← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18
الأصحاح الخامس
بعد أن تحدَّث عن الحكمة في علاقة المؤمن بالأسرة الجامعة التي هي البشرية ككلٍ من أدم إلى آخر الدهور، حيث يشتاق المؤمن إن أمكن يرى هذه الأسرة كنيسة مقدسة مجيدة. الآن يُرَكِّز على تقديس القلب والفكر كما اللسان والسلوك.
[1 -7] (ت: 1-9) |
||||
[1 -3] (ت: 1-3) |
||||
[4 -6] (ت: 4-7) |
||||
[7] (ت: 8-9) |
||||
[8 -15] (ت: 10-18) |
||||
* من وحي سيراخ 5: إيماننا الحيّ وحياة الاستقامة |
1 لاَ تَعْتَدَّ بِأَمْوَالِكَ، وَلاَ تَقُلْ: «لِي بِهَا كِفَايَةٌ». 2 لاَ تَتَّبِعْ هَوَاكَ وَلاَ قُوَّتَكَ، لِتَسِيرَ فِي شَهَوَاتِ قَلْبِكَ. 3 وَلاَ تَقُلْ: «مَنْ يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ؟» فَإِنَّ الرَّبَّ يَنْتَقِمُ مِنْكَ انْتِقَامًا. 4 لاَ تَقُلْ: «قَدْ خَطِئْتُ، فَأَيُّ سُوءٍ أَصَابَنِي؛ فَإِنَّ الرَّبَّ طَوِيلُ الأَنَاةِ». 5 لاَ تَكُنْ بِلاَ خَوْفٍ مِنْ قِبَلِ الْخَطِيئَةِ الْمَغْفُورَةِ، لِتَزِيدَ خَطِيئَةً عَلَى خَطِيئَةٍ. 6 وَلاَ تَقُلْ: «رَحْمَتُهُ عَظِيمَةٌ، فَيَغْفِرُ كَثْرَةَ خَطَايَايَ»؛ 7 فَإِن عِنْدَهُ الرَّحْمَةَ وَالْغَضَبَ، وَسُخْطُهُ يَحِلُّ عَلَى الْخُطَاةُ. 8 لاَ تُؤَخِّرِ التَّوْبَةَ إِلَى الرَّبِّ، وَلاَ تَتَبَاطَأَ مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ؛ 9 فَإِنَّ غَضَبَ الرَّبِّ يَنْزِلُ بَغْتَةً، وَيَسْتَأْصِلُ فِي يَوْمِ الانْتِقَامِ.
حياة الاستقامة لا تفصل بين الإيمان والحياة المقدسة، فالإيمان بدون أعمال ميت (يع 2: 20، 26)، وأعمال تبدو مقدسة بدون إيمان باطلة، كقول الرسول: "لكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه، لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن بأنه موجود وأنه يجازي الذين يطلبونه" (عب 11: 6).
كان تلاميذ ابن سيراخ يؤمنون بالله، لكنه كان يخشى عليهم أن يفسد عدو الخير إيمانهم، لذلك اهتم بالحديث عن الغطرسة كمرضٍ يتسلَّل إلى قلب الإنسان وفكره، فيُفقِده روح التواضع مع الناس كما مع الله.
إذ يتحدَّث ابن سيراخ إلى تلاميذه الشباب الذين يعدّهم ليكونوا كتبة، لهم دورهم في حياة المجتمع، يعلم أن الكبرياء يتسلَّل بسهولة بين بعض الشباب بسبب إحساسهم بالحيوية والقوة مع تقدُّمهم العلمي والثقافي عن الأجيال السابقة، وعن إخوتهم في الجيل الحاضر، فيبالغون في شعورهم بالثقة في النفس. فعوض أن تدفعهم الثقة في النفس للعمل بجديةٍ وبأسلوبٍ إيجابيٍ لتقدُّم المجتمع، يسخرون داخليًا بالغير خاصة من كان ينتمون إلى الجيل القديم.
قدَّم ابن سيراخ مجموعة من الممنوعات بتكرار قوله: "لا..."، محذرًا إيانا من المخاطر الروحية التي تُسَبِّبها الغطرسة [1-9].
من جانب آخر يصعب على الإنسان أن يكتشف خداعه لنفسه، حيث يعتقد نظريًا بالرب أنه هو الله، بينما عمليًا يُقِيم لنفسه آلهة أخرى. أما مصادر خداع النفس فهي الآتي:
أ. المال هو إلهه [1]: يُحَذِّر من المبالغة في الاتِّكال على المال. بحساباته البشرية المُجرَّدة يشعر أنه قادر على تدبير كل أموره بالمال، ولا يحتاج إلى الإيمان بالله، ولا إلى أحدٍ من البشر.
ب. آلهته هي إشباع اللذات والأهواء كمصدر سعادة وشبع [2]. تقوم الطمأنينة الباطلة على العجرفة والغرور اعتمادًا على الثروة، بينما تقود الشهوات البشرية الشخص إلى الضلال.
ج. إساءة فهم طول أناة الله [3-6]، على أساس أن الله لم يسبق له أن عاقبه على خطاياه، مع جهل مفهوم الرجاء المُفرِح والاتكال الباطل على عظم رحمته [6]. لا يليق التشامخ على الله، إذ لا يقدر الإنسان أن يقف أمام الله [3].
