← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42 - 43 - 44 - 45 - 46
في هذا الإصحاح وما يليه نبوة على بابل. وجاءت في آخر نبوات إرميا فهي تحققت آخر الكل وحين دارت كأس الرب شرب ملك شيشق (بابل) الكأس آخر الكل (إر 17:25) وبابل قد استُخدِمت كعصا تأديب ضد الممالك المجاورة والآن تلقى العصا في النار. وقد تم خراب بابل بيد كورش. وقد سبق وتنبأ إشعياء عن خراب بابل قبل أن تصل بابل لمجدها، والآن وهي في عز مجدها يتنبأ عنها إرمياء ثانية بخرابها. وكانت نبوات أشعياء عن خراب بابل وخلاص المسبيين تشير للخلاص الذي سيصنعه المسيح على قوات الظلمة. أما نبوات إرميا فهي تشير بالأكثر لانتصار المسيح وكنيسته في الأيام الأخيرة، أيام الوحش ومملكته وهي ما تسمى بابل العهد الجديد. وبابل تشير لمملكة الشر في الكتاب المقدس فبداية من سفر التكوين نجد بابل تتحدى الله في بناء برج يتحدون به إرادته. ثم بوثنيتها وشياطينها. وينتهي الكتاب المقدس بسفر الرؤيا الذي فيه نهاية بابل أي مملكة الشيطان. ونستطيع أن نقول كما أن الكنيسة عروس المسيح، هكذا بابل هي عروس الشيطان. العروس الأولى الكنيسة هي المرأة المتسربلة بالشمس (رؤ 1:12) والمرأة الأخرى بابل العهد الجديد هي الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة وهي جالسة على وحش قرمزي مملوء أسماء تجديف (أي معتمدة عليه فهو عريسها) (رؤ1:17-5) "وَعَلَى جَبْهَتِهَا اسْمٌ مَكْتُوبٌ: «سِرٌّ. بَابِلُ الْعَظِيمَةُ أُمُّ الزَّوَانِي وَرَجَاسَاتِ الأَرْضِ»". إذًا فهي مملكة الشر، هي العالم بخطاياه، هي العالم الذي قَبِلَ من يد الشيطان شهوات وملذات الجسد. وهذه المملكة ستخرب وتُدَمر، وعلينا من الآن أن نهرب من خطايا بابل أي نهرب من شر العالم، حتى لا يلحقنا أذاها (رؤ1:18-5)، أي حتى لا نخرب حينما يخرب العالم. ولاحظ أن مملكة بابل كانت أكبر وأضخم مملكة بالمقارنة بكل ما سبق (موآب وبني عمون...) فإن كانت هذه الممالك قد ضايقت إسرائيل. فبابل قد سحقتها ودمرتها واستعبدت شعبها وهذا يشير لاستعباد الشيطان لأولاد الله. ولذلك كانت النبوة ضد بابل أطولهم لتعزية شعب الله المسبي. وما سبق أن تنبأ عنه النبي باختصار في (إر 12:25 + 7:27) شرحه هنا بالتفصيل. وكون الله قد استخدم بابل كعصا تأديب نجده يستعمل الشيطان الآن كعصا تأديب لكل البشر. وكما أدبت بابل يهوذا على خطاياها، هكذا سمح بولس الرسول بأن يؤدب الشيطان زاني كورنثوس لتخلص الروح في يوم الرب، وهكذا مع أيوب بل مع بولس الرسول نفسه (2 كو7:12). ولكن متى انتهت العصا من التأديب ألقيت في النار. هذا ما حدث في خراب بابل وهذا ما سيحدث مع الشيطان بأن يلقى في البحيرة المتقدة بالنار. وهنا اختلطت نبوات خراب بابل بوعود الله المعزية لشعبه وكأن خراب بابل يجب أن يحدث حتى يوجد هناك طريق لعودة شعب الله. وفي الصليب تحقق لنا الخلاص وتقييد إبليس. وفي اليوم الأخير كمال الخلاص ونهاية إبليس التامة.
الآيات 1-8:- "الْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ عَنْ بَابِلَ وَعَنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ عَلَى يَدِ إِرْمِيَا النَّبِيِّ: «أَخْبِرُوا فِي الشُّعُوبِ، وَأَسْمِعُوا وَارْفَعُوا رَايَةً. أَسْمِعُوا لاَ تُخْفُوا. قُولُوا: أُخِذَتْ بَابِلُ. خَزِيَ بِيلُ. انْسَحَقَ مَرُودَخُ. خَزِيَتْ أَوْثَانُهَا. انْسَحَقَتْ أَصْنَامُهَا. لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَتْ عَلَيْهَا أُمَّةٌ مِنَ الشِّمَالِ هِيَ تَجْعَلُ أَرْضَهَا خَرِبَةً فَلاَ يَكُونُ فِيهَا سَاكِنٌ. مِنْ إِنْسَانٍ إِلَى حَيَوَانٍ هَرَبُوا وَذَهَبُوا. «فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذلِكَ الزَّمَانِ، يَقُولُ الرَّبُّ، يَأْتِي بَنُو إِسْرَائِيلَ هُمْ وَبَنُو يَهُوذَا مَعًا. يَسِيرُونَ سَيْرًا، وَيَبْكُونَ وَيَطْلُبُونَ الرَّبَّ إِلهَهُمْ. يَسْأَلُونَ عَنْ طَرِيقِ صِهْيَوْنَ، وَوُجُوهُهُمْ إِلَى هُنَاكَ، قَائِلِينَ: هَلُمَّ فَنَلْصَقُ بِالرَّبِّ بِعَهْدٍ أَبَدِيٍّ لاَ يُنْسَى. كَانَ شَعْبِي خِرَافًا ضَالَّةً، قَدْ أَضَلَّتْهُمْ رُعَاتُهُمْ. عَلَى الْجِبَالِ أَتَاهُوهُمْ. سَارُوا مِنْ جَبَل إِلَى أَكَمَةٍ. نَسُوا مَرْبَضَهُمْ. كُلُّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَكَلُوهُمْ، وَقَالَ مُبْغِضُوهُمْ: لاَ نُذْنِبُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أَخْطَأُوا إِلَى الرَّبِّ، مَسْكِنِ الْبِرِّ وَرَجَاءِ آبَائِهِمِ الرَّبِّ. اُهْرُبُوا مِنْ وَسْطِ بَابِلَ وَاخْرُجُوا مِنْ أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ، وَكُونُوا مِثْلَ كَرَارِيِزَ أَمَامَ الْغَنَمِ."
