← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31
هنا ثلاث رسائل مختلفة:- الأولى: بيان بخطاياهم (1-16) ثم مقارنتهم بزغل المعادن الذي يذهب للنار (17-22). والكل وجد مدان، ولا يوجد بار واحد منهم ليشفع فيهم (23-31).
الآيات 1-16:- "وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: «وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ تَدِينُ، هَلْ تَدِينُ مَدِينَةَ الدِّمَاءِ؟ فَعَرِّفْهَا كُلَّ رَجَاسَاتِهَا، وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ السَّافِكَةُ الدَّمِ فِي وَسْطِهَا لِيَأْتِيَ وَقْتُهَا، الصَّانِعَةُ أَصْنَامًا لِنَفْسِهَا لِتَتَنَجَّسَ بِهَا، قَدْ أَثِمْتِ بِدَمِكِ الَّذِي سَفَكْتِ، وَنَجَّسْتِ نَفْسَكِ بِأَصْنَامِكِ الَّتِي عَمِلْتِ، وَقَرَّبْتِ أَيَّامَكِ وَبَلَغْتِ سِنِيكِ، فَلِذلِكَ جَعَلْتُكِ عَارًا لِلأُمَمِ، وَسُخْرَةً لِجَمِيعِ الأَرَاضِي. الْقَرِيبَةُ إِلَيْكِ وَالْبَعِيدَةُ عَنْكِ يَسْخَرُونَ مِنْكِ، يَا نَجِسَةَ الاسْمِ، يَا كَثِيرَةَ الشَّغَبِ. هُوَذَا رُؤَسَاءُ إِسْرَائِيلَ، كُلُّ وَاحِدٍ حَسَبَ اسْتِطَاعَتِهِ، كَانُوا فِيكِ لأَجْلِ سَفْكِ الدَّمِ. فِيكِ أَهَانُوا أَبًا وَأُمًّا. فِي وَسْطِكِ عَامَلُوا الْغَرِيبَ بِالظُّلْمِ. فِيكِ اضْطَهَدُوا الْيَتِيمَ وَالأَرْمَلَةَ. ازْدَرَيْتِ أَقْدَاسِي وَنَجَّسْتِ سُبُوتِي. كَانَ فِيكِ أُنَاسٌ وُشَاةٌ لِسَفْكِ الدَّمِ، وَفِيكِ أَكَلُوا عَلَى الْجِبَالِ. فِي وَسْطِكِ عَمِلُوا رَذِيلَةً. فِيكِ كَشَفَ الإِنْسَانُ عَوْرَةَ أَبِيهِ. فِيكِ أَذَلُّوا الْمُتَنَجِّسَةَ بِطَمْثِهَا. إِنْسَانٌ فَعَلَ الرِّجْسَ بِامْرَأَةِ قَرِيبِهِ. إِنْسَانٌ نَجَّسَ كَنَّتَهُ بِرَذِيلَةٍ. إِنْسَانٌ أَذَلَّ فِيكِ أُخْتَهُ بِنْتَ أَبِيهِ. فِيكِ أَخَذُوا الرَّشْوَةَ لِسَفْكِ الدَّمِ. أَخَذْتِ الرِّبَا وَالْمُرَابَحَةَ، وَسَلَبْتِ أَقْرِبَاءَكِ بِالظُّلْمِ، وَنَسِيتِنِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. «فَهأَنَذَا قَدْ صَفَّقْتُ بِكَفِّي بِسَبَبِ خَطْفِكِ الَّذِي خَطَفْتِ، وَبِسَبَبِ دَمِكِ الَّذِي كَانَ فِي وَسْطِكِ. فَهَلْ يَثْبُتُ قَلْبُكِ أَوْ تَقْوَى يَدَاكِ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا أُعَامِلُكِ؟ أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ وَسَأَفْعَلُ. وَأُبَدِّدُكِ بَيْنَ الأُمَمِ، وَأُذَرِّيكِ فِي الأَرَاضِي، وَأُزِيلُ نَجَاسَتَكِ مِنْكِ. وَتَتَدَنَّسِينَ بِنَفْسِكِ أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ، وَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ»."
