St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Tadros-Yacoub-Malaty  >   26-Sefr-Yashoue-Ebn-Sirakh
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب (والشماس بيشوي بشرى فايز)
سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين"

يشوع ابن سيراخ 47 - تفسير سفر حكمة يشوع بن سيراخ
تمجيد داود وسليمان

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب حكمه يشوع بن سيراخ:
تفسير سفر يشوع ابن سيراخ: مقدمة سفر يشوع ابن سيراخ | يشوع ابن سيراخ 1 | يشوع ابن سيراخ 2 | يشوع ابن سيراخ 3 | يشوع ابن سيراخ 4 | يشوع ابن سيراخ 5 | يشوع ابن سيراخ 6 | يشوع ابن سيراخ 7 | يشوع ابن سيراخ 8 | يشوع ابن سيراخ 9 | يشوع ابن سيراخ 10 | يشوع ابن سيراخ 11 | يشوع ابن سيراخ 12 | يشوع ابن سيراخ 13 | يشوع ابن سيراخ 14 | يشوع ابن سيراخ 15 | يشوع ابن سيراخ 16 | يشوع ابن سيراخ 17 | يشوع ابن سيراخ 18 | يشوع ابن سيراخ 19 | يشوع ابن سيراخ 20 | يشوع ابن سيراخ 21 | يشوع ابن سيراخ 22 | يشوع ابن سيراخ 23 | يشوع ابن سيراخ 24 | يشوع ابن سيراخ 25 | يشوع ابن سيراخ 26 | يشوع ابن سيراخ 27 | يشوع ابن سيراخ 28 | يشوع بن سيراخ 29 | يشوع بن سيراخ 30 | يشوع بن سيراخ 31 | يشوع بن سيراخ 32 | يشوع بن سيراخ 33 | يشوع بن سيراخ 34 | يشوع بن سيراخ 35 | يشوع بن سيراخ 36 | يشوع بن سيراخ 37 | يشوع بن سيراخ 38 | يشوع بن سيراخ 39 | يشوع بن سيراخ 40 | يشوع بن سيراخ 41 | يشوع بن سيراخ 42 | يشوع بن سيراخ 43 | يشوع بن سيراخ 44 | يشوع بن سيراخ 45 | يشوع بن سيراخ 46 | يشوع بن سيراخ 47 | يشوع بن سيراخ 48 | يشوع بن سيراخ 49 | يشوع بن سيراخ 50 | يشوع بن سيراخ 51

نص سفر يشوع ابن سيراخ: يشوع بن سيراخ 1 | يشوع بن سيراخ 2 | يشوع بن سيراخ 3 | يشوع بن سيراخ 4 | يشوع بن سيراخ 5 | يشوع بن سيراخ 6 | يشوع بن سيراخ 7 | يشوع بن سيراخ 8 | يشوع بن سيراخ 9 | يشوع بن سيراخ 10 | يشوع بن سيراخ 11 | يشوع بن سيراخ 12 | يشوع بن سيراخ 13 | يشوع بن سيراخ 14 | يشوع بن سيراخ 15 | يشوع بن سيراخ 16 | يشوع بن سيراخ 17 | يشوع بن سيراخ 18 | يشوع بن سيراخ 19 | يشوع بن سيراخ 20 | يشوع بن سيراخ 21 | يشوع بن سيراخ 22 | يشوع بن سيراخ 23 | يشوع بن سيراخ 24 | يشوع بن سيراخ 25 | يشوع بن سيراخ 26 | يشوع بن سيراخ 27 | يشوع بن سيراخ 28 | يشوع بن سيراخ 29 | يشوع بن سيراخ 30 | يشوع بن سيراخ 31 | يشوع بن سيراخ 32 | يشوع بن سيراخ 33 | يشوع بن سيراخ 34 | يشوع بن سيراخ 35 | يشوع بن سيراخ 36 | يشوع بن سيراخ 37 | يشوع بن سيراخ 38 | يشوع بن سيراخ 39 | يشوع بن سيراخ 40 | يشوع بن سيراخ 41 | يشوع بن سيراخ 42 | يشوع بن سيراخ 43 | يشوع بن سيراخ 44 | يشوع بن سيراخ 45 | يشوع بن سيراخ 46 | يشوع بن سيراخ 47 | يشوع بن سيراخ 48 | يشوع بن سيراخ 49 | يشوع بن سيراخ 50 | يشوع بن سيراخ 51 | يشوع ابن سيراخ كامل

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الأصحاح السابع والأربعون

تمجيد داود وسليمان

في الأصحاح السادس والأربعين أبرز ابن سيراخ اهتمام الله بإقامة قادة أمناء في كل العصور، حتى في فترة القضاة التي يتطلَّع كثيرون إليها أنها حالكة الظلام. والتي عَبَّر عنها السفر نفسه بقوله: "في تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل، كل واحدٍ عمل ما حسن في عينيه" (قض 21: 25). أما في هذا الأصحاح فيؤكد ابن سيراخ حقيقة مُكَمِّلة للحقيقة الأولى، وهي أنه مهما بلغت عظمة القائد وروحانيته وقدراته فهو ليس معصومًا من الخطأ. لذا يليق بالقائد الحيّ ألاَّ يتهاون ما دام في الجسد.

قَدَّم في هذا الأصحاح ثلاثة قادة:

1. الجد داود، مع عظمة نقاوة قلبه، تهاون فسقط في خطية لم يسقط فيها يوسف الشاب المُتغرِّب.