آية (2) بالرغم من معاملة ملك بابل الطيبة للنبي إلا أنه لا يستطيع أن يمنع كلمة الله. ولاحظ ان النبوة بخراب بابل بصيغة الماضي لأن كلام الله لا يتغير. ولاحظ أن من تنبأ بأن بابل تسود على الأمم وعلى يهوذا، ها هو يتنبأ بنهايتها وهذا دليل عدم ولائه لبابل. بل هو يحرص على الهرب منها لكيلا يشترك في خطاياها وعقابها.
وإرفعوا راية = الراية ترفع فهو يوم نصر ، والنصر تم بالصليب ليصير هو الراية التي نرفعها كعلامة على الانتصار. والراية تلفت نظر جميع الشعوب وهي تعطي فرح لشعب الله. خزي بيل = خزيت أصنام بابل فهي لم تستطع حماية بابل وسكانها وهكذا إبليس قد خزي بصليب المسيح. وكل من سار وراء إبليس سيخزَى. وفي (3) أمة من الشمال = هي مملكة ميديا التي تقع شمال بابل والتي بدأ منها كورش نزوله على بابل. ولاحظ أن الفرس كانوا يعبدون إله واحد رمزه هو النار وكانوا يكرهون الأصنام ويحطمونها.وفي (4) صورة رائعة بعد عمل الصليب يأتي شعب الله المتحد، فالمسيح وحدنا في شخصه وهذا معنى
يأتي بنو إسرائيل هم وبنو يهوذا = هم رجعوا لله بالتوبة. والتوبة هي بداية لباقي البركات وقد صاحب التوبة بكاءهم على خطاياهم. والمتوقع لمن يقدم توبة بدموع أن يحوِّل الله حزنه إلى فرح. وهم عادوا بثقة كبيرة لأنهم رأوا أن آلهة بابل قد خزيت. وذكره إسرائيل ويهوذا هو إشارة للأمم واليهود، فإسرائيل بعد انفصالها عن كرسي داود إتجهت سريعًا لعبادة الأوثان فصارت رمزا للأمم. وذكره لإسرائيل أولًا فهو يشير لأن الأمم هم الذين قبلوا المسيح أولًا، أما اليهود فسيقبلون المسيح مؤخرا.وفي (5) في توبتنا نرجع لله وللكنيسة أمنا =
يسألون عن طريق صهيون = وهم فكروا في العودة لوطنهم كواجب لأن وطنهم هو جبل صهيون المقدس حيث بيت الله. ولكن الطريق يبدو صعبًا وهم لم يسلكوه قبلًا. ولكن هم سوف يسألون وهذا دور الخدام أن يجيبوا بخبرتهم وإرشاد روح الله لهم. لكن طالما هم قرروا أنهم لن يرتدوا لبابل فهم حتمًا سيصلون إلى صهيون، أورشليم السمائية. وفي التوبة نجدد العهد مع الله بعد أن كنا قد كسرناه.وفي (6) حال الشعب قبل المسيح
قَدْ أَضَلَّتْهُمْ رُعَاتُهُمْ. عَلَى الْجِبَالِ أَتَاهُوهُمْ. سَارُوا مِنْ جَبَل إِلَى أَكَمَةٍ = الله وضعهم على "جبل" أي مستوى روحي عالٍ فأتى رعاتهم غير الأمناء ونزلوا بهم إلى مستوى أقل بكثير "أكمة" = "الَّذِينَ.. قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ... أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ" (يو 10: 8، 11) كهنتهم وأنبيائهم أضلوهم. بل ظنوا أن من حقهم أن يظلموهم (7) ويستغلوهم كما لو كانوا خرافًا ضالة بلا صاحب. والبابليين تصوروا هم أيضا أن هذا حقهم لأن هذا الشعب أخطأ لله. هذا ما ردده نبوزردان (إر 3:40) وهذا ما يصنعه الشيطان الآن. وكان مما ضاعف خطيتهم أنهم قالوا عن الله مسكن البر = فهم يعلمون هذا وبضلالهم إبتعدوا عن البر وفي (8) دعوة للهرب من وسط بابل. هي دعوة لكل منا أن يترك طريق الشر لأن باب الحرية قد فتحهُ المسيح لنا بل إهربوا وكونوا مثل كراريز أمام الغنم = كراريز أي ذكور الغنم (الكباش، وهذه تندفع أمام إناثها تقودها. وهذا هو واجب كل واحد أن يكافح ويجاهد ليقود الآخرين لطريق التوبة وفي (أم31:30) نفس المعنى.
