← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46 - 47
الأصحاح الرابع والعشرون
في الأصحاح السابق يدعونا ابن سيراخ أن نهتم برعاية أبنائنا وقداسة إخوتنا. وفي هذا الأصحاح يُجِيب على سؤال ربما وجَّهه أحد التلاميذ إليه: "مَنْ هم أبنائي؟؛ ومن هم إخوتي؟" لهذا يُقَدِّم لنا الحكمة الإلهية تُعلِن عن نفسها كأم للبشرية كي نُحِبّها ونقتنيها ونسلك بروحها ونقتدي بها. عندما ننصت إلى كلمات الحكمة هنا، نذكر اهتمام السيد المسيح بالإعلان عن نفسه، لكي يدرك المؤمن حاجته إلى اقتناء المُخَلِّص الذي يُشبِع احتياجاته.
وكأننا نسمعه يقول لكل واحدٍ منّا:
[أنا هو الخبز السماوي، من يأكلني يتمتَّع بالوليمة الأبدية.
أنا هو الحياة، بدوني لا وجود لك.
أنا هو نور العالم، أُشرِق عليك فتختبر نور الأبدية.
أنا هو الحق، أدخل بك إلى الأسرار الإلهية.
أنا هو القيامة، لن يقدر الموت أن يسبيك بعد!
أنا هو الباب، أدخل بك فيّ لتبلغ إلى أحضاني.
أنا هو الراعي الصالح، أحملك على منكبيّ بكل ضعفاتك!
أنا هو الكرمة الحقيقية، لتثبت فيّ وأثبت فيك!]
لما كانت الحكمة التي تُعلِن عن ذاتها هي حكمة الله التي صارت إنسانًا، يمكننا أن ندرك حاجتنا لاقتنائها والتمتُّع بالشركة معها، حتى نتمتَّع بالخليقة الجديدة التي فقدناها خلال خطايانا وعنادنا ضد الله. وفيما يلي ما تُقَدِّمه الحكمة الإلهية للمؤمن:
1. إن كانت السماء هي مسكن الحكمة [4] إلاَّ أنها تهتم بكل المسكونة على الأرض. هكذا يليق بالمؤمن أن يختبر عربون السماء فينفتح قلبه بالحُبِّ لكل البشرية.
2. وضع حكمة الله في خطته الإلهية أن يرعى شعب إسرائيل كميراثٍ له [8]، غير أنه يهتم بكل الشعوب والأمم [6]، فيشعر كل إنسانٍ أن له موضع خاص في الأحضان الإلهية.
3. تحفظ الحكمة مدينتها أورشليم، وتُقدِّس هيكلها في صهيون [10]، وتشبهها بجنة فريدة تدعو الراغبين فيها أن يقطفوا من ثمارها مجدًا وغنى [17]، لم تُحَدِّد شعبًا مُعيَّنًا لسكان المدينة، أما الجنة التي تثمر مجدًا وغنى فهي السماء عينها أو أورشليم العليا، تضم المقادس السماوية.
ختم الأصحاح بتأكيد ما نطق به هنا نبوة يتركها للأجيال الآتية [33]، حيث تدرك كنيسة العهد الجديد أن ابن سيراخ رآها من بعيدٍ وتهلل بها، لأنها تطلب المسيح الحكمة الحقيقية.
تؤكد الحكمة مرة ومرات: "هذه الشريعة تملأ البشر بالحكمة" [25]، إنها أشبه بأربعة أنهار تفيض على المسكونة في المشارق والمغارب والشمال والجنوب [25-26]. تعليمها يشرق كالنور ويفيض كالنيل [27] أي يفيض على مصر وأثيوبيا، أو على الأمم.
تُشبِّه الحكمة نفسها كقناة تحوَّلت إلى نهرٍ، والنهر تحوَّل إلى بحرٍ [30] ينطبق هذا على حكمة الله المتجسد ربنا يسوع الذي كان كقناة صغيرة بتجسده في رحم القديسة مريم، فجعل من القديسة جنة مقدسة، وإذ خدم أكثر من ثلاث سنوات في إسرائيل صار الإيمان به كنهرٍ، فاض بمياه حُبِّه على التلاميذ والرسل وكل الذين آمنوا به وحملوا ثمر الروح المُفْرِح، وإذ أرسل روحه القدوس انطلقت الكنيسة تشهد وتكرز في كل الأمم والشعوب والألسنة بالإيمان بالمُخَلِّص بحرًا عظيمًا! واضح أن الرسول بولس وهو يتحدث عن تجسد الابن في رسالته إلى فيلبي (في 2: 5-11) كانت عبارات هذا الأصحاح في ذهنه.
يرى البعض أن هذا الأصحاح يحتل تقريبًا منتصف الطريق في السفر، حيث تبسط الحكمة يديها، وتدعو الجميع كي تحتضنهم وتلتصق بهم، وتسكب من بهائها وخيراتها عليهم. تُشبِع احتياجاتهم الداخلية، إذ تقول لهم: "أنا أم الحب والمخافة والمعرفة والرجاء المقدس. وبكوني أبدية أُعطي كل أولادي الذين لقبوا بواسطة الربّ" [18]
يُصوِّر ابن سيراخ في هذه القصيدة الحكمة كعطية الله ويشخصنها. تكشف عن ذاتها وإمكانياتها، فيتعرَّف عليها البشر بالإيمان ويقتنونها، فيتشبَّهون بالسمائيين، ويتمتعون بإمكانيات إلهية لخلاصهم. يتناغم هذا الأصحاح مع (أمثال 8: 22-31)، وسفر الحكمة 6، حيث يشخصن الحكمة، بكونها صادرة من فم العليّ لتُغَطِّي الأرض [3]. ففي بدء الخليقة كان روح الله يرف على وجه المياه، فخلق العالم وأبدع بخلقة الإنسان على صورة الله ومثاله (تك 1: 2، 27). أما وقد فسدت الطبيعة البشرية، نزل "حكمة الله" وتجسد ليرُد هذه الصورة (2 كو 5: 17)، تتمتع بشركة الطبيعة الإلهية (2 بط 1: 4). حديث الحكمة هنا ينطبق على حكمة الله ربّ المجد يسوع واهب الحكمة الحقيقية، لنصير أيقونته الحية حيث ننتهي جميعنا إلى إنسانٍ كاملٍ، إلى قياس قامة ملء المسيح (أف 4: 13).
أ. "إني خرجت من فم الله" [3]؛ "من عند الله خرجت" (يو 16: 27؛ 17: 8).
ب. كالبخار غطيت الأرض" [3]؛ هكذا أحب الله العالم... لكي لا يهلك كل من يؤمن به" (يو 3: 16).
ج. "نصبت خيمتي في الأعالي" [4]؛ "أنتم من أسفل، أما أنا فمن فوق" (يو 8: 23).
د. "التمست موضع راحة" [7]؛ "أما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه" (مت 8: 20).
ه. "جعلت راحتي في المدينة وسلطنتي في أورشليم" [11]؛ "ملكوت الله في داخلكم" (لو 17: 21)، أي في قلب المؤمن مسكن الله.
و. "أنا كالكرمة أنبت النعمة، وأثماري ثمار مجد وغنى" [17[؛ "أنا الكرمة وأنتم الأغصان، الذي يثبت فيّ وأنا فيه، يأتي بثمرٍ كثيرٍ" (يو 15: 5).
