← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27
القسم الخامس
تمجيد أبطال الإيمان في هذا السفر هو دعوة عملية إلى التمتُّع بالخلاص الإلهي خلال الإيمان الصادق والعبادة الحية والالتصاق بالشريعة الإلهية في الحياة اليومية، وعمل الرحمة للقريب بروح الحب والفرح. جاء تمجيد هؤلاء الأبطال بكلمة عامة توضح أن الله يفتح باب المجد والجلال لكل البشر خلال هؤلاء الأبطال في الإيمان.
إن كان آدم وحواء خُلِقَا على صورة الله، فإن غاية عمل الله في حياة رجال الإيمان أن يسترد كل بشرٍ هذه الصورة خلال صليب ربّ المجد نفسه.
سجَّل السفر بعض أبطال الإيمان المعروفين، ليُعلِن أنه يوجد أبطال إيمان ينساهم التاريخ البشري، أما سفر الحياة فيُمَجِّدهم إلى الأبد.
اهتم الرسول بولس بالحديث عن أبطال الإيمان قرب نهاية الرسالة إلى العبرانيين لكي يؤكد لليهود أنه يوجد في كل عصرٍ رجال إيمان أبطال في نظر الله، وأن الإيمان المسيحي امتداد لهذا الموكب عبر الأجيال. هنا أيضًا في سفر سيراخ كان من اللائق أن يتحدث عن أبطال الإيمان مثل أخنوخ حتى القرن الثاني قبل الميلاد (أي في عصر ابن سيراخ)، ليبعث روح الرجاء في الراجعين من السبي أن ينضموا إلى الموكب، كما يجيب على تساؤلات البعض في ذلك الوقت.
1. كدنا أن نفقد كل الثقافة الروحية التي قدمها تاريخ اليهود حتى السبي، فهل من عودة لها؟
2. هل من رجال إيمان ينضمون إلى أناس الله عبر العصور؟
3. أين هي الوعود الإلهية، وقد صرنا تحت استعمار دول وثنية كبابل وفارس واليونان إلخ؟
4. لقد أُعيد بناء الهيكل بعد الرجوع من السبي، لكنه لا يُقارَن بهيكل سليمان، فهل من عودة لسكنى الله وسط شعبه؟
5. هل يقوم أحد من نسل داود يجلس على عرش إسرائيل مثل داود وسليمان؟
6. من يرد كرامة شعب الله وأمجادهم؟
هذه الأسئلة وأمثالها التي كانت تبث روح اليأس في الكثيرين تحتاج إلى تأكيد أن الله عامل عبر التاريخ لخلاص المؤمنين، وأن له شهود أمناء في كل جيلٍ.
إن كانت الحكمة هي من الله، فقد نادى ابن سيراخ بضرورة التعلُّم والاقتداء بالحكماء والعقلاء المعاصرين والقدامى. فإن كان للأبطال في العصور السابقة تفضلوا علينا بما سلَّموه لنا من تعاليم وحياتهم التقية، فنلتزم نحن بدورنا أن نقتدي بهم لنُسَلِّم التقليد الإيماني الحيّ للأجيال المُقبِلة.
من جانبٍ آخر، فإن تقديم أمثلة قوية للحياة الإيمانية، يؤكد أن رجال الإيمان تبقى سيرتهم تُمَجِّد الله وتعمل في حياة الشعب.
سار أخنوخ مع الله ولم يوجد، لأن الربّ نقله (تك 5: 24). آدم وحواء سارا مع الربّ في جنة عدن وتحدَّثا معه عن قربٍ، لكن خلال عصيانهما طُرِدَا من الجنة وصار الإنسان مُتغرِّبًا عن الله.
لم يكن للموت سلطان على أخنوخ، وهكذا ليس له سلطان على طالبي الحكمة.
سار نوح مع الربّ (تك 6: 9)، كان بارًا بلا لومٍ في عيني الربّ، فتأهَّل أن يدخل في عهدٍ مع الله لحساب البشرية المؤمنة.
لم يوجد أحد مثل إبراهيم في المجد، لأنه حفظ ناموس العلي (سي 44: 19-20)، قبل أن يستلم موسى الناموس بمدة طويلة من موت إبراهيم.
يصف ابن سيراخ موسى كإنسان الرحمة، كان محبوبًا من الله والناس. وهبه الله أن يكون صانع عجائب، كما أعلن له مجده الإلهي وقدَّسه خلال الإخلاص والوداعة (سي 45: 3-4).
هرون الإنسان المقدس كأخيه موسى. قام موسى بسيامته ومسحه بالزيت المقدس (سي 45: 6، 15). أبرز ابن سيراخ تقديره للعمل الكهنوتي والعبادة الليتورجية التي امتدت من هرون حتى رئيس الكهنة المعاصر له سمعان ابن أونيا (سي 50: 1-42).
لم يذكر ابن سيراخ خطية داود مع بثشبع ورجلها أوريا الحثي (2 صم 1)، لأن بتوبته الصادقة لا يعود يذكرها الله.
