محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
سفر رويا يوحنا الإنجيلي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17
رأينا فيما سبق أن يوحنا رأى سفرًا مختومًا فيه أخبار عن مستقبل الكنيسة. وهذه الأخبار هي عن يمين الله (رؤ1:2). أي أن الله كضابط للكل يمسك زمام كل الأمور، يوجه الأحداث بحسب حكمته وقدرته اللانهائية لما فيه خلاص نفوس أولاده، ووجود هذا السفر عن يمين الله يشير لاهتمام الله العجيب بكل ما يدور في حياة أولاده. واليمين إشارة للقوة، والله بهذا يريدنا أن نطمئن بأننا محفوظين في يمينه بقدرته وقوته مهما كانت الأحداث العاصفة التي ستمر بالكنيسة في المستقبل. فسفر الرؤيا سيحدثنا بعد ذلك عن ضيقات رهيبة ستعاني منها الكنيسة، ولكن الله يحوِّلها للخير، فعصر الاضطهادات الرومانية مثلًا كان عصر نمو الكرازة وتحوّل الدولة الرومانية للمسيحية. وهنا الله يطمئننا بأن كل الأمور في يده، وأن الكنيسة في يمينه محل عنايته. ورأينا أن هذا السفر مختوم بسبعة ختوم أي كمال الغموض فلا أحد يستطيع أن يدرك المستقبل، ولا حكمة الله وتدبيره المستقبلي، ولماذا يسمح بهذه الأحداث ولا لماذا يحل الشيطان (رو33:11-36). ولكن نجد الله في محبته يكشف لأولاده عن بعض من تدبيراته حتى لا يفاجأوا بما سيحدث. ألم يقل الله "هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله؟!" (تك17:18). والله يكشف لنا عما سيحدث في المستقبل من ضيقات وانتصارات للكنيسة، حتى إذا ما سبق وأعلنه الله، ثم نجده يتحقق ويتم أمامنا، يزداد إيماننا وثقتنا. ولهذا أيضًا أخبر المسيح تلاميذه بما ينتظرهم من ألام (يو18:15-21) + (يو1:16-4) + (يو29:14).
وابتداء من آية 1:6. بدأ الله يسمح بأن الختوم تفتح حتى تعرف كنيسته ما هو مزمع أن يكون وحين يتحقق وحدث ما أخبر به:
1. لا تضطرب فالسيد سبق وأخبرها وهو كضابط الكل عالم بكل شيء قبل أن يحدث بآلاف السنين فمن يعرف هو قادر أن يتحكم في الأحداث ويحفظ كنيسته.
2. إذ ترى الكنيسة أن ربها عالم بما يحدث وأنه أخبرها يزداد إيمانها وثقتها به.
ولماذا لا نخاف من الأخبار المزعجة:-
1. السفر عن يمينه محل اهتمامه وهو يرعانا بكل قوة.
2. هو يفك الختوم وقتما يريد ولا شيء يتم من وراء ظهره.
3. إذا كان يعرف ما سيحدث قبل آلاف السنين فهو قادر أن يدبر.
4. هو خرج غالبًا ولكي يغلب
5. لا أحد يقدر أن يضر الخمر ولا الزيت.
آيات 2،1 "وَنَظَرْتُ لَمَّا فَتَحَ الْخَرُوفُ وَاحِدًا مِنَ الْخُتُومِ السَّبْعَةِ، وَسَمِعْتُ وَاحِدًا مِنَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ قَائِلًا كَصَوْتِ رَعْدٍ: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!» فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ."
الْخُتُومِ
تدل على حوادث تاريخية وتعبر عن حقب زمنية. وسنسمع ابتداء من الختم الثاني عن آلام وضيقات ستمر بها الكنيسة وحروب معلنة ضدها، لذلك يبدأ الله بهذا الختم لنرى الله منتصرا، والكنيسة منتصرة به وفيه، حتى لا تخاف الكنيسة من أخبار الآلام فهي حتما ستنتصر. لَمَّا فَتَحَ الْخَرُوفُ = إذًا هو في يده القرارات والأحكام.كصوت رعد = إعلان عن القوة والقدرة التي بهما يسند المسيح كنيسته في آلامها.
ولاحظ أن المتكلم في حالة الختم الأول هو الحيوان الأول الذي على شبه أسد (رؤ 7:4) ويتكلم بصوت رعد إشارة للمسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا (رؤ 5:5) والذي يحارب عن كنيسته بقوة أسد. أيها الأحباء من الخطأ أن نحسب أنفسنا ضعفاء أمام إبليس وأمام الخطية بينما المسيح الأسد يقود حياتنا. المسيح هو الأسد الغالب، وهو خرج غالبًا ولكي يغلب= سمعنا في السبع كنائس قوله من يغلب.... وهنا نرى أننا نغلب به، بل هو الذي يغلب فينا.
فرس أبيض = هذه هي الكنيسة، الفرس الأبيض هو أنا وأنت أيها الحبيب، وهو أبيض لأننا تبررنا بدم المسيح (رؤ14:7) + (2كو21:5) + (رو1:5). وهو فرس لأن الفرس يستخدم في الحروب (نش1: 9)، ونحن في حرب مستمرة ضد إبليس (أف12:6). والفرس لا يهاب المعارك (أى19:39-25). والجالس عليه = هو المسيح الذي يستريح فينا وهو يقودنا خلال رحلة جهادنا وحروبنا مع إبليس. ومعه قوس = القوس أداة حرب والمسيح حارب إبليس بصليبه.
