← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40
في الإصحاح السابق رأينا نبوات ضد يكنيا ويهوياقيم ويهوأحاز والآن جاء الدور على صدقيا، لكن النبي لا يشير صراحة إلى اسم صدقيا. ولكن يشير إليه وإلى نهاية حكمه بطريقة رمزية، ونلاحظ الآتي:- فمعنى اسم صدقيا = الرب بر. وهنا يتنبأ إرميا بأن هناك ملك جديد يخرج كغصن من شجرة داود التي قطعت في شخص صدقيا حين قتله نبوخذ نصر ويسمى المسيح هنا الرب برنا آية 6 وأن المسيح هو غصن البر الذي يأتي ليملك آية 5 والمعنى أن البر بالمفهوم اليهودي أي المظهرية سينتهي ليقيم الله بر حقيقي بالمسيح. والإصحاح يشير للفساد الذي وصلت لهُ البشرية عمومًا تنجسوا جميعًا (11) بل أن الآيات 9-40 تشير لفساد عام. وهذه إلى حد بعيد تشبه ما قاله بولس الرسول "الجميع زاغوا وفسدوا" (رو3) واحتاج الجميع للبر الذي بالمسيح (راجع رو3). ولكننا نرى في الآيات 1-8 أن المسيح يبرر. وكون أن الآيات 1-8 تسبق الآيات 9-40 أو أن فكرة المسيح الذي يبرر تسبق أخبار فساد الشعب، فهذا يشير لأزلية فكرة الفداء. وهذا الإصحاح يجمع وظيفتي المسيح: 1- ملك آية 5؛ 2- راعي آية 4. ولاحظ أن المسيح هو المخلص الذي يرد لنا ميراثنا السماوي آية (6) في أيامه يخلص يهوذا (الكنيسة). ويسكن إسرائيل آمنًا (في ميراثه السماوي).
لكن الخلاص ليس للجميع، بل للبقية التي ستؤمن، فدائمًا في الضربات هناك بقية هي تخلص (نوح وعائلته في الطوفان/ لوط وبنتيه...) وفي خراب أورشليم هناك بقية تخلص. وحين يأتي المسيح هناك بقية ستؤمن = أنا أجمع بقية غنمي (آية 3) ومن يؤمن تعود لهُ البركة. التي فقدها آدم = "اثمروا واكثروا" وهنا نسمع فتثمر وتكثر (آية 3). ولاحظ أن بالخطية صار كنياهو ومعه البشر في حالة عقم، لكن بالمسيح تعود البركة، ولاحظ فبولس صار لهُ بلايين الأولاد (1كو15:4).
الآيات 1-8:- "« وَيْلٌ لِلرُّعَاةِ الَّذِينَ يُهْلِكُونَ وَيُبَدِّدُونَ غَنَمَ رَعِيَّتِي، يَقُولُ الرَّبُّ. لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ عَنِ الرُّعَاةِ الَّذِينَ يَرْعَوْنَ شَعْبِي: أَنْتُمْ بَدَّدْتُمْ غَنَمِي وَطَرَدْتُمُوهَا وَلَمْ تَتَعَهَّدُوهَا. هأَنَذَا أُعَاقِبُكُمْ عَلَى شَرِّ أَعْمَالِكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَأَنَا أَجْمَعُ بَقِيَّةَ غَنَمِي مِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي الَّتِي طَرَدْتُهَا إِلَيْهَا، وَأَرُدُّهَا إِلَى مَرَابِضِهَا فَتُثْمِرُ وَتَكْثُرُ. وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رُعَاةً يَرْعَوْنَهَا فَلاَ تَخَافُ بَعْدُ وَلاَ تَرْتَعِدُ وَلاَ تُفْقَدُ، يَقُولُ الرَّبُّ. «هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَأُقِيمُ لِدَاوُدَ غُصْنَ بِرّ، فَيَمْلِكُ مَلِكٌ وَيَنْجَحُ، وَيُجْرِي حَقًّا وَعَدْلًا فِي الأَرْضِ. فِي أَيَّامِهِ يُخَلَّصُ يَهُوذَا، وَيَسْكُنُ إِسْرَائِيلُ آمِنًا، وَهذَا هُوَ اسْمُهُ الَّذِي يَدْعُونَهُ بِهِ: الرَّبُّ بِرُّنَا. لِذلِكَ هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَصْعَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، بَلْ: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَصْعَدَ وَأَتَى بِنَسْلِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ وَمِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي الَّتِي طَرَدْتُهُمْ إِلَيْهَا فَيَسْكُنُونَ فِي أَرْضِهِمْ»."
