← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31
الأصحاح السابع عشر
بعد أن تحدَّث ابن سيراخ عن حكمة الله ومحبته للبشر إذ خلق العالم، مُهَيِّئًا للإنسان احتياجاته، تحدَّث عن خلقه الإنسان في شيءٍ من التفصيل. خلقه من التراب؛ لكنه فريد في كل الخليقة، على شبه قوته على صورته [3] وأعطاه سلطانًا على المخلوقات الأخرى، على الأرض وفي المياه وفي الجو. يقوم هذا السلطان على انفراده في القدرة على التفكير والدراسة والفهم والتذكُّر والتخيل.
[1 -8] (ت: 1-6) |
||||
[9 -11] (ت: 7-11) |
||||
[12 -18] (ت: 11-19) |
||||
[19 -27] (ت: 20-31) |
||||
* من وحي سيراخ 17: خلقتني وخلَّصتني وتترقَّب رجوعي إليك |
1 خَلَقَ الرَّبُّ الإِنْسَانَ مِنَ الأَرْضِ، 2 وَإِلَيْهَا أَعَادَهُ. 3 جَعَلَ لَهُمْ وَقْتًا وَأَيَّامًا مَعْدُودَةً، وَأَتَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ مَا فِيهَا، وَأَلْبَسَهُمْ قُوَّةً بِحَسَبِ طَبِيعَتِهِمْ، وَصَنَعَهُمْ عَلَى صُورَتِهِ. 4 أَلْقَى رُعْبَهُ عَلَى كُلِّ ذِي جَسَدٍ، وَسَلَّطَهُ عَلَى الْوَحْشِ وَالطَّيْرِ. 5 خَلَقَ مِنْهُ عَوْنًا بِإِزَائِهِ، وَأَعْطَاهُمُ اخْتِيَارًا وَلِسَانًا وَعَيْنَيْنِ وَأُذُنَيْنِ وَقَلْبًا يَتَفَكَّرُ، 6 وَمَلأَهُمْ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحِكْمَةِ، وَأَرَاهُمُ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ.
يبرز السفر مدى اعتزاز الله بالإنسان كخليقة فريدة محبوبة لديه جدًا.
1. خلق الإنسان من التراب (تك 2: 7) وعندما أخطأ خضع للموت (تك 3: 19). كثمرة عصيانه لله مصدر حياته. ويبرز سفر سيراخ مهابة الموت في نظر الإنسان، إذ يترقَّبه في كل لحظةٍ من لحظات حياته. لكن بانطلاقنا من العالم ندرك أنه يليق بنا ألا ننشغل بما عشناه على الأرض إن كان يومًا واحدًا أو ألف سنة، إنما ما يشغلنا هناك أسلوب حياتنا هل كنا في شركة مع الله أم غرباء عنه. عمرنا وقت مُحَدَّد، أما في الدهر الآتي فخلود في السماء حيث نرى الله ونتمتَّع بالمجد الأبدي، أو حرمان أبدي من ملكوت السماء.
2. إن فاقت بعض الحيوانات الإنسان في ضخامة الجسد كالفيلة، أو في القوة الجسمانية كالأسد، أو السرعة مثل الإيل، أو القدرة على الطيران مثل النسر أو السباحة في أعماق المحيطات كالسمك. غير أن الله وهبه سلطانًا، وألقى الرب رعب الإنسان على كل الكائنات الحية [2- 4].
3. يشترك الإنسان مع كثير من الحيوانات في وجود حياة ولسان وأعين ومخ ويتميَّز عنها في انفراده أنه على صورة الله ومثاله، كما ألبسه قوة تليق بمحبوب الله [3] ووهبه العقل والإرادة الحرة.
4. أحيانًا يفوق الحيوان عن الإنسان في استخدام بعض الحواس في الأمور الأرضية، فيمكن للحيوان بالشم أن يدرك النبات السام، أما الإنسان فيحتاج إلى دراسة علمية ليُدرِك أن به مادة سامة.
5. تستخدم حواس الإنسان للانطلاق إلى ما وراء الأرضيات والزمنيات، فاللسان يسند الإنسان للتسبيح مع السمائيين، وخلال الأعين يمكن للبصيرة الداخلية أن ترى ما هو غير منظور. يرى بعض الآباء أن حواس الإنسان الخمس يمكن أن تساهم في حواسه التي للإنسان الداخلي [13].
6. للحيوان مخ لكن ليس له عقل يسنده في التطور والتقدم كدراسة الفضاء والإلكترونيات والتعرُّف على قوانين الطبيعة، بل والالتقاء مع الله أبديًا والتعرُّف على السمائيين.
7. وهب الله الإنسان إمكانية قبول النعمة المجانية التي تسنده على التمتُّع بأسرار الشريعة الإلهية، بل وتهبه بهجة في حفظها، وتقدم له معرفة فائقة [7- 11].
8. يكرِّم الله الإنسان، فيتعامل معه كما لو كان الند للند، فيدخل معه في عهدٍ لا على مستوى زمني مؤقت بل على مستوى أبدي [12].
9. يشتاق الله أن يتطلَّع الإنسان إلى مجد عظمته، وأن يسمع مجد صوته، لأن مصيره الأبدي هو الأحضان الإلهية، يتمتع بالأمجاد السماوية.
v لماذا خُلِق الإنسان؟ لكي يمجد الله ويراه خلال خليقته، الله الذي أوجد الخليقة من أجل الإنسان.
الذهن المُحِب لله هو عطية غير منظورة يُقَدِّمها الله لبلوغ الحياة الصالحة[1].
v إن أخطر أمراض النفس وأَشرّ الكوارث والنكبات، هي عدم معرفة الذي خلق الكل لأجل الإنسان ووهبه عقلًا وأعطاه كلمة بها يسمو إلى فوق وتصير له شركة مع الله، متأملًا وممجدًا إيَّاه[2].
خلق الربّ الإنسان من الأرض،
وإليها أعاده مرّة أخرى [1].
v سمعنا أن الرب أخذ "ترابًا من الأرض" و"صنع الإنسان" (انظر تك 2: 7). من هذه الآية أيقنت أن الإنسان لا شيء وعظيم في الوقت ذاته. فإذا نظرت إلى طبيعتنا الترابية على حدى، فهي لا شيء ولا تستحق أي شيءٍ، ولكن إذا نظرت إلى الكرامة التي تُوِّج بها، ترى الإنسان عظيمًا...
لم يقل الله: "ليكن الإنسان" مثلما قال: "ليكن جَلَد". هكذا ترى أن الإنسان لم يُخلَق مثل باقي المخلوقات. فَخَلْقُ الإنسان هو أسمى من النور والسماء والأجرام السماوية، بل وفوق كل شيءٍ. نال جسمنا كرامة أن يُصَاغ كليًّا بواسطة يدي الله. لم يأمر الله ملاكًا، وليست الأرض هي التي ولدتنا تلقائيًا كما تلد بعض الحشرات. لم يُخبر أن القوات الملائكية التي تخدمه تفعل هذا أو ذاك. لكن بيده الخاصة كفنانٍ، أخذ من تراب الأرض وشكَّل الإنسان.