سميت أورشليم هنا بالمدينة سافكة الدم ونجسة الاسم عوضًا عن تسميتها المدينة العادلة المقدسة. ومن أبشع خطاياها القتل فهي سافكة الدم في وسطها = أي في وسط المدينة حيث الحكام والقضاة. فالظلم تفشَّى في السر والعلن وليس مَنْ يحكم على الظالم. والرؤساء سفكوا الدم كل واحد حسب استطاعته (هُوَذَا رُؤَسَاءُ إِسْرَائِيلَ، كُلُّ وَاحِدٍ حَسَبَ اسْتِطَاعَتِهِ، كَانُوا فِيكِ لأَجْلِ سَفْكِ الدَّمِ) (آية 6). وهناك من كان يثير إشاعات كاذبة لسفك الدم (كَانَ فِيكِ أُنَاسٌ وُشَاةٌ لِسَفْكِ الدَّمِ) (9) ومن أخذ رشوة لأجل ذلك (12). وقد يكون هؤلاء من القضاة وليحكموا على البريء بالقتل من أجل الرشوة. ويجئ بعد ذلك عبادة الأصنام. فمنهم مَنْ يصنع أصنامًا (بِأَصْنَامِكِ الَّتِي عَمِلْتِ). ومنهم من يشترك في الذبح والأكل على المرتفعات. ولقد ازداد فساد طبيعتهم فوصلت خطيتهم إلى إهانة الأب والأم. وظلموا الغريب والضعيف واليتيم والأرملة (أَهَانُوا أَبًا وَأُمًّا. فِي وَسْطِكِ عَامَلُوا الْغَرِيبَ بِالظُّلْمِ. فِيكِ اضْطَهَدُوا الْيَتِيمَ وَالأَرْمَلَةَ). ودنسوا السبت والمقدسات وإزدروا بشريعة الله وأعجبوا بالشرائع الوثنية. وَفِيكِ كَشَفَ الإِنْسَانُ عَوْرَةَ أَبِيهِ = أي أصبحت له امرأة أبيه (1كو 5: 1). ومن اعتزلت لطمثها أذلوها ونجسوها (أَذَلُّوا الْمُتَنَجِّسَةَ بِطَمْثِهَا). وصنعوا الخطية مع زوجات أبنائهم = كنتهم (كَنَّتَهُ)، ومع أخواتهم فهل لا يعاقب الله على كل هذا. ولكن هناك سبب لكل هذا، أنهم نسوا الرب (12). ينسون أنهم منه، ويعتمدون عليه، وينسون واجباتهم نحوه، وكم أن غضبه مدمر، ولكل هذا عرضها الله لاحتقار جيرانها = جَعَلْتُكِ عَارًا لِلأُمَمِ، وَسُخْرَةً لِجَمِيعِ الأَرَاضِي = أي يسخرون منها. والله يريدها أن تعلم أنه مستاء جدًا من ذلك = فَهأَنَذَا قَدْ صَفَّقْتُ بِكَفِّي بِسَبَبِ خَطْفِكِ = الخطف معناه إستيلائهم على ممتلكات الغير. وكيف يصفق الله بكفيه؟ هو يصفق لكي ينذر قبل أن يضرب، وهو يستعمل أنبيائه للإنذار ولإعلان مقاصده. وهم قد تقسوا وظنوا أنهم يستطيعون مواجهة أحكام الله، لذلك يقول لهم فهل يثبت قلبك أو تقوى يداك = هل تستطيع أن تواجه غضب الله (مز 130: 3). قد نستطيع أن نصمد أمام البشر، ولكن من يستطيع أن يصمد أمام غضب الله. ولكن من مراحم الله أن ضرباته ليست للانتقام بل للتطهير = لِـ:أُزِيلُ نَجَاسَتَكِ.
