← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33
القسم الرابع
لم يتحدَّث يشوع بن سيراخ إلى تلاميذه فحسب، وإنما كان يُصَلِّي من أجلهم في مَسْمَعٍ منهم، كما سجَّل بعض صلواته عنهم. تُعتبَر صلواته مع صلوات أناس الله القديسين من رجال ونساء في القديم نموذجًا للصلوات المعاصرة.
صلواته حديث مشترك بينه وبين الله. وهي تقدم تكريمً الله، إذ تتطلَّع إلى رعايته الإلهية لكل البشر، كما تحمل حبًا للبشرية. الرغبة في الصلاة، وروح الصلاة هما عطية من الله. من يرغب في الصلاة يقف في حضرة الله متخليًا عن كل ارتباك بالأمور الزمنية، متجهًا نحوه.
يُقَدِّم ابن سيراخ خمسة أشكال للصلاة متكاملة معًا:
ضمّ السفر الكثير من الصلوات:
الأصحاح الثالث والثلاثون
تكشف نعمة الله عن حكمته ورعايته للعالم، لكي ما تأتي به إلى ملكوت الله، ولهذا يليق بخائف الربّ أن يتعرَّف على رسالته ودوره في الحياة وخطة الله على مستوى أبدي.
[1 -6] (ت: 1-6) |
||||
[7 -13] (ت: 7-14) |
||||
[14 -15] (ت: 15) |
||||
[16 -19] (ت: 16-19) |
||||
[20 -24] (ت: 20-26) |
||||
[25 -33] (ت: 27-33) |
||||
* من وحي سيراخ 33: هب لي الحكمة والتدبير الحسن |
1 مَنِ اتَّقَى الرَّبَّ لاَ يَلْقَى ضُرًّا، بَلْ عِنْدَ التَّجْرِبَةِ يَحْفَظُهُ الرَّبُّ، وَيُنَجِّيهِ مِنَ الشُّرُورِ. 2 الرَّجُلُ الْحَكِيمُ لاَ يُبْغِضُ الشَّرِيعَةَ، أَمَّا الَّذِي يُرَائِي فِيهَا فَهُوَ كَسَفِينَةٍ فِي الزَّوْبَعَةِ. 3 الإِنْسَانُ الْعَاقِلُ يُؤْمِنُ بِالشَّرِيعَةِ، وَالشَّرِيعَةُ أَمِينَةٌ لَهُ. 4 هَيِّئْ كَلاَمَكَ، كَمَا يَفْعَلُ الصِّدِّيقُونَ فِي مَسَائِلِهِمْ؛ فَتُسْمَعَ. انْظِمْ مَعَانِيَ عِلْمِكَ وَجَاوِبْ. 5 أَحْشَاءُ الأَحْمَقِ كَمَحَالَةِ الْعَجَلَةِ، وَفِكْرُهُ مِثْلُ الْمِحْوَرِ الْخَفِيفِ الدَّوَرَانِ. 6 الصَّدِيقُ الْمُسْتَهْزِئُ كَفَحْلِ الْخَيْلِ الَّذِي يَصْهِلُ تَحْتَ كُلِّ رَاكِبٍ.
لا يلحق شر بمن يخاف الربّ،
بل ينجيه (الربّ) في التجربة مرّة ومرّات [1].
خائف الله أو إنسان الله في مركزٍ فريدٍ، يُدرِك أنه في فكر الله؛ بكونه محبوب الرب، ليس في خوفٍ لئلا تلحقه تجربة وتجارب، فإن الله يُنَجِّيه، ويُحَوِّل التجارب إلى تمتُّع بالدخول في أمجادٍ أبدية. هذا هو إيماننا الذي يدفعنا للصلاة، ويبعث فينا الرجاء المُفرِح. هذا تحقَّق بالأكثر بتجسُّد كلمة الله، إذ صار لنا مركز عظيم، لذلك تهلل الرسول قائلًا: "وبالإجماع عظيم هو سرّ التقوى، الله ظهر في الجسد، تبرر في الروح، تراءى لملائكة، كرز به بين الأمم، أومن به في العالم، رُفِع في المجد" (1 تي 3:16). به نتمتَّع بالبرّ، ونتحدَّى كل قوات الظلمة.
v لنضع على رؤوسنا خوذة الخلاص، لكيلا نُجرَح ونموت في المعركة.
لنُمَنطِق أحقاءنا بالحق، فلا نوجد ضعفاء في القتال.
لنقم ونوقظ المسيح، فيهدئ الأمواج عنا.
لنأخذ الترس تجاه الشرير، كاستعدادٍ لإنجيل مخلصنا (أف 6: 15-16).
لنَقْبَل من ربنا السلطان أن نسود على الحيات والعقارب (لو 10: 19)...
لنفرح في رجائنا في كل وقتٍ (رو 12: 12)، حتى يفرح بنا ذاك الذي هو رجاؤنا ومخلصنا...
لنأخذ لأنفسنا سلاحًا للمعركة (أف 6: 16)، هو الاستعداد للإنجيل.
