← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28
ابتداءً من هذا الإصحاح نجد نبوات ضد 11 أمة من الأمم الوثنية المحيطة بيهوذا ورقم 11 يشير للخطية فهو = 10+1 والرقم 10 يشير لكمال الوصايا أي الكمال التشريعي، وأي زيادة هي تعدي. ورقم 12 يشير لملكوت الله على الأرض، وبهذا فرقم 11 يشير للخارجين عن شعب الله بسبب خطاياهم. ولقد سبق ورأينا في الإصحاحات السابقة أن القضاء تم على شعب الله يهوذا. والآن نبدأ هنا نرى القضاء ضد باقي الشعوب بسبب الخطية "لأَنَّهُ الْوَقْتُ لابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ أَوَّلًا مِنَّا، فَمَا هِيَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ" (1بط17:4). فالله هو خالق الكل وديان الكل ومؤدب الكل يهود وأمم. ومن هنا نرى نبوات بخراب الأمم المجاورة بواسطة ملك بابل ثم تكون النهاية بخراب بابل نفسها. والله ليس ضد مصر ولا موآب.. إلخ ولكن:
الله ضد الخطية في هذه الأمم، ومن محبته يؤدبهم، فالله هو ضابط الكل وإله الكل، لذلك نسمع عن مصر [ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ تُسْكَنُ مِصْرَ كَالأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ] (إر 26:46) + وعن موآب نسمع "وَلكِنَّنِي أَرُدُّ سَبْيَ مُوآبَ فِي آخِرِ الأَيَّامِ" (إر 47:48). فهي نبوات حلوة للشعوب بعد أن ينتهي تأديبها . وبابل كانت عصا تأديب لكل الشعوب، لكن في نهاية التأديب يرمي الله عصا التأديب إذ لا حاجة لها بعد. وهكذا الشيطان بتجاربه التي يسمح بها الله هي للتأديب حاليا، والنهاية تكون الكنيسة في السماء والشيطان في بحيرة النار.
هذه الأمم ترمز للشيطان الذي يعبدونه من خلال آلهتهم الوثنية، والشيطان يحرك ملوكهم.. فمصر مثلًا ترمز للكبرياء ونرى أن ملكها الحالي وهو حفرع في غِناه يقول [إن الله نفسه لا يقدر أن ينزعني من مملكتي].
أما بابل فهي رمز واضح للشيطان ومملكة الخطية، ومملكة ضد المسيح في العالم (رؤ2:18). فلذلك نرى أن بابل تستعبد الجميع يهودًا وأمم رمزًا لإستعباد إبليس لكل العالم (بابل ترمز للشيطان، ويهوذا ترمز لشعب الله، والأمم هم من ليسوا من شعب الله) وإبليس إستعبد الجميع بسبب الخطية.
ما يفسر النبوات ضد الأمم، هو الآية التي وردت في (إش63: 4): لان يوم النقمة في قلبي وسنة مفديي قد أتت.
فالله لا ولم ولن ينسى للشيطان ما فعله في الإنسان، فالله يحب آدم، هو أحبنا فخلقنا، وكانت "لذاته مع بني آدم" (أم8: 31). والله حزن على ما حدث للبشر، لذلك بكى المسيح عند قبر لعازر، لأن ما رآه أمامه موت ونتانة، وصراخ وعويل وحزن، لكنه كان قد خلق الإنسان ليفرح في جنة عَدْنْ وليحيا أبديًّا. فنرى أن كل التهديدات التي وردت هنا ضد الأمم، إنما هي ضد الشيطان على ما فعله في آدم ونسله.
وبينما هناك وعود لليهود والأمم بعودتهم (رمزًا لما سيحدث بعد فداء المسيح) نرى هناك خرابًا نهائيًا لبابل بلا وعد للرجوع، فنصيب إبليس الهلاك الأبدي (رؤ 10:20). بلا أمل في عودة أو تحرير. عمومًا الله ليس ضد الأمم، الله لا يكره مصر ولا موآب.. بل الله يؤدب هذه الشعوب كملك ملوك يملك ويحكم الأرض كلها، سواء من يعبده أو من لا يعبده والأمم الـ11 هم:-
مصر:- وترمز للكبرياء وللتعلق بالعالم والخيرات الزمنية والإتكال عليها.