د. التأجيل للغد [7]. يُحَذِّرنا الحكيم من تأجيل التوبة لئلا يحلّ غضب الله على الإنسان بغتةً.
لا يعتمد قلبك على أموالك،
ولا تقل: "إنها تكفيني" [1].
يُحَذِّرنا من الاهتمام بالثروة والاتكال عليها وتجاهل الثقة في الله، الأمر الذي له خطورته على النفس. يقول القدِّيس يوحنا الذهبي الفم: [لا نفع للمال إذا كانت النفس فقيرة، ولا ضرر من الفقر إن كانت النفس غنية[1].]
لا تتبع هواك وقوّتك،
لتسير حسب شهوات قلبك [2].
حسن أن يعتدّ الإنسان بما وهبه له من قدرات على التفكير والتدبير وإمكانية تنفيذ الوصية الإلهية، غير أن الكبرياء يُفسِد هذه العطايا حيث يسلك بتشامخٍ، ظانًا أن كل الأمور تسلك بما يُشبِع شهواته وأهوائه. للأسف من يتبع هواه قد يُنَفِّذ الوصية ظاهريًا لكن بدون إخلاص قلب؟
v من يقوم بتنفيذ وصية الله بدون إخلاص، لا يُمنَع. ففي المظهر يبقى كمن يُتَمِّم تعليم الرب بكل استقامةٍ. ومع أنه ليس أحد يخطئ بسبب هذا العمل ذاته، بل قد ينتفع البعض منه، لكن مثل هذا الشخص يلزم نصحه، لكي تكون دوافعه مُتَّفِقة مع عمله الصالح... (يُقَدِّم لنا الرسول بولس كمثالٍ عملي) "أما قوم فعن حسدٍ وخصامٍ يكرزون بالمسيح، وأما قوم فعن مسرَّةٍ. فهؤلاء عن تحزُّبٍ ينادون بالمسيح لا عن إخلاصٍ، ظانين أنهم يضيفون إلى وثقي ضيقًا. وأولئك عن محبةٍ، عالمين إني موضوع لحماية الإنجيل. فماذا غير أنه على كل وجهٍ، سواء كان بعلَّةٍ أم بحقٍ يُنادَى بالمسيح، وبهذا أنا أفرح، بل سأفرح أيضًا" (في 1: 15-18)[2].
ولا تقل: "من هو السيد الذي يتسلط عليَّ؟"،
فإن الرب سيُعاقِبك حتمًا [3].
قد يتطلَّع الإنسان إلى ما بلغه من نجاحٍ في حياته، في تشامخ يشعر أن الله لا سلطان له عليه، متجاهلًا يوم الرب العظيم. يقول النبي: "فهوذا يأتي اليوم المتقد كالتنّور، وكل المستكبرين وكل فاعلي الشر يكونون قشًا، ويحرقهم اليوم الآتي، قال رب الجنود فلا يبقى لهم أصلًا ولا فرعًا" (مل 1:4).
v اهرب من الكبرياء، لأنه أكثر الأوجاع خداعًا للنفس. فمنه تنبع الشهوة الرديئة ومحبة المال والكراهية والحروب والصراعات. لأن الذين يطمعون في نوال أكثر مما لديهم لن يستطيعوا أن يتوقَّفوا. شهوتهم لا تنبع إلا من خلال حُبِّهم لاستعراض إنجازاتهم...
إذا ما استطعنا أن نقطع الكبرياء، رأس كل شرٍ، يُصاحِب ذلك إمكانية إماتة كل أعضاء الشر الأخرى. فلا يوجد شيء يمنعنا من أن نعيش على الأرض وكأنها سماء!...
إذا ما أردنا أن نقتني مجدًا، يلزمنا أن نهرب من مجد العالم ونشتهي مجدًا من اللَّه وحده. حينئذ نُحَقِّق الاثنين معًا (المجد في العالم ومن اللَّه)، ونتمتَّع بهما بنعمة ربنا يسوع المسيح ومحبته الحانية[3].
لا تقل: "قد أخطأت، فماذا جرى لي؟"،
فإن الرب مُتمهِّل [4].
يُسيء البعض فهم طول أناة الله عليه فيظنون أن الحديث عن تأديب الربّ للخطاة أفكار خيالية غير واقعية. هذه الطمأنينة كاذبة ومُخادِعة للنفس، تدفع الإنسان إلى تأجيل التوبة. يقول القديس بولس الرسول: "أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة؟" (رو 2: 4).
v يقول النبي: "إنني أخطئ، ماذا حدث لي؟" وكأنه يقول: بالتأكيد الله لن يعرف خطاياي، ما دام لا يعاقبني ويؤدِّبني في الحال. مرة أخرى يفكر الشخص: "الله ينساني، إنه يُخفِي وجهه والآن يرى (خطاياي)" [راجع مز 9: 1] LXX. عندما يقول: "الله ينساني" يحكم بأن طول أناة غافر الخطايا في حقيقته إهمال (من الله). إنه يحسب طول أناة الله إغفال من جانب الله مع أنه في الحقيقة أن سماحة تدبير الله للعدالة تركت الأمر إلى وقتٍ متأخرٍ[4].
