محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
لاويين: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17
معنى كلمة محرقة:- أنها تحرق بالنار تمامًا وهي بالإنجليزية holocaust وأصل الكلمة (حرق) causis (كلها) holou. والمسيح كان ذبيحة محرقة عندما تحمل نار الغضب الإلهي على الخطية وتحمل لعنة الناموس، فأرضى قلب الله الغاضب وعقد صلحًا بين الله والناس بدمه.
المحرقة هي أول ذبيحة:- لماذا جاءت المحرقة متقدمة على باقي الذبائح؟
المحرقة ترمز للتسليم والطاعة الكاملة بل تشير إلى عمق الانسحاق. وهذا ما ظهر في تجسد وحياة المسيح حتى صلبه. "أطاع حتى الموت موت الصليب" (فى2: 5-8) فالله خلق الإنسان في الجنة لمحبته في الإنسان، وكان الله يُظهر حبه للإنسان بعطاياه الجيدة، وينتظر منه في مقابل هذا الحب الخضوع الكامل له علامة على محبته وثقته في الله. ولكن تمرَّد الإنسان على الله وتحداه، وصدَّق الحية وصدَّق خِدْعَتها، ولم يثق في الله، فحزن قلب الله:- أولًا لعدم طاعة آدم له. وثانيًا على موت آدم. فماذا صنع المسيح بتجسده؟ المسيح جاء واتحد بنا وصرنا نحن جسده وهو رأس هذا الجسد. وحين يقول بولس الرسول "فحينئذ الابن نفسه أيضًا سيخضع" (1كو15: 28) كان مفهومها أن المسيح يقف في هذا اليوم، يوم القيامة، مع كنيسته قائلًا للآب "أيها الآب هذا ما أردتَه أنت أولًا... أن تعلن حبك للبشر وهم يقدمون لك الخضوع دليل ثقتهم في حبك، وها أنا والأولاد الذين أعطيتني هم جسدي وأنا كرأس لهذا الجسد نقدم لك الخضوع وبهذا نعيد الصورة التي أردتها". فنحن في المسيح صرنا نُحسب طائعين.
وحتى يحقق المسيح هذا سبق فقدم هو الخضوع لمشيئة الآب في تجسده حتى صلبه. وفي صلبه قال "لتكن لا إرادتي بل إرادتك" إذًا هذا الخضوع الكامل هو سبب مسرة الآب لذلك قال "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت". ولذلك أيضًا قيل عن ذبيحة المحرقة "كان الله يتنسم رائحة الرضا". هنا رضا الله راجع للطاعة الكاملة التي للمسيح وهذه المحرقات هي رمز لها. وصار الله يرانا بلا لوم وكاملين طائعين في المسيح (أف1: 4 + كو1: 28)، فسرور الله وتنسم الله لرائحة الرضا راجع لفرح الله برجوع الإنسان لحضنه مرة أخرى في المسيح. وكون أننا نصبح في المسيح فذلك يبدأ بالمعمودية لذلك نسمع قول الآب يوم معمودية المسيح " هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت ".
والمحرقة هي أول الذبائح لأن حق الله ينبغي أن يستوفي أولًا قبل الكلام عن خلاص الإنسان. فإرضاء الله يجب أن يأتي قبل التفكير في سعادة الإنسان وأبديته.
وهكذا كان الوضع في الوصايا فوصايا حقوق الله (اللوح الأول) جاءت أولًا قبل وصايا المعاملات مع الناس (اللوح الثاني)، وهكذا طلبات الصلاة الربانية.
لقد ظهرت هذه الطاعة أيضًا في تجسده حين أخلى ذاته آخذًا صورة عبد. وفي حياته حين كان يقول "طعامي أن أصنع مشيئة الذي أرسلني" و"ينبغي أن أكون فيما لأبي". وإذا قارننا هذه المواقف للمسيح مع قوله: مَنْ يحبني يحفظ وصاياي "إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي" (يو14: 23)، نفهم أنه إذا كان المسيح يقول هذا ويصنع هذا، فإنما هذا كان بسبب الحب فهو قدم حياته كلها محرقة حب ملتهب، لذلك إشتمه الآب رائحة سرور ورضا باسم الكنيسة ولحسابها.
ولاحظ قول رب المجد " ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما أني انا قد حفظت وصايا أبي واثبت في محبته" (يو15: 10). فما معنى أن المسيح ابن الله يحفظ وصايا أبيه، وهل يمكن أن تأتي لحظة يمكن أن يخالف فيها رأي أبيه؟! قطعا هذا لا يمكن حدوثه فالآب والابن في وحدة، الآب في الابن والابن في الآب، وبالتالي فإن إرادة الآب هي نفسها إرادة الابن فكيف يمكن أن يختلفا؟!. وبهذا نفهم قول المسيح هنا هكذا...لأن المسيح ابن الله ثابت في محبة أبيه فإرادتهما واحدة، وبالنسبة لنا علينا أن نفهم أننا لكي نثبت في محبة المسيح علينا أن نحفظ وصاياه، وهذا نفس المعنى الذي نجده في (يو14: 23). وإذا فهمنا قول الكتاب " الله محبة " (1يو4: 8) نفهم أن المحبة هي طبيعة جوهر الله. وأن "لَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ" (أم8: 31). إذًا فهذا الحب الإلهي متجه نحو الإنسان. ولنضع أمامنا أيضًا أن الله " إلهنا نار آكلة " (عب12: 29). من هذه الآيات نستنتج أن النار التي كانت تشتعل على مذبح المحرقة في ذبائح المحرقة تشير لنار الغضب الإلهي التي إشتعلت في المسيح على الصليب كحامل لخطايا البشر، لكن بالإضافة لأنها هي نار الغضب الإلهي على الخطايا التي يحملها المسيح كحامل لخطايا البشر، كانت هذه النيران هي أيضًا نيران المحبة الإلهية التي تحرق خطايا البشر ليعود البشر لحضن الله بعد أن تحترق خطاياهم. ولنذكر أن *"إلهنا نار آكلة" ولكنه في نفس الوقت نعرف أن طبيعة الجوهر الإلهي هي المحبة *"الله محبة". فمحبة الله النارية لنا إشتعلت في المسيح لتحرق خطايانا وتميتها فنتبرر فنعود لأحضان أبينا السماوي. وهذا ما جعل الله يتنسم رائحة الرضا والسرور مع ذبائح المحرقات بالذات.
الله يشتاق أن نراه ونفرح به ونشعر ونفرح بمحبته فهذا ما سوف يجعلنا نتذوق الفرح الحقيقي، ولكن كيف نراه ونحن قد سكنت فينا الخطية؟! "إلهنا نار آكلة" فلسوف تحرقنا هذه النيران إذا رأيناه في مجده بسبب الخطية التي تسكن فينا (رو7: 20) فالله قدوس لا يطيق الخطية، لذلك قال الله لموسى " لا يراني الإنسان ويعيش"(خر33: 20)، أما حين تحترق خطايانا يمكن أن نراه.