حينما تتأمل ما أخذه الرب (التراب)، تُدرِك ماذا يكون الإنسان؟ لكن عندما تتأمل في ذاك الذي صاغ، تدرك أن الإنسان عظيم. حقًا، فهو لا شيء بسبب المادة التي خُلِقَ منها، وعظيم بسبب الكرامة التي نالها من الله خالقه[3].
لقد عاد الإنسان إلى التراب بسقوطه في التمرُّد ضد خالقه، ولم يتخلّ الخالق عنه بل حمل خطايا العالم على الصليب، وأعطاه إمكانية ردّ صورة الله في استحقاق الدم. يرى القديس غريغوريوس النيصي من بركات الله على الإنسان أنه قابل للتغيير، فبالنعمة يرتفع من مجدٍ إلى مجدٍ، وبالتهاون يسقط ويفقد خلاصه.
v ما دمنا قابلين للتغيير، فالأفضل أن نتغيَّر إلى ما هو أفضل: "من مجدٍ إلى مجدٍ" (2 كو 3: 18). وهذا يجعلنا نتقدَّم دائمًا نحو الكمال بالنمو اليومي، مع عدم الاكتفاء بحدودٍ مُعيَّنة نحو الكمال. يعني عدم التوقُّف نحو ما هو أفضل، وعدم وضع أيّة حدود نقف عندها في نمونا[4].
جعل للناس أيامًا معدودة ووقتًا مُحَدَّدًا،
ووهبهم سلطانًا عليها [2].
تحدَّث القديس مار يعقوب السروجي[5] عن العظمة الحقيقة والعظمة الباطلة تحدث في إبداع حيث أبرز حب الله الفائق نحو الإنسان. فقد زيَّن السماء بالكواكب، وهيَّأ الأرض بالمخلوقات الجميلة، وقدَّمهما للإنسان لتكونا تحت سلطانه. لقد أراد الله للإنسان أن يكون صاحب مجد وسلطان، لكن بحسد إبليس سقط في العظمة الباطلة، ففقد عظمته الحقيقية. ومع هذا سمح الله لآدم أن يعود إلى ما كان عليه من تراب لا ليذله، بل لكيلا يحيا إلى الأبد فاقد عظمته، إنما باكتشاف حقيقته ينال المجد خلال عمل المُخَلِّص.
وألبسهم قوَّة شبه قوّته،
وخلقهم على صورته [3].
v لقد رسم فينا الرب صورته من أجل حنانه، وبنفس المراحم هذه سيقيمنا في اليوم الأخير[6].
v صوَّر جميع الكائنات في أشكالها، ولم يرسم له صورة إلاَّ على آدم. الأرض واسعة، والسماء عالية، والشمس بهية، والقمر جميل، ومسيرة العساكر مجيدة. عندما صنع كل هذا الجمال، لم يُسمَع أن الرب صنع شيئًا على صورته، ماعدا آدم، صورة (الابن) الوحيد، ولأجله سُميَ صورة الله[7].
v ترك الله رؤساء الملائكة ليرسم صورته وشبهه في النفس البشرية. لقد زيَّنها بجمالٍ فاقت به جميع المخلوقات[8].
v صورته جعلتهم يقتنون الدالة، لكي يتضرَّعوا إليه بلا خجلٍ بواسطة (صورته) الخاصة[9].
v النفس خليقة نبيلة وجميلة، لا تفوقها أية خليقة أخرى. إنها صورة الملك. وصورة اللاهوت النبيلة، ويفوق جمالها جمال كل المخلوقات. تأمل كم كان جميلًا نور اليوم الأول، لكن الله لم يرسم عليه صورة اللاهوت الجميلة. انظر إلى الجَلَد، الخيمة المبسوطة على كل المخلوقات، لم يكن هو أيضًا مستحقًا ليحمل صورة الملك، كذلك الشمس والقمر لم يستحقا بأشعتهما أن يحملا الصورة النبيلة[10].
v يقول القديس باسيليوس الكبير إن مدينة الرب (مز 101) هي الإنسان، لأن الله خلقه على صورته ومثاله. وأما أشرار الأرض وفاعلو الإثم فهم الأفكار الشريرة الخارجة من القلب مثل القتل والفجور والزنا والسرقة وشهادة الزور والتجديف وما إلى ذلك. يجب علينا قتلها وإبادتها من مدينة الرب باكرًا، أي في بداياتها أو في حداثة عمرنا، ولا ندعها تنمو فينا بالأكثر.
v ماذا يعني الكتاب المقدس عندما قال إننا قد خُلِقْنا على صورة الله؟
لنتعلَّم الأمور التي تخصّ الله، ولنفهم تلك التي تخصّ أنفسنا، وهو أننا ليس لنا ما هو على صورة الله في شكل جسدي، لأن شكل الجسد قابل للفساد. إن ما هو غير قابل للفساد لا يُوصَف بما هو قابل للفساد، كما أن ما هو قابل للفساد ليس صورة لما هو غير قابل للفساد...
كيف، إذًا، يتشابه ما هو قابل للتغيير مع ما هو غير متغيِّر؟ إن جسدنا البشري يهرب منا مثل نهر يتدفَّق قبل أن نراه ينتهي. يظهر في هيئةٍ ما ثم في هيئةٍ أخرى.
"على صورتنا"! أنحصل من الطبيعة غير المتغيرة على صورة متغيرة؟ أنحصل على شكل مِنْ مَنْ ليس له شكل؟ إذن كيف نفحص ما هو بحسب الصورة؟ من الأمور التي نطق بها الرب ذاته. إذا كنت أتكلم بشيءٍ من عندي فلا تَقْبَله، أما إذا كان كلام الرب فبالحق اِقْبَله في قلبك.
"لنعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلَّطون على سمك البحر" (تك 1: 26). هل بالجسم أم بالعقل؟ أَتَكْمُن تلك القوة المتسلطة في الروح أم في الجسم؟ إن الجسم أضعف من الحيوانات، فما هي المقارنة التي توجد بين جسم الإنسان وجسم الجمل؛ بين الإنسان والثور؛ بين الإنسان وأي حيوان متوحش تختاره؟ جسم الإنسان يَسهُل أسره ومهاجمته بواسطة حيوان مُفترِس.
فيمَ يكمن مبدأ التسلُّط؟ في سمو شأن العقل. ما كان ينقص قوة الجسم أُكمِل بالعقل! لكن كيف يتسنَّى للإنسان أن ينقل أوزان ثقيلة ضخمة؟ هل بالفكر أم بقوة الجسد؟[11]
v إن أردت، تستطيع أن تكون عبدًا للشهوات. وإن أردت، تقدر أن تتحرَّر منها ولا تخضع لنيرها، لأن الله خلقك وأعطاك هذا السلطان. من يُقهر شهوات الجسد يُتوَّج بعدم الفساد. فلو لم تكن هناك شهوات ما كان يمكن أن توجد فضائل، وبالتالي ما كان يعطي الله أكاليل لمن يستحقونها[12].