لنقرع باب السماء (مت 7: 7)، فيُفتَح أمامنا وندخل فيه.
لنسأل الرحمة باجتهاد، فننال ما هو ضروري لنا...
لنرفع أعيننا إلى العلا، لنرى الضياء المتجلي.
لنرفع أجنحتنا كالنسور، لنرى حيث تكون الجثة (مت 24: 28)...
من له جناحان يطير بهما عنه (عن الشيطان)، فلا تبلغ إليه السهام التي يقذفها نحوه؟
يراه الروحيون يحارب، ولا يتسلط سلاحه على أجسادهم.
لا يخافه كل أبناء النور، لأن الظلمة تهرب من أمام النور. أبناء الصالح لا يخشون الشرير، لأنه أعطاهم أن يطأوا عليه بأقدامهم (تك 3: 15)[2].
الحكيم لا يُبغِض الشريعة،
أما الذي يدَّعي حفظها، فيُشبِه قاربًا في العاصفة [2].
بينما يعيش المؤمن محفوظًا في يدي الله، لا يخشى التجارب، إذا بالإنسان المرائي في حفظ الوصية الإلهية لا يُفارِقه القلق، يشبه قاربًا صغيرًا في وسط عاصفة شديدة. يُحَوِّل حياة الإنسان من رحلة ممتعة في صحبة الربّ، منطلقًا في هدوءٍ نحو السماء، إلى قاربٍ في وسط عاصفة خطيرة.
رجل الفهم يثق في الشريعة،
والشريعة عنده جديرة بالثقة،
لأنها إعلان إلهي [3].
يؤمن إنسان الله الحكيم بالله من خلال كلمته، فيفهم خطة الله نحوه، ويثق في وعوده الإلهية، ويحسب نفسه مُطَوَّبًا، لأن الله يُعلِن له أسراره الإلهية.
هيئ ما تقوله، فيُسمَع لك،
واستجمع علمك وجاوب [4].
كيف يتهيأ خائف الرب للدخول في حوارٍ صريحٍ مع الله، سوى بأن يستجمع كل طاقات الداخلية؛ لأنه يتمتَّع بأعظم لحظات عمره، إذ يقف أمام محبوبه.
v لا يحتاج الله إلى خُطَب رنَّانة، ولا إلى كلمات فصيحة، إذ يعرف ما هو مفيد لنا. وهكذا يمكننا أن نحدِّد الصلاة بأنها عمل يتم في ضمير الإنسان وفي داخله، وهي عمل يمتد إلى كل الأعمال التي تنسج حياة الإنسان[3].
قلب الأحمق مثل عجلة عربة،
وأفكاره مثل المحور الدوار [5].
يعيش الأحمق في دوامة الحياة لا يتلمس الطريق الحق، ولا يعرف إلى أين يذهب، يدور حول نفسه كل حياته. عقله يشبه عربة صغيرة خفيفة (كارة)، ليس من قائد حكيم يُوَجِّهها، لا تدرك طريق الاستقامة الذي يقود إلى السماء، بل يبقى في ارتباكٍ وبلبلةٍ.
الصديق المستهزئ كخيلٍ جموح،
يصهل تحت كل من يركبه[4] [6].
الصديق الذي يسخر بصديقه مثل فحل خيل يصهل تحت كل من يركبه، يعطي أصواتًا مُزعِجة بلا معنى ولا هدف.
v عندما سقط الإنسان الأول وعصى الله، صار الإنسان كما يقول الكتاب يشبه غنمًا (للهاوية مز 49: 14)، لأنه أخطأ ضد العقل. بسببٍ صالحٍ حُسِب الإنسان غير عاقل مثل الحيوانات. بطريقٍ مشابه يقول الحكمة: "طالب اللذة والزاني مثل فحل خيل" (راجع سي 33: 6)، لأنه صار مثل الحيوانات بلا تعقُّلٍ. لذلك أضاف: "الذي يصهل تحت كل راكبٍ عليه". مثل هذا الإنسان لا يعود يتكلم، لأن من يخطئ ضد العقل ليس بعاقلٍ، بل حيوان أعجم مُستسلِم للشهوة، حيث يمكن لأي نوعٍ من اللذة أن تمتطيه وتقوده[5].
