← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18
الآيات 1-9:- "وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ، فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ قَائِلًا: «يَا ابْنَ آدَمَ، قُلْ لِفِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَجُمْهُورِهِ: مَنْ أَشْبَهْتَ فِي عَظَمَتِكَ؟ هُوَذَا أَعْلَى الأَرْزِ فِي لُبْنَانَ جَمِيلُ الأَغْصَانِ وَأَغْبَى الظِّلِّ، وَقَامَتُهُ طَوِيلَةٌ، وَكَانَ فَرْعُهُ بَيْنَ الْغُيُومِ. قَدْ عَظَّمَتْهُ الْمِيَاهُ، وَرَفَعَهُ الْغَمْرُ. أَنْهَارُهُ جَرَتْ مِنْ حَوْلِ مَغْرِسِهِ، وَأَرْسَلَتْ جَدَاوِلَهَا إِلَى كُلِّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ. فَلِذلِكَ ارْتَفَعَتْ قَامَتُهُ عَلَى جَمِيعِ أَشْجَارِ الْحَقْلِ، وَكَثُرَتْ أَغْصَانُهُ، وَطَالَتْ فُرُوعُهُ لِكَثْرَةِ الْمِيَاهِ إِذْ نَبَتَ. وَعَشَّشَتْ فِي أَغْصَانِهِ كُلُّ طُيُورِ السَّمَاءِ، وَتَحْتَ فُرُوعِهِ وَلَدَتْ كُلُّ حَيَوَانِ الْبَرِّ، وَسَكَنَ تَحْتَ ظِلِّهِ كُلُّ الأُمَمِ الْعَظِيمَةِ. فَكَانَ جَمِيلًا فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ، لأَنَّ أَصْلَهُ كَانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللهِ لَمْ يَفُقْهُ، السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ، وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. جَعَلْتُهُ جَمِيلًا بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ، حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللهِ."
هوذا أعلى الأرز = مترجمه في (الكتاب المقدس بشواهد) ترجمة أخرى = "هوذا أشور كان أرزًا". والمقصود إذًا بهذه الأرزة العالية، ملك أشور وذلك لعلو مكانته وسط الملوك. وهذه الترجمة هي نفسها المنصوص عليها في السبعينية. والدرس الذي يعطيه الله هنا لفرعون أنه كما هلك ملك أشور لكبريائه وسقط، هكذا سيسقط فرعون إن لم يتب عن كبريائه. وكان ملك أشور يفرض سلطانه وحمايته على كل المنطقة. ولقد شبه المثل هنا إمبراطورية أشور بلبنان المملوء أشجارًا، والأشجار هنا هي الملوك الخاضعين لملك أشور وكان ملك أشور يسمي نفسه ملك الملوك، وكذلك ملك بابل يسمي نفسه هكذا (أش 10: 8 + حز 26: 7 + دا 2: 37) (الأول عن ملك أشور)، ولأن ملك أشور كان فوق كل الملوك، أسماه هنا أعلى الأرز. فالأرز يشير للملوك (حز 17: 3) وكل الأرز أي الملوك حوله لم تفقه، بل كانوا بجانبه كأنهم أشجار سرو ودلب وهي أشجار قصيرة بالنسبة للأرز (آية 8). بل كان في علوه كأن فرعه بين الغيوم وفرض حمايته على مَن حوله = أَغْبَى الظِّلِّ. وكانت خيرات مملكته وفيرة = قد عظمته المياه. فالأنهار تشير للخيرات الزمنية. وَعَشَّشَتْ فِي أَغْصَانِهِ كُلُّ طُيُورِ السَّمَاءِ = أي أن كل الملوك حوله إحتموا به، فكان كأنه يظللهم. وكثرت أغصانه = إشارة لامتداد إمبراطورية أشور. وحسده كل من حوله = حتى حسدته كل أشجار عدن التي في جنة الله = التشبيه يشير لفرعون، بأن ملك أشور وهو أعظم منه قد