← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16
بعد أن أخذ إبراهيم وعد الحياة والبركة في الإصحاح السابق نجد هنا أخبار الموت. وهذا يشير إلى أنه ولو أن المسيح مات عنا وقام ليحمل عنا عقوبتنا إلا أنه يجب أن نموت كعبور للحياة الأخرى. وخبر أقارب رفقة ما بين الأصحاحين يشير إلى استمرار الحياة عن طريق الأبناء بعد موت الآباء حتى يأتي يوم القيامة الذي يقوم فيه الجميع وهذا معبر عنه بقول الوحي وقام إبراهيم من أمام ميتة (آية 3)، بعد أن ناح وبكى ولم تكن قامة إبراهيم الروحية العالية جدًا مانعًا أمام ظهور العواطف والمشاعر الإنسانية فالمسيح نفسه بكى أمام قبر لعازر لكن قوله وقام تشير لإيمانه بالقيامة. ولكن نحن هنا في هذه الأرض في فترة بكاء وعالم حزن يخفف منهم الإيمان بالقيامة.
آية 1: "وَكَانَتْ حَيَاةُ سَارَةَ مِئَةً وَسَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، سِنِي حَيَاةِ سَارَةَ."
سارة هي المرأة الوحيدة التي يذكر الكتاب المقدس عمرها فهي أم العبرانيين. وذكر الرقم ربما هو إشارة لأن مدة الشعب العبراني كشعب لله هي مدة محددة، لها بداية ولها نهاية. البداية كانت بدعوة إبراهيم والنهاية كانت بمجيء المسيح وتأسيسه للكنيسة جسده. بعدها من يؤمن بالمسيح من اليهود يستمر كشعب للمسيح (أي الكنيسة). ومن يرفض المسيح فلا يعود شعبًا لله بعد. (راجع تفسير رو 11).
آية 2: "وَمَاتَتْ سَارَةُ فِي قَرْيَةِ أَرْبَعَ، الَّتِي هِيَ حَبْرُونُ، فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتَى إِبْرَاهِيمُ لِيَنْدُبَ سَارَةَ وَيَبْكِيَ عَلَيْهَا."
كان إبراهيم يتنقل غالبًا وله عدة مراكز بسبب أملاكه الوفيرة بين حبرون وبئر سبع فأتى إبراهيم ليندب سارة: معناها أنه كان متغربًا في عمله وسمع فأتى ليندبها.
آية 3: "وَقَامَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ أَمَامِ مَيِّتِهِ وَكَلَّمَ بَنِي حِثَّ قَائِلًا:"
كلمة حث معناها خوف ورعب. وهذا هو حال الأرض قبل فداء المسيح.
آية 4: "«أَنَا غَرِيبٌ وَنَزِيلٌ عِنْدَكُمْ. أَعْطُونِي مُلْكَ قَبْرٍ مَعَكُمْ لأَدْفِنَ مَيْتِي مِنْ أَمَامِي»."
أنا غريب ونزيل: بالرغم من كل أملاكه وهيبته أمام بني حث حتى عاملوه كرئيس بينهم (آية 6) إلا أنه في اتضاع عاش كغريب شاعرًا أنه لا ينتمي لهذا العالم بل لمن هو في السماء. وقطعًا فإن شركته مع الله هذه هي التي أعطته الكرامة أمام هؤلاء القوم .
أعطوني ملك قبر: لم يفكر إبراهيم في دفن سارة زوجته بجوار أسلافه، فإن كان بالإيمان قد خرج مع سارة من أور. فهو قد بقى سالكًا بهذا الإيمان حتى النفس الأخير. وهو الذي لم يمتلك شيئًا في أرض كنعان امتلك مقبرة (أع 5:7) بينما امتلك نمرود وقايين مدنًا. هذا يعبر عن روح الغربة. إلا أننا نلاحظ.
1. إصرار إبراهيم على شراء الأرض، وهذه الأرض بالذات التي وعده الله بأنه سيمتلكها هو ونسله (تك15: 7)، هو تأكيد لإيمانه بأن الله سيعطيها له بحسب وعده. إبراهيم يريد أن يأخذها من يد الله وليس كهبة من بني حث.
