هناك صفات يشترك فيها الله مع بعض خليقته. وتكون في الله مطلقة وغير محدودة، بينما تكون في المخلوقات نسبية ومحدودة. مثال ذلك:
فالله يتصف بالحكمة، وكثير من البشر يوصفون بأنهم حكماء. ولكن حكمة الله مطلقة وغير محدودة، بينما حكمة البشر محدودة. وهى حكمة نسبية، نسبة لما وهبهم الله من ذكاء، ومن حسن تصرف...
وما نقوله عن الحكمة في هذا المجال، نقوله أيضًا عن القوة والرحمة والجمال والمعرفة، وما شابه ذلك من الصفات...
غير أن هناك صفات خاصة بالله وحده، لا يشاركه فيها أي مخلوق مهما ارتفع... ومن هذه الصفات الذاتية: الأزلية
فالله وحده الأزلي، الذي لا بداية له. ولا يوجد كائن آخر أزلي، لأن كل الكائنات الأخرى لها بداية. وبدايتها هي يوم خُلقت، يوم وُجدت، يوم وُلدت... وقبل ذلك لم يكن أي من تلك المخلوقات موجود.
وهذا الكون كله، بكل ما فيه من قارات وأقطار وبلاد، وما فيه من شموس وأقمار وكواكب... كل هذا الكون مخلوق، وله بداية، ولا شيء فيه يتصف بالأزلية...
لذلك من الخطأ أن نقول مثلًا: علاقتنا بالبلد الفلاني هي علاقة أزلية!! لأنه لا هذا البلد ولا نحن يمكن أن يوصف بالأزلية! المقصود طبعًا إنها علاقة قديمة جدًا. ولكن مهما كانت درجة قدمها، فلها بداية. إذن هي ليست أزلية...
من صفات الله الذاتية أيضًا إنه الخالق.
هو وحده الخالق. وهو وحده قد خلق كل شيء... وعبارة (خلق) تعنى أنه أوجد من العدم، من لا شيء...
أما ما ينسب إلى العقل البشرى من أشياء مبهرة، فهو قد صنعها ولم يخلقها، وقد صنعها من المادة التي خلقها الله، كما أنه صنعها بذكاء جبار اتصف به العقل البشرى. ولكن العقل البشري من خلق الله، وذكاء ذلك العقل من موهبة الله.
الله إذن هو الذي خلق المادة، وخلق العقل والذكاء. والعقل استخدم المادة والذكاء، في مجال التكنولوجيا وغيرها، وصنع كل تلك الصناعات المبهرة. ويبقى الله هو الخالق وحده.
والله لم يخلق فقط المادة وكل ما هو مادي، إنما خلق أيضًا الروح والعقل. وخلق الملائكة وهم أرواح...
خلق الحياة... وكخالق يمكنه أيضًا أن يسحب هذه الروح التي منحها للحياة. لذلك فهو المحيى والمميت. بيده الحياة والموت. وهو الذي خلق الطبيعة، وبإمكانه أن يفنيها...
أيضًا من صفات الله وحده أنه واجب الوجود. ويقول البعض عن هذه الصفة أنه موجود بالضرورة. أي أن الضرورة تحتم وجوده. ذلك أن كل الموجودات تحتم وجود كائن أعلى كلى القدرة هو الذي أوجدها، وكان سبب وجودها. لذلك يصفه بعض الفلاسفة بأنه (العلة الأولى) أي السبب الأصلي لإيجاد جميع الموجودات...
لا يوجد كائن غير الله، يمكن وصفه بأنه واجب الوجود.
أو الضرورة تحتم وجوده. لأنه مادامت كل الكائنات الأخرى مخلوقة ولها بداية، ولم تكن موجودة قبل هذه البداية، إذن فهي ليست موجودة بالضرورة. فما دام قد مرّ وقت قبل خلقها، لم تكن موجودة فيه، إذن وجودها لم يكن ضروريًا...
من صفات الله أيضًا انه غير محدود.
فهو غير محدود في القدرة، أي أنه قادر على كل شيء.
وهو الوحيد القادر على كل شيء، لا يشاركه في هذه الصفة البشر ولا الملائكة. فالملائكة لهم قدرة عظيمة، لكنهم ليسوا قادرين على كل شيء. والبشر مهما عظمت قدرتهم، ليسوا قادرين على كل شيء. يكفى أن الموت قد غلبهم جميع.
ومن مظاهر قدرة الله على كل شيء، صنعه المعجزات...
الله أيضًا غير محدود من جهة المكان. فهو موجود في كل مكان، ولا يسعه مكان.
هو دائم الحضور في كل موضع. وهذه صفة خاصة به وحده. فلا يستطيع أحد أن يكون موجودًا في مكانين في نفس الوقت. والله إذ يوجد في كل مكان، إنما يرقب كل ما يحدث فيه... وبهذا المعنى نقول انه فاحص للقلوب، وقارئ للأفكار (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).
الله أيضًا غير محدود من جهة المعرفة. فهو يعرف كل شيء عن كل شيء. وهذا الموضوع يحتاج وحده إلى مقال خاص.
من صفات الله أنه لا يتغير.
وأنه حي دائم الحياة، له في ذاته الخلود.
وأود أن اكتفى بهذا الآن. لأن الله غير المحدود أعظم من أن يسع الحديث عنه مقال صغير مثل هذا.
(وللحديث بقية).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/rq6n6xb