2. الابن سليمان، فاق الكثير من القادة بطلبه الحكمة وهو صغير السن كي يرعى شعب الله. ومع هذا إذ نال مجدًا وغنى وكرامة، أسلم حقويه بجوار نساء وثنيات فاستعبده الجسد بشهواته الشريرة.

3. الحفيد رحبعام، لم يتَّعِظ من والده ولا من جده، ففي تهاون ترك المشورة الحكيمة في الربّ، واستسلم لمشورة أصدقاء متهاونين، فانقسمت المملكة إلى مملكتين، وكانت النهاية سقوطهما الأولى تحت السبي الأشوري والثانية تحت السبي البابلي.

1. مديح داود الملك

     

[1 -11] (ت: 1-13)

2. مديح سليمان الملك

     

[12 -18] (ت: 14-20)

3. سقوط سليمان

     

[19 -22] (ت: 21-25)

4. تمرد يربعام وانقسام المملكة

     

[23 -25] (ت: 26-31)

* من وحي سيراخ 47: سَيِّج حولي بنعمتك حتى لا أنهار

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

1. مديح داود الملك

1 وَبَعْدَ ذلِكَ قَامَ نَاثَانُ، وَتَنَبَّأَ فِي أَيَّامِ دَاوُدَ. 2 كَمَا يُفْصَلُ الشَّحْمُ مِنْ ذَبِيحَةِ الْخَلاَصِ، هكَذَا فُصِلَ دَاوُدُ مِنْ بَيْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 3 لاَعَبَ الأُسُودَ مُلاَعَبَتَهُ الْجِدَاءَ وَالأَدْبَابَ، كَأَنَّهَا حُمْلاَنُ الضَّأْنِ. 4 أَلَمْ يَقْتُلِ الْجَبَّارَ وَهُوَ شَابٌّ؟ أَلَمْ يَرْفَعِ الْعَارَ عَنْ شَعْبِهِ، 5 إِذْ رَفَعَ يَدَهُ بِحَجَرِ الْمِقْلاَعِ، وَحَطَّ صَلَفَ جُلْيَاتَ؟ 6 لأَنَّهُ دَعَا الرَّبَّ الْعَلِيَّ؛ فَأَعْطَى يَمِينَهُ قُوَّةً، لِيقْتُلَ رَجُلًا شَدِيدَ الْقِتَالِ، وَيُعْلِيَ قَرْنَ شَعْبِهِ. 7 فَأَعْطَاهُ الرَّبُّ مَجْدَ قَاتِلِ رِبْوَاتٍ، وَمَدَحَهُ بِبَرَكَاتِهِ، إِذْ نَقَلَ إِلَيْهِ تَاجَ الْمَجْدِ. 8 فَإِنَّهُ حَطَمَ الأَعْدَاءَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَأَفْنَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ الْمُنَاصِبِينَ، وَحَطَّمَ قَرْنَهُمْ إِلَى يَوْمِنَا هذَا. 9 فِي جَمِيعِ أَعْمَالِهِ اعْتَرَفَ لِلْقُدُّوسِ الْعَلِيِّ بِكَلاَمِ مَجْدٍ. 10 بِكُلِّ قَلْبِهِ سَبَّحَ، وَأَحَبَّ صَانِعَهُ. 11 أَقَامَ الْمُغَنِّينَ أَمَامَ الْمَذْبَحِ، وَلَقَّنَهُمْ أَلْحَانًا لَذِيذَةَ السَّمَاعِ. 12 جَعَلَ لِلأَعْيَادِ رَوْنَقًا، وَلِلْمَوَاسِمِ زِينَةً إِلَى الاِنْقِضَاءِ، لِكَيْ يُسَبَّحَ اسْمُهُ الْقُدُّوسُ، وَيُرَنَّمَ فِي قُدْسِهِ مُنْذُ الصَّبَاحِ. 13 الرَّبُّ غَفَرَ خَطَايَاهُ، وَأَعْلَى قَرْنَهُ إِلَى الأَبَدِ. عَاهَدَهُ عَلَى الْمُلْكِ وَعَرْشِ الْمَجْدِ فِي إِسْرَائِيلَ.

 

أبرز سيراخ النقاط التالية:

1. داود الصبي مُحارِب قوي وشجاع في حماية القطيع من الأسود والدببة [3]، كما حَطَّم جليات الجبار [4]، وحارب كملكٍ ضد الكنعانيين خاصة الفلسطينيين [5-7]. كانت أسلحته الرئيسية في معاركه هي محبة الله وشعبه وصلواته [5]؛ لم ينسَ تقديم ذبائح الشكر والتسبيح لله واهب النُصرَة [8-9].

2. اهتمام داود بالعبادة الجماعية [9] وبثّ روح الفرح بالاحتفالات الخاصة بالأعياد [10].

3. إنسان التوبة الصادقة، فتأهَّل لنوال عهد ملوكي أبدي [11].

وبعده قام ناثان، ليتنبأ في أيام داود [1].

لم يذكر سقوط داود، لأن توبته مسحت خطيته من سجل حياته. لكن لئلا نتهاون في الخطية، ذكر ناثان الذي تنبأ في عصره، والذي بكَّت الملك على خطيته، وأكد حاجته للتأديب الحازم ليدرك مرارة الخطية فلا يُكَرِّرها. وبَّخ ناثان النبي الملك داود على سقوطه في الزنا مع بثشبع وقتله زوجها في المعركة (2 مل 12: 1-15).