2. الأرض التي وهبها الله له مجانًا لا يأخذها سوى بعد دفع الثمن. وهذا إشارة لأن الله أعطانا هبات مجانية وميراثًا للسماء من نعمته ولكن علينا أن نجاهد حتى نرث (الثمن).
3. الأرض اشتراها بفضة. والأرض تشير لميراث السماء. والفضة تشير للفداء الذي به نلنا الميراث.
4. الله وعده بالأرض لكنه لم يمتلك منها سوى مقبرة. وحل هذا قاله بولس الرسول، أنها أرض غربة وكان ينتظر المدينة التي لها الأساسات التي صانعها وبارئها الله (عب 10:11) أي ميراث السماء.
آية 5: "فَأَجَابَ بَنُو حِثَّ إِبْرَاهِيمَ قَائِلِينَ لَهُ:"
آية 6: "«اِسْمَعْنَا يَا سَيِّدِي. أَنْتَ رَئِيسٌ مِنَ اللهِ بَيْنَنَا. فِي أَفْضَلِ قُبُورِنَا ادْفِنْ مَيْتَكَ، لاَ يَمْنَعُ أَحَدٌ مِنَّا قَبْرَهُ عَنْكَ حَتَّى لاَ تَدْفِنَ مَيْتَكَ»."
رئيس من الله: أي رئيس عظيم. ولاحظ محبة بني حث وتكريمهم لإبراهيم.
آية 7: "فَقَامَ إِبْرَاهِيمُ وَسَجَدَ لِشَعْبِ الأَرْضِ، لِبَنِي حِثَّ،"
سجود إبراهيم هنا سجود إكرام وليس سجود عبادة: وهكذا نسجد للبابا والأساقفة.
آيات 8، 9: "وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «إِنْ كَانَ فِي نُفُوسِكُمْ أَنْ أَدْفِنَ مَيْتِي مِنْ أَمَامِي، فَاسْمَعُونِي وَالْتَمِسُوا لِي مِنْ عِفْرُونَ بْنِ صُوحَرَ أَنْ يُعْطِيَنِي مَغَارَةَ الْمَكْفِيلَةِ الَّتِي لَهُ، الَّتِي فِي طَرَفِ حَقْلِهِ. بِثَمَنٍ كَامِل يُعْطِينِي إِيَّاهَا فِي وَسَطِكُمْ مُلْكَ قَبْرٍ»."
هنا نجد إصرار إبراهيم على الدفع ولم يستغل محبة بني حث. وواضح أن إبراهيم كان يعلم اسم صاحب الأرض التي يريد شراؤها لكنه لم يكن قد رآه من قبل.
آية 10: "وَكَانَ عِفْرُونُ جَالِسًا بَيْنَ بَنِي حِثَّ، فَأَجَابَ عِفْرُونُ الْحِثِّيُّ إِبْرَاهِيمَ فِي مَسَامِعِ بَنِي حِثَّ، لَدَى جَمِيعِ الدَّاخِلِينَ بَابَ مَدِينَتِهِ قَائِلًا:"
كان الوجهاء والعظماء يجلسون في باب المدينة حيث تحل المشاكل.
آية 11: "«لاَ يَا سَيِّدِي، اسْمَعْنِي. اَلْحَقْلُ وَهَبْتُكَ إِيَّاهُ، وَالْمَغَارَةُ الَّتِي فِيهِ لَكَ وَهَبْتُهَا. لَدَى عُيُونِ بَنِي شَعْبِي وَهَبْتُكَ إِيَّاهَا. ادْفِنْ مَيْتَكَ»."
آية 12: "فَسَجَدَ إِبْرَاهِيمُ أَمَامَ شَعْبِ الأَرْضِ،"
السجود هنا هو سجود شكر لهم على مودتهم.
آية 13: "وَكَلَمَ عِفْرُونَ فِي مَسَامِعِ شَعْبِ الأَرْضِ قَائِلًا: «بَلْ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ إِيَّاهُ فَلَيْتَكَ تَسْمَعُنِي. أُعْطِيكَ ثَمَنَ الْحَقْلِ. خُذْ مِنِّي فَأَدْفِنَ مَيْتِي هُنَاكَ»."
