← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32
الأصحاح الأربعون
دعانا ابن سيراخ في الأصحاح السابق لحياة التسبيح والشكر، حيث يُحَوِّل الله كل الأشياء لبنياننا. وفي هذا الأصحاح يبرز ثلاثة أمور متكاملة:
[1 -11] (ت: 1-11) |
||||
[12 -17] (ت: 12-17) |
||||
[18 -30] (ت: 18-32) |
||||
* من وحي سيراخ 40: يا لها من معركة مُفرِحة! |
1 جَهْدٌ عَظِيمٌ خُلِقَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، وَنِيرٌ ثَقِيلٌ وُضِعَ عَلَى بَنِي آدَمَ، مِنْ يَوْمِ خُرُوجِهِمْ مِنْ أَجْوَافِ أُمَّهَاتِهِمْ إِلَى يَوْمِ دَفْنِهِمْ فِي الأَرْضِ أُمِّ الْجَمِيعِ. 2 فَإِنِّ عِنْدَهُمُ انْزِعَاجَ الأَفْكَارِ، وَرَوْعَ الْقَلْبِ وَقَلَقَ الاِنْتِظَارِ وَيَوْمَ الاِنْقِضَاءِ. 3 مِنَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْمَجْدِ، إِلَى الْمُتَّضِعِ عَلَى التُّرَابِ وَالرَّمَادِ. 4 مِنَ اللاَّبِسِ السَّمَنْجُونِيِّ وَالتَّاجِ، إِلَى الْمُلْتَفِّ بِالْكَتَّانِ الْخَشِنِ. وَزِدْ عَلَى ذلِكَ الْغَضَبَ وَالْغَيْرَةَ وَالاِضْطِرَابَ وَالْجَزَعَ وَخَوْفَ الْمَوْتِ وَالْحِقْدَ وَالْخُصُومَةَ. 5 وَفِي وَقْتِ الرَّاحَةِ عَلَى الْفِرَاشِ نَوْمَ اللَّيْلِ، الَّذِي يُكَدِّرُ خَاطِرَ الإِنْسَانِ. 6 فَهُوَ فِي رَاحَةٍ قَلِيلَةٍ كَلاَ شَيْءٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ فِي الأَحْلاَمِ كَمَا فِي يَوْمِ الْمُرَاقَبَةِ. 7 يَرْتَعِدُ مِنْ رُؤْيَا قَلْبِهِ، كَالْمُنْهَزِمِ مِنْ وَجْهِ الْحَرْبِ، وَعِنْدَ نَجَاتِهِ يَهُبُّ وَيَتَعَجَّبُ مِنْ زَوَالِ خَوْفِهِ. 8 هذَا حَالُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ مِنَ الإِنْسَانِ إِلَى الْبَهِيمَةِ، وَلِلْخَطَأَةِ مِنْ ذلِكَ سَبْعَةُ أَضْعَافٍ. 9 الْمَوْتُ وَالدَّمُ وَالْخُصُومَةُ وَالسَّيْفُ وَالنَّوَائِبُ وَالْجُوعُ وَالسَّحْقُ وَالسَّوْطُ، 10 كُلُّ ذلِكَ خُلِقَ لِلأُثَمَاءِ، وَلأَجْلِهِمْ أَتَى الطُّوفَانُ. 11 كُلُّ مَا هُوَ مِنَ الأَرْضِ؛ فَإِلَى الأَرْضِ يَعُودُ، وَكُلُّ مَا هُوَ مِنَ الْمِيَاهِ؛ فَإِلَى الْبَحْرِ يَنْثَنِي.
يُقَدِّم ابن سيراخ مرثاة على ما حلّ بالإنسان بوجه عام بسبب سقوطه. فما قيل لآدم: "بعرق جبينك تأكل خبزك" (تك 3: 19)، ورثه كل نسله، فيشعر البشر بالتعب حتى الذين لا يُرهَقون جسديًا. صارت الحياة في العالم سمتها الألم، وتنتهي بموت الجسد. يتعرَّض الإنسان إلى المتاعب التالية خلال اليوم:
أ. الارتباك بالمستقبل المجهول وتوقُّع الموت [2].
ب. يُعانِي الجميع من الغضب والحسد والاضطراب والجزع والخوف من الموت والتمرُّد والصراع [4].
ج. حتى على السرير من أجل الراحة يفكر الإنسان فيما حلّ به في النهار، ويراه بصورة مُغايِرة عما كان يفكر فيه [5].
د. تتعبه الأحلام المُزعِجة [6].
ه. يتوقَّع عند استيقاظه أمورًا صعبة، لكنه لا يجدها واقعية [7].
أعمال صعبة خُلِقت لكل إنسانٍ، ونير ثقيل وُضِع على بني آدم،
من يوم خروجهم من رحم أمهاتهم إلى يوم عودتهم إلى أمّ جميع الناس (التراب) [1].
إذ صارت الحياة البشرية قاسية، دعاها ابن سيراخ نيرًا ثقيلًا وضع على بني آدم. وقد جاء السفر يشير إلى مجيء المسيّا المُخَلِّص الذي حمل نير خطايانا بالصليب، مقدمًا لمؤمنيه نيره، قائلًا: "نيري هَيِّن" (مت 11: 28-30)، ويترجمها البعض: "نيري حلو"، إذ يُقَدِّم لنا عذوبة الخلاص بالصليب.