خرج غالبًا = المسيح غلب إبليس أولًا في معركة الصليب. ولكي يغلب = يغلب فينا وبنا، يغلب في كنيسته وفي أولاده، وكل نصرة لنا تنسب له. وقد أعطي إكليلا = فالمسيح ملك على قلوب المؤمنين بصليبه (أش6:9)، وهو سيعطي إكليلًا لكل من يغلب (2تى8،7:4)
تاريخيا فالفرس الأبيض يشير لفترة كنيسة الرسل الأولى، والقوس يشير لكلمة الكرازة التي صوبها الرسل الكارزون لقلوب الناس فحطمت قوى الشر. هذا هو التفسير التاريخي. لكن التفسير الآخر فهو يشير للكنيسة في كل زمان ومكان التي يقودها المسيح ويبررها ويبيضها بدمه، يقودها ليحارب بها إبليس ويغلبه فينا.
آيات 4،3 "وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الثَّانِيَ، سَمِعْتُ الْحَيَوَانَ الثَّانِيَ قَائِلًا: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!» فَخَرَجَ فَرَسٌ آخَرُ أَحْمَرُ، وَلِلْجَالِسِ عَلَيْهِ أُعْطِيَ أَنْ يَنْزِعَ السَّلاَمَ مِنَ الأَرْضِ، وَأَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأُعْطِيَ سَيْفًا عَظِيمًا."
سمعت الحيوان الثاني = الذي شبه عجل، والعجول تقدم ذبيحة إشارة لدم الشهداء الذي يقدم على مذبح الحب (رو 36،35:8) ولذلك نجد الفرس هنا لونه أحمر، وهو لون دماء الشهداء. وتاريخيا هذه تشير إلى فترة الاستشهاد التي بدأت بنيرون وانتهت بموت دقلديانوس وهي الفترة التي تلت فترة الرسل، كما جاء الفرس الأحمر بعد الفرس الأبيض. ولكن عمومًا فالآلام والاستشهاد هو سمة للكنيسة في كل العصور. "فجميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون" (2تى12:3).
بل إن الرسل أنفسهم تعرضوا للاستشهاد كلهم باستثناء يوحنا الحبيب. وكان أولهم يعقوب (أع2،1:12). فالكنيسة عانت من اليهود والرومان آلامًا رهيبة. إذًا تاريخيًا يشير الفرس الأحمر لفترة الاضطهاد الروماني للكنيسة. ولكن في نفس الوقت هو يشير لنا جميعا أننا يجب أن نكون مستعدين دوما أن نقدم دماءنا شهادة للمسيح.
أن ينزع السلام = المقصود السلام الخارجي، فالسلام الداخلي لا ينزعه أحد (يو22:16). فكان الشهداء يذهبون لساحات الاستشهاد مسبحين فرحين متهللين وبهذا المعنى قال السيد المسيح "لا تظنوا إني جئت لألقي سلامًا على الأرض... بل سيفًا" (مت34:10).
وأعطي سيفا عظيما = كان الشهداء في أيام الرومان بمئات الآلاف واستمر الاستشهاد لمئات السنين. ولكننا نلاحظ أن الكنيسة انتصرت، فعصر الاستشهاد مر وانتهى والإيمان ثابت لم يتزعزع، بل كانت فترة الاستشهاد فترة نمو كرازي انتشرت فيها المسيحية في كل العالم، ألم يخرج المسيح غالبًا ولكي يغلب وها هو يغلب فكنيسته تستمر بل تمتد وتتقوى حتى أثناء فترة الاستشهاد.
إذًا الغلبة ليست في النجاة من الموت بل في الثبات على الإيمان حتى الموت، الفرس الأحمر هو الرومان أو أي مضطهد للكنيسة والجالس عليه أي الذي يقوده ويحركه هو الشيطان بالتأكيد، وهذا الاضطهاد الدموي موجود في كل زمان، فما سمعناه عن المذابح الشيوعية للمسيحيين كان خلال القرن العشرين، وخرجت الكنيسة غالبة.
آيات 6،5 "وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الثَّالِثَ، سَمِعْتُ الْحَيَوَانَ الثَّالِثَ قَائِلًا: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!» فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَسْوَدُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ مِيزَانٌ فِي يَدِهِ. وَسَمِعْتُ صَوْتًا فِي وَسَطِ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ قَائِلًا: «ثُمْنِيَّةُ قَمْحٍ بِدِينَارٍ، وَثَلاَثُ ثَمَانِيِّ شَعِيرٍ بِدِينَارٍ. وَأَمَّا الزَّيْتُ وَالْخَمْرُ فَلاَ تَضُرَّهُمَا»."
سمعت الحيوان الثالث = وهو الذي على شبه إنسان (رؤ7:4).