ونرجع لجمال الطقس القبطي لنجد أن القربان الذي نقدمه في سر الإفخارستيا هو خبز مختمر، والخمير رمز للشر، وحين تدخل القربانة لنار الفرن تموت الخميرة وذلك إشارة لنار المحبة الإلهية التي أحرقت وقتلت خطايا البشر التي حملها المسيح.
كيف يكون المسيحي موضع سرور ورضا الله؟ ذلك بأن يقدم طاعة وخضوع كامل لله. وكيف أستطيع أن أقدم هذا الخضوع لله ؟ هذا لا يأتي سوى بأن نحب الله. وهناك من يلتهب بنار الحب الإلهي فيقدم نفسه محرقة لله، أي يقدم كل حياته الداخليه وتصرفاته الظاهرة كذبيحة حب ملتهبة لحساب الله، ويصل هذا للاستشهاد. ولهذا يقول بولس الرسول: مَنْ يفصلني عن محبة المسيح.....: "مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ" (رو8: 35 – 39). ويقول الذين "صَلَبُوا الْجَسَدَ مَعَ الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ" (غل5: 24). هذا ما له رائحة عذبة أمام الله فلماذا؟ لأن من يفعل هذا فقد إرتفعت درجة محبته لنفس أسلوب محبة المسيح. والذي يصنع هذا ويقدم نفسه ذبيحة فهو خلال الإتحاد بالمصلوب يرتفع في إشتياق معه إلى الصليب، كما على مذبح المحرقة. ويتقبل أي نوع من الآلام شاكرًا وبسرور (هذا السرور لا يدركه إلا من أحب إنسان حبا كبيرا، فحينما يتألم هذا الحبيب يتمنى هذا الإنسان أن يشاركه ألامه ويفرح إن حدث هذا). ومن إرتفعت درجة محبته للمسيح فحين ينظر للمسيح المصلوب يشتهي حمل الصليب معه، بل يسبح الرب لو حدث أن حمل صليب التجربة وهذا معنى فـ"نُقَدِّمَ عُجُولَ شِفَاهِنَا" (هو 14: 2) = أي نسبحك يا رب ونحن في قمة الألم، لأننا شاركناك ألامك فهذا التسبيح يحمل معنى الحب لله والثقة فيه، وهذا التسبيح في نظر الله لهو أثمن من تقديم عجول كمحرقات. ليس هذا فقط بل واثقين في محبتك وأن كل ما تسمح به من تجارب أو آلام هو للخير فأنت صانع خيرات، وحبك للبشر لا نهائي فكيف تسمح بما يضر من تحبهم بل بذلت ذاتك من أجلهم. مقدمين أنفسنا ذبائح حية (عجول محرقات) ولذلك يدعونا الرسول "قدموا أجسادكم ذبائح حية". وهذه هي أعلى درجات الحب أي الحب الباذل وهذا ما نسميه بالأغابي `agapy في اليونانية، وهذا ما وصل له الشهداء حين قدموا أنفسهم للموت حبا في المسيح، فوضعتهم الكنيسة في أعلى الدرجات في السماء فوق كل القديسين. وبهذا المعنى قال السيد المسيح "مَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا" (لو14: 27) فمن يريد أن يلتحق بمدرسة المسيح ويصير تلميذا في هذه المدرسة، عليه أن يفهم أن مدرسة المسيح هي الحب الباذل حتى آخر قطرة دم حبًا. وهذا معنى الصليب بالنسبة للمسيح الذي أحبنا باذلا نفسه على الصليب حتى آخر نقطة دم. ومن يقبل يفرح به الله كمدرس يفرح بتفوق تلميذه فلقد وصل لأعلى الدرجات السمائية وهي الحب الذي لا يطلب شيئا في مقابله، كمحبة المسيح لنا الذي بذل نفسه عنا ولا يطلب منا شيئا، أو محبة أم لابنها فهي تحبه ولا تطلب منه شيئا. وهذا النوع من المحبة هو ما يُطلق عليه الأغابي باليونانية.
وقد عبَّر القديس بولس الرسول عن هذا فقال "لِأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لِأَجْلِ ٱلْمَسِيحِ لَا أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا أَنْ تَتَأَلَّمُوا لِأَجْلِهِ" (فى1: 29). هذه هي أعلى درجات الحب.
والصليب الذي نقبله له نوعين:-
1) صليب مفروض علينا كالمرض مثلا ونقبله بفرح كشركة مع المسيح في آلام صليبه، كما إحتمل بولس الرسول صليب مرضه الجسدي.
2) صليب اختياري كمن يذهب للاستشهاد بإرادته، أو كما قال بولس الرسول "أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ..." (1كو9: 27).
إذًا علينا أن نهتم بأن نبحث عن محبة الله وإرضاؤه قبل أن نفكر في أبديتنا، ولذلك بكى داود على خطيته حتى بعد أن غفرها له الله. وإذا بحثنا كيف نرضي الله نكون قد إصطلحنا معه وصرنا مقبولين أمامه ورائحة سرور لديه.
في ذبيحة المحرقة المسيح نفذ الوصية "فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ" (تث 6: 5). فالكل يحترق على النار حبًا. فالرأس يشير للفكر والأرجل تشير للسير أي الاتجاه الذي يقرر الإنسان أن يتجه إليه، والأحشاء للقلب والمشاعر، والشحم يشير لطاقة الجسم. فالمسيح قدم كل شيء فكانت أول كلماته وهو بعد صغير "ينبغي أن أكون فيما لأبي" وآخر كلماته على الصليب " قَدْ أُكْمِلَ" أي أنه أكمل العمل الذي أعطاه له الآب. وهكذا على المسيحي أن يقدم كل ماله لله، الرأس أي أفكاره يحفظها طاهرة والأرجل وهذا يشير للسلوك الخارجي والأحشاء وهذه تشير لتطهير القلب. وهذا ما يعنيه تكريس الإنسان للمسيح، أي تقديس أو تخصيص كل أعضاء وحواس الإنسان لله.
وكلمة محرقة بالعبرية هي "أعولة" ومعناها الشيء الذي يعلو ويصعد ويرتفع لأنها من ناحية ترفع كلها على المذبح لا يأكل منها أحد فكلها لله. والأهم أنها تصعد لله القدوس العلِّي كرائحة بخور. ولذلك يستخدم الفعل أُصْعِدَ مع هذه الذبيحة كثيرًا فهي صعيدة، مثلًا (تك8: 20 + تث12: 14). ولاحظ في الترجمة العربية قوله "ويوقد الكاهن " (لا1: 9، 13، 17) ولم يقل يحرق كما في ذبيحة الخطية (لا4: 12). وفي الأصل العبري فكلمة يوقد هي المستخدمة لإيقاد البخور، فهذه الذبيحة لها رائحة زكية أمام الله أما الكلمة المستخدمة مع ذبيحة الخطية فهي تعني حرق بالمعنى العادي.