7 لِمَاذَا يُفْضَّلُ يَوْمٌ عَلَى يَوْمٍ، وَنُورُ كُلِّ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ مِنَ الشَّمْسِ؟ 8 عَلْمُ الرَّبِّ مَيَّزَ بَيْنَهَا، إِذْ صُنِعَتِ الشَّمْسُ الَّتِي تَحْفَظُ الرَّسْمَ، 9 وَخَالَفَ بَيْنَ الأَزْمِنَةِ؛ فَعُيِّدَتِ الأَعْيَادُ فِي السَّاعَةِ الْمُعَيَّنَةِ. 10 فَمِنْهَا مَا أَعْلاَهُ وَقَدَّسَهُ، وَمِنْهَا مَا جَعَلَهُ فِي عِدَادِ الأَيَّامِ. وَكَذَا الْبَشَرُ كُلُّهُمْ مِنَ التُّرَابِ وَآدَمُ صُنِعَ مِنَ الأَرْضِ، 11 لكِنَّ الرَّبَّ مَيَّزَ بَيْنَهُمْ بِسَعَةِ عِلْمِهِ، وَخَالَفَ بَيْنَ طُرُقِهِمْ. 12 فَمِنْهُمْ مَنْ بَارَكَهُ وَأَعْلاَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّسَهُ وَقَرَّبَهُ إِلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَعَنَهُ وَخَفَضَهُ وَنَكَسَهُ مِنْ مَقَامِهِ. 13 كَمَا يَكُونُ الطِّينُ فِي يَدِ الْخَزَّافِ، وَتَجْرِي جَمِيعُ أَحْوَالِهِ بِحَسَبِ مَرْضَاتِهِ، 14 كَذلِكَ النَّاسُ فِي يَدِ صَانِعِهِمْ، وَهُوَ يُجَازِيهِمْ بِحَسَبِ قَضَائِهِ.
لماذا يكون يوم أفضل من يومٍ،
ونور أيّام السنة كلّه من الشمس؟ [7]
إن كان مصدر استنارة كل أيام السنة هو الشمس بعينها، غير أن الله عيَّن أيامًا مقدسة ومواسم وأعياد، تتميَّز هذه الأيام عن غيرها. هكذا من محبة الربّ، شمس البرّ، أن ينير كل أيام حياتنا ببرِّه الإلهي، يهبنا أيامًا خاصة مثل الآحاد والأعياد الشهرية والسنوية، تُقَدِّم لنا إعلانات عن عمل الله الخلاصي مع تذوُّق لعربون السماء التي يُعدّها لنا.
عِلْمُ الربّ هو الذي ميَّز بينها،
فقد نوَّع الفصول والأعياد [8].
رتب الله هذا التنوُّع حتى نختبر خطته في الخلق والخلاص، فنشتهي بلوغ الحياة الأبدية. والكنيسة تدعونا خلال التقويم الكنسي مع بداية كل سنة كنسية حتى نهايتها ألاَّ نتوقَّف عن التمتُّع بخبرة الشركة مع الثالوث القدوس مُحِب كل البشر! فمع كل صباحٍ يتغنَّى المؤمن مع إرميا النبي الذي كانت جدران قلبه توجعه (إر 4: 19) من أجل ثكلى بنت شعبه التي يُحَطِّمها عصيانها وتغرُّبها عن الله، لكن خلال خبرته الداخلية وتأكُّده من عمل الله، تتحوَّل أعماقه إلى سماءٍ ثانيةٍ، فيقول: "مراحمه لا تزول جديدة في كل صباح ... نصيبي هو الربّ قالت نفسي" (مرا 3: 23-24).
وسرّ تهليل قلب القديس مار يعقوب السروجي وسط الآمه، إدراكه أن جبل الجلجثة هو "عُرْس الجلجثة"، يُصلَب مع العريس السماوي ليقوم كل يومٍ معه، ويختبر أحضان الربّ ينبوع السلام الداخلي والفرح السماوي! هذا هو دور التقويم الكنسي.
v يجب إدراك أنه يليق بكل واحدٍ منا البرهنة هل هو في أيام الخير أم في أيام الشر؟ وهل يقتني "أيام يشوع" التي هي أيام البرِّ، أم يقتني أيام الشر. لأننا إن أدركنا: "النور الحقيقي الذي يُنير كل إنسانٍ آتيًا إلى العالم" (يو 1: 9)، وسلَّمنا أنفسنا إليه كي نستنير، وإذا أشرق "شمس البرّ" (ملا 4: 2) فينا، وأنار عالم أنفسنا، فسوف نقتني "أيام يشوع"، أي أيام يسوع المسيح، أيام الخلاص. أما إذا سلَّم أحد نفسه "للنور الذي سينطفئ" (راجع أي 18: 5)، النور الذي يُضَاد الحق، فإنه سوف يقتني أيضًا أيامًا، لكنها أيام الشرِّ. لن يكون في أيام يشوع، إنما في أيام منسى أو فرعون، في الأيام الشريرة التي لملوك آخرين.
بعض الأيام رفَّعها وقدَّسها،
وبعض الأيام جعلها عادية [9].
تدعونا الكنيسة أن تكون كل أيامنا للربِّ، فنتمتَّع بالفرح الدائم، كما أقامت مناسبات تُجَدِّد فينا تذكار أعمال الله الخلاصية، وتُحوِّل حياتنا إلى عيدٍ مُفرِحٍ دائمٍ، نذكر على سبيل المثال الآتي:
أولًا: فرح يومي: في صلاة باكر نتمتَّع ببهجة القيامة، وفي صلاة نصف الليل بهجة مجيء العريس.
ثانيًا: فرح أسبوعي: في يوم الأحد نتمتَّع ببهجة قيامة المسيح.
ثالثًا: فرح شهري: حيث نتمتَّع بتذكار البشارة والميلاد والقيامة.
رابعًا: تذكارات وأعياد مُفرِحة سنوية.
والبشر كلهم من تراب،
فمن الأرض خُلِق آدم [10].
