← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21
الإصحاحات من (حز 29) إلى (حز 32) عبارة عن نبوات ضد مصر. ومصر هي مكان العبودية لشعب الله، وكان فرعون يرمز في كبريائه واستعباده لشعب الله، للشيطان الذي استعبد جنس البشر فأذلهم (خر 1: 11)(1). وكما أنقذ الله شعبه من عبودية مصر أنقذ شعبه من عبودية إبليس، بفداء المسيح. وفي هذه الإصحاحات يظهر الله ضعف مصر، وأنه سيعاقبها على كبريائها، حتى يدرك اليهود، شعب الله، في ذلك الوقت بطلان الاتكال على أحد غير الله، لأن اليهود كانوا كثيرًا ينظرون إلى مصر على أنها رجائهم في الحماية سواء من أشور أو غيرها. (أش 31: 1-3). ولاحظ أن فرعون كان ملكًا وإلهًا في آن واحد، وبهذا فهو يرمز للشيطان رئيس هذا الدهر وإلهه. ونجد في هذه الإصحاحات خمس نبوات بخمس تواريخ مختلفة، والمهم أن النبوة الأولى ضد مصر كانت في نفس الوقت الذي جاء فيه ملك مصر لخلاص أورشليم ولكن المصريين لم يحققوا لشعب الله الخلاص الذي إنتظروه منهم. وفي هذه الإصحاحات وغيرها نجد نبوات صعبة ضد مصر مثل "وتكون أرض مصر مقفرة وخربة" (حز 29: 9)... تكون مصر أحقر الممالك (حز 29: 15).. ويأتي على مصر سيف ويكون في كوش خوف شديد (حز 30: 4)... أبيد ثروة مصر (حز 30: 10) وغير هذا كثير. ولقد ادعى البعض أن هذه الآيات وما شابهها هي آيات محرفة، زورها ووضعها اليهود في كتابهم المقدس لكراهيتهم في مصر ولكن لنلاحظ الآتي:-
1- لم يكن اليهود في ذلك الوقت كارهين لمصر، بل كانوا محبين لها، يعتمدون عليها، ويريدون عقد حلف عسكري معها، لتحميهم. (أش 30: 2-4 + أش 31: 1-3). وكانوا جانحين للعودة لحماية المصريين وبالتالي لآلهتهم الوثنية (هو 7: 11؛ 8: 13؛ 11: 5). وكان من شروط المعاهدات أن يقدموا بخورًا وزيتًا أي عبادة لآلهة المصريين (أو غيرهم) الذين يحتمون بهم.
2- الله هنا يظهر لشعب إسرائيل أن مصر مهما كانت قوية، فهي غير قادرة على حماية أحد (حز 29: 6، 7). وذلك ليدفع شعبه لأن يثق فيه ويعتمد عليه، وليس على أحد سواه (أش 20: 1-6؛ 30: 1-7؛ 31: 1-3).
3- الله لا يتعامل فقط مع اليهود، بل هو إله العالم كله، فهو يرسل يونان إلى نينوى الوثنية يدعوها للتوبة، ونجد الله يتعامل مع أيوب وأصدقائه ويكلمهم ويفيض عليهم حكمة ورؤى، وهم ليسوا من شعب إسرائيل، ويعطي الله نبوة واضحة جدًا عن المسيح لبلعام النبي الوثني. لذلك فمن المؤكد أن الله كان يتعامل مع المصريين ويحبهم ويدعوهم لترك العبادة الوثنية وليعرفوا الله.
4- بل أنه لم نسمع أن الله قد بارك شعبًا سوى إسرائيل وأشور ومصر (أش 19: 25). ودعوة الله هي بلا ندامة (رو 11: 29). بل نجد أن سفر الحكمة في المكان الذي يتكلم فيه عن ضربات التأديب ضد مصر، نجده يذكر أن الله يحب كل خليقته وإلا ما كان قد خلقها."لأَنَّكَ تُحِبُّ جَمِيعَ الأَكْوَانِ، وَلاَ تَمْقُتُ شَيْئًا مِمَّا صَنَعْتَ؛ فَإِنَّكَ لَوْ أَبْغَضْتَ شَيْئًا لَمْ تُكَوِّنْهُ" (حك11: 25). ويصبح المفهوم أن هذه الضربات كانت لتعريف الشعب الإسرائيلي بمن هو يهوه الله، وأيضا كانت لتعريف المصريين بمن هو الله وبتفاهة أوثانهم فيؤمن الجميع.
