← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34
الآيات 1-15:- "اَلْكَلِمَةُ الَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ قَائِلًا: «قِفْ فِي بَابِ بَيْتِ الرَّبِّ وَنَادِ هُنَاكَ بِهذِهِ الْكَلِمَةِ وَقُلْ: اِسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ يَا جَمِيعَ يَهُوذَا الدَّاخِلِينَ فِي هذِهِ الأَبْوَابِ لِتَسْجُدُوا لِلرَّبِّ. هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: أَصْلِحُوا طُرُقَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ فَأُسْكِنَكُمْ فِي هذَا الْمَوْضِعِ. لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى كَلاَمِ الْكَذِبِ قَائِلِينَ: هَيْكَلُ الرَّبِّ، هَيْكَلُ الرَّبِّ، هَيْكَلُ الرَّبِّ هُوَ! لأَنَّكُمْ إِنْ أَصْلَحْتُمْ إِصْلاَحًا طُرُقَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ، إِنْ أَجْرَيْتُمْ عَدْلًا بَيْنَ الإِنْسَانِ وَصَاحِبِهِ، إِنْ لَمْ تَظْلِمُوا الْغَرِيبَ وَالْيَتِيمَ وَالأَرْمَلَةَ، وَلَمْ تَسْفِكُوا دَمًا زَكِيًّا فِي هذَا الْمَوْضِعِ، وَلَمْ تَسِيرُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لأَذَائِكُمْ فَإِنِّي أُسْكِنُكُمْ فِي هذَا الْمَوْضِعِ، فِي الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُ لآبَائِكُمْ مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. « هَا إِنَّكُمْ مُتَّكِلُونَ عَلَى كَلاَمِ الْكَذِبِ الَّذِي لاَ يَنْفَعُ. أَتَسْرِقُونَ وَتَقْتُلُونَ وَتَزْنُونَ وَتَحْلِفُونَ كَذِبًا وَتُبَخِّرُونَ لِلْبَعْلِ، وَتَسِيرُونَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لَمْ تَعْرِفُوهَا، ثُمَّ تَأْتُونَ وَتَقِفُونَ أَمَامِي فِي هذَا الْبَيْتِ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي عَلَيْهِ وَتَقُولُونَ: قَدْ أُنْقِذْنَا. حَتَّى تَعْمَلُوا كُلَّ هذِهِ الرَّجَاسَاتِ؟ هَلْ صَارَ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي عَلَيْهِ مَغَارَةَ لُصُوصٍ فِي أَعْيُنِكُمْ؟ هأَنَذَا أَيْضًا قَدْ رَأَيْتُ، يَقُولُ الرَّبُّ. لكِنِ اذْهَبُوا إِلَى مَوْضِعِي الَّذِي فِي شِيلُوهَ الَّذِي أَسْكَنْتُ فِيهِ اسْمِي أَوَّلًا، وَانْظُرُوا مَا صَنَعْتُ بِهِ مِنْ أَجْلِ شَرِّ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. وَالآنَ مِنْ أَجْلِ عَمَلِكُمْ هذِهِ الأَعْمَالَ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَقَدْ كَلَّمْتُكُمْ مُبَكِّرًا وَمُكَلِّمًا فَلَمْ تَسْمَعُوا، وَدَعَوْتُكُمْ فَلَمْ تُجِيبُوا، أَصْنَعُ بِالْبَيْتِ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي عَلَيْهِ الَّذِي أَنْتُمْ مُتَّكِلُونَ عَلَيْهِ، وَبِالْمَوْضِعِ الَّذِي أَعْطَيْتُكُمْ وَآبَاءَكُمْ إِيَّاهُ، كَمَا صَنَعْتُ بِشِيلُوهَ. وَأَطْرَحُكُمْ مِنْ أَمَامِي كَمَا طَرَحْتُ كُلَّ إِخْوَتِكُمْ، كُلَّ نَسْلِ أَفْرَايِمَ."