فستوس من Riez
v إن كان الحكم على الخطايا التي تُرتكَب بجهلٍ هكذا عنيفًا، وتحتاج إلى ذبيحة للتكفير عنها، هذه الحقيقة التي شهد لها أيوب بتقديمه ذبيحة عن أولاده، فماذا يُقَال عن الذين يرتكبون الخطية بمعرفة، أو الذين في صمتهم يذعنون إلى السلوك المخطئ الذي للآخرين؟[5]
لا تكن واثقًا من نيل الغفران،
حتى تضيف خطيئة على خطيئة [5].
v مادمنا لا نعرف متى أو في أي وقتٍ نؤخذ من هذا العالم، فلنسرع بدون مماطلة أو تأخير أن ننطلق من جانب اليسار إلى اليمين. يليق بنا ألاَّ نثق في الصحة أو في سنوات عمرنا. فالشخص غير المتأكد دومًا من حياته يسرع طالبًا دواء خلاصه[6].
v يقول "يحتقر الآخر" (مت 6: 24) دون أن يقول "يبغضه"، لأنه غالبًا ما لا يستطيع إنسان أن يبغض الله، بل يستهين به، أي لا يخافه كما لو كان يشعر بكثرة مراحم الله. ولكن الروح القدس ينزع تلك النظرة المُهلِكة، إذ يقول على لسان النبي: "يا ابني لا تزيد خطية على خطية وتقول رحمة الله عظيمة" (راجع سي 5: 5-6). "غير عالمٍ أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة" (رو 2: 4). فمن هو رحيم مثل الله، الذي يغفر كل خطايا الراجعين إليه، ويجعل الزيتونة البرية شريكة في دسم الزيتونة، كذلك من هو حازم مثله حتى يقطع الأغصان الطبيعية لعدم إيمانها؟ (رو 11: 17-24)[7].
ولا تقل: "رحمته عظيمة، فيغفر كثرة خطاياي"،
فإن كل من الرحمة والغضب يأتيان منه، وسخطه يحلُّ على الخطاة [6].
v كثير من الأشخاص المُهمِلين جدًا يستخدمون رأفة الله علة ليزيدوا من جرم خطاياهم، ويفرطوا في إهمالهم قائلين هكذا: "لا توجد جهنم، لا توجد عقوبة مُقبِلة. الله يغفر لنا كل خطايانا". لإغلاق أفواههم يقول الحكيم: "لا تقل: رحمته عظيمة، فيغفر كثرة خطاياي" (سي 5: 6)، وأيضًا: "كما أنه كثير الرحمة، هكذا هو كثير التأديب" (راجع سي 16: 12)[8].
v إن كانت قوانين البشر يلزم مراعاتها بدقةٍ، كم بالأكثر قوانين الله. يقول قائل: "لكنه هو صالح." إلى متى ننطق بهذا الكلام الأحمق؟ أقول إنه أحمق، لا لأن الله ليس بصالح، وإنما بالتمسُّك بالتفكير أن صلاحه في أيدينا بهذا الهدف... لتصغوا إلى الكتاب المقدس القائل: "لا تقل: رحمته عظيمة فيغفر كثرة خطايا" (سي 5: 6). إنه لا يمنعنا من القول بأن رحمته عظيمة. ليس هذا هو ما يأمرنا به، بل يدعونا أن نقول هذا على الدوام... إنما يقول هذا لكيلا نيأس بسبب خطايانا، بل نتوب. فإن صلاح الله يقودنا إلى التوبة (رو 2: 4) لا إلى شرٍّ أعظم[9].
v هل أنت شيخ، وقد حان وقت خروجك من العالم؟ لا تظن حتى في هذا أنك تُحرَم من التوبة. لا تيأس من خلاصك! تأمل كيف تحرَّر اللص وهو على الصليب، فأي وقت أقصر من تلك الساعة التي تُوِّج فيها؟! ومع هذا فإن هذا كان كافيًا لخلاصه.
هل أنت حدث صغير؟ لا تثق في حداثتك، ولا تظن أنك ضامن وقتًا ما تعيشه في الحياة. لأن "يوم الرب كلصٍ في الليل هكذا يجيء" (1 تس 5: 2). لقد جعل نهايتنا غير منظورة (غير معروفة)، لكي نبذل الجهد ونتطلَّع إلى قدام بجلاءٍ.
أما ترى الناس يؤخذون يومًا فيومًا قبل الأوان؟! لهذا نصحنا الحكيم، قائلًا: "لا تؤخر التوبة إلى الرب، ولا تتباطأ من يومٍ إلى يومٍ" (راجع سي 5: 7). لئلا تتأخر في أي وقت فتهلك.