وقَرَّبتِ أيامك وبَلَغتِ سنيك (آية4) = يهوذا بشرورها أسرعت بالاقتراب من العقاب، فكلما زادت شرور الإنسان كلما اقترب ميعاد عقوبته أو تأديبه.
الآيات 17-22:- "وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: «يَا ابْنَ آدَمَ، قَدْ صَارَ لِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ زَغَلًا. كُلُّهُمْ نُحَاسٌ وَقَصْدِيرٌ وَحَدِيدٌ وَرَصَاصٌ فِي وَسْطِ كُورٍ. صَارُوا زَغَلَ فِضَّةٍ. لأَجْلِ ذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ حَيْثُ إِنَّكُمْ كُلَّكُمْ صِرْتُمْ زَغَلًا، فَلِذلِكَ هأَنَذَا أَجْمَعُكُمْ فِي وَسْطِ أُورُشَلِيمَ، جَمْعَ فِضَّةٍ وَنُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَرَصَاصٍ وَقَصْدِيرٍ إِلَى وَسْطِ كُورٍ لِنَفْخِ النَّارِ عَلَيْهَا لِسَبْكِهَا، كَذلِكَ أَجْمَعُكُمْ بِغَضَبِي وَسَخَطِي وَأَطْرَحُكُمْ وَأَسْبِكُكُمْ. فَأَجْمَعُكُمْ وَأَنْفُخُ عَلَيْكُمْ فِي نَارِ غَضَبِي، فَتُسْبَكُونَ فِي وَسْطِهَا. كَمَا تُسْبَكُ الْفِضَّةُ فِي وَسْطِ الْكُورِ، كَذلِكَ تُسْبَكُونَ فِي وَسْطِهَا، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ سَكَبْتُ سَخَطِي عَلَيْكُمْ»."
نفس الأنشودة المأساوية ولكن تعزف هنا بألفاظ أخرى ليكون لها تأثير أكبر، فهو هنا يظهر أن بيت إسرائيل أصبح كالزغل (أو الخبث أي صدأ المعادن) والزغل يجب أن يحرق. هذه المملكة التي كانت ذهبًا أيام داود وسليمان، وحينما انفصلت أيام رحبعام ابن سليمان صارت كذراعان من الفضة (بحسب تسلسل تمثال دانيال ص2) ولكن هذه المملكة قد انحطت الآن لمعادن وضيعة لا تقارن بما سبق فهي نحاس وقصدير وحديد ورصاص. ويستخدم البعض أنواع المعادن هذه للتدليل على خطاياهم. فالنحاس يشير للوقاحة (كما يقال لهم وجوه نحاسية أي لا يخجلون). والحديد يشير للنزعة الوحشية والطبيعة القاسية. والرصاص يدل على غباوتهم وبلههم فالرصاص مع أنه مرن إلا أنه ثقيل، وهم لا يتحركون في اتجاه الإصلاح. والقصدير يدل على طبيعتهم كمرائين يدعون القداسة ويغطون بمظهريتهم المخادعة إثمهم، وهي مظاهر بلا جوهر حقيقي فعلي. ومع هذا فهذه المعادن لها استعمالاتها وفوائدها إلا أن شعب إسرائيل صار بلا فائدة، لذلك تم تشبيهه بالزغل، فهم صاروا غير صالحين لشيء إلا لحرقهم. وهم الآن مجتمعين في أورشليم كمدينة حصينة ليحتموا بها، ولكن الله يخبرهم بأن أورشليم ستتحول لهم كبوتقة أو فرن حتى يحترق الزغل الذي فيهم، أما المعادن فتذوب وتطهر من الخبث الذي فيها، ثم تخرج المعادن من الفرن نقية. فدائمًا هناك بقية ينقيها الله بهذه التجارب = كما تسبك الفضة = إذًا فما زال هناك فضة، والله ينقيها. وما سيشعل هذه البوتقة هو غضب الله. وأنفخ عليكم في نار غضبى = والنفخ في النار يصدر صوتًا عظيمًا، وهكذا أحكام الله حينما تنفذ على أورشليم.