غالبًا الإصحاحات (7-10) هي عظة واحدة قالها إرمياء النبي في الهيكل في مناسبة عيد حيث يجتمع كثيرين من الشعب. وهو بأقواله هنا سوف يثير الكهنة ولكن عليه أن لا يخافهم. ولنلاحظ أن في قولهم هيكل الرب حماية لنا، نوع من الإستخفاف فهل الله القدوس يرضَى بالخطية!! حاشا بل هو يدينها. لقد رأينا في الإصحاح السابق أن الكهنة والأنبياء الكذبة يشفون الجرح على عثم أي يعطون وعودا بالسلام بدون أن يدعوا الشعب للتوبة، لكن إرمياء لم يصنع هكذا. ومن يظن أنه يحتمي بالكنيسة وهو شرير فليقل لنا أين السبع الكنائس التي تحدث إليها يوحنا في سفر الرؤيا (أصحاحي 3،2) وهذا ما يشير إليه هنا بقوله "لكن إذهبوا إلى موضعي الذي في شيلوه" (مزمور60:78) حيث كانت خيمة الأجتماع أيام عالي الكاهن ولكن لأن أولاده نجسوا المكان إستولى الفلسطينيون على تابوت العهد. فلماذا لا يحدث هذا للهيكل ولأي كنيسة يكون في وسطها شر. إذًا المطلوب التوبة عن الخطايا، فالخطايا أو مخالفة وصايا الله تحمل في طياتها موتًا. بل في أيام إرمياء كان الأشوريون قد دمروا شيلوه تدميرًا نهائيًا فالله لا يقبل شعبه وهم في خطاياهم. وهذا نفس خطأ الشعب أيام عالي فقد ظنوا أن وجود تابوت العهد معهم حماية لهم، ويمكنهم الاستمرار في خطاياهم وفي (11) من يصنع الخطية ويذهب بلا خجل لبيت الرب يجعله مغارة للصوص وهذه الآية إستعملها السيد المسيح عندما طهر الهيكل. وفي (15) أطرحهم من أمامي = هي آية مخيفة، فلو طُرِحْنَا في أي مكان وكان الله معنا لاحتملنا، ولكن أن نُطْرَح والله يرفضنا فهذا هو غير المُحْتَمَل.
الآيات 16-20:- "وَأَنْتَ فَلاَ تُصَلِّ لأَجْلِ هذَا الشَّعْبِ وَلاَ تَرْفَعْ لأَجْلِهِمْ دُعَاءً وَلاَ صَلاَةً، وَلاَ تُلِحَّ عَلَيَّ لأَنِّي لاَ أَسْمَعُك. «أَمَا تَرَى مَاذَا يَعْمَلُونَ فِي مُدُنِ يَهُوذَا وَفِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ؟ الأَبْنَاءُ يَلْتَقِطُونَ حَطَبًا، وَالآبَاءُ يُوقِدُونَ النَّارَ، وَالنِّسَاءُ يَعْجِنَّ الْعَجِينَ، لِيَصْنَعْنَ كَعْكًا لِمَلِكَةِ السَّمَاوَاتِ، وَلِسَكْبِ سَكَائِبَ لآلِهَةٍ أُخْرَى لِكَيْ يُغِيظُونِي. أَفَإِيَّايَ يُغِيظُونَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَلَيْسَ أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ خِزْيِ وُجُوهِهِمْ؟ لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَا غَضَبِي وَغَيْظِي يَنْسَكِبَانِ عَلَى هذَا الْمَوْضِعِ، عَلَى النَّاسِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ وَعَلَى شَجَرِ الْحَقْلِ وَعَلَى ثَمَرِ الأَرْضِ، فَيَتَّقِدَانِ وَلاَ يَنْطَفِئَانِ."
كان إرميا نبيًا مصليًا عن شعبه. وكان لهذا الشعب أمل في شفاعته سابقًا ولكن ابتداء من آية (16) فقد الشعب هذا الرجاء. وعجيب هو إرمياء في محبته فبالرغم من كل أذيتهم لهُ كان دائم الصلاة لأجلهم. وهذه خطورة مَنْ يصلي ويتشفع بالقديسين وهو باقٍ في خطيته لا يريد أن يتوب. والسبب في هذا قساوة قلوبهم فأصبحت صلاة النبي بلا فائدة لهم. وفي (18،17) الله يشرح لهُ السبب فالكل يشتركون في العبادة لملكة السموات وتسمى عشتاروث وأيضًا سكبوا لآلهة أخرى كثيرة أي عبدوها. ومن يترك الله الحقيقي يضل وراء آلهة كثيرة وشهوات كثيرة. وفي (19) أكيد أن الله لن ينقص ولن يتأثر بهذا بل أن الذين ذهبوا وراء هذه الآلهة هم الذين سيخجلون. فمن يذهب للشيطان يستعبده الشيطان ويبتعد عنهُ الله، وينسكب غضب الله على هذا المكان فهو سيسلمه لإبليس الشرير فيحرقه (20) فلنخجل نحن من اهتمام هؤلاء بآلهتهم وعدم اهتمامنا نحن بإلهنا ولنشعر بفخر إذا قدمنا لهُ خدمة وعبادة فهو الذي يعطينا من إحساناته ونلاحظ أن غضب الله ينصب على البهائم والشجر أيضًا فالإنسان إما أن يكون سبب بركة أو لعنة للأرض (راجع تفسير معنى الكاروبيم حز1).
