← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19
الأصحاح التاسع والأربعون
يستمر ابن سيراخ في الكشف عن أبطال الإيمان عبر التاريخ، فيُسَجِّل هنا بعض الشخصيات الإيمانية في القرنين السابع والسادس ق.م. [1-13] ليقفز إلى الوراء، فيتحدَّث عن الآباء البطاركة في عهد ما قبل الناموس [14-16].
[1 -3] (ت: 1 -4) |
||||
[4 -7] (ت: 5 -9) |
||||
[8 -10] (ت: 10 -12) |
||||
[11 -13] (ت: 13 -15) |
||||
[14 -16] (ت: 16 -19) |
||||
* من وحي سيراخ 49: يا لعظمة كواكبك المُنِيرَة! |
1 ذِكْرُ يُوشِيَّا مِزَاجُ طِيبٍ، قَدْ عُبِئَ بِصِنَاعَةِ الْعَطَّارِ. 2 فِي كُلِّ فَمٍ يَحْلُو كَالْعَسَلِ، وَهُوَ كَالْغِنَاءِ فِي مَجْلِسِ الْخَمْرِ. 3 أُقِيمَ لِيَتُوبَ الشَّعْبُ عَلَى يَدِهِ؛ فَرَفَعَ أَرْجَاسَ الإِثْمِ. 4 وَجَّهَ قَلْبَهُ إِلَى الرَّبِّ، وَفِي أَيَّامِ الأُثَمَاءِ وَطَّدَ التَّقْوَى.
ذِكْر يوشيا يشبه تركيب البخور، قد أُعِدّ بصناعة العطار، يحلو في كل فمٍ كالعسل، وكالموسيقى في وليمة خمر [1].
لم يوجد ملك تقي رجل إيمان في القرن السابع ق.م. سوى يوشيا، المُصلِح العظيم الذي حكم في أورشليم ما بين 640 ق.م.، وموته في معركة مجدو في عام 609 ق.م.
كان يربعام بن نباط مضرب المثل في الشرّ، ويوشيا مضرب المثل في إزالة الأوثان (2 مل 22-23؛ 2 أي 35: 1-6).
استخدام الموسيقى على موائد الطعام، هو تعبير عن روح البهجة، كما استخدمت في مثل الابن الراجع إلى أبيه (لو 15). وكأن يوشيا بسلوكه في الربّ كان يبعث الفرح والبهجة في حياة المؤمنين.
قاد في تحوُّل الشعب، واستأصل قبائح الإثم [2].
اهتم ابن سيراخ مثل كاتبي الملوك وأخبار الأيام بدوره العظيم في تطهير أرض الموعد من الوثنية [2]. لم يُشِر ابن سيراخ إلى اكتشاف الشريعة في الهيكل عام 622 ق.م. (2 مل 22: 3-13؛ 2 أي 34: 14-21). أبرز ابن سيراخ صعوبة العمل في عصر يوشيا، إذ عاش في جوٍ شديد الفساد، دُعِي عصره "أيام الإثم".
ووجَّه قلبه إلى الرب؛ وفي أيام الإثم قوَّى التقوى [3].
5 كُلُّهُمْ أَجْرَمُوا مَا خَلاَ دَاوُدَ وَحِزْقِيَّا وَيُوشِيَّا. 6 تَرَكُوا شَرِيعَةَ الْعَلِيِّ. ارْتَدَّ مُلُوكُ يَهُوذَا. 7 دَفَعُوا قَرْنَهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ. وَمَجْدَهُمْ إِلَى أُمَّةٍ غَرِيبَةٍ. 8 أَحْرَقُوا بِالنَّارِ مَدِينَةَ الْقُدْسِ الْمُخْتَارَةَ، وَخَرَّبُوا طُرُقَهَا عَلَى يَدِ إِرْمِيَا. 9 فَإِنَّهُمْ أَسَاءُوا إِلَيْهِ، وَهُوَ قَدْ قُدِّسَ فِي جَوْفِ أُمِّهِ نَبِيًّا، لِيَسْتَأْصِلَ وَيُسِيءَ وَيُهْلِكَ، وَأَيْضًا لِيَبْنِيَ وَيَغْرِسَ.
أخطأوا بطريقة متتابعة كلهم ماعدا داود وحزقيا ويوشيا،
إذ تركوا شريعة العليّ. فشل ملوك يهوذا [4].