الآيات 9-20:- "«لأَنِّي هأَنَذَا أُوقِظُ وَأُصْعِدُ عَلَى بَابِلَ جُمْهُورَ شُعُوبٍ عَظِيمَةٍ مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ، فَيَصْطَفُّونَ عَلَيْهَا. مِنْ هُنَاكَ تُؤْخَذُ. نِبَالُهُمْ كَبَطَل مُهْلِكٍ لاَ يَرْجعُ فَارِغًا. وَتَكُونُ أَرْضُ الْكَلْدَانِيِّينَ غَنِيمَةً. كُلُّ مُغْتَنِمِيهَا يَشْبَعُونَ، يَقُولُ الرَّبُّ. لأَنَّكُمْ قَدْ فَرِحْتُمْ وَشَمِتُّمْ يَا نَاهِبِي مِيرَاثِي، وَقَفَزْتُمْ كَعِجْلَةٍ فِي الْكَلإِ، وَصَهَلْتُمْ كَخَيْل، تَخْزَى أُمُّكُمْ جِدًّا. تَخْجَلُ الَّتِي وَلَدَتْكُمْ. هَا آخِرَةُ الشُّعُوبِ بَرِّيَّةٌ وَأَرْضٌ نَاشِفَةٌ وَقَفْرٌ. بِسَبَبِ سَخَطِ الرَّبِّ لاَ تُسْكَنُ، بَلْ تَصِيرُ خَرِبَةً بِالتَّمَامِ. كُلُّ مَارّ بِبَابِلَ يَتَعَجَّبُ وَيَصْفِرُ بِسَبَبِ كُلِّ ضَرَبَاتِهَا. اِصْطَفُّوا عَلَى بَابِلَ حَوَالَيْهَا يَا جَمِيعَ الَّذِينَ يَنْزِعُونَ فِي الْقَوْسِ. ارْمُوا عَلَيْهَا. لاَ تُوَفِّرُوا السِّهَامَ لأَنَّهَا قَدْ أَخْطَأَتْ إِلَى الرَّبِّ. اهْتِفُوا عَلَيْهَا حَوَالَيْهَا. قَدْ أَعْطَتْ يَدَهَا. سَقَطَتْ أُسُسُهَا. نُقِضَتْ أَسْوَارُهَا. لأَنَّهَا نَقْمَةُ الرَّبِّ هِيَ، فَانْقِمُوا مِنْهَا. كَمَا فَعَلَتِ افْعَلُوا بِهَا. اقْطَعُوا الزَّارِعَ مِنْ بَابِلَ، وَمَاسِكَ الْمِنْجَلِ فِي وَقْتِ الْحَصَادِ. مِنْ وَجْهِ السَّيْفِ الْقَاسِي يَرْجِعُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شَعْبِهِ، وَيَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَرْضِهِ. «إِسْرَائِيلُ غَنَمٌ مُتَبَدِّدَةٌ. قَدْ طَرَدَتْهُ السِّبَاعُ. أَوَّلًا أَكَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ، ثُمَّ هذَا الأَخِيرُ، نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ هَرَسَ عِظَامَهُ. لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا أُعَاقِبُ مَلِكَ بَابِلَ وَأَرْضَهُ كَمَا عَاقَبْتُ مَلِكَ أَشُّورَ. وَأَرُدُّ إِسْرَائِيلَ إِلَى مَسْكَنِهِ، فَيَرْعَى كَرْمَلَ وَبَاشَانَ، وَفِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ وَجِلْعَادَ تَشْبَعُ نَفْسُهُ. فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَفِي ذلِكَ الزَّمَانِ، يَقُولُ الرَّبُّ، يُطْلَبُ إِثْمُ إِسْرَائِيلَ فَلاَ يَكُونُ، وَخَطِيَّةُ يَهُوذَا فَلاَ تُوجَدُ، لأَنِّي أَغْفِرُ لِمَنْ أُبْقِيهِ."