جذور الحكمة في شعب الله في العهد القديم، انطلقت إلى كل الأمم بواسطة حكمة الله المتجسد الذي قَدَّم الحكمة والخلاص لكل البشر. بالاتحاد مع السيد المسيح وحده ننال الحكمة الحقيقية، لأنه هو حكمة الله المتجسد، يحمي مؤمنيه من الخطية ويهبه الحياة الأبدية.
لم يذكر ابن سيراخ كل الأسلاف المشهورين، إنما أراد أن يؤكد أن لكل مؤمنٍ حقيقيٍ شخصيته الخاصة به والمواهب والقدرات التي وهبه الربّ إياها. بدأ بالبطاركة الواردين في سفر التكوين منذ أخنوخ الذي لم نعرف عن أعماله شيئًا سوى أنه سار مع الله ولم يوجد لأن الله أخذه (تك 5: 34)، إلى رئيس الكهنة سمعان البار الذي كان معاصرًا لابن سيراخ[2].
يختتم هذا القسم بنشيد شكر وصلاة. "هلم الآن نمدح الرجال المُكَرَّمين وآباءنا، أقام الربّ مجده العظيم، وعظمته منذ القدم خلالهم" (44: 1- 2). " دُفِنَت أجسامهم بسلام، وأسماؤهم تحيا مدى الأجيال. تُخبِر الشعوب بحكمتهم، والجماعة تُعلن مديحهم " (44: 14- 15).
تنقسم هذه القصيدة إلى أربعة أقسام:
1. مقدمة (44: 1-15).
2. يليها أطول قسم يركز بوجهٍ خاص على بعض آباء أسفار موسى الخمسة الذين أقام الله معهم عهدًا: إبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى وهرون وفينحاس (44: 16-45: 26).
3. القسم التالي أصغر من السابق، يُقَدِّم بعض الشخصيات التاريخية والنبوية لإسرائيل خاصة الملوك والأنبياء (46: 1 – 49: 16).
4. تنتهي القصيدة بمديح لرئيس الكهنة سمعان ابن أونيا ثم تمجيد الله (50: 22-24).
يقف الإنسان متسائلًا في دهشة: تُرَى هل ما سجَّله سفر ابن سيراخ في هذا القسم الأخير غايته تمجيد خائفي الرب الذين بلغوا قامات عالية من المجد السماوي، أم هو تمجيد لله العامل في قديسيه؟
ذكر هذا الموكب الرائع عَيِّنَات من الأبطال عبر العصور وبمواهب متباينة، ليفتح باب الرجاء أمام كل مؤمنٍ، وفي نفس الوقت يشير إلى إحدى ثمار العناد والتمرُّد على الله وهو السبي.
1. الآباء الأولون: أخنوخ (سي 44: 16) ونوح (سي 44: 17)، من عصر ما قبل الآباء.
2. الآباء البطاركة الأولون: إبراهيم (سي 44: 18: 21)، إسحق (سي 44: 22)، يعقوب (سي 44: 23).
3. موسى النبي (سي 45: 1-5). 4. هرون (سي 45: 6-22).
5. فينحاس (سي 45: 23-26). 6. يشوع بن نون وكالب بن يفنة (سي 46: 1-10).
7. القضاة (سي 46: 11-12). 8. صموئيل النبي (سي 46: 13- 20).
9. داود الملك (سي 47: 1-11). 10. سليمان الملك (سي 47: 12-22).
11. رحبعام ويربعام (سي 47: 23-25). 12. إيليا النبي (سي 48: 1-11).
13. أليشع النبي (سي 48: 12-16). 14. حزقيا الملك (سي 48: 17-25).
15. يوشيا الملك (سي 49: 1-3). 16. ملوك يهوذا والسبي البابلي (سي 49: 4-7).
17. حزقيال النبي (سي 49: 8-9). 18. الاثنا عشر نبي (سي 49: 10).
19. زُربابل (سي 49: 11). 20. يشوع بن يوصاداق (سي 49: 12).
21. نحميا (سي 49: 13). 22. عودة إلى عصر الآباء (سي 49: 14-16).
23. سمعان بن أونيا المعاصر لابن سيراخ (سي 50: 1-29).
الأصحاح الرابع والأربعون
[1 - 15] (ت: 1-15) |
||||
[16] (ت: 16) |
||||
[17 - 18] (ت: 17-19) |
||||
[19 - 23] (ت: 20-27) |
||||
* من وحي سيراخ 44: أَرِني مجد عروسك السماوية |
يضم هذا الأصحاح مقدمة قصيرة [1- 15]، حيث صنَّف ابن سيراخ مشاهيرهم حسب مساهمتهم في بنيان الجماعة المقدسة عبر التاريخ: حكام حكماء [2]، وأنبياء مُعَلِّمون [2- 3]، وموسيقيُّون وشعراء [5]، ورجال أعمال ناجحون ومستقرُّون [6- 8]. بعض أبطال الإيمان معروفون عند الناس، وبعضهم من ضاع ذكرهم؛ لكن الكل معروفون لدى الرب [10]. هذا المُقدم لأبطال إيمان دون ذكر أسمائهم، فتح الباب للكنيسة كي تُطَوِّب وتُمَجِّد القديسين الذين عبروا منتصرين إلى الفردوس. لم يذكر أسماءهم، لأن الله يتمجَّد في القديسين الأتقياء الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم. إن كانت الشمس والقمر وكل الكواكب تُمَجِّد الله، فبالأكثر يُمَجِّده أولئك الذين خُلِقُوا من ترابٍ ورماد وصاروا أشبه بملائكة الله خلال رعاية الله المستمرة وخلاصه العجيب الذي يُقَدِّمه لهم.