كما يُفصَل الشحم من ذبيحة السلامة، هكذا فُصِل داود من بين بني إسرائيل [2].

لا نعجب من تشبيه داود النبي والملك بالشحم الذي يُفصَل من ذبيحة السلامة. (راجع ملحق هذا الأصحاح).

لاعب الأسود كملاعبته صغار الماعز، والدببة كأنها حملان الضأن [3].

عندما استخفّ شاول بالغلام داود، وقال له: "لا تستطيع أن تذهب لهذا الفلسطيني لتحاربه، لأنك غلام وهو رجل حرب من صباه" (1 صم 17: 33). أجابه داود: "كان عبدك يرعى لأبيه غنمًا فجاء أسد مع دب وأخذ شاة من القطيع، فخرجت وراءه وقتلته، وأنقذتها من فيه، ولما قام عليّ أمسكته من ذقنه وضربته وقتلته".

ألم يقتل الجبار وهو في شبابه، ورفع العار عن شعبه، حين رفع يده بحجر المقلاع، وضرب تشامخ جليات؟ [4]

نزل داود بعصاه ومقلاعه والحجارة الملساء ليضرب بحجرٍ جبهة جليات (1 صم 17) ويقتله بسيفه. عصاه كانت رمزًا للصليب، والحجر هو السيد المسيح (مز 22:117) الذي يقتل العدو.

يرى القديس أمبروسيوس أن سرّ نصرة داود أنه لم يُثِر الحرب، إنما جليات الذي بدأها، أما هو فدُفِع إليها لغيرته الروحية... لم يحمل سلاح شاول بل مقلاعه الخاص به وعصاه... دخل الحرب بعد استشارة الرب. يقول: [داود لم يُثِر حربًا ما لم يُدفَع إليها... قوته اعتمدت على ذراعيه لا على أسلحة الغير... لم يدخل قط في حرب دون طلب مشورة الله[1].]

ليتنا في جهادنا الروحي نلتزم بهذه الأمور الثلاثة، لا ندفع أنفسنا في الحرب بأنفسنا إنما في تواضعٍ نهرب من كل عثرة، فإذا دخلنا إلى حرب عندئذ نحمل خبرتنا الشخصية مع ربّنا ونعتمد على نعمته العاملة فينا، لا على صلوات الغير دون جهاد من جانبنا، وأخيرًا لا ننطلق إلى الحرب دون طلب مشورة الرب وعونه.

لأنه دعا الربّ العليّ، فأُعطي ليمينه قوة ليغلب الرجل القدير في القتال، ويُعَلِّي قرن شعبه [5].

أخذ داود أدوات جليات إلى خيمته ليستخدم الطاقات التي كانت تعمل لحساب مملكة إبليس تعمل لحساب مملكة الله.

فأعطوه مجد قاتل رِبوات، ومدحوه ببركات الربّ، مُقَدِّمين له تاج المجد [6].

استقبلت النساء شاول وداود، بعضهم يغنين لهما والأخريات يضربن بالدف والمثلثات ويرددن القرار: "ضرب شاول ألوف وداود ربوات" (1 مل 18: 2). عوض الفرح بنجاح داود، بدأ شاول يحقد على داود مُترقِّبًا إياه. ملأ الحسد قلب شاول، فأراد الخلاص من داود الذي خلَّصه من أعدائه. أراد قتل داود، فصار مثلًا سيئًا للغضب والحسد.

فإنه حَطَّم الأعداء من كل جهة، وأفنى الفلسطينيين المُقاوِمين له، وحَطَّم قوَّتهم إلى هذا اليوم [7].

في كل عملٍ له، قَدَّم التشكُّرات للقدوس العليّ بكلمة تسبيحٍ. وبكل قلبه أنشد تسبحة، وأَحَبّ صانعه [8].

قام داود إنسان الله بتقديم ذبائح الشكر والتسبيح كعادته بكل قلبه، فحُسِب قلبه مثل قلب الله (1 مل 13: 13).

أقام مُرَتِّلي المزامير أمام المذبح، ليُرسلوا ألحان عذبة بأصواتهم [9].

أَعدَّ داود الكثير قبل وفاته. لم يُعِد شيئًا ليوم وفاته، وإنما لبناء بيت الرب. لقد كرَّس حياته في سلسلة من المعارك، لا لامتداد المملكة، وإنما لجمع مواد لبناء بيت الرب. كان في المظهر من أعظم أبطال الحرب، وفي الداخل كان قلبه مشغولًا بالبناء. يُقَدِّم لنا القديس مار يعقوب السروجي صورة رائعة عن مشاعر داود الملك وهو يستعد للرحيل من العالم، قائلًا:

[لما علم الماهر في المعرفة بأن أَجَلَه قد حلَّ، أراد أن يُظهِرَ حُبه للرب بوضوحٍ.

رأى الموت قادم ليحلّ هيكل جسده، فأراد أن يبني هيكلًا مُقدَّسًا للرب إلهه.

رأى النبي أن نسيج جسده كاد أن يتهرَّأ، فأراد أن يبني قدس الأقداس لضابط أقاصي الأرض.

ولما أظهر فكرة تشييد هيكل، تكلم ربُّه معه بالروح، قائلًا:

"يا ابن يسى، لا تبنِ لي هيكلًا من الحجارة، لأن قلب الأبرار وحده يقدر أن يسعني لأُكرَّم فيه (2 صم 7: 5؛ إش 66: 1؛ أع 7: 46-50).