آية (9)
جمهور شعوب عظيمة أي مادي وفارس ومن هو متحد معهم وهؤلاء سيأخذوها = من هناك تؤخذ = أي من الذين إصطفوا أمامها وحاصروها وهم بقيادة كورش. والآن كل المؤمنين يفعلون هذا بإبليس بقيادة ربنا يسوع المسيح الذي "خَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ" (رؤ2:6). جمهور شعوب عظيمة هم المسيحيين في كل العالم ومن كل الشعوب الذين أقامهم المسيح من موت الخطية وأجلسهم في السماويات (أف2: 6) وقول بولس الرسول هنا = لأَنِّي هأَنَذَا أُوقِظُ وَأُصْعِدُ عَلَى بَابِلَ وهؤلاء يدعوهم الله ليكملوا ضرب مملكة الشيطان ويقول إصطفوا عليها: اِصْطَفُّوا عَلَى بَابِلَ.. لاَ تُوَفِّرُوا السِّهَامَ... اهْتِفُوا عَلَيْهَا حَوَالَيْهَا = ونلاحظ أن كل قداس وكل اجتماع صلاة وكل تسبيح وكل خدمة وكل توبة وكل رفض لإغراءات الخطية وكل كرازة هي سهام موجهة ضد الشيطان . وفي (11) كعجلة في الكلأ = أي تدوس المرعَى. والمعنى لشماتتهم في خراب شعب الرب وهذا ما تفعله الشياطين. فإذا كان هناك فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب فهناك فرح عند الشياطين بكل إنسان يضل الطريق ويترك الله. ويُصوِّر هنا فرحهم بعجلة تجري فرحة وحصان يصهل فرحًا ونشوة. يدوسون المرعَى أي يدوسوا هذا الإنسان الساقط. وفي (12) تخزى أمكم = أي يا أيها الشامتون ستخزون حينما تسقط بابل وتخزَى. ها آخرة الشعوب = في هذا الوقت كانت بابل هي آخر دولة عظمى ولكن ها هي سوف تصبح خرابًا. وكم من دولة عظمى الآن يحكمها الشر سوف تصبح خرابًا.والآيات حتى (15) تصوِّر خرابها العجيب (بابل = تعني بلبلة، ومن يتبع إبليس (رمزه بابل) فنصيبه ضلال وبلبلة على الأرض وخراب هنا وهناك). وعلماء الآثار بذلوا جهودًا خرافية للعثور على بقاياها بلا فائدة مع العلم بأن أسوارها كانت من عجائب الدنيا وفي (16) كل العاملين بعد خرابها (العمال المسخرون) سيطلقون ويرجع كل واحد إلى وطنه.
والآيات (17-20) يظهر فيها عمل المسيح = يطلب إثم إسرائيل فلا يكون = وهذا لم يكن إلا بصليب المسيح الذي قال وهو معلق عليه "يا أبتاه إغفر لهم" ومن هنا بدأ عمله الشفاعي. [فَدَمُ يَسُوعَ.. يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ] (1 يو 1: 7). وبعد أن تشتت شعب الله وداسهُ أشور وبابل أي الشياطين، عاقبهم الله ورد شعبه إسرائيل لمسكنه. فهذا حقه أن يتمتع بـ:كَرْمَلَ وَبَاشَانَ وهي جبال عالية فالله رد شعبه ليعيش في السماويات وأشبعه في جبل أفرايم (فِي جَبَلِ أَفْرَايِمَ وَجِلْعَادَ تَشْبَعُ نَفْسُهُ) = هو أشبعنا من جسده ودمه وتعزيات روحه القدوس. وهو يرعانا في مراع خضر.
الآيات 21-32:- "«اِصْعَدْ عَلَى أَرْضِ مِرَاثَايِمَ. عَلَيْهَا وَعَلَى سُكَّانِ فَقُودَ. اخْرِبْ وَحَرِّمْ وَرَاءَهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَافْعَلْ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ. صَوْتُ حَرْبٍ فِي الأَرْضِ، وَانْحِطَامٌ عَظِيمٌ. كَيْفَ قُطِعَتْ وَتَحَطَّمَتْ مِطْرَقَةُ كُلِّ الأَرْضِ؟ كَيْفَ صَارَتْ بَابِلُ خَرِبَةً بَيْنَ الشُّعُوبِ؟ قَدْ نَصَبْتُ لَكِ شَرَكًا، فَعَلِقْتِ يَا بَابِلُ، وَأَنْتِ لَمْ تَعْرِفِي! قَدْ وُجِدْتِ وَأُمْسِكْتِ لأَنَّكِ قَدْ خَاصَمْتِ الرَّبَّ. فَتَحَ الرَّبُّ خِزَانَتَهُ، وَأَخْرَجَ آلاَتِ رِجْزِهِ، لأَنَّ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ عَمَلًا فِي أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ. هَلُمَّ إِلَيْهَا مِنَ الأَقْصَى. افْتَحُوا أَهْرَاءَهَا. كَوِّمُوهَا عِرَامًا، وَحَرِّمُوهَا وَلاَ تَكُنْ لَهَا بَقِيَّةٌ. أَهْلِكُوا كُلَّ عُجُولِهَا. لِتَنْزِلْ لِلذَّبْحِ. وَيْلٌ لَهُمْ لأَنَّهُ قَدْ أَتَى يَوْمُهُمْ، زَمَانُ عِقَابِهِمْ. صَوْتُ هَارِبِينَ وَنَاجِينَ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ، لِيُخْبِرُوا فِي صِهْيَوْنَ بِنَقْمَةِ الرَّبِّ إِلهِنَا، نَقْمَةِ هَيْكَلِهِ. اُدْعُوا إِلَى بَابِلَ أَصْحَابَ الْقِسِيِّ. لِيَنْزِلْ عَلَيْهَا كُلُّ مَنْ يَنْزِعُ فِي الْقَوْسِ حَوَالَيْهَا. لاَ يَكُنْ نَاجٍ. كَافِئُوهَا نَظِيرَ عَمَلِهَا. افْعَلُوا بِهَا حَسَبَ كُلِّ مَا فَعَلَتْ، لأَنَّهَا بَغَتْ عَلَى الرَّبِّ، عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ. لِذلِكَ يَسْقُطُ شُبَّانُهَا فِي الشَّوَارِعِ، وَكُلُّ رِجَالِ حَرْبِهَا يَهْلِكُونَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ. هأَنَذَا عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الْبَاغِيَةُ، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ، لأَنَّهُ قَد أَتَى يَوْمُكِ حِينَ عِقَابِي إِيَّاكِ. فَيَعْثُرُ الْبَاغِي وَيَسقُطُ ولاَ يَكُونُ لَهُ مَنْ يُقِيمُهُ، وَأُشْعِلُ نَارًا في مُدُنِهِ فَتَأْكُلُ كُلَّ مَا حَوَالَيْهَا."