هلك، فليحذر هو، فهذا مصير كل متكبر. ولكن هذه الآية الأخيرة والتي تكلمت عن جنة عدن، جنة الله، ربما تشير لأشور كما قلنا وذلك لأن مملكة أشور جغرافيًا تحتل مكان جنة عدن. ولكن هذه الآيات السابقة تشير لأبعد من ملك أشور، فالذي خلق في الجنة هو آدم ولكبريائه سقط . إذًا فهذه المرثاة هي على الإنسان الذي سقط، وحزن الله عليه. فكما حدثنا إصحاح 28 عن سقوط إبليس، وإصحاح 30 عن كسر ذراع إبليس يحدثنا هذا الإصحاح عن سقوط آدم. والله أقام الإنسان كأجمل ما يمكن = جميل الأغصان فهو خلقه على صورته، وكان آدم على صورة الله في المحبة، فالله محبة وأفاض آدم من محبته على الخليقة حوله، فمن يحب الله يحب كل الخليقة حتى أعداءه وكان آدم يحب الله، فالله محبة ولذاته في بني آدم (أم 8: 31). وشعرت الحيوانات بمحبته وسلطته فإحتمت به = عششت في أغصانه كل طيور السماء، وكان سلطانه على كل الخليقة = أغبى الظل. وكان مخلوقًا ينتمي للسماء مترفعًا عن الأرضيات = قامته طويلة ولاحظ أن جمال آدم وحواء يوم خُلِقا كان لأنهما كانا ينظران الله وجهًا لوجه. فموسى حين رأى جزء بسيط من مجد الله لمع وجهه (خر 20:33-23 + خر 29:34)، مع أن موسى لم يرى وجه الله، أما آدم قبل الخطية ما كان شيء يمنعه من أن يرى وجه الله، فكم كان نور وجهه والمجد الذي كان عليه، وكم كان جماله. هذه المرثاة هنا هي على ما فقده آدم من جمال ومجد قامته طويلة = كالأرز أعلى الأشجار وأطولها عمرًا أيضًا، إشارة لأن آدم خلق ليكون مخلوقًا سماويًا (أعلى الأشجار) ويحيا للأبد (أطول الأشجار عمرًا). وهذه من صفات الله، ألم يكن آدم مخلوقًا على صورة الله. لأَنَّ أَصْلَهُ كَانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ = المياه تشير لنعمة الله التي يفيض بها على آدم وبني آدم. وكانت أكبر نعمة أعطاها الله للإنسان ولا يقاس بجانبها أي شيء آخر هي أن يسكن الروح القدس في الإنسان. فالمياه رمز للروح القدس. ولكن الإنسان بعد سقوطه حرم من سكنى الروح فيه بسبب خطاياه (تك 6: 3) ولكن بعد المسيح عاد الروح القدس ليسكن عند المؤمنين. ومن جمال آدم والنعم التي حصل عليها حسدته الشياطين = حسدته كل أشجار عدن: ألم يكن الشيطان في جنة عدن (حز28: 13).
فرعه بين الغيوم =
يشير للحياة السماوية التي كان آدم يحياها، وفي مجد.
الآيات 10-13:- "«لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ ارْتَفَعَتْ قَامَتُكَ، وَقَدْ جَعَلَ فَرْعَهُ بَيْنَ الْغُيُومِ، وَارْتَفَعَ قَلْبُهُ بِعُلُوِّهِ، أَسْلَمْتُهُ إِلَى يَدِ قَوِيِّ الأُمَمِ، فَيَفْعَلُ بِهِ فِعْلًا. لِشَرِّهِ طَرَدْتُهُ. وَيَسْتَأْصِلُهُ الْغُرَبَاءُ عُتَاةُ الأُمَمِ، وَيَتْرُكُونَهُ، فَتَتَسَاقَطُ قُضْبَانُهُ عَلَى الْجِبَالِ وَفِي جَمِيعِ الأَوْدِيَةِ، وَتَنْكَسِرُ قُضْبَانُهُ عِنْدَ كُلِّ أَنْهَارِ الأَرْضِ، وَيَنْزِلُ عَنْ ظِلِّهِ كُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ، وَيَتْرُكُونَهُ. عَلَى هَشِيمِهِ تَسْتَقِرُّ جَمِيعُ طُيُورِ السَّمَاءِ، وَجَمِيعُ حَيَوَانِ الْبَرِّ تَكُونُ عَلَى قُضْبَانِهِ."