هنا اكتشف إبراهيم أن عفرون جالسًا في وسطهم فقال له إن كنت أنت إياه: أي إن كنت أنت عفرون صاحب المغارة والحقل. وقد تعني الجملة إن أردت هذا فعلًا أن تعطيني المغارة وأنت قادر فعلًا أن تعطيني مجانًا فأنا واثق من كرمك ولكن إسمح أن أدفع الثمن. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والأسلوب الذي اتبع هنا هو أسلوب شرقي مهذب للشراء والبيع فيسأل الشاري "بكم" ويرد البائع "مجانا" أو "لأجلك مجانا" ويرد الشاري "أنت قدها وزيادة ولكن أريد أن أدفع" وإيمانيًا فإبراهيم لا يريد أن يأخذ الأرض مجانًا من يد عفرون فهو ينتظر أن يأخذها من يد الله في الوقت الذي يحدده الله. هو ينتظر بصبر تحقيق وعد الله ولا يظهر كمن يتقبل من الناس شيئًا وعده الله أن يهبه إياه.
آية 14: "فَأَجَابَ عِفْرُونُ إِبْرَاهِيمَ قَائِلًا لَهُ:"
آيات 15، 16: "«يَا سَيِّدِي، اسْمَعْنِي. أَرْضٌ بِأَرْبَعِ مِئَةِ شَاقِلِ فِضَّةٍ، مَا هِيَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ؟ فَادْفِنْ مَيْتَكَ». فَسَمِعَ إِبْرَاهِيمُ لِعِفْرُونَ، وَوَزَنَ إِبْرَاهِيمُ لِعِفْرُونَ الْفِضَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي مَسَامِعِ بَنِي حِثَّ. أَرْبَعَ مِئَةِ شَاقِلِ فِضَّةٍ جَائِزَةٍ عِنْدَ التُّجَّارِ."
400 فضة كانت كثيرة على الأرض لكن عند إبراهيم لم تكن شيئًا فهي عربون ميراثه. وهو لم يقتن من الأرض إلاّ ما يدفن فيه جسده. ولقد دفن في هذه المغارة إبراهيم وسارة وإسحق ورفقة ويعقوب وليئة والآن مقام فوقها مسجد الخليل وساحته. ولقد إشترى يعقوب مدفنًا آخر في شكيم (يش 32:24) دُفِنَ فيه يوسف وآخرين. راجع (أع 7: 16) وغالبًا دفن فيه بعض أباء الأسباط . ويقال أن عظام يوسف تم نقلها بعد ذلك إلى مغارة المكفيلة. فضة جائزة عند التجار: هذه تشبه التمغة الآن. أي الذهب والفضة يتم تمغهما ليظهر أنهما ليسا مغشوشان.
الآيات (17-20):- "فَوَجَبَ حَقْلُ عِفْرُونَ الَّذِي فِي الْمَكْفِيلَةِ الَّتِي أَمَامَ مَمْرَا، الْحَقْلُ وَالْمَغَارَةُ الَّتِي فِيهِ، وَجَمِيعُ الشَّجَرِ الَّذِي فِي الْحَقْلِ الَّذِي فِي جَمِيعِ حُدُودِهِ حَوَالَيْهِ، لإِبْرَاهِيمَ مُلْكًا لَدَى عُيُونِ بَنِي حِثَّ، بَيْنَ جَمِيعِ الدَّاخِلِينَ بَابَ مَدِينَتِهِ. وَبَعْدَ ذلِكَ دَفَنَ إِبْرَاهِيمُ سَارَةَ امْرَأَتَهُ فِي مَغَارَةِ حَقْلِ الْمَكْفِيلَةِ أَمَامَ مَمْرَا، الَّتِي هِيَ حَبْرُونُ، فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، فَوَجَبَ الْحَقْلُ وَالْمَغَارَةُ الَّتِي فِيهِ لإِبْرَاهِيمَ مُلْكَ قَبْرٍ مِنْ عِنْدِ بَنِي حِثَّ."
← تفاسير أصحاحات التكوين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير التكوين 24 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير التكوين 22 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/x36qdsc