آية (21) مراثايم = اسم لبلاد جنوب بابل ومعناها تمردًا مضاعفًا. وهي قطعة من أرض بابل جزء منها في أشور وجزء في أرمينيا. وَفَقُودَ كانت بلدًا في بابل استولى عليها كورش في نزوله على بابل. ويقولون أنها ضاحية من ضواحي العاصمة التي أبادها كورش. والمعنى أن الرب أبادها لتمردها. وفي (23) كانت بابل مطرقة الأمم (مِطْرَقَةُ كُلِّ الأَرْضِ) [تستخدم مطرقة (تجارب) لضرب الماس (المؤمنين) والماس الحقيقي (الأبرار) لا يتأثر والمغشوش (الأشرار) ينكسر]. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). = فهي ضربت الجميع وهكذا الشيطان فقد أذل الجميع. والآن فتح الرب خزانته (25) وأخرج الرب منها جيش فارس ليحطم بابل. فالله لهُ أدواته وَآلاَتِ رِجْزِهِ لتأديب العصاة. فالرجال العظماء والدول ما هم إلا آلات لتنفيذ أغراض الله. وكانت فارس شَرَكًا لبابل (24) والله حكم بهذا على بابل لأنها كانت مطرقة طالما أذت وأضرت شعب الله وكانت تكسره. وهي أيضًا خاصمت الرب (24) أي حاربته وعارضته وتمردت عليه وهي خربت أورشليم وبيت الله. وهذا ما صنعه الشيطان بأن دمر أولاد الله. ورمز الشيطان هنا بابل أم الوثنية في العالم.
وفي (26) أهراءها = أي خزائنها أو مخازنها فكل ما تملكه سيذهب عنها. وماذا كان في مخازن الشيطان؟ هم النفوس التي خدعها وأسقطها في الخطية فقبض عليها ساعة موتها وأدخلها معه إلى مكانه (الجحيم). فلما أتى المسيح فتح هذه الأبواب الدهرية وأخرج هذه النفوس التي ماتت على رجاء. ولاحظ أن الوحيد الذي قال "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء" (يو30:14) كان هو السيد المسيح. وذلك لأنه كان بلا خطية "من منكم يبكتني على خطية" (يو46:8) هو لم يقبل من يد الشيطان شيئاً، فلم يستطع الشيطان أن يمسكه ساعة موته، بل أن المسيح هو الذي قبض عليه وقيده (رؤ2:20)، وبعد أن غلبه وقيَّده أفرج عن المأسورين "حِينَمَا يَحْفَظُ ٱلْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحًا،تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. وَلَكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ، وَيَنْزِعُ سِلَاحَهُ ٱلْكَامِلَ ٱلَّذِي ٱتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ" (لو11: 21-22). وفي (28) نقمة هيكله = فبابل دنست آنية بيت الرب وهيكله. والشياطين دنسوا أولاد الله لذلك سينتقم منهم. ولاحظ أن الهيكل يشير لشعب الله وهكذا الآنية. ولكن من عَرِف عمل الرب وفداءه أي كل مبشر وكارز ، سيبشر بأن الله إنتقم. والأيات هنا تشبه سفر الرؤيا في خراب بابل الْبَاغِيَةُ (31).
ونلاحظ في هذه الآيات التي يتوعد الله فيها بابل بكل هذا الخراب والانتقام لما فعلوه في شعبه إنما هو يشرح معنى الأسلوب الرمزي في تفسير النبوات الموجهة ضد الأمم. ونجد أنها في الأساس نبوة موجهة ضد الشيطان الذي خدع الإنسان وأسقطه فمات الإنسان. وكان سلاح الانتقام هو فداء المسيح للإنسان بالصليب. وكان الله ينتظر هذا اليوم بطول أناته، حتى يأتي في ملء الزمان بلهفة واشتياق ليخلص الإنسان حبيبه ولينهي تمرد الشيطان عليه، إذ كان كما رأينا أن يوم الانتقام من الشيطان مرتبط بخلاص الإنسان. وكان هذا بالصليب.
ولنرى كيف كان اشتياق الله لهذا اليوم وكيف تم التعبير عن هذا الاشتياق " في ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم الشديد (= الصليب) لوياثان الحية.... ليس لي غيظ. ليت عليَّ الشوك والحسك (= إكليل الشوك الذي وضعوه على رأس المسيح يوم الصليب) فأهجم عليها وأحرقها معا" (إش27: 1- 5).
وأيضا يقول الرب "قد دست المعصرة وحدي...فدستهم بغضبى.....لأن يوم النقمة في قلبي وسنة مفديي قد أتت" (إش63: 1-6).
آية 21، 22: «اِصْعَدْ عَلَى أَرْضِ مِرَاثَايِمَ. عَلَيْهَا وَعَلَى سُكَّانِ فَقُودَ. اخْرِبْ وَحَرِّمْ وَرَاءَهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَافْعَلْ حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ. صَوْتُ حَرْبٍ فِي الأَرْضِ....