فلسطين:- تشير للذين هم في عداوة مستمرة لشعب الله.
صور وصيدا:- يشيروا للتحالف مع أعداء شعب الله في الشر.
موآب:- تشير للفساد والكبرياء. ولمن يُعْثِر شعب الله ويسخر منهم في ألامهم بعد أن يسقطوا.
بني عمون:- يشيروا لمن يحرم أبناء الله من ميراثهم، أو يأخذه منهم. وهذا بالضبط ما عمله إبليس إذ خدع آدم، فحُرِم الإنسان من الجنة.
أدوم:- يشير بدمويته للشيطان (يو 44:8) وأيضًا في كبريائهم وثقتهم في حكمتهم وحصونهم، هم يشيروا للشيطان. وأيضًا فهم في عداوة تقليدية مع شعب الله، وهم باعوا أطفال يهوذا عبيدًا بعد السبي، ورعوا أغنامهم في أرض يهوذا التي صارت خرابًا، ولكل هذا هم رمز للشياطين.
قيدار
حاصور يشيروا لمن يعيش في أمان كاذب غير طالبين حماية الله.
عيلام = فارس:- يشير للمغرور بقوته ولا يفكر أن قوته هو الله.
بابل:- تشير لمملكة الخطية ومملكة ضد المسيح في كل مكان وزمان ومعظم هذه الأمم جاءت النبوات تحمل لها أخبارًا طيبة، ما عدا بابل التي يتضح أن خرابها سيكون نهائيًا.
ونلاحظ أننا لو حسبنا صور وصيدا أمتين مستقلتين، يصير العدد 12 وبهذا يرمز هذا العدد لأن الأمم لهم وعد بالخلاص وأنهم سيكونون من شعب الله، ولكن هناك دينونة لهم لأن بابل في وسطهم أي هناك خطية في وسطهم.
الآيات 1-12:- "كَلِمَةُ الرَّبِّ الَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا النَّبِيِّ عَنِ الأُمَمِ، عَنْ مِصْرَ، عَنْ جَيْشِ فِرْعَوْنَ نَخُو مَلِكِ مِصْرَ الَّذِي كَانَ عَلَى نَهْرِ الْفُرَاتِ فِي كَرْكَمِيشَ، الَّذِي ضَرَبَهُ نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِيَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا: «أَعِدُّوا الْمِجَنَّ وَالتُّرْسَ وَتَقَدَّمُوا لِلْحَرْبِ. أَسْرِجُوا الْخَيْلَ، وَاصْعَدُوا أَيُّهَا الْفُرْسَانُ، وَانْتَصِبُوا بِالْخُوَذِ. اصْقِلُوا الرِّمَاحَ. الْبَسُوا الدُّرُوعَ. لِمَاذَا أَرَاهُمْ مُرْتَعِبِينَ وَمُدْبِرِينَ إِلَى الْوَرَاءِ، وَقَدْ تَحَطَّمَتْ أَبْطَالُهُمْ وَفَرُّوا هَارِبِينَ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا؟ الْخَوْفُ حَوَالَيْهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. الْخَفِيفُ لاَ يَنُوصُ وَالْبَطَلُ لاَ يَنْجُو. فِي الشِّمَالِ بِجَانِبِ نَهْرِ الْفُرَاتِ عَثَرُوا وَسَقَطُوا. مَنْ هذَا الصَّاعِدُ كَالنِّيلِ، كَأَنْهَارٍ تَتَلاَطَمُ أَمْوَاهُهَا؟ تَصْعَدُ مِصْرُ كَالنِّيلِ، وَكَأَنْهَارٍ تَتَلاَطَمُ الْمِيَاهُ. فَيَقُولُ: أَصْعَدُ وَأُغَطِّي الأَرْضَ. أُهْلِكُ الْمَدِينَةَ وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا. اصْعَدِي أَيَّتُهَا الْخَيْلُ، وَهِيجِي أَيَّتُهَا الْمَرْكَبَاتُ، وَلْتَخْرُجِ الأَبْطَالُ: كُوشُ وَفُوطُ الْقَابِضَانِ الْمِجَنَّ، وَاللُّودِيُّونَ الْقَابِضُونَ وَالْمَادُّونَ الْقَوْسَ. فَهذَا الْيَوْمُ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ يَوْمُ نَقْمَةٍ لِلانْتِقَامِ مِنْ مُبْغِضِيهِ، فَيَأْكُلُ السَّيْفُ وَيَشْبَعُ وَيَرْتَوِي مِنْ دَمِهِمْ. لأَنَّ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ ذَبِيحَةً فِي أَرْضِ الشِّمَالِ عِنْدَ نَهْرِ الْفُرَاتِ. اصْعَدِي إِلَى جِلْعَادَ وَخُذِي بَلَسَانًا يَا عَذْرَاءَ، بِنْتَ مِصْرَ. بَاطِلًا تُكَثِّرِينَ الْعَقَاقِيرَ. لاَ رِفَادَةَ لَكِ. قَدْ سَمِعَتِ الأُمَمُ بِخِزْيِكِ، وَقَدْ مَلأَ الأَرْضَ عَوِيلُكِ، لأَنَّ بَطَلًا يَصْدِمُ بَطَلًا فَيَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا مَعًا»."