خلال إيمانهم العملي الحيّ، تمتَّعوا ببركاتٍ كثيرة منها الآتي:
1. الله نفسه يكرمهم كأحباء وخواص له، فيكشف لهم عن مجده، لينعموا بأسراره المجيدة [2].
2. وهبهم سلطانًا وقدرة للعمل [3].
3. تمتَّعوا بالفطنة والتعقُّل، فصاروا مُشيرِين حكماء، كما كان من بينهم من تنبَّأوا عن المستقبل، ومنهم من قاموا بأعمال قيادية ناجحة، ومن اهتموا بتعليم الشعب الشريعة الإلهية [4].
4. اتَّسموا بروح الفرح، فوضعوا مزامير بألحانٍ جميلة، ودَوَّنوا روايات شعرية تحمل عذوبة للنفس.
5. منهم من كانوا أغنياء، لم يفقدهم غناهم سلامهم الداخلي والعائلي [6].
6. ماتوا بالجسد، لكن سيرتهم لم تّمُت، بقيت شهادتهم للحياة الفاضلة حية، ودرسًا تتلقَّنه الأجيال بعد رحيلهم من العالم [8]. أما الذين لم يسلكوا بروح الإيمان، فغالبًا ما يُوَرِّثوا أبناءهم الجحود والعصيان وعدم الإيمان إن سلك الأبناء في طريق آبائهم. بموتهم يُدفَنون ويُحسَبون كأن لم يكن لهم وجود مهما بلغت شهرتهم وسلطانهم وإمكانياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية إلخ. [9]
7. لا يستطيع الزمن أن يطوي في دائرة النسيان ما يمارسه الأتقياء من أعمال حبٍ ورحمة [10].
8. ما يُوَرِّثه الأتقياء لأبنائهم وأحفادهم إيمانهم وإخلاصهم وشركتهم مع الله.
9. بموتهم تمتد شهرتهم المقدسة حتى وسط الشعوب.
1 لِنَمْدَحِ الرِّجَالَ النُّجَبَاءَ، آبَاءَنَا الَّذِينَ وُلِدْنَا مِنْهُمْ. 2 فِيهِمْ أَنْشَأَ الرَّبُّ مَجْدًا كَثِيرًا، وَأَبْدَى عَظَمَتَهُ مُنْذُ الدَّهْرِ. 3 وَقَدْ كَانُوا ذَوِي سُلْطَانٍ فِي مَمَالِكِهِمْ، رِجَالَ اسْمٍ وَبَأْسٍ، مُؤْتَمِرِينَ بِفِطْنَتِهِمْ، نَاطِقِينَ بِالنُّبُوءَاتِ، 4 أَئِمَّةَ الشَّعْبِ بِمَشُورَاتِهِمْ، وَبِفَهْمِ كُتُبِ أُمَّتِهِمْ. 5 قَدْ ضَمَّنُوا تَأْدِيبَهُمْ أَقْوَالَ الْحِكْمَةِ، وَبَحَثُوا فِي أَلْحَانِ الْغِنَاءِ، وَأَنْشَدُوا قَصَائِدَ الْكِتَابِ. 6 رِجَالَ غِنًى وَاقْتِدَارٍ، فَاعِلِي سَلاَمَةٍ فِي بُيُوتِهِمْ. 7 أُولئِكَ كُلُّهُمْ نَالُوا مَجْدًا فِي أَجْيَالِهِمْ، وَكَانَتِ أَيَّامُهُمْ أَيَّامَ فَخْرٍ. 8 فَمِنْهُمْ مَنْ خَلَّفُوا اسْمًا يُخْبِرُ بِمَدَائِحِهِمْ. 9 وَمِنْهُمْ مَنْ لاَ ذِكْرَ لَهُمْ، وَقَدْ هَلَكُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا قَطُّ، وَوُلِدُوا كَأَنَّهُمْ لَمْ يُولَدُوا هُمْ وَبَنُوهُمْ بَعْدَهُمْ. 10 أَمَّا أُولئِكَ فَهُمْ رِجَالُ رَحْمَةٍ وَبِرُّهُمْ لاَ يُنْسَى. 11 الْمِيرَاثُ الصَّالِحُ يَدُومُ مَعَ ذُرِّيَّتِهِمْ، وَأَعْقَابُهُمْ يَبْقَوْنَ عَلَى الْمَوَاعِيدِ. 12 تَثْبُتُ ذُرِّيَّتُهُمْ وَبَنُوهُمْ لأَجْلِهِمْ. 13 إِلَى الأَبَدِ تَدُومُ ذُرِّيَّتُهُمْ، وَلاَ يُمْحَى مَجْدُهُمْ. 14 أَجْسَامُهُمْ دُفِنَتْ بِالسَّلاَمِ، وَأَسْمَاؤُهُمْ تَحْيَا مَدَى الأَجْيَالِ. 15 الشُّعُوبُ يُحَدِّثُونَ بِحِكْمَتِهِمْ، وَالْجَمَاعَةُ تُخْبِرُ بِمِدْحَتِهِمْ.
