← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10
مقدمة للإصحاحين 25،24
لقد فسد حال الشعب، والله الأب المحب لا بُد أن يتدخل ليصلح هذا الفساد وكان فساد شعب إسرائيل هو نموذج لما حدث للجنس البشري كله (رو9:3-12) والله خلق الإنسان في كرامة ومجد، بل على صورته ولكن أنظر نتائج الخطية:-
وهذا يشار إليه ضمنًا هنا كنتائج لخطية إسرائيل، فماذا سيلحق إسرائيل كنتائج لخطيتها؟ تصير دهشًا = فكيف تنحط خليقة الله هكذا؟! وصفيرًا = أي سيلحقها إهانات وسخرية وخرابًا أبديًا. وبلا فرح = وَأُبِيدُ مِنْهُمْ صَوْتَ الطَّرَبِ وَصَوْتَ الْفَرَحِ. وبلا شبع = بلا صَوْتَ الأَرْحِيَةِ، ويصير الإنسان في عمى روحي، يتخبط ولا يعرف طريقه = بلا نُورَ السِّرَاجِ. هذا ما حدث لكل الجنس البشري، وكإشارة لذلك يُذكر هنا كل شعوب المنطقة التي خضعت لبابل آيات (إر 15:25-24). فذكر كل هذه الأمم يشير أن الكلام موجه لكل العالم وسقوط هذه الأمم تحت نير ملك بابل بسبب خطيتها، هو رمز لسقوط البشر تحت عبودية إبليس، وهذا يساوي قول الرسول: أسلمت الخليقة للباطل: "أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ" (رو20:8) ولماذا يسمح الله بذلك؟ هذا للتأديب [فكل مَنْ يحبه الرب يؤدبه] (عب6:12). وهذا معنى مثل التين الجيد والتين الرديء. فبعد السبي الأول لأورشليم على يد ملك بابل، ظن من بقى في أورشليم أنهم الأحسن وأن الأسوأ هم من ذهبوا إلى السبي، والله يقول لا، فإن من أرسلته للسبي وأسلمته ليد ملك بابل هم الأحسن، إنما أرسلتهم للتأديب (وحتى الآن يظن من هم بلا تجارب أليمة أنهم الأحسن والعكس صحيح). ونلاحظ في (إر 8:25) أن الله يسمي نفسه رب الجنود فالكل خاضع لهُ، والله يستخدم الكل، فهو استخدم ملك بابل ليؤدب أورشليم واستخدم إبليس ليؤدب البشر، ومن يتأدب يصير تينًا جيدًا ويخلص، ومن يظل في حالة تمرد على الله يصير تينًا رديئًا ويهلك كما هلك الأشرار بيد ملك بابل أيضًا. لذلك نسمع إرميا يخبرنا بهلاك ملك شيشك أخيرًا وهو اسم رمزي لبابل يعني يغطس، فهذه نهاية إبليس ومن يتبعه.. البحيرة المتقدة بالنار (رؤ15،10:20).
الايات 1-10:- "أَرَانِي الرَّبُّ وَإِذَا سَلَّتَا تِينٍ مَوْضُوعَتَانِ أَمَامَ هَيْكَلِ الرَّبِّ بَعْدَ مَا سَبَى نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ يَكُنْيَا بْنَ يَهُويَاقِيمَ مَلِكَ يَهُوذَا وَرُؤَسَاءَ يَهُوذَا وَالنَّجَّارِينَ وَالْحَدَّادِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَأَتَى بِهِمْ إِلَى بَابِلَ. فِي السَّلَّةِ الْوَاحِدَةِ تِينٌ جَيِّدٌ جِدًّا مِثْلُ التِّينِ الْبَاكُورِيِّ، وَفِي السَّلَّةِ الأُخْرَى تِينٌ رَدِيءٌ جِدًّا لاَ يُؤْكَلُ مِنْ رَدَاءَتِهِ. فَقَالَ لِي الرَّبُّ: «مَاذَا أَنْتَ رَاءٍ يَا إِرْمِيَا؟» فَقُلْتُ: «تِينًا. اَلتِّينُ الْجَيِّدُ جَيِّدٌ جِدًّا، وَالتِّينُ الرَّدِيءُ رَدِيءٌ جِدًّا لاَ يُؤْكَلُ مِنْ رَدَاءَتِهِ». ثُمَّ صَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيَّ قَائِلًا: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: كَهذَا التِّينِ الْجَيِّدِ هكَذَا أَنْظُرُ إِلَى سَبْيِ يَهُوذَا الَّذِي أَرْسَلْتُهُ مِنْ هذَا الْمَوْضِعِ إِلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِلْخَيْرِ. وَأَجْعَلُ عَيْنَيَّ عَلَيْهِمْ لِلْخَيْرِ، وَأُرْجِعُهُمْ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ، وَأَبْنِيهِمْ وَلاَ أَهْدِمُهُمْ، وَأَغْرِسُهُمْ وَلاَ أَقْلَعُهُمْ. وَأُعْطِيهِمْ قَلْبًا لِيَعْرِفُونِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، فَيَكُونُوا لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، لأَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَيَّ بِكُلِّ قَلْبِهِمْ. «وَكَالتِّينِ الرَّدِئِ الَّذِي لاَ يُؤْكَلُ مِنْ رَدَاءَتِهِ، هكَذَا قَالَ الرَّبُّ، هكَذَا أَجْعَلُ صِدْقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا وَرُؤَسَاءَهُ وَبَقِيَّةَ أُورُشَلِيمَ الْبَاقِيَةَ فِي هذِهِ الأَرْضِ وَالسَّاكِنَةَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. وَأُسَلِّمُهُمْ لِلْقَلَقِ وَالشَّرِّ فِي جَمِيعِ مَمَالِكِ الأَرْضِ عَارًا وَمَثَلًا وَهُزْأَةً وَلَعْنَةً فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهَا. وَأُرْسِلُ عَلَيْهِمِ السَّيْفَ وَالْجُوعَ وَالْوَبَأَ حَتَّى يَفْنَوْا عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ وَآبَاءَهُمْ إِيَّاهَا»."