الآيات 23-31:- "وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: «يَا ابْنَ آدَمَ، قُلْ لَهَا: أَنْتِ الأَرْضُ الَّتِي لَمْ تَطْهُرْ، لَمْ يُمْطَرْ عَلَيْهَا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ. فِتْنَةُ أَنْبِيَائِهَا فِي وَسْطِهَا كَأَسَدٍ مُزَمْجِرٍ يَخْطُفُ الْفَرِيسَةَ. أَكَلُوا نُفُوسًا. أَخَذُوا الْكَنْزَ وَالنَّفِيسَ، أَكْثَرُوا أَرَامِلَهَا فِي وَسْطِهَا. كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسْطِهِمْ. رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسْطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفًا لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاكْتِسَابِ كَسْبٍ. وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِالطُّفَالِ، رَائِينَ بَاطِلًا وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِبًا، قَائِلِينَ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ، وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ. شَعْبُ الأَرْضِ ظَلَمُوا ظُلْمًا، وَغَصَبُوا غَصْبًا، وَاضْطَهَدُوا الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ، وَظَلَمُوا الْغَرِيبَ بِغَيْرِ الْحَقِّ. وَطَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلًا يَبْنِي جِدَارًا وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ لِكَيْلاَ أَخْرِبَهَا، فَلَمْ أَجِدْ. فَسَكَبْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ. أَفْنَيْتُهُمْ بِنَارِ غَضَبِي. جَلَبْتُ طَرِيقَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ»."
هنا يؤكد أن هذا الوباء حل بالجميع، الأنبياء والكهنة والرؤساء والشعب. وهنا يقول أَنْبِيَائِهَا.. وكَهَنَتُهَا ولا يقول أنبيائي وكهنتي وهذا بسبب غضبه عليهم، فلا يريد أن ينسبهم إليه في شرهم لأنهم رفضوه. أَنْتِ كـ:الأَرْضُ الَّتِي لَمْ تَطْهُرْ، لَمْ يُمْطَرْ عَلَيْهَا = فنجاستها فيها لم تغسل. هي كمدينة لم يغسلها ماء المطر فتنظف. وما هو المطر الذي ينظف: 1) قد يشير لضربات الله كما أمطر الله في الطوفان ليغرق الأرض، وكما أمطر على سدوم وعمورة كبريتًا ونارًا (تك 19: 24)، وأخرج الرب من الضربات نوح ولوط (البقية)؛ 2) يشير المطر للروح القدس الذي ينسكب على المؤمنين فيطهرهم فيثمرون (أش 44: 3، 4). والمطر يشير للروح القدس فهو أتى من السماء ليروي أرضنا (أجسادنا) والكل أخطأوا. فهناك فتنة أنبيائها = أي مؤامرات الأنبياء الكذبة، فهم غشوا الشعب وقسوا قلبه، وكانت مؤامراتهم هذه ليست ضد الله فقط بل هي كانت ضد الشعب الذي سيهلك بنبواتهم الكاذبة. هذه مؤامرة مع الشيطان الذي هو كأسد يجول يلتمس من يبتلعه = فِي وَسْطِهَا كَأَسَدٍ. وهُم أَكَلُوا نُفُوسًا أي تسببوا في هلاكها بنبواتهم حين قالوا للخطاة سلام سلام فلم يقدموا توبة، فكانت خطيتهم سببًا في هلاكهم. وهم التهموا أموال الشعب كأجر على نبواتهم الكاذبة هذه = أخذوا الكنز والنفيس بل أن من لم يطعمهم ربما تسببوا في قتله فَـ:أَكْثَرُوا أَرَامِلَهَا فِي وَسْطِهَا. أما