وألقى خوف الإنسان على كل جسدٍ،
وأعطاه السلطان على الوحوش والطيور [4].
وأعطى البشر القدرة على الدراسة،
وأعطاهم لسانًا وعينين وأذنين وقلبًا للتفكير به [5].
يمكن للإنسان أن يكون له تاريخ لأنه خلقه كمن هو راوي قصص، كل إنسانٍ يتسلَّم من أسلافه روايات عن عمل الله معهم، ويرويها بدوره للأجيال القادمة. لقد أعلن الله للإنسان عن نفسه خلال الطبيعة والتاريخ حتى قبل إرسال موسى وتسليمه الناموس المكتوب.
v من لا يرون ما هو نافع لهم، ولا ينظرون ما هو صالح، هؤلاء نفوسهم عمياء وذهنهم هكذا أيضًا. فيجب علينا ألا نتطلّع إليهم لئلا بإهمالنا نسقط في آلامهم بغير إرادتنا كما يحدث مع العميان (الذين يقودهم عميان)[13].
v أنا وحدي أملك الحرية من بيت الخلائق التي تُمَجِّدك بمسيرة طبائعها السريعة. لا الشمس ولا القمر البهي ولا النجوم تدور بسرعة في مساراتها بإرادتها. إن قوتك العظمى تلزمها كلها على تسبيحك، ولا تميز هي حريتها لتسبح مخافتك. بي يليق التسبيح أنا الحر لو فهمت، لأن إرادتي لها سلطان لإبطال أو الاستمرار في التسبيح[14].
v بإرادتنا نصبح أصحاء أو مرضى، لأننا نحن سبب صحتنا ومرضنا[15].
وملأهم من البراعة في الفهم،
وأطلعهم على الخير والشرّ [6].
في إبداع يتحدَّث القديس مار يعقوب السروجي عن سمو العقل في حياة الإنسان، فيُشَبِّهه وهو في رأس الإنسان أي في العلو بالله الساكن في الأعالي، أي في السماوات. وفي نفس الوقت ما دام للعقل دوره القيادي مع الإرادة البشرية في حياة الإنسان، لهذا يُحَذِّرنا من التهاون في تقديسه، والانحراف نحو إتباع الشهوات الجسدية التي تظلم العقل، وتنحط بالنفس لتصير في عبودية للجسد، فتبدو كأنها جسدية.
v من يأتي إلى الكنيسة، لا يأتي بدون تمييز مثل الحيوانات التي لا فهم لها. لا يزور أحد عيادة الطبيب كنوعٍ من العادة، ما لم يجبره المرض لزيارته طلبًا للشفاء[16].
v أتقن (الله) المخ بيتًا للعقل، ليجلس هناك في الطابق العلوي مثل الله[17].
v يظلم العقل بالشهوات لئلاَّ يفهم... فمن أكثر من طعامه، أنزل نفسه لتصير جسدًا[18].
وجعل عينه على قلوبهم،
ليظهر لهم عظمة أعماله [7].
مع ما تمتَّع به الإنسان من مزايا عجيبة، غير أنه فائق للغاية بإنسانه الداخلي، يستطيع بقلبه وطاقاته الداخلية أن يدرك عظمة عمل الله فيه ومعه.
فيحمدون اسمه القدوس،
ليصفوا تمامًا عظائم أعماله [8].
وهب الإنسان القدرة على التعبير عن اعتزازه بعجائب الله التي يُقَدِّمها له، بالحمد لاسمه القدوس، ففي قدرة الإنسان وهو مخلوق من التراب ويعيش على الأرض أن يشارك السمائيين تسابيحهم لله.
v توجد النفس في الجسد، ويوجد العقل في النفس، وتوجد الكلمة في العقل، وبالكلمة نتأمل الله ونمجده، الذي يعطي خلودًا للنفس ويهبها سعادة أبدية غير فاسدة. لأن الله وهب الوجود بمفرده بصلاح الله[19].
إذ كان القدِّيس يوحنا الذهبي الفم كارزًا بالحياة السماوية، متطلعًا إلى عمل السيد المسيح الأول أن يقيم من الأرض سماءً ومن البشر ملائكة، فإن التسبيح هو العمل الأول والرئيسي سواء في حياة الكنيسة كجماعة أو حياة المؤمن كعضوٍ فيها.
v هل أنت عامل حِرَفي؟ إذ تجلس في عملك رنِّم بالمزامير. ألا تريد أن تُسَبِّح بفمك؟ افعل هذا في قلبك. المزمور رفيق عظيم. إنك لا تقوم بعملٍ شاق. إنك تجلس في عملك كما في ديرٍ.
v التسبيح في ذاته صالح، والمزمور يُقَدِّم خيرات كثيرة: إنه يعزل العقل عن الأرض، ويعطي النفس أجنحة، ويجعل (الأجنحة) خفيفة قادرة على الطيران في الجو. لهذا يقول بولس: "مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب" (أف 5: 19).. توجد حاجة للتسبيح من أجل حياة المرتل وصلاته والتوفيق[20].
v تُوِّج أيوب وصار مشهورًا، ليس لأنه لم يهتز بالرغم من التجارب غير المحصاة التي أحدقت به، وبالرغم من مقاومة زوجته له، وإنما استمر في شكره للرب على كل حالٍ ليس عندما كان غنيًا فقط، وإنما عندما صار فقيرًا أيضًا، ليس عندما كان في صحة، بل وعندما ضُرِبَ جسمه (بالقروح) أيضًا، ليس عندما حلَّت به هذه الأمور ببطء، وإنما عندما حلَّت به عاصفة عنيفة حلَّت ببيته كما بشخصه بالكامل أيضًا[21].
v عندما جاء الرسل إلى الطوباوي أيوب واحد يلي الآخر، وسمعهم يعلنون عن أخبار مميتة، مضافًا إلى ذلك دمار أبنائه الذي لا يُحتمَل، لم يصرخ ولا تنهَّد بل التجأ إلى الصلاة وقَدَّم تشكُّرات للربِّ. فلتتمثلوا به[22].
7 وَجَعَلَ عَيْنَهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، لِيُظْهِرَ لَهُمْ عَظَائِمَ أَعْمَالِهِ. 8 لِيَحْمَدُوا اسْمَهُ الْقُدُّوسَ، وَيُخْبِرُوا بِعَظَائِمِ أَعْمَالِهِ. 9 وَزَادَهُمُ الْعِلْمَ، وَأَوْرَثَهُمْ شَرِيعَةَ الْحَيَاةِ. 10 وَعَاهَدَهُمْ عَهْدَ الدَّهْرِ وَأَرَاهُمْ أَحْكَامَهُ. 11 فَرَأَتْ عُيُونُهُمْ عَظَائِمَ الْمَجْدِ، وَسَمِعَتْ آذَانُهُمْ مَجْدَ صَوْتِهِ.