هنا كلمات مرعبة
ويل للرعاة المهملين سواء ملوك أو كهنة الذين كان يجب أن يرعوا رعية الله = غنم رعيتي، ولكنهم بظلمهم بددوها. وهؤلاء الرعاة سيعاقبهم الله (2،1). وكلمة راعيَّ أطلقت على كورش كملك حرر اليهود من السبي (إش28:44) وها هي تطلق هنا على الكهنة. ولكن الراعي الحقيقي، كملك حررنا، وككاهن قدم ذبيحة نفسه ليفتش على الخروف الضال هو السيد المسيح (يو11:10). لذلك في (3) يتولى الله رعاية غنمه، أنا أجمع بقية غنمي. من جميع الأراضي فهو سيجمع الجميع يهودًا وأمم. فالله طرد الإنسان من الجنة بسبب الخطية وها هو بالفداء سوف يعيده للسماويات. وسيقيم الله على شعبه رعاة كوكلاء عنهُ. والمسيح كراعٍ صالح يقول "الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي.. لَمْ يَهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ ابْنُ الْهَلاَكِ" (يو 17: 12). وحدث هذا في العودة من السبي الذي كان رمزًا لعمل المسيح، أن أقام الله رعاة أمناء، مثل زربابل ونحميا وعزرا. ثم ينتقل الكلام بوضوح أكثر عن المسيا المنتظر، المسيح الذي يبررنا ويحررنا ويرعانا ويملك علينا وسيأتي في أواخر الأيام (أيام الدولة اليهودية) ليبارك كنيسته ويكون مجدًا لشعبه (6،5). وتأتي هذه النبوة عن المسيح بعد أن تنبأ النبي بأنه لن يجلس ابن ليكنيا على كرسي داود. ولكن كان الله قد سبق وَوَعد داود بأن له ابن يجلس على العرش إلى الأبد. وهكذا يتحقق الوعد في المسيح وفي المسيح قام عرش داود أكثر لمعانًا. وهذه النبوة واضحة جدًا عن المسيح. ويسمى هنا الغُصْن (زك8:3). وكلمة الغصن נֵ֫צֶר "نازارث" Nazareth، ولذلك قال القديس متى أن المسيح "يُدْعَى نَاصِرِيًّا" (مت2: 23)، وناصريا هذه مأخوذة من نازارث بمعنى الغصن. وبداية الكنيسة كانت المسيح الغصن، ولكنها نمت وإمتدت للعالم كله = حجر قطع بغير يد ثم صار جبلًا كبيرًا (دا 2). وهذا يعني أن بداية المسيحية كانت صغيرة وبعد ذلك نمت وإخضرت الشجرة وإمتلأت ثمارًا فالمسيح هو أصل وذرية داود (رؤ16:22). وهو غُصْنَ بِرّ وَ.. اسْمُهُ: الرَّبُّ بِرُّنَا (إر 23: 5-6) = وهنا تلاعب بالألفاظ فمعنى كلمة صدقيا (ياه = الرب – صدق) الذي معناه الرب برنا فبنهاية يكنيا إنتهى كرسي داود وأصبح عقيمًا. وصدقيا هذا سيأتي بعد ذلك أخباره الرديئة فليس هو الإنسان البار المُخَلِّص الذي يجب أن ينتظره الشعب فهذا بر زائف بل هناك في المستقبل المسيح برنا وهو آتٍ. وسيقيمه الرب كغصن جديد (فرخ أو نبت) بعد أن ينتهي كرسي داود الزمني. والمسيح هو القدوس البار وحده ويبرر من يؤمن به. وفي أيامه يُخلَّص يهوذا ويسكن إسرائيل آمنًا = هي الكنيسة التي قال لها "سلامي أترك لكم" فالكنيسة هي إسرائيل