لا تسعني السماء والأرض بحدودهما، لأن قلب الأبرار فقط وليس آخر يمكن أن يحويني.

أنا أُكرَّم وأُقدَّس في النفس الطاهرة، ولا يقدر أن يسعني بناء بأيادي الناس.

السماء التي هي عرشي لا تسعني في حضنها، والأرض وحدها هي موطئ قدميّ (مز 99: 5).

قستُ سماء العلي بشبري مثل عارف الكل، وكلت بحفنتي تراب الأرض مثل الكلي السلطان (إش 40: 12).

لا تشيِّد لي هيكلًا لمجدي حيث أُكرَّم، لأن أصابعك سفكتْ دم الناس كثيرًا.

ابنك يبني لي بيتًا لأسكن فيه وأَتقدَّس فيه، ولو حسن لدي أكون معه كما كنتُ أيضًا معك[2].]

جعل للأعياد كرامتها، ونظَّم أزمانها خلال السنة، لتُسَبِّح اسم الله القدوس، ويدوي المقدس (الهيكل) منذ الصباح المُبَكِّر [10].

ساهم داود الملك بالإعداد الضخم لبناء الهيكل في أيام ابنه سليمان، وشجع القيادات والشعب على المساهمة في تكلفة البناء. وجاءت مجهوداته العجيبة في تنظيم فرق التسبيح وتنظيم خدمة الأعياد والعبادة تكشف عما في قلب داود. لم يكن يشغله أن الهيكل أُقِيم في عهده أو عهد ابنه، ولا أن يُقَدِّر تكلفة مبنى الهيكل، إنما أراد أن يرى الهيكل أيقونة السماء المتهللة بالربّ، متطلعًا إلى كل عضوٍ في الشعب أن يساهم في بناء الهيكل بتمتعه بعربون السماء.

أينما وُجِد داود حتى عند هروبه من وجه شاول الذي صَمَّم أن يقتله، لم تُفارِقه قيثارته وتسابيحه، فكانت السماء ليست ببعيدة عنه، متمتعًا بالحضرة الإلهية تحت كل الظروف.

غفر الربّ خطاياه، وأعلى شأنه[3] إلى الأبد،

وأعطاه عهد ملوك، وعرش مجد في إسرائيل [11].

العهد الذي أقامه الرب مع داود (2 مل 7: 16) أن يُثبِّت عرشه إلى الأبد. تحقَّق ذلك بتجسُّد كلمة الله من القديسة مريم من نسل داود، وهو ملك الملوك. يُقِيم ملكوته في قلوب مؤمنيه من كل الأمم والشعوب.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

2. مديح سليمان الملك

14 بَعْدَهُ قَامَ ابْنٌ حَكِيمٌ، وَعَلَى يَدِهِ اسْتَرَاحَ فِي الرُّحْبِ. 15 مَلَكَ سُلَيْمَانُ أَيَّامَ سَلاَمٍ، وَأَرَاحَهُ اللهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، لِكَيْ يُشَيِّدَ بَيْتًا لاِسْمِهِ، وَيُهَيِّئَ قُدْسًا إِلَى الأَبَدِ. 16 مَا أَعْظَمَ حِكْمَتَكَ فِي صَبَائِكَ وَفِطْنَتَكَ، الَّتِي طَفَحْتَ بِهَا مِثْلَ النَّهْرِ. فَإِنَّ قَرِيحَتَكَ عَمَّتِ الأَرْضَ، 17 فَمَلأْتَهَا مِنْ أَمْثَالِ الأَحَاجِي. بَلَغَ اسْمُكَ إِلَى الْجَزَائِرِ الْبَعِيدَةِ، وَأُحْبِبْتَ لأَجْلِ سَلاَمِكَ. 18 أُعْجِبَتِ الآفَاقُ بِمَا لَكَ مِنَ الأَغَانِيِّ وَالأَمْثَالِ وَالأَلْغَازِ وَالتَّفَاسِيرِ، 19 بِاسْمِ الرَّبِّ الإِلهِ الْمَوْصُوفِ بِإِلهِ إِسْرَائِيلَ. 20 جَمَعْتَ الذَّهَبَ كَالْقِصْدِيرِ، وَالْفِضَّةَ كَالرَّصَاصِ.

 

رقد داود وهو يُعِدُّ كل المملكة لتحقيق شهوة قلبه أن يبني بيتًا للرب، وقد كَرَّس إمكانياته لحساب هذا العمل، وها هو يُسَلِّم العرش لسليمان، لا لهدفٍ سوى أن يُتَمِّم الوعد الإلهي له أن يبني ابنه الهيكل. رقد وهو متهلل القلب، فهو رجل التسبيح، يشعر كمن يشارك السمائيين حياتهم المتهللة، وها هو ابنه سليمان يبني الهيكل بيت التسبيح والعبادة.

يبدأ سفر أخبار الأيام الثاني بسليمان الذي عمله الرئيسي بناء الهيكل كمركزٍ للأرض كلها، يُعلِنُ الحضور الإلهي. رَكَّز السفر على بيت داود لكي يطلب المؤمنون ابنَ داود يسكن في وسطهم وفي قلوبهم. رقد داود وهو يُعِدُّ كل المملكة لتحقيق شهوة قلبه أن يبني بيتًا للرب، وقد كَرَّس إمكانياته لحساب هذا العمل، وها هو يُسَلِّم العرش لسليمان، لا لهدفٍ سوى أن يُتَمِّم الوعد الإلهي له أن يبني ابنه الهيكل. رقد وهو متهلل القلب، فهو رجل التسبيح، يشعر كمن يشارك السمائيين حياتهم المتهللة، وها هو ابنه سليمان يبني الهيكل بيت التسبيح والعبادة.