منحهم المعرفة،
وأعطاهم شريعة الحياة كميراثٍ [9].
كان في قدرة الإنسان أن يتطلَّع بالبصيرة الداخلية أو القلب أعمال الله ويتلامس مع رعايته الفائقة ومحبته له. اكتشف الإنسان أن الله وحده يرى قلبه ويفحصه ويسمع صوته الخفي، ويتمتَّع الإنسان بالحُبّ المشترك بينه وبين محبوبه السماوي. إدراك الإنسان لعمل الله وثقته فيما يعده له، يدفعه للإيمان الذي هو القناة الأولى لتمتُّعه بالشركة مع الله. "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه" (عب 11: 6). بهذا الإيمان تعرّف على أعمال الله التي أَعدّها له لخدمته قبل أن يخلقه. "بالإيمان نفهم أن العالمين أُتقنت بكلمة الله حتى لم يتكون ما يُرَى مما هو ظاهر" (عب 11: 3). هذه النظرة الإلهية في القلب البشري أعانت الإنسان على التطلُّع إلى حكمة الله في القلب في كل الأشياء، منحهم معرفة أحكامه [9].
v أَعْيننا لا ترى (القمر) في كمال حجمه على الدوام. الآن يُمَثّل كمال القرص المستدير، وعندما ينقص ويقل يظهر القصور في جانب واحد. وعندما يزداد من هلالٍ إلى بدرٍ يُظلم من جانب واحد. وعندما يكون شاحبًا يختفي الجانب الآخر. الآن ليس بدون سبب سرِّي يجعل الخالق الإلهي للمسكونة القمر يظهر من وقتٍ إلى آخر بأشكالٍ مختلفةٍ. إنه مثل مبهر لطبيعتنا. ليس شيء مستقر في الإنسان. هنا يقوم الإنسان من العدم إلى الكمال... وفجأة يخضع إلى تدهور تدريجي ويتحطَّم بالنقص المستمر. هكذا النظر إلى القمر يجعلنا نفكر في سرعة تقلبات الأمور البشرية، فيعلمنا ألاَّ نتكبَّر بخيرات هذه الحياة، ولا نتمجَّد بسلطاننا، ولا يغرينا الغِنَى الزائل، إنما نحتقر جسدنا الخاضع للتغيير ونهتم بالنفس لأن صلاحها غير مُتغيِّر[23].
وأقام معهم ميثاقًا أبديًا،
وأراهم أحكامه [10].
فرأت عيونهم عظمة مجده،
وسمعت آذانهم مجد صوته [11].
انطلق سيراخ من سفر التكوين حيث أعلن الله عن نفسه خلال الطبيعة إلى سفر الخروج حيث أعلن الله عن نفسه على جبل سيناء حيث أقام عهدًا مع شعبه فرأوا مجده وسمعوا مجد صوته [11].
إذ خلق الله قلب الإنسان يشتهي أن يعلن الله له عن كلمته وحكمته، جاء خلال النار والضباب على جبل سيناء، وتمم شهوة قلب الإنسان، إذ سلَّمه الشريعة هبة لشعبه [9].
نقش شريعته على حجر وسلَّمها إليهم، وكأنه حفظ القلب البشري حتى لا يتحوَّل إلى حجر. بمعنى آخر إن كانت آثام البشرية وجميع خطاياهم قد حجَّرت القلب البشري، فإنه خلال ناره الإلهية نقش شريعته على الحجر، حتى يسلّم الإنسان له قلبه الحجري فينقش أصبع الله شريعته عليه.
في سفر التكوين خلق الله كل البشرية على مثاله، وفي سفر الخروج أعلن الله عن إقامة عهده مع من يلتصق به ويصير عضوًا في شعبه ويقبل تجديد قلبه ليسترد الصورة الإلهية، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى.
وهب الله الإنسان نفسًا تتقبَّل وصاياه التي يعلنها له طبيعيًا عبر التاريخ البشري. الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يمكن القول عنه أنه له تاريخ ممتد ومتقدم. يستطيع الإنسان أن يدرك طرق الله التي لا تُخفَى عن عينيه وعن بصيرته الداخلية [13]. إن كان الله يطلب من كل الأمم كما من كل إنسان: "احترسوا من كل ظلم، وأوصاهم كل واحدٍ في حق قريبه" [14]، فبالحريّ في تدبيره لخلاص الأمم وإسرائيل لا يسمح بالظلم؛ إنه محب لكل البشرية، وبار في خطته وتدبيره لخلاص العالم. تتلخص هذه الخطة في الآتي:
أولًا: أقام ملوكًا وحكامًا لكل أمة، ويرعى إسرائيل بكونه نصيب الربّ، وفي رعايته لا يحابيهم.
ثانيًا: بروح الشرّ كانت الأمم تجتذب إسرائيل وتغريها على عبادة الأصنام، فالطرفان سقطا في الشرّ. الأمم أغرت إسرائيل، وإسرائيل خان الربّ بعبادته لأصنام الأمم وارتكابه الرجاسات الوثنية.
ثالثا: بغير محاباة سمح الله بتفريق إسرائيل بين الشعوب بسبب خطاياه، وفي نفس الوقت فتح لهم باب الرجوع إلى أرض الموعد، فإن تابوا يجمعهم من أقاصي المسكونة.
1. غاية الوصية أن يُمارِس الإنسان الحب لإخوته في البشرية، فلا يطيق أن يظلم أخاه، ويبذل كل الجهد لخدمة بني جنسه (أي البشر) بفرحٍ [14]. بهذا يصير على مثال الله، وتصير الوصية بالنسبة له ليست ثقلًا بل حُليّ تتزيَّن به نفسه كعروس سماوية كقول مار يعقوب السروجي.
2. يبذل الكثيرون في كل العصور نشر فكرة عدم اهتمام الله بالإنسان، وكأن الله مشغول بسماواته والإنسان بأرضه. هنا يؤكد السفر: "طرقهم أمامه في كل حين"، وكأن ما يشغل قلب الله هم بنو البشر، إذ هم خليقته (خر 19: 5؛ تث 7: 6). إنه ينظر إليهم ليُقِيم منهم قديسين يتمتعون بشركة المجد، أما من يصرّون على العناد، فيلقون أنفسهم بأنفسهم في هلاكٍ أبدي.
3. يُسرّ الله بعطاء الإنسان لأخيه، فيحسب الصدقة ثمينة، كخاتم يحفظه عنده، أو يعتبره كحدقة عينه. يعتبر الله البشرية، خاصة القديسين له، كحدقة عينه (تث 32: 10) يهتم بهم [17].
