهِرْ: حين نحصل على الجسد المُمجد في السماء سيظهر لنا مدى رحمة الله ومحبته ونعمته تجاه الكنيسة، حين يشركنا معه في مجده الإلهي الفائق. ولكن كل هذا المجد لن يحصل عليه إلاّ من كان ثابتًا في المسيح الآن = في المسيح يسوع. فلا قيامة ولا صعود للسماء ولا مجد إن لم نكن في المسيح يسوع وقد تذوقنا عربون السماء الآن ونحن على الأرض. فمن هو ثابت في المسيح فهو يحيا السماويات فالمسيح سماوي.

غنى نعمته الفائق: الفائق أي يفوق كل فكر وكل تصور.

باللطف: إشارة لمنتهى رقة الله وعذوبته في عطاياه، فلنسبحه ونمجده.

 

قصة طريفة: دَخَلَت إلى أحد الأماكن التي كان يوجد بها أحد المؤمنين المسيحيين، امرأة تقول أنها تعرف المستقبل، وأصرت على أن تكشف المستقبل بطريقتها لهذا المسيحي فرفض وأشار لها على هذه الآيات السابقة:

(أف 3:2)

   

وقال لها هذا هو الماضي بالنسبة لي.

(أف 4:2-6)

   

وقال لها هذا هو الحاضر الذي أحياه.

(أف 7:2)

   

وقال لها وهذا هو المستقبل الذي أرجوه.

ففزعت المرأة حين سمعت ورأت كلام الكتاب المقدس.

 

آيات 9،8: لأَنَّكُمْ بِالنِّعْمَةِ مُخَلَّصُونَ، بِالإِيمَانِ، وَذلِكَ لَيْسَ مِنْكُمْ. هُوَ عَطِيَّةُ اللهِ. لَيْسَ مِنْ أَعْمَال كَيْلاَ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ.

لأنكم بالنعمة مخلصون: راجع تفسير (أف2: 5). وراجع مقدمة رسالة رومية عن هذه الآية.

St-Takla.org Image: Two Ox with yoke for the Plough صورة في موقع الأنبا تكلا: ثوران (ثور) موضوع عليهم النير، للمحراث

St-Takla.org Image: Two Ox with yoke for the Plough

صورة في موقع الأنبا تكلا: ثوران (ثور) موضوع عليهم النير، للمحراث

وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد: كل من يفتخر بأعماله أو بحياته الجديدة ينسى أن الله هو الذي قدم كل شيء هو الذي صنع الفداء دون أن نستحق، وهو الذي أرسل لنا الروح القدس المعين. وهو الذي يعطينا الإرادة الصالحة. إذًا الفداء وإرسال الروح القدس، هذا ما يسمى النعمة التي نلناها دون جهاد أو أعمال. أخذناها مجانًا ودون استحقاق. لكن نحن يجب أن نجاهد أي نغصب أنفسنا على عمل البر، كما قال السيد المسيح إن ملكوت السموات يغصب (مت 11: 12) ولكننا لا نتغير إلى الخليقة الجديدة بأعمالنا فقط بل النعمة تساندنا، وهي التي تغيرنا لنصير طبيعة جديدة. فالأعمال ليست هي التي تخلصنا بل النعمة التي تغير طبيعتنا فنصير خليقة جديدة. إذًا هناك نعمة حصلنا عليها دون استحقاق، لكن حتى يبدأ عمل النعمة في تغيير طبيعتنا علينا أن نجاهد. وهذا ما قاله الآباء إن النعمة هي عطية مجانية ولكنها لا تعطى إلا لِمَنْ يستحقها. والرسول هنا لم يقل "بالنعمة أنتم مخلصون...ليس من أعمال" وسكت. لكنه ينبه أن لا نفتخر إن عملنا فنسقط في الكبرياء ونهلك، وهذا ما سقط فيه اليهود. قول الرسول هنا يشبه قول السيد "فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك (الافتخار بالعمل والبر الذي صنعت) ما تفعل يمينك (البر الذي صنعته)" (مت3:6). بالإيمان: حتى الإيمان هو هبة من الله، وكل دورنا أننا إمَا نقبله أو نرفضه. والإيمان هو المدخل، فكل ما نحصل عليه من نعمة، الوسيلة الوحيدة لحصولنا عليه هو الإيمان، والإيمان هو الثقة في شخص المسيح والثبات فيه. وهناك إيمان ميت (يع 2) هو أن أقول أنا أؤمن بالمسيح ولا أعمل أي أرفض تنفيذ الوصية، وبهذا لن أكتشف مفاعيل النعمة. وهناك إيمان حي أن أغصب نفسي على العمل الصالح فأجد النعمة تساندني، والتغصب هو تعليم المسيح (مت 11: 12). وهذا التغصب هو ما نسميه جهاد. ومن يغصب نفسه سيكتشف أن الوصية ليست صعبة. فالمسيح يحمل معي وهذا ما نسميه عمل النعمة، وهذا معنى قول المسيح "احملوا نيري فهو هين وحملي خفيف".