يتعامل الله خلال التاريخ البشري، مميزًا كل إنسانٍ عن أخيه حسب جديته في الحياة والخلاص، وأمانته في تشغيل طاقاته واستخدام مواهبه. لذلك وُجِدَت فروق شاسعة في حياة البشر وتطلعاتهم للحياة. بالرغم من أن الجميع من نسل رجلٍ واحدٍ مخلوقٍ من ترابٍ، وهو آدم [10].
ميَّز الربّ بينهم بسعة حكمته،
وغيَّر طرقهم [11].
الله في محبته للبشر وهب كل إنسانٍ مواهبه وقدراته المتنوعة حتى يعيش الكل معًا، كل واحدٍ يُكَمِّل الآخر. هذا التنوُّع يُكسِب البشرية جمالًا وحبًا وتواضعًا؛ كل شخصٍ يحتاج إلى أخيه.
فمن الأيّام ما باركها ورفَّعها، ومن الأيّام ما قدَّسها وقرَّبها إليه،
ومن الأيّام ما لعنها وأذلَّها وخلعها من مقامها [12].
واضح أن حديثه عن الأيام هنا يقصد بها أيام الإنسان. أوضح أن كل البشر متساوون إذ خُلِقُوا من التراب، ووهبهم الله وزنات متنوعة، فيبارك بعض الأيام ويُقَدِّسها، كما يسمح بالمذلة في بعض الأيام. وهو بهذا يدعونا إلى التفكير الجاد في حياتنا ورسالتنا.
أ. يود الله أن يبارك كل الأيام؛ فمن جانبه يبسط يديه ليهبنا بركته، فإن أعطيناه القفا لا الوجه (إر 2: 27)، تصير حتى أيام الأعياد مكرهة له (إش 1: 13).
ب. تأكيد أن حياة الإنسان قابلة للتغيير، فيليق بالمؤمن إن سقط أن يرجع بروح الرجاء إلى الله.
ج. أن يُدرِك أن حكمة الله فوق التفكير البشري، فقد يسمح الله للإنسان بالمذلة بدون سبب ظاهر، إنما ليعبر به الربّ إلى المجد لبنيانه وبنيان الكثيرين، كما حدث مع الشاب البار يوسف بن يعقوب.
د. يليق بالأغنياء وأصحاب السلطة والقادة الكنسيين أن يتجمَّلوا بالتواضع، وما يتمتعون به هو عطية إلهية. حين تشامخ بنو إسرائيل كشعب الله، سمح لهم بمذلة السبي البابلي سبعين عامًا.
كل طرقه حسب مسرَّته الصالحة، كالطين في يد الخزاف.
كذلك الناس في يد صانعهم، وهو يجازيهم بحسب حُكْمِه [13].
يدعونا الكتاب المقدس إلى الخضوع لإرادة خالقنا لنختبر عمله فينا كمحبٍ للبشر (راجع إش 45: 9؛ 64: 7؛ إر 18: 6). ويقول الرسول: "أم ليس للخراف سلطان على الطين أن يصنع من كتلة واحدة إناءً للكرامة وآخر للهوان؟" (رو 9: 21). يهبنا الله روح التبني، لنتعرَّف على أسراره الإلهية، فنشتاق إلى التمتُّع بالمجد الأبدي الذي يُعِدّه لنا. ومن جانبنا يليق بنا أن نُدرِك أننا "خزف من أخزاف الأرض. هل يقول الطين لجابله: ماذا تصنع؟ أو يقول: عملك ليس له يدان؟ ويل للذي يقول لأبيه: ماذا تلد؟ وللمرأة: ماذا تلدين؟" (إش 45: 9-10). يؤكد القدِّيس يوحنا الذهبي الفم[6] أن الرسول يود أن يقدم جانبًا واحدًا من المثل وهو أن الله يعمل بنا ولا نقدر نحن إلا أن نطيع. لكنه لا ينزع عنا حرية إرادتنا، فإن أردنا الحياة معه يقوم هو بتغييرنا لمجد اسمه، بطريقة تفوق إدراكنا.
15 بِإِزَاءِ الشَّرِّ الْخَيْرُ، وَبِإِزَاءِ الْمَوْتِ الْحَيَاةُ، كَذلِكَ بِإِزَاءِ الْتَّقِيِّ الْخَاطِئُ. وَهكَذَا تَأَمَّلْ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِ الْعَلِيِّ، تَجِدْهَا اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ الْوَاحِدُ بِإِزَاءِ الآخَرِ.
الخير يقابل الشرّ، والحياة تقابل الموت،
وبنفس الطريقة الخاطئ يقابل التقي [14].
هكذا تأمل في جميع أعمال العليّ،
فهي تبدو اثنين اثنين، الواحد مقابل الآخر [15].