تأهَّل يوشيا أن يُعَدّ مع داود وحزقيا حيث كان الثلاثة ملوك متميزين بالتقوى والإيمان.
سرّ فساد ملوك يهوذا هو تركهم للشريعة، وبالتالي لم يلتصقوا بالله، فسمح الله بتأديب يهوذا بسقوط أورشليم تحت السبي البابلي عام 587 ق.م.
لأنهم أَسلموا قُوَّتهم إلى غيرهم،
ومجدهم إلى أمة غريبة [5].
أحرق (الأعداء) بالنار المدينة المختارة، مدينة المقدس،
وجعلوا شوارعها مقفرة [6].
تعرَّضت أورشليم للخراب، وصارت شوارعها كأنها قفر، كما قام الأعداء بتدنيس الهيكل وتدميره.
بحسب كلمة إرميا، فإنهم أساؤوا إليه،
وهو الذي تقدَّس كنبيٍ وهو ما زال في أحشاء أُمِّه،
ليُقلِع ويُدمِّر ويهلك وبطريقة مماثلة يبني ويغرس [7].
يدعونا ابن سيراخ إلى قراءة مراثي إرميا التي سجَّلها عندما رأى الدمار يحلّ بالمدينة والشعب، وسيق الرؤساء والأشراف وأصحاب المواهب إلى السبي عام 587 ق.م.
النبي الذي ارتبط بالملك يوشيا هو إرميا الذي امتدَّت خدمته النبوية حتى بعد سقوط يهوذا في السبي البابلي. كان كل منهما في مرارة بسبب الفساد الروحي لمملكة يهوذا. يبدو أنهما فشلا في الإصلاح الروحي للمملكة، لكن يبقى الاثنان عظيمان في عيني الله من أجل غيرتهما وجهادهما.
مات يوشيا الملك في معركة مجدو مع فرعون، إذ حاول أن يسند بابل ضد فرعون وفي أقل من 20 عامًا قامت بابل بتخريب أورشليم، وقُتِل إرميا في مصر، في البلد الذي خرج منها موسى مع الشعب ليَعْبُر بهم إلى البرية ويدخل أرض الموعد.
نبوات إرميا النبي مملوءة حزنًا، إذ اقترب وقت السبي البابلي مع تهاون واستخفاف القادة والشعب بالأمر. هذا مثَّل ثقلًا على نفسه. حاول الصمت فلم يستطع (إر 20: 9). تَحَقَّق السبي في أيامه وشاهد دمار أورشليم وحرقها تمامًا (إر 38: 14-39: 10؛ 52: 12-13؛ 2 مل 25: 1-21).
10 وَرَأَى حِزْقِيَالُ رُؤْيَا الْمَجْدِ، الَّتِي أَرَاهُ إِيَّاهَا بِمَرْكَبَةِ الْكَرُوبِينَ. 11 أَنْذَرَ الأَعْدَاءَ بِالْمَطَرِ، وَوَعَدَ الْمُسْتَقِيمِينَ فِي طُرُقِهِمْ بِالإِحْسَانِ. 12 لِتُزْهِرْ عِظَامُ الأَنْبِيَاءِ الاِثْنَيْ عَشَرَ مِنْ مَكَانِهَا؛ فَإِنَّهُمْ عَزَّوْا يَعْقُوبَ، وَافْتَدَوْهُمْ بِإِيمَانِ الرَّجَاءِ.
أعلن ابن سيراخ أن رعاية الله للشعب وهم تحت التأديب لم تتوقَّف. لقد صار الشعب أشبه بعظام موتى، لكن الأنبياء نالوا نعمة من الله ليقيموا الموتى روحيًا، كما أقامت عظام أليشع الميت الذي أُلقي في القبر.
حزقيال نفسه رأى رؤيا المجد،
أراه الله إياها على مركبة الكاروبيم [8].
يُعتبَر حزقيال نجمًا لامعًا بين الأنبياء في أرض السبي. يبدأ سفره برؤيا العرش الإلهي ليؤكد الله لشعبه أنه يشتاق أن يشتركوا مع السمائيين في التمتُّع بمجده، ومن جانب آخر فهو غير محتاج إلى الهيكل الذي دَنَّسوه والتقدمات والعبادة ما لم تكن قلوبهم مقدسة له، تتهيَّأ لسكناه. وختم السفر بهيكل العهد الجديد المجيد. هكذا تنبأ حزقيال النبي في أرض السبي، فاتحًا باب الرجاء لشعبه.