11 وَقَالَ لَهُمُ: «اِحْتَرِزُوا مِنْ كُلِّ ظُلْمٍ». 12 وَأَوْصَاهُمْ كُلَّ وَاحِدٍ فِي حَقِّ الْقَرِيبِ. 13 طُرُقُهُمْ أَمَامَهُ فِي كُلِّ حِينٍ، فَهِيَ لاَ تَخْفَى عَنْ عَيْنَيْهِ. 14 لِكُلِّ أُمَّةٍ أَقَامَ رَئِيسًا، 15 أَمَّا إِسْرَائِيلُ، فَهُوَ نَصِيبُ الرَّبِّ. 16 جَمِيعُ أَعْمَالِهِمْ كَالشَّمْسِ أَمَامَهُ، وَعَيْنَاهُ عَلَى الدَّوَامِ تَنْظُرَانِ إِلَى طُرُقِهِمْ. 17 لَمْ تَخْفَ عَنْهُ آثَامُهُمْ، بَلْ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ. 18 صَدَقَةُ الرَّجُلِ كَخَاتِمٍ عِنْدَهُ، فَيَحْفَظُ إِحْسَانَ الإِنْسَانِ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ. 19 وَبَعْدَ ذلِكَ يَقُومُ وَيُجَازِيهِمْ. يُجَازِيهِمْ جَزَاءَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَيُهْبِطُهُمْ إِلَى بُطُونِ الأَرْضِ.
وقال لهم: "احترسوا من كل ظلمٍ"،
وأوصاهم كل واحدٍ من أجل قريبه [12].
يقول الرسول بولس: "فإن كان عضو واحد يتألم، فجميع الأعضاء تتألم معه، وإن كان عضو واحد يُكرَم، فجميع الأعضاء تفرح معه" (1 كو 12: 26).
v إن رأيتَ أعمى يسقط في هوة، أما تمد يدك إليه وتسنده حالًا. فكيف إذن يسوغ لنا أن نرى إخوتنا ساقطين في مثل هذه المخاطر ولا نمد إليهم يد الإغاثة، وهم مُشرِفون على السقوط في الحفرة الجهنمية الخالدة؟[24]
v متى رأيتَ إنسانًا محتاجًا إلى شفاء روحي أو جسدي، لا تَقُل في نفسك أن هذا من عمل فلان أن ينقذه من شره ويَشفيه. فإنني أنا علماني ولي زوجة وأولاد، وهذا من عمل الكهنة والرهبان. أَجبني يا هذا، هل لو وجدتَ وعاءً مملوءً ذهبًا تقول في نفسك: لِمَ لا يأخذ هذا الوعاء فلان أو فلان... بل تبادر كالذئب الخاطف وتأخذه قبل أي إنسان. ليكن لك هذا الاشتياق بالنسبة لإخوتك الساقطين، واضعًا في نفسك أنك وجدتَ كنزًا ثمينًا جدًا، وهو اعتناؤك بأمر خلاص أخيك. هوذا الله نفسه يقول على فم رسوله إن أنقذتَ إنسانًا من الضلالة تُخلِّص نفسًا من الموت!
v عندما تدخل شوكة في عقب إنسانٍ غالبًا ما يشعر بها كل الجسم ويهتم بها. فالظهر ينحني والبطن وما يرتبط بهما، واليدان تتحرَّكان كحارسين وخادمين لسحب ما دخل في العقب، والرأس تنحني نحوه، والعينان تلاحظان ما يحدث بكل عناية.
فمع كون القدم هي الأقل من حيث عجزها عن الارتفاع ولكن بانحناء الرأس إليها تظهر المساواة بينهما، وتنعم بذات الكرامة، خاصة عندما يُسَبِّب القدم للرأس أن ينحني وينزل إليه. ليس كمن يُقَدِّم إحسانًا بل لارتباطه بالقدم... الرأس يُكَلَّل، فيُكرَم الجسم كله. الفم يتكلم والعينان تضحكان وتبتهجان[25].
طرقهم أمامه في كل حين،
فهي لا تُخفَى عن عينيه [13].
v يشير الله إلى المسافة الشاسعة التي تفصلنا عنه. "أخبرني: من الذي يحاول أن يخفي نفسه عني أنا العارف بالأسرار بدقة؟!"
v عدد النفوس - في نظرنا - لا يمكن حصره؛ ينطبق نفس الشيء على الشخصيات، إذ لهم جميعًا من الحركات والتصرفات والغايات والمشاعر والأحاسيس مالا يُحصَى! يوجد واحد فقط يقدر أن يُهَيْمن على هؤلاء جميعًا، كأحسن ما تكون الهيمنة والسيادة، فهو يعرف الأوقات المناسبة، والعون الملائم اللائق ومتى يمنحه، وسبل التدريب والإرشاد؛ هو الله أب كل الكون[26].
v عناية الله تهتم بنا كل يومٍ، على مستوى الجماعة كما في الحياة الخاصة، سرًا وعلانية، حتى حينما لا نعرف عن تدبيره شيئًا[27].
v خُلِقَت كل الأشياء مبدئيًا لأجل نفع الكائن العاقل... الله ليس كما يظن صلسس Celsus يهتم فقط بالكون ككلٍ، بل بجانب هذا يهتم بكل كائنٍ عاقلٍ على وجه الخصوص. مع ذلك فعنايته بالكل لا تخيب، لأنه حتى أن انحل جزء من الكل بسبب خطية الإنسان العاقل، يسعى الله من أجل تطهيره وتنقيته واستعادة الكون إليه[28].
أقام حاكمًا لكل أمةٍ،
وأما إسرائيل فهو نصيب الربّ [14].
حسب الله إسرائيل نصيبه، فدخل معه في ميثاق، ويليق بإسرائيل أن يفتح قلبه للأمم، لأن الله نفسه يهتم بها ويقيم حاكمًا لكل أمة. إن كانت الأمم قد رفضت الإيمان بالله، فالله لم يسحب رعايته عنهم تمامًا، بل أقام بنفسه حكامًا لهم حتى يأتي ملك الملوك، ويجتذبهم إلى الإيمان به.
v أقول: هل الله يستخدم الظلم لينتزع الأمم من سلطان أعدائه ويدعوها إلى الإيمان به وإلى الخضوع لسلطانه؟ ليس كذلك! لأن إسرائيل كان يومًا ما نصيبه (سي 17: 14). لكن الأمم جعلت إسرائيل تنحرف عن الله بالخطية، وبسبب خطاياهم قال الله لهم: "إن خنتم، فإني أُفَرِّقكم في الشعوب" (نح 1: 8). ولكن مرة أخرى قال لهم: "وإن رجعتم إليّ وحفظتم وصاياي وعملتموها إن كان المنفيون منكم في أقصاء السماوات فمن هناك أجمعهم يقول الربّ" (نح 1: 9؛ تث 30: 4). ولأن رؤساء هذا العالم (يو 16: 11) غزوا أولًا نصيب الربّ، فإن الربّ بالضرورة يترك التسعة وتسعين على الجبال (مت 18: 12؛ لو 15: 4-5)، وينزل إلى الأراضي، ويبحث عن الخروف الواحد المفقود، وإذ يجده يرده على منكبيه إلى المرعى الكامل في الأعالي[29].