حين فشل إبليس في حربه ضد الكنيسة بإثارة الاضطهاد والاستشهاد، غير طريقته إلى نشر البدع والهرطقات، وهذا ما يشير له الفرس الأسود. وتاريخيا فقد حدث أن انتشرت البدع والهرطقات في الكنيسة بعد أن انتهى عصر الاستشهاد لذلك يأتي الفرس الأسود بعد الفرس الأحمر. ولأن الهرطقات تكون بفلسفة الحكمة الإنسانية والكبرياء الإنساني والمناقشات الغبية (1تى3:6-5 + 2تى2: 23) ارتبط هذا الفرس الأسود بالحيوان الذي على شبه إنسان.
والكنيسة تصلي بفم الأسقف أو الكاهن في التحليل الأول "نعم يا رب الذي أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو. إسحق رؤوسه تحت أقدامنا سريعًا وبدد عنا كل معقولاته الشريرة والمقاومة لنا".
فإبليس يستخدم كلمات تبدو للعقل أنها مقبولة ولكن فيها شيء من الكذب فإذا انجذب الإنسان لها مخالفا تعليم كنيسته ينجرف في تيار مضاد للإيمان المُسَلَّم مرة للقديسين (يه3) ويسير في طريق الموت لذلك فالفرس لونه أسود.
الفرس لونه أسود = هم الهراطقة الذين شوهوا الإيمان السليم. والجالس عليه أي الذي يقوده هو إبليس. معه ميزان = ميزان مغشوش يغش به كلمة الله ويحرف معانيها كما فعل مع المسيح في التجربة على الجبل. وبدلا من أن تكون كلمة الله للشبع صارت تؤدي لمجاعات روحية، هي مجاعات لكلمة الحق. وهذا النوع من المجاعات نراها الآن في كل العالم، لذلك نرى كثيرين في كل مكان يسيرون وراء أنبياء مزيفين (في أمريكا وغيرها) بل هناك من ينتحرون بالعشرات والمئات لأن هؤلاء الأنبياء المزيفين يعطونهم وعودا كاذبة بالذهاب للجنة حيث يرون هؤلاء الأنبياء في مجدهم. حقا قال الكتاب هلك شعبي من عدم المعرفة.
والفرس الأسود إشارة للبدع والهرطقات التي سادت المسيحية بعد نهاية عصر الاستشهاد الروماني. وكان من الهراطقة أساقفة وقسوس بل بطاركة. وهرطقاتهم طالت كل شيء، لاهوت المسيح وطبيعة المسيح ولاهوت الروح القدس. لقد شوشوا عقول الناس وجعلوهم كمن في مجاعة روحية لا يعرفون أين الحق وأين الباطل. هذه البدع والهرطقات أظلمت عقول المؤمنين لذلك أشير لها بفرس أسود. ولذلك سُمِّيَ أثناسيوس بـ"الرسولي" لأنه في مقاومته لهرطقة أريوس ثبت الإيمان الذي كاد أن يختفي. ثُمنية قمح بدينار = الثمنية = 2 رطل أي أقل من كيلو. وقد يشير هذا لمجاعة عظيمة. فالأكل بميزان يشير لمجاعة (حز16:4). وقد حدث هذا تاريخيا عدة مرات والله يسمح بمجاعات ويكون هذا للتأديب (كما حدث مع الابن الضال فعاد لأبيه) والقمح أكل الأغنياء والشعير أكل الفقراء والدينار أجرة العامل في اليوم أي في هذه المجاعة يعمل العامل ليأكل خبزا فقط.
وأما الزيت والخمر فلا تضرهما = هما دواء السامري الصالح (المسيح) للجريح (الكنيسة) والزيت إشارة للروح القدس والخمر إشارة للثبات في الكرمة وإشارة للفرح الروحي، فمن هو ثابت في الكرمة أي المسيح سيعيش في فرح وتعزيات الروح القدس. من يثبت في الإيمان في كنيسة المسيح يظل ممتلئا بالروح القدس وشبعانا بالمسيح وفي فرح مستمر. لن يمس أحد الزيت والخمر فالروح القدس وسر التناول هما اللذان يحفظان الكنيسة عبر العصور. ألم يعدنا المسيح في الختم الأول أنه خرج غالبًا ولكي يغلب.
فهو سيغلب فيمن يظل ثابتا أي في كنيسته التي هي جسده أي ثابتا في إيمان كنيسته.
وحتى لو فهمنا الفرس الأسود أنه إشارة لمجاعة مادية، فالله قادر أن يثبتنا في فرحه، ويملأنا من تعزيات روحه القدوس (خمر وزيت السامري الصالح) بل أن يعولنا وسط المجاعات، ألم يشبع الله الأنبا بولا بواسطة غراب يأتي له بالخبز. ومن يثبت في الكنيسة يمتلئ من الروح القدس المنسكب على الكنيسة جسد المسيح من خلال أسرار الكنيسة. فشكرا لله الذي غلب وما زال يغلب في كنيسته عبر العصور. ومازالت كنيسته ثابتة، وما زال المسيح هو السامري الصالح الذي يداوي المؤمنين وسط ضيقاتهم (جراحاتهم) بخمره وزيته من داخل كنيسته وبواسطة أسرارها.