الآيات 21-28:- "« هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: ضُمُّوا مُحْرَقَاتِكُمْ إِلَى ذَبَائِحِكُمْ وَكُلُوا لَحْمًا. لأَنِّي لَمْ أُكَلِّمْ آبَاءَكُمْ وَلاَ أَوْصَيْتُهُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ جِهَةِ مُحْرَقَةٍ وَذَبِيحَةٍ. بَلْ إِنَّمَا أَوْصَيْتُهُمْ بِهذَا الأَمْرِ قَائِلًا: اسْمَعُوا صَوْتِي فَأَكُونَ لَكُمْ إِلهًا، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي شَعْبًا، وَسِيرُوا فِي كُلِّ الطَّرِيقِ الَّذِي أُوصِيكُمْ بِهِ لِيُحْسَنَ إِلَيْكُمْ. فَلَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يُمِيلُوا أُذْنَهُمْ، بَلْ سَارُوا فِي مَشُورَاتِ وَعِنَادِ قَلْبِهِمِ الشِّرِّيرِ، وَأَعْطَوْا الْقَفَا لاَ الْوَجْهَ. فَمِنَ الْيَوْمِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ آبَاؤُكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ كُلَّ عَبِيدِي الأَنْبِيَاءِ، مُبَكِّرًا كُلَّ يَوْمٍ وَمُرْسِلًا. فَلَمْ يَسْمَعُوا لِي وَلَمْ يُمِيلُوا أُذُنَهُمْ، بَلْ صَلَّبُوا رِقَابَهُمْ. أَسَاءُوا أَكْثَرَ مِنْ آبَائِهِمْ. فَتُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ هذِهِ الْكَلِمَاتِ وَلاَ يَسْمَعُونَ لَكَ، وَتَدْعُوهُمْ وَلاَ يُجِيبُونَكَ. فَتَقُولُ لَهُمْ: هذِهِ هِيَ الأُمَّةُ الَّتِي لَمْ تَسْمَعْ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِهَا وَلَمْ تَقْبَلْ تَأْدِيبًا. بَادَ الْحَقُّ وَقُطِعَ عَنْ أَفْوَاهِهِمْ."
كما أن الهيكل لن يحميهم هكذا الذبائح لن تكفر عنهم. وليس معنى (22) أن الله لم يطلب ذبائح فهو الذي أوصاهم بهذا، بل أن الله كان يطلب أولًا الطاعة. أي النفس التي تقف أمامه كذبيحة خاضعة لوصاياه ولكن لأنهم إكتفوا بالشكليات، فالله هنا يتكلم عن ذبائحهم بإزدراء. وذبيحة المحرقة (مُحْرَقَةٍ وَذَبِيحَةٍ) كانت كلها تقدم على المذبح لا يأكل منها إنسان. كلها لله. هي تعبر عن الطاعة الكاملة لله، وهذا ما يرضي الله. ولكن كان على من يقدمها أن يصلي ويشعر أن عليه أن يطيع الله طاعة كاملة، ويقدم كل طاقاته لخدمة الله (فكان شحم الذبيحة كله يحرق على المذبح والشحم يعبر عن طاقة الجسم). أما ذبائح السلامة = فكان جزء منها يحرق على المذبح، هو لله، وجزء للكهنة وجزء يأكله مُقدِّم الذبيحة. وهذه الذبيحة تتكلم عن الشركة الحلوة بين الله وشعبه، وبين شعبه بعضهم البعض. وذبائح الخطية والإثم تذهب كلها للكاهن تعبيراً عن أن الخطية غفرت تماما بدليل أن الكاهن يأكلها. فكان الكاهن ومقدم الذبيحة عليهم أن يقدموا الشكر لله الذي يغفر الخطية. ولذلك يبدو أنهم كانوا يفضلون هذا النوع ليحصلوا على نصيبهم من الذبيحة
وهنا يسخر الله من ذبائحهم قائلًا كلوا من لحم ذبيحة المحرقة كما من ذبيحة السلامة فأنا لن أرضَى بذبائحكم ولا فائدة منها وإشبعوا = وكلوا لحمًا. فأنتم لأني غير راضٍ عنكم فلن تستفيدوا من الذبيحة سوى ما تأكلونه منها. الذبيحة تقدم لإرضاء الله فإن كان الله لن يرضَى عليهم، تصير الذبيحة لا قيمة لها سوى أنهم يشبعون لحما. وهم لم يسمعوا لله ولن يسمعوا للنبي أيضًا فـ:باد الحق وقُطِعَ من أفواههم.
أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ كُلَّ عَبِيدِي... مبكرًا
(25) = في المقدمة قلنا أن سفر إرمياء يسمى سفر الإنذار المبكر، فالله ينذر قبل أن تأتي ضرباته.
الآيات 29-34:- "« جُزِّي شَعْرَكِ وَاطْرَحِيهِ، وَارْفَعِي عَلَى الْهِضَابِ مَرْثَاةً، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ رَفَضَ وَرَذَلَ جِيلَ رِجْزِهِ. لأَنَّ بَنِي يَهُوذَا قَدْ عَمِلُوا الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ، يَقُولُ الرَّبُّ. وَضَعُوا مَكْرَهَاتِهِمْ فِي الْبَيْتِ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي لِيُنَجِّسُوهُ. وَبَنَوْا مُرْتَفَعَاتِ تُوفَةَ الَّتِي فِي وَادِي ابْنِ هِنُّومَ لِيُحْرِقُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ بِالنَّارِ، الَّذِي لَمْ آمُرْ بِهِ وَلاَ صَعِدَ عَلَى قَلْبِي. «لِذلِكَ هَا هِيَ أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ الرَّبُّ، وَلاَ يُسَمَّى بَعْدُ تُوفَةُ وَلاَ وَادِي ابْنِ هِنُّومَ، بَلْ وَادِي الْقَتْلِ. وَيَدْفِنُونَ فِي تُوفَةَ حَتَّى لاَ يَكُونَ مَوْضِعٌ. وَتَصِيرُ جُثَثُ هذَا الشَّعْبِ أَكْلًا لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَلِوُحُوشِ الأَرْضِ، وَلاَ مُزْعِجَ. وَأُبَطِّلُ مِنْ مُدُنِ يَهُوذَا وَمِنْ شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ صَوْتَ الطَّرَبِ وَصَوْتَ الْفَرَحِ، صَوْتَ الْعَرِيسِ وَصَوْتَ الْعَرُوسِ، لأَنَّ الأَرْضَ تَصِيرُ خَرَابًا."
في (29) إنذار آخر لأورشليم لعلها تتوب أو تحزن على ما سيحل عليها من كوارث ويقول لها جُزِّي شَعْرَكِ = 1) الشعر هو مجد المرأة كما يقول القديس بولس الرسول "وَأَمَّا ٱلْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ تُرْخِي شَعْرَهَا فَهُوَ مَجْدٌ لَهَا" (1كو15:11). وبهذا فإن جز شعرها يعني ضياع المجد عن أورشليم، والمعنى أن الله سيفارقهم، وهذا ما فهمته إمرأة فينحاس الكاهن حينما أخذ الفلسطينيون تابوت العهد (1صم4: 21-22). 2) وأيضًا فهذه علامة مناحة على ما سيحدث معهم = وَارْفَعِي عَلَى الْهِضَابِ مَرْثَاةً. 3) ولها معنى آخر فالنذير كان يربي شعره ولا يحلقه (عد 6: 5) [مثل شمشون]، وشعره يعتبر إكليلاً لهُ وأورشليم هي نذير للرب، ولأنها الآن أصبحت مرفوضة فعليها أن تقص شعرها لأنها لم تعد مقدسة للرب.