ليحفظ الشيخ هذه المشورة، وليقبل الشاب هذه النصيحة. نعم. إنك الآن في أمان. هل أنت غني ولك ثروة وفيرة ولا تصيبك أحزان؟ اسمع ما يقوله القديس بولس الرسول: "لأنه حينما يقولون سلام وأمان، حينئذ يفاجئهم هلاك بغتة" (1 تس 5: 3)[10].
v لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلّص به العالم" (يو 3: 17). كثيرون من هؤلاء البشر يميلون إلى أن يضيفوا خطية فوق خطية، ويسيئون استخدام رحمة الله، فينغمسون في إهمالٍ جسيم، قائلين مثل هذه الكلمات: "إنه لا توجد جهنم، وليس من دينونة، الله يغفر كل خطايانا". فلكي يُبكمهم يقول الحكيم: "لا تقل رحمته عظيمة، فيغفر كثرة خطاياي. فإن عنده الشفقة والغضب، وسخطه يحلّ على الخطاة" (راجع سي 5: 6)؛ أيضًا: "كما أنه عظيم في رحمته، هكذا هو شديد في توبيخه" (راجع سي 16: 12)[11].
v ذاك الذي قال: "إذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها... كل معاصيه التي فعلها لا تُذكَر عليه" (حز 18: 21-22)، قال أيضًا: "لا تؤخر الرجوع إلى الربّ" (سي 5: 7).
إن كان الوعد الأول يجعلك في أمان، فالطلب الثاني يُقَدِّم لك سببًا للنضال. أنصت إلى الأسفار الإلهية، إنها تقول: "اذكر أن الموت لا يبطئ" (سي 14: 12).
لا تقل: رحمته عظيمة، فيغفر كثرة خطاياي، فإن عنده الشفقة والغضب، وسخطه يحلّ على الخطاة" (سي 5: 6)، أي الذين يصرّون على خطاياهم. إن راعينا هذا بإخلاصٍ وعناية، ونلجأ إلى التوبة بدون تأجيل، نستطيع أن نهرب من العقاب الأبدي، وننال المكافآت الأبدية بسرور[12].
بروح الحكمة يليق بالمؤمن ألاَّ يسيء الرجاء في مراحم الله بالتراخي في الرجوع إلى الله بالتوبة، كما يليق ألاَّ تتحطَّم نفسه باليأس بسبب كثرة خطاياه أو بشاعتها. فالرجاء الباطل كما اليأس هما مرضان خطيران يلزم معالجتهما.
v ماذا إذن يفعل الربّ مع المُعرَّضين للخطر بهذين المرضين؟
الذين يتعرَّضون للخطر بواسطة الرجاء يقول لهم هذا: "لا تؤخِّر الرجوع إلى الربّ، ولا تؤجِّل من يومٍ إلى يومٍ، فإن غضب الربّ يحل بغتة، فتُستأصل في يوم العقاب" [7]. والذين يتعرَّضون للخطر بواسطة اليأس، ماذا يقول لهم؟ "إذا معاصيه لا أذكرها" (حز 18: 21-22).
لذلك بسبب المُعرَّضين لخطر اليأس يُقَدِّم لهم ميناء المغفرة، وبسبب المُعرَّضين لخطر الرجاء والمخدوعين بالتأجيل جعل يوم الموت غير مؤكَّدٍ. إنك لا تعرف متى يأتي اليوم الأخير. هل أنت جاحد، لأن لديك اليوم في يدك لكي ما تُصلِح من شأنك؟[13]
لا تؤخِّر الرجوع إلى الربّ، ولا تؤجل من يومٍ إلى يومٍ.
فإن غضب الرب يحلّ بغتةً، فتهلك في يوم العقاب [7].
يكشف القديس أغسطينوس عن حرب عدو الخير إبليس مع بعض الناس في عصره. يبدأ العدو بمقاومة الإيمان المسيحي والتشكيك فيه. لكن إذ اكتشف البعض سمو الإيمان المسيحي وقدسيته ولم يستطع العدو أن يُشَكِّكَهم، صار يبرز لهم سمو الإيمان وقدسيته بطريقة رهيبة كي يُماطِلوا في الرجوع إلى الربّ وقبول الإيمان والاعتراف بخطاياهم، فصاروا يؤجِّلون من يومٍ إلى يومٍ دون أخذ خطوة جدية للقاء مع المُخَلِّص[14].
v يتذبذب العقل بين الجسارة والقنوط. يلزمك أن تخف لئلا تقتلك الجسارة؛ ولتخف أيضًا لئلا تفعل هذا بغير اعتبارٍ لرحمة الله؛ فتسقط تحت الحكم. كذلك يلزمك أن تخاف حتى لا يقتلك القنوط عندما تُفَكِّر في الخطايا المُرعِبة التي ارتكبتها أن لا غفران لها. بهذا لا تبلغ إلى التوبة، بل عوض عن هذا تسقط تحت حكم الحكمة: "أنا أيضًا أضحك عند بليتكم" (أم 1: 26).
كيف يُعالِج الربّ الذين في خطر من هذين المرضين؟ بالنسبة للذين في خطر من الجسارة، يقول: "لا تؤخِّر الرجوع إلى الربّ. ولا تؤجل من يومٍ إلى يومٍ، فإن غضب الربّ يحلّ بغتة، فتُستأصل في يوم العقاب" (راجع سي 5: 7). بالنسبة للذين في خطر من اليأس، يقدم (الربّ) لنا ملجأ المغفرة.