في هذا الإصحاح نبوتين وفي هذه الآيات نجد النبوة الأولى وهي بسبب غزوة فرعون على بابل وهزيمته عند كركميش على نهر الفرات سنة 606 ثم إنسحاب جيشها لمصر ومصر في الكتاب المقدس ترمز للظالم الذي يستعبد شعب الله، ورمز للعالم والحليف الذي يترجونه لحمايتهم. فدينونتها تشير لدينونة الظلم في العالم. والنبوات تبدأ بمصر لهذا السبب فهي التي ظلمت وخدعت الشعب. هي دينونة ضد الشيطان الذي قهر الإنسان ويستعبده ويخدعه فيموت. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومصر بهزيمتها دفعت ثمن خطاياها. وفي الآيات (3، 4) يقول الله للشيطان إستعد أيها العدو بكل ما تملك من أسلحة، وفي آية (5) وما بعدها ففي معركة الصليب سترتد مذعورا، فالعدو الحقيقي لله هو الشيطان ، وجزئيا النبوات موجهة إلى فرعون المتكبر الذي إستهان بالله قائلا "الله لا يستطيع أن ينزعني من كرسيَّ". ففي (4) أسرجوا الخيل = فمصر كانت تشتهر بجيادها. والله يقول أعدوا ما إستطعتم من قوة فسوف تهزمون. ومهما كانت قوة إبليس، فيسوع "خرج غالبًا ولكي يغلب" (رؤ6: 2). وفي (5) مُرْتَعِبِينَ وَمُدْبِرِينَ = هم مرتعبين هاربين، فالمصريين هربوا في المعركة، والشياطين في كل معركة يُسْتَخْدَم فيها اسم يسوع وصليبه يهربون. وفي (6) الخفيف لا ينوص = السريع الحركة لا يهرب (ينوص = يهرب) . وفي (8،7) يقارن بين فيضان النيل في تدفقه مع تدفق قوات نخو في اتجاه بابل. وهنا الله يتحدى، والنبي يتكلم بلسانه أن يصمد المصريين والكوشيين (تك6:10) (هم لهم نفس المنشأ) وجيرانهم الذين في تحالف معهم أي الليبيين = فوط... بل كلهم سيخجلون لأن الله ضدهم. هم خرجوا للحرب ظانين أنهم سيهدمون المدن (المدن هنا رمز لأولاد الله) ولكن الله لهُ فكر وتدبير آخر، لذلك هو يهزأ بهم (مزمور2). اللوديون = هم شعب على حدود مصر وليبيا. وفي (10) هم تصوروا انتصارهم وأن هذا اليوم هو يومهم لكن الله يقول بل هذا يوم الرب (فَهذَا الْيَوْمُ لِلسَّيِّدِ رَبِّ الْجُنُودِ) = أليس في هذا إشارة واضحة ليوم الصليب الذي ظن فيه الشيطان أنه انتصر على المسيح، وقتل وإستعبد البشر أحباء الله، فالله لذاته في بني آدم. وكان الشيطان يظن نفسه قويا، ولن يستطيع الله أن ينقذ البشر من يده. ولكن المسيح خرج منتصرًا على الشيطان وعلى الموت . وفي (12،11) عذراء بنت مصر التي عاشت في رفاهية ستهزم وتجرح وعليها أن تبحث عن بلسان في جلعاد، ولكن بلا شفاء فالله لا يريد للظلم والظالمين شفاء. وبعد أن كانوا أبطالًا صاروا عذراء مجروحة.