الروحي. وهناك ملحوظة أن الهيكل بُنِيّ في السنة 480 للخروج من أرض مصر والتحرر من العبودية (1مل1:6). وبعد السبي البابلي بـ490 سنة بُنِيَ هيكل المسيح . إذًا هنا مقارنة في (8،7) بين خلاص الشعب في المرتين. والمقارنة تعطي أهمية للخلاص من سبي بابل لأن هذا الخلاص أتى بعده وكان رمزًا واضحًا لخلاص المسيح. لذلك فمعنى هذه الآيات صراحة أنه حين نعرف خلاص المسيح وعمله في تحريرنا من الخطية لن نعود نذكر خلاص اليهود من مصر ولا من بابل، لأن كل هذه إنما كانت رموزًا فقط. فبكل المقاييس كان الخروج والخلاص من مصر أعظم بكثير جدًا من الخلاص من بابل، لذلك نفهم أن المقصود هو خلاص المسيح، وهذا كان لكل العالم . وهناك ملحوظة أخرى أن وقت بناء الهيكل الأول كانت الأمة اليهودية في أوج عظمتها أيام سليمان الملك. والمسيحية بالمسيح الذي أسسها ككنيسة هي جسده ، كانت ولا زالت في أوج مجدها طالما مسيحها فيها، نورها ومجدها. فالمجد الروحي أبدي.
الآيات 9-32:- "فِي الأَنْبِيَاءِ: اِنْسَحَقَ قَلْبِي فِي وَسَطِي. ارْتَخَتْ كُلُّ عِظَامِي. صِرْتُ كَإِنْسَانٍ سَكْرَانَ وَمِثْلَ رَجُل غَلَبَتْهُ الْخَمْرُ، مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ وَمِنْ أَجْلِ كَلاَمِ قُدْسِهِ. لأَنَّ الأَرْضَ امْتَلأَتْ مِنَ الْفَاسِقِينَ. لأَنَّهُ مِنْ أَجْلِ اللَّعْنِ نَاحَتِ الأَرْضُ. جَفَّتْ مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ، وَصَارَ سَعْيُهُمْ لِلشَّرِّ، وَجَبَرُوتُهُمْ لِلْبَاطِلِ. «لأَنَّ الأَنْبِيَاءَ وَالْكَهَنَةَ تَنَجَّسُوا جَمِيعًا، بَلْ فِي بَيْتِي وَجَدْتُ شَرَّهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. لِذلِكَ يَكُونُ طَرِيقُهُمْ لَهُمْ كَمَزَالِقَ فِي ظَلاَمٍ دَامِسٍ، فَيُطْرَدُونَ وَيَسْقُطُونَ فِيهَا، لأَنِّي أَجْلِبُ عَلَيْهِمْ شَرًّا سَنَةَ عِقَابِهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. وَفِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِالْكَذِبِ، وَيُشَدِّدُونَ أَيَادِيَ فَاعِلِي الشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا الْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ. صَارُوا لِي كُلُّهُمْ كَسَدُومَ، وَسُكَّانُهَا كَعَمُورَةَ. لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ عَنِ الأَنْبِيَاءِ: هأَنَذَا أُطْعِمُهُمْ أَفْسَنْتِينًا وَأَسْقِيهِمْ مَاءَ الْعَلْقَمِ، لأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ خَرَجَ نِفَاقٌ فِي كُلِّ الأَرْضِ. هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ، فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلًا. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ. قَائِلِينَ قَوْلًا لِمُحْتَقِرِيَّ: قَالَ الرَّبُّ: يَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ! وَيَقُولُونَ لِكُلِّ مَنْ يَسِيرُ فِي عِنَادِ قَلْبِهِ: لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ شَرٌّ. لأَنَّهُ مَنْ وَقَفَ فِي مَجْلِسِ الرَّبِّ وَرَأَى وَسَمِعَ كَلِمَتَهُ؟ مَنْ أَصْغَى لِكَلِمَتِهِ وَسَمِعَ؟» هَا زَوْبَعَةُ الرَّبِّ. غَيْظٌ يَخْرُجُ، وَنَوْءٌ هَائِجٌ. عَلَى رُؤُوسِ الأَشْرَارِ يَثُورُ. لاَ يَرْتَدُّ غَضَبُ الرَّبِّ حَتَّى يُجْرِيَ وَيُقِيمَ مَقَاصِدَ قَلْبِهِ. فِي آخِرِ الأَيَّامِ تَفْهَمُونَ فَهْمًا. «لَمْ أُرْسِلِ الأَنْبِيَاءَ بَلْ هُمْ جَرَوْا. لَمْ أَتَكَلَّمْ مَعَهُمْ بَلْ هُمْ تَنَبَّأُوا. وَلَوْ وَقَفُوا فِي مَجْلِسِي لأَخْبَرُوا شَعْبِي بِكَلاَمِي وَرَدُّوهُمْ عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيءِ وَعَنْ شَرِّ أَعْمَالِهِمْ. أَلَعَلِّي إِلهٌ مِنْ قَرِيبٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلَسْتُ إِلهًا مِنْ بَعِيدٍ. إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ قَدْ سَمِعْتُ مَا قَالَهُ الأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ تَنَبَّأُوا بِاسْمِي بِالْكَذِبِ قَائِلِينَ: حَلِمْتُ، حَلِمْتُ. حَتَّى مَتَى يُوجَدُ فِي قَلْبِ الأَنْبِيَاءِ الْمُتَنَبِّئِينَ بِالْكَذِبِ؟ بَلْ هُمْ أَنْبِيَاءُ خِدَاعِ قَلْبِهِمِ! الَّذِينَ يُفَكِّرُونَ أَنْ يُنَسُّوا شَعْبِي اسْمِي بِأَحْلاَمِهِمِ الَّتِي يَقُصُّونَهَا الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ، كَمَا نَسِيَ آبَاؤُهُمُ اسْمِي لأَجْلِ الْبَعْلِ. اَلنَّبِيُّ الَّذِي مَعَهُ حُلْمٌ فَلْيَقُصَّ حُلْمًا، وَالَّذِي مَعَهُ كَلِمَتِي فَلْيَتَكَلَّمْ بِكَلِمَتِي بِالْحَقِّ. مَا لِلتِّبْنِ مَعَ الْحِنْطَةِ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ «أَلَيْسَتْ هكَذَا كَلِمَتِي كَنَارٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَكَمِطْرَقَةٍ تُحَطِّمُ الصَّخْرَ؟ لِذلِكَ هأَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ، يَقُولُ الرَّبُّ، الَّذِينَ يَسْرِقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. هأَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ، يَقُولُ الرَّبُّ، الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِسَانَهُمْ وَيَقُولُونَ: قَالَ. هأَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً، يَقُولُ الرَّبُّ."