جميع أعمالهم كالشمس أمامه، وعيناه على الدوام على طرقهم [15].
لا تُخفى عليه آثامهم، وجميع خطاياهم أمام الربّ [16].
صدقة الإنسان كختمٍ معه، فيحفظ الإحسان كحدقة عينه [17].
وبعد ذلك يقوم ويجازيهم، ويكافئهم كاستحقاقهم على رؤوسهم [18].
20 لكِنَّهُ جَعَلَ لِلتَّائِبِينَ مَرْجِعًا، وَعَزَّى ضُعَفَاءَ الصَّبْرِ، وَرَسَمَ لَهُمْ نَصِيبَ الْحَقِّ. 21 فَتُبْ إِلَى الرَّبِّ، وَأَقْلِعْ عَنِ الْخَطَايَا، 22 تَضَرَّعْ أَمَامَ وَجْهِهِ، وَأَقْلِلْ مِنَ الْعَثَرَاتِ. 23 اِرْجِعْ إِلَى الْعَلِيِّ، وَأَعْرِضْ عَنِ الإِثْمِ، وَأَبْغِضِ الرِّجْسَ أَشَدَّ بُغْضٍ، فَهَلْ مِنْ حَامِدٍ لِلْعَلِيِّ فِي الْجَحِيمِ؟ 24 تَعَلَّمْ أَوَامِرَ اللهِ وَأَحْكَامَهُ. وَكُنْ ثَابِتًا عَلَى حَظِّ التَّقْدِمَةِ وَالصَّلاَةِ لِلْعَلِيِّ. 25 أُدْخُلْ فِي مِيرَاثِ الدَّهْرِ الْمُقَدَّسِ، مَعَ الأَحْيَاءِ الْمُعْتَرِفِينَ لِلرَّبِّ. 26 لاَ تَلْبَثْ فِي ضَلاَلِ الْمُنَافِقِينَ. اعْتَرِفْ قَبْلَ الْمَوْتِ، فَإِنَّ الاِعْتِرَافَ يُعْدَمُ مِنَ الْمَيْتِ، إِذْ يَعُودُ كَلاَ شَيْءٍ. 27 إِنَّكَ مَا دُمْتَ حَيًّا مُعَافًى، تَحْمَدُ الرَّبَّ، وَتَفْتَخِرُ بِمَرَاحِمِهِ. 28 مَا أَعْظَمَ رَحْمَةَ الرَّبِّ وَعَفْوَهُ، لِلَّذِينَ يَتُوبُونَ إِلَيْهِ. 29 لاَ يَسْتَطِيعُ النَّاسُ أَنْ يَحُوزُوا كُلَّ شَيْءٍ، لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَيْسَ بِخَالِدٍ. 30 أَيُّ شَيْءٍ أَضْوَأُ مِنَ الشَّمْسِ؟ وَهذِهِ أَيْضًا تَكْسِفُ، وَالشِّرِّيرُ يُفَكِّرُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ. 31 الرَّبُّ يَسْتَعْرِضُ جُنُودَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا، أَمَّا الْبَشَرُ فَجَمِيعُهُمْ تُرَابٌ وَرَمَادٌ.
التوبة في جوهرها عودة إلى الحضن الإلهي ورجوع إلى العَليّ واشتياق جاد للتمتُّع بعربون السماء.
v سؤال: ما الفرق بين "الحزن بحسب مشيئة الله" و"حزن العالم"؟ (2 كو 7: 10)؟
الحزن بحسب مشيئة الله هو: أن يحزن الإنسان على إهماله أو احتقاره وصية الله، كما يقول المزمور: "الحمية أخذتني بسبب الأشرار تاركي شريعتك" (مز 119: 45). أما الحزن بمشيئة العالم فيحدث إذا كان ما يُسَبِّبه شيء بشري أو خاص بالعالم[30].
v سؤال: ما هو الحزن الذي يجب أن نتحمَّله لكي نستحق التطويب (مت 5: 4)؟!
...عندما نحزن على خطايانا سواء كانت بسبب إهانة الله، وذلك لأن التعدِّي على الناموس يهين الله (رو 2: 23)، أو حين نبكي على هؤلاء الغارقين في خطر الخطية، لأن "النفس التي تخطئ هي تموت" (حز 18: 4)، فنقتدي بالقائل: "أنوح على كثيرين من الذين أخطأوا من قبل ولم يتوبوا" (2 كو 12: 21)[31].
إنه يجعل للتائبين عودة،
ويُعزِّي من ينقصه الاحتمال [19].
إذ يتحدَّث عن الأمم كرافضي شهادة الخليقة للخالق القدير والمحب والحكيم، بينما اختار الربّ إسرائيل نصيبًا له، الآن يفتح باب الرجاء للأمم وإسرائيل، مُعلِنًا عجز الإنسان عن العمل بنفسه. الكل كأبناء البشر محتاجون إلى مجيء الربّ نفسه متجسدًا، يشرق بنوره الإلهي، بكونه شمس البرّ.
v إن الذي أخطأ في جسده يلتزم باستعمال الجسد في التعويض والتكفير.
إنك جدَّفت، فعليك أن تُسَبِّح الله بفمك. إنك سرقت، فعليك أن تُعوِّض بالحسنة.
إنك شربت المُسكِر، فعليك أن تصوم. إنك تكبَّرت، فعليك أن تتواضع.
إنك حسدت الغير، فعليك أن تُصَلِّي من أجل من حسدتَه.
إنك ربَّما قتلت، فعليك أن تتحمَّل ألم الاستشهاد، وأن تُرهِقَ جسدك بالإماتة[32].
v الذين يؤمنون بالرب يلزمهم أن يُقَدِّموا توبة حسب بشارة يوحنا ورَبِّنا يسوع المسيح (مت 4: 17). والذين لا يتوبون الآن، ينالون عقوبة أشد من الذين أُدِينوا قبل وقت الإنجيل (مت 11: 20-21)[33].
v الحياة الحاضرة هي زمن التوبة وغفران الخطايا، وفي الحياة العتيدة يأتي زمن الدينونة العادلة[34].
v بعد الرحيل من هذه الحياة، لا توجد فرصة للأعمال الصالحة، حيث أن الله في طول أناته يمدنا بالحياة الحاضرة لممارسة الأشياء التي ترضيه[35].
ارجع إلى الربّ، وأقلع عن خطاياك.
صلِّ في حضوره، وأقلل من إثمك [20].
v سؤال: ما هي الثمار التي تُختبَر للتوبة الحقيقية؟
الإجابة: أسلوب أولئك الذين يتوبون، والنزعات التي لهؤلاء الذين ينسحبون من الخطية، وصراعهم من أجل الثمر اللائق بالتوبة (لو 3: 8) الذي قيل عنه في المواضع الخاصة بها[36] (وهي الرجوع إلى الله)[37].