هلم الآن نمدح الرجال المُكرَّمين وآباءنا [1]،
يكرم ابن سيراخ رجال الإيمان في العهد القديم، وهو يحمل نفس الروح لما ورد في (عب 11).
أقام الربّ مجده العظيم،
وعظمته منذ القدم خلالهم [2].
يعتزّ ابن سيراخ بالمجد الذي وهبه الله للمؤمنين، فصاروا مُمَجَّدين، وتمجَّد الله بعمله معهم.
كان يوجد من يملكون في ممالكهم، وأناس اشتهروا بقدرتهم.
يُقَدِّمون مشورة بفهمهم، وأعلنوا نبوات [3].
بدأ حديثه بإعلان مجد الله دون ذكر الأسماء، لكي يؤكد أن الذي تمجَّد في العظماء السالفين يتمجَّد إلى اليوم في مؤمنيه، وأيضًا يتمجَّد في الأجيال القادمة.
لم يُحَدِّد ابن سيراخ شكلًا مُعَيَّنًا للعظماء، إنما يود أن يؤكد أن جمال الجماعة المقدسة أن يعمل كل شخصٍ في الوزنة المُقَدَّمة له حسب مواهبه وقدراته. لذا تحدَّث عن فئات متنوعة:
أ. ملوك وحُكَّام ذوو سلطان [2].
ب. نبلاء وأشراف ذوو قدرة [3].
ج. مشيرون يتَّسمون بالفطنة [3].
د. أنبياء نالوا روح النبوة [3].
ه. قادة للشعب، كل في تخصصه [4].
و. معلمون موهوبون في القدرة على التعليم [4].
ز. فنّانون في الألحان والموسيقى [5].
ح. كُتَّاب موهوبون في وضع الألحان والموسيقى [5].
ط. أغنياء أسخياء في العطاء [6].
ي. أناس سلام موهوبون في بث السلام بين القادة والشعب [6].
ووُجِد قادة للشعب بمشوراتهم،
وفهمهم لتعليم الشعب حكماء في كلماتهم التعليميّة [4].
وُجِد من ألَّفوا ألحان موسيقية،
ودوَّنوا كتابات شعريّة [5].
رجال أغنياء أصحاب قدرة،
يعيشون بسلام في مساكنهم [6].
أولئك كلهم نالوا مجدًا في جيلهم،
وكانوا مصدر فخر في أيامهم [7].
لم يُمَيِّز ابن سيراخ بين فئة وأخرى، إنما يرى كل الفئات السابقة تتَّسم بنوال المجد، تعتز بهم الجماعة المقدسة.
فمنهم من تركوا وراءهم اسمًا يجعل الناس يُخبرون مدائحهم [8].
يسمح الله بإبراز أسماء مُعَيَّنة أمينة وناجحة، يمدحهم الشعب، كي يحثّ الأجيال القادمة على الأمانة والعمل.
ومنهم من لم يتذكرهم أحد، هلكوا كأنهم لم يكونوا قط،
وماتوا كأنهم لم يولدوا، وهكذا بنوهم بعدهم [9].
ومع ذلك كانوا رجال رحمة وبرّهم يحيا مع الرب [10].
لا نعجب إن رأينا بعض الأمناء المخلصين الناجحين لم يعد لهم ذكر، كأنهم لم يكونوا، مع أنهم رجال رحمة وقاموا بأعمال برّ في الرب. لا يعني هذا أنهم قد غُبنوا، لأن ما يشغل فكر الله هو أن يتمتَّعوا بالأمجاد الأبدية. بهذا فإنه لا فرق بين من يُمَجِّده الناس لأنه سالك في الرب بقوةٍ، ومن يتجاهله التاريخ كأن لم يوجد قط، لأن الكل يجتمعون في يوم الرب العظيم كعروسٍ سماويةٍ واحدةٍ.
ما فعلوه من صلاح يدوم مع ذريّتهم وأولاد أولادهم [11].
ذريّتهم تبقى (أمينة) للعهود، وأولادهم كذلك بفضلهم [12].
ما يؤكده ابن سيراخ، أن الذين تجاهلهم التاريخ وصار نصيبهم في السماويات، لا يُحرَمون من نسل مقدس وأحفاد يتمجَّدون في الربّ. هؤلاء الأبناء والأحفاد ليسوا حسب الجسد، وإنما بالروح.
تدوم ذريتهم إلى الأبد، ولا يُمحَى مجدهم [13].
