← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27
الآيات 1-11:- "هكَذَا قَالَ الرَّبُّ لِي: «اذْهَبْ وَاشْتَرِ لِنَفْسِكَ مِنْطَقَةً مِنْ كَتَّانٍ وَضَعْهَا عَلَى حَقْوَيْكَ وَلاَ تُدْخِلْهَا فِي الْمَاءِ». فَاشْتَرَيْتُ الْمِنْطَقَةَ كَقَوْلِ الرَّبِّ وَوَضَعْتُهَا عَلَى حَقْوَيَّ. فَصَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيَّ ثَانِيَةً قَائِلًا: «خُذِ الْمِنْطَقَةَ الَّتِي اشْتَرَيْتَهَا الَّتِي هِيَ عَلَى حَقَوَيْكَ، وَقُمِ انْطَلِقْ إِلَى الْفُرَاتِ، وَاطْمِرْهَا هُنَاكَ فِي شَقِّ صَخْرٍ». فَانْطَلَقْتُ وَطَمَرْتُهَا عِنْدَ الْفُرَاتِ كَمَا أَمَرَنِي الرَّبُّ. وَكَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ أَنَّ الرَّبَّ قَالَ لِي: «قُمِ انْطَلِقْ إِلَى الْفُرَاتِ وَخُذْ مِنْ هُنَاكَ الْمِنْطَقَةَ الَّتِي أَمَرْتُكَ أَنْ تَطْمِرَهَا هُنَاكَ». فَانْطَلَقْتُ إِلَى الْفُرَاتِ، وَحَفَرْتُ وَأَخَذْتُ الْمِنْطَقَةَ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي طَمَرْتُهَا فِيهِ. وَإِذَا بِالْمِنْطَقَةِ قَدْ فَسَدَتْ. لاَ تَصْلُحُ لِشَيْءٍ. فَصَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلًا: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هكَذَا أُفْسِدُ كِبْرِيَاءَ يَهُوذَا، وَكِبْرِيَاءَ أُورُشَلِيمَ الْعَظِيمَةِ. هذَا الشَّعْبُ الشِّرِّيرُ الَّذِي يَأْبَى أَنْ يَسْمَعَ كَلاَمِي، الَّذِي يَسْلُكُ فِي عِنَادِ قَلْبِهِ وَيَسِيرُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لِيَعْبُدَهَا وَيَسْجُدَ لَهَا، يَصِيرُ كَهذِهِ الْمِنْطَقَةِ الَّتِي لاَ تَصْلُحُ لِشَيْءٍ. لأَنَّهُ كَمَا تَلْتَصِقُ الْمِنْطَقَةُ بِحَقْوَيِ الإِنْسَانِ، هكَذَا أَلْصَقْتُ بِنَفْسِي كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَكُلَّ بَيْتِ يَهُوذَا، يَقُولُ الرَّبُّ، لِيَكُونُوا لِي شَعْبًا وَاسْمًا وَفَخْرًا وَمَجْدًا، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا."
كان معتادًا أن الأنبياء يستخدمون الرموز حتى يفهم الشعب الذي لا يريد أن يفهم. مِنْطَقَةً مِنْ كَتَّانٍ = ومنطقة الكتان (1) يضعها النبي على حقويه تشير لشعب إسرائيل الذي دخل الله معهم في عهد وشركة مع نفسه. وهو في محبته يلصقنا به. فهم شعب قريب جدًا من الله وهم خاصته، وهم دائمًا في بيته ويغمرهم بإحساناته. وهي من كتان، فكان غريبًا على نبي أن يلبس شيئًا ناعمًا فالأنبياء كانوا يلبسون ملابس خشنة ويوحنا المعمدان كان يلبس منطقة من وبر الإبل. ولكن المعنى أن الله أعدَّ شعبه في طهارة ليكونوا في بياض الكتان ونعومته وكذلك ألصقهم به.
