← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18
آيات 1، 2: "وَانْتَقَلَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ هُنَاكَ إِلَى أَرْضِ الْجَنُوبِ، وَسَكَنَ بَيْنَ قَادِشَ وَشُورَ، وَتَغَرَّبَ فِي جَرَارَ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ سَارَةَ امْرَأَتِهِ: «هِيَ أُخْتِي». فَأَرْسَلَ أَبِيمَالِكُ مَلِكُ جَرَارَ وَأَخَذَ سَارَةَ."
لا نعرف لماذا ذهب إبراهيم إلى جرار، وهناك من يقول أنه تأثر مما حدث في سدوم وعمورة إذ رآهما تحترقان. أو هو طلب مرعى آخر إذ كثرت مواشيه، أو لعل مجاعة جديدة حدثت فغادر بلوطات ممرا إلى جرار. وهنا نجد لحظة ضعف إيمان لأبو الإيمان، فيها تغيرت نظرة إبراهيم فبدلًا من أن ينظر للسماء بإيمان نظر لأهل جرار فرآهم أشرار فخاف منهم وكرر الخدعة الأولى التي فعلها مع فرعون بعد حوالي 20 سنة. لكن هناك سؤال كيف ينظر ملك جرار إلى سارة وهي الآن تقترب من التسعين من عمرها!! هل كانت ما زالت محتفظة بجمالها؟ الإجابة أن الله الذي أعطاها نسلًا ضد الطبيعة وقد غير طبيعتها بل هي كانت ترضع إسحق هو نفسه أعطاها حيوية تتحمل الولادة والرضاعة وتربية الطفل فهو الذي جدَد مثل النسر شبابها. وبنفس المفهوم نفهم كيف أن إبراهيم وقد اندهش أن يكون لابن مائة عام قدرة أن ينجب قد استمر ينجب بعد أن تزوج قطورة وعمره 140 عامًا وأنجب منها 6 أولاد فعطايا الله دائمة لا يرجع فيها.
إبيمالك: غالبًا لا تعني اسمًا بل لقبًا مثلما كان فرعون في مصر هو ملك مصر. وإبيمالك تعني أبي ملك. وهو كان وثنيًا لكن كان له صفات لطيفة وجميلة. ولاحظ حديثه مع الله ومع إبراهيم ومع سارة. ونتعجب كيف حكم إبراهيم أن هذا الموضع ليس فيه خوف الله (آية 11). ومدينة جرار على الجانب الجنوبي من حدود فلسطين تبعد 9 كيلومتر من غزة وسكنها الفلسطينيون.
الآيات (3-5):- "فَجَاءَ اللهُ إِلَى أَبِيمَالِكَ فِي حُلْمِ اللَّيْلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ مَيِّتٌ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَخَذْتَهَا، فَإِنَّهَا مُتَزَوِّجَةٌ بِبَعْل». وَلكِنْ لَمْ يَكُنْ أَبِيمَالِكُ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، أَأُمَّةً بَارَّةً تَقْتُلُ؟ أَلَمْ يَقُلْ هُوَ لِي: إِنَّهَا أُخْتِي، وَهِيَ أَيْضًا نَفْسُهَا قَالَتْ: هُوَ أَخِي؟ بِسَلاَمَةِ قَلْبِي وَنَقَاوَةِ يَدَيَّ فَعَلْتُ هذَا»."
لاحظ أن الله يكلم أبيمالك، وأبيمالك يتحاور مع الله، ولم يكن أبيمالك من شعب الله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فالله كان يتعامل مع كل الشعوب ولم يقصر نفسه على نسل إبراهيم فقط. لكن لأن الكتاب المقدس هو كتاب علاقات الله مع شعبه *المختار من اليهود، اقتصر الكتاب على علاقات الله مع هذا الشعب. ولكن الله كان له تعاملات مع كل الخليقة. فنلاحظ ظهور ملاك الرب مرتين لهاجر وكان يكلمها ويرشدها ويعتني بها (تك16: 7 + 21: 17). بل كان ملكي صادق رمزًا لرب المجد يسوع (راجع مقدمة سفر أيوب).