آيات 8،7 "وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الرَّابِعَ، سَمِعْتُ صَوْتَ الْحَيَوَانِ الرَّابعِ قَائِلًا: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!» فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَخْضَرُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمَوْتُ، وَالْهَاوِيَةُ تَتْبَعُهُ، وَأُعْطِيَا سُلْطَانًا عَلَى رُبْعِ الأَرْضِ أَنْ يَقْتُلاَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْمَوْتِ وَبِوُحُوشِ الأَرْضِ."
فرس أخضر = في كل الترجمات الأخرى ترجم لون هذا الفرس بأنه الفرس الباهت pale وفي الترجمة القبطية مترجم أصفر. وبهذا نفهم أن لون هذا الفرس هو لون أخضر مائل للصفرة أو أخضر باهت. فاللون الأخضر هو لون الحياة، فلا حياة بدون خضرة. ونحن نصلي في أوشية الراقدين ونقول "علهم في موضع خضرة على ماء الراحة". وفي صلاة الثالث على المنتقلين نضع ماء مع خضرة وخبز لنقول لأهل المنتقل أنه ما زال حيا.
وبهذا نفهم أن الخضرة الباهتة المائلة للصفرة هي إشارة لبدعة أو هرطقة لها سمة الإيمان ولكن بطريقة مغشوشة، وهي تزييف للحقائق. وغالبًا هي إشارة للأريوسية التي تؤمن بالله وبالمسيح (وهذه خضرة) ولكن هي لا تؤمن بألوهيته أو أنه ابن الله. ولهذا هي باهتة ويصبح اللون الأخضر مائلا للصفرة. واللون الأصفر هو لون الموت. لذلك فالجالس على هذا الفرس اسمه الموت. فالكنيسة مبنية على الإيمان بأن المسيح هو ابن الله (مت13:16-18). فالمسيح يعلن صراحة أن الكنيسة ستبنى على هذا الإيمان الذي أعلنه بطرس وهو أن المسيح هو ابن الله ولما جاء أريوس وأفسد هذا الإيمان وامتدت بدعته لكل العالم، ثم قاومه أثناسيوس، سمي أثناسيوس بالرسولي إذ أعاد الإيمان الصحيح للكنيسة، بعد أن قال أريوس أن المسيح ليس ابن الله وأنكر ألوهيته.
والحيوان الرابع = الذي على شبه نسر هو الذي أعلن عن هذا الفرس، والنسر يشير إلى لاهوت المسيح، ولذلك يؤخذ النسر إشارة لإنجيل يوحنا الذي كتبه يوحنا لنؤمن أن المسيح هو ابن الله ومن يؤمن تكون له حياة أبدية (يو31:20) لذلك فهذا النسر يدعو لأن لا نسير وراء الهرطقة الأريوسية، ونؤمن بألوهية المسيح. وستكون دعوة ضد المسيح في نهاية الأزمنة هي دعوة لإنكار لاهوت المسيح وسيضطهد المسيحيين وله سلطان بالسيف والجوع والموت وبوحوش الأرض. لذلك قال الكتاب عن هذه الأيام "ويكون زمان ضيق لم يكن منذ كانت أمة" (دا1:12) ولقد عانت الكنيسة على يد أتباع أريوس وعلى يد الهراطقة الذين قاوموا الكنيسة دائمًا اضطهادًا شديدًا.
الفرس الأسود يشير لهراطقة ينشرون بدع وهرطقات ويقاومون الكنيسة عقليا. أما الفرس الأخضر الباهت فيشير لهراطقة ينشرون بدع وهرطقات خاصة بلاهوت المسيح ويزيفون الحقائق، فاللون الأخضر مصبوغ بلون أصفر جعل الأخضر باهتا. وهؤلاء الهراطقة نشروا هرطقتهم بالسيف بوحشية ولنذكر أن أثناسيوس الرسولي عانى منهم أشد المعاناة وتم نفيه عن كرسيه خمس مرات. وامتدت هرطقتهم هذه الأيام في طوائف كشهود يهوه.
ملخص للختوم الأربعة السابقة:- الفرس إشارة للحرب فهو أداة حرب، هو أداة الحروب في تلك الأيام. وكون يوحنا يرى في الختوم الأربعة الأولى خيول فهذا إشارة لحروب. فالفرس الأبيض إشارة لحروب أولاد الله بقيادة المسيح ضد إبليس. وهذه الحرب التي تشنها الكنيسة لن تقوى عليها أبواب الجحيم (مت16: 18). والفرس الأحمر هو إشارة لحروب دموية واستشهاد ضد الكنيسة. والفرس الأسود هو حرب هرطقات ضد الكنيسة، وقد تكون مجاعات. والفرس الأخضر الباهت (أخضر مائل للصفرة) يشير لحرب ضد الكنيسة بالسيف خاصة بلاهوت ابن الله. وهناك من قال أن الفرس الباهت يشير لأوبئة لأن الراكب على الفرس اسمه الموت. واللون الأصفر هو لون الموت.
لكن شكرا لله الذي خرج غالبًا ولكي يغلب في كل هذه الحروب.