تطلع ابن سيراخ إلى المؤمنين أبناء آدم الجديد، فرآهم منطلقين إلى أم جميع الناس، وكما يقول الرسول بولس: "وأما أورشليم العليا، التي هي أمنا جميعًا، فهي حُرَّة" (غل 4: 26). إذ عتقنا الرب يسوع من نير العبودية، ووهبنا حرية مجد أولاد الله".
جلب الإنسان على نفسه نير الخطية، ففقد سلامة نفسه، والقدرة على الالتصاق بالقدوس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. حرم نفسه من الخبز الروحي، ونُزع عنه ثوب الإيمان، وعانى من جراحات الشهوات الجسدية. تحوَّلت حياة الإنسان إلى رحلة شقاء وتعب. "الإنسان مولود المرأة قليل الأيام وشبعان تعبًا" (أي 14: 1). تغيَّرت هذه النظرة بعد مجيء كلمة الله، إذ تمتعنا بالنعمة الإلهية والبنوة لله في مياه المعمودية، فصارت حياتنا رحلة ممتعة في صحبة الله. بل السقوط لم يكن هناك صراع بين شهوات الروح وشهوات الجسد، بل كان الجسد مع الروح متناغمان في حُبّ وطاعة الله.
v "غريب أنا على الأرض" (مز 119: 19).. إنني أعرف أن "حياة الإنسان على الأرض تجربة" (أي 7: 1)، و"نير ثقيل وُضِع على بني آدم" [1].. لكننا نقول إننا مستأجرون أو غرباء على الأرض، إذ نجد مدينتنا العليا. هنا نتقبَّل العربون، وعندما نصل هناك لن نرحل منها[1].
v عن هذا الغضب (الذي حلّ بعصيان آدم) قيل: "كنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضًا" (أف 2: 3). عن هذا الغضب يقول إرميا: "ملعون اليوم الذي وُلِدت فيه" (إر 20: 14). وعن هذا الغضب يقول البار أيوب: "الإنسان مولود المرأة قليل الأيام وشبعان تعبًا. يخرج كالزهر ويُبَاد ولا يستمر على حاله. فعلى مثل هذا حدقة عينيك وإياي أحضرت إلى المحاكمة معك. من يُخرج الطاهر من النجس؟ لا أحد، حتى وإن عاش يومًا واحدًا على الأرض" (أي 14: 1-15) LXX.
وعن هذا الغضب يقول سفر سيراخ: "كل جسد يبلى مثل الثوب، فالسنّة منذ البدء: موتًا تموت" (راجع سي 14: 17)، وأيضًا: "من امرأة نشأت الخطية، وبسببها نموت أجمعون" (راجع سي 35: 24). وأيضًا: "متاعب كبيرة خُلِقَت لكل إنسانٍ، ونير ثقيل وُضِع على بني آدم، من يوم خروجهم من رحم أمهاتهم إلى يوم دفنهم في أم جميع الناس" (راجع سي 40: 1). عن هذا الغضب يقول الجامعة: "باطل الأباطيل الكل باطل، ما الفائدة للإنسان من كل تعبه الذي يتعبه تحت الشمس؟" (جا 1: 2-3)[2].
v الآن غفران الخطايا يخص رئيسيًا الدينونة المُقبِلة. ففي هذه الحياة لا زال يتحقَّق المكتوب: "نير ثقيل وُضِع على بني آدم، من يوم خروجهم من رحم أمهاتهم إلى يوم دفنهم في أم جميع الناس" [1]. هكذا نرى حتى الأطفال الصغار بعد غسلهم في جرن الميلاد الجديد يعانون من شرورٍ كثيرةٍ، وهكذا نفهم أن أثر أسرار الخلاص يناسب بالحريّ الرجاء في خيرات الدهر الآتي أكثر من حفظ الخيرات الحاضرة واقتنائها.
بالمثل كثير من الخطايا تبدو الآن كما لو يُغفل عنها وتعبر دون عقوبة، لأن القصاص عنها محفوظ للحياة العتيدة، فليس باطلًا دُعِي ذلك اليوم بيوم الدينونة، حيث يأتي ديان الأحياء والأموات... يقول الرسول: "لأننا لو كنا حكمنا على أنفسنا لما حُكِم علينا. ولكن إذ قد حُكِم علينا نؤدب من الربّ لكي لا نُدَان مع العالم" (1 كو 11: 31-32)[3].
v في الحقيقة، ليس ما يمنع تحقيق النبوة: "نير ثقيل..." (راجع سي 40: 1). فإنه حتى بالنسبة للأطفال الذين تحرروا بواسطة جرن التجديد من قيد الخطية الذي قبض عليهم؛ أي الخطية الأصلية، يعانون من متاعب كثيرة، وأحيانًا يعاني البعض حتى من هجوم الأرواح الخبيثة. يا للبهجة، حتى هذا الهجوم – لا سمح الله – لن يقدر أن يؤذيهم، حتى لو بلغ الهجوم إلى الموت[4].