ز. "ذكري أحلى من العسل" [20]؛ "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين... نيري هَيِّن (حلو)" (مت 11: 30).
ح. "الذين يأكلونني سيجوعون أكثر" [21]؛ "أنا هو الخبز الحيّ الذي نزل من السماء" (يو 6: 51).
يحتوي هذا الأصحاح على قسمين:
[1 -22] (ت: 1-31) |
||||
[23 -34] (ت: 32-47) |
||||
* من وحي سيراخ 24: لأعرفك، فأُحبّك وأقتنيك! |
1 الْحِكْمَةُ تَمْدَحُ نَفْسَهَا، وَتَفْتَخِرُ بَيْنَ شَعْبِهَا. 2 تَفْتَحُ فَاهَا فِي جَمَاعَةِ الْعَلِيِّ، وَتَفْتَخِرُ أَمَامَ جُنُودِهِ، 3 وَتُعَظَّمُ فِي شَعْبِهَا، وَتُمَجَّدُ فِي مَلإِ الْقِدِّيسِينَ، 4 وَتُحْمَدُ فِي جَمْعِ الْمُخْتَارِينَ، وَتُبَارَكُ بَيْنَ الْمُبَارَكِينَ، وَتَقُولُ: 5 «إِنِّي خَرَجْتُ مِنْ فَمِ الْعَلِيِّ بِكْرًا قَبْلَ كُلِّ خَلِيقَةٍ، 6 وَجَعَلْتُ النُّورَ يُشْرِقُ فِي السَّمَوَاتِ عَلَى الدَّوَامِ، وَغَشَّيْتُ الأَرْضَ كُلَّهَا بِمِثْلِ الضَّبَابِ، 7 وَسَكَنْتُ فِي الأَعَالِي، وَجَعَلْتُ عَرْشِي في عَمُودِ الْغَمَامِ. 8 أَنَا وَحْدِي جُلْتُ فِي دَائِرَةِ السَّمَاءِ، وَسَلَكْتُ فِي عُمْقِ الْغِمَارِ، وَمَشَيْتُ عَلَى أَمْوَاجِ الْبَحْرِ، 9 وَدَاسَتْ قَدَمِي كُلَّ الأَرْضِ، وَعَلَى كُلِّ شَعْبٍ، 10 وَكُلِّ أُمَّةٍ تَسَلَّطْتُ، 11 وَوَطِئْتُ بِقُدْرَتِي قُلُوبَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ. فِي هذِهِ كُلِّهَا الْتَمَسْتُ الرَّاحَةَ، وَبِأَيِّ مِيرَاثٍ أَحِلُّ». 12 حِينَئِذٍ أَوْصَانِي خَالِقُ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي حَازَنِي عَيَّنَ مَقَرَّ مَسْكَنِي، 13 وَقَالَ: «اسْكُنِي فِي يَعْقُوبَ، وَرِثِي فِي إِسْرَائِيلَ». 14 قَبْلَ الدَّهْرِ مِنَ الأَوَّلِ حَازَنِي، وَإِلَى الدَّهْرِ لاَ أَزُولُ، وَقَدْ خَدَمْتُ أَمَامَهُ فِي الْمَسْكَنِ الْمُقَدَّسِ. 15 وَهكَذَا فِي صِهْيُونَ تَرَسَّخْتُ، وَجَعَلَ لِي مَقَرًّا فِي الْمَدِينَةِ الْمَحْبُوبَةِ، وَسَلْطَنَتِي هِيَ فِي أُورُشَلِيمَ. 16 فَتَأَصَّلْتُ فِي شَعْبٍ مَجِيدٍ، وَفِي نَصِيبِ الرَّبِّ نَصِيبِ مِيرَاثِهِ، وَفِي مَلإِ الْقِدِّيسِينَ مُقَامِي. 17 ارْتَفَعْتُ كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ، وَكَالسَّرْوِ فِي جِبَالِ حَرْمُونَ. 18 كَالنَّخْلِ فِي السَّوَاحِلِ، وَكَغِرَاسِ الْوَرْدِ فِي أَرِيحَا. 19 كَالزَّيْتُونِ النَّضِيرِ فِي السَّهْلِ، وَكَالدُّلْبِ عَلَى مَجَارِي الْمِيَاهِ فِي الشَّوَارِعِ. 20 فَاحَ عَرْفِي كَالدَّارَصِينِيِّ وَالْقُنْدُولِ الْعَطِرِ، وَانْتَشَرَتْ رَائِحَتِي كَالْمُرِّ الْمُنْتَقَى. 21 كَالْقِنَّةِ وَالْجَزْعِ وَالْمَيْعَةِ، وَمِثْلَ بْخُورِ اللُّبَانِ فِي الْمَسْكِنِ. 22 إِنِّي مَدَدْتُ أَغْصَانِي كَالْبُطْمَةِ، وَأَغْصَانِي أَغْصَانُ مَجْدٍ وَنِعْمَةٍ. 23 أَنَا كَالْكَرْمَةِ الْمُنْبِتَةِ النِّعْمَةَ، وَأَزْهَارِي ثِمَارُ مَجْدٍ وَغِنًى. 24 أَنَا أُمُّ الْمَحَبَّةِ الْبَهِيَّةِ، وَالْمَخَافَةِ وَالْعِلْمِ وَالرَّجَاءِ الطَّاهِرِ. 25 فِيَّ كُلُّ نِعْمَةِ الطَّرِيقِ وَالْحَقِّ، وَكُلُّ رَجَاءِ الْحَيَاةِ وَالْفَضِيلَةِ. 26 تَعَالَوْا إِلَيَّ أَيُّهَا الرَّاغِبُونَ فِيَّ، وَاشْبَعُوا مِنْ ثِمَارِي. 27 فَإِنَّ رُوحِي أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَمِيرَاثِي أَلَذُّ مِنْ شَهْدِ الْعَسَلِ، 28 وَذِكْرِي يَبْقَى فِي أَجْيَالِ الدُّهُورِ. 29 مَنْ أَكَلَنِي عَادَ إِلَيَّ جَائِعًا، وَمَنْ شَرِبَنِي عَادَ ظَامِئًا. 30 مَنْ سَمِعَ لِي فَلاَ يُخْزَى، وَمَنْ عَمِلَ بِإِرْشَادِي فَلاَ يَخْطَأُ. 31 مَنْ شَرَحَنِي فَلَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
ستمدح الحكمة نفسها،
وتفتخر بين شعبها [1].
تفتح فمها في جماعة العليّ،
وتفتخر أمام قدرته [2].
ماذا تقول حكمة الله؟
أ. إذ تدعو المؤمنين إلى اقتنائها، تمدح نفسها وتفتخر بين شعبها، ليس لأنها في حاجة إلى مديحٍ أو مجدٍ خارجي، سواء من بني البشر أو من الطغمات السماوية، وإنما لأنها تقدم ما لها للمؤمنين. وكأنها تقول لهم ما هو لي أهبه لكم. فمن يجدني إنما يشهد لما يناله من مجدٍ باتحاده بي.
ب. إن كان السمائيون يمجدونني، فإنني أود أن أرتفع بشعبي الذين أَعتزّ بهم لينضموا إلى جماعة العليّ، فترتفع أفكارهم وقلوبهم إلى السماويات.