وبعد أن رأينا كل هذه الحروب في الختوم الأربعة وكل هذه النفوس التي تموت في استشهاد لأجل المسيح نرى في الختم الخامس أين تذهب هذه النفوس حتى نطمئن عليهم ولا نخاف على أنفسنا. وفي الختم السادس نرى الرعب الذي فيه الأشرار الذين على الأرض.
فإذا كنا نسمع أخبار صعبة، فالغرض من هذه الرؤيا أن نفهم أنه يجب أن نطمئن فالخروف (المسيح الذي مات في حب عنا) هو الذي يفتحها، وما دام حبيبنا هو الذي يتحكم ويسيطر على الأمور، ما دام هو قوي كأسد فلماذا الخوف وهو يفتح في ملء الزمان، أي يعرف متى يفتح بالضبط، وما هو الوقت الأمثل والمناسب الذي يستطيع فيه أن يسيطر على الأحداث.
الأخبار المزعجة هي من الخارج، أما داخل قلب المؤمنين سلام يفوق كل عقل بل المسيح الذي يكشف عن الأخبار المؤلمة، نجده يكشف عن التعزيات التي سيعطيها لأولاده. فهو خرج غالبًا ولكي يغلب، وهو يعلم أنه سيكون لنا ضيق في العالم ولكنه أعطانا وعده بأنه قد غلب العالم (يو33:16) وما زال يغلب فينا. وما يطمئننا أننا مجرد فرس أبيض يقوده المسيح لينتصر بنا وفينا وقارن مع سفر النشيد " لقد شبهتك يا حبيبتي بفرس في مركبات فرعون" (نش9:1). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والفرس لونه أبيض لأن الله بررنا "صرنا بر الله فيه (في المسيح)" (2كو21:5) + (رؤ14:7). فإن كانت المعركة معركة استشهاد أو معركة مع هراطقة أو ضربات ستصيب العالم، زلازل وأوبئة ومجاعات... فلماذا الخوف ما دام المسيح هو الذي سيقودنا. وما يطمئن أيضًا وعد المسيح، أما الزيت والخمر فلا تضرهما. والزيت إشارة للروح القدس والخمر إشارة للفرح بالثبات في الكرمة (المسيح) وإشارة لدم المسيح. وطالما أن أحد لن يمسهما = لا تضرهما، يكون المقصود هو ثبات الروح القدس في المؤمنين (الزيت) (حتى يعزيهم وسط الضيقات). وثبوت المسيح فيهم (الخمر) = ثبوت الحياة فيهم فالمسيح هو القيامة والحياة (يو11: 25). فحتى إن نزع السلام من العالم فلن نخسر سلامنا الداخلي. فمن ثمار الروح القدس سلام (غل22:5) + (فى7:4). وإن استشهدنا فنحن ننتقل ولكن لا نموت فنحن سنظل ثابتين في المسيح والمسيح هو الحياة. ولاحظ أن هذه الرؤيا الخاصة بهذه الأخبار المؤلمة بدأت برؤية العرش (رؤ4) وأن الأوامر تخرج من العرش (الأصوات) (رؤ4:5). كل هذا يعطينا اطمئنان فالمسيطر على الأمور قوي جدًا ويحبنا جدًا وسيعزينا وسط الضيقات ويثبتنا وسيغلب.
آيات 9-11 "وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ، وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟» فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا، وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإِخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ."
رأى يوحنا تحت المذبح نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله = هذه تشير لفترة استشهاد. وهنا نرى أين تذهب هذه النفوس؟ فهي محفوظة عند الله تشتهي اليوم الذي تلبس فيه الأجساد الممجدة. ونلاحظ:-
1. الله يسمح باستشهاد البعض، وهؤلاء أتموا عملهم وسيذهبوا للسماء.
2. الكنيسة على الأرض محفوظة، فأبواب الجحيم لن تقوى عليها.
3. فك الختوم هو إزالة الغموض عن بعض الأسرار وهنا نرى مكان نفوس الشهداء. هنا لقطة نرى فيها صورة السمائيين.
رأيت نفوس = كيف يرى النفوس؟ الإجابة أنه كان في الروح أي حالة روحية سامية بها استطاع أن يرى الأرواح. وهذا ليس بعجيب، ألم يرى الملايين العذراء وهي فوق كنيستها بالزيتون. أما بعد القيامة فسنلبس أجسادا نورانية (تعكس نور الله) وممجدة (تعكس مجد الله) بها نرى بعضنا البعض.
تحت المذبح = والسؤال هنا. هل هناك ذبيحة جسد ودم إفخارستية في السماء؟ الإجابة قطعًا لا. فالتناول يعطي لمغفرة الخطايا، وهناك في السماء سنكون بلا خطية. ولكن وجود مذبح إشارة لأنهم قدموا ذواتهم ذبائح في استشهادهم. لكن هل لن يدخل السماء إلا كل من مات شهيدا؟
لا بل لن يدخل السماء إلا كل من مات شهيدا أو قدم جسده ذبيحة حية أي ما أسماه بولس الرسول "صلب الجسد مع الأهواء والشهوات" (رو1:12) + (غل20:2) + (غل24:5).