كانت المحرقات نوعان 1) عامة 2) خاصة
1) العامة :- مثل المحرقة الصباحية والمحرقة المسائية وهذه تقدم يوميًا (خر29: 38 – 42) . وهناك محرقات تقدم في السبوت والأهلة والأعياد عن الشعب كله (عد28: 9).
2) الخاصة :- كالتي قدمت في مسح هرون وبنيه أو التي يقدمها كل شخص عن نفسه وهذه تنقسم لنوعان: أ) إجبارية، ب) اختيارية.
أ) الإجبارية:- هذه يقدمها المريض (مثل الأبرص) حين يشفى.
ب) الاختيارية:- كالنذور وللشكر وفي الفرح.
الحيوانات التي تقدم للمحرقات:- ثلاث أنواع: البقر - الغنم – الطيور. وهذه هي الحيوانات الثمينة عند الشخص العادي، فلا ينبغي أن نقدم لله إلا من أثمن ما عندنا، ومن ناحية أخرى فهي متواجدة باستمرار. فلم يطلب الله منهم صيد وحوش مثلًا. المهم أن لا يظهروا فارغين أمام الله. بجانب أن هذه هي الحيوانات الطاهرة (لا 11).
ملحوظة :- في المحرقات العامة (الصباحية والمسائية......) كان رئيس الكهنة يعترف بخطايا الشعب على رأس الذبيحة (لا16: 21) وهذا ما يفعله الكاهن الآن في دورة البخور وفي تقديم الحمل.
كلمة "لِلرِّضَا عَنْهُ" لم تأتي مع ذبائح الخطية والإثم ولا مع ذبيحة السلامة، إنما جاءت هنا فقط مع ذبيحة المحرقة. وكذلك كلمة يُكفِّر هنا تختلف عن كلمة يُكفِّر في ذبيحة الخطية، فهي مع المحرقة تعني الرضا أما مع ذبائح الخطية فهي للصفح. في ذبيحة المحرقة الله يسر بكمال مقدم الذبيحة فهو بلا خطية. ولكن في ذبيحة الخطية فمقدم الذبيحة يسترضي الله الذي كسر شريعته، هو يحاول أن يبقى وسط شعب الله لأن خطيته تجعله مطرودًا خارجًا.
كانت حادثة العجل الذهبي وإرتدادهم عن الله فيها، فمات منهم 3000 نفس كافية لإثبات ضرورة المصالحة مع الله حتى لا يظهر غضبه عليهم. (خروج 32).
آية (1):- "وَدَعَا الرَّبُّ مُوسَى وَكَلَّمَهُ مِنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ قَائِلًا: "
سبق الشعب ورفض أن يتكلم مع الله حين خافوا من البرق والرعد والدخان، ثم سلم الله الوصايا لموسى بعد ذلك. وهنا الله يستدعي موسى إلى خيمة الاجتماع إلى تابوت العهد (كرسي الرحمة). والمعنى أن الله أعطانا الوصية لنقترب إليه من خلالها. لكننا في ضعفنا حسبنا كاسرين للوصية وسقطنا بالأكثر تحت لعنة الناموس. وهنا يعطي الله شريعة الذبائح، فلا مصالحة إلا خلال ذبيحة الدم التي بدونها لا يسكن الله وسط شعبه (وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). والإعلان لموسى هنا من حيث يظهر مجد الله بين الكاروبين. والخيمة تشير لتجسد المسيح فهي حلول الله وسط شعبه. فالله لو حل في وسطهم على أساس صفاته التي أظهرها في جبل سيناء لكانوا قد هلكوا بسبب أنهم خطاة، وفي الخيمة إعلان لمجد الله المستور داخل حجاب رمزًا لتجسد المسيح. وقداسة الله فوق جبل سيناء لم تختلف عن قداسة الله فوق تابوت العهد حيث كلم الله موسى هنا، إلا أن قداسته في الحالة الأولى إقترنت بنار آكلة. وفي الحالة الثانية إمتزجت بالنعمة الكاملة وهذه الأخيرة ظهرت بملئها في الفداء الذي بالمسيح وهذا هو الفداء الذي يشير له سفر اللاويين. ففي جبل سيناء كان هناك مجدًا لله في الأعالي لكن بدون سلام على الأرض ولا مسرة بالناس. والآن من فوق كرسي الرحمة يوجد رجاء بسلام على الأرض ورضا الله بالناس.
أية (2):- " «كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: إِذَا قَرَّبَ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ من الْبَهَائِمِ، فَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ تُقَرِّبُونَ قَرَابِينَكُمْ."
كلم بني إسرائيل = راجع (عب1: 1). هذه تظهر الاحتياج لوسيط بين الله والناس. إنسان منكم = لأنها مقدمة عن الجنس البشري كله. فالآب يود أن يَشْتَمَّ في الكل رائحة سرور ورضا. والمحرقة الحقيقية التي تفرح قلب الآب هي محرقة المسيح المصلوب والذي سيجمع البشر كجسد واحد وهو رأس هذا الجسد، يقدم الحب والطاعة والخضوع للآب. والمسيح الابن يقدمها (أي المحرقة) للآب كأن البشرية كلها كإنسان واحد هو جسده مقدم لله، والوحي يعبِّر عن هذا بقوله إنسان منكم . قربانًا = هي كلمة عبرية تعني عطية.
أية (3):- " إِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مُحْرَقَةً مِنَ الْبَقَرِ، فَذَكَرًا صَحِيحًا يُقَرِّبْهُ. إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ يُقَدِّمُهُ لِلرِّضَا عَنْهُ أَمَامَ الرَّبِّ."
من البقر = هذه للقادرين، أما لغير القادرين فهؤلاء يقدمون من الغنم، والمُعْدَمين(1) يقدمون من الطيور. فذكرًا = لأن المسيح هو عريس الكنيسة، والكنيسة هي عروس المسيح والمسيح هو رأس الكنيسة كما أن الرجل هو رأس المرأة. وعن هذا سبق إرمياء وتنبأ قائلًا "لأن الرب قد خلق شيئًا حديثًا في الأرض. أنثى تحيط برجل" (إر 31: 22). ويقول إشعياء في نبوة عن ولادة العذراء " قبل أن يأتي عليها المخاض ولدت ذكرًا" (إش 66: 7) وفي سفر الرؤيا فـ"وَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ" (رؤ 12: 5).
صحيحًا = أي بلا عيب (هو العجل المسمن الذي قدم عن الابن الضال). وكان الكهنة يختمون الحيوانات بعد فحصها، ومن يجدونه بلا عيب يضعون عليه ختمًا لتقدم الذبائح من هذه الحيوانات المختومة. وهذا تفسير (يو6: 27) أن المسيح كان بلا عيب أو خطية. وقارن مع (ملا1: 6 – 8) فحين أهمل الكهنة اختيار الذبائح الصحيحة وقدموا لله الرديء منها وما فيه عيوب حزن الله.