ج. إن كان مسكن الحكمة في الأعالي وعرشها في عمود السحاب، إلاَّ أنها ليست ببعيدة عن كل الخليقة العاقلة. فإن كان الإنسان قد انحدر إلى أعماق الهاوية (الغمار) بسبب عصيانه وحرمانه من مصدر حياته، فأنا لست ببعيدة أينما وجدت سواء على الأرض أو في البحار أو في الهاوية؛ أخلصه وأنطلق به إلى مسكني في الأعالي، وأضمّه إلى جماعة العلي. بغير محاباة أعمل في حياة المؤمن أيًا كانت جنسيته، لي سلطان على كل شعبٍ وأمةٍ.
د. كيف تلتمس الحكمة الراحة؟ إذ تستريح الخليقة العاقلة المحبوبة لدى حكمة الله، تحسب كل راحة للخليقة هي راحة لها أينما وُجِدَت هذه الخليقة.
ه. إذ تملأ حكمة الله المسكونة كلها، في السماء وعلى الأرض، غير أنها تهتم بشعب الله، فتنصب خيمتها في يعقوب، وميراثها في إسرائيل [8]. وكأن شعب الله هو بيتها وميراثها. هذا هو وضع كل مؤمنٍ حقيقيٍ، فيتغنى: "أنا لحبيبي وحبيبي لي" (نش 6: 3). يؤكد لنا السيد المسيح، حكمة الله وقوة الله: "ملكوت الله داخلكم" (لو 17: 21).
و. يمتد تدبير حكمة الله لخلاصنا الأبدي إلى ما قبل الخليقة، ويستمر عمله إلى الأبد [9].
ز. سلطان حكمة الله على كل الشعوب والأمم [6]، تحسب نفسها عاملة لحساب من يَقْبَلها ويتجاوب معها، فتحسبها مدينتها المحبوبة وهيكلها المقدس، نصيبها وميراثها، وهي نصيبه وميراثه [10-12]. إنها تطلب أن تستقر في الإنسان المؤمن، ويستقر هو فيها.
إنّي خرجت من فم العليّ،
وكالبخار غطَّيت الأرض [3].
تشير هنا إلى ميلاد الابن المولود من الآب منذ الأزل. يرى القديس أمبروسيوس أن الله الكلمة صدر عن الآب، هذا الذي هو في حضن الآب (يو 1: 18). وأن الحضن هنا يعني نوعًا من السكنى الكلية العمق في حب الآب وفي طبيعته (لا ينفصل عنه)، فهو دائم السكنى فيه. وهو مولود في قلبه حيث نطق بالكلمة، وهنا يصدر عن فم العلي حيث يصدر العدل (البرّ) الإلهي، ومنه تصدر الحكمة فتقول: "من فم العلي صدرت" (راجع سي 24: 3)[1].
v قيل إن الحكمة خرجت من فم العلي (راجع سي 24: 3)، ليست خارجًا عن الآب، بل هي مع الآب، لأنه "والكلمة كان عند الله" (يو 1: 1). ليس فقط "عند الله"، وإنما أيضًا في الله، إذ يقول: "أنا في الآب، والآب فيّ" (يو 14: 10). وعندما يخرج من عند الآب لا يخرج من موضع (مُعَيَّن)، ولا ينفصل عنه، كما ينفصل جسم عن جسم[2].
v لا يبدو أن الابن خرج من أي موضع، بل الإله من الإله، الابن من الآب، وليس له بداية في دورة الزمن، بل خرج من الآب بكونه مولودًا، وذلك كما قال المولود نفسه: "إني خرجت من فم العلي" (راجع سي 24: 3)[3].
v من عمل سلطانه أنه جعلنا أبناء الله (يو 1: 10 إلخ)، بينما تكشف لنا تعاليم الله عن ولادته بخصوص السمة الأقنومية، لأن حكمة الله تقول: "إني خرجت من فم العلي" (راجع سي 24: 3)، بمعنى ليس عن إلزامٍ بل بكامل الحرية، ليس تحت رباط السلطة، إنما ولد ميلادًا سريًا، بقوة أقنومية للكائن الأسمى وبرّ السلطة. مرة أخرى ذات الحكمة التي هي الرب يسوع يقول عنه الآب في موضع آخر: "من الرحم أنا ولدتك قبل كوكب الصبح" (مز 110: 3). هذا يقوله، لا لنفكر في رحم جسدي، بل ليظهر أنها ولادة حقيقية، عمل لائق[4].
ونصبت خيمتي في الأعالي،
وعرشي على عمود السحاب [4].
v سليمان (سيراخ) يظهره أنه كلمة الله (الخارج من فم العليّ)، الذي بيديه خلق أعمال العالم هذه. يقول: "إني خرجت من فم العليّ بكر كل الخلائق. جعلت في السماء ما يشرق نورًا لا يخفت، وكسحابٍ غطيت كل الأرض، سكنت في الأعالي، وعرشي في عمود السحاب" (راجع سي 24: 3-5). يقول هذا يوحنا: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله. كل شيء به كان، وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1: 1-3)[5].
أنا وحدي جُلت في دائرة السماء،
وتمشَّيت في أعماق الهاوية [5].
المتحدث هنا حكمة الأزلي الواحد مع الآب والروح القدس، سرمدي، باتحادنا به نتمتَّع بالخلود. قال عنه بولس الرسول: "المبارك العزيز (صاحب السلطان) الوحيد، ملك الملوك ورب الأرباب، الذي وحده له عدم الموت، ساكنًا في نورٍ لا يُدنَى منه" (1 تي 6: 14-16).
يُمَيِّز القديس أغسطينوس بين النفس البشرية التي قيل عنها في خلقة آدم: "ونفخ في أنفه نسمة حياة" (تك 2: 7)، وبين صدور الابن أو الحكمة من فم الله، إذ لم يقل "نفخ فم الله" إنما صدر عن فم الله[6].
v لا يمكن القول بأن الحكمة تصدر عن فم العليّ (راجع سي 24: 5)، ليكون خارجًا عن الآب، وإنما مع الآب، لأن الكلمة مع الله (يو 1: 1)، ليس فقط مع الآب، وأيضًا في الآب. إذ يقول: "أنا في الآب والآب فيّ" (يو 14: 10). لكن عند خروجه من الآب لم ينسحب كما من موضع، ولا انفصل عنه كما ينفصل جسد عن جسد. وإذ هو في الآب لا يُحسَب كجسدٍ في جسدٍ[7].
وعلى أمواج البحر والأرض كلها،
وعلى كل شعبٍ وكل أمةٍ تسلَّطت [6].
تعمل الحكمة في حياة الكنيسة الجامعة بكونها شعبها الواحد المقدس، كما تعمل في حياة المؤمن كعضوٍ في هذا الشعب. تُوَجِّه حديثها إلى الجماعة المقدسة كما إلى كل عضوٍ فيها.
في هذه كلها التمست موضع الراحة،
وفي أيّ ميراث ألجأ [7].
حينئذ أوصاني خالق الجميع، والذي خلقني أَقرّ مكانًا لأحيا،
وقال: "انصبي خيمتك في يعقوب، واستلمي ميراثكِ في إسرائيل" [8].