بعده قام ابنه الحكيم، عاش في موضعٍ مُتَّسِعٍ من أجله [12].

الفترة من جلوس سليمان على العرش عام 961 ق.م. حتى سبي أورشليم بواسطة البابليين عام 587 ق.م طويلة، لم يذكر كل أبطال الإيمان في تلك الفترة، هذا بجانب أن كثير من الملوك في هذه الفترة استخفّوا بالحكمة الإلهية.

مَلَكَ سليمان في أيام سلام، وأراحه الله من كل جهة، لكي يُشَيِّد بيتًا لاسمه، ويُهَيِّئ هيكلًا أبديًا [13].

اهتم ابن سيراخ بإبراز ما فعله سليمان من أجل احتضان الحكمة السماوية، ألا وهو بناء بيت الربّ، حيث تمارس العبادة لتقديس الشعب [13]، واهتمامه بالأناشيد والأمثال والحكم والتفاسير [17].

بنى سليمان هيكل الرب في أورشليم، وأُعِيد بناءه بواسطة الملك هيرودس، وقد عاصر هذا المبنى مجيء السيد المسيح الذي تنبَّأ عن خرابه تمامًا (مت 23: 38-39)، وأنه سيقيم هيكلًا جديدًا، الذي هو جسده القائم من الأموات.

كم كنتَ حكيمًا في شبابك! وملآن فهمًا كالنهر! [14]

ظهر الرب لسليمان وسأله عمَّا يطلبه، فاختار سليمان الحكمة ولم يسأل مجدًا أو غنى (1 مل 3). أعطاه الله ما سأله وما لم يسأله. صلَّى قائلًا: "وعبدك في وسط شعبك الذي اخترته شعب كثير لا يُحصَى ولا يُعَد من الكثرة. فأعطِ عبدك قلبًا فهيمًا لأحكم على شعبك، وأُمَيِّز بين الخير والشرّ، لأنَّه من يقدر أن يحكم على شعبك العظيم هذا؟" (1 مل 3: 8-9). جاء في سفر الحكمة: "الحكمة خير من القوَّة، والحكيم أفضل من الجبار" (حك 6: 1). "فإن الحكمة ذات بهاء ونضرة لا تذبل، ومشاهدتها متيسِّرة للذين يحبُّونها، ووجدانها سهل على الذين يلتمسونها" (حك 6: 13).

غطَّت نفسك الأرض، وامتلأتَ من الأمثال والألغاز [15].

"وأعطى الله سليمان حكمة وفهمًا كثيرًا جدًا ورحبة قلب كالرمل الذي على شاطئ البحر" (1 مل 4: 29). سرّ مجد سليمان هو في الحكمة التي تقبَّلها عطيَّة من الله، أكثر من الغِنَى. اختبرها سليمان كعطيَّة إلهيَّة، إذ يقول: "لأن الرب يُعطِي حكمة؛ من فمه المعرفة والفهم" (أم 2: 6). وجاء في سفر أيوب: "من وضع في الطخاءٍ (الإعصار) حكمة أو من أظهر في الشُهب فطنة؟‍" (أي 38: 36).

بلغ اسمك إلى الجزر البعيدة، وصرتَ محبوبًا لأجل سلامك [16]

ومن أناشيدك وأمثالك وحِكَمك تعجَّبتِ الأمم منك بسبب تفاسيرك [17].

اهتم سليمان ببثّ روح الحكمة بين الأمم؛ يُحسَب سليمان فريدًا في الاهتمام بالكرازة للأمم خلال التسابيح والأمثال والحكم والتفاسير، وبكونه قدوة حتى للملوك الوثنيين في عمله كملكٍ.

ملكة سبأ تُعجَب بحكمة سليمان (1 مل 10): اعترفت الملكة أن ما رأته أعظم ممَّا سمعته عنه.

  • عظمة غناه: قدَّمت له ملكة سبأ الكثير من الذهب والأطياب والحجارة الكريمة، كما قدَّم له ملوك الدول المحيطة بفيضٍ.

  • عظمة سخائه، كان يأتيه الكثير، ويُقدِّم أيضًا الكثير.

  • عظمة مظهره: أتراس من ذهب، كؤوس من ذهب، عرش فريد في العظمة.

  • عظمة قوَّته: مركبات وخيل بكثرة [26].

  • قدرته التجاريَّة: تبادل تجاري مع مصر [28- 29].

  • غنى شعبه: [27].

إذا وُضِعَت كل الأمور معًا، يمكن القول إنه فاق كل ملوك الأرض في الغِنَى والحكمة في ذلك الحين، كان ظلًا للمسيح الذي قال: "هوذا أعظم من سليمان ههنا" (مت 12: 42؛ لو 11: 31).

باسم الربّ الإله الذي يُدعَى إله إسرائيل، جمعت الذهب كالقصدير،

وضاعفت الفضة كالرصاصة. [18].