الكهنة فخالفوا الشرائع والناموس وتعدوا واجباتهم ودنسوا مقدسات الله ولم يعلموا الناس الفرق بين المقدس والمحلل (لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ) = المقدس هو المحرم أكله على الشعب والمحلل هو ما يأكله الشعب من الذبائح أو المقدس هو ما يأكله الكاهن والمحلل ما هو مسموح لعائلته أن تأكله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وكان رؤسائهم كذئاب خاطفة = أي ينهبون الشعب بالظلم، فهم كانوا قوة بلا عدالة. فهم جبابرة مستبدين يسهل عليهم سفك الدماء وإهلاك النفوس (لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ). والأدهَى أن الرؤساء استخدموا الأنبياء الكذبة فهم طينوا لهم بالطفال = أي ادعوا أنهم رأوا رؤى لصالح الرؤساء، أو أنهم رأوا رؤيا بأنه يجب قتل فلان الذي لا يرضي هذا الرئيس أو ذاك. ولكن هذا الحائط الذي أقامه هؤلاء الأنبياء الكذبة لا يثبت طويلًا. بل حتى الشعب، فكان كل من في يده سلطة أو قوة استغلها ضد جاره. فالغني ظلم الفقير، والسيد ظلم خادمه، وأصحاب الأرض ظلموا المستأجرين، والآباء ظلموا أبنائهم والمشتري ظلم البائع، والبائع ظلم المشتري، إذًا فالمرض وبائي. ولا يبدو أن هناك شفيع = رَجُلًا يَبْنِي جِدَارًا وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ لِكَيْلاَ أَخْرِبَهَا الشفيع هنا كموسى الذي طلب من الله أن لا يهلك الشعب، وكإبراهيم الذي طلب أن لا يهلك الله سدوم، والله يرغب في أن يظهر مراحمه. ولكن قبل أن يصلي أحد عن هذا الشعب، كان يجب أن يكون هناك قائد يصلح من حال هذا الشعب، كما فعل صموئيل إذ نادى بتوبة عامة وصلاة وصوم. وكان يوجد مثل هذا المصلح وهو إرميا النبي لكنهم رفضوه. فهم رفضوا الإصلاح ورفضوا التوبة وهم ما كانوا يصلوا، ولا كان من يصلي عنهم فما هو المنتظر = فَسَكَبْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ وَأَفْنَيْتُهُمْ. ونحن الآن لنا في دم المسيح شفاعة كفارية ولنا في صلوات القديسين شفاعة توسلية، فهل نقدم توبة فلا يغضب الله علينا.
طَلَبْتُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَجُلًا يَبْنِي جِدَارًا وَيَقِفُ فِي الثَّغْرِ أَمَامِي عَنِ الأَرْضِ (طلبت من بينهم رجلا يبني الجدار ويقف في الثغر أمامي عن الأرض) (آية 30) = الجدار المقصود به جدارًا يحمي الشعب من ضربات الله التي ستنهال على الشعب كسيل إن سقط هذا الجدار. والرجل هنا هو من يقوم بدور المصلح الذي يصارح الشعب بأن خطيتهم ستكون السبب في هذه الضربات إن لم يتوبوا. والثغر = المقصود به أنه كان هناك جدار يمنع الضربات (وتُشَبَّه الضربات هنا بطوفان كان الجدار يمنعه) وحدث بهذا الجدار تشقق بسبب خطاياهم ، مما أدى لوجود ثغرة فيه بدأ يتسرب منها مياه الطوفان، وهذا سيؤدي إلى إتساع الثغرة ومن ثم إلى إنهيار الجدار الذي كان يحميهم وهجوم الضربات عليهم كطوفان.
← تفاسير أصحاحات حزقيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير حزقيال 23 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير حزقيال 21 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z3g6q8q