نفهم أن الأفعال إصعد / أخرب / حرِّم / إفعل هي دعوة الآب لإبنه ليتجسد ويقوم بعمل الفداء. هذه تساوي قول الله لموسى: "فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: ٱذْهَبِ ٱنْزِلْ. لِأَنَّهُ قَدْ فَسَدَ شَعْبُكَ ٱلَّذِي أَصْعَدْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ" (خر7:32) كان هذا قول الرب لموسى كمخلص للشعب ويرمز للمسيح. فكان هذا رمزاً لإرسال المسيح كمخلص للبشر "وَٱلْآنَ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ" (إش16:48). لذلك يأتي مباشرة بعد ذلك صوت حربٍ في الأرض = هو يوم الصليب.
وكلمة اصعد = تعني لغويًّا إصعد / إرتفع / ينهض / يمجد / يتفوق/ يسترد فهي كلمة تشير صراحة لقيامة المسيح وصعوده ليضع الشيطان تحت موطئ قدميه (مز110: 1)، وذلك لأن الشيطان قد تمرد على الله، وهذا معنى اختيار كلمة مراثايم وتعني تمرد مضاعف. أما سبب اختيار منطقة اسمها فقود فلأن كلمة فقود = تعني لغويا ثأر وانتقام / افتقاد بنية حرب للكراهية / ينفذ قضاء ويعاقب. ونفهم أن اختيار منطقتي مراثايم وفقود ليس عشوائيا أو بالصدفة، إنما هو تعبير رمزي عن عمل الفداء في عقاب الشيطان على تمرده وانتقام الله منه على ما فعله بالإنسان.
ولقد ترك الله الشيطان بعد الفداء كأداة تأديب لأولاده = مطرقة. فالله يعلم أننا بسبب السقوط ورثنا نفسية متمردة تحتاج إلى تأديب " لأن الذي يحبه الرب يؤدبه" (عب12: 6)، وبنفس المفهوم يقول القديس يعقوب الرسول " احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة" (يع1: 2) فالتجارب هي لتأديب أولاد الله الذين يحبهم. ونلاحظ أن الشيطان لا يضرب أولاد الله بغرض تنقيتهم إنما بسبب كراهيته الشديدة لنا وفي أن لذته هي في آلام البشر وهو بهذا ينتقم من أولاد الله. ويتضح هذا تمامًا من قصة أيوب وزاني كورنثوس (1كو 5) بل أن الله استخدم الشيطان، أو قُل أنه سمح له أن يضرب بولس الرسول نفسه بشوكة في الجسد ليحميه من الكبرياء. ويهدف الشيطان أيضا أن يوقع الإنسان المتألم في خصام مع الله ويقنعه أن الله لا يحبه إذ سمح له بهذه الآلام. لذلك فمن يتذمر على الله في ضيقته فهو يُصدِّق الشيطان ويُكذِّب الله كما فعلت أمنا حواء فسقطت. الشيطان يضرب لأنه يتلذذ بآلام البشر، وليحاول أن يجذب من يصدقه ويتجاوب معه ويتخاصم مع الله إلى نفس مصيره أي البحيرة المتقدة بالنار. ولنفهم أن من يتذمر على الله بسبب تجربة ألمت به فهو يتخاصم مع الله، ومن يبدأ طريق الخصام هذا مع الله ينتهي بأن يعادي الله وينفصل عنه فيسقط في يد الشيطان الذي ينتظر هذه السقطة. والعكس فمن يفهم محبة الله والغرض من التجربة وأنه تأديب من الله له، يقول عنه الكتاب [مقدمين عُجُولَ شِفَاهِنَا] (هو14: 2) = والمعنى أن الله يفرح بأولاده الذين يفهمون ويدركون محبة الله ويبادلونه حبا بحب، وهذا الحب المتبادل هو الطريق الوحيد للإتحاد بالمسيح والثبات فيه فنخلص (راجع تفسير يو15: 9). والله يؤدب أولاده حتى يشفي ارتدادهم "أَنَا أَشْفِي ارْتِدَادَهُمْ. أُحِبُّهُمْ فَضْلًا، لأَنَّ غَضَبِي قَدِ ارْتَدَّ عَنْهُ" (هو14: 4). ويرى الله في من يفعل هذا أنه أفضل ممن يقدم عجول كمحرقات، ويقال أن الله كان [يَتَنَسَّم رَائِحَةَ الرِّضَا] حينما قدم نوح محرقة (تك8: 21) وقيل عن تقديم المحرقات أنها " محرقة وقود رائحة سرور للرب" (لا1: 9، 13، 17) وراجع تفسير الإصحاح الأول من سفر اللاويين.
ويسمي الله الصليب هنا شَرَكًا أي مصيدة اصطاد بها المسيح الشيطان (آية 24) فالشياطين هيَّجوا الكهنة ورؤساء الكهنة ضد المسيح ليصلبوه ولم يدركوا أنه شَرَكٌ لهم، وذلك لِعَمَى عيونهم وكراهيتهم لكل من يرفض شرورهم، والمسيح في تجربة الجبل رفض كل شرور الشيطان. والشيطان له وسيلتان يجرب بهما أولاد الله الأبرار:- 1) خداع الخطية وتصوير الخطية للإنسان أن فيها فرحه. 2) فإن رفض الإنسان الخطية تبدأ خطة الشيطان التالية ألا وهي الآلام، وهذا ما حدث مع المسيح. ولم يدري الشيطان أن الصليب هو السيف الذي سيضربه به المسيح. فبهذا الصليب أدانهم المسيح " لأن لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1كو2: 8).