ولا تدخِلها في الماء وإشارة لأنَ هذا الشعب لا يريد التطهير ولا التوبة. ثم في (4) ذهب ليطمرها عند الفرات في شق صخر (قُمِ انْطَلِقْ إِلَى الْفُرَاتِ، وَاطْمِرْهَا هُنَاكَ فِي شَقِّ صَخْرٍ) = فكانت المنطقة هناك معرضة للماء يصعد عليها ويغمر المنطقة ثم ينحسر عنها فتجف ففسدت وتهرأت. ومما أتعب المفسرين هل ذهب إرميا فعلًا للفرات والمسافة بعيدة جدًا أم كان ما حدث مجرد رؤيا. والرأي الصحيح أنه ذهب فعلًا:
1. فهو يقول مرتين فانطلقت إلى الفرات (7،5).
2. هي طاعة لصوت الله فهو لا يحسب أي تنفيذ لأوامر الله أن فيه مشقة.
3. هو يشعر خلال رحلته بما سيشعر به المسبيين.
وفساد هذا الشعب الذي يشير إليه فساد المنطقة (10) راجع لوثنيته. هم لم يعبدوا الله ولم يسبحوه وهذا واجبهم في مقابل إحساناته عليهم. ومن لا يسبح الله من الصعب أن يعتبر نفسه شعبًا لله. وهم لم يسبحوا الله بل زادوا على هذا وثنيتهم فضلوا بعيدًا عنه. هم دفنوا أنفسهم في الأرض بملذاتها كما دفنت المنطقة واختلطوا بالأمم وتلوثوا فأصبحوا لا يصلحون لشيء. فالله بأحكامه سوف يبعدهم عنه ويزول عنهم كل سبب كانوا من أجله في كبرياء. فالكبرياء تفصلنا تمامًا عن الله. فإن لم تجعلنا نعمته نتضع فالله يحجب نعمته عنا لكي يحجب أسباب الكبرياء فنخلص. حتى لو كان الهيكل سببًا لكبريائهم سيزيله.
4. فسادهم راجع لابتعادهم عن الله، وهذا مرموز لهُ بطول المسافة بين أورشليم ونهر الفرات. ونهر الفرات يشير للخيرات الزمنية، فهم سعوا وراء زيادة ممتلكاتهم ووراء ملذاتهم تاركين الله.
5. وهم سيذهبون إلى بابل، والفرات يشير لبابل. فذهاب النبي إلى الفرات. هو إشارة لسبيهم إلى بابل. لهذه الأسباب نقول أن النبي ذهب فعلًا للفرات. وفي (11) يكونوا لي شعبا وإسما وفخرا ومجدا= هذه تساوي [ليرى الناس أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذي في السموات] (مت 5: 16).
وبالنسبة لنا كمسيحيين فالمنطقة تشير للكنيسة التي تلتف حول المسيح الرأس، لذلك ففي التجلي إبيضت ثياب المسيح (مت2:17) إشارة لأنه بدمه سيبيض كنيسته أي يبررها (إش18:1) + (1يو7:1) + (رؤ14:7)
. وهذا يتم بالمعمودية التي فيها يموت الإنسان العتيق ويقوم الجديد (رو2:6-8) . ومن يرفض الإيمان ثم المعمودية يفسد، فمن آمن واعتمد خلص (مر16:16) . وهذا معنى لا تدخلها في الماء فهذا يعني من يرفض المعمودية. ودفن المنطقة في التراب يشير لمن يدفن وزنته في طين هذا العالم، ولا يستخدمها لحساب مجد الله (مت24:25-30) . وإخفاء المنطقة في الصخر يشير لأن الخاطئ يختفي من أمام وجه الله خوفًا من الله وهربًا منه، كما اختفى آدم بعد الخطية [راجع تك8:3 + إش 10:2، 19، 20 + رؤ16،15:6]. والعكس، فَمَنْ يختبئ في الصخرة المسيح (1كو4:10) بأن لا يبتعد عن الله، يكون كمنطقة حول المسيح الرأس، وهذا يكون كموسى الذي إختبأ في نقرة الصخرة فرأى مجد الله ولمع وجهه، إشارة لحصولنا على الجسد الممجد بعد القيامة حين نرى الله.ملحوظة:- المنطقة الملتصقة بجسد النبي تشير لشعب إسرائيل الملتصق بالله (آية11). هذه تفسر المزمور "مِثْلُ ٱلدُّهْنِ ٱلطَّيِّبِ عَلَى ٱلرَّأْسِ، ٱلنَّازِلِ عَلَى ٱللِّحْيَةِ، لِحْيَةِ هَارُونَ، ٱلنَّازِلِ إِلَى طَرَفِ ثِيَابِهِ" (مز2:133) ومعناه أن الروح القدس إنسكب على المسيح أولاً ثم على كنيسته (ثيابه). ولذلك رأى البابا بطرس خاتم الشهداء المسيح وملابسه ممزقة، وقال له المسيح أريوس شق كنيستي (ثوبه الملتصق به) بهرطقته.