ليس من أعمال: ولاحظ أنه يقول "كيلا يفتخر أحد" ولم يقل كيلا يعمل أحد. فلا بُد أن نعمل ونجاهد، ولكن دون أن نفتخر وإلاّ سقطنا في الكبرياء. علينا أن ننسب كل عمل صالح لله فهو مصدر كل عمل صالح (يع17:1). ولكن لا بُد أن نعمل فالنعمة لا تنسكب على إنسان متكاسل لا يريد أن يعمل. ولاحظ الرسول بولس نفسه حين يقول "لا أنا بل نعمة الله التي معي"، فهذا لأنه قال قبلها" أنا تعبت أكثر منهم جميعهم" (1كو 10:15). فالنعمة تطلب ما هو من جانبنا، فالمسيح لم يحوِّل الماء إلى خمر إلّا بعد أن جاهد الناس في ملء الأجران. وأطعم الجموع ليس من فراغ بل من خمس خبزات وسمكتين كانت هي كل ما هو مع الشعب. وفي مثال الوزنات عاقب السيد صاحب الوزنة الواحدة لأنه لم يعمل ولم يتاجر ويربح.

بل إنه في آية 10 يقول إن الله خلقنا لأجل أعمال صالحة. إذن علينا أن نعمل أعمالًا صالحة ولا نكون كسالى. ولكن مع ما قلناه من أهمية الأعمال، فعلى من يعمل ألا يظن أنه مستحق بهذا للخلاص : ذلك ليس منكم: أي الخلاص ليس منا بل هو عطية ونعمة من الله. لأنكم بالنعمة مخلصون: مخلصون وردت في صيغة الماضي الذي ما زال مستمرًا، فالمسيح بدأ خلاصنا في الماضي، كما أنه ما زال يخلصنا في الحاضر. هو يخلصنا يومًا فيومًا وسيتمم خلاصنا في المستقبل.

 

قصة لشرح معنى الآية:

رجلين واقفين بجانب شاطئ بحر (رجل أ) و(رجل ب) وهو رجل ضعيف الجسم. وفي البحر رجل ثقيل الوزن جدًا. و(رجل أ) يطلب من (رجل ب) أن ينزل ليحمل الرجل الثقيل الوزن الذي في الماء. وكان (رجل ب) يجهل قانون دفع الماء. و(رجل أ) يقول له ثِق أنك ستقدر أن تحمله فهناك قوة ستساعدك. هنا نحن أمام موقفين لــ (الرجل ب):-

يقول (الرجل ب) أنا أثق فيك يا (رجل أ) لكن الرجل الذي في الماء ثقيل جدًا فلن أقدر على حمله ورفض النزول.

ينزل الـ(رجل ب) إلى الماء لأنه يثق في الـ(رجل أ) فيحمل الرجل ثقيل الوزن بسهولة، فقوة دفع الماء تساعده.

فماذا لو خرج الـ(رجل ب) الذي حمل الرجل ثقيل الوزن وتفاخر بقوته، هنا يسخر منه كل من يفهم قواعد قانون قوة دفع الماء.

رجل أ = الله. رجل ب = الإنسان الضعيف. الرجل ثقيل الوزن = الوصية (أع15: 10). قوة دفع الماء = النعمة. الثقة في رجل أ = الإيمان. من رفض النزول مع أنه يثق في (رجل ا) = الإيمان الميت. من قبل ونزل وحمل الرجل الثقيل الوزن = الإيمان الحي . من إفتخر = الكبرياء التي هي بداية السقوط، هذا نسب عمل الله لنفسه. والأعمال المطلوبة مني هي أن أغصب نفسي على تنفيذ الوصية فسأجد أنها سهلة فالمسيح يحملها عني فالنعمة هي قوة خفية تساندني كما أن قوة دفع الماء قوة خفية ساعدت في حمل الرجل الثقيل الوزن. وهذا معنى قول الرب "احملوا نيري فهو هين" وقوله أيضًا "بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئا". وبنفس المعنى يقول بولس الرسول "لنطرح كل ثقل، والخطية المحيطة بنا بسهولة" (عب12: 1).