ما معنى شرك هنا؟ من شدة غيظ الشيطان من المسيح إذ رفض من يده كل إغراءاته، بل وسيطر عليه وأخرجه من كثيرين وحررهم منه. أوحى لرؤساء الكهنة أن يحكموا على المسيح بالموت وأن يسلموه للرومان، فالعقوبة الرومانية كانت هي الصلب لمن هو غير روماني الجنسية. وكان القصد من ذلك أن يحتقر الشعب المسيح، فميتة الصليب كانت هي لإلحاق العار بأشد المجرمين. وذلك حتى ينهوا سيرة المسيح ويعتبره الشعب كمجرم وإنتهى أمره. ولكن، كما صُلِبَ هامان مكان مردخاي البريء، صار الصليب هو الأداة التي بها يعاقب الشيطان. إذ بعدلٍ يُعاقب بنفس الأداة التي دبرها للمسيح البريء. وكان موت الصليب هو ما أراده المسيح لأنه أراد حمل اللعنة عن البشر (راجع مقالة "الصليب لعنة تتحول إلى بركة" في نهاية تفسير الأصحاح الثالث من رسالة غلاطية).
وأما دورنا الآن هو حمل السهام لنضرب بها الشيطان العدو المهزوم الذي ضربه رب المجد بسيفه أولًا أي صليبه = اُدْعُوا إِلَى بَابِلَ أَصْحَابَ الْقِسِيِّ (آية 29)، أما السيف في (الآيات 35-37) من هذا الإصحاح فهو صليب رب المجد (إش27: 1). ونرى شرح عملي لهذا في حادثة مقتل إبشالوم بن داود، إذ بعد ما عَلَقَ إبشالوم بالشجرة ضربه يوآب، وأمر يوآب رجاله أن يصوبوا سهامهم إليه لينتهوا منه فهو كان قد تمرد على أبيه (2صم18: 9-15). والسهام التي نطلقها على الشيطان هي صلواتنا وتسابيحنا وترديدنا لاسم يسوع ورشم علامة الصليب ورفض خطاياه وخداعاته.
ونلاحظ أنه يسمي الشياطين هنا العجول (عُجُولِهَا). لِتَنْزِلْ لِلذَّبْحِ (آية 27) = فهي مُعَدَّة للذبح حيث " النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته" (مت25: 41) ، فهذه العجول كانت فرحة وشامتة في سقوط البشر كما رأينا في (إر50: 11). ولاحظ القول إهلكوا كل عجولها = وهذا ما قاله الشياطين للسيد له المجد حينما كانوا يشعرون بسلطانه عليهم (مت8: 29 + مر1: 24).
الآيات 33-46:- "«هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَنِي يَهُوذَا مَعًا مَظْلُومُونَ، وَكُلُّ الَّذِينَ سَبَوْهُمْ أَمْسَكُوهُمْ. أَبَوْا أَنْ يُطْلِقُوهُمْ. وَلِيُّهُمْ قَوِيٌّ. رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ. يُقِيمُ دَعْوَاهُمْ لِكَيْ يُرِيحَ الأَرْضَ وَيُزْعِجَ سُكَّانَ بَابِلَ. سَيْفٌ عَلَى الْكَلْدَانِيِّينَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَعَلَى سُكَّانِ بَابِلَ، وَعَلَى رُؤَسَائِهَا، وَعَلَى حُكَمَائِهَا. سَيْفٌ عَلَى الْمُخَادِعِينَ، فَيَصِيرُونَ حُمُقًا. سَيْفٌ عَلَى أَبْطَالِهَا فَيَرْتَعِبُونَ. سَيْفٌ عَلَى خَيْلِهَا وَعَلَى مَرْكَبَاتِهَا وَعَلَى كُلِّ اللَّفِيفِ الَّذِي فِي وَسْطِهَا، فَيَصِيرُونَ نِسَاءً. سَيْفٌ عَلَى خَزَائِنِهَا فَتُنْهَبُ. حَرٌّ عَلَى مِيَاهِهَا فَتَنْشَفُ، لأَنَّهَا أَرْضُ مَنْحُوتَاتٍ هِيَ، وَبِالأَصْنَامِ تُجَنُّ. لِذلِكَ تَسْكُنُ وُحُوشُ الْقَفْرِ مَعَ بَنَاتِ آوَى، وَتَسْكُنُ فِيهَا رِعَالُ النَّعَامِ، وَلاَ تُسْكَنُ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ تُعْمَرُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. كَقَلْبِ اللهِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَمُجَاوَرَاتِهَا، يَقُولُ الرَّبُّ، لاَ يَسْكُنُ هُنَاكَ إِنْسَانٌ، وَلاَ يَتَغَرَّبُ فِيهَا ابْنُ آدَمَ. هُوَذَا شَعْبٌ مُقْبِلٌ مِنَ الشِّمَالِ، وَأُمَّةٌ عَظِيمَةٌ، وَيُوقَظُ مُلُوكٌ كَثِيرُونَ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ. يُمْسِكُونَ الْقَوْسَ وَالرُّمْحَ. هُمْ قُسَاةٌ لاَ يَرْحَمُونَ. صَوْتُهُمْ يَعِجُّ كَبَحْرٍ، وَعَلَى خَيْل يَرْكَبُونَ، مُصْطَفِّينَ كَرَجُل وَاحِدٍ لِمُحَارَبَتِكِ يَا بِنْتَ بَابِلَ. سَمِعَ مَلِكُ بَابِلَ خَبَرَهُمْ فَارْتَخَتْ يَدَاهُ. أَخَذَتْهُ الضِّيقَةُ وَالْوَجَعُ كَمَاخِضٍ. هَا هُوَ يَصْعَدُ كَأَسَدٍ مِنْ كِبْرِيَاءِ الأُرْدُنِّ إِلَى مَرْعًى دَائِمٍ. لأَنِّي أَغْمِزُ وَأَجْعَلُهُمْ يَرْكُضُونَ عَنْهُ. فَمَنْ هُوَ مُنْتَخَبٌ فَأُقِيمَهُ عَلَيْهِ؟ لأَنَّهُ مَنْ مِثْلِي؟ وَمَنْ يُحَاكِمُنِي؟ وَمَنْ هُوَ الرَّاعِي الَّذِي يَقِفُ أَمَامِي؟ لِذلِكَ اسْمَعُوا مَشُورَةَ الرَّبِّ الَّتِي قَضَى بِهَا عَلَى بَابِلَ، وَأَفْكَارَهُ الَّتِي افْتَكَرَ بِهَا عَلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ: إِنَّ صِغَارَ الْغَنَمِ تَسْحَبُهُمْ. إِنَّهُ يَخْرِبُ مَسْكَنَهُمْ عَلَيْهِمْ. مِنَ الْقَوْلِ: أُخِذَتْ بَابِلُ. رَجَفَتِ الأَرْضُ وَسُمِعَ صُرَاخٌ فِي الشُّعُوبِ."