جاءت هذه العبارة تُعلِن عن تجسد الابن حكمة الله، بالقول: "أقر مكانًا لأحيا"، "انصبي خيمتك في يعقوب"، "واستلمي ميراثك في إسرائيل".
v تحدث نبي آخر عن الابن بنفس الطريقة: "هذا هو إلهنا، ولا يُقارن به غيره" (با 3: 36). عمن يقول هذا؟ هل قال هذا عن الآب؟ طبعًا لا! اصغوا كيف يشير إلى الخطة الإلهية حسنًا! فبعد أن قال: "هذا هو إلهنا، ولا يُقارَن به غيره"، أضاف: "كشف كل طريق المعرفة، وجعله ليعقوب عبده وإسرائيل محبوبه، وبعد ذلك تراءى على الأرض، وتحاور مع البشر" (با 3: 36-38)[8].
v إرميا هو أول من قال إن الله يصير إنسانًا، يبقى إلهًا. هذا هو إِلهُنا، ولا يُقارن به غَيرُه[9].
قبل الدهور ومنذ البدء خلقني،
وإلى دهر الدهور لا أزول [9].
في خيمته المقدسة أمامه أخدم،
وهكذا استقرّيت في صهيون [10].
وجعل راحةً في المدينة المحبوبة،
وسلَّطنتي في أورشليم [11].
فتأصَّلت في شعبٍ مُكرَّمٍ،
وفي نصيب الرب، ميراثه [12].
حُسب الشعب مجيدًا، لأنه تمتَّع بكلمة الله ووعوده الإلهية؛ هكذا إذ يحتضن المؤمن كلمة الله في قلبه، ويتمتع بالشركة مع المسيح غاية الناموس (رو 10: 4)، ينعم بالكنز الحقيقي، إذ فيه كنوز الحكمة والمعرفة (كو 2: 3).
كشجرة الأرز في لبنان ارتفعت عاليًا،
وكشجرة السرو في جبال حرمون [13].
إذ تقدم ما لها للمؤمنين، تُقِيم منهم جنة مقدسة تضم ستة أنواع من الشجر مع ورود وثمارٍ متنوعة:
أ. أرز لبنان العظيم (1 مل 6: 9-11).
ب. سرو جبال حرمون (2 مل 19: 23). ج. نخيل عين جدي (2 أي 28: 15).
د. شجيرات وورود أريحا. ه. شجر زيتون (قض 9: 8).
و. الدلب الذي يرتفع وهو بجوار المياه. ز. القرفة وقندول العطر (قصب الخيرزان).
ح. مُرّ منتقى ذو رائحة عطرة. ط. قنة (الجلينة) وجزع وميعة (المستكاء).
ي. بخور لبان كما في خيمة الاجتماع [15].
ك. فروعها مثل فروع البطمة، مصدر لزيت التربنتينا ومواد الدباغة [16].
ل. الكروم [17].
كشجرة النخيل في عين جَدْيَ ارتفعت، وكغروس الورد في أريحا،
كشجرة الزيتون النضير ارتفعت في السهل، وكشجرة الدُّلب ارتفعت بجوار المياه [14].
كالدارصيني والقندول العطر فاح عطري، وكالمُرّ المنتقى انتشرت رائحتي،
كالقنّة والجزع والميعة ومثل عطر اللبان في الخيمة [15].
إنّي مددت أغصاني كالبطم،
وأغصاني أغصان مجيدة وذات نعمة [16].
أنا ككرمةٍ أُنبت النعمة،
وأزهاري تُثمر ثمار مجدٍ وغنى [17].
أنا أم الحب النقي والمخافة، والمعرفة، والرجاء المقدس.
لذلك بكوني أبديّة، أُوهَب لكل أولادي الذين لُقّبوا بوسطته (أي بواسطة الرب) [18].
تعالوا إليَّ أيها الراغبون فيَّ،
واشبعوا من ثماري [19].
تدعو أبناءها أن يأتوا إليها باشتياقٍ، ويشبعوا من ثمارها وحصادها (أم 9: 4-6).
فإن ذكري أحلى من العسل،
وميراثي أعذب من شهد العسل [20].
تؤكد لأبنائها إذ يقتربون إليها ويتمتعون بثمارها، يختبرون حلاوتها التي لا تُفارِق ذاكرتهم، ويرثون ما هو أحلى من العسل.
الذين يأكلونني سيجوعون أكثر،
والذين يشربونني سيعطشون أكثر [21].
من يأكل منها ويشرب يزداد جوعه وعطشه إليها مع شوقٍ عظيمٍ. وفي نفس الوقت من يجوع إليها ويعطش يتمتع بالشبع بها أبديًا.
v لكنك لن تتوقَّف عن الحب، لأن ذاك الذي تراه هو كمن يربكك ليس بأي نوع من القلق، وإنما يشبعك وأيضًا لا يشبعك في نفس الوقت. عندما أقول إنه يشبعك أخشى أن تكون كمن قد شبع ويود أن يرحل، كما من الغذاء أو العشاء. فماذا إذن أقول؟ لا يشبعك؟ مرة أخرى أخشى أن يبدو كمن لا يشبعك، فتبدو كمن في احتياج، كمن هو فارغ، وهذا الفراغ يحتاج أن يمتلئ. إذن ماذا أقول سوى ما يمكن قوله، وإن كان بصعوبة يمكن التفكير فيه. إنه يشبعك ولا يشبعك أيضًا، إذ أجد الاثنين في الكتاب المقدس. بينما يقول: "طوبى للجياع فإنهم يشبعون" (مت 5: 6)، مرة أخرى يقول عن الحكمة: "الذين يشربون يعطشون مرة أخرى" (راجع سي 24: 21). لا، لم يقل: "مدة أخرى" بل "لا يزالون"، لأنهم يعطشون مرة أخرى، كما كانوا مثل من يشبع مرة فيرحل ويهضم ثم يعود ليشرب[10].
من يطيعونني لا يُخزون،
والذين يعملون معي فلا يخطئون [22].