لأَنَّ بَطَلًا يَصْدِمُ بَطَلًا فَيَسْقُطَانِ كِلاَهُمَا مَعًا = هذا ما سيحدث في نهاية الأيام حيث تتصادم كبرياء الزعماء المتحالفين مع الوحش (الكبرياء تمثلها هنا رمزيًا مصر المتكبرة) مع مملكة الشر في العالم (بابل) فتهيج حربًا شديدة تخرب العالم (راجع تفسير (رؤ17: 16-17).
الآيات 13-28:- "اَلْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ إِلَى إِرْمِيَا النَّبِيِّ فِي مَجِيءِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ لِيَضْرِبَ أَرْضَ مِصْرَ: «أَخْبِرُوا فِي مِصْرَ، وَأَسْمِعُوا فِي مَجْدَلَ، وَأَسْمِعُوا فِي نُوفَ وَفِي تَحْفَنْحِيسَ. قُولُوا انْتَصِبْ وَتَهَيَّأْ، لأَنَّ السَّيْفَ يَأْكُلُ حَوَالَيْكَ. لِمَاذَا انْطَرَحَ مُقْتَدِرُوكَ؟ لاَ يَقِفُونَ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ طَرَحَهُمْ! كَثَّرَ الْعَاثِرِينَ حَتَّى يَسْقُطَ الْوَاحِدُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَيَقُولُوا: قُومُوا فَنَرْجِعَ إِلَى شَعْبِنَا، وَإِلَى أَرْضِ مِيلاَدِنَا مِنْ وَجْهِ السَّيْفِ الصَّارِمِ. قَدْ نَادُوا هُنَاكَ: فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ هَالِكٌ. قَدْ فَاتَ الْمِيعَادُ. حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ الْمَلِكُ رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ، كَتَابُورٍ بَيْنَ الْجِبَالِ، وَكَكَرْمَل عِنْدَ الْبَحْرِ يَأْتِي. اِصْنَعِي لِنَفْسِكِ أُهْبَةَ جَلاَءٍ أَيَّتُهَا الْبِنْتُ السَّاكِنَةُ مِصْرَ، لأَنَّ نُوفَ تَصِيرُ خَرِبَةً وَتُحْرَقُ فَلاَ سَاكِنَ. مِصْرُ عِجْلَةٌ حَسَنَةٌ جِدًّا. الْهَلاَكُ مِنَ الشِّمَالِ جَاءَ جَاءَ. أَيْضًا مُسْتَأْجَرُوهَا فِي وَسْطِهَا كَعُجُولِ صِيرَةٍ. لأَنَّهُمْ هُمْ أَيْضًا يَرْتَدُّونَ، يَهْرُبُونَ مَعًا. لَمْ يَقِفُوا لأَنَّ يَوْمَ هَلاَكِهِمْ أَتَى عَلَيْهِمْ، وَقْتَ عِقَابِهِمْ. صَوْتُهَا يَمْشِي كَحَيَّةٍ، لأَنَّهُمْ يَسِيرُونَ بِجَيْشٍ، وَقَدْ جَاءُوا إِلَيْهَا بِالْفُؤُوسِ كَمُحْتَطِبِي حَطَبٍ. يَقْطَعُونَ وَعْرَهَا، يَقُولُ الرَّبُّ، وَإِنْ يَكُنْ لاَ يُحْصَى، لأَنَّهُمْ قَدْ كَثُرُوا أَكْثَرَ مِنَ الْجَرَادِ، وَلاَ عَدَدَ لَهُمْ. قَدْ أُخْزِيَتْ بِنْتُ مِصْرَ وَدُفِعَتْ لِيَدِ شَعْبِ الشِّمَالِ. قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: هأَنَذَا أُعَاقِبُ أَمُونَ نُو وَفِرْعَوْنَ وَمِصْرَ وَآلِهَتَهَا وَمُلُوكَهَا، فِرْعَوْنَ وَالْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْهِ. وَأَدْفَعُهُمْ لِيَدِ طَالِبِي نُفُوسِهِمْ، وَلِيَدِ نَبُوخَذْراصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، وَلِيَدِ عَبِيدِهِ. ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ تُسْكَنُ كَالأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ، يَقُولُ الرَّبُّ. «وَأَنْتَ فَلاَ تَخَفْ يَا عَبْدِي يَعْقُوبُ، وَلاَ تَرْتَعِبْ يَا إِسْرَائِيلُ، لأَنِّي هأَنَذَا أُخَلِّصُكَ مِنْ بَعِيدٍ، وَنَسْلَكَ مِنْ أَرْضِ سَبْيِهِمْ، فَيَرْجعُ يَعْقُوبُ وَيَطْمَئِنُّ وَيَسْتَرِيحُ وَلاَ مُخِيفٌ. أَمَّا أَنْتَ يَا عَبْدِي يَعْقُوبُ فَلاَ تَخَفْ، لأَنِّي أَنَا مَعَكَ، لأَنِّي أُفْنِي كُلَّ الأُمَمِ الَّذِينَ بَدَّدْتُكَ إِلَيْهِمْ. أَمَّا أَنْتَ فَلاَ أُفْنِيكَ، بَلْ أُؤَدِّبُكَ بِالْحَقِّ وَلاَ أُبَرِّئُكَ تَبْرِئَةً»."
النبوة الأولى قالها إرمياء وهو في يهوذا ، وأما هذه النبوة فقالها وهو في أرض مصر حين جاء نبوخذ راصر ليضرب مصر (فِي مَجِيءِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ لِيَضْرِبَ أَرْضَ مِصْرَ). وبين النبوتين 18 سنة. وبعد هزيمة مصر في كركميش لم يهاجم ملك بابل مصر فهو لم يكن مستعدًا لذلك. فضمن لمصر سلامتها بشرط أن تتخلى عن كل أملاكها خارج مصر. ولما عرف أهل أورشليم النبأ عكف الملك صدقيا على مفاوضة مصر والثورة على بابل. ولأن كأس مصر كان قد امتلأ جدًا فلم يكتفي الله بضرب الجيش في خارج أرضه بل ستكون الضربة هذه المرة داخل مصر لساكنيها. وكأن الضربة الأولى كانت إنذار وحينما لم يستفيدوا منهُ كانت الضربة الثانية، التي سيأتي فيها ملك بابل على مصر ليضربها. ونجد في (14) إنذار بالحرب بمجيء ملك بابل إلى تحفنحيس ومجدل ونوف حيث يقيم اليهود (إر 1:44) ولكنها مدن مملوءة بالهياكل الوثنية والأصنام وهذه العبادة الوثنية وراءها الشيطان . وفي (16) رجال الحرب في مصر كانوا مستأجَرين (مرتزقة) أو من الشعوب التي تحت حكم مصر أو المتحالفة معها مثل كوش وفوط. وحينما وجدوا الحرب شديدة وأن فرعون لا يسندهم هربوا كل واحد إلى بلاده. بل سمعوا نداء أن فِرْعَوْنُ.. هَالِكٌ. في الإنجليزية جاءت كلمة هَالِكٌ هكذا: "is but a NOISE"، ومعناها هو ليس أكثر من صوت "صَنْجًا يَرِنُّ" (1 كو 13: 1)، هكذا الشيطان هو ليس أكثر من صوت ولا قدرة لهُ على أن يؤذي أحدًا. ففرعون هذا كان يتكلم كثيرًا عن قوته وليس أكثر من هذا. والشيطان هالك ومَخْزي أمام المسيح رب الجنود (18)، هذه نبوة عن هزيمة الشيطان أمام الرب يسوع المسيح ملك الملوك، الذي هو كتابور أعلى من باقي الجبال وككرمل عند البحر = جبل عالٍ بالنسبة لما حوله فهو جبل بالنسبة لبحر. فالمسيح كجبل عالٍ سماوي ثابت راسخ والشيطان كبحر منخفض ثائر مالح. وحتى لو كانت قوة الشيطان التي يستعملها في حربه كالجبال، فعمل المسيح أقوى ويسود فهو أعلى وأقوى مثل تابور. وجزئيا فالنبوة تشير لأن ملك بابل كجبل عال بالنسبة لفرعون ، ولكن من أعطاه هذا هو رب الجنود حتى يؤدب ملك مصر. وفي (20) مصر عجلة حسنة جدًا= جاهزة