إدراك الأمور العتيدة ويوم الموت يُربِك فكرهم ويروّع قلوبهم [2].
v الموت بالنسبة للذين يفهمونه خلود، أما بالنسبة للبلهاء الذين لا يفهمونه فهو موت. يلزمنا ألا نخاف هذا الموت، بل نخاف هلاك النفس الذي هو عدم معرفة الله. هذا يرعب النفس بحقٍ!
v يستحيل علينا أن نهرب من الموت بأية وسيلة. وإذ يعرف العقلاء بحق هذا، يُمارِسون الفضائل ويُفَكِّرون في حب الله، ويواجهون الموت بلا تنهُّدات أو خوف أو دموع، مُفَكِّرين في أن الموت أمرٌ محتم من جهة، ومن جهة أخرى أنه يُحَرِّرنا من الأمراض التي نخضع لها في هذه الحياة.
من الجالس على العرش المجيد إلى الوضيع الذي على التراب والرماد [3].
من اللابس الأرجوان والتاج إلى الملتحف بالخيش. يوجد غضب وحسد واضطراب وجزع وخوف من الموت وتمردُّ وصراع [4].
v يحصل بعض رواد الفنادق على أسِرَّة، بينما لا يجد البعض أسرة فيتمددون أرضًا وينامون بسلام تمامًا كالذين ينامون على الأسرة. وفي الصباح، إذ يعبر الليل، يقوم الكل ويغادرون الفندق حاملًا كل منهم أمتعته. هكذا أيضًا من يسلكون في هذه الحياة، فسيترك الجميع هذه الحياة كمن يتركون فندقًا، سواء كانوا يعيشون في حياة وضيعة، أو كان لهم ثروة وشهرة. فالكل لا يحملون معهم المتع الأرضية والغِنَى، بل يأخذون معهم ما صنعوه في هذه الحياة، خيرًا كان أم شرًا[5].
حتى في وقت راحة الإنسان على فراشه يُغَيِّر نوم الليل معرفته [5].
v لا يستطيع أحد أن يفلت من سلطانه، ليس عبد ولا حر. كل الأمور البشرية تبيد بالموت: الغنى كما الكرامة. عدم التساوي في هذه الحياة الحاضرة ضخم. عظيمة هي الحرية بعد رحلينا.
v يبطل الموت كل شيءٍ. ليس فقط لا تعود توجد إمكانية لمساندة الشر، وإنما لا يعود حتى مجرد صوت الشر يصل إلى الأذنين.
ينال القليل أو لا شيء من الراحة، وبعد ذلك ينام،
وإذا به يجهد في رؤى قلبه كما في يوم المراقبة،
ويضطرب من رؤى قلبه كالهارب من وجه المعركة [6].
وفي وقتٍ مُعَيَّن يحتاج أن يستيقظ ويتعجَّب، إذ لا يجد شيئًا يُخيفه [7].
هذا حال كل جسد، من الإنسان إلى البهيمة،
وللخطاة ما هو أكثر سبعة أضعاف: [8]
موت، سفك دم، صراع، سيف، مصائب، مجاعة، دمار وبلايا [9].
v الموت أمر مُرعِب للغاية، لكن ليس لأولئك الذين تعلَّموا الحكمة الحقيقية التي من فوق. فإن من لا يعرف شيئا عن الأمور العتيدة بل يحسب الموت انحلالًا ونهاية للحياة، بحق يرتعب ويخاف كمن يعبر إلى لا وجود.
أما الذي يتعلم بنعمة الله الأمور الخفية السرية لحكمة (الله)، ويحسب الأمر رحيلًا إلى موضع آخر، لا يجد سببًا للرعدة، بل بالأحرى يفرح ويبتهج، إذ بتركنا الحياة الفانية نذهب إلى حياة أفضل وأبهى وبلا نهاية. هذا ما يُعَلِّمنا إياه المسيح بتصرفاته حيث يذهب إلى آلامه، لا متغصبًا ولا عن ضرورة، بل بإرادته، لذلك قيل: "قال يسوع هذا وخرج مع تلاميذه إلى عبر وادي قدرون، حيث كان بستان دخله هو وتلاميذه"[6].
كل ذلك خُلِق للأثمة، وبسببهم أتى الطوفان [10].
يرى القدِّيس يوحنا الذهبي الفم أن الشرِّير عند موته تقود الخطايا نفسه لتكون سرّ تبكيته المستمر.
كل ما هو من الأرض فإلى الأرض يعود،
وما هو من المياه فإلى البحر يعود [11].
v ربما تقول: الإنسان الميت يختبر الفساد، ويصير ترابًا ورمادًا. وماذا إذن أيها السامعون الأحباء. فإنه بهذا أيضًا نفرح. فإنه عندما يعيد إنسان بناء بيت قديم مترنح يخليه أولًا من سكانه ويهدمه ثم يعيد بناءه في أكثر فخامة. هذا لا يُسَبِّب حزنًا للسكان بل بالأحرى فرحًا. فانهم لا يفكرون في التدمير الذي يرونه، وإنما في البيت العتيد بناءه، والذين لم يروه بعد. هكذا عندما يفعل الله شيئًا مشابهًا، يُخرج النفس الساكنة فيه كما من بيت، لكي يبني بيتًا أكثر سموًا، ثم يعيد النفس مرة أخرى في مجدٍ أعظم. ليتنا لا نفكر في الهدم، بل فيما يتبعه من سمو.