الخلاصة: الخلاص هو عطية من الله مجانية، والأعمال التي يتكلم عنها هي أعمال ما قبل الإيمان، سواء كانت أعمال ناموسية أو أعمال بر ذاتي. أما بعد الإيمان فيجب أن نعمل أعمال صالحة لنستحق انسكاب النعمة علينا. ولاحظ قول الرسول بولس "نحن عاملان مع الله" (1كو 9:3).

 

آية 10: لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَال صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا.

لأننا نحن عمله =هذه عن الخلقة الأولى. الله خلقنا في البدء حين وُلِدنا من أبوينا.

مخلوقين في المسيح يسوع = هذه عن الخلقة الثانية. حين وُلِدنا من الماء والروح في المعمودية (2كو18،17:5). وخلقتنا الثانية أعظم، فالأولى كان الله يقول كُنْ فيكون، أمَا الثانية فاستلزمت الصليب: مخلوقين في المسيح يسوع. وهنا فالرسول يؤكد أهمية الأعمال الصالحة. فالتعليم بأن الإيمان فقط يخلص، قد يدفع للكسل ثم الفساد الخلقي ثم الإباحية، حقًا في المسيح يسوع أي من هو في المسيح يسوع، تكون طبيعته الجديدة قادرة أن تعمل أعمالًا صالحة. ولكن كيف نكون في المسيح يسوع، ذلك بأن نغصب أنفسنا على فعل الخير (مت12:11). فملكوت السموات يغصب، لذلك علينا أن نجاهد. بل أن الله قبل أن يخلقنا أعدَّ لنا الأعمال الصالحة التي يريد منّا أن نعملها والتي خلقنا حتى نتممها. فلنصلي دائمًا "ما العمل الذي تريدني أن أخدمك به يا رب" ولأحرص على أن أقدم خدمات دائمًا، وأن تكون أعمالي لمجد اسم الله، ولأغصب نفسي على فعل الخير دائمًا. وطالما نحن في المسيح فنحن نعمل الأعمال به (فى13:2) + (يو5:15). والأعمال الصالحة هي مثل خدمة الإنجيل وخدمة المحتاجين والشهادة للمسيح وهي المحبة الباذلة وترك محبة العالم بل أن نُصْلَبْ للعالم. ومن يغصب نفسه ويجاهد يعطيه الله طبيعة جديدة يستطيع بها أن يتمم هذه الأعمال بالمسيح الذي فيه، وبدون تغصب، بل سيجد فرحًا في عمله هذا [فما يبدأ بالتغصب (جهاد) ينتهي بالفرح (نعمة)]. وفي النهاية نجلس في السماويات معه.

 

آية 11: لِذلِكَ اذْكُرُوا أَنَّكُمْ أَنْتُمُ الأُمَمُ قَبْلًا فِي الْجَسَدِ، الْمَدْعُوِّينَ غُرْلَةً مِنَ الْمَدْعُوِّ خِتَانًا مَصْنُوعًا بِالْيَدِ فِي الْجَسَدِ.

كان اليهود يحتقرون الأمم ويسمونهم كلابًا، ويعتبرون أنهم وحدهم هم شعب الله، ولهم موسى العظيم صانع العجائب، ولهم الناموس وعهد الختان وهم أولاد إبراهيم وحدهم. وكان اليهود يفتخرون بالختان مع أنه مصنوع باليد وكان الرجل يفتخر على المرأة لأنه مختون ويصلي شاكرًا الله أنه لم يخلقه أممي أو عبد أو امرأة. وبولس المسيحي يرى الآن أنها مجرد علامة جسدية تصنع باليد في مقابل الختان بالروح وهو المعمودية وحلول الروح القدس وهذه تأثيرها في القلب. وشتان ما بين يصنعه الله وما بين يُصْنَع باليد. وكان اليونانيون أيضًا يعتزون بجنسيتهم ويعتبرون أنفسهم أبناء الآلهة ويسمون غيرهم برابرة (وهكذا كان الرومان أيضًا). وقال شعراء اليونان أنهم ذرية الله (أع28:17). والعجيب أن يجمع الله المتنافرون أي الأمم واليهود في كنيسة واحدة. المدعوين غرلة: هكذا كان اليهود يطلقون اسم غرلة على الأمم احتقارًا لهم. من المدعو ختانًا: يقصد اليهود فهم الذين أطلقوا اسم غرلة على الأمم.