يقربه = هنا كان يسمح لمقدم الذبيحة غالبًا أن يذبحها بنفسه أو يذبحها له اللاويين. ولكنه كان هو يأتي بنفسه مع الذبيحة إلى باب خيمة الاجتماع. وهذا إعلان منه أنه راضيًا عن هذا ولم يجبره أحد على ذلك. وهذا فيه إشارة للمسيح الذي قدم نفسه للموت بإرادته فصار آدم الأخير، الذكر، رأس الكنيسة الذي بلا عيب.
إلى باب خيمة الاجتماع = وليس في الداخل فالمسيح تألم خارج أورشليم. هو جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله. وهكذا صنعوا بابن صاحب الكرم (مت21: 38، 39) قارن مع (عب13: 13). وكان مقدمي الذبائح يقفون خارجًا كمن هم غير مستحقين للدخول في شركة الجماعة. ولذلك أخذ وَاضِعي طقوس العهد الجديد نفس الفكر، فقبل تقديم الحمل في القداس تكون كل الصلوات من على باب الهيكل ومن الخارج، وهذا ينطبق على صلوات رفع بخور عشية ورفع بخور باكر. وهذه الصلوات هي إشارة للمحرقة الصباحية والمسائية. وكأن الصلوات التي تسبق تقديم الحمل تشير للعهد القديم ولذلك نصلي خارج الهيكل. للرضا عنه = المسيح مقبول ومرضي عنه لكماله أما نحن فنقبل فيه. ولاحظ أن باب خيمة الاجتماع أي قبل مذبح المحرقة النحاسي.
باب خيمة الاجتماع = لا دخول للأقداس سوى بالإيمان بالمسيح " أنا هو الباب. إن دخل بي أحد فيخلص... " (يو10: 9). وبعد الباب نجد مذبح المحرقة ويشير للصليب الذي حمله المسيح عنا كذبيحة محرقة ويشير لقبولنا حمل الصليب معه لنتقدم للداخل .
أية (4):- "وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ الْمُحْرَقَةِ، فَيُرْضَى عَلَيْهِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْهُ. "
يضع يده على رأس = كان الطقس المعروف أن مقدم الذبيحة يضغط بكل قوته على رأس الذبيحة ويقول "أتوسل إليك يا الله فإنني أخطأت وتمردت وعصيت مرتكبًا.... كذا وكذا لكنني عدت تائبًا وليكن هذا للتكفير عني" وهذا في ذبيحة الخطية. ومعنى الضغط على رأس الحيوان يعني أن مقدم الذبيحة يلقي بكل أحماله ومتاعبه وخطاياه عليها، ويعود لبيته فرحًا لأن خطاياه رفعت عنه وحملها الحيوان البريء. والضغط بقوة يحمل فكرة قرار بالتخلي عن الخطية أي توبة قوية. وأما طقس شريعة المحرقة أو الكلمات التي كان يرددها مقدم هذه الذبيحة فغير معروفة. والمهم أن وضع يد المقدم وضغطها على رأس الذبيحة تشير لمعنى الوحدة مع الذبيحة، وكأن الذبيحة صارت ممثلة لشخص مقدمها وكما صارت هذه الذبيحة موضع سرور الرب هكذا يصير مقدمها. وفي هذا إشارة لوحدتنا مع الرب يسوع فقد صرنا من لحمه ومن عظامه. أما وضع مقدم ذبيحة المحرقة يده وضغطه على رأسها وكأنه إتحد بها، فهذا يعتبر كأنه **يتعهد بطاعة الله طاعة كاملة حتى إلى الموت كما هذه الذبيحة وأنه يتعهد بتقديم كل طاقاته لله، كما أن هذه المحرقة كلها ستقدم لنار المذبح. ومن يفعل سيكون موضع سرور الله.
**ما يفرح قلب الله في أن نطيعه أننا نثق فيه وفي محبته، وأنه صانع خيرات ومهما عمل فهذا لصالح خلاص نفوسنا. فما أحزن قلب الله من عصيان آدم أن آدم لم يثق في أن وصية الله كانت لحياته أبديًّا لو أطاع.
أية (5):- "وَيَذْبَحُ الْعِجْلَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيُقَرِّبُ بَنوُ هَارُونَ الْكَهَنَةُ الدَّمَ، وَيَرُشُّونَهُ مُسْتَدِيرًا عَلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ."
ويذبح العجل = كان مقدم الذبيحة أو اللاويين هم الذين يقومون بالذبح. أمام الرب = حقًا العجل يذبح خارج الخيمة لكنه أمام الرب. والمسيح " يظهر أمام وجه الله لأجلنا " ليشفع فينا أمام الآب (عب 7: 25؛ 9: 24). ونحن في المسيح ندخل إلى حضن الآب. ويقرب بنو هرون الكهنة الدم = الدم هو نَفْس الحيوان، فَنَفْس الحيوان أي حياته في دمه . والمعنى أن الذبيحة قدمت دمها فداء عن حياة الإنسان. وكان الكهنة يستقبلون الدم في طشوت معدة لذلك. وكان رش الدم للتكفير حقًا للكهنة فقط (فالكهنوت رمز لكهنوت المسيح الذي قدم نفسه ذبيحة عنا). ورش الدم مستديرًا = والدائرة تشير للأبدية فهي لا بداية لها ولا نهاية وكأن هذا الدم يعمل فينا أبديًا وينطلق بنا إلى السماء عينها ليدخل بنا إلى حضن الآب فنحيا فوق حدود الزمن وهذا الدم مقدم لكل البشر في كل العالم وفي كل زمان، لكل من يؤمن. وراجع (1يو1: 7 + عب9: 14، 22 + 1بط1: 18، 19 + رؤ7: 14 + 12: 11) لترى قوة دم المسيح في التطهير. وكون دم المسيح دم رش (عب 12: 24) فهذا لأنه هو رئيس كهنتنا الذي يرش دمه علينا فنتطهر.
مستديرًا = إستوحى واضع الطقس القبطي نفس الفكرة ولذلك نجد الكاهن يدور بالحمل حول المذبح بعد اختيار الحمل، وعند قوله "وهكذا الكأس أيضًا بعد العشاء مزجها من خمر وماء" يدور بإصبعه راسمًا دائرة على حافة الكأس والمعنى أن دم المسيح هو لكل أحد ولكل زمان وحتى الأبدية وفي كل مكان.
عَلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ = قوة المذبح وقوة الذبيحة هي في الدم، والإشارة إلى باب خيمة الاجتماع راجع لأنه لا دخول ولا قبول لإنسان إلا بالإيمان بدم المسيح، والثبات في المسيح الذي هو الباب.
أية (6):- "وَيَسْلَخُ الْمُحْرَقَةَ وَيُقَطِّعُهَا إِلَى قِطَعِهَا."