للذبح، قد سمنت من غناها. وأصبح جنودها من الوفرة التي لهم، غير قادرين على القتال. هكذا كل من أتخم نفسه من شهوات هذا العالم لا يستطيع الحرب أمام إبليس ، وكلمة عجلة تشير لإله المصريين الذي عبدوه "العجل أبيس" ومنهم تعلم اليهود عبادة العجل الذهبي. ولكن سيأتي من الشمال البابليين لذبح هذا العجل. وفي (21) مُسْتَأْجَرُوهَا.. كَعُجُولِ صِيرَةٍ = أي الجنود المستأجَرين صاروا كعجول سمينة يرتدون يهربون غير قادرين على الحرب = المستأجَرون هم كل من جعل نفسه أداة في يد الشيطان ليُعثِر أولاد الله . وفي (22) وسيكون المصريين غير قادرين حتى أن يحدثوا صوتًا بعد أن كانوا "ليسوا إلا صوت" وينخفض صوتهم مثل حية لا صوت لها غير فحيح العداوة وهي راجعة لجحرها. ولن يجرأوا أن يرفعوا صوتهم كما في الماضي فـأولاد المسيح أخذوا سلطانًا أن يدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو. ولن يكونوا قادرين على المقاومة مثل شجرة لا تستطيع أن تقاوم من يقطعها بفأس . وفي (24) خراب نهائي بيد ملك بابل . وفي (25) الله يعاقب فرعون والمتوكلين عليه أي اليهود الذين وثقوا فيه أكثر من إلههم. ولكن ستسكن مصر ثانية (26) . وفي (28،27) طالما ذكر الخير لمصر يذكر أيضًا الخير لإسرائيل فخلاص المسيح هو للجميع والكنيسة تسمى رمزيًا إسرائيل. وهذه النبوة لو أخذناها بمفهوم محدود لكانت تعني الخير للمسبيين في بابل. وهنا نرى بوضوح ارتباط خلاص البشر بعقوبة الشيطان = لأَنِّي أُفْنِي كُلَّ الأُمَمِ (الشياطين لهم عقوبة أبدية) الَّذِينَ بَدَّدْتُكَ إِلَيْهِمْ. أَمَّا أَنْتَ فَلاَ أُفْنِيكَ (البشر المؤمنين لهم خلاص أبدي)، بَلْ أُؤَدِّبُكَ بِالْحَقِّ (الآلام على الأرض هنا هي للتأديب) وَلاَ أُبَرِّئُكَ تَبْرِئَةً (الله قدوس لا يحتمل الخطية، والخطية لها عقوبتها). والله يطمئن الإنسان أن من ينضم لكنيسته (رمزيا هنا الكنيسة هي يعقوب) عليه ألا يخاف = لا تخف يا عبدي يعقوب. وحتى لو خضعت لعبودية الشيطان لفترة، فهذا وضع مؤقت [فالْخَلِيقَةُ أُخْضِعَتِ لِلبَاطِل عَلَى الرَّجَاءِ] (رو8: 20). ولكن هناك خلاص آتٍ من بعيد = أي بطريقة لا يتصورها مخلوق، فالله سيتجسد وبصليبه يضرب قوة الشيطان ويدينه ، ويصير الصليب علامة الخلاص للإنسان. اِصْنَعِي لِنَفْسِكِ أُهْبَةَ جَلاَءٍ أَيَّتُهَا الْبِنْتُ السَّاكِنَةُ مِصْرَ (آية19) = كان الشيطان يسكن في البشر، وبعد المسيح طرده الروح القدس وسكن الروح في المعمدين (طقس صلاة المعمودية والميرون). والمدن والهياكل التي سكن فيها الشيطان تصير كنائس ويسكن فيها الروح القدس.
← تفاسير أصحاحات إرمياء: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير إرميا 47 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير إرميا 45 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9v9n5jt