12 كُلُّ رُشْوَةٍ وَمَظْلِمَةٍ تُمْحَى، وَالأَمَانَةُ تَبْقَى إِلَى الأَبَدِ. 13 أَمْوَالُ الظَّالِمِينَ تَجِفُّ كَالسَّيْلِ، وَتَدْوِي كَالرَّعْدِ الشَّدِيدِ عِنْدَ الْمَطَرِ. 14 يَفْرَحُ الظَّالِمُ عِنْدَ بَسْطِ يَدَيْهِ، لكِنَّ الْمُعْتَدِينَ يَضْمَحِلُّونَ فِي الاِنْقِضَاءِ. 15 أَعْقَابُ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَأْتُونَ بِفُرُوعٍ كَثِيرَةٍ، وَلاَ الأُصُولُ النَّجِسَةُ الَّتِي عَلَى الصَّخْرِ الصُّلْبِ. 16 الْخَضِرُ الَّذِي عَلَى كُلِّ مَاءٍ وَشَطِّ نَهْرٍ يُقْلَعُ قَبْلَ كُلِّ عُشْبٍ. 17 النِّعْمَةُ كَجَنَّةِ بَرَكَاتٍ، وَالرَّحْمَةُ تَسْتَمِرُّ إِلَى الأَبَدِ.
تُقَدِّم لنا الحياة صراع بين العدالة والظلم، وبين الصلاح والشرّ. لكن يستمر الظلم إلى فترة قصيرة وينتهي [12]. أما الأمانة فتعاني من الآلام إلى حين لكنها تبقى إلى الأبد.
كل رشوة وظلم يزولان،
أما الأمانة الصادقة فتبقى إلى الأبد [12].
ثروة الظالمين تجفّ كالنهر،
وتنتهي كدويّ الرعد في العاصفة [13].
بسبب محبة المال والرغبة في زيادة الثروة يلجأ الإنسان أحيانًا إلى الغش والظلم النهب والسلب. إن ظن الإنسان أن الظلم هو الطريق السهل والأسرع لتحقيق مكاسبه المادية، أفلا يفسد قلبه؟ إن ما يجلبه الظلم يضمحل، أما ما تجلبه الأمانة ويُستخدم الطريق المستقيم فيبقى لحسابنا في الأبدية. يليق بنا ألا تمتد يدنا إلى الرشوة والظلم، فإن الأموال والمقتنيات التي تأتي عن طريق الشر تتلاشى كالرعد الذي يظهر ويختفي في لحظة. إنه يجف كما يحدث مع مياه المطر التي سرعان ما تنتشر وسرعان ما تتبخَّر.
v رجائي هو في الله. نعم، فإني لا أقترب (إلى الشر) وأعبر "لا تتكلوا على الظلم" (مز 62: 10). لكي أثب إلى فوق، أتكل على الله، فهل يوجد مع الله ظلم؟..
قد ينتعش الظلم إلى حين، لكنه لا يقدر أن يثبت. "لا تتكلوا على الظلم، ولا تطمعوا في الخطف". أنت لست غنيًا، أتريد أن تسلب؟ ماذا تجد؟ وماذا تفقد؟ يا لها من مكاسب مفقودة! إنك تجد مالًا، وتفقد برًّا! "لا تطمعوا في الخطف"... "طوبى للرجل الذي جعل الرب متكله، ولم يلتفت إلى الغطاريس (الأباطيل) والمنحرفين إلى الكذب" (مز 40: 4). نعم، إنك تريد أن تخدع؛ تريد أن ترتكب احتيالًا، ماذا تجلب لنفسك مقابل الغش؟.. فإنه ليس الغش ولا الخطف تشتهيه بعد، ولا تضع اتكالك على هذه الأمور بعد.
يفرح الإنسان السخي عند بسط يديه،
أما المتعدُّون (على الوصية) فسيهلكون [14].
تهب هذه العبارات المؤمن راحة وسط آلام العالم، ففي وسط الشرور يتذوَّق المؤمن برّ المسيح.
نسل الأشرار لا يُنمون فروعًا،
لأنهم جذور نجسة على صخر صلب [15].
أبناء الأشرار السالكون في طريق آبائهم يهلكون بسبب ما ورثوه من شرّ ولم يرتدُّوا عنه، يشبهون أغصان لا أصل لها، أو يجف أصلها. أولاد الأشرار هي أعمالهم (عدم التوبة). إذ يزهو الأشرار سريعًا نحزن عليهم ونبكيهم، لأن يوم هلاكهم يقترب والأهوال تنتظرهم.