نظر رؤيا العظام الجافة التي صارت حية وقامت كجيشٍ عظيمٍ جدًا جدًا (حز 37: 8-10). إذ طرد الشعب من وطنه بسبب رجاساته الوثنية وسفكه الدماء تحوَّلت مدنه إلى خراب لا يسكنها أحد، فصارت وكأنها بقعة ملآنة عظامًا كثيرة ويابسة جدًا. بمعنى آخر صارت كأنها قبر مفتوح يضم عظامًا بلا حياة! هذه ليست صورة المدن بل بالأحرى هي صورة الشعب نفسه الذي تشتَّت في مواضع كثيرة بنفسٍ مُحَطَّمةٍ، فصار أشبه بوادي الموت يحوي عظامًا يابسة تحتاج إلى من يقيمها من موتها، ويجمعها من جديد ويهبها الحياة.
شعر ابن سيراخ أن الشعب صار في حالة موت، بل صاروا عظامًا يابسة برفضهم الحكمة الإلهية وانشغالهم بالحكمة الباطلة، لكن الربّ وحده قادر أن يلمس هذه العظام اليابسة ويحييهم ويقوموا على أقدامهم وينطلقوا نحو أورشليم العليا. هذا ما تحقَّق بتجسد حكمة الله وتقديم نفسه ذبيحة، وإذ وُضِع في القبر لمس العظام اليابسة التي في الجحيم وانطلق بهم إلى الفردوس.
ليت الربّ يدخل كل قلبٍ كما في قبرٍ لينطلق بنفوسنا إلى فردوسه!
لأنه ذكر أعداءه في عاصفة رعدية،
وأحسن إلى من يُوَجِّهون طرقهم باستقامة [9].
فليُحي حقًا عظام الاثني عشر من مكانهم،
فإنهم عزُّوا[1] شعب يعقوب،
وأنقذوه بالرجاء الثابت [10].
يدعونا ابن سيراخ للاهتمام بكتابات الأنبياء مثل إشعياء وإرميا وحزقيال والاثنا عشر أنبياء الصغار، كما أبرز قبلًا دور الأنبياء مثل إيليا وأليشع.
13 كَيْفَ نُعَظِّمُ زَرُبَّابِلَ؟ إِنَّهُ كَخَاتَمٍ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى. 14 كَذلِكَ يَشُوعُ بْنُ يُوصَادَاقَ؛ فَإِنَّهُمَا فِي أَيَّامِهِمَا بَنَيَا الْبَيْتَ، وَرَفَعَا شَأْنَ الشَّعْبِ الْمُقَدَّسِ لِلرَّبِّ الْمُهَيَّإِ لِمَجْدٍ أَبَدِيٍّ. 15 وَنَحَمْيَا يَكُونُ ذِكْرُهُ طُولَ الأَيَّامِ؛ فَإِنَّهُ أَقَامَ لَنَا السُّورَ الْمُنْهَدِمَ، وَنَصَبَ الأَبْوَابَ وَالْمَزَالِيجَ وَرَمَّ مَنَازِلَنَا.
ذكر ابن سيراخ ثلاثة أبطال إيمان قاموا ببناء بيت الربّ وسور المدينة، واهتموا بكلمة الله والعبادة.
مواكب العودة من السبي ثلاثة:
الموكب الأول سنة 538/537 ق. م. تحت قيادة زرُبابل (شيشبصر) حفيد الملك يهوياكين، ويهوشع الكاهن زرُبابل يمثل السلطة المدنية، ويشوع الكاهن يمثل السلطة الدينية. لم يرسل كورش الفارسي زرُبابل ملكًا له كمال الحرية في التصرُّف.
إنه موكب التحرُّر من إبليس والصعود إلى أورشليم العليا تحت قيادة رب المجد يسوع بكونه ملك الملوك ورئيس الكهنة السماوي في نفس الوقت، يحمل الملوكية والكهنوت في نفس الوقت.
الموكب الثاني سنة 458 ق.م تحت قيادة عزرا الكاتب، اهتم بمشكلة المتزوجين بوثنيات (عز 7-10).
الموكب الثالث سنة 445/444 ق.م تحت قيادة نحميا الوالي اهتم ببناء السور؛ بُنِي في 52 يومًا. تمّ تكريس الأسوار وقراءة الشريعة والتمتُّع بفرح الروح (نح 1-13). برز زُربابل من نسل داود الملك، كرمز للمسيح ملك الملوك. وفي الفوج الثاني برز عزرا الكاهن بكونه رمزًا لكلمة الله ورئيس الكهنة الأعظم، وفي الفوج الأخير برز نحميا الأمين في عمله كرمز للسيد المسيح المدعو الآمين.