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

3. سقوط سليمان

21 أَمَلْتَ فَخِذَيْكَ إِلَى النِّسَاءِ؛ فَاسْتَوْلَيْنَ عَلَى جَسَدِكَ. 22 جَعَلْتَ عَيْبًا فِي مَجْدِكَ، وَنَجَّسْتَ نَسْلَكَ؛ فَجَلَبْتَ الْغَضَبَ عَلَى بَنِيكَ. لَقَدْ صَدَعَتْ قَلْبِي جَهَالَتُكَ. 23 حَتَّى قُسِمَ السُّلْطَانُ إِلَى قِسْمَيْنِ، وَنَشَأَ مِنْ أَفْرَايمَ مُلْكٌ مُتَمَرِّدٌ. 24 لكِنَّ الرَّبَّ لاَ يَتْرُكُ رَحْمَتَهُ، وَلاَ يُفْسِدُ مِنْ أَعْمَالِهِ شَيْئًا. لاَ يُدَمِّرُ أَعْقَابَ مُصْطَفَاهُ، وَلاَ يُهْلِكُ ذُرِّيَّةَ مُحِبِّهِ. 25 فَأَبْقَى لِيَعْقُوبَ بَقِيَّةً، وَلِدَاوُدَ جُرْثُومَةً مِنْهُ.

 

بعد أن نال سليمان حكمة عظيمة وشهرة وغِنَى بواسطة الله، انحدر وجلب لنفسه خزيًا [20]، بل واستعبد نفسه للأهواء الجنسية. لكن الله برحمته العظيمة لم يهجره [22] من أجل أبيه داود، بل ووُلِد المسيح من نسل داود [22].

لكنك اضطجعتَ بجوار نساء، فاستعبدك جسدك [19].

نجاحه يُحسَب شهادة لله بين الأمم؛ ومع ما اتَّسم به من حكمة سقط في العبودية للشهوات الجسدية [19]. ارتدَّ عن العبادة الحقَّة النقيَّة بإغواء نسائه له، الأمر الذي أشار إليه الكتاب المقدَّس بعد عدة قرون (نح 13: 26)، لهذا سمح الله بتأديبه [9:11- 40]. سليمان الذي كرَّس قلبه لمَحبَّة الله، حوَّله إلى النساء الغريبات. سليمان الذي بدأ برعاية شعبه بالحب، انشغل بقصره الخاص والمنشآت الضخمة، فأرهق شعبه بالضرائب وأعمال السخرة.

إن كان ابن سيراخ نفسه قد اقتفى أثر حكمة سليمان، فبوحي الروح القدس سَجَّل هذا السفر على نمط سفر الأمثال، غير أنه يؤكد بأن سليمان الحكيم فسد بسبب استعباده للوثنيات واعتزاله إيمان آبائه.

v إن أعدت قراءة ما كُتِب عن سليمان، تجد أنه مع كونه حكيمًا للغاية (جا 12: 9) "اقترب من نساء كثيرات" بينما يقول ناموس الله: "لا يكثر له نساء لئلا يجعلنّك تزني وراء إلهك" (راجع تث 17:17). مع عظم حكمته وعظم استحقاقه أمام الله خُدِع، لأنه سلَّم نفسه لنساء كثيرات. أظن أن النساء الكثيرات يُشرن إلى العقائد الكثيرة والفلسفات المختلفة التي للناس، يريد أن يعرفها ويفحصها بكونه إنسانًا غنيًا في المعرفة والحكمة. لم يستطع أن يحفظ نفسه في حكم الشريعة الإلهية.

لقد أُغوي بواسطة فلسفة موآب التي حثّته على تقديم ذبائح لصنم موآب. نفس الأمر بالنسبة للعمونيين والشعوب الأخرى.

قيل إنه رحَّب بنساء كثيرات وبنى معابد وقَدَّم ذبائح لأصنامهن. حقًا، إنه لأمر عظيم أن تختلط بعقائد كثيرة كما بنساء ومع ذلك لا تنحرف عن حكم الحق، بل بحزمٍ تقول: "هن ستون ملكة وثمانون سرّية وعذارى بلا عدد؛ واحدة هي حمامتي كاملتي، الوحيدة لأمها، عقيلة (وحيدة) والدتها هي" (نش 6: 8-9)[4].

العلامة أوريجينوس

جلبت وصمة في مجدك، ونجَّست نسلك،

فجلبت الغضب على أبنائك، وطُعِنوا بغباوتك [20]

لذلك انقسمت المملكة إلى قسمين،

ونشأ من أفرايم مملكة مُتمرِّدة [21].

v الحكمة يُمكِن أن تكون أعظم مساعد عن صحبة أقوى الرجال في المدينة، وهي أيضًا عادة تعرف متى تستبعد الذين يفشلون في أداء واجبهم. فإنه لم يوجد أحد قط لم يتعثَّر. أما لكلمات الشرير فيلزم ألا نعطيها اعتبارًا نهائيًّا، لئلا إذ تسمع بأذنيك ما هو ضدّك عندئذ تُلدَغ في القلب، فيكون رد الفعل هو هجومك عليه.

بالرغم من معرفتي لكل هذه الأمور وتسلُّمي الحكمة من الله، عندما ألقيتها عنِّي لم أعد كما كنت. فقد هجرتني الحكمة إلى حين إلى مسافة يتعذَّر قياسها، حتى بدت أنها لن تصير لي. أخيرًا توقَّفت تمامًا عن البحث عنها، ولم أعد بعد اهتم أن أُقدِّر غباوتي وشهواتي الفارغة وحياة اللهو[5].