5- إذًا لماذا يهدد الله مصر مع أنه يباركها؟ المشكلة أن في مصر خطية عظيمة هي الكبرياء "قال نهري لي وأنا عملته لنفسي" (حز 29: 3 + حز 31: 10) والله يريد أن يشفي مصر، فلا بركة بدون شفاء من الخطية. وكيف يشفي الله الكبرياء؟ لا طريق سوى إذلال المصريين، ليس كراهية فيهم بل حبًا كبيرًا لهم. فمن يحبه الرب يؤدبه (عب 12: 6). ولاحظ طريقة الشفاء تكون مصرًا أحقر الممالك (حز 29: 15) + أكسر ذراعي فرعون.... فيعلمون إني أنا الرب (حز 30: 24، 25) إذًا الهدف من الضربات هو كسر الكبرياء، وكسر الكبرياء هو بداية طريق الشفاء لمعرفة الرب وبالتالي فهذا طريق الحياة.
6- حتى في أيام الضربات العشر بواسطة موسى نلاحظ حب الله لمصر. فالله حين غضب على أشور أو بابل وصور أو حتى إسرائيل (العشرة أسباط.... وهذه موجهة لمن يتهم الكتاب المقدس بأن اليهود قد حرفوه) حكم الله بإبادة هذه الشعوب (2مل 17: 5، 6، 24؛ أش 21: 1-5؛ أر 51: 54-58؛ حز 27: 26؛ نا 1: 9) وبهذه الأحداث انتهت مملكة إسرائيل إلى الأبد في سبي أشور سنة 722 ق.م. فهل حرف اليهود كتابهم ليشهدوا ضد أنفسهم؟! وعلى العكس مع مصر. نلاحظ الضربات الخفيفة ضد مصر بالمقارنة مع ضربات الإبادة التي وجهت إلى بابل وأشور وصور وإسرائيل فالله ضرب المصريين بتلويث المياه لفترة ثم بالضفادع ثم بالبعوض... ولما اشتدت ضرباته جدًا ضرب الأبكار فقط وترك بقية الشعب، إذًا الله كان يؤدب المصريين فقط ليشفيهم، لا ليبيدهم، وذلك ليتركوا كبريائهم ووثنيتهم (حز 30: 18،13).
7- هدف الشفاء أن تبدأ البركة، وهذه البركة ستأتي حين يأتي المسيح إلى مصر (أش 19: 1 + هو 11: 1 + مت 2: 15). ولقد بارك السيد المسيح أرض مصر كلها، وهذا نلاحظه من رحلته الطويلة في أرض مصر حتى وصل إلى أسيوط. لذلك قيل "مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ" (إش 19: 25). فالبركة كانت بمجيء المسيح إليها، ولم يكن المسيح سيأتي إلا لو شفيت مصر من كبريائها، وهذا هو هدف الضربات، هي ضربات مباركة، هدفها البركة والحب للمصريين وليس تزويرًا في الكتاب المقدس. ولقد لخص أشعياء كل ما قلناه في (أش 19: 22) ويضرب الرب مصر ضاربًا فشافيًا فيرجعون إلى الرب فيستجيب لهم ويشفيهم. فالله لا يسكن سوى عند المنسحقين (إش 57: 15).
8- والله هنا يهدد بأن يذهب المصريين ليتشتتوا بين الأمم، ولكنه يعود ويعدهم بالعودة بعد 40 سنة (حز 29: 10-14). فهي ليست ضربة إفناء ولكنها ضربة تأديب، وهذا لم يعمله الله سوى مع يهوذا (أر 29: 10) فلقد ذهبت يهوذا للسبي مدة سبعين سنة أيضًا ولكنها عادت لمكانها، وهكذا مصر. أما إسرائيل (مملكة العشرة أسباط) فلقد ذهبت إلى السبي في أشور ولم تعد وانتهت من التاريخ كدولة سنة 722 ق.م. فمن الذي يحبه الله أكثر مصر والمصريين أم إسرائيل (الـ10 أسباط) ولاحظ أن الله يؤدب من يحبه، ويكف عن عقاب وتأديب من لا رجاء فيهم (هو 4: 11-14).