بالنسبة للذين في خطر بسبب الجسارة ويُضَلِّلون أنفسهم بالتأجيل، جعل الربّ يوم الموت غير معروف. فإنك لا تعرف متى يحلّ اليوم الأخير بالنسبة لك. أنت إنسان ناكر للجميل. لماذا لا تستغل اليوم بكونه عطية من الله معطاة لأجل توبتك؟[15]
v ماذا أقول عن الشرور الكثيرة الخطيرة، الأمور المعروفة لدى العامة، والتي استنتجوها من تصرفاتك منذ زواجك؟ إنك مسيحي، ولك ضمير، وتخاف الله. تطلَّع إلى داخل نفسك، فستجد ما أَتردَّد عن أن أنطق به بسبب الشرور الكثيرة التي يلزمك أن تُقَدِّم عنها توبة. أعتقد أن هذا هو السبب لماذا تركك الربّ إلى الآن، وأنقذك من كل المخاطر، لعلك تندم على ما فعلت، وإنما بشرط أن تسمع ما هو مكتوب: "لا تؤجل الرجوع إلى الربّ، ولا تؤجل من يومٍ إلى يومٍ" (راجع سي 5: 7)[16].
v اسمع الكتاب المقدس: "إني لا أُسَرّ بموت الشرير، بل أن يرجع الشرير عن طريقه ويحيا" (حز 33: 11). بكلمات الله هذه يرتدّ إلى الرجاء، لكن يوجد فخ يُخشَى منه، لئلا خلال هذا الرجاء يخطئ الإنسان بالأكثر. ماذا أيضًا تقولون، يا من خلال الرجاء تخطئون بالأكثر؟ "عندما أرجع يغفر الله لي كل شيءٍ، فلأفعل الآن ما أشاء". لا تقل: غدًا سأرجع، غدًا سأسر الله، وسيغفر لي كل أعمال اليوم والأمس". إنك تقول الحق: الله يعد بالمغفرة عن تصرفاتك، لكنه لم يعدك أن يكون لك الغد بتأجيلك (التوبة)[17].
v ينصحنا أحدهم: "لا تؤجل من يومٍ إلى يومٍ" (راجع سي 5: 7). بهذا يمكنك أن تنجح في أغلب الأمور. وبهذا تُدَبِّر كل أمور بيتك حسنًا بالنسبة لك"[18].
v ليت الشاب يأخذ في اعتباره عدم التأكد (من موعد) الموت. كثيرًا ما يحدث أن شيوخ كثيرين يستمرون هنا بينما يُحمَل الشباب (إلى الموت) قبلهم. لهذا لا نضع مسيرة لموتنا، بل تُرك في غير يقين. لذلك ينصح الحكيم: "لا تؤخر الرجوع إلى الرب، ولا تؤجل من يومٍ إلى يومٍ، لأنك لا تعرف ما يلده الغد" (راجع سي 5: 7؛ أم 27: 1). فالتأجيل فيه خطورة وخوف، وعدم التأجيل يكشف عن الخلاص في أمانٍ[19].
v يجب ألا يخور الذين ليس لهم ميل طبيعي نحو الخير ولا ييأسوا، إنما يلزمهم ألا يكفوا عن الجهاد نحو الحياة الفاضلة التي ترضي الله، مهما بدا لهم إنه يصعب الوصول إليها أو بلوغها[20].
v بالحقيقة، يلزم ألاَّ يتأخَّر أحد إلى وقت طويل في خطاياه معتمدًا على رجائه في مراحم الله، حيث لا يشتهي أحد أن يبقى مريضًا بالجسد إلى وقتٍ طويل من أجل رجائه في نوال الصحة في المستقبل... يقول الطوباوي داود: "اليوم إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم" (مز 95: 7). ويقول الطوباوي بولس: "انظروا أيها الإخوة ألا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمانٍ في الارتداد عن الله الحيّ، بل عظوا أنفسكم كل يومٍ ما دام الوقت يُدعَى اليوم لكيلا يُقسى أحد منكم بغرور الخطية" (عب 3: 12: 13). لذلك يعيش بقلبٍ قاسٍ ذاك الذي إما انه لا يرجع، محتقرًا غفران خطاياه، أو ذاك الذي يترجَّى رحمة الله، متى حلّت نهاية الحياة الحاضرة وهو مستمر في إصراره على جرائمه[21].
v بنصيحة فعّالة تمامًا أيها الأحباء الأعزاء وبلطفٍ، ينصحنا الربّ بحنوٍ أبوي، عندما يقول النبي: "لا تؤخر الرجوع إلى الربّ، ولا تؤجل من يومٍ إلى يومٍ" (راجع سي 5: 7). "لا تعلم ما يلده اليوم" (أم 27: 1). "بين الفجر والمساء يتغيَّر الزمان" (راجع سي 18: 25). في موضعٍ آخر نُصحنا أيضًا بوصية فعَّالة: "سيروا ما دام لكم النور، لئلا يدرككم الظلام" (يو 12: 35).
قد يقول إنسان مستهتر: عندما أبلغ الشيخوخة سألجأ إلى دواء التوبة. لا يعلم الإنسان الشقي أنه إذا اعتاد أن يرتكب خطايا مع الوعد بالتوبة إنه يخدع نفسه، إذ تقوده إلى حياة شريرة إلى زمانٍ طويل، لا يستطيع إلاَّ بمعاناة أن يتأهَّل لنوال ثمرة التوبة[22].