32 هذِهِ كُلُّهَا هِيَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَعَهْدُ الْعَلِيِّ وَعِلْمُ الْحَقِّ. 33 إِنَّ مُوسَى أَمَرَ بِالشَّرِيعَةِ، وَأَحْكَامِ الْعَدْلِ مِيرَاثِ آلِ يَعْقُوبَ وَمَوَاعِيدِ إِسْرَائِيلَ. 34 إِنَّ الرَّبَّ وَعَدَ دَاوُدَ عَبْدَهُ، أَنْ يُقِيمَ مِنْهُ الْمَلِكَ الْقَدِيرَ الْجَالِسَ عَلَى عَرْشِ الْمَجْدِ إِلَى الأَبَدِ. 35 هُوَ يُفِيضُ الْحِكْمَةَ كَفِيشُونَ، وَمِثْلَ دِجْلَةَ فِي أَيَّامِ الْغِلاَلِ، 36 وَيَمْلأُ فَهْمًا كَالْفُرَاتِ، وَمِثْلَ الأُرْدُنِّ فِي أَيَّامِ الْحَصَادِ، 37 وَيُبْدِي التَّأْدِيبَ كَالنُّورِ، وَمِثْلَ جِيحُونَ فِي أَيَّامِ الْقِطَافِ. 38 الْحِكْمَةُ لاَ يَسْتَوفِي مَعْرِفَتَهَا الأَوَّلُ، وَلاَ يَسْتَقْصِيهَا الآخِرُ، 39 لأَنَّ فِكْرَهَا أَوْسَعُ مِنَ الْبَحْرِ، وَمَشُورَتَهَا أَعْمَقُ مِنَ الْغَمْرِ الْعَظِيمِ. 40 أَنَا الْحِكْمَةَ مُفِيضَةُ الأَنْهَارِ. 41 أَنَا كَسَاقِيَةٍ مِنَ النَّهْرِ، وَكَقَنَاةٍ خَرَجَتْ إِلَى الْفِرْدَوْسِ. 42 قُلْتُ أَسْقِي جَنَّتِي، وَأُرْوِي رَوْضَتِي؛ 43 فَإِذَا بِسَاقِيَتِي قَدْ صَارَتْ نَهْرًا، وَبِنَهْرِي قَدْ صَارَ بَحْرًا. 44 فَإِنِّي أُضِيءُ بِالتَأْدِيبِ مِثْلَ الْفَجْرِ وَأُذِيعُهُ إِلَى الأَقَاصِي. 45 أَنْفُذُ إِلَى جَمِيعِ أَعْمَاقِ الأَرْضِ وَأَنْظُرُ إِلَى جَمِيعِ الرَّاقِدِينَ، وَأُنِيرُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَرْجُونَ الرَّبَّ. 46 إِنِّي أُفِيضُ الْتَّعْلِيمَ مِثْلَ نُبُوَّةٍ، وَأُخَلِّفُهُ لأَجْيَالِ الدُّهُورِ. 47 فَانْظُرُوا كَيْفَ لَمْ يَكُنْ عَنَائِي لِي وَحْدِي، بَلْ أَيْضًا لِجَمِيعِ الَّذِينَ يَلْتَمِسُونَ الْحِكْمَةَ.
هذه كلها هي سفر ميثاق مع الإله العليّ
والشريعة التي أوصانا بها موسى،
ميراثًا لجماعات يعقوب [23].
تربطهم الحكمة بالعهد مع الله وحفظ الشريعة كميراثٍ لهم [23].
لا تتردَّد في أنك قويّ في الربّ، التصق به، فهو يُثَبِّتك،
فإن الربّ القدير هو الله وحده. وبجواره لا يوجد مُخَلِّص آخر. [24]
يُنظَر إلى هذا الأصحاح أنه مركز السفر، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. يمطر بالبركات الفائقة على نفوس المؤمنين طالبي الحكمة. وحتى لا يظن أحد أن ما تقوله الحكمة لا يخصّه، لأنه أضعف من أن يتمتَّع بها، تُشَجِّعه، قائلة: "لا تتردَّد في أنك قوي في الربّ، التصق به، فهو يثبتك" [24]. فهو وحده المُخَلِّص القدير. لا يقدر الإنسان نفسه ولا إخوته أن يُخَلِّصوه.
v "إنه لا يملك أن يؤدي إلى الله كفَّارة عن نفسه، أو قيمة فدية نفسه، (حتى لو كدَّ إلى الأبد)" (مز 48: 7-8) LXX. إذن لا تسأل أخاك فدية عنك، بل اسأل ذاك الذي يفوق طبيعتك، فهو ليس إنسانًا مُجَرَّدًا، بل الله المتأنس يسوع المسيح؛ الذي وحده قادر أن يُقَدِّم فدية لله (الآب) عنَّا جميعًا. لأن الله قَدَّمَه كفارة بالإيمان بدمه (رو 3: 25). كان موسى أخًا لإسرائيل، ولم يكن قادرًا على خلاصه. الآن هل يمكن لأي إنسانٍ عادي أن يُخَلِّص؟ لذلك تعلن العبارة: "لا يقدر أخ أن يُخَلِّص؟" وعبارة أخرى في جدية يستفهم: "هل الإنسان يُخَلِّص؟" (مز 48: 7) LXX.
لم يُحَرِّر موسى شعبه من الخطية، إنما سأل الله الإعفاء من العقوبة عن الخطية. على أي الأحوال، لم يكن قادرًا أن يفدي نفسه عندما أخطأ. فإنه بعد أن صنع عجائب كثيرة عظيمة وآيات رآها، نطق بهذه الكلمات التي تُعَبِّر عن الشك: "اسمعوا أيها المُتمرِّدون المرتابون: أمن هذه الصخرة يمكننا أن نخرج لكم ماءً؟!" (راجع عد 20: 10). لهذا، من أجل هذه الكلمات قال الرب لموسى وهرون: "من أجل أنكما لم تؤمنا بي حتى تُقَدِّساني أمام أعين بني إسرائيل، لذلك لا تُدخلان هذه الجماعة إلى الأرض التي أعطيتهم إيَّاها" (عد 20: 12)، لذلك لم يُقَدِّم لله فدية عن نفسه.
بالحقيقة ماذا يقدر الإنسان أن يجد شيئًا عظيمًا كافيَا ليُقَدِّمَه فدية عن نفسه؟ لكن وُجِدَ شيء واحد يستحق أن يُقَدَّم عن كل الناس معًا. هذا قُدِّم كثمنٍ لفداء نفوسنا، دم ربنا يسوع المسيح المقدس والمُكَرَّم جدًا، الذي سفكه من أجلنا جميعًا، لذا فنحن اُشترينا بثمنٍ عظيمٍ (1 بط 2: 22).
إن كان الأخ لا يُخَلِّص، فهل يقدر إنسان أن يَخلُص؟ لكن إن كان الأخ لا يقدر أن يُخَلِّصنا، إذن فإن الذي خَلَّصنا ليس إنسانًا. لهذا لا تظنُّوا لأنه حلَّ بيننا "في شكل جسدنا الخاطئ" (رو 8: 3)، أن ربَّنا إنسان مُجَرَّد، عاجزين عن إدراك قوة لاهوته، هذا الذي ليس في حاجة أن يُقَدِّمَ فدية عن نفسه، ولا أن يفدي نفسه، لأنه "لم يفعل خطية، ولا وُجِدَ في فمه مكر" (1 بط 2: 22). ليس أحد فيه كفاية أن يُخَلِّصَ نفسه، ما لم يأتِ ذاك الذي يزيل سبي البشر لا بفديات، ولا بعطايا كما هو مكتوب في إشعياء (52: 3)، وإنما بدمه.
وإن كنا لسنا إخوته، إذ صرنا أعداء بعصياننا، فإن ذاك الذي ليس إنسانًا مُجَرَّدًا وإنما هو الله، بعد الحرية التي وهبنا إيَّاها دعانا إخوته. إنه يقول: "أُخْبِر باسمك إخوتي" (مز 22:22؛ عب 2: 12)، ذاك الذي يُخَلِّصنا، إن فحصتم طبيعته، فهو ليس أخًا ولا إنسانًا، إنما إن فحصتم تنازُله إلينا بالنعمة يدعونا إخوته، ينزل إلى طبيعتنا البشرية ذاك الذي لا يعطي الله فدية عن نفسه، إنما عن العالم كله.