كيف نُعَظِّم زربابل؟
إنه بلا شك كالخاتم في اليد اليمنى [11].
قاد أول دفعة إلى إسرائيل (عز 2:2)، اشترك مع يهوشع وإخوته الكهنة في بناء المذبح لتقديم المُحرَقات وتنظيم العبادة (عز 1:3-9). أُقيم واليًا ووضع أساس الهيكل (زك 6:4-10). سعى في إعادة بناء الهيكل لذا دُعِي هيكل زرُبابل، وظل البناء قائمًا حتى سنة 20 ق.م، حيث قام هيرودس بإعادة بنائه من جديد.
كذلك يشوع بن يوصاداق،
ففي أيامهما بُنِي البيت،
وشُيِّد هيكل الربّ المقدّس، المُعَدّ لمجد أبديّ [12].
وذِكْر نحميا دائم، فهو الذي أقام لنا السور المُنهدِم،
ونصب لنا الأبواب والمزاليج وبنى مواقع منازلنا مرة أخرى [13].
وُلِد في السبي؛ لم يكن من نسل ملكي مثل زرُبابل، ولا كهنوتي مثل عزرا، ولا صاحب مركز إداري مثل دانيال رئيس الوزراء، إنما حُبّه الشديد لله ولشعبه جعله قائدًا.
كان يذوق الخمر قبل الملك حتى يطمئن أنه غير مسموم. وكان هذا المركز مرموقًا في العصر الفارسي. كان ساقي الملك غالبًا خصيًا، هذا يُفَسِّر عدم الإشارة إلى عائلة نحميا. سبقه عزرا إلى أورشليم بحوالي 13 عامًا. اهتم نحميا ببناء السور بالرغم من مقاومة الأعداء له؛ كما اهتم بالبناء الداخلي للشعب، ثم عاد إلى شوشن العاصمة، ولم يبقَ فيه طويلًا، إذ رجع إلى أورشليم كحاكمٍ عامٍ على يهوذا على الأقل لمدة 12 سنة. كان يُمَثِّل القيادة الروحية الحقيقية. ما شغله هو آلام إخوته. تعلَّم القيادة خلال الرُكَب المنحنية والصمت والدموع والصراخ. مارس الصلاة في كل الظروف.
16 لَمْ يُخْلَقْ عَلَى الأَرْضِ أَحَدٌ مِثْلَ أَخْنُوخَ، الَّذِي نُقِلَ عَنِ الأَرْضِ. 17 وَلَمْ يُولَد رَجُلٌ مِثْلُ يُوسُفَ، رَئِيسِ إِخْوَتِهِ وَعُمْدَةِ الشَّعْبِ. 18 عِظَامُهُ افْتُقِدَتْ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ تَنَبَّأَتْ. 19 سَامٌ وَشِيثٌ مُمَجَّدَانِ بَيْنَ النَّاسِ، وَفَوْقَ كُلِّ نَفْسٍ فِي الْخَلْقِ آدَمُ.
لم يُخلَق على الأرض أحد مثل أخنوخ،
لأنه رُفِع من الأرض [14].
الآن لئلا ينشغل القارئ بتاريخ الأبطال أراد ابن سيراخ إبراز أن لكل بطل من أبطال الإيمان سمو في جانب معين يختلف عن بقية الأبطال.
أخنوخ تأهَّل بتقواه لصداقة فريدة مع الله، فنقله عن الأرض إلى السماء.
ويوسف تأهَّل بمحبته لإخوته وعدم مجازاتهم على غدرهم به، فصار رئيسًا لإخوته، الذين افتقدوا عظامه في الخروج تحت قيادة موسى.
وسام ستر على والده نوح حين تعرَّى بسبب السُكْرِ (تك 9)، وشيث سرّ عزاء والديه (تك 4).
أما آدم فإن كان قد أخطأ هو وزوجته حواء، لكننا مدينون له كأبٍ لكل البشرية حسب الجسد.
ولم يُولَد رجل مثل يوسف رئيس إخوته وداعم شعبه؛
واهتموا بعظامه [15].