 

آية 12: أَنَّكُمْ كُنْتُمْ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ بِدُونِ مَسِيحٍ، أَجْنَبِيِّينَ عَنْ رَعَوِيَّةِ إِسْرَائِيلَ، وَغُرَبَاءَ عَنْ عُهُودِ الْمَوْعِدِ، لاَ رَجَاءَ لَكُمْ، وَبِلاَ إِلهٍ فِي الْعَالَمِ.

الآية السابقة تشرح وجه نظر اليهود في الأمم. وهنا نرى وجهة نظر بولس المسيحي في الأمم. في ذلك الوقت: قبل إيمانكم. بلا إله في العالم: أي بلا معرفة عنه. فلم يكن لهم إيمان اليهود الذين كانوا على رجاء، ولهم النبوات التي تعطيهم هذا الرجاء في مجيء المسيح المخلص. وكان لهم رجاء في حياة بعد الموت. أما الأمم فماذا كان رجاؤهم بعد الموت إلا العدم مثل الحيوانات. أجنبيين عن رعوية إسرائيل: ليس لهم حقوق شعب إسرائيل الذي كان الله يقيم وسطهم ومجده حالٌ في هيكلهم. وغرباء عن عهود الموعد: هذه التي أعطاها الله لآبائهم إبراهيم وإسحق ويعقوب وداود. ونلاحظ أن اليهود فهموا رعوية إسرائيل بطريقة خطأ، فهم فهموها بمفهوم جسدي سياسي ولم يفهموا مغزاها الروحي وأنها على أساس الإيمان بالله الحي كإيمان إبراهيم.

 

آية 13: وَلكِنِ الآنَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، أَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلًا بَعِيدِينَ، صِرْتُمْ قَرِيبِينَ بِدَمِ الْمَسِيحِ.

البعيد هو الأممي (أش19:57) + (أع39:2). والقريب هو اليهودي. ولكن بالمسيح صار الأمم واليهود كلاهما قريبين، على الصليب تقابل اليهود مع الأمم، ليفدي المسيح الجميع. والدم الواحد غسل الاثنين.

 

St-Takla.org Image: Jerusalem Temple Warning: to pagan visitors to the temple not to proceed further, discovered in 1871 around the Temple Mount (Jerusalem) - Kept in Istanbul Archaeology Museums - photograph by: oncenawhile. صورة في موقع الأنبا تكلا: نقش تحذيري أمام الهيكل: يحذر الداخلين من الأمم بعدم الدخول، تم اكتشافه بجانب هيكل اليهود في أورشليم، سنة 1871 م. - محفوظ في متحف اسطنبول الأثري - تصوير أونسيناويل.

St-Takla.org Image: Jerusalem Temple Warning: to pagan visitors to the temple not to proceed further, discovered in 1871 around the Temple Mount (Jerusalem) - Kept in Istanbul Archaeology Museums - photograph by: oncenawhile.

صورة في موقع الأنبا تكلا: نقش تحذيري أمام الهيكل: يحذر الداخلين من الأمم بعدم الدخول، تم اكتشافه بجانب هيكل اليهود في أورشليم، سنة 1871 م. - محفوظ في متحف اسطنبول الأثري - تصوير أونسيناويل.

آيات 15،14: لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الاثْنَيْنِ وَاحِدًا، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ أَيِ الْعَدَاوَةَ. مُبْطِلًا بِجَسَدِهِ نَامُوسَ الْوَصَايَا فِي فَرَائِضَ، لِكَيْ يَخْلُقَ الاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَانًا وَاحِدًا جَدِيدًا، صَانِعًا سَلاَمًا.