10 لاَ تَعْتَدَّ بِأَمْوَالِ الظُّلْمِ؛ فَإِنَّهَا لاَ تَنْفَعُكَ شَيْئًا فِي يَوْمِ الانْتِقَامِ. 11 لاَ تَنْقَلِبْ مَعَ كُلِّ رِيحٍ، وَلاَ تَسِرْ فِي كُلِّ طَرِيقٍ؛ فَإِنَّهُ كَذلِكَ يَفْعَلُ الْخَاطِئُ ذُو اللِّسَانَيْنِ. 12 بَلْ كُنْ ثَابِتًا فِي فَهْمِكَ، وَلِيَكُنْ كَلاَمُكَ وَاحِدًا. 13 كُنْ سَرِيعًا فِي الاِسْتِمَاعِ، وَكَثِيرَ التَّأَنِّي فِي إِحَارَةِ الْجَوَابِ. 14 إِنْ كَانَ لَكَ فَهْمٌ؛ فَجَاوِبْ قَرِيبَكَ، وَإِلاَّ فَاجْعَلْ يَدَكَ عَلَى فَمِكَ. 15 فِي الْكَلاَمِ كَرَامَةٌ وَهَوَانٌ، وَلِسَانُ الإِنْسَانِ تَهْلُكَتُهُ. 16 لاَ تُدْعَ نَمَّامًا، وَلاَ تَخْتُلْ بِلِسَانِكَ. 17 فَإِنَّ لِلسَّارِقِ الْخِزْيَ، وَلِذِي اللِّسَانَيْنِ الْمَذَمَّةَ الشَّدِيدَةَ. 18 لاَ تَكُنْ جَاهِلًا فِي كَبِيرَةٍ وَلاَ فِي صَغِيرَةٍ.
يُقَدِّم لنا ابن سيراخ النصائح العملية التالية:
أ. رفض مال الظلم [8]. ب. عدم التعريج بين الطرق [9].
ج. الاهتمام بقدسية الفكر والكلمة [10-14]. د. الحذر من التقلُّب السريع [15].
لا تعتمد على أموال الظلم،
فإنها لا تنفعك شيئًا في يوم الشدة [8].
لا تُذَرّ مع كل ريح، ولا تسلك في كل طريق،
فإنه هكذا يفعل الخاطئ ذو اللسانيْن [9].
امتدح السيد المسيح يوحنا المعمدان لأنه كان ثابتًا غير متردِّدٍ "ماذا خرجْتمْ إلى الْبرّيّة لتنْظروا؟ أقصبةً تحرّكها الرّيح؟" (مت 11: 7). وجاء في رسالة معلمنا يعقوب الرسول: "رجل ذو رأيين هو متقلقل في جميع طرقه" (يع 1: 8).
كن ثابتًا في فهمك،
وليكن كلامك مترابطًا [10].
كن مُسرِعًا في الاستماع،
ومتأنيًا في الإجابة [11].
من جهة الكلام يليق بالمؤمن أن يُسرِع إلى الاستماع، ويتأنَّى على الإجابة. الكلام بحكمة طريق الكرامة، وأما ذوي اللسانين فيتأهَّل للخزي والحكم الشديد.
v "فمي يتكلم بالحكمة، وقلبي يلهج بالفهم".
حيث أنه بحسب الرسول: "القلب يُؤمَن (به) للبرّ، والفم يُعترَف به للخلاص" (رو 10:10)، بالحقيقة عمل الاثنين في البشر يوحي بالكمال. لذلك جمعت العبارة الاثنين معًا في نفس الموضع، عمل الفم وتأمل القلب. بالحقيقة إن كان الصلاح لم يكن قد خُزِّن مقدمًا في القلب، كيف يمكن لمن لم يقتنيه في الخفاء أن يُظهِر الكنز خلال فمه؟ وإن كان لديه أشياء صالحة في قلبه، فإن لم نفعل هذه علانية بالحديث، يُقَال له: "الحكمة المخفية، والكنز الذي لا يُرَى ما الفائدة في هذين، ليتكلم فمي بالحكمة، ولأجل تقدمي ليلهج قلبي بالتعقُّل".
"أميل أذني إلى الأمثال؛ وأكشف ألغازي على قيثارةٍ psaltery" (مز 49: 4).
لا يزال يُقَدِّم النبي شخصه، حتى لا تُحتقَر كلماته كما لو قُدِّمَت بابتكارٍ بشريٍّ. يقول ما أُعلِّم به من الروح (القدس)، هذا أعلنه لكم، ولا أنطق بشيءٍ من عندي، ليس شيئًا بشريًّا. ولكن حيث أني أسمع ألغاز الروح الذي يُنزِل حكمة الله سرّيًا. إني أكشف لكم وأظهر الألغاز. علاوة على هذا لا أظهر شيئًا آخر خلال القيثارة psaltery. القيثارة هي أداة موسيقية تظهر صوتها بتناغمٍ مع لحن الصوت.