نقل أخنوخ عن الأرض يعتبر غرس بذرة عقيدة قيامة الأموات والتمتع بالحياة الأخرى؛ وأيضًا اهتمام يوسف بحمل عظامه إلى أرض الموعد يحمل تلميحًا للرجاء في القيامة العتيدة.
سام وشيث مُمَجَّدان بين الناس،
وآدم فوق كل حيّ في الخليقة [16].
شيث رمز السيد المسيح: تحدَّث كثير من الآباء عن شيث من جوانب متنوعة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. وقد سجَّل لنا القديس مار يعقوب السروجي ميمرًا خاصًا بشيث بأسلوبه الشعري الذي يهزُّ النفس، في 140 سطرًا. خلاله يشعر المؤمن أن الله لا يترك مؤمنًا في مرارة، بل مع كثرة الآلام ومرارتها، تزداد تعزياته الإلهية بعذوبتها. إذ يشارك القديس مار يعقوب السروجي أبوانا الأولين آدم وحواء مرارة نفسيهما بسبب قتل هابيل على يدي أخيه قايين، يتلامس مع التعزيات الإلهية العجيبة التي فاضت عليهما بميلاد ابنهما شيث. سرُّ تعزيتهما ليس أن الله وهبهما ابنًا عوض هابيل وقايين، حيث نظرا ميتًا لأول مرة في حياتهما، وأدركا كيف يعود الجسم الترابي إلى التراب. كما نظرا قايين في رعبٍ شديدٍ يخشى الحيوانات، بل ويرتعب حتى من ظلِّه. إنما نظرا في شيث حُبَّ الله الفائق، وتعزيات السماء، وأدركا أسرارًا إلهية رفعت قلبيهما كما إلى السماء.
1. كان شيث رمزًا لكلمة الله المتجسد، مُفَرِّح البشرية بخلاصه.
2. يقف شيث في مقابل قايين، فالأخير مؤسس المدينة الأرضية التي تنحدر بالإنسان نحو الهاوية، والأول مؤسس المدينة السماوية التي ترفع أعماق المؤمن إلى الفردوس!
v يا ابنًا مجيدًا يشبه أباه كما (يشبه) شيث آدمَ، ضع على لساني جمال سرّك، لأتكلم عنه.
أيها الابن، الذي عزَّى حواء بسرِّه، وأزال حزنها، أثر كلمتي بقوتك لأذكر خبرك.
تألمتُ بسبب الحزن الذي حدث لآل آدم! ربِّي، ساعدني لأتكلم عن تعزيتهما بواسطة شيث البهي.
كنت قد تكلمتُ عن ألم هابيل العظيم، وعن اللعنات التي لُعِنَ بها قايين من قِبَل الله.
ذكرتُ أمامكم ذبائح ابنيَّ آدم، وتسلسل الخبر إلى القراءة بحسب نظامه.
كنت قد تكلمتُ أيضًا عن مراثي أمنا حواء، وعن شدة حزن الأم على حبيبها.
اليوم يلزمني أن أتكلم عن تعزيتهما، وبأية علة نسيا ضيقاتهما المُرَّة.
اسرد أولًا أية آلام أدركتهما، وبعدئذ أعود إلى التعزية التي أبهجتهما[2].
v تُبارِكك نفسي من أجل إشراقك العجيب يا شمس البرّ.
في كل جيلٍ يظن الكثيرون كأن العالم قد فسد تمامًا.
لكنك تملأ قلوبنا بفرح الرجاء فيك.
تبعث بنورك وسط الظلام،
فتُقِيم من البشرية كواكب بهية!
في الفترة الأخيرة من مملكة يهوذا تعاقب ملوك فاسدون،
كَرَّسوا حياتهم لفساد شعبك!
أَقمت يوشيا الملك وكأنه مجمرة تبعث بخورًا ذكيًا يحمل رائحتك العطرة.
حين يتحدَّث أحد عنه يصير فمه ينبوع عسل حلو.
وحينما نتطلَّع إلى عمل نعمتك فيه،
نُدرِك أنك تُقِيم موسيقيين يملأون العالم بفرح الروح!
v في مرارة السبي لم تستطع قوات الظلمة أن تحبس نفس حزقيال عن التمتُّع بأمجاد عرشك الإلهي.
_____
[1] بحسب OSB: شجَّعوا.
[2] الميمر 150 الرابع على قايين وهابيل وعلى تعزية آل آدم التي صارت بواسطة شيث (راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سوني).
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 50 |
قسم تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب |
تفسير يشوع ابن سيراخ 48 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8k5hat3