لذلك نفهم أن المذبح هنا هو الصليب الذي يحمله كل من أراد أن يصير تلميذا للسيد المسيح ويسير وراءه. فالصليب كان هو المذبح الذي قدَّم عليه المسيح رئيس إيماننا نفسه ذبيحة. بل أن ظل الصليب كان مخيما حتى على المذود حيث ولد ربنا
1. المجوس قدموا له مُرًّا.
2. هو ولد وسط حيوانات ستذبح. بل ولد في مذود كأفقر إنسان بلا مأوى.
3. الرعاة الذين أتوا لرؤيته (رعاة مُتَبَدِّين) أي رعاة الخراف التي تقدم ذبائح في الهيكل. أتوا ليروا المسيح، حمل الله الحقيقي الذي كانت خرافهم رمزًا له.
وظل الصليب مخيم على الكنيسة منذ نشأتها، وصار سمة لها، على الأرض، لذلك نراه هنا كعلامة انتصار لمن قبل أن يقدم نفسه:-
1. ذبيحة حقيقية كالشهداء.
2. يقدم جسده ذبيحة حية.
وكل من يقبل صليبه بشكر نجده في السماء تحت راية الصليب أي المذبح.
الشهادة التي كانت عندهم =
1. من استشهد، شاهدا بإيمانه بالمسيح.
2. من تمسك بإيمانه للنفس الأخير، الإيمان غير المحرف والمُسَلَّم مرة للقديسين (يه3).
وتنتقم لدمائنا = هل توجد لدى السمائيين شهوة انتقام؟ قطعًا لا. والمعنى "متى يا رب يأتي يوم الدينونة؟":-
1. متى يا رب تعلن قداستك ورفضك للخطية.
2. متى يا رب تعلن سلطانك وتخضع المتمردين عليك.
3. متى يا رب تقضي بالحق على ظلم الكنيسة وتظهر عدلك.
4. متى يا رب تعلن مجدك ويراه الظالمون فيخجلوا، ونراه نحن فنفرح بك وينعكس مجدك علينا.
هذه هي شهوة قلب الأبرار والسمائيين، أما الأرضيين الجسدانيين الذين لا يفهمون سوى شهوات الجسد فهؤلاء يريدون أن يبقى الوضع على ما هو عليه. عموما فالله في انتقامه يختلف عن البشر. فالله حين أراد أن ينتقم من ظلم شاول الطرسوسي للكنيسة، ومن ظلم الدولة الرومانية، كان ذلك بأن قادهم للإيمان، وهكذا مع أريانوس والى أنصنا أشهر وأفظع من عذب المسيحيين.
والله يبدأ بأن يحاول أن يقنع هؤلاء المتوحشين بأن يؤمنوا، فإن لم يؤمنوا يكون انتقام الله ضدهم صعبا. وهذا ما حدث مع العشرة الأباطرة الرومان الذين عذبوا المسيحيين، فقد كانت نهايتهم كلهم بشعة.
وغالبا فإن هؤلاء الذين تحت المذبح قد شعروا بقرب نهاية الأزمنة من العلامات الواضحة التي أشعرتهم بقرب النهاية، مثل الضيقة العظيمة التي ستحدث في نهاية الأيام. فصرخوا يتعجلون نهاية الأيام، وأن يظهر المسيح مجده، ويحصلون هم أيضًا على أجسادهم الممجدة، ويعاينوا مجد الله، ويظهر المسيح كديان يدين هؤلاء المتوحشين وليظهر الحق.
يكمل العبيد رفقاؤهم = مازالت الكنيسة تنمو وما زال هناك أجيال ستولد يكمل بهم جسد المسيح، ويدخل غير المؤمنين المختارين إلى الإيمان وبهم يكتمل جسد المسيح.
زمانا يسيرا = مر 2000 سنة منذ قيل هذا، فألف سنة عند الله كيوم واحد. وما هي ألفي سنة بالنسبة للأبدية؟! هي لا شيء يُذْكَر.
أن يقتلوا مثلهم = إذًا الفرس الأحمر ما زال عمله وحربه ضد الكنيسة ممتدان. لا بل إن الضيقة الأخيرة سيكون فيها الاستشهاد بصورة واسعة.
آيات 12-17 "وَنَظَرْتُ لَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ السَّادِسَ، وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، وَالشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ كَمِسْحٍ مِنْ شَعْرٍ، وَالْقَمَرُ صَارَ كَالدَّمِ، وَنُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ إِلَى الأَرْضِ كَمَا تَطْرَحُ شَجَرَةُ التِّينِ سُقَاطَهَا إِذَا هَزَّتْهَا رِيحٌ عَظِيمَةٌ. وَالسَّمَاءُ انْفَلَقَتْ كَدَرْجٍ مُلْتَفّ، وَكُلُّ جَبَل وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا. وَمُلُوكُ الأَرْضِ وَالْعُظَمَاءُ وَالأَغْنِيَاءُ وَالأُمَرَاءُ وَالأَقْوِيَاءُ وَكُلُّ عَبْدٍ وَكُلُّ حُرّ، أَخْفَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَغَايِرِ وَفِي صُخُورِ الْجِبَالِ، وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ وَالصُّخُورِ: «اسْقُطِي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الْخَرُوفِ، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ؟»."