الآيات 12-14:- "« فَتَقُولُ لَهُمْ هذِهِ الْكَلِمَةَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: كُلُّ زِقّ يَمْتَلِئُ خَمْرًا. فَيَقُولُونَ لَكَ: أَمَا نَعْرِفُ مَعْرِفَةً أَنَّ كُلَّ زِقّ يَمْتَلِئُ خَمْرًا؟ فَتَقُولُ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَمْلأُ كُلَّ سُكَّانِ هذِهِ الأَرْضِ وَالْمُلُوكَ الْجَالِسِينَ لِدَاوُدَ عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَالْكَهَنَةَ وَالأَنْبِيَاءَ وَكُلَّ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ سُكْرًا. وَأُحَطِّمُهُمُ الْوَاحِدَ عَلَى أَخِيهِ، الآبَاءَ وَالأَبْنَاءَ مَعًا، يَقُولُ الرَّبُّ. لاَ أُشْفِقُ وَلاَ أَتَرَأَّفُ وَلاَ أَرْحَمُ مِنْ إِهْلاَكِهِمْ»."
الخمر ترمز للفرح. وأورشليم أصبحت كزق ممتلئ خمرًا (زِقّ يَمْتَلِئُ خَمْرًا). ولاحظ أن هناك نوعان من الفرح 1- فرح روحي وهذا عطية الروح القدس 2- أفراح عالمية يحصل عليها الإنسان من ملذات وشرور العالم. وهذا النوع الأخير هو الخمر الذي يملأ أورشليم، هذا السكر جعلهم يتطوحون مبتعدين عن الله، وعن حياة القداسة التي طلبها منهم الله، أي يكونون شعبا مقدسًا مكرسًا لله (لا11: 44). ولهذا غضب الله عليهم. لذلك صاروا آنية مملوءة من غضب الله، فهي معدة للخراب، بينما أن في الأصل كان الله قد أعدها كآنية مجد، تمتلئ مجدًا ورحمة وفرحًا مقدسًا من الله أي خمرًا روحيًا. لكنهم إختاروا الملذات الشهوانية الوثنية، لذلك فسيمتلئون من السكر= حين يسقيهم الله كأس خمر غضبه (رؤ14: 10) وسيكونون كمن يتخبط في سكره ولا يعرف طريقه، كمن في ظلام (وهذا معنى آية 16) لا يعرفون طريقهم وسط أهوال المصائب الآتية. والأصعب أنهم سيكونون بلا تعزية إلهية وبلا إرشاد إلهي. وسيكون مصدر ألامهم هو ما كانوا يفرحون به من قبل أي السكر فعقاب الخطية هو في الخطية نفسها. لا بل هم كالسكارى سيحطمون كل واحد أخاه = أحطمهم الواحد على أخيه (14). ولاحظ إجابتهم الهازئة في (12) أما نعرف معرفة = فمن يملأ نفسه من ملذات أي خمر العالم يصير هكذا هازئًا مستهترًا. وهذا مما يغضب الله، فيجعل هؤلاء كالسكارى يتخبطون في الظلام. وفي (14) نرى الله القدوس لا يقبل الخطية، فهو قطعًا لو تساهل مع الخطية وترك الخطاة ورحمهم لسادت الفوضى في العالم (أم25:19). ونلاحظ أنه في مثل المنطقة نرى أن من يبتعد عن الله يتعرض للفساد أي الهلاك، وفي مثل زق الخمر نرى أن من يبتعد عن الله يفقد أفراحه.