في (33) يشير للظلم الذي وقع من بابل ضد يهوذا أو من إبليس ضد شعب الله (آدم ونسله). ولكن الله كان يَرَى ذُلَّ شعبه إسرائيل ويهوذا من بابل، وأنهم في ضعفهم ما كانوا قادرين أن يُخلِّصوا أنفسهم. ولكن (34)
وليهم قوي = هو الذي سيفكهم من الأقوياء الذين سبوهم (بابل أو الشياطين) وكانوا يرفضون تمامًا فكهم. وهذا الولي الذي سيدفع الدين هو المسيح الذي إشترانا بدمه. وهذا الكلام ينطبق على كل المسبيين للخطية ويشتكون من ضعفهم ولكن المسيح المخلص يحرر. يريح الأرض ويزعج سكان بابل. ومن (35-40) وصف للخراب القادم على بابل لخطاياها وهي الوثنية والإضطهاد لشعب الله ورفض تحريرهم . وفي (38) كانوا يعشقون أوثانهم = بالأصنام تجن فهم أعطوا مجد الله لآخرين. كانوا لا يهتمون بأي تكلفة في عبادتهم فبابل هي أم الزواني وأصل الوثنية (رؤ5:17). وهنا سيف الله سيأتي على الجميع "الرؤساء والمخادعين" وهم كهنة الأوثان الذين يستشيرون الكواكب. وإذا كان السيف يشير للصليب فلنرى فاعلية الصليب، الصليب قادر على سحق وهزيمة كل قوات وخداعات الشيطان آيات (35 – 38). ويكون كـ:حَرٌّ عَلَى مِيَاهِهَا فَتَنْشَفُ = مياه بابل هي ملذات هذا العالم والتي هي كاللآلئ، ومن يمتلئ بالروح القدس الناري ويتذوق محبة المسيح الجوهرة كثيرة الثمن يبيع كل لآلئ وملذات العالم (يبيع هنا = تنشف) أي تفقد قيمتها في نظره. ولاحظ أن الصليب ليس فقط مجرد علامة نرسمها بيدنا، أو صليب نلبسه، إنما نقول مع بولس الرسول "صلب العالم لي وأنا للعالم" (غل6: 14). وشرط آخر لهزيمة الشيطان هو أن نجتمع في محبة بنفس واحدة، فسر قوتنا على الشيطان هو وجود المسيح فينا، والمسيح لا يوجد فينا إن لم توجد المحبة. وكيف عبَّر الوحي عن هذا؟ = مُصْطَفِّينَ كَرَجُل وَاحِدٍ لِمُحَارَبَتِكِ يَا بِنْتَ بَابِلَ.ولكن إذا كانت بابل رمزا للشيطان فما معنى أنها
بالأصنام تجن ؟ هذا يعني أن الشيطان في غروره وكبرياءه مجنون بنفسه.وسيكون كورش كحَرٌ على مياهها فتنشف وهذا ما فعلهُ كورش الذي حول نهر الفرات لعدة مجاري حتى يتمكن من دخول بابل. وحين إنقطعت المياه عن بابل تحولت لبرية مثل سدوم وعمورة. والآيات (41-43) استخدمت من قبل في غزو بابل ليهوذا (إر 22:6-24) والمعنى أن حساب بابل سيدفع من نفس العملة التي دفعتها يهوذا من قبل. ولكن هناك فرق بين مجموعتي الآيات هذه وتلك. فبالنسبة لإسرائيل سمع الشعب فارتخت يداه وبالنسبة لبابل
سمع ملك بابل فإرتخت يداه وبهذا تساوي ملك بابل مع أقل واحد من شعب يهوذا . ثم من (44-46) هي نفس الآيات التي قيلت عن أدوم (إر 19:49-24) فالمخرب سيخربه. ويكون واضحًا أن الكلام عن المسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا ليهزم الشيطان وجنوده سواء كانت أدوم بخطيتها أو بابل بخطيتها رمز لهم.
← تفاسير أصحاحات إرمياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إرميا 51 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إرميا 49 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ckwam2c