ويسلخ = السلخ يشير للإستسلام الكامل فالذبيحة لا تستطيع أن تدافع عن نفسها الآن ومستسلمة تمامًا. ولأن الغنم هذا هو طبعها فهي تشير للإستسلام الكامل فهي لا تسلخ وهكذا المسيح كان "كَخَرُوفِ دَاجِنٍ" و"شَاةٍ" سيقت للذبح(2). ويشير أيضًا السلخ للعُري فقد تعرت الذبيحة مما تلبسه والمسيح تعرى ليسترنا. هكذا لبس آدم أقمصة من جلد. ويشير السلخ أيضًا للطاعة الكاملة ظاهرية وباطنية. فالسلخ إعلان لطاعة المسيح الباطنية. فهي ليست طاعة ظاهرة في التصرفات الخارجية فقط، بل بإقتناع داخلي، لأن السلخ هو نزع الغطاء الخارجي فيظهر الداخل. ويقطعها إلى قطعها = مرة أخرى نعود لواضع الطقس القبطي الذي إستوحى نفس الفكرة فنجد الكاهن يقسم القربانة لقطع ثم يعيد ترتيبها على شكلها الأصلي في الصينية. وراجع آية (8) ويرتب بنو هرون القطع. وكانوا غالبًا يعيدون ترتيبها على المذبح لتأخذ شكل الحيوان الأصلي رأسه وأكارعه وأعضاؤه. وهذا ما يفعله الكاهن القبطي اليوم والمعنى أن هذا الجسد المكسور، مكسور لأجلنا، ليجمعنا المسيح فيه فنصير جسده، هو الرأس ونحن أعضاء جسده، كنا متفرقين كما تقطعت الذبيحة إلى أعضاء متفرقة، ثم جمعها الكاهن ورتبها لتعود في شكل جسد واحد تقبل الصليب الموضوع عليها بشكر.
أية (7):- "وَيَجْعَلُ بَنُو هَارُونَ الْكَاهِنِ نَارًا عَلَى الْمَذْبَحِ، وَيُرَتِّبُونَ حَطَبًا عَلَى النَّارِ.
نارًا = كانت النار لا تطفأ أبدًا رمزا لمحبة الله الدائمة التي تريد خلاصنا، وهي التي أرسلها الله لتأكل الذبائح في يوم تكريس هرون وبنيه. وكان شحم الذبائح هو ما يساعد على إضرام النار. ويرتبون حطبًا على النار = الحطب أي الخشب وهذا يرمز للصليب (خشبة الصليب).
أية (8):- "وَيُرَتِّبُ بَنُو هَارُونَ الْكَهَنَةُ الْقِطَعَ مَعَ الرَّأْسِ وَالشَّحْمِ فَوْقَ الْحَطَبِ الَّذِي عَلَى النَّارِ الَّتِي عَلَى الْمَذْبَحِ."
ويرتب بنو هرون القطع = هذا يشير إلى أن الصليب حمل المسيح رأس الكنيسة، وأيضًا على أعضاء جسده أي الكنيسة أن تقبل حمل الصليب مع رأسها، فالمسيح صلب عنا، ونحن نقبل الصليب حبا فيه. فالكنيسة هي جسد المسيح المتألم تشاركه طاعته للآب وحبه (راجع تفسير كو1: 24). وقال يعقوب في نبوته عن يهوذا ابنه الذي من نسله أتى المسيح، وقد جاءت كلمات يعقوب نبوة عن المسيح: جثا وربض كأسد ولبؤة: "جَثَا وَرَبَضَ كَأَسَدٍ وَكَلَبْوَةٍ" (تك49: 9) وبهذا المفهوم يقول بولس الرسول: أنا صلبت للعالم: "الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ" (غل6: 14). وهنا الكل على النار، وهكذا المسيح قدم نفسه جسدًا وروحًا ونفسًا على مذبح الصليب. وهذا يشير للقلب الذي تشعله نار الله لتحرق الخطايا، ثم يشتعل حبًا فيريد أن يأتي بكل نفس لله (رو1: 13 – 15 + نش1: 4). ثم يشتعل غيرة على أولاد الله فيحترق حين يضعف أحدهم (2كو11: 29).
أية (9):- "وَأَمَّا أَحْشَاؤُهُ وَأَكَارِعُهُ فَيَغْسِلُهَا بِمَاءٍ، وَيُوقِدُ الْكَاهِنُ الْجَمِيعَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُحْرَقَةً، وَقُودَ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ."
فيغسلها بماء = الغسيل لأعضاء الإنسان هو للتطهير، فالإنسان كله يحتاج لغسيل كامل بسبب طبيعته الساقطة. أما بالنسبة للمسيح الذي بلا خطية فغسيل القطع يشير لطهارة المسيح الذبيح، وأنه بلا عيب. لذلك فهو يذبح عن غيره. يذبح لنصير نحن مقبولين فيه. وبالنسبة للكنيسة فيشير لعمل المعمودية التي بها تغتسل طبيعتنا الداخلية بعمل دم الذبيحة، وتتجدد بصلب الإنسان العتيق والتمتع بالإنسان الجديد. وهنا يلتحم الدم مع الماء كما خرج دم وماء من جنب المسيح. ولاحظ الشكل الموجود على المذبح، الأعضاء المغسولة للحيوان المذبوح مرتبة على خشب والنار تأكل الجميع. ما هذا سوى الكنيسة المعتمدة المقدسة بالدم التي صلبت أهوائها مع شهواتها "مع المسيح صلبت" ونار الروح القدس روح الإحراق (إش4: 4) يغسل الخطايا ثم يشعل محبتها لله، فتصير رائحتها رائحة سرور أمام الرب. والروح القدس هو النار الذي يهبنا التبني لله الآب في استحقاقات الصليب، فالروح القدس يثبتنا في المسيح ابن الله فنصير أبناء الله بالتبني.
الآيات (10-13):-" «وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مِنَ الْغَنَمِ الضَّأْنِ أَوِ الْمَعْزِ مُحْرَقَةً، فَذَكَرًا صَحِيحًا يُقَرِّبُهُ. وَيَذْبَحُهُ عَلَى جَانِبِ الْمَذْبَحِ إِلَى الشِّمَالِ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَرُشُّ بَنُو هَارُونَ الْكَهَنَةُ دَمَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. وَيُقَطِّعُهُ إِلَى قِطَعِهِ، مَعَ رَأْسِهِ وَشَحْمِهِ. وَيُرَتِّبُهُنَّ الْكَاهِنُ فَوْقَ الْحَطَبِ الَّذِي عَلَى النَّارِ الَّتِي عَلَى الْمَذْبَحِ. وَأَمَّا الأَحْشَاءُ وَالأَكَارِعُ فَيَغْسِلُهَا بِمَاءٍ، وَيُقَرِّبُ الْكَاهِنُ الْجَمِيعَ، وَيُوقِدُ عَلَى الْمَذْبَحِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ، وَقُودُ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ."