وفي (30) وضع المكرهات (وَضَعُوا مَكْرَهَاتِهِمْ) أي أوثانهم في بيت الله (فِي الْبَيْتِ) = هذا يساوي اليوم (حاليًا) حِفْظ الخطية في القلب، فالمسيحي صار بعد المعمودية والميرون مكرسا لله إذ سكن فيه الروح القدس . وفي (31) مرتفعات توفة = حيث يوجد تمثال مولوك في وادي ابن هنوم وهو بجوار أورشليم. وهناك كان تمثال مولوك النحاسي الذي يشعلونه حتى يحمر لونه ثم يرمون أطفالهم عليه كذبائح وهم أحياء. وكانت توفة مكانًا لقبر جيش أشور يوم الـ(185000) والآن ستصير قبورًا لهم بسبب خطيتهم ولذلك ستسمى وادي القتل (32). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وإسم الوادي هنوم أو أرض هنوم وبسبب الحرائق التي إشتعلت فيها ثم القتلى فيها أخذت منه لفظة جهنم في اليونانية فلفظة "جي" Γη = أرض في اليونانية. ولكن في أيام المسيح كان هذا المكان قد صار مزبلة أورشليم حيث يحرقون النفايات ، ويرعَى الدود في الفضلات. ومن هذا المنظر أخذ السيد المسيح تشبيه جهنم بالنار التي لا تُطفَأ والدود الذي لا يموت. وكان يوشيا الملك الصالح هو من حوَّلَ هذا المكان إلى مزبلة ليبطل العبادة الوثنية فيه. ومن أيام يوشيا صار هذا المكان مزبلة أورشليم. وفي (34) لن تكون هناك أفراح بسبب السبي والموت والخراب. فمن لم يشفوا من أفراحهم العالمية سيأتي يوم يحرموا فيه من كل فرح. وهذه الأوصاف تناسب آخر الأيام.
في الإصحاحات (إر 2-6) كان عتاب الله للشعب سرًا (إر 2:2)، ولكنهم لم يسمعوا. لذلك ها هو هنا يعاتب علنيًا وفي الهيكل على فم إرمياء (إر 2:7) قف في باب بيت الرب. فالله يبدأ يعاتبنا سرًا في داخل قلوبنا وإن لم نسمع صوت تبكيت الروح القدس الهادئ، يسمعنا الله التوبيخ علنًا. ويبدو أنهم كانوا يرنمون ترنيمة يقولون فيها "هيكل الرب هيكل الرب هيكل الرب هو" ويقصدون أن فيه الحماية، أي وجود الهيكل وسطهم فيه حماية لهم = قد أنقذنا ولكن إرمياء يقول لا.. فإن لم يكن الإصلاح داخليًا في القلب فلا حماية، والخراب لا بُد سيأتي. ولنلاحظ قول بولس الرسول أننا هيكل الله، ولكن [مَنْ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ يُفْسِدُهُ اللهُ] (1كو17،16:3). وهم أفسدوا أورشليم والهيكل بإجرامهم وخطاياهم، حتى أن الله يقول عن الهيكل أنه صار مغارة لصوص، وهذا إشارة لدمويتهم وعنفهم وإجرامهم. ولنلاحظ أن كل خطية عقوبتها فيها = أَفَإِيَّايَ يُغِيظُونَ؟.. أَلَيْسَ أَنْفُسَهُمْ (19) فمن يتصور أنه يتحرر عن الله ويسلك ضد وصاياه، فهو يجلب على نفسه أهوالًا، كان لا يدريها، فالله أعطانا الوصايا لصالحنا. وعقوبة الخطية فيها (الإيدز والزهري مثلًا...) ولا يصيب المخطئ سوى الخزي.
المعنى أن الله لم يأمرهم بأن يقدموا ذبائح ومحرقات حين أراد أن يخرجهم من مصر، بل أنهم استمروا فترة طويلة في البرية دون أن يعطيهم الرب شريعة الذبائح (كرمز للصليب). ومع هذا اعتبرهم الله شعبه وابنه البكر بدون أن يقدموا ذبائح. لكن كان طلب الله منهم أن يحفظوا وصاياه، فالله أعطاهم الوصايا قبل الذبائح والمعنى أن حفظ الوصايا مقدم على الذبائح. وهذا ما فهمه داود فقال [لا تسر بالمحرقات فالذبيحة لله روح منسحق] (مز 51: 16-17). أما تقديم ذبيحة مع قلب نجس فالله لن يقبلها، ولا تعود سوى لحم، إذًا ليأكلوها هم طالما أن الله لن يقبلها. والله أعطاهم شريعة الذبائح بعد أن أعطاهم الوصايا بمدة طويلة.
الله لا يفرح بذبائح هي لحوم حيوانات محترقة بنار المذبح، لكنه يفرح بقلب شاعر بأنه أخطأ ويأتي لله نادمًا وينوي في قلبه أن يحكم على شهواته الخاطئة بالحرق.
← تفاسير أصحاحات إرمياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إرميا 8 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إرميا 6 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/83rc4ky