هنا الكلام موَجه للأنبياء الكذبة وللشعب الذي إنخدع بأقوالهم. وفي (9) هذا النبي المحب
كان قلبه ينسحق (اِنْسَحَقَ قَلْبِي) عند سماعه كلام الرب ضد شعبه = من أجل كلام قدسه. وكان ينسحق بالأكثر من أجل الرب = الذي كان هؤلاء الكذبة يستخدمون اسمه باطلًا وبالكذب. وفي (10) الفاسقين = أي الزناة روحيًا وجسديًا بلا خوف من الله. لأنه من أجل اللعن = نتيجة خطاياهم وإهاناتهم لله لعنهم الله فجفت أرضهم (جَفَّتْ مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ). لأنه لا توبة ، وهم لهم قوة جبارة لكن للأسف فهي مستخدمة للشر ولذلك فكل تعبهم باطل لأنه بدون بركة الله. وفي (11) فالأنبياء والكهنة يتظاهرون بخدمة الرب حتى في بيته ولكن هم لهم أغراضهم الأخرى وهم تنجسوا جميعًا (النجاسة إشارة للزنا الجسدي والزنا الروحي).بل في بيتي
. ويشرح حزقيال هذا في (حز 8) كيف أدخل هؤلاء العبادة الوثنية داخل الهيكل . وفي (12) لأنهم ضللوا الشعب فهم سيكونون في ظلام. وبينما هم يحاولون أن يقودوا آخرين لن يجدوا هم أمان أو سلام في طريقهم. هم يخدعون الناس ليجدوا راحة مزيفة بينما هم ليس لديهم راحة. بل ستأتي سنة عقابهم = أي الوقت الذي حدده الله ليعاقبهم. وفي (13) يقارن بينهم وبين أنبياء السامرة الذين كانوا يتنبأون باسم "بعل" الههم فجعلوا الناس يتركون عبادة الله ويعبدون البعل. ولكن الحال في أورشليم أسوأ فهم يستخدمون اسم الله مما يخدع الناس بالأكثر (14) ، فشعب الله إذا سمع من يتكلم بإسم البعل سيرفضون السماع ولكن إذا وجدوا من يتكلم باسم الله قد ينخدعوا ويسمعوا فيسقطوا.وفي (15)
إفسنتينا = مر وسام هكذا ماء العلقم. وفي (16) لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ، فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلًا = لا تسمعوا لهم فيجعلونكم باطلًا = مَنْ يتبع الباطل يصير باطلًا مثله. وهم باطل فهم لا يسمعون من الرَّبِّ بل برؤيا قلبهم. وفي (17) لمحتقري = أي من يحتقر الرب عوضًا عن أن يوبخوه يقولون لهُ سلام. وفي (18) يتهمهم الله أنهم لم يتشاوروا معهُ ولم يسألوه ماذا يقولون ولا حتى قرأوا كتابه المقدس فيعرفون إرادته. وفي (19) غضب الرب كعاصفة لا شيء يقف أمامها . وفي (20) الله لن يغير مقاصده حتى ينفذ ما يريد. والشعب لن يفهموا الآن بل حين يأتي الخراب في نهاية الأيام سيرون بعيونهم ويفهمون (تَفْهَمُونَ) وهم لن يفهموا الآن ليس لأن كلام الله فيه غموض فها هو إرمياء يصيح في كل مكان بوضوح تام ولكن هم لا يريدون أن يفهموا . وفي (21) لم يرسل الله هؤلاء بل هم جروا = بكل جرأة لا شيء يعوقهم. فالمعوقات تقف في سبيل الأنبياء الحقيقيين مثل إرمياء. ولكن لماذا سمح الله بهم؟ لماذا لم يمنعهم؟. لأن الشعب لم يكن يستحق هذا. وهم لم يطلبوا الله ليعرفوا الحق من الباطل. بل هم سألوا شهوات قلوبهم. وفي (23) أَلَعَلِّي إِلهٌ مِنْ قَرِيبٍ.. وَلَسْتُ.. مِنْ بَعِيدٍ = الله يعرف كل شيء، فمن يتصوَّر أن الله لأنه بعيدًا في السماء على عرشه فهو لا يعرف ما يحدث هنا على الأرض يخطئ. والمعنى الله يعرف كل شيء ولا داعي أن يكون قريب ليرى كل شيء فنخشاه، فهو وهو من بعيد يعرف ويرى كل شيء. [كيف أصنع هذا الشر أمام الرب] (تك 39: 9)، هذا بعين الإيمان الذي يرى الله دائمًا قريب. وهو يعرف الأحلام (لعل الأحلام تشير لأوهامهم) (25) والتي يدعون كاذبين أنهم يرونها.ملحوظة:- هذه هي لعبة الشيطان الدائمة: أن يعطينا شعور أن الله بعيد ولن يرانا. أو يعطي وَهْم خاطئ بأن الله يمكن أنه يرى.. نعم ولكن لن يعاقب على هذه، فهو يعرف ظروفك الخاصة. وفي (26) إلى متى يظل هذا في قلوب الأنبياء الكذبة الذين هم أنبياء خداع قلبهم. ونفس هذا السؤال موجه لكل من إنخدع بخطاياه. وفي (28) هنا الله يضع الإنسان أمام حقيقة هامة. فليستعمل الأنبياء الكذبة