تبعًا لذلك فإن القيثارة العقلية مكشوفة، خاصة في ذلك الوقت عندما تعزف الأعمال في تناغمٍ مع الكلمات. فمن يعمل بما يُعلِّم يكون قيثارة روحية. إنه هو الذي يكشف الألغاز في المزمور، يُعد إمكانية التعليم بكونه نموذجًا. لذلك إذ يدرك أنه لا يوجد شيء متنافر أو خارج نغم حياته، ينطق بثقة بالكلمات التالية: "لماذا أخاف في يوم السوء، عندما يحيط بي إثم الذين يتعقّبونني" (مز 49: 5). يقصد بيوم السوء يوم الدينونة، الذي قيل عنه: "يوم الرب يوم لا علاج له، على كل الأمم" (راجع إش 13: 9)، يقول عنه النبي: "مكائده تقلق كل واحدٍ".
في ذلك الوقت، إذن، إذ لم أفعل شيئًا ضد الشريعة في طريق الحياة، لا أخشى يوم السوء. فإن علامات الخطاة لا تقف حولي ولا تقلقني، في اتهامات صامتة تقوم اتهامات ضدِّي.
لا يقف أحد كمتهمٍ لك إلا نفسك، أو أعمالك ذاتها، يقف كل عملٍ في شكله – الزنا والسرقة والفسق – كما بالليل، بالظروف المعينة التي تُظهِر سماتها، وبصفة عامة كل خطيةٍ بسمتها تكون حاضرة تحمل تذكُّرًا واضحًا.
علامات الخطاة إذن لا تقلقني، لأني أميل أذني إلى مثلٍ، أكشف بقيثارةٍ ألغازي[23].
إن كنت تعرف شيئًا، فجاوب على سؤال قريبك،
وإلا فاجعل يدك على فمك [12].
علامة الإخلاص مع النفس، التوقُّف عن الإجابة على الأسئلة الباطلة، التي تُشَتِّت الفكر، وتشغله فيما لا يفيد، وتفسد الوقت.
v عندما وجدوه في عبر البحر قالوا له: "يا معلم متى صرت هنا؟" (يو 6: 25)؛ هذا المقطع يُظهِر مشهدًا لأصدقاء يُعبِّرون عن أمرٍ حساس. على أي الأحوال تبدو بعض العناصر لا معنى لها، بل طفولية. كان يليق بهم في الواقع ألاَّ يتحدثوا مع المُعَلِّم العظيم عن أمورٍ تافهة، بل كان يليق أن يسألوه أن يتعلَّموا شيئًا. ما الحاجة أن يسألوا متى صار هناك؟ أو ما الفائدة التي يجنوها من معرفة ذلك؟ لهذا يلزمنا أن نطلب الحكمة من الحكيم، ونلتزم بالصمت الواعي عن أن ندخل في أحاديث غير ملائمة.
يحثنا الرسول على أن يكون حديثنا مملحًا بملحٍ (كو 4: 6)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. ويدعونا حكيم آخر إلى أمرٍ مشابه: "إن كان لك فهم فجاوب قريبك"، وإلاَّ فاجعل يدك على فمك" (سي 5: 12). نتعلَّم أيضًا في موضعٍ آخر كيف نُدَان عن أي نطقٍ مستهترٍ. "إن كان أحد فيكم يظن أنه ديِّن وهو ليس يلجم لسانه، بل يخدع قلبه، فديانة هذا باطلة" (يع 1: 26)[24].
في الكلام المجد والهوان،
وسقوط الإنسان سببه لسانه [13].
إياك أن تُدعَى نمَّامًا، ولا تنصب كمينًا بلسانك،
فإن السارق ينتظره الخزي،
وعلى ذي اللسانيْن الحكم خطير [14].
تعكس النميمة انشغال الشخص النمَّام عن خطاياه بالتشهير ولو خفية بخطايا الآخرين. فإن الإدانة تعني عدم حُبّنا للغير، مع اغتصابنا لحق الله الديَّان وحده. لذلك يرى ابن سيراخ أن النميمة والإدانة هما سلب وسرقة يلحقهما الخزي في يوم الدينونة.
"ذو اللسانين": يعني باللِّسانَين الرياء، حيث يظهر الإنسان على خلاف ما يُبطِن، أو يظهر بشخصيتين مختلفتين. مجتمع البشرية هو ميدان يقوم على الحكمة الحقيقية. إذ تقوم الحياة البشرية في كل مستوياتها على العلاقات المتبادلة بين البشر وبعضهم البعض في ثقة متبادلة، فإذا شعر إنسان بأن أخيه مخادع وغير مستقيمٍ في فكره وكلماته وسلوكه يتكلم بلسانين، يفقد الثقة فيه.