النبوات السابقة بخراب أورشليم جعلت النبي في حزن.
وفي هذه الرؤيا يُظهر الله انه يميز بين الجيد والرديء. فهناك معيار دقيق يقيس به الله ويعاقب. وكان النبي يرثي من ذهب للسبي مع يكنيا. ولكن نجد هنا أن الله يقول بل هذا لصالحهم فأحكام الله التي هي للبعض رائحة موت لموت هي للآخرين رائحة حياة لحياة. فالجميع يشترك في نفس المأساة. ولكن الحال ليس واحدًا للجميع فمنهم من يراها تأديب لهُ وهي للآخرين سيف نقمة. وهذه النبوة جاءت بعد سبي يكنيا وهو نفسه قيل عنه أنه إناء مكسور. لكن كان من ضمن المسبيين معهُ النبي حزقيال . وفي آية (1) ملك بابل أخذ معهُ كل من له قيمة ويجيد حرفة فيُضعِفْ يهوذا وينعش مملكته. ولاحظ أن سلتا التين موضوعتان أمام الهيكل فكأن الشعب معروض أمام الله، أي هو واقف أمامه للقضاء فكان منهُ من هو جيد ومنهُ من هو رديء. وعمومًا فشجرة التين تشير لإسرائيل. وفي (2) لا يؤكل = هذا يشير لإنسان خاطئ لا يعرف لماذا خُلِق وما هو دوره ومظهره رديء ولا فائدة منهُ مثل الملح الرديء الفاسد . أما التين الجيد فهم الأولاد المحبوبون لله وهؤلاء يؤدبهم بأن يرسِلهم للسبي " من يحبه الرب يؤدِّبه " (عب 6:12) لذلك أرسلهم للسبي (6) ولكن لأنهم أبنائي فَـ:أَجْعَلُ عَيْنَيَّ عَلَيْهِمْ = كان المتصور أن من يذهب للسبي سيقتدي بالوثنيين وينتهي أمرهم تمامًا لكن يد الله حفظتهم وحمتهم بل نقتهم من وثنيتهم وعاداتهم الشريرة وتواضعوا وتابوا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فالتأديب حقَّق المطلوب وكان دواءً ناجحا فيه الشفاء من وثنيتهم. وهذه هي حماية الرب لمن يقتنيهم حتى في وادي ظل الموت. والله الذي يعرف فعالية طرقه يعرف ذلك فقال وأرجعهم إلى هذه الأرض فيثمرون (أَغْرِسُهُمْ). بهذا أخرجهم من فرن التنقية. وبعد ذلك يعدهم للمراحم والعطايا الروحية = وأعطيهم قلبًا. ولنلاحظ عجبًا أن عناية الله جعلتهم يعرفون عن الله في بابل أكثر من الذي عرفوه في أورشليم. والله يعطيهم قلبًا أي حب ومشاعر وبهذا يكون الله لهم إلهًا ويكونون لهُ شعبًا. ولننظر فعالية التوبة فهي تعيد الإنسان لمرتبته الأولى. أما التين الرديء فهو صدقيا ورجالهُ (8-10) الذين يشعرون بالإطمئنان الكاذب وتمادوا في خطيتهم. فهؤلاء سيتشتتون في الأرض، ولن يشعروا بفرح وسيحملون للسبي ليس للتنقية بل للسخرية منهم، ولضررهم ويسخر منهم ساكنو الأرض لمصائبهم ولن يروا أرضهم ثانية آية (9). ومن يبقى في أورشليم فهو للموت والوبأ والمجاعة آية (10).
← تفاسير أصحاحات إرمياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إرميا 25 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إرميا 23 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3pdcsnb