أحلامهم ليخدعوا شعبي أما رجالي وأنبيائي الحقيقيين يستعملون كلمتي. ولكن فالأولى كالتبن وكلمتي كالحنطة. الأولى تحرقها النار والثانية تشبع وتغذي وتنمي. الأولى بلا قيمة تطير في الهواء والثانية هي التي لها قيمة. وليسأل أحد المخدوعين وكيف لي أن أعرف فأنا بريء مخدوع والرد في (29) = لا بل كل كلمة من فم الله كنار تُصَلِّبْ الصلصال أي تقوى وتشدد الركب المرتخية وتذيب الشمع. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). القلوب المتحجرة كالشمع تذيبها وإذا لم تذوب بالنار تكون كلمة الله كمطرقة تحطم الصخر. إذا لم يذوب بنار الحب فيطبع الله فيه صورته، فكلمته تحطم القلب المتحجر لأنها تخيف الخاطئ. فنفس الكلمة التي تعزي وتفرح، تخيف وترعب على حسب حالة القلب. وهناك قلب شمعي كلمة الله تذيبه بالمحبة وهناك قلب صخري يحطمه الله بالخوف. وإذا كان هناك خبث فكلمة الله تحرقه وتنقي الذهب منه والله يضع السامعين أمام سؤال هام. ما تأثير كلمة أي إنسان عليكم؟ اسألوا قلوبكم. ماذا في داخلها؟ توبة، عزاء، فرح، حب، عطف وشفقة... إذًا هي كلمة الله. أو شهوة وغم وقلق واضطراب إذًا هي خداعات الأنبياء الكذبة أو شهواتكم. وفي (30) يسرقون كلمتي = هم يسرقون كلمة الله الحقيقية من قلوب سامعيها (مت 19:13) أو بخداعاتهم يفقدوا كلمة الله تأثيرها في القلوب. وهم يسرقون كلمات أنبيائي وتعبيراتهم ويخلطونها بما عندهم وفي (31) يأخذون لسانهم ويقولون قال = أي يتكلمون بما يريدون وينسبونه لي.
الآيات 33-40:- "«وَإِذَا سَأَلَكَ هذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟ فَقُلْ لَهُمْ: أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ، هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ، أُعَاقِبُ ذلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ. هكَذَا تَقُولُونَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ وَالرَّجُلُ لأَخِيهِ: بِمَاذَا أَجَابَ الرَّبُّ، وَمَاذَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ. أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ، لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِنَا. هكَذَا تَقُولُ لِلنَّبِيِّ: بِمَاذَا أَجَابَكَ الرَّبُّ، وَمَاذَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ. وَإِذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ، فَلِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ قَوْلِكُمْ هذِهِ الْكَلِمَةَ: وَحْيُ الرَّبِّ، وَقَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ قَائِلًا لاَ تَقُولُوا: وَحْيُ الرَّبِّ، لِذلِكَ هأَنَذَا أَنْسَاكُمْ نِسْيَانًا، وَأَرْفُضُكُمْ مِنْ أَمَامِ وَجْهِي، أَنْتُمْ وَالْمَدِينَةَ الَّتِي أَعْطَيْتُكُمْ وَآبَاءَكُمْ إِيَّاهَا. وَأَجْعَلُ عَلَيْكُمْ عَارًا أَبَدِيًّا وَخِزْيًا أَبَدِيًّا لاَ يُنْسَى»."