رأينا في الختم الخامس نفوس من هم في السماء غالبين، الذين اختاروا أن يحيوا تحت راية الصليب. وفي الختم السادس نرى صورة لمن اختار أن يحب العالم. نرى فيها عدم ثبات العالم، فالعالم غير ثابت وغير مستقر. فنحن نسمع هنا عن زلازل، والجبال لا تبقى في مكانها وهكذا الجزر.
في الختم الخامس نرى صورة للمسيح الذي يحتضن أولاده وأحباءه ويجمعهم عنده في السماء، ورأينا من قبل صورة المسيح كخروف يفتح الختوم ليكشف لأحبائه عن أسراره، فهو الذي قال "هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله" (تك 18: 17).
وفي الختم السادس نرى الوجه الآخر للخروف، الوجه الغاضب بسبب خطايا البشر، وبسبب اضطهاد العالم للكنيسة عروسه.
ولنتعلم من هذا أن الطريق الوحيد لنا حتى لا نتعرض لغضب الخروف هو أن نترك خطايانا. ومن يقدم توبة يرى الوجه الحلو المملوء حنانا للخروف. علينا أن لا ننظر لله على أنه الإله الحنون العطوف فقط، لكن علينا أن ننظر إليه على أنه الإله الحق القدوس العادل الذي لا يحتمل الخطية وهذه النظرة تجعلنا نكف عن روح الاستهتار واللامبالاة.
هنا في الختم السادس نرى لقطة لمن هم على الأرض يعانون من الآلام، لكنها بالنسبة للمؤمنين فهي للتنقية "حولت ليَ العقوبة خلاصًا"، أما لمن يضطهد الكنيسة فهي ضربات أليمة لعلهم يتوبون، ولاحظ أنها أليمة فهم بلا تعزية الروح القدس.
هنا نرى أن الأيام الأخيرة ستكون أيامًا صعبة فيها أحداث مخيفة كالزلازل مثلًا ونجوم تتساقط، والشمس تظلم والقمر يفقد ضوءه أي يحمر وقيل عن هذا أنه صار كالدم. وهذه الأحداث متفقة مع علامات النهاية التي ذكرها السيد المسيح (مت 24: 7، 29). ومع ما قاله يوئيل النبي (31،30:2) وهذه الأحداث تفسر بطريقتين:-
الأولى:- تفسر الأحداث بأنها ستحدث حقيقة كإنذارات وتأديبات نهائية قبل مجيء الرب لعل الناس تتوب. هي محاولة إلهية ليخاف الناس فيقدموا توبة. ونحن نلاحظ أن الزلازل في ازدياد وثورات الطبيعة في ازدياد والبقع الشمسية في ازدياد.. وإذا كان هذا الآن، فما الذي سيحدث في أيام النهاية. وإذا كانت الشمس قد احتجبت يوم صلب رب المجد، فليس بغريب أن تَسْوَّدْ الشمس من كثرة خطايا البشر التي تهين الله. وكون أن السماء تنفلق كدرج فهذا قد أشار إليه السيد المسيح بقوله أن السماء والأرض تزولان (مت35:24) + (رؤ11:20) + (رؤ1:21). وكل جبل تزحزح فهل هذا غريب؟ فمن له إيمان قدر حبة الخردل يقول للجبل انتقل فينتقل فماذا عن غضب الله؟ ألا يزحزح هذا الجبال. وقد يكون هذا بفعل الزلازل الرهيبة. وفي زكريا 14 نسمع أن جبل الزيتون ينشق بفعل زلازل ويتحرك نصف الجبل إلى ناحية والنصف الآخر لناحية أخرى. والآن فجبال الثلج في القطب المتجمد بدأت في الذوبان، وبدأت تتكسر وتنفصل عن القطب المتجمد بفعل الحرارة. وهذه الجبال الثلجية حين تسيل ستغرق الجزر وتختفي هذه الجزر. أما عن النجوم التي تتساقط فقد تكون شهب ونيازك ومنها ما يدمر مساحات واسعة من الأرض. ومن كثرة سقوطها شبهها بسقوط أوراق الشجر مع الريح.
الثانية:- تفسر الأحداث بطريقة رمزية. والأقرب إلى الواقع أن كلا التفسيرين مقبول وسيحدث كلاهما.
فالشمس تشير للتعليم وهذا سيكون مغشوشا في الأيام الأخيرة بسبب زيادة الهرطقات والتعاليم المخالفة للإيمان الصحيح، والتشويش الصادر من بعض الذين بسبب كبريائهم انشقوا على الكنيسة مبتدعين تعاليم خاصة بهم. هذه التعاليم المزيفة صارت كمسح من شعر غطى نور الشمس = وَالشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ كَمِسْحٍ مِنْ شَعْرٍ = حينما اختفت التعاليم النقية عن المسيح شمس البر، أصبح الناس لا يرون نور الشمس الحقيقي أي لا يعرفون المسيح حقيقة. والْقَمَر = يشير للكنيسة، فالمسيح شمس البر يعكس نوره على الكنيسة فتشع نورا هو انعكاس نور المسيح عليها، لذا تشبه الكنيسة بالقمر.
القمر سيصير كالدم =
1. قد تشير لزيادة عدد الشهداء فكما قال المسيح " لو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد" (مت 22:24).