منجل عدالة الله يُفاجِئهم، لأن حياتهم قد جفَّت، وصار بقاؤهم مُفسِدًا للأرض. يقول معلمنا يعقوب: "لأن الشمس أشرقت بالحر، فيَّبست العشب، فسقط زهره، وفني جمال منظره؛ هكذا يذبل الغني أيضًا في طرقه" (يع 1: 11).
v "لا تغر من فاعلي الشر، فإنهم مثل العشب سرعان ما يذبلون". أخبرني إذن ما هو مصير من يقوم بالسلب والنهب بعد رحيله؟ أين هي آماله البراقة؟! أين هو اسمه المهوب؟ أما يعبر هذا كله، ويتلاشى من الوجود؟! ألم يكن كل ما له حلمًا وخيالًا؟!
هذا ما يجب أن تتوقَّعه في حالة أمثال هذا الإنسان، سواء أثناء حياته أو في حياة من يأتي بعده. لكن ليس هكذا هو حال القديسين، فلا يمكنك أن تنطق بذات الكلمات عن حالهم، ولا تقل إن ما يخصهم هو حلم وأسطورة[7].
العشب الضار الذي ينمو على كل ماء أو ضفة نهر يُقلع قبل كل عشبٍ [16].
v إنه كبستاني يقتلع الزرع غير المثمر، "كل غرسٍ لم يغرسه أبي السماوي يُقلَع" (مت 15: 13).
لقد غرس كرمة سورق[8] زرع حق كلها،
وقد تحوَّلت إلى سروغ[9] مُرّةٍ وغريبةٍ (إر 2: 21).
لقد اقتلعها ليجعل منها كرمة حقيقية و"فلاحة الله" (1 كو 3: 9)[10].
النعمة كفردوس بركات،
والصدقة تدوم إلى الأبد [17].
من هو الإنسان السخي سوى المؤمن الذي يبسط يديه بالحب والرحمة خلال عمل المصلوب الساكن فيه. يعطي الحب بسخاء، ويتحوَّل قلبه إلى فردوس مُفرِح. "اللطف كجنة بركات، والصدقة تدوم إلى الأبد [17]. وهو يعطي، يغتني بالمسيح واهب الخيرات؛ تشبع نفسه، فلا يشعر بالعوز أو الاحتياج، بل يجد فيه الكنز الإلهي [18]. ليس من صلاح يزول لأن بركة الربّ عليه. الله يُخرِج من الشرور بركات كما حدث مع يوسف بن يعقوب.
18 حَيَاةُ الْعَامِلِ الْقَنُوعِ تَحْلُو، لكِنَّ الَّذِي يَجِدُ كَنْزًا هُوَ فَوْقَ كِلَيْهِمَا. 19 النَّسْلُ وَابْتِنَاءُ مَدِينَةٍ يُخَلِّدَانِ الاِسْمَ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي لاَ عَيْبَ فِيهَا، تُحْسَبُ فَوْقَ كِلَيْهِمَا. 20 الْخَمْرُ وَالْغِنَاءُ يَسُرَّانِ الْقَلْبَ، لكِنَّ حُبَّ الْحِكْمَةِ فَوْقَ كِلَيْهِمَا. 21 الْمِزْمَارُ وَالْعُودُ يُطَيِّبَانِ الَّلحْنَ، لكِنَّ اللِّسَانَ الْعَذْبَ فَوْقَ كِلَيْهِمَا. 22 الْبَهَاءُ وَالْجَمَالُ تَشْتَهِيهِمَا عَيْنُكَ، لكِنَّ خَضِرَ الْمَزْرَعَةِ فَوْقَ كِلَيْهِمَا. 23 الصَّدِّيقُ وَالصَّاحِبُ لَهُمَا لِقَاءُ وِفَاقٍ، لكِنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ رَجُلِهَا فَوْقَ كِلَيْهِمَا. 24 الإِخْوَةُ وَالْعَوْنُ لِسَاعَةِ الضِّيقِ، لكِنَّ نُصْرَةَ الرَّحْمَةِ فَوْقَ كِلَيْهِمَا. 25 الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ يُثَبِّتَانِ الْقَدَمَ، لكِنَّ الْمَشُورَةَ تُفَضَّلُ عَلَى كِلَيْهِمَا. 26 الْغِنَى وَالْقُوَّةُ يُعِزَّانِ الْقَلْبَ، لكِنَّ مَخَافَةَ الرَّبِّ فَوْقَ كِلَيْهِمَا. 27 لَيْسَ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ افْتِقَارٌ، وَلاَ يَحْتَاجُ صَاحِبُهَا إِلَى نُصْرَةٍ. 28 مَخَافَةُ الرَّبِّ كَجَنَّةِ بَرَكَةٍ، وَقَدْ أُلْبِسَتْ مَجْدًا يَفُوقُ كُلَّ مَجْدٍ. 29 يَا بُنَيَّ، لاَ تَعِشْ عَيْشَ الاِسْتِعْطَاءِ؛ فَإِنَّ الْمَوْتَ خَيْرٌ مِنَ التَّكَفُّفِ. 30 الرَّجُلُ الَّذِي يَتَرَصَّدُ مَائِدَةَ الْغَرِيبِ، عَيْشُهُ لاَ يُعَدُّ عَيْشًا، وَنَفْسُهُ تَتَنَجَّسُ بِأَطْعِمَةٍ غَرِيبَةٍ. 31 الرَّجُلُ الأَرِيبُ الْمُتَأَدِّبُ يَتَحَفَّظُ مِنْ ذلِكَ. 32 يَحْلُو الاِسْتِعْطَاءُ فِي فَمِ الْوَقِحِ وَفِي جَوْفِهِ تَتَّقِدُ النَّارُ.