الآيات 1-7:- "فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ، فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ الْعَاشِرِ، كَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: «يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ وَعَلَى مِصْرَ كُلِّهَا. تَكَلَّمْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكَ يَا فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ، التِّمْسَاحُ الْكَبِيرُ الرَّابِضُ فِي وَسْطِ أَنْهَارِهِ، الَّذِي قَالَ: نَهْرِي لِي، وَأَنَا عَمِلْتُهُ لِنَفْسِي. فَأَجْعَلُ خَزَائِمَ فِي فَكَّيْكَ وَأُلْزِقُ سَمَكَ أَنْهَارِكَ بِحَرْشَفِكَ، وَأُطْلِعُكَ مِنْ وَسْطِ أَنْهَارِكَ وَكُلُّ سَمَكِ أَنْهَارِكَ مُلْزَقٌ بِحَرْشَفِكَ. وَأَتْرُكُكَ فِي الْبَرِّيَّةِ أَنْتَ وَجَمِيعَ سَمَكِ أَنْهَارِكَ. عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ تَسْقُطُ فَلاَ تُجْمَعُ وَلاَ تُلَمُّ. بَذَلْتُكَ طَعَامًا لِوُحُوشِ الْبَرِّ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ. وَيَعْلَمُ كُلُّ سُكَّانِ مِصْرَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، مِنْ أَجْلِ كَوْنِهِمْ عُكَّازَ قَصَبٍ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. عِنْدَ مَسْكِهِمْ بِكَ بِالْكَفِّ، انْكَسَرْتَ وَمَزَّقْتَ لَهُمْ كُلَّ كَتِفٍ، وَلَمَّا تَوَكَّأُوا عَلَيْكَ انْكَسَرْتَ وَقَلْقَلْتَ كُلَّ مُتُونِهِمْ."
قارن مع (أر 37: 5). حيث نرى أن الكلدانيين فكوا الحصار عن أورشليم لفترة، ذهبوا فيها ليحاربوا جيش فرعون، وملك مصر فرعون يسميه هنا التِّمْسَاحُ الْكَبِيرُ = والتشبيه مناسب فنهر النيل ملئ بالتماسيح. وفرعون هو تمساح كبير بالنسبة لشعبه الذين هم كالسمك، هو مرعب لهم، ولكن من هو بالنسبة لله. وهذا الفرعون كان اسمه حفرع، ويروي عنه هيرودوتس أنه ملك في رخاء عظيم لمدة 25 سنة، وارتفع قلبه بسبب نجاحه، فقال "أن الله نفسه لا يقدر أن ينزعني عن مملكتي" ويبدو أن هذا الملك شدد صدقيا آخر ملوك يهوذا ليثور على ملك بابل، ووعده أنه سيحارب إلى جانبه.
نَهْرِي لِي.. أَنَا عَمِلْتُهُ لِنَفْسِي = هو أقام نفسه إلهًا، ولكل واحد منا ذاته التي يعبدها، فالعقول الجسدانية تسر وتتعالَى بما تملك ناسية أن الملكية لله وحده وما أعطاه لنا، ما هو إلا وكالة استأمننا عليها، فنحن لا نمتلك حتى أنفسنا. وما عقوبة ذلك ها أنا عليك (هأَنَذَا عَلَيْكَ) = أي فوقك ومهما ارتفع إنسان فالله فوقه. وسيحكمه بـ:خَزَائِمَ فِي فَكَّيْكَ = كالعبيد. وكل سمكه اللازق بحرشفه (أُلْزِقُ سَمَكَ أَنْهَارِكَ بِحَرْشَفِكَ) = أي جنوده وقواده، وكل من يعتمد عليه، سيخرجهم الله إلى البرية خارج أنهارهم ليموتوا. وهذا ما حدث لهذا الفرعون فهو خرج ليحارب القيروانيين ليساند ملكهم صديقه الذي كانوا قد طردوه من ملكه، فهزمه القيروانيون، فهربت قوات هذا الفرعون، بل تمردت عليه بلده واستمر مدة في البرية = فلا تجمع ولا تلم = أي يموت في البرية ولن يعتني به أحد كما هي عادة المصريين في بناء مقابر عظيمة لملوكهم واهتمامهم بأجسادهم، فهم يحنطون هذه الأجساد. هذه هي ثمرة الكبرياء، أي عار كان لهذا المتكبر؟ بل جثثهم ستأكلها الطيور وَعُكَّازَ قَصَبٍ = حين يستند عليهم اليهود مزق هذا العكاز أيديهم إذ انكسر وهذا ما حدث، فلقد انكسرت مصر أمام بابل، ثم عاد نبوخذ نصر وحطم أورشليم. ومَثَلْ عكاز القصب هذا سبق وقاله سنحاريب (أش 36: 6) وغالبًا فلقد نقل سنحاريب هذا القول عن أحد أنبياء يهوذا الرافضين التحالف مع مصر، فالله لن يكرر قولًا هنا سبق وقاله سنحاريب.