دُفِنَت أجسامهم بسلام، وأسماؤهم تحيا مدى الأجيال [14].
تُخبِر الشعوب بحكمتهم، والجماعة تُعلن بمديحهم [15].
ختم ابن سيراخ مقدمة "رجال الله يمجدون الله" بتأكيد أن الذين ينالون كرامة حتى بعد مماتهم أو لا ينالون كرامة، الكل معًا كأناس الله ماتوا، لكن سيرتهم مُسَجَّلة في سفر الحياة، يتمجَّد الله فيهم خلال أبنائهم وتلاميذهم. بهذا الفكر الروحي لن يتسلَّل أي نوع من الغيرة أو الحسد بين أناس الله، لا في هذا العالم، ولا في الدهر الآتي.
16 أَخْنُوخُ أَرْضَى الرَّبَّ فَنُقِلَ، وَسَيُنَادِي الأَجْيَالَ إِلَى التَّوْبَةِ.
أرضى أخنوخ الربّ، فنُقِل، كمثال للتوبة لكل الأجيال [16].
أول مثال للمشاهير أو للأبطال في الرب هو أخنوخ، وقد جاء في قائمة الرسول بولس الثاني من المشاهير (عب 11: 5-6). وصفه يهوذا "السابع من آدم" (يه 14).
كل ما ورد عنه في سفر التكوين 5: 24، أنه سار مع الله، والربّ نقله إليه. يُنظَر إليه أنه موضوع سرور الله، لأنه صار درسًا لكل الأجيال، يحثّ الكثيرين على حياة التوبة بالمعنى الإيجابي وهو الالتقاء مع الله، والسير معه. تأهَّل أن يتعرَّف على السماء، بل وينطلق إليها.
تعبير "أرضى أخنوخ الرب" هنا يعني أنه كان موضوع سروره. لقد صار نموذجًا لتوبة الأجيال، لهذا بدأ به سيراخ قائمة الأبطال. هذه التوبة هي بدء عملية البحث عن الله. أرضى الرب إلى الدرجة التي فيها نقله من الأرض، فاِلتصق به تمامًا. لم يكن أخنوخ يهوديًّا، إذ عاش قبل نوح، فلم ينل العهد مع الله خلال إبراهيم. إنما أرضى الرب خلال حفظه التقليد الذي تسلَّمته البشرية من آدم وهابيل.
كل ما عرفه أخنوخ عن الرب هو أنه موجود، واجتهد أن يطلبه (عب 11: 6) لقد آمن بالله خلال معرفته القليلة عنه، وجعل هذه المعرفة أساس حياته. إن كان سفر سيراخ هو سفر الصداقة الأمينة، فإن الله سُرّ بأخنوخ كصديقٍ له، نقله إليه ليكون معه!
v بصعوبة كان أخنوخ يشعر بالموت في أي وقتٍ في داخله، وإذ انتقل إلى الربّ أطلق (الموت) من نفسه himself. طرده خارجًا بالتوبة... بحقٍ قيل إن الله نقله حتى لا يرى الموت، حيث لم يعد قابلًا بعد للموت، بل طرده خارجًا وهرب[3].
v ثبت أخنوخ في جمالٍ سامٍ وإلهيٍ، ونقَّى نفسه بالقداسة والطهارة.
وتفاضل بالسيرة البهية النقية، وأرضى الله بأفكارٍ مملوءةٍ بالحبِّ.
تربَّى بأفكارٍ عفيفةٍ وطاهرةٍ، وعاش بطهرٍ بدون همّ ولا غضبٍ.
وسكن في البرية بدون حركات عالمية، وأرضي الله ثلاثمائة سنة وهو ينظر إليه.
لم يجد قط فيه عيبًا في نومه ولا في يقظته، ولا فكرًا متراخيًا وميالًا إلى العالم.
ظل ينظر إلى الرب كل يومٍ لمدة ثلاثمائة سنة، ومكث في جماله، ولم يتلطخ بالنواقص[4].
17 نُوحٌ وُجِدَ بَرًّا كَامِلًا، وَبِهِ كَانَتِ الْمُصَالَحَةُ فِي زَمَانِ الْغَضَبِ. 18 فَلِذلِكَ أُبْقِيَتْ بَقِيَّةٌ عَلَى الأَرْضِ، حِينَ كَانَ الطُّوفَانُ، 19 وَأُقِيمَتْ مَعَهُ عُهُودٌ، لِكَيْ لاَ يُهْلَكَ بِالطُّوفَانِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ.
المثال الثاني هو نوح، دعاه كاملًا teleios وبارًا dekaios [17]. قال عنه القديس بطرس إنه كارز بالبرّ dikaiosyne (2 بط 2: 5). لم يذكر ابن سيراخ سقوطه في السُكْرِ، إنما أبرز أنه وُجِد كاملًا وبارًا وبسببه نال هو وزوجته وبنيه ونساء بنيه الخلاص من الطوفان، وصار الثمانية في الفلك رمزًا للمؤمنين في كنيسة العهد الجديد (1 بط 3: 20-21). أقام الله عهدًا مع آدم حيث وعده بالخلاص الذي يُقَدِّمه كلمة الله المتجسد، آدم الثاني، ثم نال نوح عهدًا مع الله بعد الطوفان لحساب البشرية. وتَجدَّد العهد مع الأربعة بطاركة: نوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب (تك 9: 9؛ 17: 9؛ 26: 3-5؛ 28: 13-15).