حياة الإنسان إما خير أو شرّ، يكون خاطئ أو بار؛ ليس هناك من وضع بين الاثنين، "فإنّ منْ له سيُعطَى ويُزَاد، وأمّا منْ ليْس له، فالذي عنْده سيُؤْخذ منْه" (مت 13: 12). ومن جانبٍ آخر فإن الله الصالح قادر على تحويل الشر إلى خيرٍ. فصليب ربّ المجد يسوع مثل فريد لتقديم الخير من الشرّ. يقدم نعمة الخلاص بالصليب الذي أَعدّه عدو الخير للخلاص منه.
يرى القديس أغسطينوس في هذه العبارة كشف عن غاية السفر، وهو تقديم الخير عوض الشرّ، والحياة عوض الموت، فيتطلع الإنسان إلى أعمال العليّ الذي يعمل في الخاطئ كي يصير تقيًا[7].
16 إِنِّي أَنَا الأَخِيرَ قَدِ اسْتَيْقَظْتُ، وَوَرِثْتُ هذِهِ كَمَا كَانَتْ مُنْذُ الْبَدْءِ. 17 كَمَنْ يَلْتَقِطُ وَرَاءَ الْقَطَّافِينَ أَقْبَلْتُ بِبَرَكَةِ الرَّبِّ؛ فَمَلأْتُ الْمَعْصَرَةَ كَالَّذِي قَطَفَ. 18 فَانْظُرُوا كَيْفَ لَمْ يَكُنِ اجْتِهَادِي لِي وَحْدِي، بَلْ أَيْضًا لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَلْتَمِسُونَ التَّأْدِيبَ. 19 اسْمَعُونِي يَا عُظَمَاءَ الشَّعْبِ، وَأَصْغُوا إِلَيَّ يَا رُؤَسَاءَ الْجَمَاعَةِ.
أنا كنت آخِر من استفاق
ليلتقط في الكرم وراء القطَّافين [16].
بروح التواضع يُقَدِّم ابن سيراخ مثالًا أن نقتدي به، فمع مواهبه الفائقة وعمل الله العجيب في حياته، لم يفتخر بحكمته، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. بل حسب نفسه كمن يلتقط وراء القطافين. حسب نفسه مثل راعوث الفتاة الأممية التي كانت تجمع السنابل وراء الحصادين باهتمامٍ وجهادٍ في غير رخاوة، فصارت جدّة ليسوع المسيح، السنبلة الإلهية واهبة الحياة والشبع والمجد لمؤمنيه من كل الشعوب والأمم والألسنة. هذا ما كان يبهج قلب ابن سيراخ أن جهاده وسهره لم يتمتع به وحده، بل قَدَّمه لجميع الذين يطلبون التعليم.
ببركة الربّ وصلت في الوقت المناسب،
وملأت معصرتي كمن قطف العنب [17].
لاحظ ابن سيراخ كمُعَلِّمٍ أن البعض يقدمون تساؤلات في أمور تافهة بعيدة عن خلاص النفس، فمع عدم استخفاف المُعَلِّم بتلاميذه، يحاول توجيه تلاميذه فيما هو للبنيان.
فالسيد المسيح العامل في المُعَلِّمين الصالحين في حواره مع السامرية التي حاولت توجيه الحوار بعيدًا عن خلاص نفسها، حدَّثها بلطفٍ دون أن يجرح مشاعرها كامرأة تعيش مع إنسانٍ ليس برجلها، قادها إلى الحق الإلهي. تطلَّع إلى المرأة وكأنها سنبلة ساقطة من الحصادين يليق به أن يجمعها كما كانت تفعل راعوث، لكن رفعها إلى مستوى أفضل لأجل خلاصها. هذا ما فعلته نُعمى مع راعوث، إذ قبلت جهادها في جمع السنابل الساقطة، غير أنها وجَّهتها نحو صاحب الحقل بوعز، فصارت جدة للسنبلة الإلهية الفريدة، يسوع بن داود، الخبز النازل من السماء، واهب الخلاص والشبع.
في اختصار، مع عدم استخفافنا بالتقاط الساقط من الحصادين، يلزمنا أن نرفع من نرعاهم ونخدمهم إلى مستوى سماوي فائق. سأل أحد الإخوة الأب الشيخ برصنوفيوس بخصوص قلنسوة أرسلها أخ إليه إن كان يقبلها أم لا. جاءت إجابة الشيخ إليه أن هذا الأمر يلزم ألاَّ يشغله لئلا يُفسِد وقته في أمورٍ تافهة، إنما يلزمه أن يهتم بالحصاد الكثير الذي لحساب ملكوت الله.
v أيها الأخ، أرسلت إليك حكمة: "كن متحررًا، فماذا تريد؟ التفت إلى نفسك "الحصاد كثير" (مت 3: 16). اترك كل شيءٍ، وأعط وقتك للحصاد والتجميع حتى يكون لديك ثمار من الحنطة والخمر (مز 4: 7؛ تث 33: 28)، حتى يتقوَّى قلبك، ويصير فرحًا في الربّ. أما بخصوص القلنسوة، فإن كان الأخ يرغب في إعطائها لك من كل قلبه، اقبلها وتدين نفسك بأنك غير مستحق[8].
لاحظوا جيدًا أن تعبي لم يكن لي وحدي،
بل لجميع الذين يلتمسون التعليم [18].