الفرح الداخلي الحقيقي هو من نصيب خائف الرب الذي يتَّسِم بروح التمييز في تصرُّفاته وأعماله. هذه الأفراح الداخلية ليست هي كل شيءٍ، لكن لها تقديرها الحيّ في حياة الإنسان. إنها بركات يُقَدِّمها الله للسالكين في برِّه. يبرز سيراخ تفوُّق هذه البركات عن المباهج العادية:
أ. حياة الإنسان المكتفي والعامل حلوة، لكن الكنز الروحي الداخلي أفضل [18].
ب. بركة إنجاب الأولاد ثمينة، لكن الزوجة البارة بلا لوم أفضل [19].
ج. الجو المُفرِح رائع، لكن محبة الحكمة أروع [20].
د. الموسيقى الروحية عذبة، لكن اللسان العذب أفضل [21].
ه. تشتهي العين الجمال، لكن حقل الإنجيل يفوقه.
و. الصديق والزميل يلتقيان، أما لقاء الزوجة مع الزوج ففي القلب لا يتوقَّف.
ز. الذهب والفضة لهما دورهما في الحياة، أما المشورة فكنز أعظم منهما.
ح. مخافة الربّ كفردوسٍ يحفظ الإنسان، وليس من مجدٍ يُعادِلها [27].
ط. قد يلجأ الإنسان إلى الاستعطاء، لكن الموت خير منه [28].
ي. من يشتهي عيشة غيره يفقد آدميته، وأما المُتأدِّب فلا يشتهي ما لأخيه [29].
حياة المُتَّكل على ذاته والعامل عطرة،
لكنّ الذي يجد كنزًا يفوق كليهما [18].
روعة الحياة في العمل الجاد والبذل، أما الكنز الذي يفوقهما فهو النعمة الإلهية.
إنجاب الأولاد وبناء مدينة تُثبِّتان الاسم،
لكن الزوجة التي بلا عيب تُحسَب أفضل من كليهما [19].
إذ يشير ابن سيراخ إلى الحياة الفردوسية خلال العريس السماوي، ربّ المجد يسوع، يُعلِن عن الحياة الزوجية السعيدة [19-13] بكونها ظل للعُرْسِ السماوي. الزوجة التي لا عيب فيها تُحسَب فوق الأطفال، لأنها تجعلهم صالحين، وتسعد البيت كله.
الخمر والموسيقى يسرّان القلب،
لكنّ حبّ الحكمة يفوق كليهما [20].
بتسليم المؤمن عجلة القيادة للحكمة، يدخل إلى حياة مجيدة حتى وسط الضيقات، فلا تقدر الظروف أيا كانت أن تُفسِد مجده الداخلي، أو تنزع عنه كرامته الحقيقية. يحمل سمات الشيوخ الحكماء منذ صغر سنه.
v إنه سليمان الذي يقول إنه يشتاق أن يجعل الحكمة عروسه (حك 8: 2). وفي موضع آخر يقول عن الحكمة: "حبَّها فتحضنك، احتضنها فتحفظك" (راجع أم 4: 6، 8). ليتنا نحن أيضًا نأخذها لنا زوجة! لنتمسَّك بها في أذرعنا، ولا نتركها تترك أحضاننا، ولن نجعلها تهرب من أذرعنا. إن كانت هذه العروس دومًا في حضننا فسنلد منها أبناء (أي ثمر الروح لا الجسد)[11].
القديس ﭽيروم
المزمار والقيثارة يعطيان إيقاع (موسيقي) عذب،
لكن اللسان العذب يفوق كليهما [21].
يرى مار يعقوب السروجي أن الله خلق الإنسان كائنًا مُسَبِّحًا، ينضم إلى خورُس السمائيين.
v خُلِق البشر ليُسَبّحوا كثيرًا، ولعلهم يذكرون التسبيح كل يوم بزيادة!...
فم الإنسان متقن كأنما لتسبيح الرب، ومن يبطل من التسبيح صار ناكرًا (للجميل).
ولهذا لك الفم لتُسَبِّح به، وتشكر به، وتهلل به وتبارك به.
سبّح لأن لك الكلمة المسبِّحة، وهلل لأن لك الصوت المملوء أنغامًا.
اشكر لأن لك الذهن والتمييز، وبارك لأنك صرتَ إناء ناطقًا وغير صامتٍ.
لم تكن شيئًا وجعلتك المراحم شيئًا عظيمًا، وبما أنك صرتَ فأشكر بعجبٍ، لماذا أنت
ساكت؟
ادخل إلى ذاتك وانظر إلى شخصك في داخلك، ففيك توجد كل عجائب القدرة الخالقة[12].
مار يعقوب السروجي
تشتهي العين النعمة والجمال،
لكنّ خُضرة الحقول تفوق كليهما [22].