التهمة الموجهة لهم هنا هي الإستهزاء بأنبياء الرب وكلمته. وجعلهما مادة للسخرية (الآيات 33، 34). فهم يسخرون قائلين ما هو وحي الرب. وكلمة وحي هي في الأصل تستخدم بمعنى وحي أو حمل. والأنبياء إستخدموها بمعنى حمل ليعبروا عن أن كلمة الله داخلهم كحمل وهي تضغط عليهم حتى لا يكفوا عن ترديدها.
وهذا ما شعر به إرمياء النبي أن كلمة الله داخله كانت كنار لم يستطع أن يكتمها داخله إذ أراد أن يسكت ولا يتكلم (إر 20: 9).(آية 33) إذًا فالتهمة الموجهة لهم هنا أنهم بدأوا يسخرون من كلمة وحي بمعناها حِمْلْ فالنبي الحقيقي يستخدمها بمعنى: 1) أنها حِمْل يضغط عليه ولا بد أن يقوله للناس ولا يخفيه مهما كان صعبًا (مثلًا نبوات إرمياء إشتملت على قرار الله بحرق أورشليم والهيكل). 2) وكانت هذه النبوات المؤلمة هي كَحِمْل ثقيل على النبي، فهو يحب أورشليم ويقدس الهيكل، فكيف له أن يحتمل هذا الحِمْل القاسي. أما الشعب المستهزئ بكلمة الله فكانوا يسألون النبي: [ماذا تريد أن تحملنا به من أحمالًا ثقيلة اليوم؟!]، وهم غير مصدقين النبي بل ساخرين منه = وَإِذَا سَأَلَكَ هذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ (نبي من الأنبياء الكذبة) أَيُّ وَحْيٍ؟ = ما الحمل أو الثقل الجديد اليوم؟ قل لهم أنتم الحمل الذي يحمله الله وهو مزمع أن يتخلص منكم = إني أرفضكم. (هذه من ترجمة الـJerusalem Bible). (آية 34) ومن يكرر هذه السخرية على كلمة وحي فسأعاقبه. وفي (35) يعلمهم الرب أن يسألوا بقلبهم عن إرادة الرب. وفي (آية36) ينذرهم الرب أن من يسخر من كلمة وحي بمعنى حمل فإن الله سيجعله يحمل حملًا ثقيلًا نتيجة كلمته الساخرة.
وعمل الشيطان دائمًا أن يُعلِّم الخطاة أن يسخروا من كلمة الله. (وحتى اليوم فالهازئين يهزأون من خدام الله الذين يحذرون من أن جهنم مصير الأشرار. بل هناك من يهزأ بالكتاب المقدس نفسه) وغالبًا فإن هذا بدأ من الكهنة والأنبياء الكذبة وعلموه للشعب. اما نحن فعلينا أن نطلب بوقار أن نعرف مشيئة الله وفكره. أما كلمة الله لهم ووحيه فهي
إني أرفضكم (33) . وفي (34) الله سيعاقبهم بسبب سخريتهم بكلمة الوحي. وفي (36) كلمة كل إنسان تكون وحيه = لها معنيان فكل إنسان سيضلله عقله والله لن يرشده للحق. ولكن إذا فهمنا كلمة وحي بحسب أصلها وأن معناها حمل BURDEN فإن هذا الإنسان الشرير سيكون ذنب خطيته ثقيلًا عليه حتى يغرقه في هوة الخراب. وقد تكون سخريتهم معناها "ما هو الثقل الجديد علينا".
← تفاسير أصحاحات إرمياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إرميا 24 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إرميا 22 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/v69m6xp