الآيات 8-16:- "« لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ سَيْفًا، وَأَسْتَأْصِلُ مِنْكَ الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ. وَتَكُونُ أَرْضُ مِصْرَ مُقْفِرَةً وَخَرِبَةً، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، لأَنَّهُ قَالَ: النَّهْرُ لِي وَأَنَا عَمِلْتُهُ. لِذلِكَ هأَنَذَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَنْهَارِكَ، وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خِرَبًا خَرِبَةً مُقْفِرَةً، مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ، إِلَى تُخْمِ كُوشَ. لاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ إِنْسَانٍ، وَلاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ بَهِيمَةٍ، وَلاَ تُسْكَنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ مُقْفِرَةً فِي وَسْطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ، وَمُدُنَهَا فِي وَسْطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ تَكُونُ مُقْفِرَةً أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ، وَأُبَدِّدُهُمْ فِي الأَرَاضِي. لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: عِنْدَ نَهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَجْمَعُ الْمِصْرِيِّينَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَشَتَّتُوا بَيْنَهُمْ، وَأَرُدُّ سَبْيَ مِصْرَ، وَأُرْجِعُهُمْ إِلَى أَرْضِ فَتْرُوسَ، إِلَى أَرْضِ مِيلاَدِهِمْ، وَيَكُونُونَ هُنَاكَ مَمْلَكَةً حَقِيرَةً. تَكُونُ أَحْقَرَ الْمَمَالِكِ فَلاَ تَرْتَفِعُ بَعْدُ عَلَى الأُمَمِ، وَأُقَلِّلُهُمْ لِكَيْلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَى الأُمَمِ. فَلاَ تَكُونُ بَعْدُ مُعْتَمَدًا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ، مُذَكِّرَةَ الإِثْمِ بِانْصِرَافِهِمْ وَرَاءَهُمْ، وَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ»."
الأنهار ترمز للبركات الكثيرة التي يفيض بها الله على البشر. ولقد تعود المصريون على أن الفيضان يأتي بخيراته سنويًا، حتى إفترضوا أن هذه الخيرات ستظل في المستقبل كما هي في الماضي، وهذا يشبه من له مصدر دخل ثابت فيظن أن الله لا دخل له في ذلك، ولن يستطيع حرمانه منه. ولكن لنسمع هأنذا عليك وعلى أنهارك = يسميها أنهار لتعدد روافد نهر النيل (كفرعي الدلتا، وكان هناك فرع يصل إلى رفح). وفي (أش 19) هدد الله بأن النهر ينشف. وبعد أن فك ملك بابل الحصار عن أورشليم فترة (أر 37: 5) ذهب ليضرب ملك مصر، فهجم عل مصر وأخربها تمامًا بعد أن أخربتها حربهم الأهلية ضد بعضهم، بعد الهزيمة أمام القيروانيون، ولقد هرب الشعب نتيجة لهذه الحروب. وهذا ما تنبأ به حزقيال وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خِرَبًا.. وَلاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ إِنْسَانٍ. وهذا ينطبق على كل مكان من مجدل = في شرق سيناء إلى أسوان جنوبًا وإلى تخم كوش = المقصود أرض النوبة. ولكن كما قلنا فالله يحب مصر "مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ" (إش 19: 25)، فالآخرين مثل صور وبابل بل وإسرائيل (العشرة أسباط) خرابهم نهائي، أما مصر فستعود بعد 40 سنة فالله ينظر لإيمان المصريين بالمسيح في المستقبل (إيمان أثناسيوس وكيرلس وديسقورس، وأنطونيوس وبولا.... الكنيسة التي ستكون عمودًا للرب) إذًا فالله يؤدب ليشف ثم يبارك. وأشتت المصريين = أي هروبهم من أمام هول الحرب. ولكن في نهاية الـ40 سنة يجمعهم الله إلى أرض فتروس (عِنْدَ نَهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَجْمَعُ الْمِصْرِيِّينَ.. إِلَى أَرْضِ فَتْرُوسَ) = أي إلى الجنوب. ولكن وَيَكُونُونَ.. مَمْلَكَةً حَقِيرَةً = هذا هو الشفاء فالله يسكن وسط المنسحقين (أش 57: 15) فيباركهم. وحينما يكونون مملكة حقيرة لا يعودون للكبرياء ثانية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ونلاحظ أن إبليس فقد السماء بكبريائه، وهكذا آدم بعد أن كان في الجنة سقط ليعيش حقيرًا في جسد متواضع، استعدادًا ليأتي المسيح ويسكن فيه انتظارًا لذلك اليوم الذي يغير الله فيه صورة جسد تواضعنا إلى صورة جسد مجده ( في 3: 21 ). وفي آية (16) نجد أن بيت إسرائيل أيضًا يُشفَى من اعتماده على ذراع بشر = فلا تكون مصر معتمدًا لبيت إسرائيل. بل مصر في حالة ضعفها ستذكر إسرائيل بخطيتها السابقة، إذ كانوا يعتمدون على مصر دون الله = مذكرة الإثم.
