← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32
رأينا في الإصحاح السابق أن الشعب ادعى أنهم لم يفهموا، وقالوا "هذا مَثَل" (أَمَا يُمَثِّلُ هُوَ أَمْثَالً) (حز 20: 49) لذلك تكلم هنا صراحة عن سيف يأتي الله به ضد أورشليم وشعبها وملكها بعد أن رفضوا إنذاراته.
الآيات 1-7:- "وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: «يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ أُورُشَلِيمَ، وَتَكَلَّمْ عَلَى الْمَقَادِسِ، وَتَنَبَّأْ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، وَقُلْ لأَرْضِ إِسْرَائِيلَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكِ، وَأَسْتَلُّ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ فَأَقْطَعُ مِنْكِ الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ. مِنْ حَيْثُ أَنِّي أَقْطَعُ مِنْكِ الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ، فَلِذلِكَ يَخْرُجُ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ عَلَى كُلِّ بَشَرٍ مِنَ الْجَنُوبِ إِلَى الشِّمَالِ. فَيَعْلَمُ كُلُّ بَشَرٍ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، سَلَلْتُ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ. لاَ يَرْجعُ أَيْضًا. أَمَّا أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَتَنَهَّدْ بِانْكِسَارِ الْحَقَوَيْنِ، وَبِمَرَارَةٍ تَنَهَّدْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ. وَيَكُونُ إِذَا قَالُوا لَكَ: عَلَى مَ تَتَنَهَّدُ؟ أَنَّكَ تَقُولُ: عَلَى الْخَبَرِ، لأَنَّهُ جَاءٍ فَيَذُوبُ كُلُّ قَلْبٍ، وَتَرْتَخِي كُلُّ الأَيْدِي، وَتَيْأَسُ كُلُّ رُوحٍ، وَكُلُّ الرُّكَبِ تَصِيرُ كَالْمَاءِ، هَا هِيَ آتِيَةٌ وَتَكُونُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ»."
يشتهي الله أن يسكب بركاته على شعبه إذا قدم توبة. وما كانت كل التهديدات السابقة سوى محاولة لحثهم على التوبة. ولما تقسَّت قلوبهم تكلم النبي بوضوح بالتهديد نحو أورشليم = وَجِّه وجهك نحو أورشليم (اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ أُورُشَلِيمَ) وأيضًا الهيكل = وتكلم عن المقادس = لاحظ أنها كانت مقدسة ولكنهم نجسوها فاستحقت الحريق. بل ما أفظع ما قيل = ها أنا عليك وأستل سيفي فليس المهاجم إذن نبوخذ نصر بل هو أداة أو سيف في يد الله. وهكذا نحن حين يريد الله أن يؤدبنا، فقد يسمح بأحد الأشرار أن يؤذينا. والعكس إن كانت طرقنا ترضي الرب نقول مع داود [إن قام عليَّ جيش ففي هذا أنا مطمئن] (مز 27: 3) لأن الله يحميني. فَـ:أَقْطَعُ مِنْكِ الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ = الشرير سيقطع بالقتل أما الصديق فسيقطع من الأرض بذهابه إلى بابل للسبي، وسبق الله وسمَّى هؤلاء التين الجيد، والله سيرسلهم إلى بابل للخير (ليتنقوا ويتطهروا ثم يعودوا) (أر 24: 5- 7). ولكن في الحالتين سواء قتلوا أو ذهبوا للسبي فإن يهوذا ستخسر الاثنين أما أنت يا ابن آدم فتنهد = الله يظهر لأنبيائه ما سيكون ويصوره لهم فيتفاعلوا معه. وهنا يتركه الله يفعل الشيء الطبيعي أي أن ينوح ويتنهد على ما سيحدث لشعبه. وحينما يسألونه يجيب بما يعلمه فتزداد الصورة وضوحًا. وحين يسمح الله بحزن النبي فهذا يعني قطعًا أن الله نفسه حزين على ما سيحدث. قارن مع بكاء المسيح على أورشليم. وأما الأوصاف الموجودة هنا مثل يذوب كل قلب فهي تظهر بشاعة ما سيحدث.