2. قد تشير أنه بسبب التعاليم الخاطئة والهرطقات يهلك المؤمنين، وهلاكهم هو كأنه سفك دم. كما قال الكتاب هلك شعبي من عدم المعرفة (هو 6:4).
3. عمومًا فحينما تظلم الشمس لا يعود القمر يعطي ضوءه.
الَنُجُومُ
= هم كبار المؤمنين وغالبا من هم في درجات عالية في الكنيسة، وهؤلاء ينشقون عن الكنيسة ربما بسبب الاضطهاد أو بسبب كبريائهم واختراعاتهم الإيمانية أو بسبب ما سمى بالزَلْزَلَةٌ العَظِيمَةٌ = التي ربما هي ظهور ضد المسيح أو هرطقة إيمانية صعبة تبعها هؤلاء الذين كانوا نجوما يوما ما. أو خطية انتشرت أو ضيقة سببت إنكارهم للمسيح... كَمَا تَطْرَحُ شَجَرَةُ التِّينِ سُقَاطَهَا = الريح لا تسقط الورق الأخضر من على الشجر لكنها تسقط الورق الأصفر الذابل. وهؤلاء من كانوا مثل كواكب في الكنيسة كانت كبرياؤهم قد أصابتهم في الداخل فصاروا أموات داخليا، أو هم كانوا يحيون في مظهرية بلا عمق، فهم ما كانوا يرتوون من مياه الروح القدس فصاروا أوراقا صفراء ميتة. فلما أتت رياح التجارب سواء إضطهاد خارجي أو تجارب هرطقة إيمانية فهؤلاء صدقوها أو خطايا انتشرت فانجذبوا لها، سقطوا على الأرض وبداية السقوط الكبرياء. أما المؤمن الذي يحيا كشجرة على مجاري المياه (مز3:1) فهذا يحيا في عمق محبته للمسيح يرتوي من الروح القدس ويحيا في تواضع. هذا لا تسقطه الرياح، رياح التجارب أبدا. بل العكس فهي تزيد اخضراره، أي أن حيويته تزداد.السماء انفلقت كدرج ملتف = الدرج كان هو شكل الكتاب في الأيام القديمة، وكان عبارة عن قطع ملتصقة من ورق البردي أو رقوق جلد الغزال ويتم لفها على هيئة رول roll. والآن تصور أن هناك من فتح درج ملتف ليقرأه ثم تركه فيتم التفافه سريعًا وينغلق. لذلك جاءت كلمة انفلقت في الترجمات الأخرى بمعنى اختفت أو انسحبت. وروحيا فهذا يعني أن طريق السماء أصبح ليس بالسهولة الماضية بسبب كثرة الهرطقات والبدع. وهذا ما قاله السيد المسيح "لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين" (مت12:24) + "متى جاء ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض" (لو8:18) فلنتمسك بإيماننا وكنيستنا ونترك الهرطقات الكثيرة والبدع المضللة، ومن ينفصلون عن الكنيسة لكبريائهم فلنتركهم ولا نسير وراءهم.
كل جبل = الجبل يشير لممالك ضخمة وأمم جبارة وقوله تزحزحت إشارة لضعف هذه الأمم (قديمُا رأينا هذا مع بابل والفرس واليونان والرومان...).
وحديثا رأينا هذا مع بريطانيا والإتحاد السوفيتي أخيرًا (رؤ9:17).
وقد تكون الجبال إشارة لمؤمنين (إش2:2) قد تأثروا بهذه الهرطقات وتزحزحوا عن إيمانهم.
وَجَزِيرَةٍ
= الجزيرة قطعة أرض موجودة وسط البحر والبحر يشير للعالم المضطرب، وبهذا تشير الجزيرة لأي جماعة تركت نفسها للعالم، ولم تلجأ للأحضان الإلهية. الماديات جعلتها تنسى الله. ونسمع الآن عن أن مياه البحار سترتفع بفعل ذوبان جبال الثلج في كلا القطبين الشمالي والجنوبي وأنها ستغرق جزرا بأكملها.ونرى هنا صورة مرعبة لهروب الأقوياء من أمام وجه الله وذلك بسبب خطاياهم ولنقارن مع قول داود "لا تحجب وجهك عني" فالصديق لا يخاف لأن المحبة تطرح الخوف خارِجًا (1يو 4: 18) بل هو يشتهي رؤية الله (خر18:33).
وفيه نسمع قول موسى لله "أرني مجدك". أما الأشرار فلن يطيقوا رؤية وجه الله الغاضب. خصوصًا من كان في كبريائه يشعر أنه جبار = ملوك الأرض والعظماء والأغنياء... بل حتى الضعفاء الأشرار = كل عبد وكل حر ولاحظ أن الأشرار يطلبون من الجبال أن تغطيهم بدلا من أن يصلوا لله أن يغفر لهم. ولو طلبوه لوجدوه يستر عليهم.
مَنْ يستطيع الوقوف = بهذا السؤال ينتهي الإصحاح السادس ونسمع الإجابة في الإصحاح السابع. فنجد أن المختومين هم الذين يستطيعون الوقوف.
← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرؤيا 7 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الرؤيا 5 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/vb8vdcz