إنه ليس في حاجة إلى فدية، هو نفسه كفَّارة. "لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شرٍّ ولا دنس قد انفصل عن الخطاة، وصار أعلى من السماوات، الذي ليس له اضطرار كل يومٍ مثل رؤساء الكهنة أن يُقَدِّم ذبائح أولًا عن خطايا نفسه، ثم عن خطايا الشعب" (عب 7: 26-27). عندئذ يقول: "وعمل (حتى ولو كدَّ) إلى الأبد أو عاش إلى النهاية" (راجع مز 49: 8-9). فإن وجود (الفادي) بذاته، وقدرته، وطبيعته المثابرة تعمل بكدِّ في هذه الحياة، وعندما تعب من الرحلة جلس عند البئر (يو 4: 5)[11].
v عندما أستدعي كل هذه الأشياء في ذاكرتي (إن كنت أتحدث حسب مشاعر)، فإني أُضرَب بنوعٍ من المخافة الرهيبة ورعبٍ باردٍ، لئلا خلال تشتيت الفكر والانشغال بالأباطيل أسقط من محبة الله وأصير موضع إهانة للمسيح. لأن ذاك الذي يخدعنا الآن ويسعى بكل وسيلةٍ أن يحثنا على تجاهل المُحسِن إلينا خلال الارتباك بإغراءات العالم التي تقفز علينا وتطأ علينا لتحطيم نفوسنا، عندئذ في حضرة الرب توبّخنا على وقاحتنا، وتشمَت لعصياننا وارتدادنا. ذاك الذي لم يخلقنا قط ولا مات لأجلنا ليحسبنا بين تابعيه في عصيانٍ وإهمالٍ لوصايا الله.
هذه الإهانة الموجهة للرب، وهذه النصرة لعدوّنا تبدو لي أكثر رعبًا من عقوبات جهنّم، لأننا نعطي لعدو المسيح المادة ليفتخر، والحجة لكي يتشامخ على من مات لأجلنا وقام. من أجل ذلك فإننا مدينون له بمعنى خاص جدًا كما هو مكتوب (رو 8: 12). لهذا يليق بنا بالأكثر أن نراعي محبة الله.
ليس هدفي، كما قلت سابقًا، أن أعرض كل الموضوع، إذ هذا مستحيل، بل أن أغرس في نفوسكم باختصار تذكُّر الاحتفاظ بالشوق الإلهي يقظًا داخلكم[12].
v سؤال: ماذا إن أوصي أحد فرفض الوصية، لكنه بعد ذلك ترك رفضه هذا بإرادته وتَمَّم الوصية؟ (مت 21: 29).
الإجابة: برفضه يُعتبَر مُعارِضًا (للوصية)، ومُثيرًا للآخرين ليُمارِسوا شرورًا مُماثِلة. ليته يدرك أنه يخضع لهذا الحكم: "المُعارِض يُثير كل شرٍ، فيُطلق الرب عليه رسولًا قاسيًا" (راجع أم 17: 11). لهذا فليقتنع إنه لا يقاوم إنسانًا أو يطيعه، إنما الرب القائل: "الذي يسمع منكم يسمع منّي، والذي يرذلكم يرذلني" (لو 10: 16).
أما بتذكُّره الوصية، فأظهر ندامة، فليعتذر أولًا وبعد ذلك إن سُمِحَ له، يُتَمِّم العمل[13].
هذه الشريعة تملأ البشر بالحكمة، مثل فيشون،
ودجلة[14] في أيام بكور الثمار [25].
استخدم ابن سيراخ ما ورد في العهد القديم عن الأنهار خاصة في جنة عدن، إذ يرى فيها الفيض بالتمتُّع بسمات الحكمة (تك 2: 10-14).
يتحدث عن القناة الصغيرة التي تحوَّلت إلى نهرٍ عظيم، خلال خبرته العملية حيث يتطلَّع إلى ما اقتناه من حكمة في بداية حياته، وإذ كان يطلب من الله على الدوام كي يهبه الحكمة، تحولت قناة الحكمة في داخله إلى نهرٍ يفيض على الكثيرين. تقدم لهم مياه الحياة التي لا يوجد نهر يفيض بمثلها، لذا قدمت لهم ستة أنهر مشهورة. أربعة أنهر منها وردت في قصة الخليقة (تك 2: 10-14) تروي جنة عدن، ونهر النيل والأردن [25-28].
إن كانت مياهها أفضل من كل الأنهار، فإنها متسعة للغاية وكأن النهر يصير بحرًا، وفي نفس الوقت تصير بروح التواضع كساقية من النهر أو قناة تروي الجنة. تهتم بالمؤمن لترويه بساقية أو قناة صغيرة، وإذ تدخل أعماقه تصير القناة نهرًا، والنهر يصير بحرًا. ما هذه المياه التي تفيض على النفس البشرية كما من قناة إلاَّ الحكمة الإلهية التي تقدم حياة حافلة بالبركات (إش 58: 11؛ خر 47: 1-12).
مياه الحكمة هي أيضًا نور يشرق في النفس كالفجر الذي يسطع من بعيد.
لم يقل مثل نهر الأردن مثلما ذكر أنهر موجودة في بلاد الأمم، إذ كثيرًا ما أعلن ابن سيراخ عما تتمتع به الأمم خلال الكرازة بالإنجيل.
v "اسمعوا هذا يا جميع الشعوب، أصغوا يا جميع سكان الدنيا. يا أيها الأرضيون (earthborn)، وأنتم يا بني البشر، الأغنياء والفقراء سواء" (مز 49: 1-2).
مكان الاجتماع ضخم جدًا، حيث يدعو المزمور كل الأمم للاستماع، كما كل الذين يملأون العالم بمساكنهم. أظن أنه بهذا الإعلان السامي يجتذب ليس فقط الأرضيين earthborn بل كل بني البشر، الأغنياء والفقراء، ويدعوهم إلى الإصغاء.
أي نوع برج المراقبة هذا القائم في ارتفاعه على كل الأرض ليرى كل الأمم من بعيد، ويحتضن كل العالم بعينيه؟ أي مذيع عالي الصوت هكذا، يصرخ فتسمعه آذان كثيرة في نفس الوقت؟ أي مكان قادر أن يستوعب تلك التجمعات؟ أية عظمة وأية حكمة لهذا المُعَلِّم، ليُقَدِّم تعليمات تليق بهذا المَحْفَل العظيم؟ انتظروا قليلًا، فستتعلَّمون أن ما يتبع هذا يليق بالوعد (المُقَدَّم لهم). فإن الذي يجمع الكل، ويدعوهم للإعلان هو الباراقليط، روح الحق، الذي يجمع معًا الأنبياء والرسل الذين يخلصون. الذين قيل عنهم: "بلغت أقوالهم إلى كل الأرض، وكلماتهم إلى أقاصي العالم" (مز 19: 5) LXX. لذلك جُمِعَت الكنيسة من كل طبقات البشر (الحياة)، حتى لا يُترَك أحد بدون عونٍ منها.
توجد ثلاث مجموعات مدعوة، يضمها كل جنس البشر: وثنيون، وسكان العالم وهم أرضيون earthborn، وبنو البشر الأغنياء والفقراء. من إذن تُرك ولم يُدعَ للاستماع؟ أولئك الذين هم خارج الإيمان مدعوّون بدعوة الوثنيين. سكان العالم هم الذين في الكنيسة.
الأرضيون earthborn الذين هم حكماء في شئون الأرضيات، وملتصقون بملذَّات الجسد.