وُجِد نوح كاملًا وكان بارًّا في زمان الغضب، حيث صار وسيلة للمصالحة[5]،
وبسببه أُبقيت بقية على الأرض حين جاء الطوفان [17].
صار نوح بحياته البارة موضوع استرضاء على كل الجنس البشري. أعلن الله رحمته على البشرية في شكل ميثاق بين الله والبشر، وأعلن أنه لن يُحَطِّم الجنس البشري بطوفانٍ.
أُقيمت معه عهود أبدية،
لكيلا يُمحى كل ذي جسد مرة أخرى بطوفان [18].
أبرز ابن سيراخ أن من سمات رجال الإيمان الأبطال أنهم يدخلون في عهدٍ مع الربّ، أما بالنسبة لنوح فدخل في "عهود أبدية" [18]. ذكر كلمة "عهد" بالجمع، ربما لتكرار عهد الله في سفر التكوين (16: 18؛ 9: 9-13، 16-17).
v قام أيضًا نوح ورأى إثم الجيل الشرير، ونسج البرّ ولبسه جسميًا.
تسلَّح بالاستقامة والوداعة، لئلا تلطخ الخطية جسمه فيما لو التقت به.
رأى كيف تكاثر الزنا في بني جيله، فصفّ إزاءه البتولية ليغلبه بها.
وجد بأن كل واحدٍ أفسد طريقه بالزنا الدنس، فخاف المتميز من الاقتراب من الزواج.
وجد بأن الطبيعة زلّت وسقطت من الواجب، فقام ليثبت في البتولية متساميًا على الطبيعة.
ابتعد عن الزواج خمسمائة سنة، لأنه وجد بأن الزنا كان بين المتزوجين[6].
مكث في درجة البتولية خمسمائة سنة، ثم تزوّج لينجب لأجل هدف.
وحده كان صالحًا، وببرِّه عزَّى الأرض، وبعد أن خرب العالم كله اعتمر به.
ميَّز الذبائح، وأنشأ مذبحًا بمحرقات كاملة، وصار في جيله "البقية" (المقدسة) للعالم الذي هلك[7].
20 إِبْرَاهِيمُ كَانَ أَبًا عَظِيمًا لأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، وَلَمْ يُوجَدْ نَظِيرُهُ فِي الْمَجْدِ. وَقَدْ حَفِظَ شَرِيعَةَ الْعَلِيِّ فَعَاهَدَهُ عَهْدًا، 21 وَجَعَلَ الْعَهْدَ فِي جَسَدِهِ وَعِنْدَ الاِمْتِحَانِ وُجِدَ أَمِينًا. 22 فَلِذلِكَ حَلَفَ لَهُ أَنَّ الأُمَمَ سَيُبَارَكُونَ فِي نَسْلِهِ، وَأَنَّهُ يُكَثِّرُ نَسْلَهُ كَتُرَابِ الأَرْضِ، 23 وَيُعْلِي ذُرِّيَّتَهُ كَنُجُومٍ، وَيُوَرِّثُهُمْ مِنَ الْبَحْرِ إِلَى الْبَحْرِ، وَمِنَ النَّهْرِ إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ. 24 وَكَذلِكَ جَعَلَ فِي إِسْحَاقَ لأَجْلِ إِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ، 25 بَرَكَةَ جَمِيعِ النَّاسِ وَالْعَهْدَ، ثُمَّ أَقَرَّهُمَا عَلَى رَأْسِ يَعْقُوبَ. 26 آثَرَهُ بِبَرَكَاتِهِ وَوَرَّثَهُ الْمِيرَاثَ. مَيَّزَ حُظُوظَهُ، وَقَسَمَهَا عَلَى الأَسْبَاطِ الاِثْنَيْ عَشَرَ. 27 وَأَقَامَ مِنْهُ رَجُلَ رَحْمَةٍ، قَدْ نَالَ حُظْوَةً أَمَامَ كُلِّ بَشَرٍ.
إبراهيم: بخصوص ارتباط إبراهيم بالناموس اهتم سفر التكوين بالعهد أو الميثاق مع الله الخاص بالختان. أما هنا فأبرز سيراخ الآتي:
1. صار إبراهيم أيقونة الآب حيث تمتَّع بالأبوة الروحية، لا لأسرته فحسب ولا لشعبٍ واحدٍ، بل لأممٍ كثيرةٍ [19].
2. ليس من يُشابِهه بين البشر في المجد [19] حتى حُسِب الاتِّكاء في حضنه اتكاء في ملكوت الله (لو 16: 22). هذه هي مسرَّة الله أن يتَّسِع قلب المؤمن بالحب لشعوبٍ كثيرةٍ.