الآيات 8-17:- "وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: «يَا ابْنَ آدَمَ، تَنَبَّأْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قُلْ: سَيْفٌ سَيْفٌ حُدِّدَ وَصُقِلَ أَيْضًا. قَدْ حُدِّدَ لِيَذْبَحَ ذَبْحًا. قَدْ صُقِلَ لِكَيْ يَبْرُقَ. فَهَلْ نَبْتَهِجُ؟ عَصَا ابْنِي تَزْدَرِي بِكُلِّ عُودٍ. وَقَدْ أَعْطَاهُ لِيُصْقَلَ لِكَيْ يُمْسَكَ بِالْكَفِّ. هذَا السَّيْفُ قَدْ حُدِّدَ وَهُوَ مَصْقُولٌ لِكَيْ يُسَلَّمَ لِيَدِ الْقَاتِلِ. اصْرُخْ وَوَلْوِلْ يَا ابْنَ آدَمَ، لأَنَّهُ يَكُونُ عَلَى شَعْبِي وَعَلَى كُلِّ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ. أَهْوَالٌ بِسَبَبِ السَّيْفِ تَكُونُ عَلَى شَعْبِي. لِذلِكَ اصْفِقْ عَلَى فَخْذِكَ. لأَنَّهُ امْتِحَانٌ. وَمَاذَا إِنْ لَمْ تَكُنْ أَيْضًا الْعَصَا الْمُزْدَرِيَةُ؟ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. فَتَنَبَّأْ أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ وَاصْفِقْ كَفًّا عَلَى كَفّ، وَلْيُعَدِ السَّيْفُ ثَالِثَةً. هُوَ سَيْفُ الْقَتْلَى، سَيْفُ الْقَتْلِ الْعَظِيمِ الْمُحِيقُ بِهِمْ. لِذَوَبَانِ الْقَلْبِ وَتَكْثِيرِ الْمَهَالِكِ، لِذلِكَ جَعَلْتُ عَلَى كُلِّ الأَبْوَابِ سَيْفًا مُتَقَلِّبًا. آهِ! قَدْ جُعِلَ بَرَّاقًا. هُوَ مَصْقُولٌ لِلذَّبْحِ. انْضَمَّ يَمِّنِ، انْتَصِبْ شَمِّلْ، حَيْثُمَا تَوَجَّهَ حَدُّكَ. وَأَنَا أَيْضًا أُصَفِّقُ كَفِّي عَلَى كَفِّي وَأُسَكِّنُ غَضَبِي. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ»."
الكلام هنا واضح جدًا، أن السيف
القادم حُدِدَ وصُقِلَ جيدًا حتى يكون الذبح شديد = والمعنى أن جيش بابل قد استعد وتسلح جيدًا وهو قادر على ضرب أورشليم. ولكن هناك سؤال موجه لهم وهو فهل نبتهج = وهذا السؤال معناه أن القلب البشري يميل أن يقلل من شأن أحكام الدينونة الإلهية ليعطي لنفسه اطمئنانًا كاذبًا، لذلك فالله يكرر الكلام هنا حتى يثوب الناس إلى رشدهم(1) بدلًا في الانغماس في خطاياهم وهم في أحساس الأمان الكاذب هذا. وما زال كثيرون للآن يفعلون نفس الشيء، بل يقولوا لن يكون هناك نهاية للأرض ولا مجيء ثان (2بط 3: 4). عصا ابني تزدرى بكل عود = الله ما زال يُسَمِّي إسرائيل ابني، وهو أتى بهذه العصا لتأديب ابنه إسرائيل، وأما العود فهو حكام وملوك يهوذا [القضبان في (حز 19: 11)]. ولكن عصا الله (بابل) تزدرى بهم. بل هذا السيف هو سيف القتل العظيم وسيلحق بهم وراء كل الأبواب التي ظنوا أنهم يحتمون ورائها. وسيضرب هذا السيف يمينًا ويسارًا وفي كل اتجاه. أما (الآية 13) فلقد ترجمت في لغات أخرى هكذا لإنه امتحان. وماذا لو إزدرت العصا بالصولجان، لن يكون هناك صولجان = أي أن العصا وهي جيش بابل هي لمجرد تأديب شعب الله، ولكن الله لن يسمح لها أن تحتقر من فوضها وهو الله (إش 10 : 15)، ولا أن تتحول إلى قوة إبادة، أو تضرب من نفسها. لكن الضربات ستكون في حدود ما يسمح به الله. كما كانت ضربات إبليس في حدود ما يسمح به الله ضد أيوب (أي 1: 12 + 2: 6). إذًا فجيش بابل أو الشيطان ليسوا في حرية مطلقة ضد شعب الله، فهم لا يستطيعوا أن يزدروا بسلطان الله (يو 19: 11). والله سبق وشرح هذا في (أش 10: 15). إذا تصورت العصا المؤدبة أن لها سلطان من نفسها أن تفعل فتبدأ في الانتفاخ على الله (أش 36: 18) هنا يوقفها الله عند حدها. أنه امتحان = ما يصنعه الله ليس أكثر من امتحان، أي تنقية شعبه وليس أنه رفض شعبه تمامًا. لذلك هو يضع رُبُطًا كثيرة على هذه العصا حتى لا تخرج عما حدده لها الله، أو تخرج عن خطة الله.