الآيات 15-21:- "اِسْمَعُوا وَاصْغَوْا. لاَ تَتَعَظَّمُوا لأَنَّ الرَّبَّ تَكَلَّمَ. أَعْطُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ مَجْدًا قَبْلَ أَنْ يَجْعَلَ ظَلاَمًا، وَقَبْلَمَا تَعْثُرُ أَرْجُلُكُمْ عَلَى جِبَالِ الْعَتَمَةِ، فَتَنْتَظِرُونَ نُورًا فَيَجْعَلُهُ ظِلَّ مَوْتٍ، وَيَجَعْلُهُ ظَلاَمًا دَامِسًا. وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا ذلِكَ، فَإِنَّ نَفْسِي تَبْكِي فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةً مِنْ أَجْلِ الْكِبْرِيَاءِ، وَتَبْكِي عَيْنَيَّ بُكَاءً وَتَذْرِفُ الدُّمُوعَ، لأَنَّهُ قَدْ سُبِيَ قَطِيعُ الرَّبِّ. قُلْ لِلْمَلِكِ وَلِلْمَلِكَةِ: «اتَّضِعَا وَاجْلِسَا، لأَنَّهُ قَدْ هَبَطَ عَنْ رَأْسَيْكُمَا تَاجُ مَجْدِكُمَا». أُغْلِقَتْ مُدُنُ الْجَنُوبِ وَلَيْسَ مَنْ يَفْتَحُ. سُبِيَتْ يَهُوذَا كُلُّهَا. سُبِيَتْ بِالتَّمَامِ. اِرْفَعُوا أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْمُقْبِلِينَ مِنَ الشِّمَالِ. أَيْنَ الْقَطِيعُ الَّذِي أُعْطِيَ لَكِ، غَنَمُ مَجْدِكِ؟ مَاذَا تَقُولِينَ حِينَ يُعَاقِبُكِ، وَقَدْ عَلَّمْتِهِمْ عَلَى نَفْسِكِ قُوَّادًا لِلرِّيَاسَةِ؟ أَمَا تَأْخُذُكِ الأَوْجَاعُ كَامْرَأَةٍ مَاخِضٍ؟"
(15) لو سمعوا وتواضعوا لما هلكوا وياليتهم سمعوا. (16)
أَعْطُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ مَجْدًا = أعطوا لله مجدًا وليس لأوثانكم وإعترفوا بخطاياكم وإقبلوا التأديب وسبحوا الله على إحساناته واعملوا أعمالًا صالحة تمجد الله، والبديل ظلامًا دامسًا = لا ترون معهُ طريقًا للهرب (رؤ10،9:16) فالله نور ومن يفارقه الله لا يجد سوى ظلمة. وفي الظلمة تعثر الأرجل فيتعثرون ويقعون في مصائبهم وليس من يقيمهم أو يرشدهم للطريق . بل سيكون هناك جبال.. عتمة يتعثرون فيها = الجبال هم الشياطين في كبريائهم ، فالشياطين يظلوا يحاولون إسقاطنا في التجارب مستخدمين سلاحهم وهو ملذات العالم الخاطئة. وبعد أن تأتي الضربات يظهر وجه الشيطان الآخر إذ يتلذذ الشيطان بآلام البشر. وهم بلا نور وفي الظلام الدامس سيكون هناك حالة يأس كامل. وفي (17) لم يتواضعوا ويسمعوا فبكى النبي رقيق المشاعر على مصيرهم = سُبِيَ قَطِيعُ الرَّبِّ. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وفي (18) على الملك والملكة أن يكونا قدوة لشعبهم ويقدمون توبة. وَهَبَطَ عَنْ رَأْسَيْكُمَا تَاجُ = لأن القرار صدر ضدهما من الله، وقد يكون الملك والملكة هما يهوياقيم وزوجته. وفي (19) أغلقت مدن الجنوب = أي مصر من حيث إنتظروا المعونة فلم يجدوا = وليس من يفتح. وفي (20) إرفعوا أعينكم وأنظروا = أي هذه الضربات قريبة كأنه هو ينظرها والغزاة القادمون كالذئاب، وهم كالقطيع وسيلتهمونه. وكان الرؤساء عليهم أن يعتبروا أنفسهم رعاة للقطيع يحافظون عليهم. وهنا يسألهم الله أين القطيع الذي سلمته إليكم. وكان قطيعًا جميلًا = غنم مجدك . وفي (21) كانوا أولًا ينظرون للكلدانيين كقوة يريدون التحالف معهم ليقوموا بحمايتهم فهم إختاروا بأنفسهم وضع الكلدانيين كقادة للرياسة عليهم (قُوَّادًا لِلرِّيَاسَةِ) = وهاهم الكلدانيين أتوا ليعاقبوهم (يُعَاقِبُكِ) = فماذا يقولون عن أفكارهم السابقة وحكمتهم التي ثبت فشلها. أما تأخذك الأوجاع منهم. هكذا كل من يذهب للشيطان يبيع نفسه لهُ طالبًا لذة يأتي خرابه وأوجاعه من الشيطان ولاحظ قول الله أين القطيع. غنم مجدك = لقد ذهبوا إلى السبي وتركت أورشليم خرابًا. أغلقت مدن الجنوب = قد تفسر أنه حتى مدنهم الجنوبية قد وقعت في الأسر، وليس من يفك هذا الأسر. والمعنى شمولية السبي لكل يهوذا. وفي (17) أماكن مستترة فيبدو أن النبي كان يهرب من أمام وجه الملك حتى لا يقتله.جِبَالِ الْعَتَمَةِ، فَتَنْتَظِرُونَ نُورًا فَيَجْعَلُهُ ظِلَّ مَوْتٍ، وَيَجَعْلُهُ ظَلاَمًا دَامِسًا = الشيطان مشبه هنا بجبل لكبريائه، وعناده. ولذلك هو مصدر للعتمة أي الظلام. والعكس فالمؤمن يشبه بالجبل فهو يحيا في السماويات، وثابت في إيمانه لا يتزعزع "اَلْمُتَوَكِّلُونَ عَلَى ٱلرَّبِّ مِثْلُ جَبَلِ صِهْيَوْنَ، ٱلَّذِي لَا يَتَزَعْزَعُ" (مز1:125). والمسيح على رأس كنيسته والمؤمنين فيها كالجبال "جَبَلَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتًا فِي رَأْسِ ٱلْجِبَالِ" (إش2:2). وبينما الشيطان هو سلطان الظلمة (لو53:22) نجد المسيح هو نور العالم الحقيقي (يو12:8)، بل أن من يتبع المسيح يجعله المسيح نوراً (مت14:5).