3. عاش إبراهيم قبل موسى مُستلِم الشريعة بحوالي 400 سنة، مع ذلك قيل عنه إنه حفظ ناموس العليّ [20]. وكأن الناموس أقدم من الناموس المكتوب الذي استلمه موسى.
4. دخل إبراهيم في عهدٍ مع العليّ [20].
5. وعد الله بمباركة نسل إبراهيم وأن يكثره كتراب الأرض، ويُعَلِّيه كنجوم السماء، ويهبهم ميراثًا من البحر إلى البحر [21].
كان إبراهيم أبًا عظيمًا لأممٍ كثيرةٍ،
ولم يوجد نظيره في المجد [19].
بينما كان لنوح أثره على البقيّة التي على الأرض [17]، إذا بإبراهيم يأخذ وعدًا بأبوته العظيمة لأممٍ كثيرة [19]. تحقَّق الوعدان لنوح وإبراهيم. فالكنيسة في الحقيقة هي بقية باقية مقدسة للرب، وفي نفس الوقت تحتضن كل الأمم والشعوب والألسنة.
ذكر ابن سيراخ الأبطال الثلاثة: أخنوخ ثم نوح فإبراهيم.
الأول يُمَثِّل قيام الله بعهدٍ شخصيٍ مع المؤمن،
والثاني قيام عهدٍ على مستوى أُسَرِي (نوح وعائلته)،
والثالث على المستوى المسكوني.
هكذا بدأت الكنيسة على مستوى الفرد مثل أخنوخ، ونمت لتشمل الأسرة، وإذ جاء مُخَلِّص العالم انفتحت أبواب الكنيسة لكل الأمم والشعوب والألسنة.
حَفظَ شريعة العليّ، الذي قطع معه عهدًا.
قطع عهدًا في جسده،
وعند التجربة وُجِد أمينًا [20].
تَمتَّع إبراهيم بكرامة لم يتمتَّع بها أحد مثله (44: 19)، لأنه:
1. حفظ شريعة العليّ.
2. دخل في عهدٍ مع الله، وثبته في جسده (الختان).
3. نجح في تجربة الإيمان (ذبح إسحق ابنه) تحدث ابن سيراخ عن امتحان إبراهيم [20]، وذلك ليس في العهد الوارد في (تك 15: 18)؛ وإنما الذي ورد في (تك 17).
فلذلك أَثبت له (الربّ) بقسم أن في نسله ستُبارَك الأمم، ويُكثِرَه كتراب ،
ويرفع ذريته كالنجوم في العدد،
ويُوَرِّثهم من البحر إلى البحر، ومن النهر إلى أقاصي الأرض [21].
يُقصَد بالنهر هنا نهر الفرات.
v قام إبراهيم مُحِب الحق والعبد الصالح، وكوَّن هو أيضًا في زمانه جبهة الإيمان.
ترك بلده وخرج وراء الرب كما دعاه، وترك جنسه ليدنو من الله.
مشى في الأرض مثل مهاجرٍ ولم يملّ، لأن عالمًا آخر كان مصورًا أمامه لينتقل إليه.
التهب بمحبة الرب كما بنارٍ، وبها أحرق كل الإغراءات الموجودة في العالم.
ربط وحيده على المذبح ليصير ذبيحة، وضرب حربة مراحم أحشائه ليذبحه للرب.
جُرِّب بالنار والسكين، وبرهن إن كان يحب بالأكثر الأبناء أم الله؟
برهان محبته ربطه لابنه الوحيد...
امرأته نُهبت، وبلده بعيد، وابنه مربوط، وإذ أَحَبّ الربّ لم يتألم في كل هذه الأمور[8].
إسحق عطية الله لإبراهيم، خلاله تمتَّع الوعود الإلهية لأبيه.
كذلك أقام نفس العهد لإسحق، من أجل إبراهيم أبيه [22].
ما شغل ابن سيراخ في حياة اسحق أنه تمتَّع بالعهد من أجل إبراهيم. هذا هو ما ورثه عن أبيه.
استقرت البركة على رأس يعقوب الذي دُعِي "إسرائيل". ومع أنه أصغر من عيسو نال الميراث في نسله حيث صار أبناؤه الاثنا عشر آباء الأسباط الاثني عشر.
بركة جميع البشر والعهد الذي أقامه يلبث على رأس يعقوب.
أَقرّ ببركاته له، وأعطاه ميراثًا، وقسم أنصبته بين الأسباط الاثني عشر [23].
ما يُؤَكِّده ابن سيراخ أن إبراهيم تمتَّع بالعهد الإلهي، وورَّثه إسحق فابنه يعقوب، وتحقَّق الوعد في كنيسة العهد القديم خلال الاثني عشر سبطًا، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. ما كان يشغل ابن سيراخ في اختياره للأبطال، أنهم يخدمون شعب الله صاحب المواعيد الإلهية. لهذا لم يذكر في شخصية يعقوب الغنية بالأحداث سوى العهد الذي أقامه الله معه، وما تمتَّع به جميع الناس [23]. يوسف الذي خَصَّص سفر التكوين عددًا من الأصحاحات، لم يتحدَّث ابن سيراخ عنه سوى عبارة واحدة بكونه مُعِينًا لشعبه (49: 15).
v اسحق أيضًا قام وتربَّى في الجَمَال، وتمرَّن على الأفكار الإلهية.