محرقة الأغنام يقدمها غير القادرين. وهي لها نفس الطقس السابق ما عدا أنها لا تسلخ. ونجد هنا إشارة لأنها تذبح على جانب المذبح إلى الشمال، والشمال هو الناحية البحرية مكان هبوب الريح اللطيفة. ففي هذه الذبائح إرضاء الله. وقد يكون هذا المكان هو المناسب للذبح فهو المكان الخالي كما هو واضح بالرسم. وهناك سبب آخر أن المسيح قد صلب في موضع الجمجمة (لو23: 33) وهذا المكان على الجانب الشمالي من أورشليم. ومن هذا الجانب الشمالي رمز الريح اللطيفة نجد إشارة للصليب الذي بسببه رِضَى الله على الإنسان، فكانت نعمته التي تشبه الريح اللطيفة بعد سنين من عذاب الهواء اللافح الساخن من غضبه على البشرية. ولكن لماذا أشير للجانب الشمالي في ذبائح الغنم بالذات، ولماذا سُمِّيَ المسيح "حمل الله" ولم يُسَمَّى بأي اسم آخر من الحيوانات التي تُقَدَّم ذبائح؟ السبب أن الغنم رمز للطاعة الكاملة فهي صفة خاصة بالغنم. وأيضًا فالمحرقة الدائمة (الصباحية والمسائية) من الغنم إشارة للمسيح الذي يشفع فينا دائمًا أمام الآب بدمه فيرضى الآب.
ملحوظة:- الشمال يأتي منه الرياح الباردة المنعشة فيكون رمزا للتعزيات، أما الجنوب فيأتي منه الرياح الساخنة ولذلك يرمز الجنوب للتجارب. ولكن لنلاحظ من ناحية أخرى أنه لو استخدمت رموز الشمال والجنوب للإشارة إلى الحالة الروحية للإنسان، نجد أن الشمال البارد يشير للبرودة الروحية والخطية وبالتالي عدم القبول، والجنوب الحار يشير للحرارة الروحية. هذه مجرد رموز وعلينا أن نفهمها ونفسرها بحسب النص الذي ندرسه. لذلك نضيف هنا أن الشمال مكان الرفض للخطاة (الجداء ستكون على اليسار مت25: 33)، فالمسيح كحامل لخطايانا وُضِعَ موضع الرفض ليأتي لنا بالتعزيات (الرياح الباردة من الشمال).
الآيات (14-17):-" «وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ لِلرَّبِّ مِنَ الطَّيْرِ مُحْرَقَةً، يُقَرِّبُ قُرْبَانَهُ مِنَ الْيَمَامِ أَوْ مِنْ أَفْرَاخِ الْحَمَامِ. يُقَدِّمُهُ الْكَاهِنُ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَيَحُزُّ رَأْسَهُ، وَيُوقِدُ عَلَى الْمَذْبَحِ، وَيُعْصَرُ دَمُهُ عَلَى حَائِطِ الْمَذْبَحِ. وَيَنْزِعُ حَوْصَلَتَهُ بِفَرْثِهَا وَيَطْرَحُهَا إِلَى جَانِبِ الْمَذْبَحِ شَرْقًا إِلَى مَكَانِ الرَّمَادِ. وَيَشُقُّهُ بَيْنَ جَنَاحَيْهِ. لاَ يَفْصِلُهُ. وَيُوقِدُهُ الْكَاهِنُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ الَّذِي عَلَى النَّارِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ، وَقُودُ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ."
هي المحرقة التي يقدمها المعدمين(1). الطيور (يمام وحمام) والكلمة العبرية تشير أنه لا بُد أن يكون الطير ذكرًا. وهنا تُنْزَع الحوصلة والريش وتُرْمَى، فكل ما هو غير نقي يُرْمَى خارجًا. ولم يقال في حالة الطير أن مقدم الذبيحة يضع يده على رأس الطير فهي صغيرة جدًا، ويكفي مقدمها أنه يقدمها بيديه. ونلاحظ هنا أن الكاهن هو الذي يقوم بكل العمل (الذبح أيضًا وليس اللاويين هم الذين يذبحون الطير). وفي هذا رفع لشأن الفقراء والمسيح إمتدح فلسي الأرملة. وكان الكاهن يعصر دم الطير مباشرة على المذبح لقلة مقدار الدم. وراجع (لو2: 24) فأبوي المسيح قدموا محرقة من الطيور، فالمسيح أتى فقيرًا. الله لا يطلب القيمة المادية بل القلب. ولهذا نجد هنا فقط أن الكاهن يعصر دم الطير مباشرة على المذبح لقلة مقدار الدم. وإن كان قربانه للرب فقوله للرب لم يُذْكَر مع النوعين الآخرين، أي البقر والغنم.
والحمام واليمام سبق الإشارة لهما ويشيران للوداعة والبساطة. وبعض اليمام لا يقبل الذكر منه سوى أنثى واحدة لا يقترب إلى غيرها حتى إن ماتت، فهو رمز للطهارة. وكلمة بساطة تترجم كثيرا في الكتاب المقدس singlehearted أي يكون القلب غير منقسم بل له اتجاه واحد، وهو البحث عن مجد الله، وبهذا نفهم قول الوحي وإن كان قربانه للرب أنه يعني تقديم القلب كله للرب " يا ابني أعطني قلبك " (أم23: 26). ومن يفعل يكون جسده كله نيرًا (مت6: 22)، فمثل هذا الإنسان يتحد به المسيح نور العالم.
ويحز رأسه = فالطريقة التي كانت ذبيحة الحمام واليمام تقدم بها طريقة عنيفة لطائر نقي وديع بل ووحشية مع طائر مسالم..!! ولماذا التعجب أو ليس هذا ما حدث مع المسيح الذي سالم جميع الناس ولم يكن في فمه غش..... ولاحظ مشهد الصليب. ويشقه بين جناحيه لا يفصله = هذا مثل ما حدث مع خروف الفصح الذي لا تكسر عظامه. وعدم كسر العظام قد يشير أنه هو نفسه كامل بلا عيب وهو مصلوب ومذبوح لأجلنا. وأيضًا يشير عدم كسر العظام إلى أن المسيح لا يريد انشقاق كنيسته ولاحظ أن الكنيسة تُسمَّى اليمامة كمسيحها (نش2: 12).
يا ليتنا نقدم أنفسنا ذبيحة محرقة ، فالعجل هو الجموح الجسدي وشهواته ، فلنصلبها ونقدم طاعة وتسليم لإرادة الله فنصير حملان وهنا ننطلق للسماويات كالحمام، ونمتلئ من الروح القدس (الذي ظهر على هيئة حمامة) والروح يعيدنا للثبات في بيتنا المسيح. فتهب علينا ريح الشمال الباردة أي تعزيات الله السماوية.
حقًا التدرج في الذبائح التي تقدم مرتبطة بالحالة المادية لمقدم الذبيحة، فالغني يقدم عجلًا والأقل مقدرة يقدم من الغنم والمُعْدَم يقدم طيرًا. ولكن هذه الحيوانات تعبر عن ماذا يجب أن نقدمه كمحرقة يشتمها الله كرائحة سرور:-
1) العجل:- له طاقة عضلية كبيرة فهل نكرس طاقاتنا الجسمانية لخدمة الله.