كان الله يشتهي أن يراه عاليًا جميلًا، أعلى من الغيوم، ولكنه بكبريائه سقط حين ارتفع قلبه بعلوه. قارن مع (الآية 3) في نفس الإصحاح تجد أن الله هو الذي خلقه وَفَرْعَهُ بَيْنَ الْغُيُومِ = فهذه إرادة الله أن نكون في منتهى العلو. إذن أين الخطية؟ هي داخل القلب.. هي أن ننسب جمالنا وقوتنا لأنفسنا وليس لله. خذ مثال لذلك:- ملك عظيم تزوج فتاة من فقراء الشعب وتوجها كملكة فسجد لها عظماء المملكة... ما هو المنتظر منها؟ من المؤكد أن الملك كان ينتظر منها أن تشعر في داخلها أنها عظيمة به، وأن عظمتها ليست راجعة إلى نفسها، فإن قالت للملك "أنا عظمتي من نفسي.. ليس مثلي فهي تحزن قلب الملك الذي يحبها إذ فصلت نفسها عنه كسر جمالها وعظمتها ومجدها. وهذا ما حدث بين الله وآدم حين قال له الله: [لا تأكل من هذه الشجرة التي أكل منها الشيطان قبلك فسقط وهلك(1). فإن أكلت يا آدم ووقعت في نفس الغواية وانفصلت عني بأن تنسب قوتك وجمالك لنفسك لا لله، تموت، فكل ما أنت فيه من نعمة سببها هو الله، والانفصال عن الله الحي يعني الموت]. وحتى الآن فنحن نقع في هذه الغواية، ونفضل أن نتكلم عن أنفسنا ونجاحاتنا وذكائنا ولا ننسب هذا لله، ولذلك يقول يعقوب "لاَ تَضِلُّوا.. كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ.. هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ" (يع 1: 16، 17). ويقول بولس الرسول وإن كنت قد أخذت فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ (1كو 4: 7). ومن يعطيه الله موهبة فيفتخر بها ويظن في نفسه شيئًا، فهو يبدأ طريق السقوط والانفصال عن الله كما سقط آدم من قبل، لذلك يحذر بولس الرسول قائلًا "إذًا من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط" (1كو 10 :12).
وكانت نتيجة كبرياء أشور أن ملك أشور سقط أمام ملك بابل = أسلمته إلى يد قوي الأمم فيفعل به فعلًا = أي يذله. وهذا ما حدث للإنسان فالله أسلمه ليد قوي الأمم أي الشيطان فاستعبده (رو 8: 20). لشره طردته = طرد ملك أشور من ملكه وطرد الإنسان من الجنة. ويستأصله الغرباء عتاة الأمم = البابليون لأشور، والشياطين لآدم، ولاحظ أن بابل رمز واضح في الكتاب المقدس للشيطان. هذا يحدث حين تتخلى نعمة الله عن الإنسان، وسيفقد الإنسان الصورة الجميلة التي خلقه الله عليها، وسيفقد طبيعته المحبة التي جعلت الحيوانات تتآوى تحته = وَتَتَسَاقَطُ قُضْبَانُهُ = أي تسقط فروعه على الجبال وفي جميع الأودية = أنظر كم كان الإنسان عاليًا، فحين بدأت فروعه تتساقط، تساقطت أولًا على الجبال العالية، ثم كانت النتيجة الطبيعية... استمرار الانحدار، فسقطت فروعه في جميع الأودية. وتنكسر قضبانه عند كل أنهار الأرض = أنهار الأرض غير أنهار الله هذه التي تفرح مدينة الله والتي تشير لعمل الروح القدس (مز 46: 4). أما أنهار الأرض فهي تشير إلى لذات الأرض التي سينجذب إليها الإنسان بعد سقوطه فيزداد انكسارًا لازدياد ابتعاده عن الله. والنتيجة الطبيعية أن يتركه كل من كان يحتمي به من شعوب الأرض بالنسبة لملك أشور = ينزل عن ظله أي أن ملك أشور فقد سلطانه على كل الملوك الذي كان هو أعلى منهم. وبالنسبة لآدم فقد سلطانه على كل الحيوانات والطيور الذي سلطه الله عليها يوم خلقه (مز 8: 5-8). بل عَلَى هَشِيمِهِ تَسْتَقِرُّ جَمِيعُ طُيُورِ السَّمَاءِ = فجثث جيش أشور تركت للطيور وجميع حيوان البر تكون على قضبانه = أي ذل وصل إليه الإنسان بعد سقوطه.