تشتهي العين أن تتمتَّع بالطبيعة الجميلة التي أنعم بها الله علينا، أما خضرة الحقول التي تتسم مع الجمال بالثمار ذات الطعم الحلو، فهي أفضل. هكذا يؤكد ابن سيراخ للمؤمن أن كل ما خلقه الله لنا جميل، لكن يلزمنا أن نعمل في الحقل لنأكل من تعب أيدينا.
الصديق والصاحب يلتقيان في وقتٍ مُحَدَّدٍ،
أما لقاء الزوجة مع زوجها فيفوقهما [23].
يرى القدِّيس يوحنا الذهبي الفم أنه مهما كانت الصداقة حميمة بين رجلين سواء كأقرباء أو زملاء أو جيران، فإنها لا تقارن بالعلاقة الرجل وزوجته[13].
الإخوة والمساعدات لأيام الضيق،
لكنّ الصدقة تنقذ أفضل من كليهما [24].
الصدقة هي ممارسة أعمال الحب واللطف، وليست مُجَرَّد عطاء مادي. بالخطية يتقوقع الإنسان في أنانية حول ذاته، وبالحب ينطلق بالنعمة الإلهية من الأنانية ليعمل لحساب أخيه وسعادته. فبالحب نتمم كل الناموس ونتمتَّع بالبرّ.
الذهب والفضة يُثَبِّتان القدم،
لكن تُعتبَر المشورة أكثر قيمة من كليهما [25].
يحثنا هنا على محبة المشورة والانتفاع بحكمة الآخرين أكثر من الذهب والفضة، وكما جاء في سفر الأمثال: "إن طلبتها كالفضة، وبحثت عنها كالكنوز" (أم 2: 4)، فهل يدعونا إلى الطمع أو محبة المال؟
v هل يلزمنا أن نفكر في الأسفار المقدسة أنها تمتدح الطمع؟ إنه معروف أية مجهودات عظيمة وآلام يخضع لها محبو المال بصبرٍ. كيف يحرمون أنفسهم من مسرَّات عظيمة رغبة في مضاعفة ثروتهم أو خشية أن تقل. بأي عنف عظيم يسعون نحو المكسب، وكيف بحذرٍ شديدٍ يتجنَّبون الخسائر... إنه يليق بنا أن نُحث هكذا في محبة الحكمة، فنطلبها بأقصى غيرة بكونها كنزنًا، نطلب المزيد فالمزيد، ونحتمل متاعب كثيرة، ونمتنع عن ملذَّات، ونُفَكِّر عمليّا في المستقبل حتى نحتفظ بالطهارة والهبة (الإلهية). عندما نعمل بهذه الكيفية نقتني الفضائل الحقيقية، لأن هدفنا صادق، ويتناغم مع طبيعتنا بخصوص الخلاص والسعادة الحقيقية[14].
v أنه ليس بالأمر اللائق بل المهين أن نُقارِن الحكمة بالمال، لكن الحب يُقارَن بالحب. ما أراه هنا أنكم جميعًا تحبون المال فوق كل شيءٍ، حتى عندما تُصدر محبة المال أمرًا تبذلون كل الجهد في إتمامه وتموتون جوعًا، وتعبرون البحر، وتعرضون أنفسكم للرياح والأمواج... يقول الله: "لتحبوا هكذا، فإنني لست أطلب أن تحبونني أكثر من هذا. إني أتحدث إلى العامة؛ إني أحدث الطماعين. أنتم تُحِبُّون المال، فلتحبوني بمثل هذا الحب ليس إلا. بالطبع أنا بالمقارنة (بالمال) أفضل. لتُحِبّوني كما تحبون المال"[15].
الثروة والقوة تبنيان القلب، لكنّ مخافة الربّ أفضل من كليهما.
ليس من خسارة في مخافة الربّ، ولا حاجة للبحث عن عونٍ معها [26].
v الذين ينظرون إلى فقدان المال أو الأبناء أو العبيد أو أي شيء آخر على أنه كارثة، هؤلاء يلزمهم أولًا أن يعرفوا ضرورة الاقتناع بما يعطيه الله، والاستعداد لردّ هذه الأشياء برباطة جأش متى طلبها منَّا، دون أن نُزعِج أنفسنا بالحزن على فقدانها أو بالأحرى على ردّها، فتكون كمن يستخدمون ما هو ليس ملكهم إلى حين ثم يردّونه (إلى صاحبه)[16].
مخافة الربّ كفردوس البركة،
وتستر الإنسان أفضل من أي مجدٍ [27].
تقدم مخافة الرب عربونًا للحياة الفردوسية، نتمتَّع به على الأرض حتى نعبر إلى الفردوس في الحياة الأخرى.
v الكنيسة بالنسبة لخدام الله المُخْلِصين، الذين يعيشون في ضبط النفس والعدل والحب لله بحق تُدعَى فردوس (البركة)، تفيض بنعمٍ غزيرة ومباهج طاهرة (نش 8: 5). حتى في الضيق مثل هذا الخادم يتمجَّد بالصبر ويمتلئ بفرحٍ عظيمٍ، لأن تعزيات الله تُبهِج نفسه بالرغم من المتاعب الكثيرة التي يختبرها في قلبه[17].
يا بُنَيَّ، لا تحيا حياة المتسوِّل،
فإن الموت خير من الاستجداء [28].