*(المختار = مختار لأن يأتي منه المسيح).
آية 6: "فَقَالَ لَهُ اللهُ فِي الْحُلْمِ: «أَنَا أَيْضًا عَلِمْتُ أَنَّكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هذَا. وَأَنَا أَيْضًا أَمْسَكْتُكَ عَنْ أَنْ تُخْطِئَ إِلَيَّ، لِذلِكَ لَمْ أَدَعْكَ تَمَسُّهَا."
وأنا أمسكتك: لعل الله أصابه بمرض حتى لا يمس سارة. ولعل أبيمالك تذمر وقتها بسبب المرض الذي لحقه. لكن كان هذا المرض لخيره لأنه لو كان صحيحًا ومسها لكان الله قتله.
آية 7: "فَالآنَ رُدَّ امْرَأَةَ الرَّجُلِ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، فَيُصَلِّيَ لأَجْلِكَ فَتَحْيَا. وَإِنْ كُنْتَ لَسْتَ تَرُدُّهَا، فَاعْلَمْ أَنَّكَ مَوْتًا تَمُوتُ، أَنْتَ وَكُلُّ مَنْ لَكَ»."
فإنه نبي: نبي باليونانية بروفيتيس προφήτης: برو προ (قبل) + فيتيس φήτης (يتكلم) والمعنى أنه يتكلم بأشياء قبل أن تحدث أي أشياء مستقبلية. وفي العبرية الكلمة نبي مثل العربية ولكنها تعني الذي يصلي ويتوسل ويتشفع. ولأن من بين من يصلي ويتوسل لله يوجد من ارتقى لعلاقة المودة والمحبة لله والصداقة لله التي معها يقول الله "هل أخفي عن عبدي هذا ما أنا فاعله". فيكشف لهم الله أفكاره عن الحاضر والمستقبل. ولذلك أصبحت كلمة نبي تعني من يتكلم ويعظ ويعلم عن الله وتعني أيضا من يكشف المستقبل. وكان المعنى الذي قصده بولس الرسول في
(1كو 3:14) يعني من يتكلم عن أفكار الله ويعلنها ويعلمها وهكذا كان المعنى لموسى وهرون، فهرون كان له اللسان الذي به يعلن أفكار الله التي تأتي لموسى. وهذه الآية إثبات مهم لموضوع الشفاعة، وهنا نجد الله يكرم إبراهيم جدًا في عيون الفلسطينيين.فهل الله كان غير قادر أن يبارك أبيمالك بدون صلاة إبراهيم. قطعًا لا لكن الله أراد أن يُكرِم إبراهيم الذي أكرمه
(1صم 30:2).
آية 8: "فَبَكَّرَ أَبِيمَالِكُ فِي الْغَدِ وَدَعَا جَمِيعَ عَبِيدِهِ، وَتَكَلَّمَ بِكُلِّ هذَا الْكَلاَمِ فِي مَسَامِعِهِمْ، فَخَافَ الرِّجَالُ جِدًّا."
كان رجال إبيمالك وثنيين لكن كانت قلوبهم مستعدة لقبول كلمة الله.
آية 9: "ثُمَّ دَعَا أَبِيمَالِكُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا فَعَلْتَ بِنَا؟ وَبِمَاذَا أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيَّ وَعَلَى مَمْلَكَتِي خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟ أَعْمَالًا لاَ تُعْمَلُ عَمِلْتَ بِي»."
الله يسمح لأبيمالك أن يعاتب إبراهيم ويلومه. ماذا فعلت بي: أي ماذا قصدت بي، فإني لم أسئ إليك حتى خدعتني وجلبت عليَّ غضبًا إلهيًا. لو قلت الصدق ما حدث هذا.
آية 10: "وَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَاذَا رَأَيْتَ حَتَّى عَمِلْتَ هذَا الشَّيْءَ؟»"
ماذا رأيت حتى عملت هذا الشيء: ماذا رأيت فينا من شر حتى تفعل بنا هذا.