أرجع إلى العلي،
وأعرض عن الظلم، وأبغض الدنس بشدّةٍ [21].
من يُسَبِّح العلي في الهاوية،
كما يفعل الأحياء والشاكرون؟ [22]
الشكر ينقطع من الميت حيث إنه لم يعد يحيا،
فلا يُسَبِّح الربّ إلا الحيّ المعافى [23].
التوبة ممكنة هنا على الأرض، وليس في العالم الآخر.
v لنحزن هنا على ذلك الذي خرج من الوليمة (بسبب ثيابه القذرة)، لأنه هناك لا يقدر أحد أن يحزن على قريبه.
ليخَف كل واحدٍ لعله يكون هو ذاك اللابس الملابس القذرة، وهو المطرود من الوليمة.
ليرَ كل واحدٍ ملابسه إن كانت جميلة ومقدسة، وليبيّضها لو كانت قذرة بالشهوات.
ولو صارت قذرة فليُنَظِّفها بالتوبة قبل أن يخرج الختن ليرى المدعوين في موضعه.
ليغسل كل واحدٍ ملابسه هنا في موضعنا، لأنه يوجد مجال لننظفها لو صارت قذرة.
في ذلك الموضع عندما يدخل المرء إلى المتكأ لا يُسمَح له أن يُبَدِّل ملابسه القذرة في الوليمة.
ولو وُجِد هناك رجل لابس ملابس قذرة، سيلقونه هو وملابسه ليخرج من الوليمة.
هناك لا يقبلون التوبة ولا الطلبة ولا التوسّل، لأن كلمة الملك لا تُقاوَم.
هنا يمكن الرجوع في كل الأفعال، ومن سقط يسهل عليه القيام لو شاء.
ومن كان زانيًا يتقدَّس بالتوبة، ومن كان مدينًا يقدر أن يوفي ديونه.
ومن هو مرتدي ملابس قذرة يغسلها بالدموع فتصير نظيفة أكثر من النار التي تُطَهِّر القذارة[38].
يرى القديس أغسطينوس أن كلمة "ميت" هنا تشير إلى الخاطئ، الذي بالحق نفسه ميتة، لهذا لا يقدر أن يُقَدِّم ذبيحة شكر أو تسبيح الله، وإن قدَّمها تصدر عن فمه لا عن قلبه.
v لأن هذا الذي هو رأسنا، مُخَلِّص الجسد نفسه، لا يمكن أن يُحمل بأية شهوة جسدية في أي طريقٍ شريرٍ، حتى يكون محتاجًا أن يمنع منه قدميه، ومع ذلك يمكنهم (أعضاء جسده) بحرية إرادتهم أن يسلكوا هكذا. هذا ما نفعله عندما نمنع أقدامنا عن الشهوات الشريرة، الطريق الذي لا يسلكه هو فلا نسلك نحن فيه. بهذا نقدر أن نحفظ كلمة الله، إن كنا لا نسير وراء الشهوات الشريرة (راجع سي 20:17). بهذا لا نطلب الشهوات الشريرة بل نقاومها بالروح الذي يشتهي ضد الجسد (غل 17:5)، فلا تسحبنا وتغوينا وتلقي بنا في الطرق الشريرة.
يخشى داود النبي لئلا بسقوطه في الإثم والعصيان ينحدر إلى أعماق الهاوية، فتغلِق فمها عليه فلا يرجع إلى الله بالتوبة، ويتأهَّل لتسبيحه. ما دمنا في العالم لن تستطيع الهاوية أن تغلق فمها علينا!
v "لا تدع العمق يبتلعني، أو الهاوية تطبق عليَّ فاها" (مز 69: 25).
ماذا يعني هذا؟ من أجل أي شيء يصلي؟ عمق الإثم البشري هو هاوية عظيمة، من يسقط فيها يسقط إلى أعماق بعيدة. على أي الأحوال من يسقط فيها ويعترف لله بخطاياه، لا تغلق الأعماق فمها عليه. كما جاء في المزمور: "من الأعماق صرخت إليك يا رب؛ يا رب اسمع صلاتي" (مز 130: 1-2). لكن الأمر مختلف إذا حدثت الكارثة المذكورة في موضع آخر في الكتاب المقدس بخصوص الخاطئ: "إذا جاء الشرير جاء الاحتقار، فيسقط عميقًا في الخطية والعصيان" (أم 18: 3). فإن الهاوية تطبق فمها عليه. ماذا يعني أنها تغلق فمها عليه؟ إنها تُحكِم غلق فم الشرير. عندما يرفض أن يعترف بذنبه، فهو بالحقيقة ميّت كمن لا وجود له...
إخوتي وأخواتي، لنرتعب من هذه الكارثة. إن رأيت شخصًا يرتكب خطية، احسبه أو احسبها قد سقط أو سقطت في الهاوية. لكن إن أشرت إليه عن خطيته، فقال لك: "إني مخطئ. بالحق إني أعترف"، فإن الهاوية لا تكون بعد قد أطبقت فمها عليه. أما إن سمعته يقول: "هل ما أفعله شر؟ فقد صار مدافعًا عن خطيته، وتغلق الهاوية فمها عليه. ولا يوجد طريق لسحبه خارج الهاوية. بوضوح إن لم يعترف، فلا مجال للرحمة.
إن دافعت عن خطيتك فهل يُحَرِّرك الله منها؟ إن أردت منه أن يكون مُحَرِّرًا لك، يلزمك أن تكون المُدَّعي العام ضد نفسك![39]
ما أعظم رحمة الربَ،
ويُقَدِّم نفسه كفارة للراجعين إليه! [24]
إذ يعزل الإنسان نفسه عن الالتصاق بالربّ يُحسَب كميتٍ عاجزٍ عن التمتُّع بحياة التسبيح والشكر. يُحسَب كمن هو غير موجود، لا يتمتَّع بالأبدية. إنه تراب ورماد، لكن خالقه الذي يُحِبّه ينتظره. بل ويُعِينه كي يرجع إليه. إنه رحوم وقدير ومُحِبّ للبشر.
الله الرحوم يشتاق إلى خلاص الإنسان ومجده، أكثر من اشتياق الإنسان نفسه لخلاصه. إنه يسندنا ويعيننا حتى عندما نعاني من تشتيت الفكر.
v تذكَّر أن الله لطيف ورقيق ويحتمل تشتيتنا (في الصلاة)، وينتظر أن يهبنا أن نُصَلِّي بطريقة كاملة. عندما يهبنا تلك الصلاة يقبلها منا، ولا يذكر كيف كنا نصلي قبلًا بطريقة خاطئة. إن كنت أمام قاضٍ وفي أثناء حديثك بدأت تهمس مع صديق، ماذا يحدث؟ مع ذلك فإن الله يرفعنا بالصلوات التي تقتحمها أفكار أخرى.