قارن نفسه بالآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب والأنبياء، فأدرك أنه كمن يجمع السنابل وراء الحصادين. وبروح الرجاء أدرك أن تعبه لن يضيع هباءً، بل بنعمة الله ينتفع به كل الذين يطلبون التعليم.
اسمعوني يا قادة الشعب،
وأصغوا إليَّ يا رؤساء الجماعة [19].
أدرك ابن سيراخ بروح الله أن جميع طالبي التعليم ينتفعون بعمله، فتجرَّأ ليتحدث مع قادة الشعب ورؤساء الجماعة. التواضع الحقيقي يدفع الإنسان للعمل بروح القوة، حتى بين القادة والرؤساء!
20 لاَ تُوَلِّ عَلَى نَفْسِكَ فِي حَيَاتِكَ ابْنَكَ أَوِ امْرَأَتَكَ أَوْ أَخَاك أَوْ صَدِيقَكَ، وَلاَ تُعْطِ لآخَرَ أَمْوَالَكَ، لِئَلاَّ تَنْدَمَ فَتَتَضَرَّعَ إِلَيْهِ بِهَا. 21 مَا حَيِيتَ وَمَا دَامَ فِيكَ نَفَسٌ، لاَ تُسَلِّمْ نَفْسَكَ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ، 22 لأَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَطْلُبَ بَنُوكَ مِنْكَ، مِنْ أَنْ تَنْظُرَ أَنْتَ إِلَى أَيْدِي بَنِيكَ. 23 فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ احْفَظْ لِنَفْسِكَ مَزِيَّتَهَا، 24 وَلاَ تَجْعَلْ عَيْبًا فِي كَرَامَتِكَ. قَسِّمْ مِيرَاثَكَ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ حَيَاتِكَ حِينَ يَحْضُرُ الْمَوْتُ. 25 الْعَلَفُ وَالْعَصَا وَالْحِمْلُ لِلْحِمَارِ، وَالْخُبْزُ وَالتَّأْدِيبُ وَالْعَمَلُ لِلْعَبْدِ. 26 إِشْغَلِ الْغُلاَمَ بِالْعَمَلِ فَتَسْتَرِيحَ. أَرْخِ يَدَيْكَ عَنْهُ فَيَلْتَمِسَ الْعِتْقَ.
لا تُولِّ على نفسك في حياتك ابنك أو امرأتك أو أخاك أو صديقك، ولا تعطِ ممتلكاتك لآخر،
لئلا تُغيِّر فكرك، فتتضرع من أجلها [20].
ما حييت وما دام فيك نَفَسٌ،
لا تدع أحد يأخذ مكانك [21].
أن يطلب أبناؤك منك،
خير من أن تنظر أنت إلى أيدي أبنائك [22].
يشتاق المؤمن أن يرى كل إنسانٍ قائدًا يعتز بعمل الله فيه ومعه، فالأب الحكيم يعطي الفرصة لأبنائه وزوجته أن يشتركوا معه في تدبير أعمال الأسرة وإدارته لكل جوانب الأسرة. لصالحهم كما لصالحه، بروح الحكمة لا يُسَلِّمهم كل شيءٍ أثناء حياته:
أ. يتعرَّض الأبناء أحيانًا للانحراف، كما حدث مع الابن الضال (لو 15)، فبَدَّد كل ما استلمه.
ب. قد يتعرَّض الشخص نفسه لأزمة بسبب مرض أو ظروف البلد الاقتصادية، وإذ يطلب من أولاده، قد لا يتجاوبوا معه. فمن الحكمة أن يعطيهم نصيبًا أثناء حياتهم، ويكتب وصية ببقية ممتلكاته يحفظها معه، ويعطيهم علمًا بمكانها.
كن متميِّزًا في جميع أعمالك،
ولا تُشوِّه سُمعتِك [23].
مع محبة الأب لأبنائه أكثر من اهتمامه بنفسه، يود ابن سيراخ أن يبقى الأب له سلطان الحب، فتبقى صورة الأب المُحِب الحكيم والمُدَبِّر حتى لحظات موته.
في اليوم الذي فيه تُتمِّم أيام حياتك،
وفي وقت مماتك قسم ميراثك [24].
لا يترك الأب أولاده يدخلون في خلافات بخصوص توزيع ثروته، بل يُدَبِّر أمر الميراث بينهم بعدلٍ وحكمةٍ وصراحةٍ قبل موته إن أمكن.