في الأمور الكبيرة أو الصغيرة لا تخطئ [15].
v سؤال: كيف يكون التعامُل مع الذين يتجنَّبون الخطايا الكبرى، ويتهاونون في الخطايا الأقل؟
الإجابة: أول كل شيءٍ يلزم أن يُفهَم أن هذا التمييز لا أساس له في العهد الجديد. إعلان واحد قُدِّمَ عن كل الخطايا، عندما يقول الرب: "من يعمل الخطية، هو عبد للخطية" (يو 8: 34)... إن كان يمكننا بأمان أن نقول عن خطية صغيرة وخطية عظيمة، فتوجد شهادة لا تُقبَل، الجدال مع أحدٍ أن الخطية العظيمة هي التي تقتنص الشخص تحت سلطانها، بينما الصغيرة فهي التي لا تبلغ اليد العليا، وذلك مثل المصارعين، فإن الأقوى هو المُنتصِر، وأما الضعيف فهو المهزوم بواسطة الأعظم منه أيًا كان[25].
v ماذا نَرُد لك يا ربّ من أجل كثرة إحساناتك؟
نعمتك تهبنا الإيمان العامل بالمحبة.
نعمتك تُشكّل أعماقنا، لنصير بالحق أيقونة لك.
نعمتك تُحطِّم كل خداعات العدو، فلن نسلك معه في طريق الغطرسة.
أشرق بنور معرفتك في أعماقي، فلن يحتل محبة المال قلبي،
ولن تلهب الشهوات والملذات عواطفي.
أنت وحدك مُشبِع نفسي، يا شهوة قلبي!
لن أشتهي المال ولو قُدِّمت لي كنوز العالم.
ولن تجتذبني شهوة ما دمتَ مقيمًا فيّ.
v أستعذب وصيتك، لأنها تسكب من بهائك على نفسي.
تُجَمِّلني، وتُعدّني كعروس سماوية.
سلطانك هو كمال الحرية.
فلا يقدر الشرير أن يتسلَّل فيّ، ويستعبد إرادتي وقلبي وفكري وحواسي.
لك المجد يا أيها المُحَرِّر العجيب!
أفرح كلما تُحَرِّر إخوتي من عبودية إبليس وأعماله الشريرة.
حطِّم يا أيها العجيب في تواضعك كل كبرياء يتسلَّل داخلي.
سكناك فيَّ يُحَوِّل قلبي إلى سماءٍ.
من يلتصق بك يختبر عربون السماء، ولا يجد في العالم مجدًا أو مالًا يغويه.
v عجيب أنت في طول أناتك عليَّ، يا أيها القدوس!
أنت تعرف خطاياي الخفية والظاهرة، ولا تطيقها.
بنعمتك لن أستهين بطول أناتك عليَّ.
لأسرع إليك، فتهبني توبة صادقة، فلا أتهاون مع الخطية.
لأستعدّ للِّقاء معك بفرحٍ وسرورٍ، دون تأجيل ولو إلى لحظة!
رحمتك عظيمة للغاية، تدفعني للالتصاق بك حالًا!
هبني ألا أيأس من كثرة خطاياي، ولا أتهاون في سرعة التوبة.
بحُبِّك ملأت قلوبنا بالرجاء مهما بلغت خطايانا،
وبرعايتك طالبتنا بعدم التأجيل،
حتى لا يتسلَّل العدو إلينا ويخدعنا.
فتحت لنا ميناء للخلاص لتنزع عنا التواني!
v قدِّس يا رب كل خطوات حياتي. فبك أسلك الطريق المستقيم بلا انحرافٍ.
أنت هو الطريق والحق والحياة.
هب لي برَّك فلا أظلم أحدًا.
أمسك بيدي فألتصق بك على الدوام.
قدِّس فكري، وضع حافظًا لفمي.
هب لي الثبات فيك فلا أتزحزح عنك،
أعطني أن أسرع في الاستماع، وأكون متأنيًا في الإجابة.
v قَدِّس يا رب لساني، فلا أكون نمَّامًا، لئلا أنشغل عن خطاياي بالتشهير بخطايا إخوتي.
ولا أكون مرائيًا ذي لسانين،
ما يتكلم به لساني غير ما يفكر فيه عقلي،
وغير ما ينطق به قلبي خفية.
_____
[1] In Matt. hom 80:4.
[2] Morals Rule 19:2.
[3] On John, homily 28.
[4] Faustus of Riez: On Grace 1: 17.
[5] On the Judgment of God.
[6] Sermon 56.
[7] Our Lord's Sermon on the Mount, 2:14:48.
[8] On John, Homily 28: 1.
[9] Homilies on Ephesians, 4.
[11] Homilies on John, hom. 28.
[12] Sermons, FOTC, Vol. 1, p. 317-318.
[13] Tractates on the Gospel of John, FOTC, Vol. 88, p. 58-59.
[14] Letters, FOTC, Vol. 81, p. 21-23.
[15] Tractates on the Gospel of John 33:8.
[16] Letters, FOTC, Vol. 32, p. 104-108.
[17] On Ps. 145 (144).
[18] Homilies on Matthew, 68: 5.
[19] On 2 Cor. Homily 2.
[20] الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 41.
[21] Fulgentius, Select Works, FOTC, Vol. 95, p. 85-86.
[22] Sermons 209::1, FOTC, Vol. 3, p. 89-90.
[23] Homily 19:2, On Ps 49 (48 LXX). Unto the End, a Psalm for the Sons of Core on the Prosperity of the Wicked.
[24] Commentary on the Gospel of John 3:4:25.
[25] Regulae brevius tractatae, 293.
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 6 |
قسم تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب |
تفسير يشوع ابن سيراخ 4 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/x6sck7y