الآيات 18-24:- "وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: «وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، عَيِّنْ لِنَفْسِكَ طَرِيقَيْنِ لِمَجِيءِ سَيْفِ مَلِكِ بَابِلَ. مِنْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ تَخْرُجُ الاثْنَتَانِ. وَاصْنَعْ صُوَّةً، عَلَى رَأْسِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ اصْنَعْهَا. عَيِّنْ طَرِيقًا لِيَأْتِيَ السَّيْفُ عَلَى رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ، وَعَلَى يَهُوذَا فِي أُورُشَلِيمَ الْمَنِيعَةِ. لأَنَّ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ وَقَفَ عَلَى أُمِّ الطَّرِيقِ، عَلَى رَأْسِ الطَّرِيقَيْنِ لِيَعْرِفَ عِرَافَةً. صَقَلَ السِّهَامَ، سَأَلَ بِالتَّرَافِيمِ، نَظَرَ إِلَى الْكَبِدِ. عَنْ يَمِينِهِ كَانَتِ الْعِرَافَةُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِوَضْعِ الْمَجَانِقِ، لِفَتْحِ الْفَمِ فِي الْقَتْلِ، وَلِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالْهُتَافِ، لِوَضْعِ الْمَجَانِقِ عَلَى الأَبْوَابِ، لإِقَامَةِ مِتْرَسَةٍ لِبِنَاءِ بُرْجٍ. وَتَكُونُ لَهُمْ مِثْلَ عِرَافَةٍ كَاذِبَةٍ فِي عُيُونِهِمِ الْحَالِفِينَ لَهُمْ حَلْفًا. لكِنَّهُ يَذْكُرُ الإِثْمَ حَتَّى يُؤْخَذُوا. لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ ذَكَّرْتُمْ بِإِثْمِكُمْ عِنْدَ انْكِشَافِ مَعَاصِيكُمْ لإِظْهَارِ خَطَايَاكُمْ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ، فَمِنْ تَذْكِيرِكُمْ تُؤْخَذُونَ بِالْيَدِ."
يبدو أن ملك بابل قد جاء إلى ملتقى طرق وكان أمامه أن يهاجم إما بني عمون أو أورشليم، وليحدد أيهما يبدأ بها، ألقى قرعة بالطريقة الوثنية وكان على النبي أن يمثل ما يحدث تمثيلًا، فعليه أن يصنع صوة = علامة ثم يرسم منها طريقين، أحدهما يتجه لأورشليم والآخر إلى بني عمون، ويعمل ذلك أمام الشعب ليشرح لهم ما سيحدث لملك بابل وأنه سيختار بالقرعة أن يبدأ بأورشليم.
صَقَلَ السِّهَامَ.. التَّرَافِيمِ.. الْكَبِدِ = هذه العادات الوثنية في القرعة تعني:-
صقل السهام = كانوا يكتبون اسم أورشليم على سهم واسم بني عمون على سهم آخر والذي يسحبه من الجعبة أولًا يهاجمونه أولًا.
الكبد = كان العرافين يعطون ملاحظات على أحشاء الذبيحة، بحسب لون الكبد. ويقولون هل الاختيار يبشر بالفأل الحسن أو الفأل السيئ.