27 النِّيرُ وَالسُّيُورُ تَحْنِي الرِّقَابَ، وَمُواظَبَةُ الْعَمَلِ تُخْضِعُ الْعَبْدَ. 28 لِلْعَبْدِ الشِّرِّيرِ التَّنْكِيلُ وَالْعَذَابُ. اقْسُرْهُ عَلَى الْعَمَلِ لِئَلاَّ يَتَفَرَّغَ، 29 فَإِنَّ الْفَرَاغَ يُعَلِّمُ ضُرُوبَ الْخُبْثِ. 30 أَلْزِمْهُ الأَعْمَالَ كَمَا يَلِيقُ بِهِ؛ فَإِنْ لَمْ يُطِعْ فَثَقِّلْ عَلَيْهِ الْقُيُودَ، لكِنْ لاَ تُفْرِطْ فِي عِقَابِ ذِي جَسَدٍ، وَلاَ تَصْنَعْ شَيْئًا بِغَيْرِ تَمْيِيزٍ. 31 إِنْ كَانَ لَكَ عَبْدٌ فَلْيَكُنْ عِنْدَكَ كَنَفْسِكَ؛ فَإِنَّكَ اكْتَسَبْتَهُ بِالدَّمِ. إِنْ كَانَ لَكَ عَبْدٌ فَعَامِلْهُ كَنَفْسِكَ؛ فَإِنَّكَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ احْتِيَاجَكَ إِلَى نَفْسِكَ. 32 إِنْ آذَيْتَهُ أَبَقَ، 33 وَإِذَا فَرَّ ذَاهِبًا فَفِي أَيِّ طَرِيقٍ تَطْلُبُهُ؟
العلف والعصا والحمل للحمار،
والخبز والتأديب والعمل للعبد [25].
مع التطلُّع إلى العبد (أو الخادم) كأخٍ، يلزم أن يهتم السيد بثلاثة أمور:
أ. تقديم العلف أو الخبز، فلا يتركه جائعًا، أو محرومًا من الطعام.
ب. العصا، ويُفهَم منها ممارسة الحزم مع الحب، فيدرك حدوده دون غبنٍ من جانب السيد.
ج. العمل باعتدال؛ فإلزامه بما فوق طاقته يُحسَب عنفًا قد يدفعه إلى التمرُّد، والتهاون معه قد يدفعه إلى الكسل، وهذا ليس لصالحه روحيًا وجسديًا واجتماعيًا.
شغِّل عبدك فتجد راحة،
أطلق يديه يلتمس الحرية [26].
إن كانت القوانين في ذلك الوقت تجاهلت حق العبيد كبشرٍ، فإن الشريعة لم تترك للسيد التحكُّم فيهم بطريقة مُطْلَقَة. توجيه العبد للعمل بما يناسب طاقته يعطي السيد نوعًا من الراحة.
النير والرُّبط تحني الرقاب،
وللعبد الشرير التنكيل والألم [27].
كما يُدَافِع سيراخ عن حقوق العبيد، فإنه يطلب تأديب المُتمرِّدين والمُفسِدين للعمل بحكمة، وذلك لصالح الطرفين.
أَرغِمه على العمل، لئلا يبقى بطالًا،
فإن البطالة تُعَلِّم شرورًا كثيرة [28].
يرى القدِّيس يوحنا الذهبي الفم أن تعبير "البطالة" له معنى أوسع من مُجَرَّد "عدم العمل"، إذ يرى من يعمل لمُجَرَّد اقتناء الطعام الباطل، يُحسَب عاطلًا، كما يرى أن من يرهق كل قواه وطاقته لمُجَرَّد الأكل فهو يعمل لحساب الطعام الباطل. يدعونا القديس الذهبي الفم أن نعمل لنُقَدِّم للسيد المسيح طعامًا وشرابًا وملبسًا، من أجل ملكوت السماوات؛ هذا الطعام ليس باطلًا، بل بالحق يبقى إلى الأبد[9].
v إن النهي عن الاهتمام الزائد بحاجات جسدنا لا ينفي الاهتمام والعمل مُطلَقًا. فقد بقي علينا أن نعمل لأنفسنا، لا للطعام الفاني، بل للطعام الباقي للحياة الأبديَّة (يو 6: 27)، لا لحاجاتنا الجسديَّة فقط، بل لنُسعِف القريب أيضًا (أف 4: 28). وسيقول لنا الرب في يوم الدين: "جُعت فأطعمتموني، وعطشت فسقيتموني..." (مت 25: 35). ويُعَدّ ما نفعله مع من كرَّسوا أنفسهم له كأنَّنا نعمل معهم، ويُعطَى لنا عن ذلك الملكوت السماوي. وسيُعاقَب الذين لم يعملوا ولم يتعبوا ليساعدوا الضعفاء ويخدموا القريب، ويرسلهم إلى العذاب الأبدي (مت 25: 41–46)[10].
ألزمه بالعمل كما يليق به،
فإن لم يطع، فثقِّل رجليه بالقيود [29].
البطالة مُضِرَّة للسيد كما للعبد، للطفل كما للشيخ، حتى للمرضى. يليق أن كل البشرية تعمل حسب مواهبهم ووقتهم وقدراتهم. كثيرًا ما أَكَّد القديسان باخوميوس وباسيليوس التزام الراهب بالعمل لبنيانهم الروحي.
ولا تتصرَّف متعاليًا تجاه أي جسد،
ولا تصنع شيئًا بدون حُكْمٍ [30].
كان ابن سيراخ حريصًا ألاَّ يسقط التلاميذ في الحرف القاتل، فيُطَالِبهم أن يمارسوا كل شيءٍ بتعقُّلٍ وليس بالتنفيذ الحرفي للوصية.