الآيات 22-27:- "وَإِنْ قُلْتِ فِي قَلْبِكِ: «لِمَاذَا أَصَابَتْنِي هذِهِ؟». لأَجْلِ عَظَمَةِ إِثْمِكِ هُتِكَ ذَيْلاَكِ وَانْكَشَفَ عَنَفًا عَقِبَاكِ. هَلْ يُغَيِّرُ الْكُوشِيُّ جِلْدَهُ أَوِ النَّمِرُ رُقَطَهُ؟ فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَقْدِرُونَ أَنْ تَصْنَعُوا خَيْرًا أَيُّهَا الْمُتَعَلِّمُونَ الشَّرَّ! « فَأُبَدِّدُهُمْ كَقَشٍّ يَعْبُرُ مَعَ رِيحِ الْبَرِّيَّةِ. هذِهِ قُرْعَتُكِ، النَّصِيبُ الْمَكِيلُ لَكِ مِنْ عِنْدِي، يَقُولُ الرَّبُّ، لأَنَّكِ نَسِيتِنِي وَاتَّكَلْتِ عَلَى الْكَذِبِ. فَأَنَا أَيْضًا أَرْفَعُ ذَيْلَيْكِ عَلَى وَجْهِكِ فَيُرَى خِزْيُكِ. فِسْقُكِ وَصَهِيلُكِ وَرَذَالَةُ زِنَاكِ عَلَى الآكَامِ فِي الْحَقْلِ. قَدْ رَأَيْتُ مَكْرَهَاتِكِ. وَيْلٌ لَكِ يَا أُورُشَلِيمُ! لاَ تَطَهَرِينَ. حَتَّى مَتَى بَعْدُ؟»"
(آية 22) نبوة بالسبي
فَـ:هُتِكَ ذَيْلاَكِ أي عارية بلا سروال. وانكشف.. عقباك أي بلا حذاء، وهكذا يسير المسبيين (إش 4:20) . عنفا = فمن يصنع هذا جيش بابل العنيف . وفي السبي سيتبعثرون كالقش (كَقَشٍّ) (24) أمام الريح، فمن ينجو من نار أورشليم لن يهرب من الريح وسيذهب إلى السبي. وفي (26) بسبب خطيتهم يسمح لهم الله بأن يتعروا ويفتضحوا كزانية. فحين تمادوا في كبريائهم أخجلهم الله. وخطاياهم التي نجدها في (27) هي خطايا مخجلة لذلك فعقابهم المذكور في (26) هو عقاب مخجل.وفي (25)
هذه قرعتك = أي نصيبك وجزاؤكِ لأنك إتكلت على الكذب = أي على المعاهدات مع مصر وغيرها ونسيتني. وعبدتِ الأوثان الباطلة وتركتِ عبادتي. ومع كل هذا فهم يحتجون على الله قائلين لماذا أصابتني هذه (22) وهذه هي أقوال كل خاطئ لا يريد التوبة ويرفض تأديب الله الذي يرده به عن انحرافه. وفي (23) الكوشي = أي الحبشي وهو أسود اللون بالطبيعة. والنمر = لونهُ أرقط أي به بقع سوداء. وهذا يقال كمثل عن الخطية التي هي في لون السواد. ولكن هناك فرق بين الكوشي وبين النمر فالكوشي كله أسود وهذه هي الطبيعة التي يولد بها الإنسان بعد سقوط آدم فالخطية هي سواد الروح. وبالطبع لا يمكننا تغيير هذا اللون الذي هو بالطبيعة ولكن هذا عمل الفداء فقط. وهناك النمر الأرقط وهذا يشير لخطاياي الشخصية التي من التعود عليها أصبحت كأنها طبيعة ثانية وهذه أيضًا صعب التخلص منها. ولكن بالتوبة أستفيد من عمل النعمة والروح القدس يعين على التغيير. ولكن بالنسبة ليهوذا فهذا المثل يعني أنهم وصلوا لحالة فيها هم أنفسهم رافضين التوبة. فالخطية أصبحت طبع لا يمكن إستئصاله كما لا يمكن تغيير لون الكوشي أو لون النمر. ولو سألت النمر هل تريد أن يتغير لونك ويصير لونًا واحدًا بلا بقع لوجد اللون الواحد باهتًا. وهكذا من تعوَّد الخطية يتصوَّر الحياة بدون خطية بلا طعم وباهتة.هَلْ يُغَيِّرُ الْكُوشِيُّ جِلْدَهُ أَوِ النَّمِرُ رُقَطَهُ = لون الكوشي الأسود يشير للخطية الأصلية التي ورثناها من أبونا آدم. وعن هذه الخطية التي نولد بها قال داود النبي [بالخطية ولدتني أمي] (مز 51: 5). أما رقط النمر السوداء فهي تشير للخطايا التي نرتكبها بسبب الطبيعة الساقطة التي ولدنا بها. والمسيح بفدائه حمل عنا كلاهما. وكانت ذبيحة الخطية رمزًا لحمل المسيح الخطية الأصلية عنا، وذبيحة الإثم كانت ترمز لحمل المسيح لخطايانا التي نرتكبها نتيجة لطبيعتنا الساقطة.
← تفاسير أصحاحات إرمياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إرميا 14 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إرميا 12 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/vwb39vf