بنو البشر هم أولئك الذين يسلكون بشيءٍ من الجدية ويُدَرِّبون عقولهم، لأن التعقُّل هو سمة الإنسان.
الأغنياء والفقراء لهم هويّتهم تُعرَف منهم: الأولون لهم المقتنيات المتزايدة لضروريات الحياة، والآخرون يقفون في عَوْزٍ إليها.
وحيث أن طبيب النفوس لم يأتٍ ليدعو الأبرار، بل الخطاة إلى التوبة (مت 9: 13)، ففي دعوته وضع أولًا في كل مجموعة الذين يُدَانون. فالوثنيون أَشرَ من سكان العالم، ومع ذلك اختيروا أولًا في الدعوة، لكي يأتي المرضى أولًا، يَتَمَتَّعون برعاية الطبيب. وبعد ذلك الأرضيون earthborn وضعوا قبل بني البشر، والأغنياء قبل الفقراء.
المجموعة التي كانت ميؤوسًا منها وخلاصها أصعب دُعِيَت قبل الفقراء. هكذا هو حنو الطبيب، يُقَدِّم معونته لمن هم أضعف أولًا.
في نفس الوقت، المشاركة في الاستدعاء هي اتحاد في سلام، حتى أن أولئك الذين كانوا حتى ذلك الوقت يقاومون بعضهم بعضًا، بسبب اختلاف العادات، باجتماعهم معًا، يعتادون على بعضهم البعض في حبٍ. ليَعْلَم الغني أنه مدعو بنفس الإعلان مثل الفقير. يقول: "أغنياء وفقراء سواء" (مز 49: 2).
ليُترَك خارجًا التشامخ على الذين هم في أكثر احتياجٍ وغطرسة الثروة، بهذا ادخلوا كنيسة الله. إذن ليت الأغنياء لا يُعامِلون الفقير بازدراءٍ، ولا ينكمش الفقير مُرتعِدًا تحت سلطان الأثرياء. ليت بني البشر لا يستخفُّون بالأرضيين earthborn، ولا الأرضيون earthborn يعزلون أنفسهم عنهم. ليت الوثنيين يعتادون على التعامل مع سكان العالم، وسُكَّان العالم خلال المحبة يقبلونهم كأصدقاء ضيوف خلال العهود[15].
وهي تملأهم فهمًا،
كالفرات ومثل الأردن في أيام الحصاد [26].
هذه الشريعة تُشرِق بالتعليم مثل النور، وهي تفيض كالنيل بالتعليم،
مثل جيحون في أيام القطاف (العنب) [27].
إذ يتحدَّث عن الشريعة التي تشرق بالتعليم لا يشبهها فقط بالأنهار التي كانت تسقي جنة عدن، وإنما ضمّ إليها أنهارًا أخرى مثل النيل، لأن الشريعة الإلهية لا تقتصر على اليهود وحدهم. مسيحنا يفيض علينا بالنعمة، وكما يقول الرسول: "الذي فيه لنا الفداء بدمه... حسب غِنَى نعمته، التي أجزلها لنا بكل حكمةٍ وفطنةٍ" (أف 1: 7-8).
v "مجرى النهر يُفرِّح مدينة الله" (مز 46: 4). مياه البحر الهائجة بفعل الرياح تزيد وترتفع، أما مجرى النهر، فينساب بدون إزعاجٍ. ينساب بهدوء، لمن استحقُّوا أن يقبلوه. لذلك يُفرِّح مدينة الله، والآن يشرب البار من المياه الحيَّة (يو 4: 10)، لكنه في المستقبل سيشرب بفيضٍ عندما يُكتَب اسمه في الساكنين في مدينة الله.
الآن يشرب كما في مرآةٍ في لغزٍ (1 كو 13: 12)، لأن ما يأخذه من تأملات إلهية قليلة، لكن حينئذ يمتلئ، ونهره يستطيع أن يفيض بالفرح في مدينة الله.
فما هو نهر الله؟ إنه الروح القدس الذي يجري في الذين يستحقُّون، الذين لهم الإيمان بالمسيح حقًا. "الذي يؤمن بي، كما يقول، تجري في بطنه أنهار..." (يو 7: 38) أيضًا من يشرب من الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية (يو 4: 13). هذا هو النهر الذي يُفرِّح مدينة الله. إنه مجرى الروح القدس[16].
كما أن الإنسان الأول لم يعرف الحكمة كاملة،
هكذا الإنسان الأخير لا يستقصي أعماقها [28].
مع ما وهب به الإنسان الأول من فهمٍ وحكمةٍ لم يستطع أن يبلغ أعماق الحكمة الإلهية، وتبقى البشرية عاجزة عن ذلك حتى الإنسان الأخير. يؤكد ابن سيراخ أنه لا يوجد شخص واحد عبر كل العصور وإلى انقضاء الدهر قادر أن يدرك أعماق حكمة الله.
لأن فكرها أعمق من البحر،
ومشورتها أعمق من الهاوية العظيمة [29].
يرى الأب قيصريوس أسقف آرل أن المؤمن إذ يأكل ويشرب كلمة الله، يدخل في حوارٍ مع الله، هذا الحوار لا يتوقَّف، لذا لا يستطيع الشيطان أن ينتصر عليه[17].
وأنا كقناة خارجة من النهر،
ومثل مجرى خرج إلى جنة [30].
قلت: "أسقي بستاني،
وأُبلل مجمعات الزهور المتناسقة".
فإذا بقناتي تصير نهرًا،
وبنهري يصير بحرًا [31].
ما هي هذه القناة التي صارت بحرًا؟ يرى القديس باسيليوس الكبير أنها دموع التوبة.
v من يُصَلِّي بمجاري من الدموع، يتقبَّل عواصف من الأمطار في الوقت المناسب؟ من يغسل الخطايا متمثّلًا بالطوباوي داود، الذي سكب الدموع على سريره؟ من غسل أقدام الغرباء، وشطف تراب السفر، حتى في وقت الاحتياج يشفع هذا الشخص لدى الله، طالبًا وَقْف الجفاف؟ من يسند طفلًا محرومًا من الوالدين، لكي ما في مقابل هذا يمدّه الله بالقمح، كيتيم تَحطَّم برياحٍ مضادة؟ من يهتم بأرملة أصابتها مصاعب الحياة حتى ترتد إلينا المعونات التي يحتاج إليها؟ مَزِّقوا العقود الظالمة، حتى تُحَل أيضًا الخطايا.
ارفعوا الديون التي بفوائدٍ باهظة، حتى تأتي الأرض بالثمار العادية[18].
أجعل التأديب يضيء مثل الصباح،
وأجعله يسطع إلى بعيد [32].
أفيض التعليم مثل نبوة،
وأتركه خلفي للأجيال الآتية [33].
v "ستدخل إلى جيل آبائك" [19]. أظن أنه يتكلم عن الخاطئ الذي يعرف الله حسب ما سَلَّمه له آبائه، لكنه لم يكتسب شيئًا إضافيًّا بفكره، ولا أضاف إلى معرفته للحق بنفسه.
يقول: "أيها الرب أنت قريب"، وفي نفس الوقت لديه فكرة عظيمة عنك بكونك موجودًا في أجيال آبائه. بينما يسلك بكسلٍ، وروحه تنشغل بالأرضيات والجسديات، التي تترنَّح في الثروات والترف، وفكره مشحون باهتمامات الحياة، لذلك "لا يعاين النور" [انظر 19].