هو سلامنا: لم يقل يعطينا السلام وإلاّ كان المسيح خارجًا عنا، بل صار المسيح فينا، يحيا فينا (غل20:2). وصارت حياته فينا مصدر سلامنا وخلاصنا، بل صار كل شيء لنا. السلام صار نابعًا من وجود المسيح فينا، صار حياتنا وسلامنا وهذا السلام يملأ القلب ويفوق كل عقل (فى7:4). سلامًا جمع اليهود والأمم داخل الكنيسة، سلامًا وَحَّدَ الكل في المسيح، فلقد سقط سور العداوة التي دخلت لحياة البشر بسبب الخطية، وهذه العداوة ناتجة عن العداوة التي حدثت بين الله والإنسان بسبب الخطية، ومثال لهذه العداوة، العداوة التي كانت بين اليهود والأمم، لذلك أقام اليهود داخل الهيكل حائط السياج المتوسط: ليفصل بين اليهود والأمم. وكان هذا الحائط بين الدار الخارجية والدار الداخلية. فكان بعض الأمم يحضرون الصلوات داخل الهيكل لكي يتعرفوا على يهوه الإله العظيم، ولكن عليهم ألاّ يعبروا الحائط المتوسط وإلاّ يقتلوا. وكان هناك لافتة كبيرة على هذا الحائط منقوشة على حجر مكتوب عليه:

 الذي يعبر هذا السور يقتل

وقد اكتشف عالم أثار فرنسي هذا الحجر سنة 1871 م. فكان الحائط شاهدًا على العداوة بين اليهود والأمم والتي أزالها المسيح.

وأبطل ناموس الوصايا في فرائض بجسده: فالمسيح أبطل فرائض الناموس التي كانت سببًا في العداوة بين الأمم واليهود، مثل عدم الأكل مع الأمم، فكان اليهودي يمتنع عن أن يأكل مع أممي، وكان اليهود مهتمين جدًا بالغسلات والتطهيرات، فهم إذا تلامسوا مع أممي لا بُد أن يغتسلوا. وكانت الحيوانات النجسة التي يأكلها الأمم لا يأكلها اليهود. والختان علامة اليهود كان الأمم لا يمارسونه. والمسيح أبطل كل هذا بأن تممه بجسده ثم مات على الصليب حاملًا جميع خطايانا، وبموته أبطل فرائض الناموس على الإنسان. ولكنه قطعًا لم يبطل الوصايا العشر ولا كل الوصايا الأخلاقية. ولاحظ دقة قول الرسول أبطل ناموس الوصايا في فرائض فهو أبطل ناموس الفرائض فقط وليس ناموس الوصايا الأخلاقية.

جعل الاثنين واحدًا.. يخلق الاثنين في نفسه إنسانًا واحدًا جديدًا: كان اليهودي مثلًا تمثالًا من فضة، وكان الأممي تمثالًا من رصاص، وأعاد الله سبكهما ليخرج تمثال من ذهب من كل منهما. فاليهودي لم يصر أممي، والأممي لم يصر يهودي، بل وُهِبَ الاثنان طبيعة جديدة، فالمسيح وحد البشرية في إنسان جديد له طبيعة جديدة بخلقة جديدة = يخلق الاثنين في نفسه: أي صاروا في المسيح يسوع. لقد وحَّد المسيح الجميع فيه بلا سور متوسط.

جعل الاثنين واحدًا: وصلت العداوة بين اليهود والأمم لدرجة أن أطلق اليهود على الأمم لفظ الكلاب، وقال اليونانيين عن الآخرين ومنهم اليهود برابرة. ولقد صالح المسيح كليهما وجعل منهما واحدًا. فصار أهل فيلبي وأهل كورنثوس يجمعون أموالًا لفقراء أورشليم، علامة على الوحدة والصلح بين الاثنين. ولكن كان هذا الصلح رمزًا للصلح بين أي اثنين كانوا في حالة عداء وخصام. فالمسيح وَحَّدَ بين الجميع إذ غير الطبيعة القديمة، طبيعة الكراهية والعداء إلى طبيعة جديدة هي طبيعة المحبة. وصارت المحبة تملأ قلوب أبناء الله لأن الروح القدس يسكبها في قلوبهم (غل22:5) + (رو5:5). وما كان ذلك ممكنًا قبل الفداء وإرسال الروح القدس. فالمحبة التي ملأت قلوب أبناء الله راجعة للصلح الذي تم بين الله والإنسان بفداء المسيح، ثم إرسال الروح القدس.