آية 14:- "لِكَيْلاَ تَرْتَفِعَ شَجَرَةٌ مَّا وَهِيَ عَلَى الْمِيَاهِ لِقَامَتِهَا، وَلاَ تَجْعَلُ فَرْعَهَا بَيْنَ الْغُيُومِ، وَلاَ تَقُومُ بَلُّوطَاتُهَا فِي ارْتِفَاعِهَا كُلُّ شَارِبَةٍ مَاءً، لأَنَّهَا قَدْ أُسْلِمَتْ جَمِيعًا إِلَى الْمَوْتِ، إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى، فِي وَسْطِ بَنِي آدَمَ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ."
معناها أن الموت صار علاجًا، الموت كان نتيجة للخطية، ولكن الله سمح بهذا (حتى بعد قيامة المسيح وانتصاره على الموت) حتى لا ينتفخ أي إنسان حصل على نعمة الله = أي شَجَرَةٌ.. شَارِبَةٍ مَاءً. فبدون الموت سينتفخ الإنسان ويضع رأسه بين الغيوم (فَرْعَهَا بَيْنَ الْغُيُومِ)، فيهلك أبديًا. الله سلم الإنسان للموت، ليذكر دائمًا نهايته فلا يرتفع ولا ينتفخ = قَدْ أُسْلِمَتْ جَمِيعًا إِلَى الْمَوْتِ، إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى.. وَسْطِ بَنِي آدَمَ = إذًا الأشجار كانت كناية عن بني آدم.
آية 15:- "هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي يَوْمِ نُزُولِهِ إِلَى الْهَاوِيَةِ أَقَمْتُ نَوْحًا. كَسَوْتُ عَلَيْهِ الْغَمْرَ، وَمَنَعْتُ أَنْهَارَهُ، وَفَنِيَتِ الْمِيَاهُ الْكَثِيرَةُ، وَأَحْزَنْتُ لُبْنَانَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ ذَبُلَتْ عَلَيْهِ."
في يوم نزوله للهاوية = ليس المقصود هنا بالهاوية جهنم، ولكن حكم الموت الذي صدر ضد الإنسان. ويا لمحبة الله الذي أقام نوحًا (أَقَمْتُ نَوْحًا) = فقلب الله حَزِن على الإنسان حين مات، لذلك بكى يسوع على قبر لعازر كأنه يود أن يقول لنا "هذه لم تكن إرادتي يا إنسان، بل أنت اخترت هذا الطريق لنفسك" والنتيجة الطبيعية لما وصل إليه الإنسان هي فقدانه لنعمة الروح القدس = فنيت المياه الكثيرة = فخسر ثمار الروح أي الفرح = أحزنت لبنان عليه = أي باقي الشجر وكسوت عليه الغمر = كأن الكل يلبس سوادًا. لقد كان اسم الجنة.. عَدْن עֵדֶן وهي كلمة عبرية بمعنى بهجة، ولكن بعد أن "اختطفت لي قضية الموت" (القداس الغريغوري) ودخل الموت إلى العالم، فقد العالم الفرح الحقيقي، وحزن الله على ما آل إليه حال الإنسان. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولنتأمل في محبة الله الذي يحزن على حال البشر [فَفِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ] (أش 63: 9) هذه الحالة للطبيعة وللعالم المشبهة هنا هكذا أَحْزَنْتُ لُبْنَانَ عَلَيْهِ.. كَسَوْتُ عَلَيْهِ الْغَمْرَ.. كُلُّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ ذَبُلَتْ = هي الحالة التي صارت عليها الأرض بعد أن لعنها الله بسبب الخطية (تك 3: 17). ولكن هذه الحالة ستنتهي إذ ستعتق الخليقة من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله (رو 8: 21).