2) الأغنام :- تمثل الطاعة الكاملة فهل نصنع مثلها ونطيع الله دون تذمر.
3) الطيور:- هل يمكن أن نحيا في السماويات مثلها.
+ وهناك ملحوظة أخرى فالعجول مرتبطة بالقادرين الأغنياء، ثم الحملان مرتبطة بالأقل قدرة، والطيور السماوية مرتبطة بمن لا قدرة لهم، وحقًا قوته في الضعف تُكْمَل وعلى من يحس بقدراته وجموحه أن يقاومها ويبدأ في طاعة الله فيحلق بعد ذلك في السماويات.
1- من الواضح أن للمحرقة مكانًا خاصًا بين الذبائح كلها. فهي ذكرت أولًا في هذا السفر في الترتيب، بل تعتبر من بعض الوجوه أساس كل التقدمات. فكثيرًا ما نقرأ عن تقدمة ذبائح محرقة مع تقدمة دقيق (لا23: 18). وكانت ذبيحة السلامة تحرق على المحرقة (لا3: 5). بل كان مذبح النحاس الذي في الدار الخارجية للخيمة يسمى مذبح المحرقة. وكانت تتقد عليه المحرقة الدائمة ليلًا ونهارًا، لأن الله قصد أن يبقى أمامه دائمًا ما هو ثمين في عينيه.
2- يتردد في ذبيحة الخطية القول "يكفر عنه فيصفح عنه" أما في المحرقة فالتكفير ليس للصفح عن الخطية، بل لقبول الشخص نفسه أي للرضا عنه أمام الرب. ووضع مقدم الذبيحة يده على رأس الذبيحة كأنه يتحد بها في كل قيمتها وكمال قبولها أمام الله فإن كان الله يقبلها فهو يقبل مقدمها.
3- في قول معلمنا بولس الرسول "وأسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضًا وأسلم نفسه لأجلنا قربانًا وذبيحة لله رائحة طيبة" (أف 5: 2). نرى هنا مقطعين للآية:-
المقطع لأول : أنه أسلم نفسه لأجلنا هذا هو الوجه الأول للصليب من ناحيتي كإنسان، أي كيف أرى أنا الصليب أو كيف أفهمه أو كيف أستفيد منه. فالمسيح قدم نفسه ذبيحة خطية لأجلي فأصير أنا مقبولا إذ غفرت خطيتي.
أما المقطع الثاني : المسيح كان قربانًا وذبيحة لله، هذه هي ذبيحة المحرقة. هذه من وجهة نظر المسيح في الصليب، كيف يرى المسيح الصليب؟ في نظر المسيح الصليب هو حب باذل لآخر نقطة دم حبا فينا، حب لا يطلب مقابل (الأغابي).
ملحوظة أخرى على سلخ المحرقة، فهو قَبِل أن يتعرى ليكسينا بعد أن تعرينا، فالسلخ يشير لخلع الغطاء الخارجي أي للعري الذي قبله المسيح على الصليب لأجلنا ليسترنا.
قال الكتاب "وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا" (تك 3: 21). الله غطى عريهما، ولكن من الذي ذبح الحيوان، هل هو الله أم آدم؟ لم يذكر الكتاب إجابة لهذا السؤال، فلماذا؟ الإجابة... نقول أنه من المنطقي أن آدم هو من ذبح الحيوان، ليتسلم من الله طقس تقديم الذبائح لإسترضاء الله، وألبس الله آدم من جلد الذبيحة ليستره، ولكن كان هذا سترًا مؤقتا. أما الستر الحقيقي الذي سيستر فضيحة خطايانا سيكون في ملء الزمان بصليب المسيح ابن الله... وإبن آدم في نفس الوقت، والذي سيقدم ذبيحة نفسه كمحرقة. وابن الله (المسيح) يُدعى هنا الرب الإله. ولأن المسيح هو الذي سيقدم الذبيحة التي تسترنا تُرِكَ السؤال بلا إجابة. لماذا؟ لأن من قدم الذبيحة الحقيقية هو المسيح ابن الله الذي قدَّم نفسه ذبيحة عنا ليسترنا. ولكن من قدَّموه للصليب هم كهنة اليهود أولاد آدم، وهو قبل الصلب ليستر علينا. المسيح هو مقدم المحرقة الحقيقية التي تفرح قلب الله إذ هي التي تستر الإنسان حقيقة، وتعيده إلى حضن الله.
1. تُحْرَق بالكامل على مذبح المحرقة: لتحمل نار الغضب الإلهي وتحمل لعنة الناموس فيَرْضَى قلب الله الغاضب. فالنار أكلت الذبيحة حاملة الخطية فماتت الخطية. وهذا نراه في موت الخميرة التي في القربانة حين تدخل إلى نيران الفرن.
2. تُذكر ذبيحة المحرقة أولًا: لأن المحرقة تشير لإرضاء قلب الله، لذلك تذكر أولًا، فإرضاء قلب الله هو قبل كل شيء.
3. نار الغضب الإلهي أو قل محبة الله النارية تحرق الذبيحة: فإلهنا نار آكلة. فكان عدل الله يستوجب موت الخاطئ وأن تحرقه نيران الغضب الإلهي. ولكن في نفس الوقت "الله محبة". ومحبة الله متجهة بالرحمة نحو البشر، وهي محبة نارية، والله يحب البشر بهذه المحبة النارية. وكان الحل هو فداء المسيح للإنسان. وهذا إستوفى عدل الله وأرضى محبة الله الذي لا يقبل موت حبيبه الإنسان. وبهذا تحقق قول المزمور "ٱلرَّحْمَةُ وَٱلْحَقُّ ٱلْتَقَيَا. ٱلْبِرُّ وَٱلسَّلَامُ تَلَاثَمَا" (مز85: 10).
4. فنفهم أن ما أرضى قلب الله المحب للإنسان أن نار محبته هي التي أحرقت الخطية التي حملها المسيح بدلا من الإنسان لينجو الإنسان. لذلك قيل أن "الرب سُرَّ بأن يسحقه (أي المسيح) بالحزن" (إش53: 10). الله لا يُسَّرْ بأن يسحق ابنه بالحزن، ولكن الله كان مسرورا بنتيجة ذلك وأن المسيح حامل خطايانا حينما يموت، تموت معه خطايانا وأحزاننا وألامنا فنعود نحن إلى حضن الآب كأبناء مقبولين أمامه.
5. وكان المسيح هو الذي تحمل الغضب الإلهي لينجو الإنسان. والمسيح أطاع حتى الموت موت الصليب لأن المسيح هو "الله محبة". فالابن أطاع لمحبته للبشر كما أن الآب يحب البشر. ولكن ما أراده الآب نفذه الابن على الصليب.