جعل الاثنين واحدًا: رقم 1 يدل على الوحدة وعدم الانقسام، لذلك فهو يشير لله الواحد. ورقم 2 صار يدل على الانقسام الذي صار بالخطية ولكنه أيضًا صار يدل على التجسد، فالمسيح جعل الاثنين واحدًا. هو جاء لأجل أن يعيد الوحدة المفقودة بسبب الخطية (يو20:17-23). وهذا حدث رمزيًا في أن أول لقاء بين المسيح وتلاميذه كان في سفينتين لو 2:5. وآخر لقاء معهم كان في سفينة واحدة (يو1:21-12).

جعل الاثنين واحدًا: واضح أن الرسول يقصد الصلح بين اليهود والأمم، وما تم من وحدة بينهما. ولكن كنيستنا الأرثوذكسية رأت أن الصلح والوحدة اللذان تما ليسا فقط بين أرضيين وأرضيين، بل بين السمائيين والأرضيين، فسبحت التسبحة الشهيرة

فلنسبح اسم الرب.. لأنه بالمجد قد تمجد

جعل الاثنين واحدًا.. أي السماء والأرض

فالكنيسة رأت أن الصلح بين السماء والأرض أهم من الصلح بين الأرضيين والأرضيين. والمسيح صار رأسًا للسمائيين والأرضيين (أف10:1) بعد أن وحدهما في جسده الواحد الذي صار هو رأسًا لهُ. فالسماء كانت في حالة خصام مع الأرض بسبب خطايا البشر وتعدياتهم ضد الله. ولكن بعد أن صار البشر في حالة توبة ورجوع إلى الله فرح السمائيين بالبشر وبتوبتهم (لو7:15). وصاروا يسبحون بالنيابة عن البشر على الخلاص الذي تم (رؤ9:5-14).

 

آية 16: وَيُصَالِحَ الاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ، قَاتِلًا الْعَدَاوَةَ بِهِ.

تكملة الآية السابقة، فكلا اليهودي والأممي قد خلقا من جديد. المسيح بموته صالح الشعبين معًا، وصالح بينهما وبين الله، ووحدهما في جسده الواحد، فهو بهذا الجسد أزال العداوة بينهما. ونلاحظ أن المسيح قتل العداوة ولكنها تستيقظ ثانية مع فسادنا وانحرافنا. ونلاحظ أن هدف المسيح هو مصالحة الجميع وتوحيدهم به ليصالح العالم كله بالله.

 

آية 17: فَجَاءَ وَبَشَّرَكُمْ بِسَلاَمٍ، أَنْتُمُ الْبَعِيدِينَ وَالْقَرِيبِينَ.

 البعيدين: الأمم الذين لا يعرفون الله. والقريبين: هم اليهود لأنهم كانوا يعرفون الله ويتوقعون مجيء المسيا. والتسمية بعيدين وقريبين من (إش 57: 19). والمسيح وحد البعيدين والقريبين كنموذج لسر الوحدة التي بدأت تسري في جسم البشرية. والسلام الذي بشرنا به المسيح هو الروح القدس الذي سيرسله، والروح يملأ القلب سلامًا. على أن السلام يعني أيضًا السلام بين كل الناس. أما الأشرار فلا يوجد لهم سلامًا (إش21:57).

 

آية 18: لأَنَّ بِهِ لَنَا كِلَيْنَا قُدُومًا فِي رُوحٍ وَاحِدٍ إِلَى الآبِ.

كلينا: أي اثنين في خصام (اليهود والأمم كمثال). بالمسيح صار سلام واحد للاثنين، ولهم إنجيل واحد، وروح واحد به يعتمدون. وبذلك صار لهما كليهما دخول أو قدوم واحد بالروح الواحد إلى الآب. قدوم: وهو تعبير رسمي يستخدم للدخول إلى القصور الملكية أو إلى محاكم القضاء، إذ ينادى على الاسم فيذهب المقَدَّم ويمسك بيد المنادَى عليه، ويدخل إلى الملك أو إلى القاضي ويقدمه إليه. والمسيح صار هو الباب والطريق. بل هو يُعِدَّنا لنكون لائقين أن نقابل الآب، وذلك بأن نكون في المسيح، لابسين المسيح (رو14:13) ويعطينا أن نكون في فكر واحد ورأي واحد، هو يكملنا، وبهذا يمكن أن نكون فيه بلا لوم ولا شكوى (أف4:1). وبهذا يمكننا أن نتقدم للآب. فليس أحد يأتي إلى الآب إلا به (يو6:14). والمسيح حين يقف أمام الآب نقف نحن فيه، فهو فينا ونحن فيه. ولكن السؤال هل نحن فيه فعلًا، هل متنا عن شهواتنا، هل لنا الإيمان القوي به. هل نحن مملوئين من الروح لنكون روح واحد وجسد واحد وفكر واحد ومحبة واحدة تربطنا جميعًا.