القديس غريغوريوس الصانع العجائب

لكنّ الربّ لم يتخلَّ عن رحمته، ولا أفسد أيَّا من كلماته، ولا محا نسل مختاره (داود)، ولا أهلك نسل من أَحَبَّه، فأبقى ليعقوب بقية، ولداود أصلًا من سلالته [22].

من أجل داود الملك البار أَعلن الربّ رحمته التي تجلَّت في الآتي:

1. توبة سليمان ورجوعه عن الفساد واِلتصاقه بالربّ.

2. وُجِد بين ملوك يهوذا (مملكة الجنوب) بعض الأتقياء الذين سلكوا كأبيهم داود.

3. أبقى ليعقوب بقية مقدسة، وسمح الربّ بتأديب إسرائيل بالسبي الأشوري وتأديب يهوذا بالسبي البابلي، لكنه أقام كورش ملك فارس يسمح لليهود بالعودة إلى أرض الموعد.

4. أقام الربّ أبطالًا في الإيمان حتى في أرض السبي مثل أستير وهامان والأنبياء دانيال وحزقيال وغيرهما، وقادة مثل زربابل ونحميا وعزرا الكاتب إلخ.

5. لم ينقض الربّ عهده مع داود، فجاء حكمة الله متجسدًا من القديسة مريم ابنة داود، وأقام ملك الملوك المتجسد ملكوته في قلوب المؤمنين، وجعل منها هيكلًا مقدسًا له يسكنه الروح القدس.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

4. تَمَرُّد يَرُبْعَام وانقسام المملكة

26 وَاسْتَرَاحَ سُلَيْمَانُ مَعَ آبَائِهِ، 27 وَخَلَّفَ بَعْدَهُ ذَا سَفَهٍ عِنْدَ الشَّعْبِ منْ نَسْلِهِ، 28 رَحَبْعَامَ السَّخِيفَ الرَّأْيِ، الَّذِي بَعَثَ بِمَشُورَتِهِ الشَّعْبَ عَلَى التَّمَرُّدِ، 29 وَيَارُبْعَامَ بْنَ نَابَاطَ الَّذِي آثَمَ إِسْرَائِيلَ، وَسَنَّ لأَفْرَايمَ طَرِيقَ الْخَطِيئَةِ. فَكَثُرَتْ خَطَايَاهُمْ جِدًّا، 30 حَتَّى أَجْلَتْهُمْ عَنْ أَرْضِهِمْ، 31 وَالْتَمَسُوا كُلَّ شَرٍّ، حَتَّى حَلَّ بِهِمِ الانْتِقَامُ.

 

انحطاط سليمان بعبوديته للشهوات أثمر انقسامًا للملكة بعد موته مباشرة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. عبر الفساد إلى أبنائه، مبتدئًا برحبعام [23]. بسبب انغماسه في الشهوات وتمرُّده على الوصية الإلهية أخذ سليمان نساء غريبات عابدات للأصنام. فغرس بذور التمرُّد وعدم الطاعة في ابنه رحبعام. هذا ما غرسه أيضًا في عبده السابق يربعام الذي تحوَّل من صديقٍ لسليمان ونسله إلى عدوٍ متمرد. تمرد كل من رحبعام ويربعام أَدَّى إلى انقسام المملكة إلى مملكة شمالية تضم عشرة أسباط تحت رئاسة يربعام، ومملكة جنوبية تضم سبطين هما يهوذا وبنيامين. هذا الانقسام دفع العشرة أسباط إلى التغرُّب عن أورشليم والهيكل والكهنوت اللاوي، وانغماسهم في عبادة الأصنام.

عندما استراح سليمان مع آبائه، ترك من بعده أحد أبنائه، تنقصه الفطنة والفهم.

رحبعام الذي حمل بمشورته الشعب على التمرد[6] [23].

خلف سليمان ملكان واحد في الجنوب هو ابنه رحبعام، والثاني في الشمال هو عدوه يربعام، وكلاهما كانا غبيين [23].

كذلك وُجِد يربعام بن ناباط الذي دفع إسرائيل إلى الخطية، وقاد أفرايم في الطريق إلى الخطية، فكثرت خطاياهم جدًا حتى نزعتهم عن أرضهم [24].

سعوا وراء كل شرٍ، حتى حلّ بهم العقاب [25].

v سؤال: كيف نخاف من دينونة الله (عب 27:10)؟

الإجابة: توقُّع أي شيء مُرعِب يدفع الإنسان إلى الخوف. هكذا نحن نخاف من الحيوانات المفترسة وكذلك من الحُكَّام، متوقِّعين بعض الشر من جانبهم. وبالتالي لو أن شخصًا آمن بأن تحذيرات الله عن الدينونة الأخيرة حقيقية، وتوقَّع أنها مخيفة ومُرعِبة، فمن الطبيعي يخشى أحكام الله[7].

القديس باسيليوس الكبير

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

من وحي سيراخ 47

سَيِّج حولي بنعمتك حتى لا أنهار

v كلما تطلَّعت إلى رحبعام بن سليمان بن داود، تصرخ أعماقي إليك كي لا تهلك نفسي.

رحبعام لم يتعلَّم من أبيه سليمان، فيطلب منك الحكمة.

أخذ مشورة الأشرار، وتشامخ على الشعب.

فضاع كل ما جمعه أبوه الحكيم وجدّه التقي.

v بدأ سليمان الشاب الصغير الحكم، فطلب الحكمة لكي يُسَلِّم قيادة المملكة في يدك،

ازداد مجدًا وحكمة وغنى وبُهر العالم بحكمته.