إن كان لك عبد، فليكن كنفسك،
فإنك تقتنيه بدمك [31].
يُهَيِّئ سيراخ اليهود والأمم لقبول السيد المسيح المُخَلِّص، الذي يبسط يديه ليحتضن إن أمكن كل البشر دون تحيُّزٍ لجنسٍ أو سنٍ أو مركزٍ أو إمكانيات. فالكل خُلِقُوا من تراب، ولأجل الكل يُقَدِّم المُخَلِّص نفسه ذبيحة عنهم، وها هو يُعد أماكن في السماء لكل من يؤمن به ويتجاوب معه.
إن كان لك عبد فعامله كأخٍ،
فإنك تحتاج إليه احتياجك إلى نفسك [32].
بلا شكٍ هذه العبارة تُمَثِّل ثورة على نظام العبيد، لا بالعنف، وإنما بالفكر السليم.
إن أسأت إليه، ففرّ هاربًا،
ففي أي طريق تذهب لتبحث عنه؟ [33]
يُحَذِّر من إساءة معاملة العبيد. فقد عاش في عصر كان الإنسان يستعبد أخاه في البشرية، ليس من قانون يحمي العبيد. إنه يُهَيِّئ الطريق لتحرير العبيد! طالب السيد أن يحسب عبيده كنفسه، يعاملهم كأخوة، مُبرِزًا الحاجة المتبادلة بينهم. أثار هذا الرأي حفيظة الحكام الرومان، وذلك لأن الإمبراطورية في ذلك الوقت كان بها ستون مليونًا من العبيد، وكان يُخشَى من أن يدفعهم هذا التعليم إلى الثورة على السادة مما ينذر بثورة لا تُحمَد عقباها، ولعل ذلك كان من أسباب اضطهاد المسيحية. "أيّها السّادة، قدّموا للْعبيد الْعدْل والْمساواة، عالمين أنّ لكمْ أنْتمْ أيْضًا سيّدًا في السّماوات" (كو 4: 1).
v لتُمحَ الاختلافات الاجتماعية، فلا يوجد خضوع وسلطة، فقر وغنى فاحش، أشراف وعامة، أسرة مُنحطَّة وأسرة مُكَرَّمة، ولا مجال لعدم المساواة... لنحكم بالمساواة السياسية والتشريعية، وتوزع على كل واحدٍ في كمال الحرية، وبطريقة مملوءة سلامًا ليختار ما يريده[11].
v سَمِّر خوفك في داخلي، فلا أخشى التجارب.
أَتمسَّك بوعودك الصادقة، فتطمئن نفسي.
انزع عني كل حماقة، فلا أسلك في حلقة مفرغة!
v لألتصق بك، فتُقَدِّس كل أيامي لك.
تُشرِق بنورك يا شمس البرّ على حياتي،
فتتحوَّل حياتي إلى عيدٍ دائمٍ وفرحٍ مجيدٍ.
v تراب ورماد أنا، لكن هباتك لي فائقة.
مع كل صباح تنطلق نفسي من مجدٍ إلى مجدٍ.
لمسات يدك تُقِيم مني إناءً للكرامة، يا أيها الخزاف الأعظم.
أعترف لك بضعفاتي، فتُحَوِّل شرّي إلى خير حقيقي،
وتُقِيمني من الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى حياة أبدية!
v أحسبني كراعوث الأممية ألتقط وراء الحاصدين.
أقتنيك أيها السنبلة الإلهية، فتجعلني من أهل بيت الله.
وعدتني أنك لا تنسى كأس ماء بارد،
فاقبل خدمتي لكل من يلتمس التعليم الحق.
v هب لي روح الحكمة مع الحب، أعرف أن أعطي بسخاء وبتدبير حسن!
هب لي ألاَّ أَتوقَّف عن الجهاد الحسن.
فلا أسقط تحت اليأس، ولا يحلّ بي تشامخ!
عَلِّمني ألاَّ أَستخفّ بإنسانٍ ما،
فقد نزلتَ لتحتل آخر صفوف البشرية.
تبسط يديك على الصليب،
وتحتضن الخطاة والزناة وتُقَدِّسهم.
ليكن كل إنسانٍ كنفسي، فلا أتجاهل أحدًا.
إذ أود أن يصير الكل أعضاءً في جسدك يا أيها القدوس.
_____
[1] J. Liesen & L.W. Manhardt: Wisdom, Steubeniville, O: Emmaus Road Publishing, Chapter 21, Sirach 33-43.
[2] Demonstrations, 6.
[3] عظة 5.
[4] بحسب OSB الصديق المستهزئ كخيلٍ شهواني.
[5] Paedagogus, FOTC, vol. 23, p. 89-90.
[6] In Rom. hom 16
[7] Letters, FOTC, vol. 14, p. 213-214.
[8] Letter 53.
[9] Commentary on St. John, FOTC, vol. 33, p.445-447.
[10] Regulae brevius tractatae Question 207.
[11] De Morstuis.
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 34 |
قسم تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب |
تفسير يشوع ابن سيراخ 32 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/6qjaw37