6. المسيح كذبيحة محرقة نفذ وصية تُـ"حِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ" وفي المحرقة تحترق الرأس وكل الأعضاء أي أن الكل يحترق حبًا: فالرأس تشير للأفكار والأرجل تشير للإتجاه والأحشاء والقلب للمشاعر والشحم يشير للطاقة. فالمسيح قدَّم كل شيء.
7. المحرقة تشير للتسليم والطاعة الكاملة: وهذا ما ظهر في تجسد الابن وحياته التي لخصها في قوله "طعامي أن أصنع مشيئة الذي أرسلني" وإمتدت طاعته حتى الصليب. المسيح صحح ما أخطأ فيه آدم، إذ أن آدم فعل ما يريده هو لا ما يريده الله. أما المسيح فقد فعل ما يريده الله.
8. تسمى ذبيحة المحرقة "صَعيدة": - 1) الكلمة تعني الذي يعلو ويصعد ويرتفع. 2) هي تُرفع كلها على المذبح لا يأكل منها أحد. 3) تصعد لله العلِّي كرائحة بخور زكية. 4) لذلك لا يقال عن المحرقات يُحرق كما في ذبيحة الخطية. بل يقال "ويوقد الكاهن" وكلمة يوقد تستخدم لإيقاد البخور.
9. المسيح جمع كنيسته في جسده الواحد وصرنا كلنا أعضاء جسده. وهو كرأس للجسد يقدم الخضوع والطاعة الكاملة لله الآب. ونحن في المسيح نحسب طائعين بل وكاملين، ويحملنا المسيح إلى حضن الآب. ولذلك يقال أن المحرقات هي وقود رائحة سرور للرب. وفرحة الآب سببها هي رجوع الإنسان حبيبه إلى أحضانه. وكان لا يمكن رجوع الإنسان إلى حضن الله طالما كان هناك خطية في الإنسان.
10. المحرقات نوعان: [1] العامة (المحرقة الصباحية رمز الإفخارستيا والمحرقة المسائية رمز للصليب). [2] الخاصة: أ) الإجبارية (شفاء الأبرص). ب) كنذر أو للشكر.
11. يقال في ذبيحة المحرقة أنها للتكفير عن مقدمها، ويقال هذا أيضا عن ذبيحة الخطية. ولكن في المحرقة تعني الكلمة للرضا عن مقدمها، فالله يُسَّر بمقدم الذبيحة. أما في حالة ذبيحة الخطية فتعني للصفح عنه، فهو يسترضي الله الذي كسر شريعته، حتى لا يطرد خارج شعب الله.
12. القادرين يقدمون من البقر، وغير القادرين يقدمون من الغنم والمعدمين يقدمون من الطيور وهذا ما فعلته العذراء مريم. والحيوان يجب أن يكون صحيحا بلا عيب رمزًا للمسيح الذي بلا خطية.
13. يضع مقدم الذبيحة يده ويضغط بكل قوته على رأس الذبيحة، ومعنى هذا: الوحدة مع الذبيحة وأن الذبيحة صارت ممثلة لشخص مقدمها. وكما صارت الذبيحة موضع سرور الرب هكذا يصير مقدمها.
14. تسلخ الذبيحة: إشارة للإستسلام الكامل. فالذبيحة غير قادرة على أن تدافع عن نفسها وهي في حالة إستسلام كامل وطاعة كاملة "كخروف داجن وشاة سيقت للذبح". أما الغنم فلا تسلخ فالإستسلام طبعها. والسلخ يشير أيضًا لأن الطاعة هي بإقتناع داخلي وليس بمظاهر خارجية فقط. والسلخ يشير للعري والمسيح تعرى ليسترنا كما في أول ذبيحة ستر بها الله آدم.
15. وتقطع الذبيحة إلى قطعها – القِطَع مع الرأس: ترتب القطع لتأخذ شكل الحيوان الأصلي. وهذا المنظر يشير للمسيح الرأس، وحوله كنيسته أعضاء جسده محيطين به بعد أن كنا متفرقين فجمعنا المسيح إلى جسده الواحد.
16. النار لا تطفأ: رمزًا لمحبة الله الدائمة لكنيسته.
17. يوضع الشحم فوق الحطب (الخشب) مع القطع: الخشب يرمز للصليب، والرأس يشير للمسيح والقِطَعْ لأعضاء الكنيسة. والمسيح وكنيسته مصلوبين، المسيح صُلِبَ على الصليب والكنيسة تصلب أهواءها مع شهواتها. وهذه هي النبوة التي قالها يعقوب ليهوذا ابنه "جَثَا وَرَبَضَ كَأَسَدٍ وَكَلَبْوَةٍ". وكان الشحم هو ما يساعد على إضرام النار. وإذا كان الشحم يشير لطاقة الجسد يكون المعنى أن المسيح بذل لأجلنا كل طاقاته لمحبته ليخلصنا من الخطية.
18. غسل الأحشاء والأكارع: بالنسبة لنا كبشر فالغسل يطهرنا أما بالنسبة للمسيح فهو إعلان وإشارة عن طهارته الداخلية وأنه طهَّر كنيسته – أي بالمعمودية = غُسْل الميلاد الثاني، طهَّر طبيعتنا الداخلية بدمه "بلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ - خَلَّصَنَا بِغُسْلِ ٱلْمِيلَادِ ٱلثَّانِي وَتَجْدِيدِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ" (تى3: 5).
19. بالنسبة للأغنام: فقد قيل عن المسيح "حَمَل الله" فالحمل رمز للاستسلام الكامل ولا يقاوم أبدًا. لذلك لا يتم سلخه مثل البقر إشارة لأن طبعه عدم المقاومة. لذلك كانت المحرقة الدائمة من الحملان. وكانوا يذبحون الغنم داخل الخيمة في إتجاه الشمال. ويشير الشمال لمصدر الرياح الباردة (رمزًا للتعزيات) فالمسيح حمل الله ذُبِح لأجلنا لنحصل نحن على الروح القدس المعزي، بعد سنين من عذاب الريح الجنوبية الساخنة (التي ترمز لغضب الله).
20. كيف نكون محرقة وقود رائحة سرور للرب: كانت المحرقات تقدم من البقر (تشير للطاقة العضلية) أو الأغنام (تشير للطاعة الكاملة والتسليم) أو الطيور (الحياة السماوية). ومن يكرس طاقاته ويحيا حياة الطاعة والتسليم زاهدًا في الأرضيات ويحيا في السماويات يكون رائحة سرور للرب.
_____
(1) توضيح من الموقع: المُعدم أي المعوز أو الفقير destitute
/poor.(2) إضافة من الموقع: "كَخَرُوفِ دَاجِنٍ يُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ" (إر 11: 19) - "كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ" (إش 53: 7).
← تفاسير أصحاحات اللاويين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير اللاويين 2 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
مقدمة عن أسفار موسى
الخمسة وسفر اللاويين |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/j73jpdw