لكنه استهتر، فأسلم حقويه بجوار نساء وثنيات.

جلب وصمة عارٍ في مجده، ونجاسة في نسله، وغضبًا على أبنائه.

نعم تاب، لكن ابنه رحبعام تشرَّب منه الفساد في فترة انحرافه!

v وماذا أقول عن داود جد رحبعام؟ في شبابه المُبَكِّر مَزَّق أسدًا ودبًا بيديه.

واجه جليات الجبار، لا بسيفٍ ورمحٍ، وإنما باسمك يا ربّ الجنود، فحطَّم تشامخه عليك.

كانت حياته سلسلة لا تنقطع من التسابيح والتشكُّرات لك.

أقام خوارس مقدسة تُسَبِّح مع السمائيين.

نظَّم الأعياد المُبهِجة، وأَعَدّ الكثيرين للعيد السماوي الدائم.

تراخى يومًا، فانحدر من خطية إلى خطية. فأرسلت له ناثان النبي ليرده إليك بالتوبة.

ليس من شخص ولو كان نبيًا عظيمًا أو ملكًا محبوبًا منك ومن الناس معصومًا من الخطأ!

سَيِّج يا ربّ حولي حتى لا أتراخى مع العظيم داود،

ولا أَستسلم لجلسات مستهترة كسليمان الحكيم،

ولا أجري وراء الصداقات غير اللائقة مع رحبعام!

ليس من يحميني من ضعفاتي سوى روحك القدوس!


ملحق سيراخ 47

داود النبي والشحم في ذبيحة السلامة

يُشَبِّه ابن سيراخ داود النبي في بني إسرائيل بالشحم في ذبيحة السلامة (سي 47: 2؛ لا 3).

أولًا: بالنسبة لذبيحة السلامة يراها العلامة أوريجينوس[8] تقدمة الإنسان الكامل أو الناضج روحيًا الذي ينعم بسلام الله الكامل في حياته الداخلية، وبكونها فيض سلام وشكر ينبع بالسيد المسيح واهب السلام. لذلك تُسَمَّى "تقدمة الكمال."

ثانيًا: بالنسبة للشحم، في العهد القديم مُنِع أكل الدم والشحم، لأن الدم يشير إلى حياة الإنسان، والشحم هو أفضل جزء في الحيوان، جاءت الوصية في ذبيحة السلامة أن الإنسان الذي يأكل الشحم من هذه الذبيحة تُقطَع نفسه من شعب الله (لا 3: 16). كان الشحم يُقَدَّم للربّ وليس للإنسانٍ نصيب فيها، علامة تقديم أفضل شيءٍ في الذبيحة للربّ. وعندما تهاون عالي الكاهن مع ابنيه الكاهنين ليأكلا شحم الذبائح، انتهره الربّ، لأنه كَرَّم ابنيه عن الربّ (1 صم 2: 29).

جاء في ذبيحة السلامة: "ويقرّب من ذبيحة السلامة شحمها وقودًا للربّ الألية صحيحة من عند العصعص ينزعها والشحم الذي يغشي الأحشاء وسائر الشحم الذي على الأحشاء، والكليتين والشحم الذي عليهما، ويوقدها الكاهن على المذبح طعام وقود للربّ" (لا 3: 9-11).

ثالثا: داود واختياره من بين إسرائيل، يُشَبَّه بالشحم في أفضل ذبيحة الخاصة بالكاملين. إنه نصيب الربّ، فقد كَرَّس كل حياته وخاصة قلبه وفكره وعواطفه للربّ وحده. هكذا كان داود نموذجًا حيًا للعاملين ما هو مستقيم في عيني الربّ (1 مل 11: 33؛ 2 مل 22: 2؛ 2 أي 28: 1).

هذه الشخصية التي تمتَّعت بالوعد الإلهي أن من نسلها من يجلس على كرسي العرش إلى الأبد.

يُقَدِّم ابن سيراخ داود كأنه أفضل الكاملين، ومع هذا السمو لم يكن معصومًا من الخطأ؛ وعندما تهاون في نقاوة قلبه سقط في خطايا لم يسقط فيها في صبوته وشبابه. حقًا لقد قضى بقية حياته يمارس التوبة بروح الرجاء واليقين في محبة الله غافر الخطايا!

[العجيب في خطة الله أن شرب الدم وأكل الشحم مضرّان لصحة الإنسان؛ وفي نفس الوقت منعت الشريعة أكلهما لأنهما نصيبا الربّ.]

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

[1] Duties of the Clergy 1:35: 177.

[2] ميمر 11 على الزانيتين (راجع الأب بول بيجان، ترجمة دكتور سوني بهنام).

Stephen A. Kaufman: Jacob of Serug's Homily on the Judgment of Solomon, Gorgias, 2008.

[3] بحسب اليوناني: قرنه κέρας.

[4] Homilies on Numbers 20:3:3.

[5] Life and Works, FOTC, Vol. 98, p. 138.

[6] بحسب OSB: الذي بمشورته أبعد الشعب.

[7] Regulae brevius tractatae, 209.

[8] Homilies on Leviticus, homily 2.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Tadros-Yacoub-Malaty/26-Sefr-Yashoue-Ebn-Sirakh/Tafseer-Sefr-Yasho3-Ibn-Sira5__01-Chapter-47.html

تقصير الرابط:
tak.la/4sgddk2