الترافيم = كانت عبارة عن تماثيل آلهة تستشار في المقترحات. والله استخدم كل هذا ليشير على نبوخذ نصر بأن يهاجم أورشليم أولًا. قطعًا الله لا يوافق على هذه العادات الوثنية لكنه يكلم كل واحد بحسب ما يفهمه (كما كلم المجوس بالنجم). والله يكلمهم بطريقتهم حتى ينفذوا خطة الله في تأديب شعبه. وما صنعه النبي أمامهم تم فعلًا فلقد بدأ نبوخذ نصر بأورشليم أولًا ثم هاجم بني عمون بعد ذلك بحوالي خمس سنوات. وهنا يسمي أورشليم المنيعة = فهم كانوا يتصورون هذا. لكن هذا الشعب إذ سمع نبوات حزقيال اعتبروها عرافة كاذبة وربما كانوا يقصدون أن العرافة التي سيلجأ لها نبوخذ نصر هي عرافة كاذبة، ولكن سواء هذا أو ذاك فهم رفضوا تصديق النبي بأن ملك بابل سيبدأ بأورشليم. وما شجعهم على رفض فكرة خراب أورشليم تصورهم أن مصر التي عقدوا معها حلفًا ومعاهدات سوف تحمي أورشليم = الحالفين لهم حلفًا. أو يكون المعنى أنهم حلفوا حلفًا لملك بابل فلماذا يهاجمهم. هنا خطاياهم قادتهم للعمى، فلم يعودوا يعرفوا أين الصالح لهم. وكان القصد من كل ما يفعله النبي أن يقدموا توبة، ولكنهم مع كل هذه الأنذارات لم يفعلوا. وبذلك استدعوا لذهن الله خطاياهم السابقة = لكِنَّهُ يَذْكُرُ الإِثْمَ حَتَّى يُؤْخَذُوا، وفي جميع أعمالكم تنكشف معاصيكم (مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ ذَكَّرْتُمْ بِإِثْمِكُمْ عِنْدَ انْكِشَافِ مَعَاصِيكُمْ) = ففي كل تصرفاتهم تكون خطاياهم شاهد عليهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وأيضًا ذَكَّرت الله بخطايا آبائهم وحيث لا توبة فسيؤخذون باليد (تُؤْخَذُونَ بِالْيَدِ) أي سيأتي المخرب وستقعون في يده ولن يمكنكم الهرب. ولنلاحظ أن احتقارهم للتحذيرات الإلهية كانت خطية جعلت الله يذكر لهم باقي خطاياهم.
الآيات 25-27:- "«وَأَنْتَ أَيُّهَا النَّجِسُ الشِّرِّيرُ، رَئِيسُ إِسْرَائِيلَ، الَّذِي قَدْ جَاءَ يَوْمُهُ فِي زَمَانِ إِثْمِ النِّهَايَةِ، هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: انْزِعِ الْعَمَامَةَ. ارْفَعِ التَّاجَ. هذِهِ لاَ تِلْكَ. ارْفَعِ الْوَضِيعَ، وَضَعِ الرَّفِيعَ. مُنْقَلِبًا، مُنْقَلِبًا، مُنْقَلِبًا أَجْعَلُهُ! هذَا أَيْضًا لاَ يَكُونُ حَتَّى يَأْتِيَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ فَأُعْطِيَهُ إِيَّاهُ."
الرئيس هنا هو صدقيا والله يصفه بأنه نجس وشرير (النَّجِسُ الشِّرِّيرُ) = فهو دنس كل شيء طاهر وشجع الخطية فهو أخطأ وجعل شعبه يخطئ. الذي قد جاء يومه في زمان إثم النهاية = أي أن إثمه كان لا بُد ويكون له نهاية حين يمتلئ مكياله. وأخيرًا امتلأ وجاء يومه يوم عقاب الله، والعقاب هو أنه سيخسر تاجه = وَانْزِعِ الْعَمَامَةَ. أما مَنْ ترضي الله أعماله هنا فسيلبس إكليلًا هناك. هذِهِ لاَ تِلْكَ = في ترجمة أخرى هذه لن تكون "أي لن يستمر ملكه أو تاجه. وسيأتي ملك بابل ويصنع هذا وسيقلب كل شيء رأسًا على عقب. فيرفع الوضيع ويضع الرفيع (ارْفَعِ الْوَضِيعَ، وَضَعِ الرَّفِيعَ) = فهو أسقط الملك وعين واحدًا من الشعب رئيسًا. وهذا الملك الشرير يصدر الحكم ضده ثلاثيًا منقلبًا منقلبًا منقلبًا = فالحكم النهائي صدر ضد عائلة داود. وبسقوط صدقيا لم تقم لعائلة داود قائمة ثانية حتى جاء المسيح الذي من نسل داود ليحكم حتى يأتي الذي له الحكم فأعطيه إياه. فيثبت عرش داود أبديًا في المسيح.