إذ يعهدون بقيادتهم إلى مُعَلِّمين عميان، يحرمون أنفسهم من بركة النور. يحمل هذا القول: "يدخل إلى جيل آبائه"، نفس المعنى. هذا يُقَال بالنسبة للذين يجتازون حياة شريرة، ومن تعاليم صادرة من آبائهم، ولكنهم مُتغرِّبون عن التقوى، ليس فقط ستعاقبهم، بل تطرد واضعي التعاليم الفاسدة. هذا ما يقصده بالقول: "يدخل إلى جيل آبائه". ليس فقط ذاك الذي له أفكار ملومة عن الله، بل والذي يقود الآخرين إلى هذا الدمار. هكذا هم الذين يتقبَّلون هذا الشر من آبائهم السابقين، والتي تقوّى خلال الاستمرار فيه بعادات لمدة طويلة، وتوجد صعوبة في تنقيتها. "لا يعاين النور"، إذ يُرسَلون إلى الظلمة الخارجية، حيث البكاء وصرير الأسنان (مت 8: 12). هذا يحل بهم حسب حكم الله العادل، إذ أبغضوا النور في هذه الحياة، لأنهم صنعوا شرًا.
"إذ كان الإنسان في كرامة ولم يفهم، صار يُقارَن بالبهائم البليدة، ويشبهها". يا له من تقرير بغيض! الإنسان؟ هذا الذي وضعتَه قليلًا عن الملائكة" (عب 2: 7)، والذي يقول عنه سليمان: "الإنسان شيء عظيم، الإنسان الذي يُرثَى له مُكرَّم" (أم 20: 6) LXX. إنه يُقارَن بالبهائم البليدة، ويصير مثلها"، لأنه لا يدرك كرامته، وينحني لشهوات الجسد[19].
وكما ترون أنّي لم أجاهد لأجلي وحدي،
بل لجميع الذين يطلبون الحكمة [34].
v هل تحتاج أن تفتخر يا حكمة الله، وأنت مالئ السماوات والأرض؟
إنك تفتخر بحُبِّك العجيب لنا نحن الخطاة،
نتعرَّف عليك، فنلتصق بك ونُحِبّك.
انطلقت بصليبك لتهز أساسات الهاوية،
وتحملنا إلى فردوسك، وتحسبنا جماعة العليّ، وتُقَدِّم لنا المستحيلات!
v خرجت من فم الآب، دون أن تنفصل عنه.
ووهبت لنا روح التبنّي، فصارت لنا الدالة أن نناجيك.
جئت في دائرة السماء، وأنت خالقها.
بروحك ترفعنا من مجدٍ إلى مجدٍ،
حتى نلتقي بك وجهًا لوجه.
v عجيب أنك في تواضعك وحُبِّك،
تلتمس الراحة فينا، وتطلب لك ميراثًا!
راحتك أن تُقِيم من ضعفنا سماءً جديدة، فتستريح داخلنا!
وميراثك أن تُحوِّل قلوبنا إلى ملكوتك الإلهي!
v نصبت خيمتك في يعقوب، وحسبت إسرائيل ميراثًا لك،
وها أنت تُقَدِّم لي ملكوتك في داخلي، لأترنم: "نصيبي هو الرب، قالت نفسي!"
ملكوتك في قلبي، ليس له شبيه على الأرض.
بماذا أصفه؟ هل هو جنّة فريدة؟
كلما مددت يديّ لأتناول من ثمارها، يزداد جوعي إليها،
وكلما شربت من مياهها، يزداد عطشي إليها.
v كلما التصقت بك أشعر أنني قوي.
أَترنَّم مع الرسول: "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوّيني" (في 4: 13).
أنت الرب القدير وحدك، ليس لي مُخَلِّص غيرك!
أي ثمن أعظم من دمك الكريم المبذول فدية عنّي؟
أيّة خليقة سماوية أو نبي من الأنبياء يُكفِّر عن خطاياي غيرك؟
v بالحق أنت محب كل البشر، تُقَدِّم شريعتك وميثاقك،
لا لشعب مُعيَّن، بل لكل البشرية.
في طفولتك هاجت اليهودية ضدك، حتى العارفين بالنبوات الخاصة بك.
وجاء إليك المجوس من المشرق يسجدون لك.
هربت في طفولتك إلى مصر، لتؤسس كنيستك هناك.
العالم يشعر بحُبِّك ومدين لك بخلاصه.
v رعايتك فائقة للبشرية، نعمتك تروي بستاني،
فتفوح رائحة زهوره الجميلة،
يشتمّها السمائيون ويتهللون بعملك العجيب فينا.
تفيض قناة حُبِّك بالنعمة لتروي أعماقي.
وكلما اتَّسع البستان ونما، تتحوَّل قناتك إلى نهرٍ عظيمٍ.
ويبقى بستاني في عطشٍ إليك أكثر فأكثر،
ويتحوَّل نهرك العظيم إلى بحرٍ عظيمٍ.
ومع كل نموٍ في الفهم والمعرفة،
أُدرك إنني لازلت على شاطئ بحر حكمتك.
ليت كل البشرية تشاركني خبرتي بنعمتك وحبك ورعايتك!
_____
[1] Cf. St. Ambrose: The Patriarch 11: 51.
[2] Of The Holy Spirit, Book, Chapter 11: 120.
[3] Of The Christian Faith, Book 1, Chapter 16: 115
[4] Of The Christian Faith, Book 4, Ch.: 88 – 89.
[5] Lactantius: The Divine Institutes, FOTC, vol. 49, p. 261-2.
[6] City of God, Books 8-16, FOTC, vol. 14, p. 244.
[7] The Logical and Dogmatic Works, FOTC, vol. 44, p l78-79.
[8] On the Incomprehensible Nature of God, FOTC, vol. 72, p.144-145.
[9] St. John Chrysostom: Apologist, FOTC, Vol. 73, p. 191-192.
[10] On Ps 87 (86)
[11] Homily 19:4, (On Ps 48 LXX). Unto the End, A Psalm for the Sons of Core on the Prosperity of the Wicked.
[12] Reg. Fus. 2.
[13] Regulae brevius tractatae, 38.
[14] نهر Tigris الاسم اليوناني لأحد الأربعة أنهار التي كانت تجري في جنة عدن. حداقل كما ورد في (تك 2: 24) أو دجلة. هو نهر عظيم (دا 10: 4).
Wiseman, D. J. (1996). Tigris. In D. R. W. Wood, I. H. Marshall, A. R. Millard, & J. I. Packer (Eds.), New Bible dictionary (3rd ed., p. 1187). Leicester, England; Downers Grove, IL: Intervarsity Press.
[15] Homily 19:1, (On Ps 48 LXX). Unto the End, A Psalm for the Sons of Core on the Prosperity of the Wicked.
[16] تفسير المزمور 46 (45).
[17] Sermons, FOTC, vol. 1, p. 51-52.
[18] In the Time of Famine and Drought, 4.
[19] Homily 19:11 (On Ps 48 LXX). Unto the End, a Psalm for the Sons of Core on the Prosperity of the Wicked.
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 25 |
قسم تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب |
تفسير يشوع ابن سيراخ 23 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/jq92r5n