عندما تقرأ يتحدَّث هو معك، وعندما تصلي تتحدث أنت معه. إن كان الأمر هكذا هل نيأس يا إخوة، ظانين أن العقوبة تنتظر من يجول فكره مشتتًا أثناء صلاته؟ لا، لنقل: "فرِّح نفس عبدك، فإني إليك أرفع نفسي!"
كيف أرفعها؟ قدر ما أستطيع حسب القوة التي تهبني إياها؛ قدر ما أضبط أفكاري المشتتة. لأنك لطيف ورقيق لا تطردني. قَوِّني فأثبت، ولتحتملني حتى أبلغ هذا[40].
فليس في الإنسان قدرة على كل شيءٍ،
لأن ابن الإنسان ليس بخالدٍ [25].
أي شيء أبهى من الشمس؟ مع ذلك تُكسَف،
هكذا الجسد والدم حينما يُدفَن الشرّ في القلب [26].
v لتعطوا اهتمامًا دقيقًا لهذا الأمر لتلجموا أولئك الذين يهدفون نحو خداعهم لأنفسهم، والذين ليس لديهم ما يعملوه بخصوص نسبهم الكرامة الخاصة بالخالق للمخلوقات. لذلك فإن الكتاب المقدس لم يُظهر فقط جمال الشمس وضخامتها وفوائدها بالقول: "أشعتها مثل العريس مثل الجبار في جريها في مدارها،" وإنما تحدَّث أيضًا عن محدوديتها وضعفها.
أنصتوا إلى ماذا يقول في موضع آخر: "أي شيء أبهى من الشمس، وهي مع ذلك تكسف" (راجع سي 17: 26). لا تنخدعوا بالمظاهر. إنها تخبرنا: لو لم يشأ الخالق ويُوَجِّهها تختفي كما لو كانت لم توجد قط[41].
يفحص (الربّ) قوّات السماء العليا،
لكنّ جميع الناس هم تراب ورماد [27].
v الكائنات السمائية خالدة بالصلاح الذي فيها، أما الكائنات الأرضية فتصير مائتة بإرادتها الذاتية الشريرة، تلك الإرادة المتزايدة في غير العاقلين بواسطة كسلهم وعدم معرفتهم الله[42].
v الإنسان العاقل الذي يفكر في الشركة مع الله والحياة به لن يلتصق قط بأي شيء دنيء أو أرضي، بل يُوَجِّه ذهنه نحو الأمور السماوية الأبدية، عالمًا أن إرادة الله - التي هي علَّة كل صلاح ومصدر كل بركات البشر - هي أن الناس يخلصون[43].
v خالقي ومُخَلِّصي العجيب.
تبقى محبتك العجيبة لي موضوع دهشة السمائيين.
بكلمة من فيك خلقت المسكونة؛ كان يكفي أن تقول: "ليكن نور..."
أما أنا، فصنعتني بيديك من التراب.
نفخت نسمة حياة، فإذا بي على صورتك!
ألبستني قوة عجيبة،
ووهبتني سلطانًا على المخلوقات الأرضية.
ميَّزتني بالإرادة الحُرَّة والعقل والفهم،
عينك عليَّ لتُقِيمَ مني سفيرًا لك!
v في غباوة أعطيتك القفا لا الوجه.
سُلِبَت مني صورتك، وعُدت إلى التراب في فسادٍ.
لم تتركني في فسادي، بل نزلتَ إليَّ.
وصرتَ لأجلي إنسانًا، لتُقِيم معي عهدًا أبديًا.
وهبت لي نعمتك كي أرجع إليك، وتُقِيم ملكوتك في داخلي.
أوصيتني أن أُحِبّك، وأُحِبّ كل إخوتي في البشرية،
فأصير بالحق سفيرًا لك يا كلي الحب.
v عيناك تترقَّبان رجوعي إليك،
فتهبني روح القداسة اللائقة بمن أقمته ابنًا لك في مياه المعمودية!
فأَتحدَّى الموت، وأنطلق مع كل صباحٍ إلى عربون السماء!
يشتاق السمائيون إلى يوم لقائنا معك وجهًا لوجهٍ.
ننضم إلى صفوفهم، ونصير معهم خورُس سماوي دائم التسبيح!
_____
[1] الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 55.
[2] الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 97.
[3] The Origin of Man, homily 2:2. ترجمة: ريمون يوسف
[4] من مجدٍ إلى مجدٍ، تعريب القمص إشعياء ميخائيل، 1984، فصل 2:1.
[5] ميمر "على العظمة" يُقرأ يوم الأربعاء من الأسبوع الثاني من الصوم الكبير.
[6] راجع الدكتور الأب بهنام سُوني: الإنسان في تعليم مار يعقوب السروجي الملفان، 1995، ص 80.
[7] راجع المرجع السابق، ص 96.
[8] راجع المرجع السابق، ص 96-97.
[9] راجع المرجع السابق، ص 108.
[10] راجع المرجع السابق، ص 90.
[11] The Origin of Man, homily 1:6. ترجمة: ريمون يوسف
[12] الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 67.
[13] الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 68.
[14] راجع الدكتور الأب بهنام سُوني: الإنسان في تعليم مار يعقوب السروجي الملفان، 1995، ص 124-125.
[15] راجع الدكتور الأب بهنام سُوني: الإنسان في تعليم مار يعقوب السروجي الملفان، 1995، ص 226.
[16] راجع الدكتور الأب بهنام سُوني: الإنسان في تعليم مار يعقوب السروجي الملفان، 1995، ص 22.
[17] راجع المرجع السابق، ص 26.
[18] راجع المرجع السابق، ص 67.
[19] الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 98.
[20] On Ps. 147.
[21] On Ps 111.
[22] Concerning the Status, 16:2.
[23] The Hexaemeron, homily 6: 10.
[24] للمؤلف: الحب الأخوي، 1964، 73.
[25] In 1 Corinth., hom. 31:5.
[26] De Principiis 3; 1:14. (In Philocalia 21:13).
[27] Sel. Ps. 14:44.
[28] Contra Celsus 4:99.
[29] Homilies on Genesis, homily 9.
[30] Regulae brevius tractatae, 192.
[31] Regulae brevius tractatae, 194.
[32] الأب الياس كويتر المخلصي: القديس باسيليوس الكبير، منشورات المكتبة البولسية، بيروت، 1989، ص 70.
[33] Morals, Rule, 1:1.
[34] Morals, Rule, 1:2.
[35] Morals, Rule, 1:5.
[36] Regulae brevius tractatae, 5, 10.
[37] Regulae brevius tractatae, 14.
[38] راجع الميمر 171 على ذلك المثل الذي قاله ربنا: يشبه ملكوت السماء رجلا ملكا صنع وليمة لابنه (مت 22: 1-14؛ لو 14: 15-22).
[39] Expositions of the Psalms 68:1.
[40] On Ps 85: 7.
[41] Homilies on Genesis, homily 6.
[42] الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 48.
[43] الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 43.
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 18 |
قسم تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب |
تفسير يشوع ابن سيراخ 16 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hbz2kfr