في هذه الآية نرى الثالوث لأن به (بالمسيح)،... في روح واحد... إلى الآب. فبدون الثالوث لا يوجد لنا كيان روحي، فالمصالحة هي اقتراب للآب خلال الابن المتجسد وذلك في الروح. والمسيح هو الذي يسكب الروح من الآب.

في روح واحد: الروح القدس هو الذي يثبتنا في المسيح الابن (2كو21:1). وبهذا نصير أبناء. والمسيح يأخذني فيه للآب. والروح الواحد هو في كلينا (أمم ويهود) والروح الذي في الأمم هو الذي في اليهود. لقد صار فينا كلنا روح واحد، يثبتنا كلنا في المسيح (يثبت كلينا في المسيح) هذه العبارة تشير للوحدة التي صارت بين أعضاء الكنيسة. وهذا هو منظر (مزمور 133) الذي يصور شعب الكنيسة في حب ووحدة والروح ينسكب من الرأس (المسيح) على الشعب أي الكنيسة (هنا هي اللحية لأنها شعر كثير ملتصق بالرأس). هذا المنظر تصوره الكنيسة.

 فالشعب مجتمع ليصلي في روح واحد، فينسكب عليهم الروح القدس، والروح يعمل في الأسرار ليحولها إلى جسد المسيح ودمه فيثبتنا في المسيح الذي يحملنا إلى حضن الآب.

 

آية 19: فَلَسْتُمْ إِذًا بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلًا، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ،

فلستم: يقولها الرسول للأمم لقد صار الأمم كما اليهود أعضاء رسميين في بيت الله بعد أن كانوا غرباء: هذه عكس عضو مواطن في الدولة. نزلًا: أي ضيف على صاحب البيت وهي عكس ابن البيت. رعية: معناها مواطنون. بيت الله: الكنيسة التي تضم قديسي العهد القديم وقديسي العهد الجديد. وبيت الله هو هيكل الله. حقًا لقد صرنا أقرباء الله بالجسد إذ تجسد المسيح.

 

آية 20: مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ.

حجر الزاوية: هو الحجر الذي يربط حائطين معًا، والمسيح هو الذي ربط العهد القديم بمؤمنيه والعهد الجديد بمؤمنيه. وصار رأسًا للكنيسة الواحدة.

وفي الرسم المقابل تجد رسمًا لما يقال له : حجر الزاوية. ففي كل بناء مقبى أي على شكل قبو يتحتم أن يكون فيه بالنهاية حجر واحد ذات شكل واحد أساسي.

ويعتبر حجر الزاوية أهم حَجَرَةْ في المبنى كله. توضع في مكان واحد دائمًا، لتحكم ربط البناء كله وإلا يسقط، ويسمون هذا الحجر بالإنجليزية key stone ولو رفع هذا الحجر يسقط المبنى في الحال.

على أساس الرسل والأنبياء: أي على أساس التعاليم التي وضعها الرسل والأنبياء أي الكرازة بالمسيح، والإيمان السليم بالمسيح (غل7:1-9). فلا يوجد أساس سوى المسيح (1كو11:3). والرسل: هم أول من آمنوا وأول من تدعم الإيمان بواسطتهم. والكنيسة تسمى رسولية لأنها متمسكة بتعليم الرسل. والأنبياء: هم أنبياء العهد القديم الذين تنبأوا عن المسيح. ويوحنا شاهد في الرؤيا أسماء الرسل الـ12 على الأساسات وأسماء الـ12 سبطًا (الذين أتى منهم الأنبياء) على الأبواب. فبنبوات الأنبياء أُعَّدَ الطريق للمسيح، وهم مهدوا طريق الإيمان به. (1بط11،10:1). وكان أيضًا في كنيسة العهد الجديد أنبياء (1كو 28:12) + (أع1:13-4).

 

آيات 22،21: الَّذِي فِيهِ كُلُّ الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا مَعًا، يَنْمُو هَيْكَلًا مُقَدَّسًا فِي الرَّبِّ. الَّذِي فِيهِ أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيُّونَ مَعًا، مَسْكَنًا للهِ فِي الرُّوحِ.