هذه الآيات حقيقة ليست موجهة بالدرجة الأولى إلى صدقيا الملك، بل هي موجهة إلى الشيطان الذي أطلق الوحي عليه هنا النجس الشرير. وحينما يقول عنه رئيس إسرائيل (آية 25) فهذا يعني أنه هو المسئول الأول عن قيادة شعب إسرائيل في طريقهم الشرير. وهكذا قيل عن الشيطان [رَئِيسَ فَارِسَ.. وَرَئِيسُ الْيُونَانِ] (دا10: 20). وبهذا نفهم قول الكتاب منقلبا منقلبا منقلبا. أجعله = أنه موجه للشيطان الذي أنزله الله وجعله تحت الأقدام (لو10: 19)، وحرر المسيح الإنسان من عبوديته للشيطان ففقد الشيطان سلطانه على البشر = إنزع العمامة. إرفع التاج .... لكن هذا لمن يؤمن بالمسيح ولمن يريد من البشر إن ظلوا ثابتين في المسيح. وكما قالت أمنا السيدة العذراء مريم في تسبحتها " أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين " (لو1: 52) = أرفع الوضيع وضع الرفيع . فالشيطان سقط ورفع الله الإنسان وجعله ابنًا لله. وهذا يتضح من قول الكتاب هذا أيضًا لا يكون حتى يأتي الذي له الحكم فأعطيه إياه . وفعلًا لم يسقط الشيطان إلا حينما جاء المسيح الذي له الحكم، أما صدقيا فقد إنقلب وذهب عنه ملكه بعد النبوة بشهور أو أيام. لذلك نفهم أن الوحي هنا يتخذ صدقيا الملك كرمز للشيطان كما عمل هذا من قبل مع ملك بابل (إش14) ومع ملك صور (حز28)، فنجد أن الوحي يبدأ الكلام عن هؤلاء الملوك ثم ينتقل ليتكلم مباشرة عن الشيطان.
الذي قد جاء يومه في زمان إثم النهاية = جاء يوم سقوط الشيطان حينما إرتكب اليهود إثم صلب المسيح وبهذا الإثم إنتهت علاقة الله بهم كشعب خاص له.
الآيات 28-32:- "«وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَتَنَبَّأْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فِي بَنِي عَمُّونَ وَفِي تَعْيِيرِهِمْ، فَقُلْ: سَيْفٌ، سَيْفٌ مَسْلُولٌ لِلذَّبْحِ! مَصْقُولٌ لِلْغَايَةِ لِلْبَرِيقِ. إِذْ يَرَوْنَ لَكَ بَاطِلًا، إِذْ يَعْرِفُونَ لَكَ كَذِبًا، لِيَجْعَلُوكَ عَلَى أَعْنَاقِ الْقَتْلَى الأَشْرَارِ الَّذِينَ جَاءَ يَوْمُهُمْ فِي زَمَانِ إِثْمِ النِّهَايَةِ. فَهَلْ أُعِيدُهُ إِلَى غِمْدِهِ؟ أَلاَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي خُلِقْتِ فِيهِ فِي مَوْلِدِكِ أُحَاكِمُكِ! وَأَسْكُبُ عَلَيْكِ غَضَبِي، وَأَنْفُخُ عَلَيْكِ بِنَارِ غَيْظِي، وَأُسَلِّمُكِ لِيَدِ رِجَال مُتَحَرِّقِينَ مَاهِرِينَ لِلإِهْلاَكِ. تَكُونِينَ أُكْلَةً لِلنَّارِ. دَمُكِ يَكُونُ فِي وَسْطِ الأَرْضِ. لاَ تُذْكَرِينَ، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ»."
سبق وقلنا أن نبوخذ نصر فضل أن يبدأ بأورشليم قبل بني عمون،
فلما
فعل هذا، عَيَّر بني عمون شعب إسرائيل بخرابهم شاعرين كأنهم هم الذين انتصروا على
أورشليم. وهنا يعلن لهم النبي أن تأجيل الحكم ليس معناه العفو وأن الدور
آتي عليهم. وآية (29) تشير أنه كان بينهم هم أيضًا أنبياء كذبة يخدعونهم
بسلام زائف دائم. وهؤلاء الأنبياء الكذبة جعلوهم يزدادون في كبريائهم حتى
أنهم قاموا على أعناق القتلى (لِيَجْعَلُوكَ عَلَى أَعْنَاقِ الْقَتْلَى) من يهوذا. لاحظ أن التعيير
الذي يقع على الكنيسة من هؤلاء الذين لهم إحساس مؤقت بالانتصار عليها،
هؤلاء تنقلب الآية ضدهم. فالله يستاء من الإهانات الموجهة لشعبه. فتكون
أكلة للنار
(تَكُونِينَ أُكْلَةً لِلنَّارِ)
= فالأشرار يجعلون أنفسهم وقودًا لنار غضب الله. وهم سيخربون في أرضهم التي
يشعرون فيها بالاطمئنان وذلك بواسطة سيف بابل.
_____
(1) توضيح من الموقع: يثوب = يرجع.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
← تفاسير أصحاحات حزقيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير حزقيال 22 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير حزقيال 20 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/w8xbw57