ملأ نفسه إيمانًا وتواضعًا، وكان مُسَلَّحًا بالبرّ والاستقامة.
أبغض الخصام، وخسر ما له ولم يغضب، وأَحَبّ الأمان وهو هادئ وفاضل في أعماله[9].
v يمكن للشخص أن يكتشف خلال التعقُّل بطريقة عميقة أن الصبر هو أساس الفضائل.
بالصبر صار إبراهيم أبًا للأمم (44؛ تك 17: 5؛ رو 4: 17)، وصديق الله (يع 2: 23).
بالصبر صار إسحق الذي على مثال الابن الوحيد ذبيحة (تك 22: 2).
وبالصبر أيضًا حمل يعقوب عصا كصليبٍ (تك32: 10؛ عب11: 21)؛ وذاك الذي هرب (تك27: 34) جعله الصبر يعود مملوء غنىً (تك 32: 22-23).
بمثل هذا الصبر جاهد أيوب ورفع لواء النصرة، بالرغم من أن خصومه كانوا كثيرين أصحاب سطوةٍ. ومع أنه كان عاريًا تمامًا، بدا كإنسانٍ مسَلَّح، مهوب أمام مصارعيه. وجد أيوب نفسه مطروحًا أرضًا، والذين أرادوا أن يخلقوا عقبات (الشياطين) كانوا يطوفون حوله في الهواء (أف 2: 2). الذين سبوه ارتدوا الأرجوان، أما هو فارتدى القروح. لكن قوات السماوات حسبته بهيًا...
الفقراء يُمَجِّدونه؛ والأغنياء يخدمونه، وكل الأجيال رَكَّزت أنظارها على أيوب كانعكاسٍ للبرّ.
أية حاجة إلى كلامٍ كثيرٍ عنه؟ أتريد أن تتعلَّم قوة الصبر القائم في أيوب؟
كان يوجد ثلاثة أصدقاء يسبونه، كانوا أصحاء جسديًا، مُفعَمين بالحيوية بسبب فيض بركاتهم الزمنية. وإذ كانوا يتعبون من الكلام كان كل منهم يستريح بالتناوب. أما عن أيوب فكان وحده جسمه مُغَطَّى بالقروح، حزين النفس. باحتماله غلب هؤلاء الأقوياء، وبصبره هدأ من الثرثرة المُلتهبة المهذارة للذين يهينونه معتمدين باطلًا على ثرثرتهم.
الأب هيسيخيوس الأورشليمي
v هب لي مع الطغمات السماوية أن أَترقَّب يوم مجيئك.
أرى الجميع عظماء وأقوياء، لأنهم أمناء في الحق.
لا يعود يوجد ملوك ورؤساء، ومشيرين ومُعَلِّمين، وأغنياء ونبلاء، وموسيقيين وملحنين.
صار الكل ملوكًا ينتمون إليك يا ملك الملوك. الكل موسيقيون يُنسَبون إليك يا مصدر البهجة.
بلايين نساهم التاريخ، وها هم منقوشون على كفك.
كثيرون لم يعرف لهم أحد نسلًا، وها هم يدخلون الملكوت ومعهم أبناء بلا حصرٍ!
كثيرون كنا نظن أنهم أولاد إبليس، وإذا بهم في اللحظات الأخيرة جحدوا أباهم الشرير وقبلوك أبًا سماويًا لهم،
فصاروا ورثة الملكوت الأبدي.
_____
[1] Cf. J Liesen & L.W. Manhardt: Wisdom, Steubeniville, O: Emmaus Road Publishing, Chapter 22, Sirach 44: 51.
[2] Jermy Carley: Sirach, 2013, p. 123
[3] Commentary on Romans, FOTC, vol. 103, p. 313-315.
[4] الميمر 63 على محبة الله للبشر وعلى محبة الأبرار (راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سوني).
[5] بحسب NRSV: حيث أبقى على حياة البشرية he kept the race alive بحسب OSB: بحيث نُجِي بالتبادل in which he was rescued in exchange
[6] يرى مار يعقوب السروجي أن نوحًا امتنع عن الزواج والتزم بالبتولية ليس لأن الزواج غير مقدس، ولكن لأنه رأى المتزوجين في عصره لم يلتزموا بالعفة، بل سقطوا في الزنا، ففضَّل نوح البتولية إلى حين، بهذا شهد لإمكانية إنسان الله أن يعيش عفيفًا وهو بتول.
[7] الميمر 63 على محبة الله للبشر وعلى محبة الأبرار (راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سوني).
[8] الميمر 63 على محبة الله للبشر وعلى محبة الأبرار (راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سوني).
[9] الميمر 63 على محبة الله للبشر وعلى محبة الأبرار (راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سوني).
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 45 |
قسم تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب |
تفسير يشوع ابن سيراخ 43 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/t693m68