هنا نرى عمل الثالوث في تأسيس الكنيسة، فهي مسكن الله. الله يسكن فيها.

الَّذِي فِيهِ = في الرب (الابن)... مَسْكَنًا ِللهِ (الآب)... فِي الرُّوحِ.

وتم تصوير المؤمن بحجارة حية (1بط5:2). يبنى منها البيت، مسكن الله. ونحن نصير حجارة حية لأن المسيح يحيا فينا (غل20:2) + (فى21:1). وقوله فِي الرَّبِّ: فلا حياة لنا إن لم نكن ثابتين في الرب يسوع. وقوله فِي الرُّوحِ: لأننا نولد من الماء والروح، وبالروح نثبت في المسيح. ويكون المسيح حياتنا، فنكون حجارة حية، وينمو البيت، فالكنيسة تبنى وتنمو بعمل الثالوث. والكنيسة تتكون منا أي الأحجار الحية. والله يكون الكنيسة لتكون مسكنًا لهُ، أي ليحل فيها ويكون مجدًا في وسطها(زك5:2). ليكون الله الكل في الكل، وحتى يحل الله في كنيسته يجب أن تبنى أولًا. والبناء له شقين:

1. بناء داخلي لكل مؤمن، ليكون حجرًا حيًا، وهذا يتم بأن يكون ثابتًا في المسيح مملوءًا بالروح.

2. المبنى ككل يبنى، يزداد عدديًا، وينمو عدد المؤمنين، ويترابطون في محبة، وهذه يعملها الروح القدس الذي يربط الكل معًا (يربط بينهم بمفاصل هي المحبة). فالكنيسة لا تفهم أن يحيا فرد فيها منعزلًا، مثل هذا يكون عضوًا ميتًا. الله يريد مجتمع مقدس (الكنيسة) ليسكن وسطه ويستريح فيه ويحل فيه.

حجر الزاوية كما هو موضح من الرسم السابق يأتي على الرأس، في رأس المبنى وهو يمسك جميع الأحجار يَنْمُو = تشير للنمو الداخلي لكل مؤمن، والنمو العددي للكنيسة. الْبِنَاءِ مُرَكَّبًا = يُشَبَّه التئام المؤمنين معًا بالإيمان والمحبة برص الحجارة الحية (1بط 5،4:2). والحجر ينحت أولًا (إشارة لتهذيب المؤمن بالتجارب). ومادة اللصق هي المحبة. على المستوى الفردي فكل مؤمن هو هيكل الله والروح القدس يسكن فيه (يو23:14). وعلى مستوى الكنيسة فهي جسد المسيح والله يسكن في كنيسته.

 الذي فيه = بواسطة إتحادكم بالمسيح، فأنتم مبنيون مع المؤمنين الآخرين لكي تصبحوا هيكلًا يسكن فيه الله، بواسطة عمل الروح القدس. أنتم = يا شعب أفسس أو يا مَنْ تقرأون الرسالة في كل زمان. مسكنًا لله في الروح = الروح هو الوسيلة التي يبني بها الله بيته الجديد. فالروح القدس هو الذي يبني نفوس المؤمنين وينميهم، ويضع في قلوبنا المحبة التي بها نرتبط معًا (رو5:5). وهو الذي يعطينا أن نصرخ كلنا يا آبا الآب فنشعر بالوحدة والأخوة والبنوة جميعًا لله الآب. إذًا الروح هو الذي يعطي اللياقة للمسكن ليحل الله فيه.

مبنيون معًا = نحن نُبنى ولكن ليس أفرادًا. بل معًا. وإلاّ فلا مبنى أو بيت ونلاحظ أن الآية 21 قالت هيكلًا مقدسًا في الرب (يسوع) و(الآية 22) قالت مسكنًا لله في الروح فالروح القدس الذي هيأ جسد المسيح في بطن العذراء ما زال يهيئ جسد المسيح أي كنيسته. فالمسيح موجود في كنيسته التي هي جسده. والروح مالئ الكنيسة ويعمل في أعضائها ليهيئهم كجسد للمسيح وهيكل لله.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات أفسس: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/10-Resalet-Afasos/Tafseer-Resalat-Afacoc__01-Chapter-02.html

تقصير الرابط:
tak.la/dzkfpa5