فضربة مصر كانت لشفاء مصر وشفاء إسرائيل.
الآيات 17-21:- "وَكَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ، فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ قَائِلًا: «يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ اسْتَخْدَمَ جَيْشَهُ خِدْمَةً شَدِيدَةً عَلَى صُورَ. كُلُّ رَأْسٍ قَرِعَ، وَكُلُّ كَتِفٍ تَجَرَّدَتْ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ وَلاَ لِجَيْشِهِ أُجْرَةٌ مِنْ صُورَ لأَجْلِ خِدْمَتِهِ الَّتِي خَدَمَ بِهَا عَلَيْهَا. لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَبْذُلُ أَرْضَ مِصْرَ لِنَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، فَيَأْخُذُ ثَرْوَتَهَا، وَيَغْنَمُ غَنِيمَتَهَا، وَيَنْهَبُ نَهْبَهَا فَتَكُونُ أُجْرَةً لِجَيْشِهِ. قَدْ أَعْطَيْتُهُ أَرْضَ مِصْرَ لأَجْلِ شُغْلِهِ الَّذِي خَدَمَ بِهِ، لأَنَّهُمْ عَمِلُوا لأَجْلِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أُنْبِتُ قَرْنًا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. وَأَجْعَلُ لَكَ فَتْحَ الْفَمِ فِي وَسْطِهِمْ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ»."
الله أعطى لنبوخذ نصر أجرته عن حصاره وتعبه مع صور. إذًا فالله هو الذي استأجر ملك بابل ليؤدب هذه الشعوب مثل مصر وصور ويهوذا... إلخ. ولقد حاصر نبوخذ نصر صور 13 سنة، هرب فيها أهل صور بكل ما يملكون إلى الجزيرة، فلما دخل نبوخذ نصر إلى صور لم يجد شيئًا، فكان تعب بابل بلا فائدة، ولكن طالما أن الله استأجره فسيعطيه أجرته، وهي خيرات مصر الكثيرة، ولقد دخلها نبوخذ نصر على أنقاض حربها الأهلية وكانت مصر حينئذ بلا ملك قوي فهو هارب، فأخذها كفريسة سهلة وغنية كأجر له. وكان قد تعب في صور لدرجة أن كل رأس قرع = هذا علامة الحزن، ويبدو أن خسائره كانت كبيرة في صور. وكل كتف تجردت = من حمل الأحمال. ولاحظ أن الله لا يظل مدينًا لأحد، ولكن إذا استخدم الله رجالًا من العالم يعطيهم أجرتهم أشياء زمنية.
أنبت قرنًا لبيت إسرائيل = الله يكسر شوكة مصر مملكة العبودية، التي كانت تستعبد شعب الله، ليعطي لشعبه إسرائيل قوة: 1) يخلصهم ممن استعبدهم؛ 2) يظهر لهم ضعف من اعتمدوا عليه سابقًا؛ 3) فيلجأون لله فيصيروا بالحقيقة أقوياء.
وهذا ما حدث في الصليب إذ اندحرت قوة الشيطان فنبت قرن الكنيسة إسرائيل الله (غل 6: 16) وامتلأت الكنيسة من الروح القدس، فانفتحت أفواه الرسل بالكرازة = أجعل لك فتح الفم = وكرمز لها ينفتح فم النبي، عربونًا لحصول كنيسة المسيح على الروح القدس وانفتاح فمها بالكرازة، بعد اندحار قوة إبليس.
قرنًا لبيت إسرائيل = أعطيتكم سلطانًا
أن تدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو.
هنا مصر في اندحارها كانت رمزًا لكسر شوكة إبليس.
_____
(1) إضافة من الموقع: الشواهد تذكر مدينتين، وها
هي روابط تتحدث عن كل منهم:
فيثوم -
رعمسيس.
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
← تفاسير أصحاحات حزقيال: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير حزقيال 30 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير حزقيال 28 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/x6vqsfh