الآيات 11-13: "فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «إِنِّي قُلْتُ: لَيْسَ فِي هذَا الْمَوْضِعِ خَوْفُ اللهِ الْبَتَّةَ، فَيَقْتُلُونَنِي لأَجْلِ امْرَأَتِي. وَبِالْحَقِيقَةِ أَيْضًا هِيَ أُخْتِي ابْنَةُ أَبِي، غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتِ ابْنَةَ أُمِّي، فَصَارَتْ لِي زَوْجَةً. وَحَدَثَ لَمَّا أَتَاهَنِي اللهُ مِنْ بَيْتِ أَبِي أَنِّي قُلْتُ لَهَا: هذَا مَعْرُوفُكِ الَّذِي تَصْنَعِينَ إِلَيَّ: فِي كُلِّ مَكَانٍ نَأْتِي إِلَيْهِ قُولِي عَنِّي: هُوَ أَخِي»."
العجيب أن رد إبراهيم لم يتضمن اعترافًا بالخطأ بل تضمن اتهامًا لأهل جرار بالشر دون مبرر فسقط في خطية الإدانة والتسرع في الحكم على الآخرين. مع أنه ثبت أنهم صالحين. وأوضح كلام إبراهيم أن ما فعله كان اتفاقًا قديمًا بينه وبين سارة ونفذوه من قبل مع فرعون.
حدث لما أتاهني الله: أي حينما أخرجني الله من أور ثم من حاران وكنت لا أعلم إلى أين أذهب.
الآيات 14-16: "فَأَخَذَ أَبِيمَالِكُ غَنَمًا وَبَقَرًا وَعَبِيدًا وَإِمَاءً وَأَعْطَاهَا لإِبْرَاهِيمَ، وَرَدَّ إِلَيْهِ سَارَةَ امْرَأَتَهُ. وَقَالَ أَبِيمَالِكُ: «هُوَذَا أَرْضِي قُدَّامَكَ. اسْكُنْ فِي مَا حَسُنَ فِي عَيْنَيْكَ». وَقَالَ لِسَارَةَ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُ أَخَاكِ أَلْفًا مِنَ الْفِضَّةِ. هَا هُوَ لَكِ غِطَاءُ عَيْنٍ مِنْ جِهَةِ كُلِّ مَا عِنْدَكِ وَعِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، فَأُنْصِفْتِ»."
كان إكرام أبيمالك لإبراهيم عظيمًا لا في الهدايا وحسب وإنما في إعلان محبته وتقديره له، لقد رد الإساءة إليه بالحب العملي.
أني قد أعطيت اخاك: هو عتاب مملوء حبًا لأنها قالت لأبيمالك هو أخي فهو يعاتبها بقوله أخاكِ.
غطاء عين لك: يعني هذا أن الهدية معناها أن أبيمالك لم يمس سارة فقبول إبراهيم للهدية يعني هذا وهو إثبات لعفة سارة. هو تكريم ورد شرف وتقديرًا لها ولزوجها أمام الناس. والمقصود تبرئة سارة في عيون كل المحيطين بها وأن أبيمالك لم يمسها.
وهكذا جاءت ترجمة الـJerusalem Bible غطاء عين لكِ = أن يبعد عن سارة كل نظرات العيون التي تنظر إليها في شك، وتصبح بريئة في عيونهم.
آيات 17، 18: "فَصَلَّى إِبْرَاهِيمُ إِلَى اللهِ، فَشَفَى اللهُ أَبِيمَالِكَ وَامْرَأَتَهُ وَجَوَارِيَهُ فَوَلَدْنَ. لأَنَّ الرَّبَّ كَانَ قَدْ أَغْلَقَ كُلَّ رَحِمٍ لِبَيْتِ أَبِيمَالِكَ بِسَبَبِ سَارَةَ امْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ."
يبدو أن إبراهيم صلى لأجل أبيمالك وسراريه بعد مدة فيها علموا بعقمهم. والمفروض أن يكون الزواج غطاء عين فلا ينظر أي من الطرفين ليشتهي (أي 1:31).
← تفاسير أصحاحات التكوين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير التكوين 21 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير التكوين 19 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/wqf64kg