الحديث هنا مُوَجَّه إلى المتسوّلين أنفسهم، لكي يصبحوا منتجين لا عالة على المجتمع. التسوّل عار بالنسبة للقادرين على العمل. بهذا يدعونا إلى طلب الشريعة الإلهية بجديةٍ واجتهادٍ، عوض التسوّل من الفلاسفة الوثنيين.
v يستجدي المتسوّل من أجل حرمانه ما هو ضروري، ولأنه يجد ذلك مستحيلًا أن يحرز على هذه الأشياء بطريقة مبجّلة. ربما تجد في مثل هذه الحالة أولئك الذين يُقَال عنهم يتسوَّلون ليجدوا علاجًا من اليونانيين أو البرابرة الذين يعدون بتقديم الحق. إنهم يفقدون الوسائل المجيدة اللائقة التي يقدمها اللوغوس، فيحرزون على التأمل الغزير في الحق بلا خطرٍ. لكن اللوغوس يمنع هذا الأسلوب من البحث، قائلًا: "لا تعش عيش الاستعطاء، فإن الموت خير من الاستعطاء" [28].
الوكيل (مدير الأعمال) المذكور في الإنجيل كان يخجل من أن يستعطي، فقال لمن عليه مئة كرّ قمح: خذ صكك واكتب ثمانين... (لو 16: 6-7)، مُفَضِّلًا أن يُقَلِّل من كمية دين سيده عن أن يستجدي في خزي، وقد مُدِحَ على ذلك. لذلك حَرَّر يسوع المولود أعمى من تسوّله؛ فأعطاه البصر ووهبه إمكانية الحصول على احتياجاته ما هو ضروري لخلاص نفسه (يو 9: 35-38)[18].
عندما ينظر الإنسان إلى مائدة الغير،
عيشته غير عاقلة أو لا تُعد طريقة حياته حياة.
إنه يفقد احترامه لذاته بطعام الغير، وأمّا الإنسان العاقل المتأدب فيتحفَّظ من ذلك [29].
يليق بالمؤمن أن يأكل من مائدة أبيه أي من كلمة الله، هذه المائدة ليست غريبة عنا، لأننا صرنا أهل بيت الله (أف 3: 19)، وذلك عوض التسوّل من الوثنيين الغرباء عنّا.
في فم عديم الحياء يحلو الاستجداء،
لكن في معدته نار تلتهب [30].
يختم الأصحاح بتحذير من عدم الحكمة (الوقاحة) فإن الوقح يستجدي ليأخذ، لكن لا ينتفع بما يأخذه لأن جوفه يلتهب نارًا [30]. هذا التحذير خاص بالذين يستسهلون الاستجداء عن ممارسة العمل، خاصة بالنسبة للشبان القادرين على العمل.
v في ضعفي أحنيت كتفي تحت نير الخطية الثقيل.
وبحُبِّك أطير كما بالروح نحو السماوات مُتهلِّلًا!
أنتظر اللقاء معك، يا واهب الفرح والراحة!
حَرَّرتني من العودة إلى التراب أبديًا،
ورفعتني إلى شركة الأمجاد السماوية.
v كقائد عجيب ومُدَرِّب إلهي دخلت بي إلى المعركة.
جذبتني إلى صلاحك، ومرَّرت الخطية في فمي.
أستعذب انطلاقي من الأنانية، لأُمارِس الحب بفرحٍ.
حوَّلت كل كياني إلى قيثارة تُسَبِّحك بلا فتورٍ.
صارت مخافتك فردوسًا، أَتمتَّع بالبركات والأمجاد.
لم أعد استعطي طعام العالم، لأني جالس على مائدتك!
ماذا أَرُد لك يا رب من أجل كثرة مراحمك وحُبِّك؟!
_____
[1] On Ps 119 (118)
[2] Against Julian, FOTC. Vol. 35, p. 388-291.
[3] Christian Instruction, FOTC, vol. 2, .424-425.
[4] City of God, FOTC, vol. 24, p. 374.
[5] الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 80.
[6] Homilies on St. John, 83:1.
[7] In 1 Cor., hom. 15.
[8] غرس الله كرمه من أجود أنواع (of highest quality) الزرع لكونه كرمًا مختارًا (سورق שֹׂרֵק).
[9] سروغ: منشقة من الآرامية، تعني غير مخلصة أو فاسدة.
[10] Fragments from the Catena, 70.
[11] Homily 42 on Ps. 128 (127).
[12] ميمر 96 على قطع رأس يوحنا المعمدان (راجع الأب بول بيجان – ترجمة الدكتور سوني بهنام).
[13] On Ephesians, Homily 20.
[14]Against Julian 4: 3: 18
[15] Sermon 399: 11.
[16] الفيلوكاليا، الجزء الأول، 1993، القديس أنطونيوس الكبير 170 نصًا عن حياة القداسة 35.
[17] Sermon 12: 34.
[18] Commentary on John, Fragment 64.
← تفاسير أصحاحات سيراخ: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51
تفسير يشوع ابن سيراخ 41 |
قسم تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب |
تفسير يشوع ابن سيراخ 39 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/48mjpfw