آية 16:- "مِنْ صَوْتِ سُقُوطِهِ أَرْجَفْتُ الأُمَمَ عِنْدَ إِنْزَالِي إِيَّاهُ إِلَى الْهَاوِيَةِ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ، فَتَتَعَزَّى فِي الأَرْضِ السُّفْلَى كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ، مُخْتَارُ لُبْنَانَ وَخِيَارُهُ كُلُّ شَارِبَةٍ مَاءً."
أرجفت الأمم = حين يسقط ملك جبار متعظم مثل ملك أشور يرتجف كل واحد، فإن سقط هذا فالدور القادم عليَّ أنا الأضعف منه. ونلاحظ هنا صورة أخرى معاكسة في الهاوية أي مكان انتظار الأموات حين يدخل هذا العظيم المتكبر يتعزى الباقين. فهذه الأرزة العالية أصبحت مثلهم. فجنود ملك أشور الذين سبق وماتوا في المعارك سيجدون أن مصير هذا العظيم مثلهم، وأن الله لم يظلمهم ولم يحابي هذا العظيم لمكانته بل الكل واحد.
آية 17:- "هُمْ أَيْضًا نَزَلُوا إِلَى الْهَاوِيَةِ مَعَهُ، إِلَى الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ، وَزَرْعُهُ السَّاكِنُونَ تَحْتَ ظِلِّهِ فِي وَسْطِ الأُمَمِ."
كل جنوده وعظمائه، كل مَن إحتمى به من الصغار، فالموت هو حادثة واحدة تقع لكليهما (جا 3: 19) أي العظيم والحقير، بل حتى للحيوانات.
آية 18:- "مَنْ أَشْبَهْتَ فِي الْمَجْدِ وَالْعَظَمَةِ هكَذَا بَيْنَ أَشْجَارِ عَدْنٍ؟ سَتُحْدَرُ مَعَ أَشْجَارِ عَدْنٍ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى، وَتَضْطَجعُ بَيْنَ الْغُلْفِ مَعَ الْمَقْتُولِينَ بِالسَّيْفِ. هذَا فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ»."
هنا الكلام موجه لفرعون من أشبهت في المجد = أي حتى لو كنت مثل ملك أشور في مجده ستحدر معه (سَتُحْدَرُ مَعَ أَشْجَارِ عَدْنٍ) = أي تموت مثله في عار = تضجع بين الغلف = هذا عار عند المصريين الذين يهتمون بالختان، وَالْمَقْتُولِينَ بِالسَّيْفِ = بلا دفن، وهذا عار أيضًا عند المصريين الذين يهتمون ببناء المقابر والأهرامات للدفن ومعنى هذه وتلك أنه سيصير في أدنى الدرجات في العالم السفلي.
والآيات من 16-18:- موجهة لكل إنسان متكبر، ليذكر النهاية فيتضع،
لأن نهاية المتكبر هي عار. ويصبح معنى أرجفت الأمم = أن الله يسمح
بميتات صعبة لبعض العظماء والمشاهير حتى نرتجف جميعًا ونتضع فنجد خلاصًا
لنفوسنا.
_____
(1) توضيح من الموقع: المقصود بأكل الشيطان من
الشجرة أنه سقط في العصيان والتعدي، وليس أكل فعلي من الشجرة، فالشيطان أصله
ملاك (روح) بلا جسد. فهذا تأمل رمزي بأن خطية أسقطت آدم، وخطية أسقطت
الشيطان.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
← تفاسير أصحاحات حزقيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير حزقيال 32 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير حزقيال 30 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3n9kp9c